ما هي حقوق الإنسان؟

ما هي حقوق الإنسان؟
يمكن تعريف حقوق الإنسان بأنها المعايير الأساسية التي لا يمكن للناس، من دونها، أن يعيشوا بكرامة كبشر. إن حقوق الإنسان هي أساس الحرية والعدالة والسلام، وإن من شأن احترام حقوق الإنسان أن يتيح إمكان تنمية الفرد والمجتمع تنمية كاملة.
وتمتد جذور تنمية حقوق الإنسان في الصراع من أجل الحرية والمساواة في كل مكان من العالم. ويوجد الأساس الذي تقوم عليه حقوق الإنسان، مثل احترام حياة الإنسان وكرامته، في أغلبية الديانات والفلسفات.
وترد حقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتحدد بعض الصكوك الدولية، كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ما ينبغي على الحكومات أن تفعله، وألا تفعله، لاحترام حقوق مواطنيها.
خصائص حقوق الإنسان
  • حقوق الإنسان لا تُشترى ولا تُكتسب ولا تورث، فهي ببساطة ملك الناس لأنهم بشر .. فحقوق الإنسان "متأصلة" في كل فرد.
  • حقوق الإنسان واحدة لجميع البشر بغض النظر عن العنصر أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي. وقد وُلدنا جميعاً أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق .. فحقوق الإنسان "عالمية".
  • حقوق الإنسان لا يمكن انتزاعها؛ فليس من حق أحد أن يحرم شخصاً آخر من حقوق الإنسان حتى لو لم تعترف بها قوانين بلده، أو عندما تنتهكها تلك القوانين .. فحقوق الإنسان ثابتة "وغير قابلة للتصرف".
  • كي يعيش جميع الناس بكرامة، فإنه يحق لهم أن يتمتعوا بالحرية والأمن، وبمستويات معيشة لائقة .. فحقوق الإنسان "غير قابلة للتجزؤ".
فئات الحقوق
يمكن تصنيف الحقوق إلى ثلاث فئات:
  1. الحقوق المدنية والسياسية (وتسمى أيضاً "الجيل الأول من الحقوق")، وهي مرتبطة بالحريات، وتشمل الحقوق التالية: الحق في الحياة والحرية والأمن؛ وعدم التعرض للتعذيب والتحرر من العبودية؛ المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتفكير والضمير والدين؛ وحرية الاشتراك في الجمعيات والتجمع.
  2. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (وتسمى أيضاً "الجيل الثاني من الحقوق")، وهي مرتبطة بالأمن وتشمل: العمل والتعليم والمستوى اللائق للمعيشة؛ والمأكل والمأوى والرعاية الصحية.
  3. الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (وتسمى أيضاً "الجيل الثالث من الحقوق")، وتشمل حق العيش في بيئة نظيفة ومصونة من التدمير؛ والحق في التنمية الثقافية والسياسية والاقتصادية.
وعندما نقول إن لكل شخص حقوقاً إنسانية، فإننا نقول، كذلك، إن على كل شخص مسؤوليات نحو احترام الحقوق الإنسانية للآخرين.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو بيان حقوق الإنسان المقبول على أوسع نطاق في العالم. والرسالة الأساسية لذلك الإعلان هي أن لكل إنسان قيمة متأصلة. وقد اعتمدته الأمم المتحدة بالإجماع، في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 (على الرغم من امتناع ثماني دول عن التصويت). ويحدد الإعلان الحقوق الأساسية لكل شخص في العالم بغضِّ النظر عن عنصره أو لونه أو جنسه أو دينه أو رأيه السياسي، أو أي رأي آخر، أو أصله الوطني أو الاجتماعي، أو ثروته أو مولده، أو أي وضع آخر. وينص الإعلان على أن تتعهد الحكومات بتأييد حقوق معينة، ليس فقط بالنسبة لمواطنيها، بل أيضاً بالنسبة لأشخاص في بلدان أخرى. وبعبارة أخرى، فإن الحدود الوطنية لا تمثِّل عائقاً أمام مساعدة الآخرين على التمتع بحقوقهم. ومنذ العام 1948، أصبح الإعلان العالمي هو المعيار الدولي لحقوق الإنسان. وفي العام 1993، عُقد مؤتمر عالمي ضم 171 دولة تمثل 99% من سكان العالم، وأكد المؤتمر التزامه من جديد بإحقاق حقوق الإنسان.
