بقلم//ياسين شملان الحساوي
إمرأة قتلت الفقر
مع النهار
منذ مدة عرض تلفزيون الحياة المصري لقاء مع سيدة مصرية محترمة تروي قصة كفاحها في الحياة بعد أن أصبحت فجأة أرملة منذ 16 عاما وحيدة مع أربع بنات وولد.. لقد فقدت العائل فلم تجد ما يكفي لرعاية أطفالها ومواجهة متطلبات الحياة من معيشة وتعليم ورعاية صحية لاسرتها..
فماذا فعلت هذه الأم التي تحمل الشهادة الثانوية والتي لن تنفعها في بلد كمصر جميع ابنائه يسعون لوظيفة وهم يحملون الشهادات العليا وأكثرهم لا يعول أسرة.. فمنهم من عمل سائقا او نادلاً او حارسا.. أو.. أو.. أو.
ما يحصلون عليه من مرتبات لا يكفيهم وهم عزاب بسبب الغلاء المتفشي خصوصا في المواد الغذائية الرئيسة التي رفع عنها الرئيس السادات الدعم الحكومي بعد سنتين من تولي الرئاسة معلنا تغيير النظام من اشتراكي الى رأسمالي حر في بلد 90% من سكانه فقراء..
ونتيجة لذلك ارتفع سعر كيلو اللحم من 65 قرشاً بالدعم الحكومي الى 15 جنيها خلال ستة اشهر ثم ارتفع الى اكثر من ذلك بكثير في الشهور اللاحقة فما بالك بالمواد الأخرى رغم ان اجور الموظفين لم تتعدَ زيادتها اكثر من 100% بينما اسعار الاغذية فاقت الـ 500%.
تعلمت هذه المرأة المحترمة طريقة مسح الاحذية وتلميعها فأجادتها وعملت بهذه المهنة التي يعتبرها المغالون من المهن الحقيرة.. ولكنها بعملها هذا حفظت نفسها من المجون في عصر يدفع المحتاج له وحفظت عائلتها من التسول والاحتياج وعلمت ابناءها حتى تخرجوا جميعا من الجامعات بينما البنت الصغرى في السنة النهائية في الجامعة.
العظمة في هذه الحكاية الحقيقية ان ابنها نال الدكتوراة واحدى بناتها حصلت على الماجستير بتخصصات يحتاجها السوق المصري فتقلدوا مناصب جيدة.. اما الأعظم من كل هذا ان الام ماسحة الاحذية المهنة الحقيرة لم تتخل عن تعليم نفسها فنالت الشهادة الجامعية وهي تتعاون الان مع ابنتها الثانية لنيل الماجستير معاً في نهاية هذا العام.
هذه قصة امرأة عظيمة قاتلت الفقر حتى انتصرت عليه ويبقى تساؤل خاص بي كيف نقضي على الفقر الذي يهمين على ثلث سكان العالم البالغين أكثر من ستة مليارات نسمة.. والغالبية من متوسطي الحال والاثرياء الذين يهيمنون على الاقتصاد العالمي بحدود 4-5%.
للأسف الدول الغنية وبالذات الكبرى هي السبب الرئيس في تفاقم الفقر بين شعوب العالم..
وما دفعني لقول ذلك هو تقرير صادر عن احدى المنظمات العالمية المهتمة بشؤون الانسان والتابعة للامم المتحدة في هذا التقرير الذي صدر بعد سماع حكاية الام المصرية يؤكدون ان الدول الكبرى في السنوات العشر الأخيرة انفقت على حروبها ما يزيد عن 1650 مليار دولار حول العالم والتي نتج عنها دمار مدن ببيوتها ومصانعها ومعابدها ومدارسها ومستشفياتها.. وموت مئات الآلاف من الابرياء وأغلبهم يعولون اسراً واطفال مازاد من الفقر والفقراء الذين فقدوا مواردهم وبيوتهم وعائلهم وتشردوا هربا من مسارح تلك الحروب المفتعلة والتي تعاني أساسا من الفقر وقلة الحاجة.
يقول التقرير ان هذه الدول لو انفقت فقط 500 مليار خلال نفس الفترة للقضاء على الفقر في العالم لقضت عليه نهائيا.
لذا نرى ان تبجح الدول الكبرى التي تدعي الديموقراطية وحرية ورفعة شأن الانسان ما هي الا ذر فتات من الدولارات لمعالجة دمار واوبئة هي السبب في حدوثها.. بعد ان جنت المليارات..
فهمٌ هذه الدول الأكبر ليس الانسان بل السيطرة وبث نفوذها على العالم ما يجعلها في صراع دائم ضد بعضها نتيجته تعاسة وضياع ومزيد من الفقر لشعوب ذنبها انها ضعيفة امام هذا الصراع المميت،
فالإنسان مهما كان فقيرا بامكانه ان يتغلب على مسببات الفقر بطموحه واجتهاده وذكائه.. ولكن ليس في مواجهة القنابل والصواريخ.
دعوا الإنسان يعيش في مجتمعه بسلام وانظروا كيف سيقتل الفقر فهو في غنى عن التمثيليات الكاذبة في حمايته ورفعة شأنه. وتحية للمرأة المصرية المكافحة والله يستر من الكبار.
