الكاتب احمد محارب الظفيري ومعركة ذي قار وذكر "قبيلة عنزه"

أعرابي

عضو بلاتيني
السلام عليكم ...

هذا مقال للمؤرخ احمد محارب الظفيري عن معركة ذي قار والنصر الخالد للعرب



ذي قار.. شيبان تهز عرش الدولة الفارسية


معركة ذي قار يوم تاريخي من أيام العرب مثل توحيد صف القبائل العربية ليس لصدأ التهديدات

الفارسية من كسرى ابرويز فقط ولكن صونا للكرامة العربية بعد ان اراد كسرى إجبار النعمان الثالث

بن المنذر الرابع الملقب «ابوقابوس» على تزويجه احدى بناته.

الباحث في التاريخ والتراث أحمد بن محارب الظفيري يعرض لتلك المعركة الشهيرة وتفاصيلها،

وأحداثها التي شهدت فقتل قائدين عظيمين للفرس، كما يتطرق الى الحديث عن موقع ذي قار

الجغرافي وتسميات القبائل العربية من بني شيبان التي سكنته لآباره وبطحائه ورماله، وذلك في

الموضوع التالي:

من منا من محبي التاريخ العربي وهواته لا يعرف «قبيلة بني شيبان» هذه القبيلة العربية الشهيرة

التي انجبت المثنى بن حارثة الشيباني وأخويه المعنى ومسعود.. هذه القبيلة الكريمة المتحدرة

من القبيلة الام «بكر بن وائل».

عندما نذكر بني شيبان وقبيلتهم الام الكبيرة بكر بن وائل (حفيدتها الآن قبيلة عنزه الوائلية) فان

ذاكرتنا ستنفتح تلقائيا ومباشرة لتذكر ( معركة ذي قار) تلك المعركة البارزة والشاخصة بذهن وعقل

كل عربي، والتي دارت بين قبيلة بني شيبان وحلفائها من جهة وبين الفرس من جهة اخرى وتاريخ

هذه المعركة 613 م/2هـ.


حيثيات معركة ذي قار

طلب ملك الفرس كسرى ابرويز من امير العرب النعمان الثالث بن المنذر الرابع المكنَّى بأبي قابوس

ان يزوجه احدى بناته. ولكن النعمان امير العرب وملك الحيرة اعتذر عن تلبية الطلب بحجة انه لا توجد

عنده بنت تليق بمقام كسرى ملك الفرس.

ابو قابوس النعمان الثالث هو صاحب النابغة الذبياني زياد بن معاوية (ت قبيل البعثة النبوية) ودام

حكم النعمان من عام 585م حتى عام 613م.

بعد ان تسلم كسرى رد النعمان غضب غضبا شديدا واعتبر ذلك ترفعا من النعمان عن مصاهرته.

فاحتال للامر وسكت بعض الوقت وبعد مدة ارسل كتابا الى النعمان يطلب حضوره اليه في المدائن

(طيسفون) وذلك سنة 613م فتخوف النعمان من غدر كسرى فحمل اهله وامواله وسلاحه ودروعه

واخذ يتنقل بين قبائل العرب طالبا الاستجارة، فلما وصل الى بني شيبان اجارته هذه القبيلة،

ونصحه هاني بن مسعود الشيباني قائلا له: لا يجوز لمن هو بمثل مقامك ملكا للعرب ان يبقى

دهره طريدا. فالرأي ان تزور كسرى وتأخذ له هدايا... اما اهلك واموالك فهم عندنا بمأمن.

وفعلا كتب النعمان كتابا لكسرى ابرويز يطلب فيه السماح له بزيارته، فلما جاءه الاذن بذلك اخذ معه

هدايا من الخيل ومن عصب (ملابس) اليمن ومن الجواهر والطرف وتوجه الى كسرى فاستقبله وغدر

به بعد ان دعاه لزيارته حيث قيده وسجنه في مدينة «ساباط» ويقال انه بعد سنوات من سجنه ألقاه

كسرى تحت ارجل الفيلة فداسته حتى مات، وفي رواية اخرى انه مات بالطاعون.

ولما وضع كسرى ابرويز ملك الفرس النعمان بن المنذر في السجن طلب من قبيلة بني شيبان

تسليمه كل الاموال والسلاح والدروع العائدة للنعمان، فرفض بنو شيبان هذا الطلب لانه يسود

وجوههم (يحفر ذمتهم) عند العرب، ودارت مفاوضات ومحادثات لينة وشديدة بين سادات بني

شيبان ومناديب (رسل) كسرى، اصر فيها رجال كسرى على طلبهم وهو تسليم اموال وسلاح ودروع

النعمان ورفضوا كل البدائل التي طرحها بنو شيبان.


ويبدو لنا ان الهدف الخفي لكسرى ابرويز هو اخضاع القبائل العربية التي بدأت في هذا الوقت تتمرد

على طاعة اوامر الدولة الفارسية، وما اموال وسلاح النعمان الا حجة لتنفيذ هذا الهدف الخفي.

ولما فشلت المفاوضات، امر كسرى بتشكيل جيش كبير جدا وضع على رأسه القائدين الفارسين

الهامرز والخنابزين مع مجاميع كبيرة من الفيلة لإخافة الجمال والخيول العربية، وامر هذا الجيش

بالتوجه لمحاربة بني شيبان في موسم القيظ (شهر يوليو او اغسطس من سنة 613 م) حيث ان

من عادة العرب في هذا الموسم الحار ان تقطن حول آبارها.

ولما سمع بنو شيبان بهذا الحشد الفارسي الكبير، ارسلوا عددا من رجالهم يجوبون بوادي العرب

طالبين النجدة والمساعدة، فجاءت جموع من الرجال من قبائل عربية عدة فزعة ونخوة لبني شيبان،

وقيلت بهذه المناسبة اشعار كثيرة حفظتها لنا كتب التاريخ والادب العربي، ولايزال بدو اليوم

ينسجون على منوالها اشعارهم وقصيدهم.

على بطحاء (رمال) بادية ابار ذي قار التي تبعد عن الفرات مسافة 80 كم الى جهة الغرب، انتصرت

قبيلة بني شيبان ومعها فروع بكر بن وائل وقبائل عربية اخرى على جيوش كسرى الفرس المسمى

(ابرويز) بعد معركة عنيفة قتل فيها قائدا الجيش الفارسي «الهامرز» وقتله الحوفزان الحارث بن

شريك و«خنابزين» قتله شيخ قبيلة بني عجل ابو معلان حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي -مقطع

الوضن- وسقطت الراية الكسروية المسماة «درفش كافيان» على الارض تدوسها الخيول والجمال

العربية.

لقب شيخ بني عجل حنظلة بن ثعلبة بن سيار بـ «مقطع الوضن» لانه قام قبل المعركة بقطع وضن

هوادج نساء بني عجل مبتدئا بوضين هودج حليلته وقال لرجال قبيلته كلمته المأثورة: «ليدافع كل

رجل منكم عن حليلته».

والوضن: جمع وضين وهو الحزام العريض الذي يشد به هودج المرأة.