الوضع القانوني
على الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو الذي أوحى بالجزء الأكبر من القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنه لا يمثل في حد ذاته وثيقة لها قوة القانون. غير أن لهذا الإعلان، بصفته إعلان مبادئ عامة، قوة كبيرة في أوساط الرأي العام العالمي. وقد تُرجمت مبادئ الإعلان إلى مبادئ لها قوة قانونية في صيغة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد التزمت الحكومات التي صادقت على هذين العهدين بأن تسنَّ في بلدانها قوانين لحماية تلك الحقوق. غير أن ما يزيد على نصف بلدان العالم لم تصادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أو على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وهناك، أيضاً، صكوك إقليمية لحقوق الإنسان، وهي صكوك أوصى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، منها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وهناك الكثير من المدونات القانونية الوطنية التي تكفل حقوق الإنسان.

ما هو تعليم حقوق الإنسان؟إ
ن تعليم حقوق الإنسان ليس تعليماً حول حقوق الإنسان فحسب، وإنما هو أيضاً تعليم من أجل حقوق الإنسان.
  • إن تعليم الناس حول القانون الدولي أو حول انتهاكات حقوق الإنسان، كالتعذيب والتطهير العرقي، مثلاً، هو تعليم حول حقوق الإنسان.
  • وتعليم الناس كيفية احترام الحقوق وحمايتها، هو تعليم من أجل حقوق الإنسان.
  • ويتعلق تعليم حقوق الإنسان بمساعدة الأشخاص على تنمية إمكاناتهم إلى الحد الذي يمكِّنهم من فهم حقوق الإنسان والشعور بأهميتها وبضرورة احترامها والدفاع عنها.
ويمكن لهذا الدليل أن يُساعدك على مزاولة التعليم حول حقوق الإنسان، ومن أجلها. ومن شأن الأنشطة الواردة فيه أن تُكسب الأطفال ما يحتاجونه من مهارات ومعارف ومواقف للعمل في سبيل عالم خال من انتهاكات حقوق الإنسان. ويشتمل كل نشاط من الأنشطة على هذه الجوانب من خلال منهجية تعليمية تقوم على المشاركة والتفاعل. وقد تبين للمربين في مجال تعليم حقوق الإنسان أن أسلوب المشاركة في التعليم هو أكثر الأساليب كفاءة وفعالية بالنسبة لتطوير المهارات والمواقف والمعارف لدى الأطفال والبالغين، على حد سواء.
وقد يساعدك الشكل الوارد في الصفحة 8 على رؤية هذه العلاقة القائمة بين المهارات والمعارف والمواقف والمنهجية.
المهارات: من قبيل الإصغاء إلى الآخرين، إجراء تحليل أخلاقي، التعاون، الاتصال، حل المشكلات، والاعتراض على الوضع القائم. وتساعد هذه المهارات الطلاب في المسائل التالية:
- تحليل العالم المحيط بهم،
- تفهُّم أن حقوق الإنسان هي طريقة لتحسين حياتهم وحياة الآخرين،
- العمل من أجل حماية حقوق الإنسان.
المعارف: من قبيل معرفة وجود وثائق لحقوق الإنسان؛ ومعرفة الحقوق التي تتضمنها تلك الوثائق؛ وأن هذه الحقوق غير قابلة للتصرف وتنطبق على جميع البشر؛ ومعرفة عواقب انتهاك حقوق الإنسان. وتساعد هذه المعارف الأطفال على حماية حقوقهم وحقوق الآخرين كذلك.
المواقف: من قبيل أن حقوق الإنسان ذات أهمية؛ وأن الكرامة الإنسانية متأصلة في جميع البشر؛ وأنه ينبغي احترام الحقوق؛ وأن التعاون أفضل من الصراع؛ وأننا مسؤولون عن أفعالنا؛ وأننا نستطيع أن نحسِّن عالمنا إذا حاولنا ذلك. وتساعد هذه المواقف على تنمية الأطفال أخلاقياً، وتعدُّهم للمشاركة الإيجابية في المجتمع.
المنهجية: إن منهجية المشاركة والتفاعل تُشرك الأطفال في عملية التعلم إشراكاً كاملاً، فيصبحون مع معلمهم مكتشفين نشيطين للعالم المحيط بهم، بدلاً من أن يكونوا مجرد متلقين سلبيين لخبرة المعلم. وهذه المنهجية ملائمة بصفة خاصة عند تناول مسائل حقوق الإنسان، حيث تنطوي في كثير من الأحيان على العديد من وجهات النظر المختلفة حول مسائل معينة، وليس على إجابة واحدة "صحيحة".
