؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
(1 ــ 2)
نود أولا أن نبين ما يلي:
ــ أن هذا الموضوع هو دراسة دستوريةــ قانونية مختصرة، لا علاقة لها بشخص أي إنسان في الكويت أيا كانت صفته ووظيفته الرسمية.
ـ نرحب بأية مشاركة، شريطة عدم خروجها عن الموضوع، وأن لا يكون فيها مساس بشخص أي آدمي في الكويت أيا كانت صفته أو وظيفته.
----------
كثر في الآونة الأخيرة إصدار أحكام بالسجن على عدد من الكويتيين في قضايا الرأي من قبل محاكم النظام استنادا إلى القانون 25 من القانون رقم (31) لسنة 1970، والذي أطلق عليه إسم قانون "المساس بالذات الأميرية"..
وهذا الموضوع، هو دراسة دستورية قانونية موضوعية تهدف إلى إثبات بطلان هذا القانون بطلانا دستوريا وقانونيا، راعينا فيها الإختصار والتبسيط ليسهل فهمها من قبل البعيدين عن مجال القانون..
ونص هذا القانون على ما يلي:
(يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات كل من طعن علنا أو في مكان عام أو مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في حقوق الأمير وسلطته أو عاب في ذات الأمير أو تطاول على مسند الإمارة)
ويستند هذا القانون على إلى ركيزتين اثنتين:
الركيزة الأولى:
المادة (54) من الدستور والتي نصت على أن (الأمير رئيس الدولة.. وذاته مصونة لا تمس)، وعزز مؤلف القانون استناده إلى هذه الركيزة بما نصت عليه المذكرة التفسيرية في تفسيرها لهذه المادة بالعبارة التالية: (ثم نأى بالأمير عن أي مساءلة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تمس)، أي أن مؤلف القانون اعتبر وبموجب هذا التفسير للمادة أن محاسبة الحاكم ومسائلته عن قراراته التي يتخذها والمتعلقة بمصير الأمة والدولة، تصرف فيه مساس بشخصه وإهانة له.
الركيزة الثانية:
المادة (55)، والتي نصت على أن (يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه)، وعززها أيضا بما ورد في المذكرة التفسيرية التي فسر مؤلفها هذه المادة بقوله: (كما أبعد عنه مسببات التبعة وذلك بالنص على أن رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه). أي أن مؤلف القانون قصد بكلمة "المساس" أن مسائلة الحاكم سياسيا عن تبعات قراراته، حتى وإن اتخذ قرارا خاطئا تسبب في دفع البلاد وشعبها نحو كارثة مدمرة، إعتبر هذه المسائلة جريمة ذات أركان تستهدف إهانة شخصه وتمس ذاته مسا مباشرا، وصنفها بدرجة "جناية"، وجريمة من جرائم أمن الدولة، حدد لها عقوبة على مرتكبها، حتى وإن كانت مسائلة عقلانية ليس فيها تعد على شخص الحاكم، وهدفها هو تحقيق مصلحة الأمة والشعب.
وقانون "المساس بالذات الأميرية" باطل دستوريا وقانونيا طبقا للأدلة التالية:
أولا:
المادة (54) من الدستور ليس فيها أي دليل صريح أو ضمني يثبت بأنها تحصين للحاكم من المسائلة السياسية، بل، إن منطوق المادة وصياغتها اللغوية، يتجهان على نحو صريح وواضح إلى تحصين الحاكم من المساس بشخصه ضد أي كلام أو فعل غير لائق من شأنه إهانة شخصه، والدليل على ذلك، هو أنها بدأت بالتذكير بأهمية وظيفته، وهي أنه رئيس الدولة.
ثانيا:
المادة (55) من الدستور ليس فيها أي دليل يثبت لا تصريحا ولا تلميحا إلى أنها تحصين للحاكم من المسائلة عن تبعات قراراته التي يتخذها بحق الأمة والدولة، بل، ليس في منطوقها اللفظي ما يوحي بأنها تحصين له ضد أي شيء، فهذه المادة، تبين فقط وبكل وضوح الآلية أو الكيفية التي حددها الدستور للحاكم ليدير بها شئون الحكم، وهي أنها بواسطة وزرائه.