وهذه العادة التي استخدمها ابو معدان حنظلة العجلي في معركة ذي قار وهي قطع احزمة الهوادج

وانزالها على الارض مازالت مستخدمة عند عربان البوادي العربية ايام الغزوات والاكاوين (جمع كون -

معركة) خلال العهد العثماني.

وخلال هذه المعركة التي انكسرت فيها هيبة الدولة الفارسية كانت كلمة السر لقبائل العرب التي

تتردد بينهم هي «محمد يا منصور» حيث وصلتهم اخبار دعوة الرسول العربي الكريم محمد صلى

الله عليه وسلم التي بدأت تنتشر في الحجاز ويكثر اتباعها، فزادتهم هذه الاخبار حماسة وشجاعة

وايمانا بالنصر المؤزر. علما ان اكثر هذه القبائل المجتمعة على آبار ذي قار تدين بالنصر انية.

ولما وصلت اخبار هذا النصر الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقال: « هذا اول يوم انتصف

فيه العرب من العجم وبي نصروا».

ومن اعلام العرب وفرسانها الذين لمعت اسماؤهم في معركة ذي قار:

ابومعدان حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي الوائلي شيخ بني عجل...قاتل «الخنابزين» قائد الجيش

الفارسي قال قبل بداية المعركة هذه الارجوزة يحث فيها قبائل العرب على الصمود في المعركة:

قد جد اشياعكم فجدوا

ما علتي وانا مؤد جلد

والقوس فيها وتر عرد

مثل ذراع البكر او أشد

قد جعلت اخبار قومي تبدو

ان المنايا ليس منها بد

هذا عمير حية الد

مقدمة ليس له مرد

حتى يعود كالكميت الورد

خلوا بني شيبان فاستبدوا

نفسي فداكم وابي والجد

يزيد بن حنظلة بن ثعلبة بن سيار - هذا الشبل من ذاك الاسد - وقف بعد ابيه مرتجزا - سمي رجزا

نسبة الى رجز البعير اذا تقارب خطوه واضطرب- الابيات التالية:

من فر منكم فر عن حريمه

وجاره وفر عن نديمه

انا ابن سيار على شكيمه

ان الشراك قد من اديمه

وكلهم يجري على قديمه

من قارح الهجنة او صميمه

عمرو بن جبلة اليشكري البكري، الذي وقف امام جموع قبائل العرب المحتشدة على بطحاء ذي قار،

وهو يرتجز كالجمل الهادر وقت الضراب، مثيرا حماسها ورافعا معنوياتها بقوله:

يا قوم لا تغرركم هذي الخرق

ولا وميض البيض في الشمس برق

من لم يقاتل منكم هذا العنق

فجنبوه الراح واسقوه المرق

ابو امامة هاني بن مسعود الشيباني شيخ بني شيبان وسيد شيوخ (شيخ مشايخ) قبيلة بكر بن

وائل بكل فروعها.. هذا الرجل صاحب القضية الذي تمسك باعراف العرب وتقاليدها، ورفض الرضوخ

لتهديد كسرى ابرويز الذي يطالبه بتسليمه ودائع النعمان من اموال وسلاح وحلال، ولو سلمها

طواعية لجرحت كرامته وشطبت ذمته عند كل قبائل العرب.. لذلك انتخت له قبائل العرب واصطفت

في صفه لتعزز موقفه وتصون كرامته.

بعد ان استمع هاني بن مسعود الشيباني لكلام العرب واراجيزها وشاهد عرضاتها الحماسية..

اجتمع بفرسان بني شيبان وفتيانها الشجعان، نذكر منهم قيس بن مسعود الشيباني ويزيد بن

مسهر الشيباني وبكر بن يزيد بن مسهر الشيباني والمثنى بن حارثة الشيباني والمعنى بن

حارصة الشيباني ومسعود بن حارثة الشيباني ويزيد بن حمار السكوني وربيعة بن غزالة السكوني

- بنو سكون احلاف لبني شيبان ويقطنون معهم في اراضيهم.

وقف ابو امامة هاني الشيباني امام هؤلاء الفرسان وعشائرهم خطيبا فقال: «يا قوم مهلك مقدور

خير من نجاء معرور - معاب - وان الحذر لا يدفع القدر، وان الصبر من اسباب الظفر، المنية ولا الدنية،

واستقبال الموت خير من استدباره، والطعن في الثغر، اكرم من الطعن في الدبر، يا قوم جدوا فما من

الموت بد، فتح لو كان له رجال، اسمع صوتا ولا ارى قوما، ويا آل بكر شدوا واستعدوا، والا تشدوا
تردوا».
كلاهما هاني.. الشبه بين اسمي الجد والحفيد اوقع بعض المؤرخين العرب في الخطأ!!:

وفي رواية تاريخية اخرى، ان هاني بن مسعود الشيباني لم يدرك معركة ذي قار وانما الذي ادركها

هو هاني بن قبيصة بن هاني بن مسعود الشيباني - اي هاني الحفيد وليس هاني الجد- ونحن

نرجح هذه الرواية خصوصا اذا عرفنا ان عرب اليوم والامس، جرت العادة عندهم، انهم ينسبون الرجل

الى جده الاعلى المشهور، فمثلا يقولون: الملك فهد بن سعود ويقصدون (الملك فهد بن عبدالعزيز

بن عبدالرحمن آل سعود)، والامير جابر بن صباح ويقصدون (الامير جابر بن احمد بن جابر آل الصباح).

ذي قار.. المكان عند العرب الاوائل

قال أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279 هـ / 892م) صاحب كتاب “فتوح البلدان”: ذي قار أو ذو

قار هو “ماء” - آبار - لقبيلة بني بكر “القبيلة الأم لبني شيبان” ويقع بين الكوفة وواسط.

وذكر المؤرخون والبلدانيون العرب القدامى: ان ذي قار ماء لقبيلة بكر بن وائل تقيظ عليه “تقطنه وقت

القيظ - الحر”.. وذكروا ان قرب هذه الآبار “القلبان” “بطحاء” - رمال - أخذت اسمها من اسم المكان

فسميت بـ”بطحاء ذي قار”.. وذكروا كذلك ان حول هذه الآبار «مياه ذي قار» واديا اسموه بـ “وادي ذي

قار” وان شيخ العربان المساندة لبني شيبان في ذلك الزمان ابو معدان حنظلة بن ثعلبة بن سيار

العجلي أمر بقبته “خيمته” الحمراء فضربت في «وادي ذي قار» وقيل ايضا في “بطحاء ذي قار”، وآلى

ألا يفر حتى تفر القبة من فوق رأسه ونزع عمامته من على رأسه، فظهرت صلعته الكريمة، فكان

منظره مهيبا بين جموع العربان المتحشدة حول خيمته.