 
أسئلة شائعة
حول تعليم حقوق الإنسان
كثيراً ما يسأل المعلمون الذين يفكرون في إدماج حقوق الإنسان في أنشطتهم التعليمية الأسئلة التالية. ومع أن الأجوبة الواردة هنا قصيرة، فإنها يمكن أن تساعد في تبديد بعض جوانب قلقك.
سؤال: "أليس ما يحتاج إليه الأطفال هو أن يتعلموا المسؤولية، وليس الحقوق؟"
جواب: هذا الدليل يركز على الحقوق بقدر ما يركز على المسؤوليات. كما أن الأنشطة مصمَّمة بحيث تبين أن حقوق أي شخص تنتهي حين تبدأ حقوق الآخرين.
سؤال: "ألا تؤدي موضوعات حقوق الإنسان إلى إثارة الخوف في نفوس الطلاب الصغار؟"
جواب: إن تعليم حقوق الإنسان نشاط إيجابي، وليس نشاطاً سلبياً، لأن الطلاب يصبحون على معرفة بحقوقهم المتأصلة وبأهمية كرامة الإنسان. وبالطبع فإن تزويد الطلاب بمعلومات عن انتهاكات حقوق الإنسان فحسب ليس كافياً، ويمكن أن يسبب ألماً للأطفال؛ إلا أن تعليم حقوق الإنسان أمر مختلف؛ إذ على الرغم من أنه يقوم على معرفة أن ثمة أموراً سيئة تحدث، فإنه يُكسب الطلاب المهارات التي يحتاجونها كي يتمكنوا من فعل شيء إزاء تلك الأمور، وهي المهارات التي تساعدهم على اتخاذ موقف مؤداه أن بإمكانهم أن يفعلوا شيئاً لتغيير الأوضاع السيئة.
سؤال: "ماذا أفعل إذا وجه لي الطلاب سؤالاً لا أستطيع الإجابة عنه؟"
جواب: نادراً ما تكون الإجابات بسيطة عندما يتعلق الأمر بتعليم حقوق الإنسان. فليس من الممكن الإجابة عن أسئلة أخلاقية معقدة بنعم أو لا. وطرح الأسئلة أكثر أهمية من التوصل إلى إجابة صحيحة. كما أن طرح هذه المسائل المعقدة على الأطفال، وإتاحة الفرصة لهم للتفكير فيما يمكِّننا من تهيئتهم لمواجهة هذه المسائل في حياتهم لاحقاً. ويشرح الجزء الثاني من هذا الدليل طرق التعليم التي يمكن أن تساعدك على استكشاف قضايا حقوق الإنسان مع طلابك من دون الحاجة إلى أن تكون هناك إجابة "صحيحة" عن كل سؤال.
سؤال: "ما الغرض من استخدام الألعاب؟"
جواب: إن إمكانية تعلمنا وتذكرنا للأشياء من خلال القيام بها تكون أفضل منها عن طريق السماع بها فقط. وعلى الرغم من أن الأنشطة التي يتضمنها هذا الدليل هي أنشطة مسلية، فإن لها أهدافاً جادة في شرح أحد مفاهيم حقوق الإنسان. وتجد شرحاً لهذه الأهداف في بداية كل نشاط.
سؤال: "لا توجد لدينا آلة ناسخة أو مواد كافية، فماذا نفعل؟"
جواب: معظم الأنشطة التي يتضمنها هذا الدليل مصممة بحيث لا تحتاج إلى مواد باهظة التكلفة، أو آلة ناسخة.
سؤال: "نحن ندرِّس التربية المدنية والقانون، وليس حقوق الإنسان"
جواب: في الممارسة العملية يمكن تعليم المهارات والمعارف والمواقف المرتبطة بحقوق الإنسان من خلال تدريس موضوعات مختلفة عديدة .
سؤال: "أريد أن أعلِّم البالغين أيضا؟"
جواب: هذا الدليل موجه إلى المدارس. غير أنه يمكن استخدام العديد من الأنشطة الواردة فيه لتعليم البالغين. ويتضمن الجزء الثاني أفكاراً لتطوير أنشطتك (...)
سؤال: "يقول الآباء والمعلمون ومدير المدرسة إن تعليم حقوق الإنسان هو تلقين سياسي."
