روائع شعراء الحجاز

صدى الحجاز

عضو ذهبي
ذكر ابن هشام أن زهيراً الهذلي أُسر يوم حنين وكُتف، فرآه جميل بن معمر، وكان مسلماً، فقال‏:‏ أنت الماشي لنا بالمعايب‏!‏
فضرب عنقه.
وقال الأصمعي وأبو عمرو في روايتهما جميعا

أخذ أصحاب رسول الله في يوم حنين أسارى وكان فيهم زهير بن العجوة الهذلي أخو بني عمرو بن الحارث
فمر به جميل بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وهو مربوط في الأسرى وكانت بينهما إحنة في الجاهلية فضرب عنقه.

ووصل الخبر لأبي خراش الهذلي وكان أبو خراش مسلماً فقال يرثيه‏:

( فَجَّع أصحابي جميلُ بن معْمَر ... بذي فَجَرٍ تأوِي إليه الأَراملُ )
( طويلُ نِجادِ السيف ليس بحَيْدَرٍ ... إذا قام واستنَّت عليه الحمائِلُ )
( إلى بَيْتِهِ يأوي الغريبُ إذا شتا ... ومُهتَلِكٌ بالي الدّريسَيْن عائِلُ )
( تروَّحَ مقروراً وراحت عشيّة ... لها حَدَبٌ تحتثُّه فيُوائِلُ )
( تكاد يداه تُسْلِمَان رداءَه ... من القُرِّ لمّا استقبلْته الشمائل )
( فما بالُ أهلِ الدّار لم يتصدَّعوا ... وقد خفّ منها اللّوذعيُّ الحُلاَحلُ )
( فأُقسِمُ لو لاقيتَه غيرَ موثَق ... لآبك بالجِزْع الضّباعُ النّواهلُ )
( لظلَّ جميلٌ أَسوأَ القوم تَلَّةً ... ولكنَّ ظَهْرَ القِرْنِ للمَرْء شاغلُ )
( فليس كعهدِ الدار يا أمَّ مالكٍ ... ولكنْ أحاطت بالرقاب السلاسل )
( وعاد الفتى كالكهل ليس بقائلٍ ... سوى الحقِّ شيئا فاستراح العواذلُ )
( ولم أَنْسَ أياماً لنا وليالياً ... بِحَلْيَةَ إذ نلقَى بها ما نحاول )


أسلم أبو خراش فحسن إسلامه ، وتوفي أيام عمر بن الخطاب ، وَكَانَ سبب موته أَنَّهُ أتاه نفر من أهل اليمن قدموا حجاجا ، فمشي
إلى الماء ليأتيهم بماء يسقيهم ويطبخ لَهُم ، فنهشته حية ، فأقبل مسرعا وأعطاهم الماء وشاة وقدرا ، وقال : اطبخوا وكلوا ، ولم يعلمهم ما أصابه ، فباتوا ليلتهم حَتَّى أصبحوا ، فأصبح أبو خراش وهو فِي الموتى ، فلم يبرحوا حَتَّى دفنوه.
أخرجه أبو عمر ، ولم يذكر لَهُ وفادة ، وإنما ذكره فِي الصحابة ، لأن أبا خراش أسلم فِي حياة رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم ، ولهذا ذكر إسلام العرب بعد حنين والطائف.


تذنيب: روى الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيره أن أبا خراش الهذلي الشاعر، واسمه خويلد بن مرة مات في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه من نهش حية، وكان ممن يعدو على قدميه، فيسبق الخيل، وهو القائل:
رقوني وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وأنكرت الوجوه هم هم

حدَّث أبو بكر محمدُ بن الحسن بن دريدٍ قال: عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: أسلم أبو خراش فحسُن إسلامه، ثم أتاه نفر من أهل اليمن، قدموا حُجاجاً، والماءُ منهم غير بعيد. فقال: يا بني عمِّ ما أمسى عندنا ماءٌ، ولكن هذه بُرمة وقربة وشاة، فرِدوا الماء، وكلوا شاتكم، ثم دَعوا بُرمتنا وقِربَتَنا على الماء حتى نأخذهما.
فقالوا: لا والله ما نحنُ بسائرين في ليلتنا هذه، وما نحن ببارحين حيث أمسينا. فلما رأى ذلك أبو خراش أخذ قِربته، وسعى نحو الماء تحت الليل حتى استسقى. ثم أقبل صادراً، فنهشتهُ حيةٌ قبل أن يصل إليهم. فأقبل مسرعاً حتى أعطاهم الماء وقال: اطبخوا شاتكم وكلوا. ولم يُعْلمْهُم ما أصابه. فباتوا على شاتهم يأكلون حتى أصبحوا، وأصبح أبو خراش في الموت، فلم يبرحوا حتى دفنوهُ. وقال وهو يموتُ في شعرٍ له:
لقد أَهلكتِ حيةَ بطنِ وادٍ ... على الإخوانِ ساقاً ذاتَ فَضل
فما تركتْ عَدوّاً بين بُصري ... إلى صنعاءَ يطلبهُ بذَخْلِ

فلما بلغ عمر رضي الله تعالى عنه خبره غضب غضباً شديداً وقال:
لولا أن تكون سُبَّةً لأمرتُ أن لا يُضاف يمانٍ أبداً، ولكتبتُ بذلك إلى الآفاق. ثم كتب إلى عامله باليمن أن يأخذ النفرَ الذين نزلوا على أبي خِراشٍ الهُذليِّ، فيُغْرِمَهُم ديتَهُ، ويؤدِّبَهم بعد ذلك بعقوبةٍ يمَسُّهم جزاءً لِفِعلهم.

(كتاب الجوهرة في نسب النبي واصحابه العشرة ) ( عليه الصلاة والسلام) للمؤلف لؤي غالب ص 238


وقد استشهد علماء التفسير بشعر ابي خراش الهذلي في اغلب كتب التفسير
في تفسير الطبري، وتفسير ابن أبي حاتم ،وتفسير الثعلبي، وتفسير ابن عطية، وتفسير القرطبي، والبحر المحيط،
والدر المصون في علوم الكتاب المكنون، وتفسير ابن كثير، وكتاب اللباب في علوم الكتاب، وفتح القدير للشوكاني،
والتحرير والتنوير، ومجاز القرآن، وغيرها كثير
 
التعديل الأخير:

صدى الحجاز

عضو ذهبي
مادمنا في ذكر ابي خراش .
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي وعمي والحسن بن علي قالوا: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثنا أحمد بن عمير بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف

قال: حدثني أبو بركة الأشجعي من أنفسهم قال: خرج أبو خراش الهذلي من أرض هذيل يريد مكة
فقال لزوجته أم خراش: ويحك إني أريد مكة لبعض الحاجة، وإنك من أفك النساء، وإن
بني الديل يطلبونني بتراث فإياك وأن تذكريني لأحد من أهل مكة حتى نصدر منها!
قالت: معاذ الله أن أذكرك لأهل مكة وأنا أعرف السبب.
قال: فخرج بأم خراش وكمن لحاجته وخرجت إلى السوق لتشتري عطراً أو بعض ما تشتريه النساء من حوائجهن،
فجلست إلى عطار فمر بها فتيان من بني الديل
فقال أحدهما لصاحبه: أم خراش ورب الكعبة وإنها لمن إفك النساء وإن كان أبو خراش معها فستدلنا عليه
قال: فوقفا عليها فسلما وأحفيا المسألة والسلام
فقالت: من أنتما بأبي أنتما؟
فقالا: رجلان من أهلك من هذيل
قالت: بأبي أننتما. فإن أبا خراش معي ولا تذكراه لأحد، ونحن رائحون العشية.
فخرج الرجلان فجمعا جماعة من فتيانهم وأخذوا مولى لهم يقال له مخلد وكان من أجود الرجال عدواً، فكمنوا في عقبة على طريقه، فلما رآهم قد لاقوه في عين الشمس
قال لها: قتلتني ورب الكعبة لمن ذكرتني؟
فقالت: والله ما ذكرتك لأحد إلا لفتيين من هذيل
فقال لها: والله ما هما من هذيل ولكنهما من بني الديل وقد جلسا لي وجمعا علي جماعة من قومهم
فاذهبي أنت فإذا جزت عليهم فإنهم لن يعرضوا لك لئلا أستوحش فأفوتهم، فاركضي بعيرك، وضعي عليه العصا، والنجاء النجاء.