حنو ذي قار في الأشعار


وذكروا كذلك ان حول آبار ذي قار أرض منحنية اسموها بـ “حنو ذي قار” و”حنو قراقر”. قال أبو بصير

ميمون الاعشى بن قيس بن جندل القيسي “أعشى قيس” مادحا بني شيبان ومفتخرا بنصرهم

وفاديهم بروحه وراحلته:

فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي

وراكبها يوم اللقاء وقلت

كفوا اذ اتى الهامرز يخفق فوقه

كظل العقاب اذا هوت فتدلت

أذا قوهم كأسا من الموت مرة

وقد بذخت فرسانهم وادلت

فصبحهم بالحنو، حنو قراقر

وذي قارها منها الجنود، ففلت

على كل محبوك السراة كأنه

عقاب سرت من مرقب اذ تدلت

فجادت على الهامرز وسط بيوتهم

شأبيب موت أسبلت فاستهلت

تناهت بنو الأحزاب اذ صبرت لهم

فوارس من شيبان غلب فولت

والحنو: بالكسر ثم السكون، والواو معربة هو في اللغة:

كل شيء فيه اعوجاج، والجمع احناء. وذكر ياقوت

الحموي: ان الحنو من ذي قار مسيرة ليلة “على الجمل”.



ذي قار.. المكان عند العرب الآواخر


نرجح ان «ذي قار» هو الاسم القديم للمكان الصحراوي المسمى في وقتنا الحالي “ابوغار” والذي

يقع في ديرة الظفير الشرقية - ديرة الظفير في العهد العثماني وقبل تخطيط الحدود تمتد من الاجزاء

الشمالية الشرقية للهضبة النجدية حتى تقترب من الصحراء المتاخمة للفرات.

ولقد سبقنا لهذا الرأي والترجيح المستشرق الاكاديمي التشيكو سلوفاكي ألويس موزيلMusil

Alois”1868 - 1944

م” الذي عاش مع البدو خصوصا بدو الروله من عنزة اكثر من عشرين عاما وتحمل خشونة الحياة

البدوية بكل ظروفها فكان يرحل وينزل مع بدو الروله ويتحدث بلهجتهم وكأنه واحد منهم وألف عدة

كتب مهمة ومفيدة جدا لا غنى لباحث التاريخ والتراث عن قراءتها والاستفادة من مضامينها

ومحتوياتها.

يقول ألويس موزيل في كتابه المسمى “شمال نجد”: انطلقنا الساعة 6.45 من صباح اليوم الثامن

عشر من اذار سنة 1915م باتجاه الشمال الشرقي وكانت غايتنا استكشاف منطقة قبيلة الظفير

الى الشمال الغربي من شعيب الباطن لزيارة قلعة قصر “أبوغار” المهدمة وهو ما يعرف قديما باسم

«ذي قار» الذي ذكره المؤرخ والجغرافي الروماني بطليموس في جغرافيته «جغرافية بطليموس»

باسم Edikarai.

ويقول عبدالجبار الراوي - مدير البادية أيام الشريف فيصل الاول ملك العراق في كتابه «البادية» عند

كلامه عن مواقع الآبار والمياه في ديرة الظفير.

ابوغار: حسو عذب غزير الماء لا ينضب، وهو على بعد ستة وثلاثين كيلومترا من بصيه «اسم مكان

مشهور» شمالا.

ونحن نقول: ان «ابوغار» يقع شمال شرق بصيه، وهو حسيان عدة “ابار قليلة العمق«، ولكن الحسو

الشهير والرئيسي اسمه “شهاب” وماؤه غزير عذب.

الحسو - في كلام البدو: هو البئر الذي يكون ماؤه قريبا من سطح الارض، يتراوح عمقه من متر الى

خمسة امتار ويكون عادة ارضا رملية منخفضة تحتها ارض صلبة تصمد الماء فلا ينفذ منها ويوجد

بالاودية والشعاب وجمعه عند البدو “حسيان”.

وفي اللغة العربية الفصحى: الحسي: سهل من الارض يستنقع فيه الماء، يكون غليظا من الارض

فوقه رمل يجمع ماء المطر، فتحفر فيه حفرة لتنزح منها ماء، فتلك الحفرة «حسي»، و«الحسي»

ايضا البئر القريبة الماء، والجمع «احساء».

والفرق بين الحسو والقليب عند عرب اليوم والامس، هو ان ماء الحسو قريب من سطح الارض حيث

ان طوله من باع الى خمسة ابواع ولا يحتاج الى السناية “الجمل” لامتياح الماء منه بل يمتح باليد

بينما ماء القليب “البئر” بعيد عن سطح الأرض ويحتاج جمل السناية لامتياح الماء منه ويسمى

“قليب مسنوي”.

وبعد هذا التوضيح عرفنا ان آبار ذي قار التي دارت حولها المعركة هي “حسيان” - أي احساء -

وليست «ابار مسنوية» بعيدة العمق.. ولكن كتب التاريخ تصفها بـ “الآبار” وهذا جائز حيث المقصود

آبار قليلة العمق.

العرب الأواخر مثل الأوائل يقيظون على حسيان ذي قار

ويقيظ العربان الاواخر على هذه الحسيان، كما كان يفعل اجدادهم العربان الاوائل بالضبط، اي انهم

في موسم القيظ الشديد الحرارة يقطنون حول هذه الحسيان ويتركون ابلهم ترعى في بادية ذي قار

تأكل حميس العشب والرمام واوراق الشجر، وترجع الى الورد في ميقات اظمائها المحسوب “ظمئ

ربع او ظمئ خمس” وفي بداية موسم البراد وسقوط الامطار - في شهر اكتوبر - يندون منها “أي

يتركون القطن حولها” وينتشرون في المنادي «جمع مندى» ترقبا وتحسبا لنزول الغيث “المطر”، فهم

في هذا الوقت ليسوا بحاجة الى الآبار والحسيان، بل تجد بيوتهم وحلالهم تتفرق هنا وهناك وتنتجع

رياض الصحراء ووديانها وسهولها فالشتاء على الأبواب والربيع قادم.

في العصور المتأخرة شاع اسم «أبوغار» وتنحى «ذي قار»

أما بخصوص «بطحاء ذي قار» و«وادي ذي قار» المذكورين في كتب التاريخ فهما موجودان حتى هذا

اليوم باسم “بطحاء ابوغار” أو “رمل ابوغار” اما الوادي فيسمى عند بدو اليوم بـ «وادي لويحظ»واحيانا

يسمونه “شعيب ابوغار” او “وادي ابوغار”.

ولكن الملاحظة التي تجلب الانتباه ان «قار» بالقاف ابدلت بـ «غار» - بالغين، وهذا النوع من الابدال

موجود في لهجات العرب ومذكور في كتب اللغويين والنجاة العرب، ذكره ابوالطيب اللغوي في كتابه

“الابدال” تقول: غلغل في الأرض يغلغل أو قلقل في الارض يقلقل. وذكره ابن منظور في كتابه “لسان

العرب” تقول: النشوغ والنشوق.

وبالتالي أظن ان الاسم الصحيح هو “ذي غار” وليس “ذي قار” لان المنطقة سميت نسبة الى غار

كبير يلتجف في جال شعيب لويحظ “شعيب ابوغار” وقد شاهدت بنفسي هذا الغار ودخلت فيه.