جواب: إن حقوق الإنسان تؤدي إلى تحسين قدرة الطلاب على المشاركة في المجتمع وفي رسم سياسة بلدهم. غير أن من المهم التمييز بين المهارات السياسية، والسياسة الحزبية. وتقع على عاتق المعلمين مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بعدم دفع الطلاب نحو حزب سياسي معين أو أيديولوجية سياسية محددة.
سؤال: "ما هو الفرق بين التربية المدنية، والتربية الأخلاقية، والتربية على المواطنة، والتربية البين ـ ثقافية، والتربية من أجل السلام وحل الصراعات؟ وأين يقع تعليم حقوق الإنسان من هذا كله؟"
جواب: تغطي هذه الموضوعات مسائل مختلفة قليلاً ومتداخلة (انظر الشكل الأول أدناه). فعلى سبيل المثال، فإن النشاط المتعلق بالاحترام المتبادل بين الأفراد يمكن استخدامه في أي من هذه الموضوعات، إلا أن النشاط الذي يتناول وثائق حقوق الإنسان وحدها، لا يُستخدم إلا في تعليم حقوق الإنسان.
part1_2.gif

الشكل الأول: جميع هذه الموضوعات تشمل قضايا مختلفة قليلاً ومتداخلة


غير أن المنهجية التعليمية النشطة والقائمة على المشاركة، التي تُستخدم في تعليم جميع هذه الموضوعات هي منهجية واحدة. وكما هو واضح في الشكل الثاني أدناه، فإن المنهجية تكاد تكون متداخلة تماماً. وثمة أمر مهم ينبغي ألا ننساه، وهو أن لجميع هذه الموضوعات هدفاً واحداً، هو مساعدة الطلاب على تنمية مهاراتهم ومواقفهم ومعارفهم التي سيحتاجونها لمساعدتهم على اتخاذ قرارات أخلاقية مبنية على المعرفة بالعالم الذي يعيشون فيه والمكان الذي يحتلونه في هذا العالم.

part1_3.gif

الشكل الثاني: غير ان منهجيتها تكاد تكون متداخلة تمامًا
 

BLACK_7

عضو جديد
شكرا لطرح الموضوع وللاسف نحن يالعرب نقلد الغرب بكل صالح وطالح ونسينا إننا نحن أفضل منهم بكثير الكثير وذلك بفضل الإسلام وإن الإسلام عرف حقوق الإنسان قبل أن يعرفها الغربويثور التساؤل حول تأثير تطبيق الشريعة الإسلامية على حقوق الإنسان تلك التي يفخر بها الأوربيون باعتبارهم مصدرها القانوني. والجواب عن هذا التساؤل يرتبط بالمقارنة بين حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية وفي هذه القوانين الأوربية.
حتى ندرك الفوارق بين هذه الشرائع يجب أن ندرك الأسباب التي دعت إلى إعلان حقوق الإنسان الأوربي.
لقد أدرك ذلك الدبلوماسي الألماني الأستاذ فيلفريد هوفمان، ففي كتابه "الإسلام كبديل" يقول: "إن الصياغة التي تناولت حقوق الإنسان التقليدية في القرون المنصرمة في أوربا، إنما كانت بالدرجة الأولى للحد من سلطة الدولة، فليس للدولة دون مبرر أن تفرض الضرائب، أو تعتقل إنسانا أو أن تنتزع ملكيته أو أن تحكم عليه بالإعدام".
إن طغيان الدولة في أوربا لم يكن وحده السبب في بلورة حقوق الإنسان على النحو الوارد في الوثائق القانونية، لأنه بجانب طغيان السلطة كانت هناك مظالم القوانين والتشريعات والتي عانى منها الأوربيون وغيرهم قرونا من الزمان.
لقد ورثت أوربا مظالم القانون الروماني للمرأة فاعتبرتها ضمن الصبيان والمجانين، ولما اتجهت أوربا نحو تطبيق مبدأ المساواة لم تستطع التخلص من هذه العقدة، فظلت تمنح المرأة نصف أجر الرجل كما تمنعها من التصرف في أموالها حتى يوافق زوجها، وأجبرتها على أن تتسمى باسم عائلة زوجها، لهذا صدر قرار الأمم المتحدة 3010/ 74 بإنهاء هذا التمييز بين الجنسين.