قال: فانطلقت وهي على قعود عقيلي يسابق الريح، فلما دنا منهم وقد تلثموا ووضعوا تمراً على طريقه على كساء، فوقف قليلاً كأنه يصلح شيئاً، وجازت
بهم أم خراش فلم يعرضوا لها لئلا ينفر منهم، ووضعت العصا على قعودها، وتواثبوا إليه ووثب يعدو.

قال: فزاحمه على المحجة التي يسلك فيها على العقبة ظبي، فسبقه أبو خراش،
وتصايح القوم: يا مخلد أخذاً أخذاً.
قال: ففات الأخذ.
فقالوا: ضربا ضرباً، فسبق الضرب،
فصاحوا: رمياً رمياً فسبق الرمي،
وسبقت أم خراش إلى حي هذيل
فنادت: ألا إن أبا خراش قد قتل، فقام أهل الحي إليها، وقام أبوه وقال: ويحك ما كانت قصته،
فقالت: إن بني الديل عرضوا له الساعة في العقبة،
قال: فما رأيت، أو ما سمعت،؟
قالت: سمعتهم يقولون: يا مخلد أخذاً أخذاً، قال: ثم سمعت ماذا؟
قالت: ثم سمعتهم يقولون: ضرباً ضرباً، قال: ثم سمعت ماذا؟
قالت: سمعتهم يقولون: رمياً رمياً،
قال: فإن كنت سمعت رمياً رمياً فقد أفلت، وهو منا قريب، ثم صاح: يا أبا خراش
فقال أبو خراش: يا لبيك، وإذا هو قد وافاهم على أثرها. وقال أبو خراش في ذلك:

رفوني وقالوا يا خويلد لم ترع
فقلت وأنكرت الوجوه هم هم

رفوني بالفاء: سكنوني وقالوا: لا بأس عليك.

فغاررت شيئاً والدريس كأنمـا
يزعزعه وعك من الموم مردم

غاررت: تلبثت. والدريس: الخلق من الثياب، ومثله الجرد والسحق والحشيف. ومردم: لازم.