وشعيب لويحظ او ما يسمى «شعيب ابوغار» والذي تقع في نهايته الشرقية “حسيان ابوغار” ينحدر

من الغرب ويتجه الى الشرق ويصب في منطقة الرمال المسماة “بطحاء ابوغار” وبقرب “حسيان ابو

غار” التي تبعد عن الفرات ثمانين كيلومترا بنى العثمانيون قلعة كبيرة على انقاض قصر قديم وجعلوا

فيها قوة عسكرية لحماية مدن الفرات من هجوم بدو الصحراء.

وعموما تكثر الحسيان والعيون في المنطقة التي يسميها بدو اليوم والامس بـ “الرحاب” جمع

“رحب” او “رحبه” وهي ارض نقية ويسمونها ايضا بـ “الطفه” اذا اختلط معها السبخ “الملح”

ويجمعونها فيقولون: “منطقة الطفوف” وكل هذه الاسماء عربية فصيحة تداولها بنوشيبان قديما

ومازالت متداولة عند احفادهم عرب اليوم.

وتمتد “منطقة الرحاب” او “منطقة الطفوف” بمحاذاة الاراضي السبخاء الممتدة حول حوض الفرات

وقد تقترب منه او تبتعد عنه بأكثر من مئة كيلومتر. واكثر اراضيها رمال وقيعان سبخاء وتحد منطقة

الرحاب من جهة الشرق الكثبان الرملية “دعوص الرمل” يسميها البدو طعوس - ومن جهة الغرب

الاراضي الحجرية الصلبة المرتفعة المتصلة بالهضبة النجدية وهضبة نجد بانحدارها الى حوض الفرات

تصب وديانها في “منطقة الرحاب” وتصب في “منطقة الطفوف او الطفه” وكان بنوشيبان في ذلك

الزمان يتجولون بابلهم وحلالهم بين منطقة الطفوف والارض الحجرية المتصلة بالهضبة النجدية.

وكاتب هذه السطور من الذين تجولوا في المنطقة وعرفوا تضاريسها عن قرب.

“حنو ذي قار” يسميه بدو اليوم بـ “الحنية”

أما بخصوص “حنو ذي قار” فيسميه بدو اليوم بـ “الحنية” - مؤنث حنو - وهي ظهر من الارض مرتفع

على شكل ترس مقلوب يبدأ من الاراضي الحجرية في جهة الشرق ويتجه منحنيا الى الشمال ثم

الى الجنوب حتى تندفن نهايته في كثبان الرمال الواقعة جنوب ابوغار “ذي قار سابقا”.

كما جاء “حنو ذي قار” في اشعار الاقدمين. جاءت “الحنيه” في اشعار المعاصرين:

قال الشاعر شرشاب بن شحم الزويد شيخ قبيلة البدور مخاطبا الفارس علي بن فلاح الضويحي

الصويط “الصويط اسرة المشيخة في الظفير” يحثه ويستثير نخوته على استنقاذ “الحنيه” - حنو ذي

قار قديما - من الاعداء الذين احتلوها:

هذي الحنيه يا علي

مثل العسل مشروبها

مثل الهنوف الفارعه

اللي تخط بثوبها..

فرد عليه علي بن فلاح الضويحي الصويط:

عندي خبر قبل تقول

بنت تجدد عيدها

بالود مفراص الحديد

بحنوك من يريدها..

اما الشاعر الظفيري نهار بن ناصر بن محمد فيصف عشيقته بالناقة الوضحاء الجميلة التي تربع -

ترعى عشب الربيع - في منطقة “زم” و”هدانيه” - أماكن صحراوية - وفي القيظ تقيظ على ابار

انصاب، أما مشتاها فهو في “أرض الحنيه” وان ضحكت له هذه الحبيبة بثناياها الثماني الجميلة فان

قلبه سينتل لان عروة القلب التي تمسكه ضعيفة لا تحتمل هذه الضحكة يقول:

شبه وضحا ربعت زم وهداني

المقيظ انصاب والمشتى “الحنيه”

واعذابي وان ضحك لي بالثماني

تل باقي القلب والعروة رديه..

أما بخصوص “حنو قراقر” فهو حردوب من الارض مرتفع اسماه بدو اليوم بـ “خشمة ابن حلاف” نسبة

الى الشيخ ابن حلاف شيخ عشيرة السعيد من قبيلة الظفير حيث نزل فوق هذا المرتفع هو

وعشيرته في احدى المعارك ورفض الرحيل عنه امعانا بالاصرار على الصمود.

وتسمية شخانيب الجبال وبروزات المرتفعات بالانف “الخشم” عرف سائد عند عرب الجاهلية وعرب

اليوم تؤكده كتب التاريخ والادب والبلدان عند عرب الجاهلية والاسلام و”حنو قراقر” هو ليس “حنو ذي

قار” كما جاء في بعض المصادر فالاثنان مختلفان كما اسلفنا، ولكنهما قريبان من بعضيهما على

الأرض فباديتاهما واحدة ولهذا السبب وقع اللبس فيهما فظن البعض ان الاسمين مسمى لمكان

واحد.

جريدة عالم اليوم

يوم الثلاثاء الموافق 9 / 8 / 2011


الكاتب : احمد محارب الظفيري
 

الداهية _ 7

عضو فعال
ونعم بعنزة ونعم بالظفير وببصية وابوغار وأهلهن .

وتحية للعم احمد بن محارب الظفيري

على السرد التاريخي الجميل والربط بين الحضارات المتقدمة والمتأخرة

والدقة والحيادية في النقل

والشكر موصول إلى المحاور ناقل هذا الموضوع .
 

تأبط خيرا

عضو مميز
أنعم وأكرم بـ عنزة و الظفير و أهل الشمال عموما

أوسع الناس صدر .. وخويهم محشوم القدر

الله يعطيك العافية


 

تويتر الكويت

عضو مخضرم
احسن ناس العنوز والله والظفير وشمر
طيب وكرم وسعة صدر واخلاق عاليه
كفو يا عيال وايل كسرتم شوكة الفرس

كل القبايل فيها الطيب والردي وكلن فيه حقه وكلن دون عانيه
والطيب لايقتصر على قبيلة دون أخرى الطيب مقسم على الناس
سواء أبناء القبائل أو أبناء الاسر و أبناء العوائل الكريمة
من الحاضرة
 

تويتر الكويت

عضو مخضرم

الجزء الاول من الموضوع

بعد تكبير الخط

السلام عليكم ...

هذا مقال للمؤرخ احمد محارب الظفيري عن معركة ذي قار والنصر الخالد للعرب



ذي قار.. شيبان تهز عرش الدولة الفارسية

معركة ذي قار يوم تاريخي من أيام العرب مثل توحيد صف القبائل العربية ليس لصدأ التهديدات

الفارسية من كسرى ابرويز فقط ولكن صونا للكرامة العربية بعد ان اراد كسرى إجبار النعمان الثالث

بن المنذر الرابع الملقب «ابوقابوس» على تزويجه احدى بناته.

