مقالات الدكتور خالد الجنفاوي

برقان73

عضو بلاتيني
اتاراكسيا: السكينة الروحية


تشير »الاتاراكسيا« الى مرحلة فكرية معينة يصل اليها بعض المتنورين, او اي فرد حر يسعى نحو امتلاك بعض من الحكمة, وهي تتجلى للبيان عندما يبدا الفرد يشعر بالسكينة الروحية, وراحة البال, والطمانينة النفسية, وتتمثل كذلك بشعوره »بالحرية المطلقة« من كل انواع القلق او الخوف او الاهتمامات الانسانية "المادية" الاخرى, فيبدا من يصل لمرحلة الاتاراكسيا بالامتناع عن اطلاق الاحكام حول الاخرين بل ويرفض اتخاذ اي موقف محدد اذا علم بوجود دلائل واضحة تناقض ذلك (روزنتال 247- بتصرف). والاتاراكسيا بالنسبة للبعض حالة نفسية وفكرية حيادية ربما تشوبها بعض السلبية, والتي تسببها عادة ضبابية البيئة الحياتية التي يعيشها بعض الافراد, اما بالنسبة لاخرين, مثل المتنورين, فالاتاراكسيا: دليل على "المعرفة العميقة" باسرار الوجود الانساني, ودليل اخر على نجاح الفرد في التحرر من كل مشاعر الخوف والقلق والانزعاج والتي يمكن ان تسببه البيئة الانسانية او تصرفات الاخرين. اضافة الى ذلك, فالاتاراكسيا حالة فكرية ونفسية فريدة من نوعها تتحقق, حسب ما نعتقد شخصيا, عندما ينجح الانسان, مهما كانت خلفيته الثقافية, في تمحيص الظواهر الاجتماعية والحضارية والاخلاقية وربطها مع بعضها بعضا ليخرج الفرد بعد تلك العملية باستنتاجات معينة, منطقية, وعقلانية, تكشف الحالة الحقيقية للبيئة التي يعيشها, اثناء وقت معين, خلال الحياة القصيرة للانسان, على سطح هذا الكوكب الصغير.
وسواء ادت "الاتاراكسيا" الى تحقيق ذلك الادراك العميق والمتبصر في اسرار الوجود والنشاط الانساني, او شجعت على تغيير "الفرضيات الفكرية الاساسية" والتي كان يتبعها الفرد في السابق, او حتى لو ادت هذه المرحلة الانسانية من السكينة الروحية الى التشبث اكثر من ذي قبل بما كان يؤمن ويعتقد به الفرد في السابق, فناتج العملية عادة ما يكون ادراكه الشخصي انه: "متى ما توفرت لديه الرغبة في ذلك" فهو سيستطيع بقليل من التركيز العقلي, والجهد الذاتي, والمثابرة, ان يبدا من جديد!
واخيرا, السكينة الروحية او "الاتاراكسيا" ليس من الضروري ان تتحقق فقط عن طريق قراءة الفلاسفة الاغريق, او المسلمين, او الغربيين السابقين, او الفلاسفة المعاصرين, ولكنها يمكن ان تتحقق في الحياة اليومية العادية عن طريق تحديد الفرد العادي "بضع دقائق خلال يومه" يضعها فقط للتفكر والبحث في اسرار وجوده الانساني وكيف له ان يطوره اكثر من قبل, وكيف له, بالطبع, ان يتروى, ويهدأ, ويبدأ يُنفذ ما هو صحيح وعقلاني وسط "غابة بشرية" عادة ما يملؤها الزئير والعويل ومسك الرقاب!
 

برقان73

عضو بلاتيني
اعْمَل كَانّكَ تُصَلِّي


نتحدث عَرَضا نحن العرب والمسلمين عن »العمل« بانه »عبادة" وبأنه جزء لا يتجزأ من تراثنا الديني والاخلاقي, ولحد الان »لم اعثر على انموذج اخلاقي ناجح عن العمل في مجتمع عربي او اسلامي« يوازي, او حتى يتساوى, ولو في بعض تطبيقاته العملية, مع الاخلاقيات التقليدية للعمل في اغلب الدول والمجتمعات الغربية والاسيوية. "المشكلة" التي نتحدث عنها في هذا السياق, هي اننا كعرب وكمسلمين عادة ما نتفاخر بما نعتقد اننا مازلنا نمتلكه من مبادئ اخلاقية تحث على »العمل« بينما لا نطبق في حياتنا اليومية ولو جزءً بسيط منها, بل وربما في كثير من الاحيان نُبقي كل دراسة جيدة لها علاقة بفلسفة العمل حبيسة رسائل الدكتوراة او الماجستير او الكتب التي لا يستعيرها الطلبة او المهتمون, واذا صادف وجود بعض الكتب العربية ما يتحدث عن مفهوم »العمل« في الحضارة العربية والاسلامية, فهي عادة تكون بعيدة عن روح العصر وبعيدة كذلك عن عكس مفهوم العمل من الناحية الواقعية والعملية.
وتناقضنا التاريخي حول اهمية العمل يقابله وجود "امثلة تاريخية ناجحة" بل صادقة تدعو لممارسة كل انواع العمل كمهنة وكطريقة عبادة تقود الى النجاة والغفران من الذنوب! بمعنى انّ الغربيين واليابانيين وبعض الشعوب الاسيوية هم من يؤمنون فعلا انّ العمل جزء لا يتجزأ من الوجود الانساني, وانّ من يعمل يجب ان يتقن ما يؤديه وينفذه بشكل اقرب للكمال عن طريق بذل الجهود المطلوبة والتركيز على اتباع معايير الحرفية...الخ. ولهذا ولغيره من الاسباب الحضارية والاخلاقية يستطيع اي من كان ان يميز هذه الايام بين تلك العقليات التي تؤمن بأنّ العمل عبادة, وبين تلك العقليات الاخرى, والتي ما زالت تتعامل مع العمل كأنه فرض واجب يجب ان تنهيه بأسرع وقت ممكن, وباي طريقة كانت, وبأي شكل من الاشكال حتى لو خرج المنتج عشوائيا وناقصا او مشوها!
حبذا لو بدأنا نحن العرب والمسلمين نتّبع »فلسفة عمل تشجع الفرد لان يعمل كأنه يصلي« اي نتمنى لو تم تطبيق بعض ما نتشدق به تجاه الاخرين, باننا امة نقدس العمل, وحبذا كذلك لو انعكس هذا الايمان حول اهمية العمل في حياتنا اليومية, سواء في اسرنا او بيننا كأفراد, فنحن لن ننتج "عملا حقيقيا" ما لم ننظر الى كل ما نمارسه من وظائف على انها "مهن حرفية هدفها الاتقان وتحقيق اقصى درجات الكمال," فالعمل يجب ان يتحول في حضارتنا العربية والاسلامية الى نشاط يومي ديني يتطلب الصدق, هذا طبعا اذا كان بعضنا لايزال يرغب في النجاة في الدنيا والاخرة.
 

برقان73

عضو بلاتيني
»المرشحون ليسوا ضيوفاً عاديين«: استجوبوهم عندما يزورون دواوينكم!


