العمالة والتقرير الامريكي

q8wiseguy

عضو جديد
العمالة والتقرير الامريكي
انتقد التقرير السنوي الذي أصدرته وزارة الخارجية الامريكية الكويت لكونها "محطة لرجال ونساء يستخدمون في أعمال قسرية أقل بدرجة من الدعارة " وأشار التقرير الى أن الكويت " فشلت في اتخاذ خطوات مناسبة لمكافحة الاتجار في البشر" في حين اعتبرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التقرير بانه " ظالم وفيه تجن " موضحة أن الكويت قطعت شوطا طويلا في مشروعي الاتجار بالبشر والعمالة المنزلية .
ولاشك أن الكويت وبقية دول مجلس التعاون تقف عند مفترق طرق في ما يتعلق بالعملة الوافدة ككل وليس في ما يتعلق بالعمالة المنزلية أو الاتجار بالبشر ، وذلك سيؤثر بشكل كبير في مستقبلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وهي أمام خيارين فاما أن تستمر في السياسة الترقعية والجزئية الحالية او تبحث عن سياسة شاملة قائمة على استراتيجية واضحة لوضح حلول ناجعة لهذه المشكلة الخطيرة .
وفي الحقيقة فان العمالة الوافدة لاسيما التي يشير إليها التقرير الامريكية ليست وليدة الاسواق الخليجية بل هي ضحية لبيئتها ولمكاتب الوساطة والعمالة في بلدانها فهي تأتي مثقلة بالديون والالتزامات المالية نتيجة للاستغلال والرشاوى التي تدفعها في سبيل الحصول على تأشيرة الدخول والعمل في البلدان الخليجية ، لذا فهي مهيأة لعمل أي شيء لكسب المال كما أنها أرض خصبة للاستغلال والجشع المحليين .
ووظلت ظاهرة العمالة الوافدة في الكويت وكذلك في مجلس التعاون الخليجي على مدى عقود من الزمن رهينة لحلول مبسطة أو سياسة واحدة قائمة على منطق نعم او لا على غرار اغلاق أبواب هجرة العمالة أو فتحها على الرغم من كونها ظاهر فريدة من نوعها على المستوى العالمي لهجرة العمالة وتحتاج الى دراسة متأنية ودقيقة لمعالجة مواطن الخلل التي تعتريها .
وقامت الدول المصدرة للعمالة في جنوب شرق آسيا أو ما يعرف حاليا بدول اتفاق كولومبو بتنسيق الجهود ووضع اشتراطات ومعايير جديدة لارسال العمالة لاسيما بعد ان وثقت بان عمالتها صارت الرئة التي تتنفس منها بعض قطاعات الاقتصادات الخليجية ومن بينها الكويتي وما نشهده اليوم هو جزء من هذه السياسة .
ولعل أهم مواطن الخلل التي شابت السياسات الرامية الى معالجة وضع العمالة في الكويت والحال كذلك في دول مجلس التعاون الخليجي هي السياسة الاحادية الجانب التي تركز على جانب وحيد وتغفل الجوانب الاخرى لهذه الظاهرة لذا نحن نلتفت الى قانون الاتجار بالبشر والعمالة المنزلية دون ان نضع في الاعتبار ان المسألة لا تقتصرعلى هاتين الظاهرتين فقط ، أي أن السياسات المتبعة في الكويت بشأن العمالة أخفقت في بلورت رؤية شاملة ومتعددة الجوانب تتناسب مع أبعادها المختلفة والمتشعبة .
فالحال في الكويت مشابه الى حد كبير لحكاية العميان الذين قبضوا على فيل وكل منهم يعتقد بان الفيل هو ما بين يديه ، فلدى وزارة الداخلية فيلها والصحة كذلك والشؤون وغيرها من الجهات المعنية وليس هناك سياسة موحدة تجاه هذه القضية الحساسة على مستوى الدولة .
لابد من الاشارة الى أن طموح الكويت بالانفتاح الاقتصادي والتحول الى مركز مالي سيحتم الانفتاح على الدول الصناعية المتطورة وهي بدورها ستتطرح مسائل عديدة وفقا لمنظورها كانتقال وجلب الايدي العاملة والحقوق التي يتمتعون بها والمواطنة وغيرها من المسائل التي تشكل مرتكزات ضرورية لايجاد قاعدة عمالية مستقرة في المجتمع .
لذا نحن بحاجة الى تغييرات وتعديلات جذرية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية مدعومة بأرضية تشريعية مناسبة تكفل تجانس التشريعات القانونية والاليات الاقتصادية وأطرها الاجتماعية التي يمكن من خلالها تلبية الشروط المحلية والاقليمية والدولية لنمو أسواق العمل وتحقيق استقرارها .
ومن المشاكل الاخرى التي تواجه سوق العمل في الكويت هي ادماج الشباب في سوق العمل اذ انه مع التوجه الى تعزيز وتنشيط دور القطاع الخاص لايزال هذا القطاع عاجزا عن استيعاب وتلبية رغبات الاعداد الكبيرة من العاملين الجدد الذين يرغبون في الحصول على وظائف ذات عائد جيد ومؤمنة اجتماعيا كما انه غير مجدي بالنسبة له حاليا دفع هذه البدلات الباهضة بالنسبة له في ظل توفر البديل الارخص لاسيما وان القطاع الحكومي يقدم اغراءات كبيرة من حيث الرواتب والبدلات والضمانات الاجتماعية والتدرج الوظيفي على الرغم من أنه متخم بالعمالة الوطنية الهامشية او ما يعرف بالبطالة المقنعة .
ولا يمكننا هنا اغفال عدم ربط مخرجات التعليم مع المتطلبات التنموية وكذلك انخراط المرأة بأعداد متزايدة في مجالات في سوق العمل كانت في السابق حكرا على الرجل .
من هنا فان هناك حاجة ملحة لاصلاح سوق العمل من خلال تعزيز سمته الانسانية وتحريره وجسر الفجوة بين العامل الوافد والوطني واستخدام التكنولوجيا لتقليص الجهد البشري وكذلك تشجيع الشباب الوطني على الانخراط بالمهن التي يعزف عنها حاليا .
ومما لاشك فيه أن دول الخليج كافة تواجه وضعا فريدا اذ يفوق عدد العمالة الوافدة بكثير عدد العمالة المحلية لذا نحن بحاجة الى حلول تتماشى مع هذه الظاهرة واتخاذها تدريجيا بحيث لا تخل بالمصالح الاقتصادية وتعدل من التشوه بالتركيبة السكانية لاسيما في الكويت .
ولابد ان يكون مشروع اصلاح السوق جزء من مشروع اصلاح التعليم والتدريب والبنية الاقتصادية من خلال التدريب وتطوير المهارات ورفع الانتاجية للعامل المحلي وجعلة اكثر تنافسية وتهيئة بيئة العمل المناسبة لتشجيعه على الانخراط في المهن والوظائف التي يعزف عنها حاليا .
لعل التقرير الامريكي يعكس نظرة الدول الغربية لما يجري حاليا في الدول الخليجية ازاء شريحة معينة من العمالة الوافدة ولكن نحن لا نزايد اذا قلنا ان مصيرنا كدول مرتبط بحل هذه القضية الحساسة ويحضرني هنا تصريح وزيرالعمل البحريني اذ قال ان مشكلة العمالة الوافدة ليست قنبلة موقوتة ستنفجر بل انها انفجرت ونحن سنرى مستقبلا دولا أخرى في الخليج غير الحالية اذا ما استمر الحال على ما هو عليه .
 
أعلى