كما اقترن الحكم الديني في أوربا بنظام الإقطاع، فكان للأمراء والنبلاء كل الحقوق وليس للرعية مقابل، وكان الأمراء يملكون الأرض ومن عليها من الناس والجماد والدواب.
بداية حقوق الإنسان
إنه أمام هذه المظالم وهذه التشريعات الجائرة كافحت الشعوب لتسترد حقوقها أو بعض هذه الحقوق، فنالت بذلك حقوقا أهمها ما يأتي:
أولا: أجبر الملك جون في بريطانيا على إصدار العهد الأعظم في سنة 1215 م ويسمى الماجنا كارتا.
وهذا العهد يلزم الملك بألا يعتدي على الممتلكات الشخصية لأحد رعاياه ما لم يكن ذلك إنفاذا لقضاء محكمة من نظراء هذا الشخص المنتمين لطبقته نفسها، وهذا يكرس سلطة محاكم النبلاء والأشراف كطبقة مميزة، كما يلاحظ أن هذا العهد على الرغم من أنه يسمى بوثيقة الحريات العظمى إلا أن صياغته تكشف عن أنه يخدم نظام الطبقات ويحفظ للبارونات والأمراء حقوقهم كطبقات ممتازة، وهي المعنية بهذه الحقوق والمستفيدة منها.
ثانيا: أصدرت بريطانيا سنة 1679 وثيقة المثول أمام القضاء وهي تشمل ضمانات للمتهم حتى لا يتم القبض عليه دون سند من القانون، أي تحميه ضد الاعتقال والسجن.
ثالثا: كما أصدرت بريطانيا وثيقة إعلان الحقوق سنة 1689 وتتضمن وجوب إقرار البرلمان لحرية القول وعدم فرض ضرائب دون سند من القانون.
رابعا: أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية وثيقة إعلان الاستقلال سنة 1776 وتضمنت أن الرجال سواسية أمام القانون.
خامسا: أصدرت فرنسا إعلان حقوق الإنسان والمواطن، وذلك سنة 1789 وهذا على إثر قيام الثورة الفرنسية.
سادسا: توجت هيئة الأمم المتحدة هذه الوثائق بإصدارها للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر سنة 1948 وهو كسائر قرارات المنظمة الدولية ليس له قوة إلزامية، ولهذا تنتهك حقوق الإنسان بل يغتال هذا الإنسان في كثير من الدول.
الحقوق في الإسلام
إن حقوق الإنسان الواردة في القوانين الأوربية جعلها الإسلام ضرورات إنسانية لا سبيل لحياة الإنسان بدونها، ومن ثم فإن الحفاظ عليها لا يقتصر على كونه حقا فقط يمكن التنازل عنه بل هو واجب يأثم من فرط فيه فردا أو جماعة.
لهذا أكد الفقهاء أن غاية الشريعة الإسلامية أن تحفظ على الناس خمسة أمور سميت بالضرورات الخمس وهي حفظ العقل والنفس والنسل والدين والمال.
كما قرروا أن صلاح أمر الدين موقوف ومترتب على صلاح أمر الدنيا، قال الإمام الغزالي: "إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا، فنظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل إليهما إلا بصحة البدن وبقاء الحياة وسلامة تلك الحاجات من الكسوة والمسكن والأقوات والأمن فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضرورية".
وفي هذا قال الدبلوماسي الألماني هوفمان إن الشريعة الإسلامية قد تضمنت قوانين مختلفة تكفل توافر الحقوق وبخاصة حق الحياة، وسلامة الجسد والحرية والمساواة في المعاملة، وحق الملكية الخاصة، والزواج وحرية الضمير، وبراءة المتهم حتى تثبت إدانته وحق الحماية من التعذيب، ولا عقاب بدون سابق إنذار، وحق اللجوء، وكذلك عدم الحكم إلا بعد سماع أقوال الطرفين، وهذه الحقوق قد كفلها الإسلام منذ ألف وأربعمائة عام.
وثائق الحقوق في الإسلام
على الرغم من أن حقوق الإنسان في الإسلام لم يفرد لها وثيقة خاصة، إلا أن القرآن الكريم والسنة النبوية قد ركزا على الحقوق التي كانت مهدرة في الأمم الأخرى، والنصوص والوثائق في ذلك لا نكاد نحصيها لكثرتها، ونكتفي بلمحات عن ذلك في البنود التالية:
1 - وردت نحو أربعين آية في القرآن الكريم عن الإكراه والكراهية منها أكثر من عشر آيات تنهى عن الإكراه، وذلك لضمان حرية الفكر والاعتقاد وحرية الضمير، نذكر من ذلك قول الله تعالى لا إكراه في الدين - البقرة/ 256 - وقوله تعالى أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين - يونس/ 99 - وقوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر - الكهف/29.