تعوّد كثير منا نحن الكويتيين على استقبال مرشحي مجلس الأمة في دواوينا بطريقة لبقة ومقبولة اجتماعياً وتتناسب كذلك مع عاداتنا وتقاليدنا والتي تتركز حول ضرورة احترام وتكريم الضيف الذي يزورنا في بيوتنا, وعادة ما يميز هذا الاستقبال المجاملات الاجتماعية, لأننا بشكل أو بآخر, ما زلنا نعتبر من يزورنا في الديوانية ضيفاً يتطلب الاحترام والإكرام...الخ. ولكن يجب ان نُفرق بين "الضيف العادي" وبين "مرشح مجلس الأمة" الذي يسعى لكسب اصواتنا الانتخابية, فالأول يستحق التكريم والضيافة والتبجيل, وأما الثاني, فإضافة الى استحقاقه كل ما سبق, فيجب ان يتوقع ايضاً اننا سنستجوبه حول مؤهلاته, وبرنامجه الانتخابي, بل ويجب ألا نعطي مرشح مجلس الأمة فرصة أن يزورنا ويذهب من دون أن "يستطعم ويتلذذ" بعض الشيء بوعينا السياسي ويسمع مطالباتنا الحقيقية وما نتوقعه من عضو مجلس الأمة!
فمن الأفضل لنا كناخبين أن نستجوب ونسأل بعض مرشحي مجلس الأمة: لماذا يترشح وهو لا يملك حتى مؤهلاً علمياً يوازي مؤهلات أصغر اولادنا? ومن الذي أعطاه الحق ان ينادي بما ينادي به, سواء في اسقاط القروض او زيادة الرواتب...الخ, ونحن نعلم انه من المستحيل ان تتحقق هذة الأمور بمطالبة عضو مجلس واحد من دون وجود أتفاق شبه كامل من أعضاء مجلس الأمة والحكومة? بل يجب ان نطالب مرشح مجلس الأمة أن يقدم لنا تفصيلاً كاملاً, ومملاً إذا تطلب الأمر ذلك, عن برنامجه الانتخابي, وأن يتمتع بالذكاء السياسي والحنكة الفكرية وأن يكون مستعداً أن يناقشه معنا, في اي مكان وفي أي وقت, وبأي طريقة نراها مناسبة! بل يجب على مرشح مجلس الأمة ألا يتضايق كثيراً إذا صدف وصارحه صاحب الديوانية او أحد روادها بأنه إذا نجح سيفعل كما فعله بعض سابقيه وأن يختفي ولا يعثر عليه ناخبوه!
مرشح مجلس الأمة عندما يزور دواوين الناخبين يعرف تماماً أنه سيقابل بينهم كثيراً ممن لا يهتمون بشكل كبير في استخدام المجاملات, فالمناسبة في هذا السياق, ليس مناسبة وليمة يستقبل فيها صاحب الديوانية ضيفاً معززاً مكرماً, ولكنها "مساحة إنتخابية حرة" وربما ستكون بعض الأحيان حامية الوطيس ويمكن ان يواجه فيها المرشح ما لا يتوقعه ان يحصل, وهو سيل من الأسئلة العقلانية والمنطقية التي يملك الناخب الكويتي كل الحق في توجيها لكل من يرشح نفسه لتمثيله تحت قبة البرلمان, فلا تتركوهم يفلتون بسرعة, وأسألوهم, واستجوبوهم, وانهكوهم بالمناقشات حتى تكتمل الصورة لديكم عن أهدافهم الحقيقية!
 

برقان73

عضو بلاتيني
سفيرة الولايات المتحدة الأميركية : »أهلا وسهلا ومرحبا«


وصلت قبل ايام الى الكويت السيدة الفاضلة »ديبوراك. جونز« السفيرة الجديدة للولايات المتحدة الاميركية الصديقة, وبينما نرحب بوصول السيدة جونز الى البلاد نتذكر مرة اخرى خلال هذه المناسبة السعيدة الدور التاريخي العظيم لاصدقائنا الاميركيين والعلاقات المميزة التي تجمع بين شعبينا.
والسيدة جونز من الديبلوماسيين الاميركيين المخضرمين, اذ خدمت في الخارجية الاميركية في مناصب عدة تراوحت بين المسؤول الرئيسي في القنصلية العامة الاميركية في اسطنبول, وادت مهاما مختلفة في الامارات العربية المتحدة, واثيوبيا, والعراق, والارجنتين. وخدمت السيدة جونز كذلك في واشنطن في منصب المدير القطري لمكتب الجزيرة العربية وايران, اضافة الى توليها مناصب عدة تقلدتها السيدة جونز في وزارة الخارجية الاميركية مما يشير الى تمتعها بالخبرة الديبلوماسية الواسعة وامتلاكها مهارات وخبرات متميزة في مجال عملها.
فأهلا وسهلا ومرحبا بالسيدة الفاضلة "ديبوراك. جونز" في بلدها الثاني الكويت احد الحلفاء الستراتيجيين للولايات المتحدة الاميركية واحد شركائها الشرق اوسطيين المتميزين في مجالات متعددة سواء في التنمية الاقليمية او في المساهمات المميزة لدولة الكويت والولايات المتحدة الاميركية في نشر السلام وارساء العلاقات الودية والناجحة بين الشعوب والدول.
وبينما نحتفل بقدوم السفيرة الاميركية الجديدة الى الكويت فنحن ايضا نحتفل في الوقت نفسه بالعلاقات المتينة والراسخة والديناميكية التي تجمعنا مع اصدقائنا الاميركان سواء على المستوى الرسمي او الشعبي ونتمنى ان تتطور هذه العلاقات المميزة الى كل ما فيه تقدم ورفعة للبلدين الصديقين, فاهلا وسهلا ومرحبا بالسيدة جونز.
 

برقان73

عضو بلاتيني
وماذا عن هموم "الوافدين والمقيمين"؟!


توقعنا ألا تخرج "أولويات" كثير من مرشحي مجلس الأمة عن القضايا التالية: تطوير التعليم- بدء تنفيذ مشاريع التنمية- مكافحة ارتفاع الأسعار- إسقاط القروض- زيادة الرواتب- تحسين الخدمات الصحية- وضع حلول للقضية الإسكانية- وبدء عجلة الإصلاح الاقتصادي- ومكافحة شراء الأصوات- ومكافحة البطالة...إلخ وغيرها من القضايا المحلية المتكررة أو المكررة (لا فرق), ولكن ما يغيب هذه الأيام عن ساحة انتخابات مجلس الأمة وما يندر نقاشه في المقار الانتخابية هو ذلك النوع من القضايا التي يبدو أن بعض المرشحين يعتبرها "هامشية" لأنها لا تهمهم, أو يعتقد كثير منهم أنها لا تهم الناخب الكويتي العادي الذي يسعون لكسب صوته مثل: ضرورة إيجاد بديل عن "نظام الكفيل" أكثر نجاحاً وأكثر عملية وإنسانية- تحسين معاملة الوافدين في المجتمع وفي مؤسساته المختلفة- زيادة رواتب الوافدين- تفهم المشكلات الصعبة والتحديات الكبيرة التي تواجهها هذه الفئة من الضيوف الأعزاء, وكذلك حض الحكومة والمؤسسات الأهلية المختلفة على خلق بيئة كويتية محلية تتعاطف مع ما يمر به الوافد العادي وهو ذلك الفرد الذي نراه يعمل ويجتهد بيننا بينما نعرف في قرارة أنفسنا أنه لا يتلقى راتباً مكافئاً لما يبذله من جهد, بل وزيادة على ذلك يستمر البعض في معاملة هذا الوافد عبر سلوكيات تتناقض مع أبسط أبجديات الأخلاق السوية الاسلامية أو العالمية المتعارف عليها.
بمعنى, ما نحتاجه أن يحدث هو إعادة توجيه بوصلة الاهتمام الانتخابي والمجتمعي كذلك نحو قضايا ومشكلات "أكثر من مليون" فرد يعيشون على أرض الكويت ويتشاركون مع مواطنيها في حياتهم اليومية, أي أننا نحتاج أن نهتم بقضايا إخواننا وأخواتنا الوافدين والمقيمين فهم شركاؤنا في التنمية الوطنية, هذا إذا لم يكونوا "العصب الرئيسي" في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الكويت!
ولن نستطيع ممارسة ديمقراطية طبيعية ومقبولة حسب الأعراف الدولية ما لم نبدأ نحن كمواطنين, ومرشحينا كذلك, بالاهتمام بقضايا الأفراد الذين يشاركوننا المعيشة على ارض الوطن, سواء كان هؤلاء مواطنين أو وافدين أو مقيمين بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم, ولن نحصل على تجربة ديمقراطية صحية وفاعلة تحقق تطلعاتنا الوطنية ما لم ندرك جميعنا أنه لا يزال يعيش بيننا ويشاركنا ويتنفس ويتألم بيننا ما يقارب المليون والنصف بشر نعتمد عليهم ونتشارك معهم في كل شيء يجري في حياتنا اليومية, فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
»الفظاظة وقلة الادب« سلوكيات عدائية


