بين الخطف والقتل والاتهام بالعمالة.. سوريا تتحول إلى «أرض موت» للصحافيين

أحمد الحمد

عضو بلاتيني
بيروت: كارولين عاكوم

باتت سوريا «أرض الموت» بالنسبة إلى الصحافيين والناشطين من أي جهة أتوا.


الخروج كما الدخول إلى مناطق النزاع أصبح مغامرة قد تعرف بدايتها لكن تبقى نهايتها مجهولة. والأكيد كذلك أن عمل الصحافيين لم يعد يشكل أي حماية لهم، فاستهدافهم أصبح محتما، من القتل على أيدي القناصين واتهامهم بالعمل جواسيس، والتعرض للخطف على أيدي المسلحين.


وتأتي هذه العوامل لتضاف إلى القيود التي تفرضها السلطات السورية على منح تأشيرات الدخول للصحافيين، والترويج الإعلامي الذي يعتمده طرفا النزاع، ما يجعل من عمل الصحافيين مهمة شائكة وسط حقل من الألغام.


وهذا ما يشير إليه الناشط الحقوقي عبيدة فارس لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن حوادث التعرض للصحافيين زادت في الأشهر الستة الأخيرة، لا سيما إثر ظهور ما بات يعرف بـ«داعش»، أي «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، التي تقول إن استهدافها أو اعتقالها للصحافيين يعود، بحسب ما يقول عناصرها، إلى شكوك حولهم واتهامهم بأنهم عملاء وجواسيس.


ويشرح فارس أن دخول الصحافيين إلى المناطق السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة يجري بالتنسيق مع ناشطين وجهات لها علاقة بالكتائب المقاتلة على الأرض، لكن الحوادث التي يواجهها هؤلاء في الداخل تأتي نتيجة عدم تقيدهم بتعليمات الوسيط ومحاولتهم دائما فتح خطوط تواصل مع جهات أخرى، بهدف الحصول على المزيد من المعلومات، الأمر الذي يعرضهم للخطر في أحيان كثيرة، وهي الأسباب التي ترفع من حالات استهدافهم، موضحا: «في مناطق المعارضة تتعدد الجهات التي تسمح بدخول الصحافيين فيما جهة واحدة هي التي تستهدف، بينما في مناطق النظام، الجهة نفسها التي تسمح بدخولهم هي التي تستهدفهم».


وتقول سوازيغ دوليه من منظمة «مراسلون بلا حدود» إن «غالبية الصحافيين يؤكدون أن الذهاب إلى سوريا حاليا هو أمر شديد الخطورة، رغم أن كثيرين منهم يرغبون في الانتقال إليها، أو يرون في ذلك أمرا ضروريا».


وبحسب أرقام المنظمة التي تتخذ من باريس مقرا، فقد لقي 25 صحافيا أجنبيا و70 ناشطا إعلاميا سوريا، حتفهم منذ اندلاع النزاع منتصف مارس (آذار) 2011.


وتفيد المنظمة بأن 16 صحافيا أجنبيا على الأقل فقد أثرهم في سوريا، ما يجعل من الخطف المتزايد مصدر الخشية الأكبر بالنسبة للصحافيين الراغبين في تغطية النزاع، علما بأن هذا الرقم لا يشمل عددا من الصحافيين الذين خطفوا وفضلت عائلاتهم عدم كشف ذلك، ومن بين المخطوفين جيمس فولي، وهو صحافي أميركي مستقل.


مع العلم بأن أعمال الخطف لم تستثن كذلك العاملين في المنظمات الإنسانية والناشطين الإعلاميين المعارضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذين شكلوا هدفا على السواء للسلطات الرسمية و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» المرتبطة بتنظيم القاعدة.


وسعيا إلى تفادي القيود التي يفرضها النظام على تأشيرات الدخول والعمل على الأرض، يعمد الكثير من الصحافيين إلى الدخول بطرق غير شرعية إلى المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، وذلك عبر حدود الدول المجاورة، وهي تركيا ولبنان والأردن والعراق.


وفي حين لقي بعض الصحافيين حتفهم أثناء التغطية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، فإن العدد الأكبر منهم قضى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وهي ظاهرة إلى ازدياد، بحسب شريف منصور من «لجنة حماية الصحافيين» التي تتخذ من نيويورك مقرا لها.


ويوضح: «في البداية كان الصحافيون يتعرضون للخطف على يد النظام. في مراحل لاحقة، بتنا نرى المعارضة المسلحة تتورط في الأمر نفسه».


ويشير إلى أن أسباب الخطف «ليست سياسية فقط، بل مالية كذلك. ثمة أيضا مجموعات (مقاتلة) تستهدف الصحافيين لأنها تعتبرهم جواسيس».


وفي الأشهر الأخيرة، نشرت مواقع إلكترونية جهادية العديد من الرسائل التي تحذر الصحافيين وتتهمهم بالسعي إلى نقل معلومات «إلى أسيادهم» حول أنواع الأسلحة التي يستخدمونها.


ويقول صحافي مستقل قام بتغطية النزاع في سوريا منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011 إنه «من أجل دخول المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، يجب التنقل تحت حماية مجموعات مقاتلة تربطها علاقة جيدة بالمقاتلين الإسلاميين المتطرفين».


ويضيف هذا الصحافي الذي فضل عدم كشف اسمه: «في غياب ذلك، يتعرض الصحافي للخطف من قبل أي مجموعة ناشطة في إدلب (شمال غرب) أو الرقة أو حلب (شمال)».


وفي أثناء زيارة حديثة له إلى سوريا، تنقل هذا الصحافي مع زملائه برفقة ثمانية مسلحين من إحدى الكتائب المقاتلة. وفي مقابل 300 دولار أميركي يوميا تمكن هؤلاء من المرور على حواجز «الدولة الإسلامية»، وأفادوا من حماية المقاتلين المعارضين في مرتين تعرضوا خلالهما للتهديد من «داعش».


ودفعت هذه التهديدات المتزايدة على حياة الصحافيين بالعديد من وسائل الإعلام العالمية إلى الامتناع عن إرسال صحافيين إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.


وباتت منظمات دولية منها «روري بيك تراست» التي تدعم الصحافيين المستقلين في العالم، تنصح الصحافيين بعدم السفر إلى سوريا.


وفي بيان بعنوان: «العمل الصحافي المستقل في سوريا: هل يجدر بكم الذهاب؟»، أكدت «روري بيك تراست» أن «وضع الصحافيين في سوريا غير مسبوق وهو في طور التدهور».


ويضيف البيان: «يتعلق الأمر بوضع لا سابق له، حيث لا يمكن لأي تحضير مسبق أن يقلص من احتمال التعرض للخطف».


ويرى منصور أن تراجع عدد الصحافيين الذين يغطون النزاع السوري «هو هدية ومكافأة للذين ينتهكون حقوق الإنسان».






http://aawsat.com/details.asp?section=4&article=747000&issueno=12742#.Ul_4D0pIrxU

التعليق:


لقد لعب الصحفيون ولا يزالوا دوراً كبير في كشف مأساة الشعب السوري وفضح الممارسات اللانسانية وجرائم الحرب بحق الابرياء العزل.


حفظ الله الشعب السوري من كل شر ومكروه. رحم الله شهداء الثورة السورية وغفر لهم واسكنهم فسيح جناته ومن على الجرحى بالشفاء العاجل.

الخزي والعار لمن تلطخت ايديهم بدماء الشعب السوري.


 
أعلى