ثالثا:
الإدعاء بأن المذكرة التفسيرية جزء من الدستور ومكملة له ولها صفة إلزامية، لا يستند على أي دليل صحيح موثوق يثبت صحته، بل، حتى المحكمة الدستورية نفسها لم تستطع حتى يومنا هذا أن تأتي ولو بدليل قانوني واحد يثبت صحة هذا الإدعاء.
رابعا:
القول بأن المذكرة التفسيرية جزء من الدستور ولها صفة دستورية إلزامية، إقرار صريح بأن الدستور الكويتي يتكون من جزئين اثنين، هما، الدستور، والمذكرة التفسيرية يلزم إثباته بدليل، فإنه لم ترد مادة واحدة في الدستور تنص على أن الدستور يتكون من جزئين، لكل منهما صفته الدستورية الإلزامية، فيكون الأصل هو أن الدستور يشكل وحدة واحدة وبذات الشكل والمضمون الذي وقع عليه حاكم الكويت عام 1962.
خامسا:
لم ينص الدستور في أية مادة من مواده على وجود "مذكرة تفسيرية" أو أية مذكرة أخرى تحمل أي مسمى من المسميات مهمتها تفسير مواد الدستور، فلو كان مؤلف الدستور يعلم بأن لمذكرته صفة دستورية ملزمة، لما كان هناك من يمكن أن يعترض عليه أحد -وهو الخبير الدستوري المكلف بوضع دستور الدولة- عندما يفرد لها مادة مستقلة في دستوره تنص على أنها جزء من الدستور ولها ما له من الدستورية والإلزامية.
سادسا:
وقع حاكم الكويت عام 1962على وثيقة الدستور بعد صدور المذكرة التفسيرية، فلو كان قبل التوقيع قد أحيط علما من قبل فريق الخبراء الدستوريين المحيطين به بأن المذكرة جزء أساسي من الدستور لها ذات صفته الدستورية الإلزامية ويلزم التوقيع عليها مثله، لوقع عليها هي الأخرى، ولكنهم سكتوا عن ذلك، فصرف هو النظر عنها ولم يوقع عليها.
سابعا:
يطرح السؤال الهام التالي نفسه: لماذا امتنع مؤلف الدستور في وثيقة دستور الدولة عن تحصين الحاكم من المسائلة السياسية ومن تبعات القرارات التي يتخذها، في حين أنه قام بتحصينه سياسيا ومن تبعات قراراته في مذكرته التفسيرية، والتي هي نص خارج عن الدستور، فاقد للدستورية والإلزامية، لم يوقع عليه أحد كما أثبتنا ذلك أعلاه..؟
لتفسير هذا التناقض الغريب لمؤلف الدستور حول هذه المسألة، يطرح العقل فرضيتين اثنتين، واحدة منهما تكون هي التفسير العقلاني لهذا التناقض الصارخ..
الفرضية الأولى: النسيان:
وهي أن مؤلف الدستور، وخلال تأليفه لدستوره، ربما يكون قد نسي وضع مادة فيه تنص على تحصين الحاكم من المسائلة السياسية، ولكننا نجد بأن هذه الفرضية لا يتقبلها العقل، إذ كيف لخبير دستوري أن ينسى تضمين دستوره مسألة سياسية على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة كتحصين الحاكم من المسائلة السياسية، في الوقت الذي لم ينس فيه ما هو أقل منها شأنا بكثير وهي الأوسمة والنشيد الوطني حيث خصص لهما مادة مستقلة في دستوره (المادة 5)..؟ يضاف إلى ذلك أنه أمضى شهورا طويلة في بناء دستوره، قام خلالها بمراجعة كل مادة فيه عشرات المرات، ونقحها تعديلا وحذفا وإضافة، في الوقت الذي كان يشاور فيه مساعديه وأهل الشأن والإختصاص ليستفيد من خبراتهم، الأمر الذي ينفي تحقق فرضية النسيان هذه.
الفرضية الثانية: التعمد:
إذا كنا قد أثبتنا بالدليل بأن فرضية النسيان لا يتقبلها العقل، فإن فرضية التعمد تطرح نفسها على أنها هي التفسير العقلاني لتناقض مؤلف الدستور في دستوره ومذكرته التفسيرية. فمن ألف الدستور، كان خبيرا دستوريا وأحد فقهاء الدستور، وكان على علم ووعي وإدراك بشكل كامل بأن دستوره سينبني عليه نظام حكم سياسي ديمقراطي لا زيف فيه، يكفل للشعب تحقيق العدالة الإجتماعية وكافة أشكال الحريات.