الباحث في التاريخ والتراث أحمد بن محارب الظفيري يعرض لتلك المعركة الشهيرة وتفاصيلها،

وأحداثها التي شهدت فقتل قائدين عظيمين للفرس، كما يتطرق الى الحديث عن موقع ذي قار

الجغرافي وتسميات القبائل العربية من بني شيبان التي سكنته لآباره وبطحائه ورماله، وذلك في

الموضوع التالي:

من منا من محبي التاريخ العربي وهواته لا يعرف «قبيلة بني شيبان» هذه القبيلة العربية الشهيرة

التي انجبت المثنى بن حارثة الشيباني وأخويه المعنى ومسعود.. هذه القبيلة الكريمة المتحدرة

من القبيلة الام «بكر بن وائل».

عندما نذكر بني شيبان وقبيلتهم الام الكبيرة بكر بن وائل (حفيدتها الآن قبيلة عنزه الوائلية) فان
ذاكرتنا ستنفتح تلقائيا ومباشرة لتذكر ( معركة ذي قار) تلك المعركة البارزة والشاخصة بذهن وعقل

كل عربي، والتي دارت بين قبيلة بني شيبان وحلفائها من جهة وبين الفرس من جهة اخرى وتاريخ

هذه المعركة 613 م/2هـ.


حيثيات معركة ذي قار

طلب ملك الفرس كسرى ابرويز من امير العرب النعمان الثالث بن المنذر الرابع المكنَّى بأبي قابوس

ان يزوجه احدى بناته. ولكن النعمان امير العرب وملك الحيرة اعتذر عن تلبية الطلب بحجة انه لا توجد

عنده بنت تليق بمقام كسرى ملك الفرس.

ابو قابوس النعمان الثالث هو صاحب النابغة الذبياني زياد بن معاوية (ت قبيل البعثة النبوية) ودام

حكم النعمان من عام 585م حتى عام 613م.

بعد ان تسلم كسرى رد النعمان غضب غضبا شديدا واعتبر ذلك ترفعا من النعمان عن مصاهرته.

فاحتال للامر وسكت بعض الوقت وبعد مدة ارسل كتابا الى النعمان يطلب حضوره اليه في المدائن

(طيسفون) وذلك سنة 613م فتخوف النعمان من غدر كسرى فحمل اهله وامواله وسلاحه ودروعه

واخذ يتنقل بين قبائل العرب طالبا الاستجارة، فلما وصل الى بني شيبان اجارته هذه القبيلة،

ونصحه هاني بن مسعود الشيباني قائلا له: لا يجوز لمن هو بمثل مقامك ملكا للعرب ان يبقى

دهره طريدا. فالرأي ان تزور كسرى وتأخذ له هدايا... اما اهلك واموالك فهم عندنا بمأمن.

وفعلا كتب النعمان كتابا لكسرى ابرويز يطلب فيه السماح له بزيارته، فلما جاءه الاذن بذلك اخذ معه

هدايا من الخيل ومن عصب (ملابس) اليمن ومن الجواهر والطرف وتوجه الى كسرى فاستقبله وغدر

به بعد ان دعاه لزيارته حيث قيده وسجنه في مدينة «ساباط» ويقال انه بعد سنوات من سجنه ألقاه

كسرى تحت ارجل الفيلة فداسته حتى مات، وفي رواية اخرى انه مات بالطاعون.

ولما وضع كسرى ابرويز ملك الفرس النعمان بن المنذر في السجن طلب من قبيلة بني شيبان

تسليمه كل الاموال والسلاح والدروع العائدة للنعمان، فرفض بنو شيبان هذا الطلب لانه يسود

وجوههم (يحفر ذمتهم) عند العرب، ودارت مفاوضات ومحادثات لينة وشديدة بين سادات بني

شيبان ومناديب (رسل) كسرى، اصر فيها رجال كسرى على طلبهم وهو تسليم اموال وسلاح ودروع

النعمان ورفضوا كل البدائل التي طرحها بنو شيبان.


ويبدو لنا ان الهدف الخفي لكسرى ابرويز هو اخضاع القبائل العربية التي بدأت في هذا الوقت تتمرد

على طاعة اوامر الدولة الفارسية، وما اموال وسلاح النعمان الا حجة لتنفيذ هذا الهدف الخفي.

ولما فشلت المفاوضات، امر كسرى بتشكيل جيش كبير جدا وضع على رأسه القائدين الفارسين

الهامرز والخنابزين مع مجاميع كبيرة من الفيلة لإخافة الجمال والخيول العربية، وامر هذا الجيش

بالتوجه لمحاربة بني شيبان في موسم القيظ (شهر يوليو او اغسطس من سنة 613 م) حيث ان

من عادة العرب في هذا الموسم الحار ان تقطن حول آبارها.

ولما سمع بنو شيبان بهذا الحشد الفارسي الكبير، ارسلوا عددا من رجالهم يجوبون بوادي العرب

طالبين النجدة والمساعدة، فجاءت جموع من الرجال من قبائل عربية عدة فزعة ونخوة لبني شيبان،

وقيلت بهذه المناسبة اشعار كثيرة حفظتها لنا كتب التاريخ والادب العربي، ولايزال بدو اليوم

ينسجون على منوالها اشعارهم وقصيدهم.

على بطحاء (رمال) بادية ابار ذي قار التي تبعد عن الفرات مسافة 80 كم الى جهة الغرب، انتصرت

قبيلة بني شيبان ومعها فروع بكر بن وائل وقبائل عربية اخرى على جيوش كسرى الفرس المسمى

(ابرويز) بعد معركة عنيفة قتل فيها قائدا الجيش الفارسي «الهامرز» وقتله الحوفزان الحارث بن

شريك و«خنابزين» قتله شيخ قبيلة بني عجل ابو معلان حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي -مقطع

الوضن- وسقطت الراية الكسروية المسماة «درفش كافيان» على الارض تدوسها الخيول والجمال

العربية.

لقب شيخ بني عجل حنظلة بن ثعلبة بن سيار بـ «مقطع الوضن» لانه قام قبل المعركة بقطع وضن

هوادج نساء بني عجل مبتدئا بوضين هودج حليلته وقال لرجال قبيلته كلمته المأثورة: «ليدافع كل

رجل منكم عن حليلته».

والوضن: جمع وضين وهو الحزام العريض الذي يشد به هودج المرأة.

وهذه العادة التي استخدمها ابو معدان حنظلة العجلي في معركة ذي قار وهي قطع احزمة الهوادج

وانزالها على الارض مازالت مستخدمة عند عربان البوادي العربية ايام الغزوات والاكاوين (جمع كون -

معركة) خلال العهد العثماني.

وخلال هذه المعركة التي انكسرت فيها هيبة الدولة الفارسية كانت كلمة السر لقبائل العرب التي

تتردد بينهم هي «محمد يا منصور» حيث وصلتهم اخبار دعوة الرسول العربي الكريم محمد صلى

الله عليه وسلم التي بدأت تنتشر في الحجاز ويكثر اتباعها، فزادتهم هذه الاخبار حماسة وشجاعة

وايمانا بالنصر المؤزر. علما ان اكثر هذه القبائل المجتمعة على آبار ذي قار تدين بالنصر انية.

ولما وصلت اخبار هذا النصر الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقال: « هذا اول يوم انتصف

فيه العرب من العجم وبي نصروا».