ثمة عوامل مختلفة تؤدي الى اعتناق البعض لسلوكيات »الفظاظة وقلة الادب« تجاه الاخرين, ولن نكون هنا معنيين بمناقشتها وذلك لوضوحها ولمعرفة كثير منا للاسباب الرئيسية للفظاظة وقلة الادب. ولكن ما يهمنا هو, وكعادتنا, مناقشة نوعية "التفكير" الفردي الذي ينتج هذا النوع من السلوكيات غير الاجتماعية, فهاتان الظاهرتان العدائتان لا تخرجان حسب ما نعتقد سوى عن عقول منغلقة وضعيفة وفاشلة وعدائية لا تمتلك الاستقلالية او تتمتع بحرية التفكير.
وبعض امثلة الفظاظة تتجلى في عدم قدرة بعض الافراد على "تقديم الشكر" للاخرين على ما قدموه من خدمات, وقلة الادب في هذا السياق هي بالطبع الوجه الاخر للفظاظة والتي تتمثل في انكار افضال الاخرين على الفرد وتنكره كذلك لمساعدتهم له في السابق الخ. والفظاظة تشير كذلك الى ذلك السلوك غير السوي والذي يتمثل في "تخطي الدور" مثلا من دون مراعاة او احترام للاخرين وقلة الادب في هذا السياق هي بالطبع اصرار مرتكب هذه الفجاجة السلوكية على عدم الانصات للاخرين وعدم اهتمامه عندما يطلب منه الاخرين ان يحترمهم ويلتزم بدوره! وتتمثل الفظاظة في اوضح صورها في "عدم الاجابة على من يطرح سؤالا" بل وتجاهله تماما فقط ليثبت للاخرين ان "الانا" لدى بعض ممارسي الفظاظة ما زالت منتفخة وفعالة والعياذ باللة و "يا جبل ما يهزك ريح"! فالفظاظة وقلة الادب اذا وجهان لعملة واحدة وهي عدم امتلاك بعض الافراد لابسط مبادئ الاتيكيت والسلوكيات السوية بل وهي اشارات واضحة الى ان من يعتنق هذا النوع من السلوكيات العدائية والسلبية يرغب فقط ان يعيش في غابة مظلمة تسودها شريعة الغاب (الغلبة للقوي الخ) فلا يهتم هذا النوع من الاشخاص في المحافظة على حقوق الاخرين لانه بشكل او باخر يعيش فقط استنادا على مبادئ اخلاقية شخصانية منفرة اخترعتها عقول ضيقة وانانية وناقمة.
فالعقل الذي ينتج سلوكيات الفظاظة وقلة الادب في التعامل مع الاخرين ليس عقلا انسانيا رزينا وفاعلا بل هو مثل الكهف المظلم الذي تملأه عناكب سوداء حاقدة وغيورة وعدائية تجاه كل شيء يمر من امامها! فهذه النوعية من العقول فاشلة تماما خاصة اذا تم قياس انجازاتها على كل مستويات التعامل الانساني والاجتماعي المقبول والمتعارف عليه في المجتمعات الانسانية المسالمة. فالعقلية الفظة تعيش ناقمة وحاقدة على الاخرين بينما تحاول التغلب على "اعدائها" المتخيلين عن طريق ممارسة سلوكيات الفظاظة وقلة الادب.
واخيرا, فاتباع اسلوب محترم في التعامل مع الاخرين ليس صعبا او معقدا مثل علم صناعة الصواريخ, ولكنه ببساطة سيتمثل في قدرة الفرد على التمتع ولو بقدر بسيط من حرية التفكير والاستقلالية والتي عادة ما تتبين في ابداء الرغبة للعيش بسلام مع الاخرين ومبادلتهم الاحترام المتبادل والمحافظة على حقوقهم بدلا من النظر اليهم كانداد واعداء يجب التغلب عليهم وقهرهم ودحرهم واهانتهم باي طريقة!
 

برقان73

عضو بلاتيني
المفكرون والعلماء »يغادرون الحياة« بشكل مختلف!


تذكر بعض المصادر انّ الكاتب المسرحي الاغريقي »اسكيلس« لقي مصرعه عندما سقطت عليه "سلحفاة" كان يحملها "نسر" كان يعتقد انّ "صلعة" اسكيليس ما هي سوى صخرة ملساء يستطيع القاء السلحفاة عليها حتى تتكسر ويأكل لحمها! وأمّا الفليسوف الاغريقي "كريسيبس" فلقد "مات من الضحك". وتوفي السير فرانسين بيكون الفليسوف والعالم الانكليزي الاشهر في القرن السادس عشر لانه خلال احد جولاته حضرته فكرة عجيبة وغريبة وهي حشو دجاجة بالثلج ومحاولة معرفة ما اذا كانت تلك الطريقة ستحافظ على جودة لحمها, ولهذا السبب اصيب بيكون بالتهاب رؤي قضى على حياته لانه اضافة الى حشوه دجاجة بالثلج عمل شيئا اغرب, فبعد ان اصيب بنزلة البرد تلك قام بيكون بأكل نفس الدجاجة معتقدا انّ ذلك سيشفيه !
وتذكر لنا المصادر التاريخية المختلفة الكثير من قصص عباقرة الفن والادب والعلوم من لاقوا حتفهم بشكل مختلف وغريب, ولا توجد لدينا مساحة كافية في مقال قصير كهذا للتحدث عن المتنبي وكيف مات, او المقفع وكيف لقي مصرعه, او ما ادى فعلا الى وفاة العظيم الجاحظ, ولماذا اضطر ابن الهيثم مثلا للتظاهر بالجنون حتى يسلم بجلده ويقضي بقية حياته منعزلا عن الناس حتى مماته, فتذكر المصادر التاريخية غير هؤلاء العباقرة بانهم لم يمارسو الحياة كما مارسها معاصروهم وعادة ما غادروا الحياة بشكل مفاجئ وغير متوقع وفي اوقات غير مناسبة سواء بالنسبة لهم او للآخرين!
واذا كان هناك حكم يمكن ان نستخلصها من حياة وموت العظماء والنوابغ والعباقرة فهي معرفة انّ الحياة مهما طالت او قصرت فنهايتها واحدة لا تتغير, ولذلك يجب على من يمتلك بعضا من الموهبة في مجال ما ان ينميها باسرع وقت ممكن ويعرضها للآخرين, بل انه على كل من يتمتع بالبصيرة والتبصر في اي من امور الدنيا ان يعمل جاهدا ليترك اثرا ما" خلال حياته "القصيرة" عسى ان يتذكره من يأتون بعده حينما تدور عجلة الزمن, ويبدأ من تجاهلوا المفكرين والعلماء والعباقرة يكتشفون انهم كانوا فعلا محظوظين بتواجد هؤلاء المميزين بينهم بعضا من الوقت, وبأن عليهم بذل مزيد من الجهد للاستفادة مما قالوا او ان يتذكروا على الاقل بعضا مما انتجته عقولهم "النضرة" دائما!
 

برقان73

عضو بلاتيني
مدرب »الإتيكيت«: مهنة نادرة!


توصل باحثون بريطانيون خلال استطلاع طريف أجراه البرنامج التلفزيوني الشهير "الليلة مع تريفور ماكدونالد" الى أن الفظاظة وقلة الأدب والوقاحة ارتفعت مستوياتها في المجتمع البريطاني حيث أشار اكثر من تسعين في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن من يلام لتدني مستوى اللباقة الاجتماعية والاحترام هم »الوالدان«, حيث لم يعد كثير منهم على ما يبدو يمنحون اهتماماً كبيراً في تنشئة أطفالهم على السلوكيات الاجتماعية الايجابية والمقبولة, وقد لام المشاركون ايضاً التأثير السيئ للمشاهير (ممثلين, مغنيان...الخ) بسبب سوء سلوكيات بعضهم وتأثير ذلك على صغار السن الذين يحاولون تقليدهم. ولكن ما يثير حول هذا الاستطلاع هو تعليق مرافق وهو لأحد خبراء "آداب السلوك" أو ما يطلق عليه "الاتيكيت" حين ذكرت بأن الوقاحة والفظاظة تشير الى وجود خلل اجتماعي حقيقي (رويترز 28-4-2008).
السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: لماذا تعتبر مهنة التدريب على آداب السلوك أو تدريب الاتيكيت "مهنة نادرة" عربياً? وهل إذا وجدت مثل هذه المهن سيتاح لها النجاح في البيئة العربية التقليدية والتي يبدو أنها تعودت على عدم الاهتمام كثيراً في التركيز على قضايا أخلاقية مهمة مثل الفظاظة أو قلة الأدب?
ومهنة التدريب على الاتيكيت تعني بتعليم الأخلاق الحميدة والسلوكيات والتصرفات المقبولة والمتوقعة رسمياً واجتماعياً. أي ان الاتيكيت هو التدريب على طرق التعامل الحضارية والمؤدبة مع الآخرين. وتندر هذه المهنة في المجتمع العربي التقليدي لأسباب عدة لعل أهمها ما يبدو عدم أهمية التعامل الحضاري مع الآخرين بالنسبة للكثير. زيادة على ذلك لا يزال يتواجد في المجتمع العربي التقليدي أشخاص يعتقدون انهم وصلوا درجة "الكمال الأخلاقي" والعياذ بالله حتى أنهم بدأوا يؤمنون أنهم لا يحتاجون الى مساعدة الآخرين, مع أن المراقب المحايد لتصرفاتهم وسلوكياتهم يكتشف أنها بعيدة جداً عن الاساليب الحضارية في التعامل وعن الأخلاق الحميدة كبعد الشمس عن كوكبنا الصغير!
ولربما ستنجح مهنة التدريب على الأتيكيت مع تقادم التطورات الاجتماعية في البيئة العربية التقليدية, ولربما سيروج مدربي الاتيكيت في المجتمع العربي التقليدي عندما يبدأ يكتشف البعض أنهم لا يتمتعون بأدنى درجات الاتيكيت وانهم يحتاجون فعلاً الى "تدخل سريع" من قبل مدربو الاتيكيت حتى يبدأوا يعيشون حياة بناءة وسلمية وحضارية!
 