مع النهار
منذ مدة عرض تلفزيون الحياة المصري لقاء مع سيدة مصرية محترمة تروي قصة كفاحها في الحياة بعد أن أصبحت فجأة أرملة منذ 16 عاما وحيدة مع أربع بنات وولد.. لقد فقدت العائل فلم تجد ما يكفي لرعاية أطفالها ومواجهة متطلبات الحياة من معيشة وتعليم ورعاية صحية لاسرتها..
فماذا فعلت هذه الأم التي تحمل الشهادة الثانوية والتي لن تنفعها في بلد كمصر جميع ابنائه يسعون لوظيفة وهم يحملون الشهادات العليا وأكثرهم لا يعول أسرة.. فمنهم من عمل سائقا او نادلاً او حارسا.. أو.. أو.. أو.
ما يحصلون عليه من مرتبات لا يكفيهم وهم عزاب بسبب الغلاء المتفشي خصوصا في المواد الغذائية الرئيسة التي رفع عنها الرئيس السادات الدعم الحكومي بعد سنتين من تولي الرئاسة معلنا تغيير النظام من اشتراكي الى رأسمالي حر في بلد 90% من سكانه فقراء..
ونتيجة لذلك ارتفع سعر كيلو اللحم من 65 قرشاً بالدعم الحكومي الى 15 جنيها خلال ستة اشهر ثم ارتفع الى اكثر من ذلك بكثير في الشهور اللاحقة فما بالك بالمواد الأخرى رغم ان اجور الموظفين لم تتعدَ زيادتها اكثر من 100% بينما اسعار الاغذية فاقت الـ 500%.
تعلمت هذه المرأة المحترمة طريقة مسح الاحذية وتلميعها فأجادتها وعملت بهذه المهنة التي يعتبرها المغالون من المهن الحقيرة.. ولكنها بعملها هذا حفظت نفسها من المجون في عصر يدفع المحتاج له وحفظت عائلتها من التسول والاحتياج وعلمت ابناءها حتى تخرجوا جميعا من الجامعات بينما البنت الصغرى في السنة النهائية في الجامعة.
العظمة في هذه الحكاية الحقيقية ان ابنها نال الدكتوراة واحدى بناتها حصلت على الماجستير بتخصصات يحتاجها السوق المصري فتقلدوا مناصب جيدة.. اما الأعظم من كل هذا ان الام ماسحة الاحذية المهنة الحقيرة لم تتخل عن تعليم نفسها فنالت الشهادة الجامعية وهي تتعاون الان مع ابنتها الثانية لنيل الماجستير معاً في نهاية هذا العام.
هذه قصة امرأة عظيمة قاتلت الفقر حتى انتصرت عليه ويبقى تساؤل خاص بي كيف نقضي على الفقر الذي يهمين على ثلث سكان العالم البالغين أكثر من ستة مليارات نسمة.. والغالبية من متوسطي الحال والاثرياء الذين يهيمنون على الاقتصاد العالمي بحدود 4-5%.
للأسف الدول الغنية وبالذات الكبرى هي السبب الرئيس في تفاقم الفقر بين شعوب العالم..
وما دفعني لقول ذلك هو تقرير صادر عن احدى المنظمات العالمية المهتمة بشؤون الانسان والتابعة للامم المتحدة في هذا التقرير الذي صدر بعد سماع حكاية الام المصرية يؤكدون ان الدول الكبرى في السنوات العشر الأخيرة انفقت على حروبها ما يزيد عن 1650 مليار دولار حول العالم والتي نتج عنها دمار مدن ببيوتها ومصانعها ومعابدها ومدارسها ومستشفياتها.. وموت مئات الآلاف من الابرياء وأغلبهم يعولون اسراً واطفال مازاد من الفقر والفقراء الذين فقدوا مواردهم وبيوتهم وعائلهم وتشردوا هربا من مسارح تلك الحروب المفتعلة والتي تعاني أساسا من الفقر وقلة الحاجة.
يقول التقرير ان هذه الدول لو انفقت فقط 500 مليار خلال نفس الفترة للقضاء على الفقر في العالم لقضت عليه نهائيا.
لذا نرى ان تبجح الدول الكبرى التي تدعي الديموقراطية وحرية ورفعة شأن الانسان ما هي الا ذر فتات من الدولارات لمعالجة دمار واوبئة هي السبب في حدوثها.. بعد ان جنت المليارات..
فهمٌ هذه الدول الأكبر ليس الانسان بل السيطرة وبث نفوذها على العالم ما يجعلها في صراع دائم ضد بعضها نتيجته تعاسة وضياع ومزيد من الفقر لشعوب ذنبها انها ضعيفة امام هذا الصراع المميت،
فالإنسان مهما كان فقيرا بامكانه ان يتغلب على مسببات الفقر بطموحه واجتهاده وذكائه.. ولكن ليس في مواجهة القنابل والصواريخ.
دعوا الإنسان يعيش في مجتمعه بسلام وانظروا كيف سيقتل الفقر فهو في غنى عن التمثيليات الكاذبة في حمايته ورفعة شأنه. وتحية للمرأة المصرية المكافحة والله يستر من الكبار.