ومن اعلام العرب وفرسانها الذين لمعت اسماؤهم في معركة ذي قار:

ابومعدان حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي الوائلي شيخ بني عجل...قاتل «الخنابزين» قائد الجيش

الفارسي قال قبل بداية المعركة هذه الارجوزة يحث فيها قبائل العرب على الصمود في المعركة:

قد جد اشياعكم فجدوا

ما علتي وانا مؤد جلد

والقوس فيها وتر عرد

مثل ذراع البكر او أشد

قد جعلت اخبار قومي تبدو

ان المنايا ليس منها بد

هذا عمير حية الد

مقدمة ليس له مرد

حتى يعود كالكميت الورد

خلوا بني شيبان فاستبدوا

نفسي فداكم وابي والجد

يزيد بن حنظلة بن ثعلبة بن سيار - هذا الشبل من ذاك الاسد - وقف بعد ابيه مرتجزا - سمي رجزا

نسبة الى رجز البعير اذا تقارب خطوه واضطرب- الابيات التالية:

من فر منكم فر عن حريمه

وجاره وفر عن نديمه

انا ابن سيار على شكيمه

ان الشراك قد من اديمه

وكلهم يجري على قديمه

من قارح الهجنة او صميمه

عمرو بن جبلة اليشكري البكري، الذي وقف امام جموع قبائل العرب المحتشدة على بطحاء ذي قار،

وهو يرتجز كالجمل الهادر وقت الضراب، مثيرا حماسها ورافعا معنوياتها بقوله:

يا قوم لا تغرركم هذي الخرق

ولا وميض البيض في الشمس برق

من لم يقاتل منكم هذا العنق

فجنبوه الراح واسقوه المرق

ابو امامة هاني بن مسعود الشيباني شيخ بني شيبان وسيد شيوخ (شيخ مشايخ) قبيلة بكر بن

وائل بكل فروعها.. هذا الرجل صاحب القضية الذي تمسك باعراف العرب وتقاليدها، ورفض الرضوخ

لتهديد كسرى ابرويز الذي يطالبه بتسليمه ودائع النعمان من اموال وسلاح وحلال، ولو سلمها

طواعية لجرحت كرامته وشطبت ذمته عند كل قبائل العرب.. لذلك انتخت له قبائل العرب واصطفت

في صفه لتعزز موقفه وتصون كرامته.

بعد ان استمع هاني بن مسعود الشيباني لكلام العرب واراجيزها وشاهد عرضاتها الحماسية..

اجتمع بفرسان بني شيبان وفتيانها الشجعان، نذكر منهم قيس بن مسعود الشيباني ويزيد بن

مسهر الشيباني وبكر بن يزيد بن مسهر الشيباني والمثنى بن حارثة الشيباني والمعنى بن

حارصة الشيباني ومسعود بن حارثة الشيباني ويزيد بن حمار السكوني وربيعة بن غزالة السكوني

- بنو سكون احلاف لبني شيبان ويقطنون معهم في اراضيهم.

وقف ابو امامة هاني الشيباني امام هؤلاء الفرسان وعشائرهم خطيبا فقال: «يا قوم مهلك مقدور

خير من نجاء معرور - معاب - وان الحذر لا يدفع القدر، وان الصبر من اسباب الظفر، المنية ولا الدنية،

واستقبال الموت خير من استدباره، والطعن في الثغر، اكرم من الطعن في الدبر، يا قوم جدوا فما من

الموت بد، فتح لو كان له رجال، اسمع صوتا ولا ارى قوما، ويا آل بكر شدوا واستعدوا، والا تشدوا
تردوا».
كلاهما هاني.. الشبه بين اسمي الجد والحفيد اوقع بعض المؤرخين العرب في الخطأ!!:

وفي رواية تاريخية اخرى، ان هاني بن مسعود الشيباني لم يدرك معركة ذي قار وانما الذي ادركها

هو هاني بن قبيصة بن هاني بن مسعود الشيباني - اي هاني الحفيد وليس هاني الجد- ونحن

نرجح هذه الرواية خصوصا اذا عرفنا ان عرب اليوم والامس، جرت العادة عندهم، انهم ينسبون الرجل

الى جده الاعلى المشهور، فمثلا يقولون: الملك فهد بن سعود ويقصدون (الملك فهد بن عبدالعزيز

بن عبدالرحمن آل سعود)، والامير جابر بن صباح ويقصدون (الامير جابر بن احمد بن جابر آل الصباح).

ذي قار.. المكان عند العرب الاوائل

قال أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري (ت 279 هـ / 892م) صاحب كتاب “فتوح البلدان”: ذي قار أو ذو

قار هو “ماء” - آبار - لقبيلة بني بكر “القبيلة الأم لبني شيبان” ويقع بين الكوفة وواسط.

وذكر المؤرخون والبلدانيون العرب القدامى: ان ذي قار ماء لقبيلة بكر بن وائل تقيظ عليه “تقطنه وقت

القيظ - الحر”.. وذكروا ان قرب هذه الآبار “القلبان” “بطحاء” - رمال - أخذت اسمها من اسم المكان

فسميت بـ”بطحاء ذي قار”.. وذكروا كذلك ان حول هذه الآبار «مياه ذي قار» واديا اسموه بـ “وادي ذي

قار” وان شيخ العربان المساندة لبني شيبان في ذلك الزمان ابو معدان حنظلة بن ثعلبة بن سيار

العجلي أمر بقبته “خيمته” الحمراء فضربت في «وادي ذي قار» وقيل ايضا في “بطحاء ذي قار”، وآلى

ألا يفر حتى تفر القبة من فوق رأسه ونزع عمامته من على رأسه، فظهرت صلعته الكريمة، فكان

منظره مهيبا بين جموع العربان المتحشدة حول خيمته.

حنو ذي قار في الأشعار
 

تويتر الكويت

عضو مخضرم

الجزء الثاني من الموضوع
بعد تكبير الخط


وذكروا كذلك ان حول آبار ذي قار أرض منحنية
اسموها بـ “حنو ذي قار” و”حنو قراقر”. قال أبو بصير

ميمون الاعشى بن قيس بن جندل القيسي “أعشى قيس”
مادحا بني شيبان ومفتخرا بنصرهم

وفاديهم بروحه وراحلته:

فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي

وراكبها يوم اللقاء وقلت

كفوا اذ اتى الهامرز يخفق فوقه

كظل العقاب اذا هوت فتدلت

أذا قوهم كأسا من الموت مرة

وقد بذخت فرسانهم وادلت

فصبحهم بالحنو، حنو قراقر

وذي قارها منها الجنود، ففلت

على كل محبوك السراة كأنه

عقاب سرت من مرقب اذ تدلت

فجادت على الهامرز وسط بيوتهم

شأبيب موت أسبلت فاستهلت

تناهت بنو الأحزاب اذ صبرت لهم

فوارس من شيبان غلب فولت

والحنو: بالكسر ثم السكون، والواو معربة هو في اللغة:

كل شيء فيه اعوجاج، والجمع احناء. وذكر ياقوت

الحموي: ان الحنو من ذي قار مسيرة ليلة “على الجمل”.