برقان73

عضو بلاتيني
عائلتي الكويتية



ناقشنا في مقالات سابقة موضوعا نعتبره مهما جدا بالنسبة لحاضر ومستقبل الكويت وهو »الوحدة الوطنية« والتي نعتقد انها تتركز حول ايمان الفرد العادي بان هناك »التزامات اخلاقية« محددة يجب ان يؤديها كل من يؤمن بشرعية وضرورة الوحدة الوطنية, وهذه الالتزامات لا تخرج بالنسبة لنا شخصيا عن مبدأين اخلاقيين واضحين: واجب الفرد تجاه مجتمعه واعضائه الاخرين وسعيه كذلك نحو المحافظة على التماسك الاجتماعي والثقافي عن طريق قبوله للهوية الوطنية المشتركة.
فلا يمكن مثلا تخيل تحقق وحدة وطنية معينة من دون تفهُّم وتقبُّل الفرد العادي ان لديه التزامات وواجبات اخلاقية يجب ان يؤديها تجاه نفسه ومجتمعه, ولا يمكن تحقيق ذلك دون ايمانه ان المجتمع الكويتي يحوي توجهات فكرية وثقافية تنتمي لجسد واحد يطلق عليه الهوية الكويتية.
فالوحدة الوطنية الكويتية عبر تاريخها الطويل تجلت في معرفة المواطن العادي بانه, وان كان يعيش مستقلا كفرد او كعضو في اسرة او كرب لتلك الاسرة, فهو لا يزال ملتزما اخلاقيا في المحافظة على التماسك الاجتماعي في مجتمعه والذي يُفعله ويقويه التزام ذلك المواطن العادي بأداء عمله باتقان, وممارسته »مواطنة بناءة« تُشيد ولا تهدم, وتلتزم ولا تهمل, وتعزز ولا تضعف...وهكذا, وقيام المواطن العادي كذلك بواجبه الاجتماعي سواء حين يؤدي عمله او خلال تفاعله مع اعضاء المجتمع الاخرين فهو يسعى دائما نحو "ربط" الماضي بالحاضر ليستشرف به المستقبل, اي انه يعرف تماما ان عجلة التقدم الاجتماعي والحضاري لا يمكن ان تسير بجهود فردية بل جماعية مترابطة ومتناسقة لتحقيق اهداف مشتركة.
ففي علاقته مع اعضاء المجتمع الاخرين يعرف المواطن العادي الذي يسعى للمحافظة على الوحدة الوطنية في مجتمعه ووطنه انه يوجد تجليات متنوعة عندما يأتي الامر للهوية الوطنية المشتركة, فهي متنوعة الاطياف الفردية والاجتماعية والثقافية بل انها مثل "المنشور" وهو ذلك القالب الزجاجي الذي يحتوي مثلثات متساوية الاضلاع ويستخدمه البعض لعكس الضوء الى سلسلة من الالوان المختلفة, والتي في اساسها تصدر من ضوء ابيض واحد!
فاذا كانت الوحدة الوطنية التزاما اخلاقيا فرديا وجماعيا ومجتمعيا شاملا, واذا كانت كذلك تشير الى هوية تاريخية مشتركة فهذا يعني, على الاقل بالنسبة لنا شخصيا: الاحترام والتقدير والاعتزاز بكل مواطن كويتي من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب ومن الغرب الى الشرق, فهم, بشكل او بآخر, جزء لا يتجزأ من »عائلتي الكويتية«, فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
»تمارين الذاكرة« تزيد من حدة الذكاء !


كشفت دراسة علمية جديدة قامت بها مجموعة من العلماء من جامعة ميتشيغان- آن اربور (الولايات المتحدة الاميركية) ان "زيادة عدد تمارين الذاكرة من الممكن ان تزيد من "حدة الذكاء" والتي تشير بالطبع الى طرق التفكير والمهارات والقدرات المختلفة التي تساعد الفرد على حل المشاكل الصعبة التي تواجهه. ففي السابق, كان العلماء يعتقدون ان تأثير تمارين الذاكرة يتفاوت من شخص لاخر وانها ربما لا تطور, على المدى البعيد, من آليات التفكير العقلية, ولكن الدراسة الجديدة تشير الى ان زيادة معدل حدة الذكاء مثلا ربما يعتمد اكثر على زيادة عدد مرات تمارين الذاكرة وتفاوت درجات صعوبة المهمات التي يطلب من الشخص اداؤها, وستنشر النتائج الكاملة لهذه الدراسة المثيرة في العدد القادم من مجلة (تقارير الاكاديمية الوطنية للعلوم)- (اخبار العلوم- 28/4/2008).
ولقد ذكرنا هذا الاكتشاف العلمي الجديد حول عمل الدماغ الانساني بما يتم نقاشه بين الحين والاخر في صحافتنا المحلية عن مستوى التعليم وطرق تصميم المناهج الدراسية واسلوب "التلقين" والاقتراحات المختلفة لتطوير المسيرة التعليمية في الكويت. فلا نعرف مثلا لماذا لا نبدا نستفيد من ما يتم اكتشافه بشكل يومي في حقول التعليم والعلوم وخاصة تلك التي تدور حول "الاستيعاب" و تقوية "الذاكرة" وتطوير طرق التفكير لدى الافراد. فنقاشنا الصحافي المحلى حول التعليم في الكويت عادة ما يكون نقاشا ايديولوجيا محتدما دون ان تدعمه دلائل علمية ومؤكدة حول صلاحية هذه او تلك الطريقة في التعليم!
يذكر الروائي البريطاني الشهير "دانييل ديفو" مؤلف "مغامرات روبنسون كروزو" ان معلمه في شبابه كان ينصحه بان: "لا ترفع العصا بيدك بينما تخطب بالاخرين فهم لن ينصتوا لك ما دمت تهددهم"!
فما يحصل في بيئتنا المحلية وخصوصا عندما يدور نقاش او جدل وتجادل حول التعليم فهو عادة ما يكون جدالا حادا ومحتدما وحاد الطبع لا تنقصه سوى العصا! بل هدف كثير منه على ما يبدو ليس الاصلاح والتطوير بل اثبات فقط ان "الاخرين" على خطأ بينما "انا وحدي على حق"! ولعل وعسى ان تكون نتائج دراسة جامعة متشيغان حول تمرين الذاكرة حافزا لنا هنا في الكويت لتغيير بعض فرضياتنا الاساسية حول ما يجري حقا خلال العملية التعليمية التي يتلقاها ابناؤنا وبناتنا في مدارسهم.
 