تذكرت ما أين المـفـر وإنـنـي
بحبل الذي ينجي من الموت معصم

فوالله ما ربـداء أو عـلـج عـانة
أقب وما إن تيس رمل مصـمـم

بأسرع مني إذ عرفـت عـديهـم
كأني لأولاهم من القـرب تـوأم

وأجود مني حين وافـيت سـاعـياً
وأخطأني خلف الثـنـية أسـهـم

أوائل بالشد الـذلـيق وحـثـنـي
لدى المتن مشبوح الذراعين خلجم

تذكر ذحلاً عندنـا وهـو فـاتـك
من القوم يعروه اجتراء ومـأثـم

تقول ابنتي لمـا رأتـني عـشـية:
سلمت وما إن كدت بالأمس تسلـم

فقلت وقد جاوزت صارى عشـية:
أجاوزت أولى القوم أم أنا أحـلـم

فلولا دراك الشد آضت حليلـتـي
تخير في خطـابـهـا وهـي أيم

فتسخط أو ترضى مكاني خـلـيفة
وكاد خراش عـنـد ذلـك ييتـم

 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
الشاعر أمية بن أبي الصلت الثقفي
شاعر من العصر الجاهلي أدرك الإسلام ولكن لم يسلم، هذا على الرغم من أنه كان يعمل بالعديد من الأمور التي جاء بها الإسلام ويحرم على نفسه ما جاء الإسلام ليحرمه، فنبذ عبادة الأوثان وحرم على نفسه الخمر، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " آمن لسانه وكفر قلبه".
اسمه كاملاً أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، وأمه هي رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف من شريفات قريش، ينتسب إلى قبيلة ثقيف من أهل الطائف، ولد في بيت عز وشرف فكان والده من سادة قومه، وعرف عن أهله الفصاحة وحب الشعر، هذه الفصاحة التي انتقلت لأمية فأشتهر بحكمته وإطلاعه على الكتب القديمة، لبس المسوح تعبداً، ونبذ عبادة الأوثان، وحرم الخمر على نفسه.
رحل أمية إلى البحرين، فأقام بها ثماني سنوات، وخلال ذلك ظهر الإسلام، فعاد مرة أخرى إلى الطائف فسأل عن الإسلام، وعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كما قدم مكة وسمع آيات من القرآن الكريم، وعندما سألته قريش عن رأيه قال: أشهد أنه على الحق، فقالوا هل تتبعه؟، قال: حتى انظر في آمره.
خرج أمية إلى الشام ، وفي هذه الأثناء هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وحدثت موقعة بدر، وعندما عاد أمية وقد قرر الدخول في الإسلام علم بمقتل أهل بدر وفيهم ابن خال له فأمتنع وأقام في الطائف حتى وفاته، مما قاله في رثاء من أصيب من قريش يوم بدر:
أَلاّ بَـكَيتَ عَـلى الـكِرامِ بَـني الـكِرامِ أولـي الـمَمادِح
كَبُكا الحَمامِ عَلى فُروعِ الأَيكِ في الغُصُنِ الصَوادِح
يَـبـكـينَ حَــزنـى مُـسـتَكيناتٍ يَـرُحـنَ مَــع iiالـرَوائِـح
أَمـثـالُـهُـنَّ الـبـاكِـيـاتُ الــمُـعـوِلاتِ مِــــنَ الـنَـوائِـح
مَــن يَـبـكِهِم يَـبـكِ عَـلـى حُــزنٍ وَيَـصدُقُ كُـلُّ iiمـادِح
كَـــم بَــيـنَ بَــدرٍ وَالـعَـقَنقَلِ مِــن مَـرازبَـةٍ iiجَـحـاجِح
فَـمُـدافِعِ الـبَـرقَينِ فَـالـحَنّانِ مِــن طَــرفِ الأَواشِــح
يعد أمية من شعراء الطبقة الأولى، له الكثير من الأخبار والقصص الفريدة، وإن كان علماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب، حيث أدخل في قصائده بعض الألفاظ الأعجمية المنقولة أو المقتبسة أو التي تم تعريبها، ومع ذلك تميزت معانيه بالبساطة والوضوح والبعد عن المبالغة.
وكان أمية هو أول من جعل في مطالع الكتب باسمك اللهم، فكتبتها قريش، وكان يأتي في شعره كثيراً بقصص الأنبياء، واطلع على الكتب السماوية، وتناول في أشعاره الموضوعات الدينية والحكمة، ويقال انه كان حنيفياً.
قَد كانَ ذو القَرنَينِ قَبلي مُسلِماً
مَلِكاً عَلا في الأَرضَ غَيرَ iiمُعَبَّدُ
بَلَغَ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ iiيَبتَغي
أَسـبـابَ مُـلـكٍ مِـن كَـريـمٍ iiسَـيِّدِ
فَرَأى مَغيبَ الشَمسِ عِندَ مَآبِها
فـي عَـيـنِ ذي خُلُبٍ وَيأطِ حَرمَدِ
مِـن قَـبـلِـهِ بَـلقيسُ كانَت iiعَمَّتي
حَـتـى تَـقَـضّـى مُـلـكُـها بِالهُدهُدِ
يقال أنه عندما سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بأبيات أمية بن أبي الصلت التي قال فيها:
الـحَـمـدُ لـلَّهِ مَمسانا iiوَمَصبَحَنا
رَبُّ الـحَـنـيـفَـةِ لَم تَنفَد خَزائِنُها
أَلا نَــبِــيَّ لَــنـا مِـنّـا فَـيُـخـبِـرُنـا
بِـالـخَـيـرِ صَـبَّـحنا رَبي iiوَمَسَّانا
مَـمـلـؤَةٌ طَـبَّـقُ الآَفـاقَ iiسُلطانا
ما بُعدَ غايَتِنا مِن رأَسِ مَجرانا
قال: إن كاد أمية ليُسلم.
وعلى الرغم من عدم دخول أمية بن أبي الصلت في الإسلام إلا أنه نسبت إليه قصائد عديدة يحمد فيها الله، ويثني على الرسول، ويرى البعض أن هناك تناقض بين ما تدل عليه القصائد من إيمان قوي لصاحبها يظهر في معانيها، وبين التردد الذي كان فيه أمية تجاه الإسلام فيشككوا في نسبها إليها، أما البعض الأخر فيرى أنها تنسب لأمية لأنه كان تام الاقتناع بالإسلام وكاد أن يدخل به إلا أنه بعد واقعة بدر شق جيوبه وعقر ناقته على عادة الجاهلية وقرر عدم الدخول فيه، ورواية أخرى ذكرت أن أمية كان يطمع في النبوة لنفسه فلم يدخل فيها حسداً منه.
مما قاله:
لَـكَ الـحَمدُ والمَنُّ ربَّ العِبادِ أَنــتَ الـمَـليكُ وأَنــتَ iiالـحَكَم
وَدِن ديـنَ رَبِّـكَ حَـتّى الـيَقِينِ واجـتَـنِبَنَّ الـهَـوى iiوالـضَجَم
مُــحَـمـداً أَرسَــلَــهُ بـالـهُـدى فَـعـاشَ غَـنِـياً وَلــم iiيُـهـتَضَمُ
عَـطـاءٌ مِــنَ الـلَـهِ iiأُعـطـيتَه وخَـصَّ بِـهِ الـلَهُ أَهـلَ الحَرَم
وقَـــد عَـلِـمـوا أَنَّــهُ خَـيـرُهم وفي بَيتِهِم ذِي النَدى والَكرَم
وقال أيضاً:
إِنَّ آيــاتِ رَبِّــنــا iiبــاقـيـاتٌ
ما يُماري فيهِنَّ إِلا الكَفورُ
خَـلَـقَ الَـلـيـلَ وَالنَهارَ iiفَكُلٌ
مُـسـتَـبـيـنٌ حِـسابَهُ iiمَقدورُ
ثُـمَ يَـجـلو النَهارَ رَبٌ iiكَريم
بِـمَـهـاةٍ شُـعـاعُـها iiمَنشورُ
تناول شعر أمية العديد من الموضوعات التي نلحظ فيها ملامح إيمانية مثل التوحيد ونبذ الأصنام، وفكرة خلود الله وفناء البشر، والبحث والحساب وتحريم الخمر، كما دخلت في أشعاره الحكمة والتي بدأ بها عدد من قصائده على عكس ما كان سائد بين الشعراء الجاهليين.
أما باقي شعره فتنوع بين المدح والرثاء والعتاب والنسيب والفخر والوصف، وكان مدحه بعيداً عن الاستجداء والرغبة في التكسب، وكان مقلاً في الهجاء، فنادراً أن يهجو، أما الوصف فقد استحوذ على كثير من شعره وأبدع فيه.
توفي أمية في العام الخامس للهجرة عام 626 م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
الشاعر أمية بن أبي الصلت الثقفي
شاعر من العصر الجاهلي أدرك الإسلام ولكن لم يسلم، هذا على الرغم من أنه كان يعمل بالعديد من الأمور التي جاء بها الإسلام ويحرم على نفسه ما جاء الإسلام ليحرمه، فنبذ عبادة الأوثان وحرم على نفسه الخمر، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " آمن لسانه وكفر قلبه".
اسمه كاملاً أمية بن عبد الله أبي الصلت بن أبي ربيعة بن عوف الثقفي، وأمه هي رقية بنت عبد شمس بن عبد مناف من شريفات قريش، ينتسب إلى قبيلة ثقيف من أهل الطائف، ولد في بيت عز وشرف فكان والده من سادة قومه، وعرف عن أهله الفصاحة وحب الشعر، هذه الفصاحة التي انتقلت لأمية فأشتهر بحكمته وإطلاعه على الكتب القديمة، لبس المسوح تعبداً، ونبذ عبادة الأوثان، وحرم الخمر على نفسه.
رحل أمية إلى البحرين، فأقام بها ثماني سنوات، وخلال ذلك ظهر الإسلام، فعاد مرة أخرى إلى الطائف فسأل عن الإسلام، وعن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كما قدم مكة وسمع آيات من القرآن الكريم، وعندما سألته قريش عن رأيه قال: أشهد أنه على الحق، فقالوا هل تتبعه؟، قال: حتى انظر في آمره.
خرج أمية إلى الشام ، وفي هذه الأثناء هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وحدثت موقعة بدر، وعندما عاد أمية وقد قرر الدخول في الإسلام علم بمقتل أهل بدر وفيهم ابن خال له فأمتنع وأقام في الطائف حتى وفاته، مما قاله في رثاء من أصيب من قريش يوم بدر:
أَلاّ بَـكَيتَ عَـلى الـكِرامِ بَـني الـكِرامِ أولـي الـمَمادِح
كَبُكا الحَمامِ عَلى فُروعِ الأَيكِ في الغُصُنِ الصَوادِح
يَـبـكـينَ حَــزنـى مُـسـتَكيناتٍ يَـرُحـنَ مَــع iiالـرَوائِـح
أَمـثـالُـهُـنَّ الـبـاكِـيـاتُ الــمُـعـوِلاتِ مِــــنَ الـنَـوائِـح
مَــن يَـبـكِهِم يَـبـكِ عَـلـى حُــزنٍ وَيَـصدُقُ كُـلُّ iiمـادِح
كَـــم بَــيـنَ بَــدرٍ وَالـعَـقَنقَلِ مِــن مَـرازبَـةٍ iiجَـحـاجِح
فَـمُـدافِعِ الـبَـرقَينِ فَـالـحَنّانِ مِــن طَــرفِ الأَواشِــح
يعد أمية من شعراء الطبقة الأولى، له الكثير من الأخبار والقصص الفريدة، وإن كان علماء اللغة لا يحتجون به لورود ألفاظ فيه لا تعرفها العرب، حيث أدخل في قصائده بعض الألفاظ الأعجمية المنقولة أو المقتبسة أو التي تم تعريبها، ومع ذلك تميزت معانيه بالبساطة والوضوح والبعد عن المبالغة.
وكان أمية هو أول من جعل في مطالع الكتب باسمك اللهم، فكتبتها قريش، وكان يأتي في شعره كثيراً بقصص الأنبياء، واطلع على الكتب السماوية، وتناول في أشعاره الموضوعات الدينية والحكمة، ويقال انه كان حنيفياً.
قَد كانَ ذو القَرنَينِ قَبلي مُسلِماً
مَلِكاً عَلا في الأَرضَ غَيرَ iiمُعَبَّدُ
بَلَغَ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ iiيَبتَغي
أَسـبـابَ مُـلـكٍ مِـن كَـريـمٍ iiسَـيِّدِ
فَرَأى مَغيبَ الشَمسِ عِندَ مَآبِها
فـي عَـيـنِ ذي خُلُبٍ وَيأطِ حَرمَدِ
مِـن قَـبـلِـهِ بَـلقيسُ كانَت iiعَمَّتي
حَـتـى تَـقَـضّـى مُـلـكُـها بِالهُدهُدِ
يقال أنه عندما سمع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بأبيات أمية بن أبي الصلت التي قال فيها:
الـحَـمـدُ لـلَّهِ مَمسانا iiوَمَصبَحَنا
رَبُّ الـحَـنـيـفَـةِ لَم تَنفَد خَزائِنُها
أَلا نَــبِــيَّ لَــنـا مِـنّـا فَـيُـخـبِـرُنـا
بِـالـخَـيـرِ صَـبَّـحنا رَبي iiوَمَسَّانا
مَـمـلـؤَةٌ طَـبَّـقُ الآَفـاقَ iiسُلطانا
ما بُعدَ غايَتِنا مِن رأَسِ مَجرانا
قال: إن كاد أمية ليُسلم.
وعلى الرغم من عدم دخول أمية بن أبي الصلت في الإسلام إلا أنه نسبت إليه قصائد عديدة يحمد فيها الله، ويثني على الرسول، ويرى البعض أن هناك تناقض بين ما تدل عليه القصائد من إيمان قوي لصاحبها يظهر في معانيها، وبين التردد الذي كان فيه أمية تجاه الإسلام فيشككوا في نسبها إليها، أما البعض الأخر فيرى أنها تنسب لأمية لأنه كان تام الاقتناع بالإسلام وكاد أن يدخل به إلا أنه بعد واقعة بدر شق جيوبه وعقر ناقته على عادة الجاهلية وقرر عدم الدخول فيه، ورواية أخرى ذكرت أن أمية كان يطمع في النبوة لنفسه فلم يدخل فيها حسداً منه.
مما قاله:
لَـكَ الـحَمدُ والمَنُّ ربَّ العِبادِ أَنــتَ الـمَـليكُ وأَنــتَ iiالـحَكَم
وَدِن ديـنَ رَبِّـكَ حَـتّى الـيَقِينِ واجـتَـنِبَنَّ الـهَـوى iiوالـضَجَم
مُــحَـمـداً أَرسَــلَــهُ بـالـهُـدى فَـعـاشَ غَـنِـياً وَلــم iiيُـهـتَضَمُ
عَـطـاءٌ مِــنَ الـلَـهِ iiأُعـطـيتَه وخَـصَّ بِـهِ الـلَهُ أَهـلَ الحَرَم
وقَـــد عَـلِـمـوا أَنَّــهُ خَـيـرُهم وفي بَيتِهِم ذِي النَدى والَكرَم
وقال أيضاً:
إِنَّ آيــاتِ رَبِّــنــا iiبــاقـيـاتٌ
ما يُماري فيهِنَّ إِلا الكَفورُ
خَـلَـقَ الَـلـيـلَ وَالنَهارَ iiفَكُلٌ
مُـسـتَـبـيـنٌ حِـسابَهُ iiمَقدورُ
ثُـمَ يَـجـلو النَهارَ رَبٌ iiكَريم
بِـمَـهـاةٍ شُـعـاعُـها iiمَنشورُ
تناول شعر أمية العديد من الموضوعات التي نلحظ فيها ملامح إيمانية مثل التوحيد ونبذ الأصنام، وفكرة خلود الله وفناء البشر، والبحث والحساب وتحريم الخمر، كما دخلت في أشعاره الحكمة والتي بدأ بها عدد من قصائده على عكس ما كان سائد بين الشعراء الجاهليين.
أما باقي شعره فتنوع بين المدح والرثاء والعتاب والنسيب والفخر والوصف، وكان مدحه بعيداً عن الاستجداء والرغبة في التكسب، وكان مقلاً في الهجاء، فنادراً أن يهجو، أما الوصف فقد استحوذ على كثير من شعره وأبدع فيه.
توفي أمية في العام الخامس للهجرة عام 626 م.
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
ارجوزة لشاعر يحيى الهاشمي عام 812 هـ
مادحا امير مكة الشريف حسن بن عجلان والقبائل التي ساندته ضد بيسق امير الركب المصري..
ارتجز الشاعر وقال:


فجمـع الجمـوع و الخيـولا
من كل فج قـد أتـوا سيـولا
ما طبق الأرض و سدّ الأفقـا
و ملأ السهل و عـمّ الطرقـا
وعدة الخيل التـي قـد جمعـا
ثلاثـة مـن المئيـن إذ دعـا
وبعدها ستون من سوى التـي
لم تأت من موسـى و كنانـة
فخيل نفسـه ثلاثـون جـواد
و مائه يا صاح كلهـا جيـاد
و عدة الرجال من الأصنـاف
اثنـان مـع ثـلاثـة الآلاف
منهم قريش و كذا الجحادلـة
كذا بنو ريشة معهم صاهلـة
أما هذيل صرخهم يـا صـاح
ألـف مكملـون بالـسـلاح
كذا بنـو خالـد مـع سـواده
و غيرهم من عـرب العـادة
أما مطير مـع عـدوان فقـد
جاءوا كمثل السيل يرمي بالزبد
كذا خزاعـة و لحيـان أتـوا
يبغون قوماً قد طغوا و قد عتوا
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
يقول مالك بن عوف النصري من بني هوازن
إني زعيم أن تقاد جيادنا .... نقاب الرجيع في السريح المسيرا

وقد حرم مالك ان لايجامع النساء الا بعد اخذ الثأر من هذيل في معركة البوباة

فقال مالك خالد الهذلي رداً عليه :

أمالك بن عوف إنما الغزو بيننا ... ثلاث ليال غير مغزاة أشهرا
متى تنزعوا من بطن لية تصبحوا ... بقرن ولم يضمر لكم بطن محمرا
فلا تتهددنا بقحمك إننا ... متى تأتنا ننزلك عنه ويعقرا
فبعض الوعيد إنها قد تكشف ... لأشياعها عن فرج صرما مذكرا
ألم تر أنا أهل سوداء جونة ... وأهل حجاب ذي حجاز وموقرا
به قاتلت آباؤنا قبل ما ترى ... ملوك بني عاد وأقيال حميرا
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
من روائع الشعر الجاهلي ( قربا مربط النعامة ) لابن عباد

هو الحارث بن عباد بن ضبيعة , خيّال النعامة من (قيس بن ثعلبة) وكان ابن عباد من حكام بكر وفرسانها المعدودين،
وهو الذي عندما علم بمقتل كليب أستعظمه، واعتزل بأهله وولد إخوته وأقاربه الحرب ، وحل وتر قوسه ، ونزع سنان
رمحه, وطوال تلك السنين وهو معتزل الحرب، وكانت مشاركته بها عندما قتل المهلهل أبنه "بجير"
فأعلن الحرب على المهلهل ومن معه، وأرسل هذه القصيدة وهي تشرح سببها :

كل شيء مصيره للزوال *****غير ربي وصالح الأعمال
وترى الناس ينظرون جميعا**** ليس فيهم لذاك بعض احتيال
قل لأم الأعز تبكي جبيرا *** ما أتي الماء من رؤوس الجبال
لهف نفسي علي جبير*** اذا ما جالت الخيل يوم حرب عضال
وتساقي الكماة سما نقيعا**** وبد البيض من قباب الحجال
وست كل حرة الوجه تدعو ********: يا لبكر غراء كالتثمال
يا جبير الخيرات لا صلح حتي*** نملأ البيد من رؤوس الرجال
وتقر العيون بعد بكاها*** حين تسقي الدما صدور العوالي
أصبحت وائل تعج ******من الحرب عجيج الجمال بالأثقال
لا جبيرا أغني قتيلا ولا *****رهط كليب تزاوجوا عن ضلال
لم أكن من جانتها علم الله ******واني بحرها اليوم صال
قد تجنبت وائلا كي يفيقوا ****فابت تغلب على أعتزالي
وأشابوا ذؤابتي بجبير**********قتلوه ظلما بغير قتال
قتله بشسع نعل كليب ******ان قتل الكريم بشسع غال
يا بني تغلب خذوا الحذر ****انا قد شربنا بكأس موت زلال
يا بني تغلب قتلتم قتيلا***** ما سمعنا بمثله في الخوالي
قربا مربط النعامة مني ******لقحت حرب وائل عن حيال
قربا مربط النعامة مني *****ليس قولي يراد لكن فعالي
قربا مربط النعامة مني******* جد بوح النساء بالاعوال
قربا مربط النعامة مني***** شاب رأسي وانكرتني العوالي
قربا مربط النعامة مني****** للسري والغدو والأصال
قربا مربط النعامة مني***** طال ليلي علي اليالي الطوال
قربا مربط النعامة مني****** لا عتناق الأبطال بالأبطال
قربا مربط النعامة مني *******واعدلا عن مقالة الجهال
قربا مربط النعامة مني***** ليس قلبي عن القتال بسال
قربا مربط النعامة مني****** كلما هب ريح ذيل الشمال
قربا مربط النعامة مني******** لجبير مفكك الأغلال
قربا مربط النعامة مني *******لكريم متوج بالجمال
قربا مربط النعامة مني****** لا نبيع الرجال بيع النعال
قربا مربط النعامة مني***** لجبيرفداه عمي وخالي
قرباها لحي تغلب شوسا *****لا عتناق الكماة يوم القتال
قرباها وقربا لأمتي در عا***** دلاصا ترد حد النبال
قرباها بمرهفات حداد****** لقراعالابطال يوم النزال
سائلوا كندة الكرام وبكرا ***واسألوا مذحجا وحي هلال
اذ اتونا بعسكر ذي زهاء***** مكفهر الأذى شديد المصال
فقريناه حين رام قرانا**** كل ماضي الذباب عضب الصقال
"ملحوظة"
وقعت احداث حرب البسوس بعد ان قام جساس بقتل كليب في تهامة الحجاز وليس كما يروج اهل الاشاعات
الذين قال بعضهم بأنها في جيزان على حدود اليمن والبعض قال في نجد واخرون قالوا في اليمن.
في كتاب “العقد الفريد” ما نصه: "وكانت بنو جشم (قبيلة كليب) وبنو شيبان (قبيلة جساس) في دار واحدة بتهامة وكان كليب قد تزوج جليلة بنت مرة".[8] ويدل على ذلك شعر المهلهل الذي يقول فيه:[9]