ذي قار.. المكان عند العرب الآواخر

نرجح ان «ذي قار» هو الاسم القديم للمكان الصحراوي المسمى في وقتنا الحالي “ابوغار” والذي

يقع في ديرة الظفير الشرقية - ديرة الظفير في العهد العثماني وقبل تخطيط الحدود تمتد من الاجزاء

الشمالية الشرقية للهضبة النجدية حتى تقترب من الصحراء المتاخمة للفرات.

ولقد سبقنا لهذا الرأي والترجيح المستشرق الاكاديمي التشيكو سلوفاكي ألويس موزيلMusil

Alois”1868 - 1944

م” الذي عاش مع البدو خصوصا بدو الروله من عنزة اكثر من عشرين عاما وتحمل خشونة الحياة

البدوية بكل ظروفها فكان يرحل وينزل مع بدو الروله ويتحدث بلهجتهم وكأنه واحد منهم وألف عدة

كتب مهمة ومفيدة جدا لا غنى لباحث التاريخ والتراث عن قراءتها والاستفادة من مضامينها

ومحتوياتها.

يقول ألويس موزيل في كتابه المسمى “شمال نجد”: انطلقنا الساعة 6.45 من صباح اليوم الثامن

عشر من اذار سنة 1915م باتجاه الشمال الشرقي وكانت غايتنا استكشاف منطقة قبيلة الظفير

الى الشمال الغربي من شعيب الباطن لزيارة قلعة قصر “أبوغار” المهدمة وهو ما يعرف قديما باسم

«ذي قار» الذي ذكره المؤرخ والجغرافي الروماني بطليموس في جغرافيته «جغرافية بطليموس»

باسم Edikarai.

ويقول عبدالجبار الراوي - مدير البادية أيام الشريف فيصل الاول ملك العراق في كتابه «البادية» عند

كلامه عن مواقع الآبار والمياه في ديرة الظفير.

ابوغار: حسو عذب غزير الماء لا ينضب، وهو على بعد ستة وثلاثين كيلومترا من بصيه «اسم مكان

مشهور» شمالا.

ونحن نقول: ان «ابوغار» يقع شمال شرق بصيه، وهو حسيان عدة “ابار قليلة العمق«، ولكن الحسو

الشهير والرئيسي اسمه “شهاب” وماؤه غزير عذب.

الحسو - في كلام البدو: هو البئر الذي يكون ماؤه قريبا من سطح الارض، يتراوح عمقه من متر الى

خمسة امتار ويكون عادة ارضا رملية منخفضة تحتها ارض صلبة تصمد الماء فلا ينفذ منها ويوجد

بالاودية والشعاب وجمعه عند البدو “حسيان”.

وفي اللغة العربية الفصحى: الحسي: سهل من الارض يستنقع فيه الماء، يكون غليظا من الارض

فوقه رمل يجمع ماء المطر، فتحفر فيه حفرة لتنزح منها ماء، فتلك الحفرة «حسي»، و«الحسي»

ايضا البئر القريبة الماء، والجمع «احساء».

والفرق بين الحسو والقليب عند عرب اليوم والامس، هو ان ماء الحسو قريب من سطح الارض حيث

ان طوله من باع الى خمسة ابواع ولا يحتاج الى السناية “الجمل” لامتياح الماء منه بل يمتح باليد

بينما ماء القليب “البئر” بعيد عن سطح الأرض ويحتاج جمل السناية لامتياح الماء منه ويسمى

“قليب مسنوي”.

وبعد هذا التوضيح عرفنا ان آبار ذي قار التي دارت حولها المعركة هي “حسيان” - أي احساء -

وليست «ابار مسنوية» بعيدة العمق.. ولكن كتب التاريخ تصفها بـ “الآبار” وهذا جائز حيث المقصود

آبار قليلة العمق.

العرب الأواخر مثل الأوائل يقيظون على حسيان ذي قار

ويقيظ العربان الاواخر على هذه الحسيان، كما كان يفعل اجدادهم العربان الاوائل بالضبط، اي انهم

في موسم القيظ الشديد الحرارة يقطنون حول هذه الحسيان ويتركون ابلهم ترعى في بادية ذي قار

تأكل حميس العشب والرمام واوراق الشجر، وترجع الى الورد في ميقات اظمائها المحسوب “ظمئ

ربع او ظمئ خمس” وفي بداية موسم البراد وسقوط الامطار - في شهر اكتوبر - يندون منها “أي

يتركون القطن حولها” وينتشرون في المنادي «جمع مندى» ترقبا وتحسبا لنزول الغيث “المطر”، فهم

في هذا الوقت ليسوا بحاجة الى الآبار والحسيان، بل تجد بيوتهم وحلالهم تتفرق هنا وهناك وتنتجع

رياض الصحراء ووديانها وسهولها فالشتاء على الأبواب والربيع قادم.

في العصور المتأخرة شاع اسم «أبوغار» وتنحى «ذي قار»

أما بخصوص «بطحاء ذي قار» و«وادي ذي قار» المذكورين في كتب التاريخ فهما موجودان حتى هذا

اليوم باسم “بطحاء ابوغار” أو “رمل ابوغار” اما الوادي فيسمى عند بدو اليوم بـ «وادي لويحظ»واحيانا

يسمونه “شعيب ابوغار” او “وادي ابوغار”.

ولكن الملاحظة التي تجلب الانتباه ان «قار» بالقاف ابدلت بـ «غار» - بالغين، وهذا النوع من الابدال

موجود في لهجات العرب ومذكور في كتب اللغويين والنجاة العرب، ذكره ابوالطيب اللغوي في كتابه

“الابدال” تقول: غلغل في الأرض يغلغل أو قلقل في الارض يقلقل. وذكره ابن منظور في كتابه “لسان

العرب” تقول: النشوغ والنشوق.

وبالتالي أظن ان الاسم الصحيح هو “ذي غار” وليس “ذي قار” لان المنطقة سميت نسبة الى غار

كبير يلتجف في جال شعيب لويحظ “شعيب ابوغار” وقد شاهدت بنفسي هذا الغار ودخلت فيه.

وشعيب لويحظ او ما يسمى «شعيب ابوغار» والذي تقع في نهايته الشرقية “حسيان ابوغار” ينحدر

من الغرب ويتجه الى الشرق ويصب في منطقة الرمال المسماة “بطحاء ابوغار” وبقرب “حسيان ابو

غار” التي تبعد عن الفرات ثمانين كيلومترا بنى العثمانيون قلعة كبيرة على انقاض قصر قديم وجعلوا

فيها قوة عسكرية لحماية مدن الفرات من هجوم بدو الصحراء.

وعموما تكثر الحسيان والعيون في المنطقة التي يسميها بدو اليوم والامس بـ “الرحاب” جمع

“رحب” او “رحبه” وهي ارض نقية ويسمونها ايضا بـ “الطفه” اذا اختلط معها السبخ “الملح”

ويجمعونها فيقولون: “منطقة الطفوف” وكل هذه الاسماء عربية فصيحة تداولها بنوشيبان قديما

ومازالت متداولة عند احفادهم عرب اليوم.

