الريجيم الطبيعي

عادةً يُطلب من الشخص البدين أن يتجه إلى أنواع معينة من الطعام ويمتنع عن أنواع أخرى (حمية) ، كالأرز أو اللحوم أو الخضروات ، مع أن هناك شعوباً تعتمد على أحد هذه الأنواع ، ومع ذلك فيهم بدناء !!
المهم في رأيي هو طريقة التغذية وليس نوع الغذاء ..

في عالم الطبيعة لا توجد أوقات للتغذية كما هو عند الإنسان المتحضر ..
الشعور هو من يحدد وقت الغذاء ونوعه و كميته، لهذا لا نجد السمنة عند الحيوانات التي تعيش في الطبيعة المفتوحة , بينما نجد السمنة في الحيوانات الأليفة التي يربيها الإنسان؛ وذلك لقلة حركتها ولتحديد أوقات الطعام لها على شكل وجبات وإلقائه لها بوفرة دفعة واحدة، والمزارعون يفعلون ذلك عن قصد ، حتى تسمن ماشيتهم ..

ومع الأسف هذا ما تفعله الحياة العصرية مع البشر، بنفس أسلوب المزارع الذي يريد أن يسمِّن مواشيه ويحرص على الأعلاف الدسمة , ثم يبحثون عن علاجات صعبة وشاقة وجراحية وخطيرة في بعض الأحيان للتخلص من السمنة المفرطة التي أنتجها أسلوب الحياة , فالقلق والسمنة من أمراض هذا العصر أكثر من أي عصر مضى .
و تكمن مشكلة السمنة في هذا التحديد ، حيث يمتنع الشخص عن الأكل لعدد من الساعات ثم يشعر بالجوع الحاد ، ثم يكون الأكل متوفراً ومتنوعاً للوجبة التي ينتظرها فيأكل بشراهة و ربما بسرعة , و تستمر إشارات الجوع العصبية أثناء الأكل حيث تمتلئ المعدة والإشارات لم تتوقف بعد ، مما ينتج إفراطاً في الأكل أكثر من اللازم و يسبب الشعور بالتخمة ، مما يـُلجئهم إلى المشروبات الغازية ، وهي غير مفيدة ؛ لأنها تطرد كمية من الطعام من المعدة إلى الإثني عشر قبل أن يكتمل هضمها, ويُنتج ذلك شعوراً بالارتياح ..
الوجبات المتقطعة والخفيفة تمنع الإنسان من الشعور الحاد بالجوع والذي ينتج الشراهة بالأكل .
إذاً المشكلة في رأيي تـُحدد بـ امتلاء المعدة قبل انقطاع إشارات الجوع العصبية ، فيكون الشخص أكل أكثر مما يحتاج ، والجسم يخزِّن الزائد من الطاقة على شكل دهون ، مع اختلاف بين الأشخاص بسبب الغدد الصماء..

بهذا النظام "أو اللانظام" (أقصد: الوجبات المتقطعة) ، مع الحركة ، تصبح الأجسام متناسقة مثل أجسام الحيوانات البرية المتناسقة والرشيقة , والنتائج لا تُنتظر بوقت قصير لمن أراد أن يجرب هذا الأسلوب الطبيعي . و هذا الكلام ناتج عن تجربة وله ما يدعمه من المنطق والطبيعة , وهكذا يكون المنهج الطبيعي الفطري هو الطريق الأفضل في كل شيء من أهدافنا وعقولنا إلى أجسامنا .
أيضاً من الممكن تقسيم الوجبات الثلاث إلى ست وجبات ، حتى لا تتأذى من آلام الجوع ويأتي شعور الشراهة الذي يضغط على الإنسان الجائع بالإكثار من الأكل حتى يشعر بالتخمة المؤذية ، فمن الأفضل أن يكون في البيت ما يشبه البوفيه المفتوح ، بحيث أن كل من جاع يتردد عليه و ينتقي منه ما يناسبه من الحلو أو المالح أو الحامض أو الرطب أو الجاف حسب ما يختاره الشعور ، فهو الأدرى بحاجة الجسم في كل لحظة , فالشخص العطشان مثلاً سوف يجد رغبة في تناول الفواكة , والذي أكل شيئاً حلوا من قبل لن يجد رغبة في تناول الحلو مرة ثانية , و الشخص الذي يشعر بالبرد لن يجد رغبة في تناول الفواكه ...وهكذا .

الشعور بالجوع يأتي بالتدريج ويذهب بالتدريج , وكل المشكلة في عدم قدرة الشخص على اكتشاف الشبع بسرعة , و الشخص الأقرب إلى شعوره هو الأكثر دقة في اكتشاف إشاراته العصبية والاستجابة لها .
المشكلة هي في الشراهة التي تعطي شعوراً بالجوع الشديد ، بينما الإنسان ليس بهذا المستوى من الجوع ، لذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاثة) ، فأن تصبر حتى تجوع بحدة فهذا خطأ ، وهو مما يسبب أيضاً الأكل بسرعة وبالتالي تأتي الانتفاخات والغازات .
ومن أسباب السمنة -خصوصاً عند النساء- هو فن تذوق الأطعمة , فتريد أن تذوق من هذا ومن ذاك ومن تلك المجموعة وذلك النوع ، لأن الطبخ فن نسوي في الأصل، وهذا النوع يمكن أن يسمى بــ (سمنة الطباخين) ، لأن التذوق غير مرتبط بالجوع، و أي تذوق يراه الشخص على أنه ممارسة فن وليس ممارسة أكل .

إن أي أكل لا دخل له بالجوع يسبب تخزين الطاقة ، ومن يعاني من السمنة فعليه أن يترك هذا الفن و يكتفي بما يقيم صلبه ، أي يغير نظرته إلى الطعام من متعة و تذوق إلى حاجة ضرورية , وحتى الشخص المتذوق لا يعتبر نفسه قد أكل بل تذوق وتحسس النكهات والمذاقات , فقلما ترى طباخاً يأكل , وقلما ترى طباخاً نحيفاً !
كذلك ارتباط الأكل ببعض الحالات النفسية كالكآبة والسعادة يسبب شراهة في الأكل أكثر من الحاجة ..
 
أعلى