وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً

aboyaseer

عضو مميز
تفسير الآية:
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )



معانى كلمات الآية :
ود بمعنى : أحب أو تمنى
اهل الكتاب : أى اليهود والنصارى
حسدا : أى تمني زوال النعمة على من هي به.





والحسد على العموم نوعان : مذموم ومحمود ، فالمذموم أن تتمنى زوال نعمة الله عن أخيك المسلم ،وسواء تمنيت مع ذلك أن تعود اليك أو لا ، وهذا النوع الذي ذمه الله تعالى في كتابهبقوله "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله" وإنما كان مذموماً لأن فيهتسفيه الحق سبحانه ، وأنه أنعم على من لا يستحق . وأما المحمود فهو أن تتمنى نعمة أخيك المسلم دون أن تتمنى زوالها و كما جاء في صحيح الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام :



"لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهويقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله ما لاً فهو ينفقه آناء الليل وآناءالنهار" . هذا الحسد معناه الغبطة .
من بعد ماتبين لهم الحق اى : علموا أن محمد صلى الله علية وسلم على حق وأن دينه هو الدين الحق وأن القران الكريم هو كلام الله عز وجل ومن بعد ما تبين لهم أيضا أن محمد صلى الله عليه وسلم موجودا عندهم فى التوارة والانجيل




فاعفوا واصفحوا : أى فلا تؤاخذوهم ولا تلوموهم
حتى يأتي الله بأمره : أي الإِذن بقتالهم والمراد بهم يهود المدينة وهم بنو قينقاع وبنو النضير، وبنو قريظة.
وأقيموا الصلاة : أى إقامة الصلاة وأداؤها في أوقاتها
وآتوا الزكاة: أى أعطوا زكاة أموالكم وافعلوا ما من شأنه يزكي أنفسكم من الطاعات.


معنى الآية :
يحذر الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن سلوك الكفار ويعلمهم بعداوتهم للمؤمنين فى الظاهر والباطن ويخبر تعالى المؤمنين بنفسيّة كثير من أهل الكتاب وهي أن يتخلى المسلمون عن دينهم الحق ليصبحوا كافرين و هذه الرغبة هى الحسد الناجم عن نفسية لا ترغب أن ترى المسلمين يعيشون في نور الإِيمان بدل ظلمات الكفر، وقد امر الله سبحانة وتعالى عباده المؤمنين بالعفو والصفح والاحتمال حتى ياتى أمر الله بالنصر والفتح وذلك لأن الوقت لم يحن بعد لقتال الكافرين بل يجب تهذيب الأخلاق والأرواح وتزكية النفوس بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وفعل الخيرات أولا حتى يحن الوقت بالجهاد والقتال فانتظروا حتى يأمركم الله بالجهاد







وعن سبب نزول تلك الاية :
قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَان أَخْبَرَنَا شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن كَعْب بْن مَالِك عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْب بْن الْأَشْرَف الْيَهُودِيّ كَانَ شَاعِرًا وَكَانَ يَهْجُو النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ أَنْزَلَ اللَّه " وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَوْ يَرُدُّونَكُمْ" إِلَى قَوْله " فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا "




وفى احد تفاسير الشيخ محمد متولى الشعراوى لتلك الاية الكريمة قال رحمة الله علية :
هذه الآية الكريمة تتناول أحداثا وقعت بعد غزوة أحد.. وفي غزوة أحد طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. من الرماة ألا يغادروا مواقعهم عند سفح الجبل سواء انتصر المسلمون أو انهزموا.. فلما بدأت بوادر النصر طمع الرماة في الغنائم.. فخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهزمهم الله.. ولكن الكفار لم يحققوا نصرا لأن النصر هو أن تحتل أرضا وتبقى. وهؤلاء الكفار بعد المعركة انطلقوا عائدين إلى مكة.. حتى أن المسلمين عندما خرجوا للقائهم في اليوم التالي لم يجدوا أحداً.. يهود المدينة استغلوا هذا الحدث.. وعندما التقوا بحذيفة بن اليمان وطارق وغيرهما.. قالوا لهم إن كنتم مؤمنين حقا لماذا إنهزمتم فارجعوا إلى ديننا واتركوا دين محمد.. فقال لهم حذيفة ماذا يقول دينكم في نقض العهد؟.. يقصد ما تقوله التوراة في نقض اليهود ولعهودهم مع الله ومع موسى..




ثم قال أنا لن انقض عهدي مع محمد ما حييت.. أما عمار فقال.. لقد آمنت بالله ربا وآمنت بمحمد رسولا وآمنت بالكتاب إماما وآمنت بالكعبة قبلة وآمنت بالمؤمنين إخوة وسأظل على هذا ما حييت. وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله حذيفة وطارق بن ياسر فسر بذلك ولكن اليهود كانوا يستغلون ما حدث في أحد ليهزموا العقيدة الإيمانية في قلوب المسلمين كما استغلوا تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ليهزوا الإيمان في القلوب وقالوا إذا كانت القبلة تجاه بيت المقدس باطلة فلماذا اتجهتم إليها، وإذا كانت صحيحة فلماذا تركتموها، فنزل قول الله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ }.




دروس مستفادة من تلك الاية :
1- يمضي هذا الدرس في كشف دسائس اليهود وكيدهم للإسلام والمسلمين وتحذير المؤمنين من ألاعيبهم وحيلهم وما تكنه نفوسهم للمسلمين من الحقد والشر والبغض والكيد والضر بالمسلمين والمؤمنين


2- ونهى الجماعة المسلمة عن التشبه بهؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب في قول أو فعل؛ ويكشف للمسلمين عن الاسباب الحقيقية التى تكمن وراء ذلك

نقلته للفائده
 
أعلى