وتمتد “منطقة الرحاب” او “منطقة الطفوف” بمحاذاة الاراضي السبخاء الممتدة حول حوض الفرات

وقد تقترب منه او تبتعد عنه بأكثر من مئة كيلومتر. واكثر اراضيها رمال وقيعان سبخاء وتحد منطقة

الرحاب من جهة الشرق الكثبان الرملية “دعوص الرمل” يسميها البدو طعوس - ومن جهة الغرب

الاراضي الحجرية الصلبة المرتفعة المتصلة بالهضبة النجدية وهضبة نجد بانحدارها الى حوض الفرات

تصب وديانها في “منطقة الرحاب” وتصب في “منطقة الطفوف او الطفه” وكان بنوشيبان في ذلك

الزمان يتجولون بابلهم وحلالهم بين منطقة الطفوف والارض الحجرية المتصلة بالهضبة النجدية.

وكاتب هذه السطور من الذين تجولوا في المنطقة وعرفوا تضاريسها عن قرب.

“حنو ذي قار” يسميه بدو اليوم بـ “الحنية”

أما بخصوص “حنو ذي قار” فيسميه بدو اليوم بـ “الحنية” - مؤنث حنو - وهي ظهر من الارض مرتفع

على شكل ترس مقلوب يبدأ من الاراضي الحجرية في جهة الشرق ويتجه منحنيا الى الشمال ثم

الى الجنوب حتى تندفن نهايته في كثبان الرمال الواقعة جنوب ابوغار “ذي قار سابقا”.

كما جاء “حنو ذي قار” في اشعار الاقدمين. جاءت “الحنيه” في اشعار المعاصرين:

قال الشاعر شرشاب بن شحم الزويد شيخ قبيلة البدور مخاطبا الفارس علي بن فلاح الضويحي

الصويط “الصويط اسرة المشيخة في الظفير” يحثه ويستثير نخوته على استنقاذ “الحنيه” - حنو ذي

قار قديما - من الاعداء الذين احتلوها:

هذي الحنيه يا علي

مثل العسل مشروبها

مثل الهنوف الفارعه

اللي تخط بثوبها..

فرد عليه علي بن فلاح الضويحي الصويط:

عندي خبر قبل تقول

بنت تجدد عيدها

بالود مفراص الحديد

بحنوك من يريدها..

اما الشاعر الظفيري نهار بن ناصر بن محمد فيصف عشيقته بالناقة الوضحاء الجميلة التي تربع -

ترعى عشب الربيع - في منطقة “زم” و”هدانيه” - أماكن صحراوية - وفي القيظ تقيظ على ابار

انصاب، أما مشتاها فهو في “أرض الحنيه” وان ضحكت له هذه الحبيبة بثناياها الثماني الجميلة فان

قلبه سينتل لان عروة القلب التي تمسكه ضعيفة لا تحتمل هذه الضحكة يقول:

شبه وضحا ربعت زم وهداني

المقيظ انصاب والمشتى “الحنيه”

واعذابي وان ضحك لي بالثماني

تل باقي القلب والعروة رديه..

أما بخصوص “حنو قراقر” فهو حردوب من الارض مرتفع اسماه بدو اليوم بـ “خشمة ابن حلاف” نسبة

الى الشيخ ابن حلاف شيخ عشيرة السعيد من قبيلة الظفير حيث نزل فوق هذا المرتفع هو

وعشيرته في احدى المعارك ورفض الرحيل عنه امعانا بالاصرار على الصمود.

وتسمية شخانيب الجبال وبروزات المرتفعات بالانف “الخشم” عرف سائد عند عرب الجاهلية وعرب

اليوم تؤكده كتب التاريخ والادب والبلدان عند عرب الجاهلية والاسلام و”حنو قراقر” هو ليس “حنو ذي

قار” كما جاء في بعض المصادر فالاثنان مختلفان كما اسلفنا، ولكنهما قريبان من بعضيهما على

الأرض فباديتاهما واحدة ولهذا السبب وقع اللبس فيهما فظن البعض ان الاسمين مسمى لمكان

واحد.

جريدة عالم اليوم

يوم الثلاثاء الموافق 9 / 8 / 2011

الكاتب : احمد محارب الظفيري
 

JAMES546613

عضو مميز
لله درك يالظفيري عندما تسرد القصص التاريخيه تنقلنا الى عالم يمتزج به التاريخ والواقع كأننا نعيشه وقد لاحظت اغلب بني ظفير يحفظون التاريخ ماشاء الله عليهم ،،،والشكر موصول للناقل بارك الله فيكم
 

تويتر الكويت

عضو مخضرم
ولاتنسى توضح لي من أحمد محارب هذا وماموقعه بين المؤرخين ..

اذا ما تعرف احمد محارب الظفيري
فانت جاهل جهل شديد بالباحثين والمؤرخين ودليل انك لاتقرأ الصحف منذ سنوات طويلة
هذا الباحث والمؤرخ والكاتب الكبير سنا وعلما والجليل قدرا و مكانة ألف الكتب والبحوث
بحوثه نشرت ولا زالت تنشر في عدة صحف كويتية منذ عشرات السنين الى هذا اليوم
قاتل الله الجهل والله انه سئ لكنه يفضح بعض الناس ويكشفهم ويكشف مستواهم الثقافي
 
اذا ما تعرف احمد محارب الظفيري
فانت جاهل جهل شديد بالباحثين والمؤرخين ودليل انك لاتقرأ الصحف منذ سنوات طويلة
هذا الباحث والمؤرخ والكاتب الكبير سنا وعلما والجليل قدرا و مكانة ألف الكتب والبحوث
بحوثه نشرت ولا زالت تنشر في عدة صحف كويتية منذ عشرات السنين الى هذا اليوم
قاتل الله الجهل والله انه سئ لكنه يفضح بعض الناس ويكشفهم ويكشف مستواهم الثقافي

هههههههههههه
ياخي رهيب أنت

أستمر جزاك الله خير وياليت ترجع لموضوع الدحه لأن الحوار فيه عقلاني وبالأدله بعيداً المهاترات وشغل مشي حالك
 

( القلب الكبير )

المعرف السابق:النوخذة بوعبدالله
بسم الله و الحمد لله ...
السلام عليكم احبتى الكرام جميعا
ورحمة الله و بركاته
الحقيقة الاخ الاستاذ احمد محارب الظفيري
من خلال متابعتى قديما لبعض البرامج التى كان يقدمها أو يشارك فيها
مع بعض زملائة الكرام في الاذاعة
الحقيقة حديثه لا يمل .. لا يملك احدنا إلا الانصات له
انا اعتبره موسوعة شاملة
موسوعة علمية وثقافية وتاريخية و ادبية و تراثية وحتى اسلامية
مشاء الله تبارك الرحمن

أذا خلصت
توضح لي من أحمد محارب هذا وماموقعه بين المؤرخين ..
اخي الحبيب كويتى
التسمية من و جهة نظري لا تغنى و لا تسمن من جوع
سواء كان مؤرخ او باحث او حتى طالب علم صغير
لا يهم المهم بارك الله فيك كمية المعلومات
و مدى صحتها و دقتها
و الحمد لله
رب العالمين
 
أعلى