بات ليلي بالأنعمين طويلا أرقب النجم ساهراً لن يزولا
كيف أمدي ولا يزال قتيل من بني وائل ينادي قتيلا
غنيت دارنا تهامة في الدهر وفيها بنو معد حلولا
فتساقوا كأسًا أمرت عليهم بينهم يقتل العزيز الذليلا

 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
بلاغة الحجاج بن يوسف الثقفي
خطبته في الحجاز


بلاغة الحجاج
خطبته الكوفة



بلاغة الحجاج
خطبته في البصرة




سبب تحول الحجاج من معلم قرأن الى ماصار اليه



لقاء الحجاج بمن اتهمه بالسرقة وبمن ضربه على وجهه قبل علو شأنه








 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
قيس بن ذريح الليثي الكناني 625م - 680م
الملقب بمجنون لبنى.
قال ليث بن عمرو أنه سمع قيس بن ذريح يقول ليزيد بن سليمان: هجرني أبواي إثنتي عشرة سنة أستأذن عليهما فيرداني حتى طلقتها.
ثم قال قيس بعد فراقه لبنى:
وفارقت لبنى ضلّة فكأنني = قُرِنتُ إلى العَيّوق ثم هويتُ
فيا ليت أني متّ قبل فراقها = وهل تَرْجِعَنْ فَوْتَ القضيةِ ليتُ
فصرت وشيخي كالذي عَثَرَتْ به = غداة الوغى بين العُدَاة كُمَيْتُ
فقامت، ولم تُضْرر هناك سَوِية = وفارسُها تحت السنابك مَيْتُ
فإن يكُ تهيامي بلبنى غوايةً = فقد، ياذُريح بن الحُبَاب غَوَيْتُ
فلا أنت ما أَمَّلْتَ فيَّ رأيتَهُ = ولا أنا بلبنى والحياةَ حَوَيْتُ
فَوَطِّنْ لِهُلْكي منك نفساً فإنني = كأنك بي قد، ياذُريح، قَضَيْتُ

فلما أزمعت لبنى الرحيل بعد العدة جاء وقد قوض فسطاطها فسأل الجارية عن أمرهم
فقالت: سل لبنى
فأتى إليها فمنعه أهلها وأخبروه أنها غداة غد ترحل إلى أهلها فسقط مغشياً عليه، فلما أفاق أنشد:
وإني لمفن دمع عيني بالبكى = حذار الذي قد كان أو هو كائن
وقالوا غداً أو بعد ذاك بليلة = فراق حبيب لم يبن وهو بائن
وما كنت أخشى أن تكون منيتي = بكفيك إلا أن ما حان حائن

وتبعها حين ارتحلت ينظر إليها، فلما غابت رجع يقبل أثر بعيرها فأنشد:
وما أحببت أرضكم ولكن = أقبل أثر من وطئ الترابا
لقد لاقيت من كلف بلبنى = بلاء ما أسيغ له الشرابا
إذا نادى المنادي باسم لبنى = عييت فلا أطيق له جوابا
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
يقول ابو صخر عبدالله بن سلمة الهذلي:

وقلتُ حلّي أسيراً في حبالكم * أوثقتموه بلا تَبْلٍ ولا بــدَمِ

وتلك هيكلةٌ خودٌ مبتَّلةٌ * صفراء رَعْبَلَةٌ في منصبٍ سَنِمِ

عذْبٌ مقبَّلها خدْلٌ مخلخلها * كالدِّعص أسفلها مخصورة القَدَمِ

سودٌ ذوائبُها بيضٌ ترائبُها * محضٌ ضرائبُها صيغت على الكَرَمِ

شُنْبٌ مثاغرُها يرضى معاشرُها * لذٌّ مَبَاشِرُها تشفي من الســقَمِ
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم : " الجيران ثلاثة : جار له حق واحد وهو أدنى الجيران ، وجار له حقان ، وجار له ثلاثة حقوق ، فأما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له ، له حق الجوار ، وأما الذي له الحقان فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار ، وأما الذي له ثلاثة حقوق : فجار مسلم ذو رحم ، له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم "

ويذكرون في حقوق الجار ان ابي جندب الهذلي وكانوا يلقبونه ( بالمشؤم ) كان قد اشتكى
شكوى شديدة، وكان له جار من خزاعة، يقال له: حاطم بن
هاجر من كعب من خزاعه فوقعت به بنو لحيان من هذيل، فقتلوه واستاقوا أمواله، وقتلوا امرأته
قبل استبلال أبي جندب من وجعه، وكان أبو جندب قد كلم قومه قبل مرضه، فجمعوا لجاره غنماً.
وبعد ان استبل ابي جندب وافاق من مرضه، عرف خبر جاره وجارته، فغضب غضباً شديداً وأسف لإن من اغار على جاره كانوا ابناء عمومته
وقال:

أَلا لَيتَ شِعري هَل يَلومَنَّ قَومُهُ = زُهَيراً عَلى ما جَرَّ مِن كُلِّ جانِبِ
بِكَفّي زُهَيرٍ عُصبَةُ العَرجِ مِنهُمُ = وَمَن يَبغِ في الرُكنَينِ لَخمٍ وَغالِبِ

وقال:
مَن مُبلِغٌ مَلائِكي حُبشِيّاً * أَخا بِني زُلَيفَةَ الصُبحِيّا
أَما تَرَوني رَجُلاً جونِيّاً * حَفَلَّجَ الرِجلَينِ أَفَلَجِيّا
سَلوا هُذَيلا وَسَلوا عَلِيّا * أَم أَسُلُّ الصارِمَ البُصرِيّا
حَتى أَموتُ ماجِداً وَفِيّا * إِذا رَأَيتُ جارَنا مَغشِيّا

فاجتمعت هذيل اليه يكلمونه
قالو: يابن عم قد وقع ماوقع، فخذ عقل جارك، واستبق ابناء عمومتك لدهر لينفعوك فإنهم لايريدون بك شراً.
فلم يزالوا به حتى قال: نعم اجمعوا العقل.
فجاءوا به في مرة واحدة فلما اراحوه عليه صمت فطال صمتة
فقالوا له: ارحنا، اقبضه منا
فقال: اني ارى ان اعتمر، فاحبسوه حتى أرجع، فإن هلكت فلأم ما أنتم، وان عشت فسوف ترون امري.
وولى ذاهباً نحو الحرم فعرفت هذيل انه يريد شراً فرجعوا لبنو لحيان وقالوا:
لاتغفلوا واحذروا فإن ابن عمكم المشؤم سيأتيكم بشره فدعا عليه رجال من هذيل وقالوا: اللهم لاترده.
فخرج المشؤم وقدم مكه ثم جاء يمشي، حتى استلم الركن، وقد شق ثوبه، فعرف الناس أنه يريد شراً، فجعل يصيح ويقول:
إني امرؤ أبكي على جاريه = أبكي على الكعبي والكعبيه
ولو هلكت بـكـيا عـلـيه = كانا مكان الثوب من حقويه
فلما فرغ من طوافه، وقضى حاجته من مكة خرج منها. فسمعت بهذا صعاليك من هذيل، وجائت بصعاليك من قريش وخلعاء من بكر وخزاعه وأبلغوهم ماجائهم عنه، فأجتمعوا اليه
قالوا: ما أمرك ؟ فأخبرهم بأمره
فقالوا: انظر ما أنت صانع فإننا معك
ثم استجاشهم على بنو لحيان، فغزاهم وقتل منهم قتلى، وأسر من عبيدهم وسبى من جواريهم، وقال في ذلك:

عَلى حَنَقٍ صَبَّحتُهُم بِمُغيرَةٍ = كَرِجلِ الدَبى الصَيفِيِّ أَصبَحَ سائِماً
بَغَيتُهُم ما بَينَ حَدّاءَ وَالحَشا = وَأَورَدتُهُم ماءَ الأُثَيلِ فَعاصِما
فَفَرَّ زُهَيرٌ خيفَةً مِن عِقابِنا = فَلَيتُكَ لَم تَفرِر فَتُصبِح نادِما
فَلَهفَ اِبنَةَ المَجنونِ أَلّا نُصيبَه = فُنوفِيَهُ بِالصاعِ كَيلاً غُذارِما
وَنَلقى قُمَيرا في المَكَرِّ وَحَبتَراً = وَجارَهُم في الفَجرِ يَدعونَ حاطِما
وَما خِلتُني لِاِبنِ الأَغَرِّ مُثَمِّراً = وَما خِلتُني أَجني عَلَيهِ الجَرائِما

وقال:
لَقَد أَمسى بَنو لِحيانَ مِنّي = بِحَمدِ اللَهِ في خِزىٍ مُبينِ
تركتهم على الركبان صرعاً = يشيبون الذوائب بـالأنـين
جَزَيتُهُم بِما أَخَذوا تِلادي = بَني لِحيانَ كَيلا يَحرَبوني
تَخِذتُ غَرازَ إِثرَهُم دَليلاً = وَفَرّوا في الحِجازِ لِيُعجِزوني
وَقَد عَصَّبتُ أَهلَ العَرجِ مِنهُم = بِأَهلِ صُوائِقٍ إِذ عَصّبوني.


