ليس بالحب وحده يحي الزوجان!!(1)

مقال اجتماعي ساخر
يبدو أن الحب وحده لا يكفي لضمان استمرارية الحياة الزوجية بسعادة وسلاسة وسلامة.. ويبدو أن الرومانسية وحدها ليست كفيلة بإذكاء جذوة السعادة بين الزوجين. في الواقع فإن ثمّة حاجات مادية مكملة للجوانب العاطفية، أو بالأحرى، هي حاجات أساسية – في نظر الزوجات - ، بينما الجوانب العاطفية الرومانسية تبقى ثانوية تأتي في الدرجة الثانية، يتحتم حضورها – أي الحاجات الأساسية - وذلك للمحافظة على الحب اليوتوبي الذي كان متقداً في فترة الخطوبة، أو لضمان التعايش السلمي بين الزوجين، على أسوأ الفروض. هل أثارت مقدمة (ابن خلدون) هذه فضولك، وتريد أن تعرف أيها الزوج المغلوب على أمرك(خمسة/صفر) ما هي تلك الأشياء الأساسية؟؟ حسناً..ستعرف الآن. هي حاجات فسيولوجية بحتة، على سبيل المثال، لا الحصر (طبعاً): ذهب ومجوهرات، عطور ومستحضرات تجميل، كباب وكفتة، بامية وبطاطس، بطيخ وموز، ملابس وأحذية، أواني منزلية، أجهزة كهربائية، جوالات، ستائر تركية، أثاثات دمياطية وإيطالية...الخ.
بالرغم من أن أمير الشعراء "شوقي" قال: خدعوها بقولهم حسناء.. والغواني يغرهنّ الثناء، لكن يتوجب عليك أيها الزوج الكيِّس الحصيف ألّا تُعوّل على هذا البيت كثيراً في ممارسة التدليس والمخاتلة على زوجتك – غير المسكينة، لأن مخاتلتك لن تنطلي عليها بأية حال- لتنال منها حقاً أنت لا تستحقه، أو تتهرب من أداء واجب حتمي، يتحتم عليك أداؤه، لأن "يغرّهن" هنا لا تعني "يخدعهن"، ولكن تعني " يعجبهن "، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، وحتى لا تترتب على ذلك عواقب كارثية وخيمة، لا سيما إذا كانت زوجتك من ذوات البأس الشديد.. لذا وجب التنويه والتحذير.
طلبت مني زوجتي أن أشتري لها مستحضراً من مستحضرات التجميل. وبما أن الأزواج – حسب العقلية الذكورية - يصنّفون مستحضرات التجميل ضمن السلع الكمالية، وفي التصنيف الدقيق يصنّفونها في درجة شيبس البطاطس، لذلك لا يلقون لها بالاً، ولا يكترثون كثيراً لطلب الزوجات عندما يطلبنها. وبسبب ظروفي المادية العصيبة آنذاك، وبسبب أن طلبها كان كمالياً، وله بدائل أقل تكلفة، وبسبب أنني أؤمن بقول المتنبئ: حسن الحضارة مجلوب بتطرية.. وفي البداوة حسن غير مجلوب. لكل ما ذُكر من المبررات، رفضت طلبها، واعتذرت عن شراء المستحضر. لكن على مين!! فإذا كان الأزواج يصنّفون مستحضرات التجميل بذلك التصنيف، فإن النساء – حسب الذهنية الأنثوية - يصنّفنها في درجة السلع الضرورية، وفي التصنيف الدقيق يصنّفنها في درجة حليب الأطفال، والأدوية المنقذة للحياة.. ولا أدري من منهم على حق، ولكن الذي أعلمه وأجزم به هو أن إحضار الزوج لمستحضرات التجميل في نهاية المطاف هي مسألة حتمية.. هي مسألة وقت..ليس إلا. جئني بامرأة واحدة تلتمس العذر لزوجها، وتتنازل عن طلباتها الكمالية تقديراً لظروفه (المنيّلة بتسعين نيلة)، وأنا أعطيك قنّينة عطر، وأعطيها مكنسة كهربائية، وعليها طقم شاي هدية.
غضبت زوجتي غضبة مُضرية بسبب عدم تلبيتي لطلبها، وقاطعتني، فقلت لنفسي: يا ود يا أنور.. انت كاتب صحفي..يعني بتاع كلام، يعني ممكن تهديها بعض كلمات الحب المنمقة الشفيفة، فتُلهيها وتشتت أفكارها، وتصرفها عن طلبها، فالغواني يغرّهن الثناء. أرسلت لها رسالة قلت لها فيها كلاماً رقيقاً، وكنت واثقاً من أن مخاتلتي ستنطلي عليها. لكن على مين!!(مرة تانية)..ردت علي وقالت: الحب ليس كلاماً نردده، بل نثبته بالعمل!! عندها أسقط في يدي، وأحسست بمرارة الهزيمة، واكتشفت أنها كانت أذكى مني بكثير، بل واستغلت وتلقفت ذات السلاح الذي استخدمته.. فصوّبت نحو هدفها بدقة.. فأصابته. لقد لفتت هذه المعركة انتباهي إلى أمر في غاية الأهمية، ألا وهو أن الزوجات عندما يدخلن معركة "المطالبات المالية والعينية" مع أزواجهن، فإنهن يستدعين كل أسلحتهنّ: الدموع، الكيد، المراوغة، التوسل والاستجداء، المجادلة، والذكاء..وإذا لم تُجدِ كل هذه الأسلحة في إلحاق الهزيمة، فإنهن قد يلجأن لآخر العلاج، وهو الكي.. قد يستخدمن أسلحة دمار شامل..محرمة زوجياً..(من ضمن هذه الأسلحة المحرمة زوجياً، قد تهددك زوجتك بأنها ستفشي سرّك، وستخبر مديرك بأنك قد اختلست مبلغاً من المال من خزينة الشركة، إذا لم تُلبِّ طلبها.. ولا تظننّ أيها الأحمق أنه مجرد تهديد..فهي حقاً ستنفذ تهديدها بالفعل..وقِسْ على ذلك من الأسلحة).. لذلك فإنهن لا بد أن ينتصرن في نهاية المطاف في هذه المعركة بجدارة واستحقاق. قلت لها بنبرة انهزامية: هل تقصدين أن أجلب المستحضر(مثلا يعني)؟ قالت: آآآي..(مثلا يعني). بعد رسالتها إحترمت نفسي وتوجهت لأقرب صيدلية واشتريت المستحضر. ويبدو أنني كنت ساذجاً في مراوغتي ومخاتلتي.. إذ لا يمكن أن تقنع المرأة وتُفحمها بالتضحية والتنازل عن مطالبات مالية.. لا سيما إذا كانت تلك المطالبات من أجل شراء مستحضرات تجميل، هي في نظرها كما أسلفت، في درجة الأدوية المنقذة للحياة.
تسعدني متابعتكم للجزء الثاني.. فابقوا معنا
الكاتب الصحفي / انور عبد المتعال
 
أعلى