2 - كفل الإسلام العدل والعدالة ورفع الظلم، ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء ولا بين المسلم وغير المسلم، أو بين الكبير والصغير، وحسبنا أن القرآن الكريم قد تعرض للظلم وللظالمين في نحو ثلاثمائة وعشرين آية، وأمر بالعدل في أربع وخمسين آية تنوعت بين العدل والقسط والقسطاس.
3 - أمر الإسلام بحفظ الحياة وتوفير أسباب الحياة للإنسان فأورد القرآن الكريم نحو ثمانين آية عن الحياة، ونحو سبعين آية عن القتل والقتال، منها قول الله تعالى من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا - المائدة/ 32.
كما أورد القرآن الكريم نحو عشرين آية عن الكرامة والتكريم منها قول الله تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا - الإسراء/ 70.
4 - أورد القرآن الكريم نحو مائة وخمسين آية عن الخلق والخلائق وعن المساواة في الخلقة، وفي ذلك نذكر قول الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم وهو، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الناس سواسية كأسنان المشط.
5 - في حجة الوداع أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحقوق جميعا فقال فيما رواه البخاري ومسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا.
اعتراضات على الإعلان العالمي
لقد ورثت القوانين الأوربية عن القانون الروماني التمييز الصارخ بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات حيث تنص القوانين الأوربية على استحقاق المرأة نصف أجر الرجل عن العمل ذاته، وتمنعها من الاحتفاظ باسم عائلتها عند الزواج فيجب أن تنتسب إلى عائلة زوجها، وأيضا تمنع هذه القوانين المرأة من التصرف في أموالها الخاصة حتى تثبت أن هذا المال ليس موهوبا منها لزوجها عند الزواج وليس من الأموال المشتركة بين الزوجين.
لهذا نصت المادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على عدم التمييز بين الرجل والمرأة بسبب الدين أو الجنس.
ولقد اعترضت بعض الدول الكبرى على صياغة هذه المادة لأنها تعتبر تدخلا في الشئون الداخلية لها، ولهذا اتفقت هذه الدول على علاج هذه المشكلة في صياغة المادة 22 التي تضمنت ما يأتي:
"يراعى في التشريعات للدول الأطراف في الميثاق أن تتجه إلى المساواة بين الزوجين في الحقوق والمسئوليات"، فأصبح النص كتوصية وليس إلزاما، والمساواة فيه ليست مطلقة وكاملة.
والجدير بالذكر أن الشريعة الإسلامية لا تقر التفرقة بين الرجل والمرأة في الأجر عن العمل، ولا تقر أن تفقد المرأة اسم عائلتها وتسمى باسم زوجها، كما لا تقر حرمان المتزوجة من التصرف في أموالها.
ولكن توجب الشريعة بعض الفوارق بين الرجل والمرأة، ترجع في أغلبها إلى الفوارق الطبيعية بينهما في الخلقة والتكوين، وفي الأعباء والالتزامات.
ولهذا توجد فوارق في الميراث وفي الزواج حيث يحرم الإسلام الزواج من المشركات ويجيز الزواج من الكتابيات، أي بنات النصارى واليهود، ولا يجيز أن تتزوج المسلمة بغير المسلم.
وأما في الحقوق والواجبات فقد قال الله تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم إنما النساء شقائق الرجال ، والدرجة التي للرجال هي القوامة في الأسرة.
وعلى هذا فإن قاعدة المساواة بين الرجل والمرأة والواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا تمس أحكام الشريعة الإسلامية السالف ذكرها، وإن ادعى أحد بوجود تعارض جدلا بين الإعلان العالمي وأحكام الشريعة الإسلامية، فإن هذا الإعلان ليس إلا اجتهادا بشريا قيدته الدول الكبرى بقيود لتحافظ على الفوارق التي تضمنتها القوانين الأوربية، والتي هي أيضا اجتهاد خاطئ من البشر ومن ثم لم تصدق على الميثاق الخاص بالتنمية ولا على الميثاق الخاص بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام في حق الأطفال.
تقبلوا أحلى تحية
 
أعلى