يامنافينا

homoud

عضو فعال
إذا كنت تعاني وحدتك .. فحذار أن تتسكع في لندن .. كل هذا الزحام لن يجدي معك

لا شيء هناك ..سواها مفرغة منها..
تزحف على ألم الشوارع ..وينغرس جسدها في الزحام ..بينما تنزلق عيناها على ملامح العابرين بحثا عن ذات لفرط ما التصقت بها لم تعد تراها..
تمر بها آلاف الوجوه ..وتحدق بها آلاف النوافذ المغلقة المعادية ..وخلف كل نافذة عشرات الناس والحكايا ..لكنها مرمية خارجها .. مقذوفة عن مدارات أهلها..
ما بين حنين وذاكرة تجتاحها رغبات البكاء..
ثمة هدنة لبكائها مع هطول لندن .. خرقته تلك السحب الكاذبة البياض..
هي لا يزعجها أن تشرع ادمعها وسط هذا الضجيج .. حيث أن هناك حرية تمنحها ذلك ..
الحرية التي تمنحها هذه المدينة متطرفة .. فهي تتجاوز هدفها في الاعتراف بكيانك .. لتصل إلى اللامبالاة بك..
لكن البكاء ليس ما تتوق إليه الآن تحديدا .. فثمة حزن يصبح البكاء معه مبتذلا..
بقلب متعدد الانكسارات وراس مثقل بالذاكرة تعود إلى بيتها ..
وبلهفة متقطعة الأنفاس .. ترتمي امام جهازها..
لاشيء يبدد عتمتها سوى بزوغ فجر اسمه في ماسنجرها.. لكن سريعا ما تغتالها عبارة ..(( لا توجد جهات اتصال متصلة ))
يعتصرها الملل فتكتب في نافذة اسمها..
(( يامنافينا .. نما فينا وطن ))
يطول الوقت بخيبتها ولا يأتي ..
ترى لماذا يأتي غيابه محاذيا لحزنها؟؟
أم أنها سطوة الحزن تمنعه من الحضور !!
هي أمر أه لا تعرف الانتظار مع ذلك تجد ذاتها تتقنه معه..
من هو حتى تغير عاداتها لاجله؟؟
أم هل تراها تحبه؟؟
لا لا .. هي تعلم يقينا أن لا تحبه.. ربما هي فقط تحب وقتها معه.. حوارها معه..أذن الأمر لا يخرج عن كونه نرجسية مطلقة..
ينتشلها من غمرة تساؤلاتها .. تلك النغمة الأثيرة لديها.. وبلهفة تشرع نافذته بينما عيناها ترقبان بدء كتابة رسالته..

: None
لماذا (( يامنافينا .. نما فينا وطن))؟؟ الستِ أنت من اختار دخول هذا المنفى؟؟

يامنافينا .. نما فينا وطن :
تعبت

: None
أذن كان من الأجدر بكِ أن تحتفظي بحلمك حبيسا في مخيلتك

أي ألم تحمله سخرية عبارته!!
هاهي متأخرة عن الحلم بواقع تكتشف براءة الأحلام ..
حينما تدخل حلما إلى واقع كن مستعدا لابتزازه القائم على حساب مشاعرك وأحزانك..
لطالما سكنها حلم الرحيل .. ولطالما تمنت تحقيقه.. وهاهو بعد أن اصبح واقعا معاشا .. تتمنى لو يعود بها الزمن لتتركه..
يقطع عليها أفكارها ليسألها:

: None
لماذا ترتدين الصمت؟؟

يامنافينا .. نما فينا وطن :
لأتحاشى به قسوة حديثك

: None
لم اكن اقصد تلك القسوة.. لكن الحقيقة دوما ما تعبر عن نفسها بهذا الشكل
ثم يتابع بعد شيء من الصمت..

: None
الحقيقة كائن يقتات على الحزن.. استثمري حزنك يا سارة بأكبر قدر من الحقائق.. لا تدعيه يمر هكذا

يامنافينا .. نما فينا وطن :
كنت أظن دائما أن الحزن حالة عابرة.. لكن ها أنا اكتشف رسوخه..

: None
دعيني أخبرك شيئا .. الحزن لمجرد الحزن سذاجة..حينما تمنحك الحياة جو من الفرح .. ومزاج احتفالي .. ارحلي عن أحزانك دون أن تتركي لها ورقة اعتذار..نحن نقتل عواطفنا حين نسير بها على وتيرة واحدة.. تعلمي دوما أن تبقي على حافة الحزن .. حتى لا تسقطي في التعاسة..

يامنافينا .. نما فينا وطن :
وهل تعتقد أننا من يخلق أحزاننا .. أم أن هي التي تتطفل علينا في عقر دار الفرح..

: None
ما أريدك أن تعيه .. هو أن تكتفي بما لديك من أحزان.. لا تطالبي بالمزيد فالحزن في غاية العطاء

يامنافينا .. نما فينا وطن :
:)

: None
لا أجد رموزا تليق بكِ

وقبل أن تبتهج بعبارته يباغتها بالاستئذان..
هكذا أهلها خروجه دوما..
يجيد هذا الرجل ترك الأبواب مواربة خلفه.. كي تجد الكلمات طريقا للدخول من بعده .. وتكمل حوارا بينهما لم يكتمل..
مدهشة علاقتها معه لا تزال حتى الآن خارج نطاق التسميات..
تستيقظ هذا الصباح .. مأخوذة بحالة نهمة للامتزاج بالعالم..
ماذا لو منحت نفسها اليوم إجازة من كل شيء؟؟
ماذا لو تعاملت مع الحياة بمنطق مغاير لما قاله لها ذلك الرجل بالأمس؟؟
لما عليها الانتظار حتى تجود عليها الحياة بمنحة الجو الاحتفالي ومغادرة الأحزان؟؟
تخلع عنها ساعتها كخطوة أولى في أبجديات الاحتفاء بالحياة.. وتغادر بيتها سالكة أفكارها .. مقتسمة مع الشوارع رائحة الخبز .. وصباحات لندن الطازجة..
تترك لأقدامها حرية السير بها دونا هدف محدد.. بينما تصر أقدامها على أن تستنكل بها .. لتضرب لها موعدا مع الذاكرة والوطن في أج وارد رود..
هناك في هذا الشارع تحديدا تداهمها الحميمة لكل ما هو عربي.. بدءا بروائح النارجيلة التي تعبق بالمكان ..وانتهاءا بصوت فيروز المنبعث من أحد المقاهي والذي يجيد اختراق منافذ حزنها السرية..هكذا هي الحياة تغتال بالابسط من الأشياء .. الأكبر من مخططاتها اليوم..صوت فيروزي ورائحة عربية .. استلا منها بهجتها..
على حافة مقهى تغرس جسدها .. رغم الضجيج.. وآلاف الوجوه التي تمر بها.. وبقايا الحكايات على الطاولات من حولها .. تجلس .. معها لا أحد معها .. سواها مفرغة منها.

من وحي كتاباتها

: None
 
أعلى