إيران..
إطلاق الوعود للمواطنين والتراجع عنها؛ ما معنى ذلك؟
نقلت صحيفة «كيهان» التابعة للخامنئي يوم 15تموز/ يوليو 2015 عن عالم اقتصادي في النظام قدمته من المنظرين الرئيسيين في حكومة البناء (حكومة رفسنجاني) وكتبت تقول: «أثر الاتفاق النووي على قطاع العملة الصعبة والذهب، مؤقت ودون أثر (جانب) اقتصادي يذكر».
ونقلت الصحيفة ذاتها عن أحد الخبراء التابعين لمؤسسة بروكينغز قوله: «سيكون رفع العقوبات _وبغض النظر عن كيفية تطبيق ذلك_ عنصرا رئيسيا للاتفاق النهائي بين إيران ومجموعة 5+1. ولكن ليس من المعلوم أن يربح الاقتصاد الإيراني جراء رفع العقوبات بشكل حتمي».
كتبت صحيفة «اعتماد » الحكومية التابعة لعصابة رفسنجاني ـ روحاني في 15تموز/ يوليو 2015 قائلة: «يشعر الكثير من المواطنين بأن ما يعيشه البلد من ظروف في الوقت الراهن، هو نتيجة العقوبات ولكن القضية ليست هكذا حيث توجد قضايا أساسية عديدة. ويرى علماء اقتصاديون أن نسبة تتراوح بين 5 و20 بالمائة من حجم المشاكل الاقتصادية تعود إلى العقوبات».
صحيفة «رسالت» الحكومية يوم 16تموز/ يوليو 2015 نقلت عن علي طيب نيا وزير الاقتصاد في حكومة الملا حسن روحاني قوله: «لا يعالج رفع العقوبات المشاكل الاقتصادية».
وبشأن تأثير رفع العقوبات في معالجة المشاكل الاقتصادية في مرحلة ما بعد العقوبات أكد محمد حسن آصفري عضو في برلمان النظام قائلا: «نظرا لدخول 24ألف مليار من السلع عبر التهريب إلى البلد سنويا والنسبة الهائلة للهروب الضريبي التي تصل ثلث ميزانية البلد، لن تحل مشكلة البلد». (صحيفة «رسالت» التابعة لعصابة مؤتلفة الفاشية 23تموز/ يوليو 2015)
صحيفة «همشهري» (المواطن) المحسوبة على أمانة العاصمة طهران التابعة لنظام فهي كتبت في يوم 23تموز/ يوليو 2015 تقول: «كانت توقعات بين العموم تقضي بأن الأسعار ستنخفض جراء رفع العقوبات ولكن وخلافا للتوقعات لم تنخفض نسبة الأسعار».
يوضح تلفزيون «جام جم» التابع للنظام يوم 26تموز/ يوليو 2015 فيما يتعلق بتأثير الاتفاق على اقتصاد النظام نقلا عن المدير العام للبنك المركزي أنه وفي مرحلة ما بعد الاتفاق «لا بد لنا من عدم الوقوع في الأخطاء والأوهام».
ويحذر الملا غلامرضا مصباحي مقدم من أعضاء لجنة الاقتصاد في برلمان النظام في جلسة علنية عقدها البرلمان يوم 26تموز/ يوليو 2015 المسؤولين في حكومة روحاني من أنه وفي مرحلة ما بعد الاتفاق «لن يحدث في الاقتصاد الإيراني تغيير كبير وجذري؛ فلا تثيروا هواجس التوقعات لدى المواطنين عبثا».
قالت صحيفة «جهان صنعت» (عالم الصناعة) التابعة لعصابة رفسنجاني ـ روحاني يوم 25تموز/ يوليو 2015 في افتتاحتيها تحت عنوان «التعامل المنطقي تجاه ما بعد العقوبات»: «في معظم وسائل الإعلام وخاصة وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة نقرأ ونسمع بشأن ظروف ما بعد العقوبات عناوين وكتابات مبالغ فيها أحيانا. وحان الوقت الآن لنستقبل ونرحب ”ما بعد العقوبات“ بالرضوخ للحقائق؛ لأن البنى التحتية الاقتصادية والتجارية والصناعية لإيران خاصة في مجال الطاقة هي ليست بشكل يمكن من خلاله العودة واللجوء إلى الاتفاق النووي لمعالجة المشاكل جملة وتفصيلا وذلك بين ليلة وضحاها».
كما يرى محمد رضا باهنر نائب رئيس برلمان النظام أن مرحلة ما بعد المفاوضات وحتى إطلاق الأرصدة المجمدة لن يؤثرا على الاقتصاد المنهار للنظام وطبقا لتقييم أبداه نائب رئيس برلمان النظام تعود نسبة 30بالمائة حتى 40بالمائة من المشاكل الاقتصادية في إيران في الوقت الحاضر ناجمة عن ضغوط العقوبات وتكمن الجذور لباقي المشاكل في المعضلات البنيوية.
والمعضلات البنيوية واضحة وهي الاقتصاد غير الإنتاجي والاستيرادي الذي ترسخ مع النهب واغتصاب الأموال و تم ترسيخه بشكل تام من خلالهما كما تكمن جذوره في التركيبة السياسية لنظام ولاية الفقيه المتخلف.
وفي يوم 26تموز/ يوليو 2015 أذعن مجتبى رحماندوست من أعضاء برلمان النظام بأن 10ملايين ممن يستملون الدعم الحكومي لا يحصلون على دخل آخر سوى دخل من خلال الدعم الحكومي البالغ 45ألف تومان شهريا.
ويأتي ذلك في وقت تعتبر فيه العناصر التابعة للنظام خط الفقر نحو 5/3 مليون تومان في الوقت الحاضر حيث تبلغ نسبة الأجور الأساسية 707000 تومان ويمكن أن نستنتج أن دخل هؤلاء الأشخاص الـ10 ملايين يبلغ نسبة ما يقارب 16ضعفا تحت خط الفقر. فيما كان نظام الولاية ورئيسه للجمهورية يذعنان بأن الفقر سوف يزول في إيران ولن يكون أثر منه جراء الدعم الحكومي البالغ 45ألف تومان!
والآن وبعد إذعان وسائل الإعلام والمسؤولين في النظام تبين أن ما أطلقه روحاني وحكومته من وعود فارغة في مرحلة ما قبل الاتفاق حول تحسين ظروف المواطنين ومعيشتهم ليس إلا سرابا ووهما باطلا في مرحلة ما بعد الاتفاق كذلك
وبما أن الفساد والنهب طالا النظام و تركيبته الاقتصادية والسياسية حيث تفشى الفساد من قمة رأسه حتى أخمص قدمه؛ لن يقدم للشعب الإيراني شيء إلا الفقر والعوز والنكبة المتزايدة يوما بعد يوم سواء كان ذلك الأمر قبل نهج تجرع السم أو بعده.
ولكن يوجد فرق وحيد وهو أنه وفي فترة «ما بعد العقوبات» أن غليان الاحتجاجات الشعبية وسخط الشباب للمطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم المسلوبة على الأبواب وتتمتد ويتسع نطاقها يوما بعد آخر حيث لا تعود تؤثر المزاعم المضللة لاحتواء هذه الانتفاضات ولو لذرة.