فوجد بأنه لو صرح بمادة في دستوره تحصن الحاكم من المسائلة السياسية، لكان ذلك طعنا في علمه وكفائته وسمعته كخبير دستوري، إذ لو فعل ذلك، لناقض المادة (6) والتي رسم فيها بنفسه معالم النظام السياسي الجديد، وهي أن: (نظام الحكم في الكويت ديمقراطي..)، فإن مما أجمع عليه فقهاء الدستور (وهو واحد منهم)، أن أمران إثنان لا يجتمعان أبدا في آن واحد، وهما، نظام الحكم الديمقراطي، وأن الحاكم في هذا النظام فوق المسائلة السياسية. وحفاظا منه على سمعته ومكانته العلمية، وحرصا منه على أن لا يكون دستوره متناقضا، فقد تعمد صرف النظر عن تحصين الحاكم من المسائلة السياسية في دستوره.
وحيث أنه كان أول من يعلم بأن مذكرته التفسيرية نص اجتهادي شخصي لا دستورية لها ولا إلزامية ولن يوقع أصلا عليها أحد، فقد وجد فيها مجالا للتخلص من هذا المأزق، فحصن الحاكم فيها من المسائلة السياسية، في الوقت الذي ضمن فيه أن لا أحد يقدح بعلمه ويتهم دستوره بالتناقض ويطعن في استحقاقيته أن يكون واحدا من فقهاء الدستور البارزين.
وبعد أن أثبتنا بطلان استناد قانون "المساس بالذات الأميرية" إلى أي أساس من الدستور، نأتي الآن إلى تحليل منطوق القانون ذاته، لنقف على مدى تطابقه مع المقاصد العامة للقانون كوسيلة لتحقيق العدالة الإجتماعية ورفع الظلم عن الفرد والجماعة.
.
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
؟
(1 ــ 2)
نود أولا أن نبين ما يلي:
ــ أن هذا الموضوع هو دراسة دستوريةــ قانونية مختصرة، لا علاقة لها بشخص أي إنسان في الكويت أيا كانت صفته ووظيفته الرسمية.
ـ نرحب بأية مشاركة، شريطة عدم خروجها عن الموضوع، وأن لا يكون فيها مساس بشخص أي آدمي في الكويت أيا كانت صفته أو وظيفته.
----------
كثر في الآونة الأخيرة إصدار أحكام بالسجن على عدد من الكويتيين في قضايا الرأي من قبل محاكم النظام استنادا إلى القانون 25 من القانون رقم (31) لسنة 1970، والذي أطلق عليه إسم قانون "المساس بالذات الأميرية"..
وهذا الموضوع، هو دراسة دستورية قانونية موضوعية تهدف إلى إثبات بطلان هذا القانون بطلانا دستوريا وقانونيا، راعينا فيها الإختصار والتبسيط ليسهل فهمها من قبل البعيدين عن مجال القانون..
ونص هذا القانون على ما يلي:
(يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات كل من طعن علنا أو في مكان عام أو مكان يستطيع فيه سماعه أو رؤيته من كان في مكان عام عن طريق القول أو الصياح أو الكتابة أو الرسوم أو الصور أو أية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر في حقوق الأمير وسلطته أو عاب في ذات الأمير أو تطاول على مسند الإمارة)
ويستند هذا القانون على إلى ركيزتين اثنتين:
الركيزة الأولى:
المادة (54) من الدستور والتي نصت على أن (الأمير رئيس الدولة.. وذاته مصونة لا تمس)، وعزز مؤلف القانون استناده إلى هذه الركيزة بما نصت عليه المذكرة التفسيرية في تفسيرها لهذه المادة بالعبارة التالية: (ثم نأى بالأمير عن أي مساءلة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تمس)، أي أن مؤلف القانون اعتبر وبموجب هذا التفسير للمادة أن محاسبة الحاكم ومسائلته عن قراراته التي يتخذها والمتعلقة بمصير الأمة والدولة، تصرف فيه مساس بشخصه وإهانة له.