برقان73

عضو بلاتيني
اعرف نَفْسَكَ وَدَعكَ مِنَ الآخَرين


ينصح بعض الخبراء في »تنمية الذات« كل من يرغب ان يصبح خطيباً مفوهاً أن يحاول قدر استطاعته التعرف على نفسه أولاً عن طريق »الاحساس« في كيف يتفاعل جسده البشري ساعة البدء في التحدث, فيشير بعضهم الى أن التحدث في محيط عام مثلاً عادة ما يستوجب تنظيم عملية التنفس ومحاولة معرفة كيف سيتحكم الجهاز العصبي بردود الفعل العضوية المختلفة, وهكذا, حتى يتم التوصل الى ذلك »التناغم« الايجابي والمطلوب تحقيقه من أجل أن يمارس الفرد »فن الخطابة« بشكل اكثر كفاءة من ذي قبل! فأحد اسرار نجاح الخطيب المفوه في جذبه للآخرين هو ثقته بنفسه لمعرفته الدقيقة بها وبقوتها وبضعفها ومعرفته كذلك بمشاعر وردود فعل مستمعيه تجاه ما ينطق به أو ما يتحدث عنه. ويا ليت كثيراً منا يصبحون خطباء مفوهين حتى نبدأ في التعرف على أنفسنا بشكل أفضل من ذي قبل, فالانسان العادي ولأسباب مختلفة, عادة ما يعرف الآخرين أكثر مما يعرف نفسه!
فخلال الحياة اليومية وخلال المواقف المختلفة التي يمر بها الفرد العادي وبسبب تكالب المصاعب والتحديات اليومية عليه وكذلك بسبب انشغاله في التركيز على ما يفعله الآخرون فلقد فقد الانسان العادي علاقته بنفسه ولم يعد يعرفها. بل انه في كثير من الاحيان ينشد بعضنا تدخل الآخرين لمساعدتهم في التغلب على ما نواجهه من تحديات فقط لأننا لا نعرف كيف نتعامل مع أنفسنا, وكأن أولئك الآخرين أصبحوا أكثر خبرة منا, بمن نحن?
فجوهر الانسان, أي ما يجعله مختلفاً عن من بجانبه, يبدو أنه لم يعد واضحاً لدى الكثير, فتراهم مثلاً يبحثون عن كل ما له معنى وكل ما له قيمة في التجارب الشخصية للآخرين لعلهم يقلدونهم وينجحون مثلاً نجح فلان من الناس أو هكذا يقول لسان حال من يراقبون الناس حتى يتشبعوا هماً وحسرة ولكن ما يغيب في هذا السيناريو الحياتي المتكرر هو ذلك الجوهر الانساني المفقود أو ذلك »الفردوس المفقود« والذي لا يزال راقداً في مكنون كل فرد منا, فسبب تكالبنا وسعينا الحثيث على سبر غور الآخرين فقدنا الصلة مع أنفسنا, ولن نستطيع إعادة اكتشافها حتى نتوقف برهة ونسترجع الخطوات ونبدأ من جديد من حيث بدأت »القصة الحقيقية«, فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
النقد السياسي البناء


حسناً فعلت الحكومة بتحذيرها بعض المرشحين من المساس بهيبة الدولة ومؤسساتها, فالمراقب لتصريحات بعض مرشحي مجلس الأمة يلاحظ بما لا يدع مجالاً للشك الاختفاء التدريجي للنقد الموضوعي وبعض الاحيان غلبة الخطاب التهييجي المظلل والتنافري وغير الدقيق, خصوصاً عندما يأتي الأمر لأداء الحكومة وأجهزتها المختلفة, فما يطغى حالياً في الساحة الانتخابية هو شيوع ذلك النوع من اللهجة الخطابية السلبية والتي لا تستند على دلائل واقعية ولا تلتزم بالمعايير المتعارف عليها في النقد السياسي المشروع.
فما نعرفه عن النقد السياسي المشروع هو كونه نقداً موضوعياً وعقلانياً يناقش الظواهر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المحلية المختلفة, ويحاول تفسير الأسباب الحقيقية لتفاقمها, ومن ثم يقترح حلولاً عملية تهدف نحو المحافظة على "المصلحة العامة" للأفراد وللمجتمع وللدولة. فعلى سبيل المثال, أحد الحلول الناجحة لقضية مهمة مثل أرتفاع الاسعار هو مناقشتها بشكل اقتصادي دقيق وتوضيح الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة عن طريق ربطها بما يحدث فعلاً في السوق العالمي من بدأ كساد عالمي وتأثيره المباشر على الاقتصاديات المحلية للدول المختلفة. فمن يريد إيجاد حلول لارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية الأساسية في الكويت, عليه أن يقترح حلولاً يمكن للحكومة تطبيقها مثل زيادة الدعم لمزيد من السلع التي يستخدمها المواطن الكويتي خلال حياته اليومية إضافة الى تشديد الرقابة الحكومية على الرفع المزيف للأسعار وهكذا, بدلاً من الاستمرار في بناء الافتراضات غير الدقيقة حول طريقة تعامل الاجهزة الحكومية من ظاهرة ارتفاع الأسعار.
إضافة الى ذلك فالنقد السياسي البناء يجب ألا يخرج عن الأطر المتعارف عليها محلياً سواء في المحافظة على "الوحدة الوطنية" أو صيانة كرامات الآخرين, فلم يكن قط النقد السياسي المتعارف عليه في مجتمعات ديمقراطية أخرى شخصانياً وانتقامياً, بل تبقى بعض أهداف النقد السياسي البناء توسيع مجال الحرية وفي نفس الوقت المحافظة على حريات الآخرين. فليس من المعقول مثلاً أن يكون النقد الشخصاني يهدف نحو توسيع مجال الحرية إذا كان يحد من حرية الآخرين بتعريضهم للنقد الجارح والذي سيؤدي بشكل او بآخر الى المس من كرامتهم الشخصية وتعريضهم بشكل غير مناسب للوم الآخرين!
وأخيراً, فالنقد السياسي البناء, عزيزي القارئ, يجب أن يخرج أولاً من قبل شخص مؤهل أخلاقياً وسياسياً واجتماعياً ويهدف كذلك نحو استخدام أساليب ايجابية تجاه الجهة التي يراد نقد أدائها, ويميزه عن غيره من النقد استناده على إظهار الاحترام للآخرين والمعرفة الدقيقة بالأوضاع الحقيقية في البلد وكذلك قدرة من يمارس ذلك النوع من النقد السياسي على إقناع مستمعيه, بأنه يسعى نحو التشييد والإصلاح وليس الهدم والتدمير والمساس بكرامة الآخرين, فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
عقول ميكروسكوبية



»العقل الضعيف والواهن كالمجهر يُضخم الأشياء التافهة ولكنه لا يستطيع التقاط ورؤية الأشياء العظيمة« (لورد شيستيرفيلد).
يوجد في أي مجتمع إنساني نفر معين من الأشخاص يصرون دائماً على الاحتفاظ بعقول ميكروسكوبية ضيقة الأفق وعاجزة عن الابداع لا تستطيع رؤية ما هو خارج نطاق تفكيرها المحدود, فهي ترى فقط ما تحت أقدامها ولربما تلتقط النملة على بعد أميال, ولكنها لا تستطيع رؤية نسر فارداً جناحية الكبيرين بينما يحلق شامخاً في السماء, فالعقل الميكروسكوبي يعتقد أنه يمتلك القدرة على ملاحظة ما لا يلاحظه الآخرون بينما يعرف الجميع أن ما تراه هذه العقول الميكروسكوبية عادة ما يكون تافهاً وليس مهما أو ضرورياً في الحياة الحقيقة, بل لا يتعدى كونه صدأ على طرف سفينة عملاقة تمخر عباب المحيطات, أو بقعة بحجم رأس الأبرة على سطح لوح زجاجي بكبر حجم السماء الزرقاء والصافية.
لو كنا نحن كما لم نكن الآن, لقمنا بإصدار فرمان عولمي نحجر ونحجز عن طريقه كل من تدل مزاعمهم وتصرفاتهم أنهم يمتلكون عقلاً ميكروسكوبياً منغلقاً ولوضعناهم داخل صندوق زجاجي شفاف بالكاد يتسع لاجسادهم لكي يتسنى لهؤلاء الأشخاص إدراك أن ما هو خارج ذلك الصندوق الزجاجي هو العالم الحقيقي وهي الحياة الحقيقية, أما ما يدور في داخل الصندوق فلا يتعدى كونه ضيق الأفق ومكرراً ومتكرراً ورتيباً ومملاً.
العقول الميكروسكوبية, عزيزي القارئ, تعتقد أنها أكثر نباهة ولربما أكثر ذكاءً من الآخرين, وأنها نظراً لقدرتها العجيبة في رؤية الأشياء الصغيرة والدقيقة فهي حسب اعتقادها أكثر كفاءة من أولئك الذين يتداولون الافكار العظيمة والأهداف الشمولية. ولكن العقل الميكروسكوبي محدود القدرات بل انه لا يتم استخدامه سوى في حالات معينة ونادرة حين يتطلب الأمر بعض الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة لبعض الأمور وأما الانجاز والتشييد فعادة ما تحمله عواتق من ينجحون في الخروج من الصندوق المغلق ومن يمتلكون القدرة على ربط الأمور مع بعضها بعضا.
فالنجاح والتميز والبناء والتشييد لم يكن قط مسؤوليات حملتها عقول ميكروسكوبية ضيقة الأفق, بل من يقوم عادة بالتشييد والبناء والانجاز هم اولئك الأفراد مستقلو التفكير, الأحرار فعلاً لا قولاً, ومن لا تعيقهم التفاصيل التافهة عن تحقيق أمالهم وأحلامهم في الرقي والتطور, فهم ولا احد غيرهم, هم المفكرون والعباقرة فعلاً لا قولاً, وأما أصحابنا المساكين من يمتلكون عقولاً ميكروسكوبية فهم ليسوا بمفكرين ولا من يحزنون, بل مكررون مملون لأفكار الآخرين, فاخرجوا من صناديقكم الضيقة والمغلقة, رحمكم الله!
 