وقال:
لَقَد عَلِمَت هُذَيلٌ أَنَّ جاري * لَدى أَطرافِ غَينا مِن ثَبيرِ
أَحُصُّ فَلا أُجيرُ وَمِن أُجِرهُ * فَلَيسَ كَمَن تَدَلّى بِالغُرورِ
لَكُم جيرانُكُم وَمَنَعتُ جاري * سَواءً لَيسَ بِالقَسمِ الأَثيرِ

وقال ايضاً:
أَلا أَبلِغا سَعدَ بنَ لَيثٍ وَجُندُعاً = وَكَلباً أَثيبوا المَنَّ غَيرَ المُكَدَّرِ
فَنَهنَهتُ أولى القَومِ عَنّي بِضَربَةٍ = تَنَفَّسَ مِنها كُلُّ حَشيانِ مُجحَرِ
وَلا تَحسَبنَ جاري إِلى ظِلِّ مَرخَةٍ = وَلا تَحسَبَنهُ فَقعَ قاعٍ بِقَرقَرِ
وَكُنتُ إِذا جاري دَعا لِمَضوفَةٍ = أُشَمِّرِ حَتّى يَنصُفَ الساقَ مِئزِري
وَلكِنَّني جَمرُ الغَضا مِن وَرائِهِ = يُخَفِّرُني سَيفي إِذا لَم أُخَفَّر
أَبي الناسُ إِلّا الشَرَّ مِنّي فَدَعهُم = وَإِيّايَ ما جاءوا إِلَيَّ بِمُنكَرِ
إِذا مَعشَرٌ يَوماً بَغَوني بَغَيتُهُم = بِمُسقِطَةِ الأَحبالِ فَقماءَ قِنطِرِ
إِذا أَدرَكَت أولاهُم أُخرَياتُهُم = حَنَوتُ لَهُم بِالسَندَرِيِّ المُوَتَّرِ
وَطَعنٍ كَرُمحِ الشَولِ أَمسَت غَوارِزاً = جَواذِبُها تَأبى عَلى المُتَغَبِّرِ
مَنَنتُ عَلى لَيثِ بنِ سَعدٍ وَجُندُعٍ = أَثيبي بِها سَعدَ بنَ لَيثٍ أَو اِكفُري
وَقُلتُ لَهُم قَد أَدرَكَتكُم كَتيبَةٌ = مُفَسِّدَةُ الأَدبارِ ما لَم تُخَفَّرِ
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
ليلى الأخيلية شاعرة اسلامية ذائعة الصيت
وهي اول من تبرقعت من النساء
لها قصة عشق مع الشاعر توبة وكانا متعلقين ببعضهما
وفي يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها .وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض
لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه، وسألها معاوية عن توبة العشيق قال:
ويحك ياليلى! أكما يقول الناس كان توبة؟
فقالت يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجى للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، وهو كما قلت له أمير المؤمنين
ثم قال معاوية وما قلت له؟
قالت: قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه
فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد
قال:
بعيد الثرى لا يبلغ القوم قعره
ألد ملد يغلب الحق باطله
إذا حل ركب في ذراه وظله
ليمنعهم مما تخاف نوازله
حماهم بنصل السيف من كل فادح
يخافونه حتى تموت خصائله
وتمضي ليلى في مدح حبيبها توبة بأبيات أخرى حتى
يصيح بها معاوية: ويحك يا ليلى! لقد جزت بتوبة قدره
فقالت : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته، وأني لا أبلغ نصف ما هو أهله.
سألها معاوية: من أي الرجال كان؟
فتقول:
أتته المنايا حين تم تمامه
وأقصر عنه كل قرن يطاوله
وكان كليث الغاب يحمي عرينه
وترضى به أشباله وحلائله
غضوب حليم حين يطلب حلمه
وسم زعاف لا تصاب مقاتله
فقال لها:
ما رأى منك توبة حتى عشقك؟
فقالت:
رأى فيّ ما رآه الناس منك حتى جعلوك خليفة.
رفض والد ليلى تزويجها بتوبه
فتزوجها أبي الأذلع وكان غيوراً جداً، طلقها لغيرته الشديدة
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
وكان توبة يزورها وكثرت زياراته لها، واجتمع بنو الأذلع قوم زوجها وأهدروا دمه، فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد، وذات
يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه
عن كمين نصب له فأخذ فرسه وفر منهم، وكانت ليلى هي السبب في نجاته. وفي هذا قال توبة:
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
فقد رابني منها الغداة سفورها
وبعد أن حرموه رؤية محبوبته يقول توبة:
أرى اليوم يمر دون ليلى كأنما
أتت حـجج من دونها وشهوراً
حمامـة بطن الواديين، ترنمي
سقاك من الغر الغوادي مطيرها
قتل توبة في عهد الخليفة الأموي معاوية سنة 55، حيث غشيه القوم في إحدى غاراته من ورائه فضربوه
حتى قتلوه، ثم جاء بعض من قومه فدفنوه في الصحراء، وعندما استقبلت ليلى خبر مقتل حبيبها توبة بكته
ورثته في قصيدة مطولة تدافع عنه، وفيها تقول:

وتوبة أحيا من فتاة حيــة
وأجرأ من ليث بخفان خادر
ونعم الفتى إن كان توبة فاجرا
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
كانت تراه أفضل الرجال وأكملهم خلق، وظلت تحكي حكايتها معه وتفيض في مدحه حتى شعر الحجاج بالغيظ وكاد يأمر بقطع لسانها
وقد سألها الحجاج بن يوسف الثقفي ذات يوم وقال:
إن شبابك قد ذهب، واضمحل أمرك وأمر توبة، فأقسم عليك ألا صدقتني، هل كانت بينكما ريبة قط؟
أو خاطبك في ذلك قط؟
وأقسمت ليلى للحجاج أن حب توبة لها كان عفيفا شريفا على الرغم من أنهما يخلوان إلى بعضهما
وأنه أنشدها ليلة:
وذي حاجة قلنا له لا تحب بها
فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
وأنت لأخر فارغ وحليل
وقد ظلت على حبها لتوبة إلى آخر يوم في حياتها، حتى كانت ذات يوم على سفر، فمرت بقبر توبة ومعها زوجها، فأصرت
على أن تزور القبر لتسلم على توبة، وحاول زوجها الثانى أن يمنعها ولكنها أصرت فتركها.
واقتربت من قبر توبة، ثم قالت: السلام عليك ياتوبة، ثم حولت وجهها إلى القوم وقالت:
ما عرفت له كذبة قط قبل هذا
قالوا: كيف؟
قالت:
أليس القائل:
ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
علي ودوني تربة وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
إليها صدى من جانب القبر صائح
وأغبط من ليلى بما لا أنا له
ألا كل ما قرت به العين صالح
وقالت: ماباله لم يسلم علي كما قال؟ والله ماجربت عليه الكذب حيا، أفيكذبني ميتاً؟!
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
قال الشاعر السلمي:

لعمرك ماخشين بني قريم =غداة غدون من أهل العقيقِ

قصة الأبيات

ذكر السُكري في شرحه الوقعة التي حدثت بين بني قُريم هذيل وبني عُصيّة سليم

في يوم ثنية العقيق .. كان من حديث بني عصَيه من سليم قوم صخر بن الشريد اخو
الخنساء .. إنهم خرجوا يريدون ابناء عمومتهم بني عامر بن صعصعه احد قبائل قيس بن عيلان الشهيره ,, ثم
إنصرفوا إلى الطائف فاشتروا منه زاداً وخمراً وهم قريب من خمسين أو ستين
رجلاً , فذكروا لبني قريم بن صاهله من هذيل، وكانوا يطلبون فيهم وتراً إي دماً .. فخرج من بني
قريم عصبه فتقدموا لرجلٍ من ثقيف، فجعلوا له على أن يخبرهم بالثنية التي يخرج فيها بنو عُصيه
السلميون من الطائف ففعل وأخبرهم فخرجوا حتى قعدوا لهم بثنيهٍ
أسفل من العقيق، حتى مرَوا عليهم، فلما أشرفوا بالثنيه ناداهم رجل من بني قريم الهذليين فقال :
من القوم ؟ قالوا : بنو عُصَية من سليم .
فمالت عليهم بنو قريم من هذيل فكان ضرب ورمي وحمى
الوطيس بينهم فقتلوهم بني قريم عن بكرة ابيهم إلأ ثلاثة منهم اعجزوهم ففرارا
فعقروا خيولهم، فقال في ذلك شاعر بني سليم
ذكر غرة قومه وامانهم لانهم قريبن من ديار بنو عمومتهم ابناء قيس عيلان .. ولم يخشى ان احداً
يفاجئهم بغارة في تلك النواحي، ولم يذم بني قريم الهذليين وإن كانوا اعداء لهم ..
فقال:
لعمرك ماخشين بني قريم =غداة غدون من أهل العقيقِ

وقلن بني عُصَية فاعرفونا = وما إن ينتسبن إلى صديق ِ
كأن الخيل إذ صفقت بعمرو = وإخوتهِ تصفَق في حريق
 

صدى الحجاز

عضو ذهبي
قصيدة لشاعر عطالله بن صبي السويهري الهذلي
أثناء الثورة العربية الكبرى ضد الاتراك التي قامت في 9 شعبان 1334هـ الموافق 10 حزيران 1916م
حيث انه قالها عندما كان مع قومه وعزوته متوجهين شمالاً مع الشريف فيصل بن الحسين
لمحاربة الترك في الشام وفلسطين.



هيض عليه وانا في نايف عديت عاليه
بين الزواوين ومابين الجبال النايفاتي


بادي بصاف القرى وهي هوى بالي وطاريه
هي شف بالي وهي معي مدة حياتي


لاواهنيك هناك النوم واما انا مناقيه
بيني وبينه نقا مجرود يوم اذكر عزاتي


احد ورا الوجه واحد في جبال العيص طاريه
هذه سنة حايلة والعين حاربها المباتي


حلفت لازورهم واللي كتب للعبد ياتيه
حلفت لازورهم واللي كتب له موت ماتي


اما على وسق حرٍ من بنات شعيل ناقيه
ولا اسافر على ينبع مع المتوكلاتي


يلومني بلوة ماهو محزي علم حازيه
نهار سالة رعودة بينا متقابلاتي


اليا برق شام برق فاليمن من كف راعيه
عزول برقه عسام الملح مابين الثقاتي


كم عايلٍ من فعايل عزوتي لجت مناعيه
وامسى عشا للسباع والطيور الجايعاتي

 
التعديل الأخير:
قال العصامي([170]): قال صاحب عمدة الطالب: كان قتادة جباراً فتاكاً فيه قسوة وتشدد، وحزم، وكان الخليفة في زمانه الناصر العباسي، فاستدعى الناصر الشريف قتادة إلى بغداد ووعده ومناه فأجابه إلى ذلك، وسار إلى أن وصل إلى العراق [ثم إلى مشهد الفروي، فخرج أهل بغداد لتلقيه، وكان ممن خرج في غمار الناس رجل درويش معه أسد مسلسل]([171]) فلما نظر إليه الشريف قتادة تطير، وقال: ما لي ولبلد تذل فيها الأسود؟ فرجع إلى الحجاز، وكتب إلى الخليفة بقوله:
بلادي ولو جارت عليّ مريفة
ولو أنني أعرى بها وأجوعُ
ولي كف ضرغام إذا ما بسطتها
بها اشتري يوم الوغى وأبيعُ
أأتركها تحت الرهان وابتغي
بها بدلاً إني إذاً لرقيعُ
وما أنا إلا المسك في غير أرضكم
أضوعُ وأما عندكم فأضيعُ
فلما وقف الناصر على هذه الأبيات، استشاط غضباً وامتلأ حنقاً وحرباً، وكتب إلى الشريف قتادة يقول:
أما بعد: فإذا نزع الشتاء جلبابه، ولبس الربيع أثوابه، قاتلناكم بجنود لا قبل لكم بها، ولنخرجنكم منها أذلة وأنتم صاغرون.
فلما قرأ الكتاب الشريف قتادة ارتاع لذلك أشد ارتياع، وأرسل إلى بني عمه بني الحسين (ابن علي) بالمدينة يستنجدهم، ويسألهم المعونة، وصدَّر الكتاب بقوله..
بني عمنا من آل موسى وجعفر
وآل حسين كيف صبركم عنَّا
بني عمنا إنا كأفنان دوحة
فلا تتركونا يتخذنا الفنا فنّا
إذا ما أخٌ خلى أخاه لآكلٍ
بدا بأخيه الأكل ثم بذا ثنّى
فأتته منهم رجال النجدة ذوو العدد والعدة، فلما أقبلت تلك الكتيبة الناصرية، كسرها وبدد شملها وقهرها، فلما بلغ ذلك الناصر العباسي، وإلى عليه الإنعامات الكاملة، وأقطعه الإقطاعات الطائلة.
 
وفي الحرم الشريف خضم جود
كأن البحر أنحله النظامه
أما والحجر والحجرات مني
وبيت الله ثالثه قسامه([225])
لئن نزلت بسوح أبي نمي
لقد نزلت على كعب بن مامه
بأبلج أين منه البدر نوراً
وحسناً في الجمال وفي الوسامه
وذو كرم وزنت الناس طراً
بخنصره فما وزنوا قلامه
ومنها:
أبا المهدي كم لك من إياد
كشفت بها عن الصادي أوامه
وكم لك من وقائع ذكرتنا
بوقعة خالد يوم اليمامه
عمرت تهامة بالعدل حتى
تمنت نجد لو كانت تهامه
حقيق أن يسأل بك المصلي
ويدعو في الأذان وفي الإقامه([226])
وأن تعطي القضيب وأي حق
لغيرك في القضيب وفي الإمامه
وقد مدحه الأديب عبد الواحد القيرواني بأشعار حسنة([227])، أجاد فيها عنه.
ونظم كثيراً، على ما نقله الصلاح الصفدي، عن أبي حيان.
ووقفت له في بعض المجاميع على قصيدة جيدة يمدحه بها، أولها:
خليلي هيا فانظر ذلك البرقا
تبدى لنا يهفو على طرف البرقا
فمن مبلغ عني بلادي وأهلها
ولم تأل لي عنهم غوادي النوى سحقا
بأني لم أنفك للخرق قاطعاً
إلى أن وصلت السيد الملك الخرقا
وأن صروف الدهر عني تماسكت
لأني قد استمسكت بالعروة الوثقا
نداً لأبي المهدي هديت لنيله
وأحرزت ما قد جل منه وما دقا
وطلقت أمراً لهم([228]) حين لقيته
وقابلت في ساحته وجهه الطلقا
هو ابن أبي سعد الزكي ولاده
ولم يزك فرعاً غير من قد زكا عرقا
من القوم يستشفي بمسح أكفهم
لداء ومنها أو بها الغيث يستسقا
لهم كرم سهل المنال وإنما لهم
شرف وعر المسالك والمرقا
وبلغني: أنه لما مات أبو نمي امتنع الشيخ عفيف الدين الدلاصي من الصلاة عليه، فرأى في المنان السيدة فاطمة بنت النبي رضي الله عنها، وهي بالمسجد الحرام والناس يسلمون عليها، فجاء ليسلم، فأعرضت عنه -ثلاث مرات- ثم إنه تحامل عليها، وسألها عن سبب إعراضها عنه، فقالت له: يموت ولدي ولا تصلي عليه؟ فقال لها -ما معناه-: إنه ظالم. انتهى بالمعنى.
وذكر اليافعي في تاريخه نقلاً عن حميضة ابن أبي نمي أنه قال: إن لأبيه خمس خصال: العز، والعلم، والكرم، والشجاعة، والشعر.
ومن شعر أبي نمي على ما ذكر بيبرس الداودار في تاريخه، وذكر: أنه كتب به إلى الملك المنصوري لما تسلطن بعد الملك العادل كتبغا المنصوري في سنة ست وتسعين وستمائة.
أما وتعادى المقربات الشوازب
بفرسانها في ضيق ضنك المقانبِ
وبالجحفل الجرار أفرط جمعه
كأسراب كدرى في سوار قواربِ
وبالزرد الموصوف ضمت عصوبه
على كل ماضي العزم خيف المحاربِ
وبالبيض والبيض الرقاق ألية
لبتر عداتي حلفه غير كاذبِ
لقد نصر الإسلام بالملك الذي
ترعرع من شيم الملوك السناجبِ
حسام الهدى والدين منصوره الذي
رقا في سماء المجدِ أعلى المراتبِ
ملوك جهات الأرض يعفوا لعزه
فمرهوبها من سيفه أي راهبِ
تفرد بالملك العظيم فلم تزل
له خضعاً صيد الملوك الأغالبِ
مضى كتبغا خوف الحمام وقد أتت
إليه أسود الخيل من كل جانبِ
وأحييته بالعفو منك وزدته
لباس أمان من عقاب العواقبِ
وأحرزت ملك الأرض بالسيف عنوة
وعبَّدت من في شرقها والمغاربِ
توليت هذا الأمر في خير طالع
لأسعد نجم في السعادة ثاقبِ
 