الركيزة الثانية:
المادة (55)، والتي نصت على أن (يتولى الأمير سلطاته بواسطة وزرائه)، وعززها أيضا بما ورد في المذكرة التفسيرية التي فسر مؤلفها هذه المادة بقوله: (كما أبعد عنه مسببات التبعة وذلك بالنص على أن رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه). أي أن مؤلف القانون قصد بكلمة "المساس" أن مسائلة الحاكم سياسيا عن تبعات قراراته، حتى وإن اتخذ قرارا خاطئا تسبب في دفع البلاد وشعبها نحو كارثة مدمرة، إعتبر هذه المسائلة جريمة ذات أركان تستهدف إهانة شخصه وتمس ذاته مسا مباشرا، وصنفها بدرجة "جناية"، وجريمة من جرائم أمن الدولة، حدد لها عقوبة على مرتكبها، حتى وإن كانت مسائلة عقلانية ليس فيها تعد على شخص الحاكم، وهدفها هو تحقيق مصلحة الأمة والشعب.
وقانون "المساس بالذات الأميرية" باطل دستوريا وقانونيا طبقا للأدلة التالية:
أولا:
المادة (54) من الدستور ليس فيها أي دليل صريح أو ضمني يثبت بأنها تحصين للحاكم من المسائلة السياسية، بل، إن منطوق المادة وصياغتها اللغوية، يتجهان على نحو صريح وواضح إلى تحصين الحاكم من المساس بشخصه ضد أي كلام أو فعل غير لائق من شأنه إهانة شخصه، والدليل على ذلك، هو أنها بدأت بالتذكير بأهمية وظيفته، وهي أنه رئيس الدولة.
ثانيا:
المادة (55) من الدستور ليس فيها أي دليل يثبت لا تصريحا ولا تلميحا إلى أنها تحصين للحاكم من المسائلة عن تبعات قراراته التي يتخذها بحق الأمة والدولة، بل، ليس في منطوقها اللفظي ما يوحي بأنها تحصين له ضد أي شيء، فهذه المادة، تبين فقط وبكل وضوح الآلية أو الكيفية التي حددها الدستور للحاكم ليدير بها شئون الحكم، وهي أنها بواسطة وزرائه.
ثالثا:
الإدعاء بأن المذكرة التفسيرية جزء من الدستور ومكملة له ولها صفة إلزامية، لا يستند على أي دليل صحيح موثوق يثبت صحته، بل، حتى المحكمة الدستورية نفسها لم تستطع حتى يومنا هذا أن تأتي ولو بدليل قانوني واحد يثبت صحة هذا الإدعاء.
رابعا:
القول بأن المذكرة التفسيرية جزء من الدستور ولها صفة دستورية إلزامية، إقرار صريح بأن الدستور الكويتي يتكون من جزئين اثنين، هما، الدستور، والمذكرة التفسيرية يلزم إثباته بدليل، فإنه لم ترد مادة واحدة في الدستور تنص على أن الدستور يتكون من جزئين، لكل منهما صفته الدستورية الإلزامية، فيكون الأصل هو أن الدستور يشكل وحدة واحدة وبذات الشكل والمضمون الذي وقع عليه حاكم الكويت عام 1962.
خامسا:
لم ينص الدستور في أية مادة من مواده على وجود "مذكرة تفسيرية" أو أية مذكرة أخرى تحمل أي مسمى من المسميات مهمتها تفسير مواد الدستور، فلو كان مؤلف الدستور يعلم بأن لمذكرته صفة دستورية ملزمة، لما كان هناك من يمكن أن يعترض عليه أحد -وهو الخبير الدستوري المكلف بوضع دستور الدولة- عندما يفرد لها مادة مستقلة في دستوره تنص على أنها جزء من الدستور ولها ما له من الدستورية والإلزامية.
سادسا:
وقع حاكم الكويت عام 1962على وثيقة الدستور بعد صدور المذكرة التفسيرية، فلو كان قبل التوقيع قد أحيط علما من قبل فريق الخبراء الدستوريين المحيطين به بأن المذكرة جزء أساسي من الدستور لها ذات صفته الدستورية الإلزامية ويلزم التوقيع عليها مثله، لوقع عليها هي الأخرى، ولكنهم سكتوا عن ذلك، فصرف هو النظر عنها ولم يوقع عليها.