برقان73

عضو بلاتيني
الطاقة الشمسية في الكويت




نشرت جريدة »السياسة« يوم الجمعة 30/5/2008 خبرا مثيرا حول عزم ابو ظبي على استثمار "بليوني دولار في تقنية حديثة للطاقة الشمسية عن طريق بناء مصنعين لانتاج الالواح الكهروضوئية الرقيقة في المانيا وابو ظبي وذلك ضمن مساعيها لمنافسة الشركات الرائدة في هذه الصناعة مثل فرست سولار." . مبادرة مدينة ابو ظبي للاستثمار في الطاقة الشمسية مميزة من نواح متعددة لانها اضافة الى توفيرها سلعة عالمية مطلوبة هذ الايام تتمثل في الالواح الكهروضوئية والتي اصبحت عن حق البديل الناجح للنفط وغيره من مصادر الطاقة غير المتجددة, فالاستثمار في الطاقة الشمسية اضافة الى ذلك يرتبط وبشكل واضح بمصدر الثروة الطبيعي في دول الخليج (الذهب الاسود) والذي يبدو انه لم يعد من الان فصاعدا الخيار الستراتيجي الاوحد لاقتصادات الدول الخليجية. وفي هذا السياق, نقترح ان نبدا نحن هنا في الكويت في تنفيذ مشاريع طاقة بديلة مثل استعمال الواح كهروضوئية في مصانعنا بداية وربما لاحقا في المنازل الخاصة.
ويعرف جميعنا عزيزي القارئ ان التقدم يبدأ بفكرة, فلا نرى مانعا من انشاء مدينة او على الاقل حي نموذجي في الكويت يستخدم سكانه الطاقة الشمسية بشكل كامل لتوليد الكهرباء, وليكن هذا المشروع محدود التكاليف, فأحد اسرار استخدام هذه الطاقة البديلة يتركز في انها رخيصة التكاليف ومتجددة وصديقة للبيئة, فألواح الطاقة الشمسية يمكن ان تستخدم لتسخين المياه, والتبريد, والطبخ وتوليد الكهرباء, وفي كثير من الدول الغربية استعمالات مختلفة للطاقة الشمسية في القرى والمدن.كل هذه الابتكارات تهدف بالطبع نحو تقليل استخدام النفط ومشتقاته والتي اضافة الى تلويثها المروع للبيئة ونظامها الايكولوجي فهي كذلك تجعل الاقتصادات المحلية للدول الغربية رهينة لسوق النفط العالمي والمتقلب.
فلماذا لا نبدأ نحن هنا في الكويت بالخطوة الاولى في هذا المشروع الرائد عن طريق توريد توربينات والواح كهروضوئية واستخدامها كبديل لمحطات توليد الكهرباء في الكويت والتي تستند إلى الوقود البترولي? ولماذا لا تقدم وزارة الكهرباء في الكويت خدمة جديدة يتم فيها استبدال كيبل الكهرباء التقليدي بالواح كهروضوئية توضع فوق اسطح المنازل?! ولتكن عملية استبدال كيبل الكهرباء مقابل الواح كهروضوئية نظير رسوم رمزية, لانه بشكل او بآخر لن تكلف عملية الاستبدال قيمة كبيرة قياسا إلى ما سيقدمه استخدام الطاقة الشمسية من بدائل ناجحة. فبدلا من الاستمرار في توقع انقطاع الكهرباء نظرا لحرارة فصل الصيف في الكويت, وبدلا من الانغماس مرة اخرى في حملات ترشيد تستهلك الملايين من الدنانير, فلماذا لا يتم استخدام كل ما يصرف في هذا الشأن في استخدام طاقة بديلة وناجحة عالميا? فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
المعدن الحقيقي للانسان اهم من »السلوكيات المفبركة والمؤقتة« !



ثمة فرق كبير بين "الشخصية الحقيقية" للإنسان وما يختار البعض ابرازه من صفات اخلاقية وسلوكية مركبة ومزعومة تستخدم لاغراض معينة, اذ ان الاولى اي »النسخة الاصلية« لجوهر الانسان الحقيقي عادة ما يصعب تطويرها بين ليلة وضحاها, واما الاخرى تلك الموقتة والتي يرتديها البعض كالقناع الذي يوضع وينزع وقت الحاجة ليست سوى بهرجات استهلاكية »تتبخر« ساعة الانتهاء من استعمالها, ما هو اكثر قيمة وما هو اكثر اهمية ان يركز عليه الفرد هو تطوير تلك »الشخصية الحقيقية« او معدنه الحقيقي لانها بشكل او باخر هي ما تشع وتبرز للاخرين عندما تبين الحقيقة وينجلي الضباب!
فيذكر كثير من الفلاسفة والحكماء انه من الصعب سبر غور الشخصية الحقيقية للانسان, اترك عنك تنميتها وتطويرها, مالم تتوفر ظروف ومواقف انسانية معينة تستدعي رجوع الفرد لما يملكه من مبادئ اخلاقية ثابتة لا تتغير بسهولة, فالشخص السيئ مثلا ليس من السهل سبر غوره او معرفة مكنوناته الحقيقية ما لم »يقع عليه الاخرون فجأة« وفي اوقات حرجة بالنسبة له وخلال مواقف محددة يكشف من خلالها عن معدنه الحقيقي اي شخصيته الانسانية الصرفة, بلا رتوش. وهذا الامر الاخير ينطبق تماما ولكن بشكل مختلف على الشخص الصالح او الطيب اي ذلك الذي يمتلك معدنا انسانيا نقيا ربما يكون ظاهره التحفظ الشديد تجاه الاخرين ولكن داخلة العدل والعطف والاستقامة الاخلاقية. فالشخص السوي اخلاقيا وانسانيا عادة ما يمارس شخصيته الحقيقية, اذا شئتم, عندما يتخاوي ويمحل المفبركون وعندما لا يبقى لهم اي اقنعه يستمرون يمارسون بها خداعهم السلوكي على الاخرين!
وتطوير الشخصية الحقيقية للانسان عادة ما يتحقق عن طريق التأمل العقلي المستمر, والتفكُّر المتواصل في كيف يرغب الانسان في ممارسة حياته وما يرغب ان يتذكره الاخرون عنه عندما يرحل عن هذه الدنيا الفانية. وعادة ما يقود التأمل والتفكر في المبادئ المُؤَسِّسة للشخصية الانسانية الحقيقية ايضا الى اكتشاف انه من الصعب في كثير من الاحيان الثقة بالاخرين ما لم يعرفهم الانسان عن قرب وما لم يكونوا صادقين مع انفسهم اولا قبل ان يصبحوا صادقين مع الاخرين!
 