سابعا:
يطرح السؤال الهام التالي نفسه: لماذا امتنع مؤلف الدستور في وثيقة دستور الدولة عن تحصين الحاكم من المسائلة السياسية ومن تبعات القرارات التي يتخذها، في حين أنه قام بتحصينه سياسيا ومن تبعات قراراته في مذكرته التفسيرية، والتي هي نص خارج عن الدستور، فاقد للدستورية والإلزامية، لم يوقع عليه أحد كما أثبتنا ذلك أعلاه..؟
لتفسير هذا التناقض الغريب لمؤلف الدستور حول هذه المسألة، يطرح العقل فرضيتين اثنتين، واحدة منهما تكون هي التفسير العقلاني لهذا التناقض الصارخ..
الفرضية الأولى: النسيان:
وهي أن مؤلف الدستور، وخلال تأليفه لدستوره، ربما يكون قد نسي وضع مادة فيه تنص على تحصين الحاكم من المسائلة السياسية، ولكننا نجد بأن هذه الفرضية لا يتقبلها العقل، إذ كيف لخبير دستوري أن ينسى تضمين دستوره مسألة سياسية على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة كتحصين الحاكم من المسائلة السياسية، في الوقت الذي لم ينس فيه ما هو أقل منها شأنا بكثير وهي الأوسمة والنشيد الوطني حيث خصص لهما مادة مستقلة في دستوره (المادة 5)..؟ يضاف إلى ذلك أنه أمضى شهورا طويلة في بناء دستوره، قام خلالها بمراجعة كل مادة فيه عشرات المرات، ونقحها تعديلا وحذفا وإضافة، في الوقت الذي كان يشاور فيه مساعديه وأهل الشأن والإختصاص ليستفيد من خبراتهم، الأمر الذي ينفي تحقق فرضية النسيان هذه.
الفرضية الثانية: التعمد:
إذا كنا قد أثبتنا بالدليل بأن فرضية النسيان لا يتقبلها العقل، فإن فرضية التعمد تطرح نفسها على أنها هي التفسير العقلاني لتناقض مؤلف الدستور في دستوره ومذكرته التفسيرية. فمن ألف الدستور، كان خبيرا دستوريا وأحد فقهاء الدستور، وكان على علم ووعي وإدراك بشكل كامل بأن دستوره سينبني عليه نظام حكم سياسي ديمقراطي لا زيف فيه، يكفل للشعب تحقيق العدالة الإجتماعية وكافة أشكال الحريات.
فوجد بأنه لو صرح بمادة في دستوره تحصن الحاكم من المسائلة السياسية، لكان ذلك طعنا في علمه وكفائته وسمعته كخبير دستوري، إذ لو فعل ذلك، لناقض المادة (6) والتي رسم فيها بنفسه معالم النظام السياسي الجديد، وهي أن: (نظام الحكم في الكويت ديمقراطي..)، فإن مما أجمع عليه فقهاء الدستور (وهو واحد منهم)، أن أمران إثنان لا يجتمعان أبدا في آن واحد، وهما، نظام الحكم الديمقراطي، وأن الحاكم في هذا النظام فوق المسائلة السياسية. وحفاظا منه على سمعته ومكانته العلمية، وحرصا منه على أن لا يكون دستوره متناقضا، فقد تعمد صرف النظر عن تحصين الحاكم من المسائلة السياسية في دستوره.
وحيث أنه كان أول من يعلم بأن مذكرته التفسيرية نص اجتهادي شخصي لا دستورية لها ولا إلزامية ولن يوقع أصلا عليها أحد، فقد وجد فيها مجالا للتخلص من هذا المأزق، فحصن الحاكم فيها من المسائلة السياسية، في الوقت الذي ضمن فيه أن لا أحد يقدح بعلمه ويتهم دستوره بالتناقض ويطعن في استحقاقيته أن يكون واحدا من فقهاء الدستور البارزين.
وبعد أن أثبتنا بطلان استناد قانون "المساس بالذات الأميرية" إلى أي أساس من الدستور، نأتي الآن إلى تحليل منطوق القانون ذاته، لنقف على مدى تطابقه مع المقاصد العامة للقانون كوسيلة لتحقيق العدالة الإجتماعية ورفع الظلم عن الفرد والجماعة.
.