برقان73

عضو بلاتيني
الفرق بين السياسة والتسييس



استخدمت المجتمعات الإنسانية خاصة تلك التي تبنت النهج الديمقراطي "السياسة" لمناقشة القضايا الوطنية سواء كانت سياسية أم اجتماعية أم اقتصادية ومن ثم توصلت تلك المجتمعات الديمقراطية الى ايجاد حلول للمشكلات العالقة. وهكذا هو نهج المجتمعات التي تأمل التقدم والتطور عندما تتبنى الطرح السياسي الديمقراطي لتحقيق امالها وتطلعاتها الوطنية, اما عندنا هنا في الكويت فيبدو ان"تسييس" قضايانا المحلية اصبح الهدف الاول والاخير لبعض ممارسي السياسة في بيئتنا المحلية. وهذا الاستمرار في تسييس الاخضر واليابس والإنسان والارض والهواء والماء وكل ما يوجد في الكويت, ليس اسلوبا ناجعا للتوصل الى تنفيذ مشاريع التنمية, ولن يساعد كثيرا في تحقيق الاحلام والامال في الرقي والتطور بل عادة ما تؤدي السياسة المسيسة اذا شئتم الى التأجيل والجدل والجدال والنقاش المستمر بلا توقف وبلا وصول الى حلول حقيقية للبدء في الخطوة التالية.
فتسييس قضايانا المحلية, وان كان ضروريا خلال العلاقة بين مجلس الامة والحكومة, فيجب ان يكون لهذه العملية الديمقراطية حد معين وموعد معين لتنتهي, فالسياسة ما هي سوى "وسيلة" بين كثير من الوسائل التي عادة ما تستخدمها المجتمعات الانسانية الديمقراطية لانجاز ما تريد انجازه والعكس صحيح كذلك حيث ان الاستمرار في تسييس مختلف قضايانا المحلية من اصغرها واقلها اهمية الى اكبرها واكثرها اهمية والاستمرار في هذه الطريقة دون وجود ميعاد فاصل للبت فيما يجب عمله لحل المشكلات, لن يؤدي سوى الى تعقيد الامور البسيطة وتضخيم المشكلات الهينة بل وسيؤدي شئنا ام ابينا الى تشتيت الافكار وفقدان اي قدرة في الوصول الى حلول ناجحة وعملية.
تسييسنا لمختلف ما يجري في حياتنا اليومية واعطاء قضايانا المحلية حجما اضخم من ما تحمله فعلا من تحديات حقيقية ليس أسلوبا ديمقراطيا للتوصل الى اتفاق حول ما يجب عمله بل هو حسب ما نعتقد ممارسة لهواية السياسة او التسييس العبثي بعض الاحيان بينما يتم اغفال اهمية التوصل الى "شيء ما" ساعة ما ينتهي نقاش هذه او تلك القضية. السياسة ليس سوى اداة بين مئات اذا لم يكن الالاف من الادوات الديمقراطية, ويجب ان يتوقف البعض عن استخدامها ساعة ما يتم التوصل الى نوع ما من الحل للمشكلة العالقة, واما اذا استمرت السياسة تُستغل فقط لاستخدامها لفرد العضلات ولابراز المهارات اللغوية والبلاغية والشخصية من دون الاهتمام بما يجب ان تثمره اخر الامر, فهذه ليست بسياسة عملية ولا من يحزنون بل هي شيء اخر يمارسه البعض لايصال رسالة للاخرين بان من يمارس هذا النوع من التسييس "لا يمتلك القدرة على ايجاد الحلول" بل ما يسعى له هو اطالة فترة التسييس وتكييش ذلك بالشهرة النخابية والشعبية, فقط لا غير فالانغماس في السياسة من دون تحديد فترة زمنية للانتهاء من ذلك ليس سوى بهرجة اعلامية طويلة الامد سيمل الاخرون من مشاهدتها, وسيتوقفون عن الاصغاء لها لانها بشكل او بآخر اصبحت تفتقد معناها وقيمتها الحقيقية, فلعل وعسى.
 

برقان73

عضو بلاتيني
التفاؤل يسبّب التخمة



"تعلّم من الأمس, وعش اليوم, و تطلّع للغد" (إينيشتاين).

يصعب بعض الأحيان, وخصوصا لدى اولئك الذين تشبعوا التأمل بالأمل حتى الثمالة, أن يصدقوا بوجود حالات إنسانية أو بيئات إنسانية ميؤوس منها, فلا ينفع معها الأمل ولا هم يحزنون, ولكن لا يدرك من يتحدث عادة عن "التفاؤل" والتمسك بالآمال والتطلعات المستقبلية أنّه لا بد من وجود حد لما يحصل ولا بد من وجود نقطة بداية ونهاية لملحمة التفاؤل التي يجب أن تنتهي عندما يتضّح تكراراً ومراراً أنّ التفاؤل في غير محله ما هو سوى صم للأذان عن سماع غث الحديث وإغماض للعيون عن رؤية "الحقيقة," وهذه الأخيرة أصبحت كوجبة دسمة مليئة بل مشبعة بالدهون وقاتلة.
فالانسان كما يشبع من الأكل حتى يصاب بالتخمة, فهو أيضاً يشبع من التفاؤل لأنّ هذا الأخير ورغماً عن كونه فكرة مجردة ولكنه أيضاً مليئ بالكليسترول ومختلف المواد الدهنية والدسمة. أي أنّ "التفاؤل" ليس كغيره من الأفكار المجردة, فهو يسبب التخمة ويؤدي بعض الأحيان الى استفحال حالات مرضية فكرية بل وربما جسدية أعراضها متلازمة تبدأ بتورد الوجنات ومن ثم امتلاء العيون بدموع الفرح, ومن بعد ذلك تبدأ الصدمة المصاحبة للتفاؤل في غير محله حيث يبدأ الوجه المتفاؤل, إذا شئتم, يشحب, ويجف العرق, ويأتي ذلك الاحساس المصاحب عادة للصدمات التي يدركها الشخص تدريجياً, فيبدأ ذلك الأحساس الغريب بالتيبّس العضلي من ناحية الرقبة ومن ثم تنقبض الأضلاع ويضيق التنفس ويبدأ ذلك التغيير النفسي المفاجئ يصاحبه تحويل الدم من جزء معين من الجسد الى آخر بتواتر يسرّع من نبضات القلب...ومن ثم تحل الكارثة!
فتخمة التفاؤل هي تماماً مثل تخمة الأكل الزائد عن الحد والأشباع المكثّف للرغبات حتى الوصول لمرحلة اللاعودة.
وكم مُلئت أفواه وقلوب بريئة بالأمل والتطلع لمستقبل مزدهر, وكم فاضت بعض العقول المستنيرة بذلك النوع من الغشاوة التي عادة ما تغلّف الدماغ البشري بكل ما هو وردي وزهري وسعيد, وكم أيضاً ورغماً عن ذلك, بدأت تلك القلوب والعقول البريئة تدرك تدريجياً أنّ ما كانت تحلم به ربما لا يتحقق الآن أو غداّ أو بعد غد ما دامت الأمور كما كانت عليه سابقاً, وأنها لن تكون أفضل مما كانت عليه, كان ما كان, أو كان ما لم يكن.
 

برقان73

عضو بلاتيني
مُفْتَرق طُرُق



نتمنى, والتمني عند البعض ربما يشير بعض الاحيان لقلة الحيلة, ان يدرك اعضاء مجلس الامة المحترمون, وحكومتنا الكريمة, اننا على مفترق طرق, اي انّ امامنا فرصتين لا ثالث لهما: فامّا ان نختار المسير قدما ونتطور ونبدأ ننفّذ اهداف الحاضر وتطلعات المستقبل او نعيد الكرّة مرّة اخرى ونستمر نحرث في الماء ونستمر نناشد النجوم, نتقدم خطوة للامام ونتراجع خطوتين للخلف! ففي هذا الوقت وفي هذه اللحظة وفي هذا الفصل الصيفي القائظ وشديد الحر تتقاطع امانينا واحلامنا الوطنية في التطور مع رغبات شخصانية اخرى تنوي المراوحة وربما التوقف عند نقطة البداية خوفا من دخول بوابة المستقبل.
خياراتنا الوطنية لم ولن يمكن ان تحددها نزوات او اهواء فردية او مزاجية شخصانية لان تلك الخيارات الوطنية صنعتها ارادة شعب قارب تعداده المليون نسمة ومصير وطن قارب عمره الاربعة قرون او اكثر. وهذه الخيارات الوطنية الشاملة والعامة, اذا شئتم, لا تخرج عن اهداف وتطلعات اي مجتمع انساني طبيعي يتمنى التقدم التطور والسير للامام, فهي خيارات تنمية وتشييد وبناء واستثمار للفرص الثمينة التي تتوفر الان ولكن لا يمكن ان تتكرر غدا او بعد غد.ولن نستطيع الوصول لاتفاق حول خياراتنا الوطنية ما لم تكن لدينا الجرأة على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل وان نصل لنقطة تلاقي وطنية تجتمع وتتحد عليها امانينا واهدافنا الخاصة والعامة. وهذا لن يحدث بالطبع ما لم يبدأ الفرد يضحي من اجل الجميع ويبدأ الجميع يتفهمون المتطلبات الضرورية للفرد. وسواء عرجنا ناحية اليمين او اليسار فلا بد لنا من الخروج من عنق الزجاجة ولا بد لنا من ان نعبر مفترق الطرق. فلا يمكن مثلا تصور وقوف المسيرة ومراوحتها لانّ البديل الاخر في هذا السيناريو هو خيبة الامل.
الكويت تنتظر ماذا سنفعل, فاذا نحن نجحنا في تجاوز كل ما ليس له قيمة في صناعة الحاضر واستثمار المستقبل واخترنا بدلا عنه العمل والجهد والتشييد والبناء فلقد افرحنا واسعدنا الكويت, وامّا اذا اختار البعض منا ان يعيد الكرّة مرة اخرى ويطلب عودة الفرقة السيمفونية نفسها على خشبة مسرح السياسة نفسه لتستخدم نفس الالات الموسيقية المهترئة, ولتعزف نفس اللحن النشاز, فلن يسعد احد سواء كانوا البشر او الحجر او الطير او النبات وحتى الشجر, فياله من مفترق طرق, ويالها من فرص ثمينة لا تعوّض, فلعل وعسى
 

برقان73

عضو بلاتيني
الخَوفُ من "الحُريِّة", و"الأنا "المُنَتفِخَة"


يخاف البعض من "الحرية" ليس كونها مرعبة أو مخيفة فهي, ليست سوى فكرة مجردة يمكن أن يفسّرها الفرد حسب ما يشاء, ولكن خوف البعض من الحرية أو خوفهم من السماح للآخرين بالتمتع بها يشير الى خوف آخر غامض وداخلي وشخصاني أناني عند البعض حيث تعني الحرية بالنسبة لهؤلاء: إفلات وخلاص الفرد العادي وانعتاق رقبته ومصيره من جبروت وسيطرة الآخرين!
فمن يكره الحرية ويحاربها أو من يتضايق ساعة ما يتحدث الآخرون عن معانيها المختلفة وعن طبيعتها أو مضامينها الأخلاقية والاجتماعية والحضارية لا يخاف فقط من فكرة بسيطة تتداولها العقول وتتمناها القلوب وتتواجد غالب الوقت على طرف الألسن حيث انّ الحرية في هذه الحالات الفكرية والفلسفية ليست مخيفة ولا تؤذي أحداً وليس لها شوك, ولكن خوف هؤلاء القلة من الحرية يتركز في عملية "تحوّلها" من فكرة مجردة ونغم إنساني مميز الى أمر حقيقي وحدث فعلي يتمثل في تحطيم الفرد العادي لكل أنواع الأغلال المصطنعة والتي تعب وجهد الفوبائيون في تقييد الآخرين بها! فالحرية في عيون البعض لا تتحول سوى الى مسخ يرعبهم ويرهبهم, مع أنّ العقلاء والرزينين يعرفون تماماً أنّ الحرية جميلة وسلمية ورقيقة وعطرة الأنسام لا تؤذي بل تفيد وتنفع وتشجع على نشر الأمن والأمان الحقيقيين في المجتمع الإنساني.
محاربة الحرية مشروع استبداد في طريقه للتنفيذ لأنّه بشكل أو بآخر من يتجرأ على النظر بما في ايدي الآخرين, أو من يحاول قدر جهده هضم حريات الاخرين ولأي سبب مهما كان هو بصراحة متناهية لا يرغب في أن ينعم الآخرون بالحرية والاستقلالية الفردية بل يريدهم, كما البعض القليل, مقيدون بسلاسل من ذهب أو فضة تعلوهم وتلازمهم كل أنواع المخاوف,يعيشون ولا يعيشون, ويملأ حياتهم اليومية التردد وكل أنواع الضعف الشخصي والتي بذرها الآخرون وحصدها غيرهم!
"الحرية" عزيزي القارئ لا تخيف ولا ترعب ولا تسبب الغصة أو اي نوع من الإحراجات سواء للأفراد أو للمجتمع, ولكنها, على العكس من ذلك تماماً, تشجع الفرد على تمكين نفسه من عيش حياته الحقيقية وتشجعه زيادة على ذلك أن يدرك ويستفيد من أمكاناته وقدراته الحقيقية, أي أنها, أي الحرية, عزيزي القارئ هي الضد المكافئ والفعاّل للأنا المتضخمة والمغرورة والمنتفخة عند البعض, خاصة أولئك الذين يعرفون تماماً ما نتحدث عنه هنا, ويعرفون كذلك أنّه ساعة ما يتمتع الآخرون بالحرية الحقيقية من طغيان الآخرين عليهم فستفش "الأنا" المتضخمة وتعود لحالتها الطبيعية والسلمية !
 

برقان73

عضو بلاتيني
نجومهم ونجومنا: الفرق واضح ! "أنجلينا جولي وبراد بيت"

"تبرع النجمان السينمائيان الأميركيان أنجلينا جولي وبراد بيت بمليون دولار لتعليم أطفال من ضحايا الحرب في العراق" كما أعلنت منظمة "إدوكايشن بارتنرشيب فور تشيلدرن أف كونفليت" وسوف تذهب المليون دولار "لدعم تعليم ثمانية آلاف طفل, بين أميركيين وعراقيين وقعوا ضحايا النزاع" في الشرق الأوسط (السياسة 27-6-2008).
ليس مستغرباً قيام نجمين هوليوديين مثل جولي وبيت بالتبرع بأموالهما لمساعدة المحتاجين في بقاع مختلفة من العالم, فلقد تعودنا قراءة أخبار عن المساهمات المجزية لنجوم السينما الغربية بشكل عام في مثل هذه القضايا الانسانية, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما مساهمات نجوم الفن العربي السينمائي أو الغنائي أو حتى التلفزيوني في رفع المعاناة عن الفقراء والمحتاجين سواء في مناطق النزاع في العالم أو حتى في العالم العربي?
فالنشاطات الخيرية لجولي وبيت ومساهماتهما في مختلف الأعمال الإنسانية سبقها مساهمات نجوم سينما ومغنين غربيين كثيرين حيث تم عقد الكثير من الحفلات الغنائية الخيرية والجهود الفنية المختلفة لجمع الأموال إما لمساعدة الفقراء في العالم أو لزيادة الدعم المالي والعيني والمعنوي للجان الطبية والخيرية والإنسانية للأمم المتحدة .لقد نجح الكثير من فناني الغرب في ربط مساهماتهم الإبداعية في السينما والغناء والنشاطات الثقافية الأخرى بما يمكن أن يساهموا به لرفع المعاناة عن المحتاجين في أفريقيا و دول العالم الثالث.
وأما في العالم العربي, فلم نسمع لحد الآن بقيام أحد نجومنا أو مطربينا ومطرباتنا العرب أو أحد الممثلين العرب المشهورين بتقديم مساعدة إنسانية لمجتمعاتهم العربية التي ولدوا وتربوا وعاشوا فيها, إترك عنك سماعنا بمساهمة هؤلاء في تقديم مساعدات مالية لمنظمات الأمم المتحدة.
وإذا كان هناك تفسير منطقي يمكن أن يشرح إحجام أو قلة مساهمات الفنانين العرب في المجالات الإنسانية الخيرية فلربما يعود لعدم إدراك بعضهم ولحد الآن القيمة الثقافية والإنسانية لم يقوموا به, اي عدم تمكن بعض مطربينا وفنانينا...الخ ولحد الآن من ربط نشاطهم الإبداعي الفني بما يدور حولهم من أحداث محلية أو عالمية. وإضافة الى ذلك, ربما يعود إحجام فنانينا عن القيام بنفس ما قامت به إنجلينا جولي وبراد بيت لقلة الموارد المالية للفنانين العرب. وهذا الاستنتاج الأخير يدحره بالطبع البذخ العربي الحاتمي الذي نشهده يقدم سواء من قبل الجماهير العربية لحضور حفلات الغناء أو الأموال الطائلة التي يجنيها الممثلون العرب سواء في السينما أو التلفزيون أو من على خشبات المسرح أو في قاعات الأفراح...الخ!
الفن العربي السينمائي والغنائي بشكل عام بدأ بشكل محترف منذ بدايات القرن الماضي, وصرفت منذ ذلك الوقت الملايين من الدولارات على ما تم إنتاجه وتم دفع الملايين لجيوب الكثير من فنانينا العرب, ولكننا ولحد الآن لم نسمع أن تلك الأموال أو بعضاً منها ساهمت بشكل فعلي في رفع المعاناة عن رجل وإمرأة الشارع العربي أو ساهمت في بناء المدارس أو في استصلاح الأراضي...أو...في البلاد العربية, إترك عنك سماعنا بمساهمة أحد نجومنا في رفع المعاناة عن أطفال أفريقيا أو العراق, فهؤلاء ستعتني بهم القلوب الإنسانية الحقيقية مثل جولي وبيت!
 
أعلى