وللأديب موفق الدين عليّ بن محمد الحنديدي([246]) من قصيدة يمدح بها الشريف حميضة بن أبي نمي، هذا أولها:
قدح الوجد في فؤادي زناداً
منع الجفن أن يذوق الرقادَ
وفؤاد الشجي يوم إلالِ
ساقه سائق الظعون وقادا
بدَّلني بالوصل هجراً وبالزو
رة صدَّا وبالتداني بعادا
وتمادى بها الجفاء وما
كان لها في الجفا أن تمادى
يا معيد الحديث عد فيه عنهم
ما ألذَّ الحديث عنهم معادا
هات بالله يا محدث حدث
بجياد جاد الغمام جيادا
بلداً بالشَّريف شرفه اللّـ
ـه بقاعاً شيحانه ووهادا
ملك من قتادة ملك الأَر
ض نصالاً محشودةً وصعادا
إن أكن في حميضة زدت في المد
ح فقد زاد في نوالي وزادا
رجل سالم المسالم في اللّـ
ـه وفي الله للمعادين عادا
عاد أبدا أولى فوالى تغالى
عزَّ أعطى سطا أفاد أبادا
جاد أغني علا سما جل جلا
ظلم الظلم عدله ساد سادا
حسن الصمت ليس حسن أن تسـ
ـمع إلا في مثله الإنشادا
ابن بنت النبيّ لم يجعل اللّـ
ـه سواكم لأَرضه أوتادا
ومنها:
يا ركاب الآمال ويحك بالنجـ
ـحِ بحصن الجديد أمي نجادا
يا جواداً ما زرت مغناه إلا
أُبْتُ من عنده أقود جوادا
كل شعر أتاكم غير شعري
يا أبا زيد ليس يسوي المدادا
وله فيه أيضاً:
إن الفريق النازلين في منى
غاية سول القلب مني والمنا
هم أَوقفوا جفني على سبل البكا
فصِرت بالأَربع أبكي الدمنا
ومنها:
ومخشفٍ طاف فطفنا حوله
ندعو إذا يدعو ونعنو إذا عنا
جنى علينا طرفه لكننا
لا نستطيع أخذه بما جنا
رضيته فليقض ما شاء ولو
لم يقض بالعدل علينا ولنا
وسائلٍ بالخيف من طلَّ له
من المحبين دم قلت أنا
يا حسن الناظر إن ناظري
لم ير من بعدك شيئاً حسنا
ومنها:
إن الحجاز لست أرضى غيره
أضاً ولا أبغي سواه مسكنا
ومن بني النَّجم نمىً أنجم
طبَّقت الأَرض سناءً وسنا
وسادة بفنون أموال العدا
بعد النفوس بالمواضي والقنا
أهل المساعي والصفا وزمزمٍ
والمَشعرين والمصلَّى ومنى
إن العطايا من يدي حميضة
أعطين بعد الفقر من كفي الغنا
خليفة لا يخلف الوعد ولا
يضنُّ عن سائله بما اقتنى
إمام حقٍّ جدَّ في الله فما
في الله مذ جدَّ وهي ولا ونا
عارٍ من العار عليه حلة
مرموقة أثناؤها من الثَّنا
أخاف في الله تعالى من بغى
وأمَّن الخائف حتَّى أمنا
أحسن ابنا حسنٍ سجيبَّةً
أيقظهم عيناً وأوعى أُذنا
هو ابن من أسرى به الله ومَنْ
من قاب قوسين تدلى ودنا
وابن الذي به اللات آلت
إلى شر مآل ولعزى أوهنا
يابن أبي الفدا إذا تبسمت
بيضك أبكين العدا والبُدُنا
إذا سألتُ المكرمات منكم
سالتْ علينا من هنا ومن هنا
يا عارض الجود الذي شِمْتُ سنا
بارقه اسقِ ربوعي مُزَنا
لا زلتَ في كل أوانٍ ممطراً
على جميع الخلق غيثاً هتنا
وللأديب عفيف الدين عبد الله بن عليّ بن جعفر([247]) فيه مدحاً، قصيدة أولها:
تحدَّثي يا رياح الشيحِ والغارِ
عما تحملتُ من علمٍ وأخبارِ
منها:
أبقى لي الشوق دمعاً من تذكركم
مثل الصبير وقلباً غير صبارِ
فيا أخلاي هل تجزون ذا وَلَةٍ
وجداً بوجد وتذكاراً بتذكارِ
وقد تهيج صبابات الفؤاد لكم
سجع الحمام وومض البارق الساري
ما زال دمعي يبدي ما أكتِّمه
حتى تشابه إعلاني وإسراري
لا تحسبوني أُنسيتُ المواثق بل
حفظتها حفظ عز الدين للجارِ
حميضة الحسني الندبُ خيرُ فتى
كاسٍ من الحمد بل عارٍ من العارِ
سلالة من رسول الله أنجبه
زاكٍ ومختار أصلٍ وابن مختارِ
من آدمٍ ببني الله متصلاً
أصلاً بأصلٍ وأثماراً بأثمارِ
ما مَنْ تسمَّى عليَّا كالوصي ولا
ما كل جعفر في الدنيا بطيارِ
فلا خلا الدهر من ملكٍ مناقبه
وشخصه مثل إسماعٍ وإبصارِ
فما رأى وجهه الميمون ذو أملٍ
إلا تبدل إيساراً بإعسارِ
ومنها:
قلدتني وأخوك الندب قلدني
ما ليس معروفه يلقى بإنكارِ
يا كعبتان أمام الكعبة اعتمرا
لقد تمسكت من كلٍ بأستارِ
لا زال سوحكما العاري كساحتها
نعم المآب لحجاجٍ وزوارٍ
 
قال الفاسي: ولشيخنا بالإجازة، الأديب يحيى النشو الشاعر المكي([254])، في عطيفة مدائح كثيرة، منها من قصيدة فيما أنبأنا به، قوله:
ها قد ملكت لمهجتي وحشاشتي
فانظر بأيها عليَّ تصدقُ
يا ممرضي ببعاده وصدوده
أنا عبد ودك بالمحبة موثقُ
بالله ما خطر السلو بخاطري
أبداً ولا قلبي بغيرك يعلقُ
لا لائمي دع عنك لومي في الهوى
ما أنت من روحي بروحي أرفقُ
لو ذقت ما قد ذقته من لوعة
ما كنت ترعد بالملام وتبرقُ
وأغنَّ فتان اللواحظ أهيف
عبل الروادف بالهلال مطرقُ
غصن يميس على نَقىً من فوقه
بدر عليه من الملاحة رونقُ
يحكي الأقاحة مبسماً وبثغره
خمرٌ بمرشفه الشهي مروقُ
لله ما لاقيت منه ولم يكن
لي في هواه مساعد أو مشفقُ
إلا الشريف عطيفة بن محمد
ملك بظل جنابه أستوثقُ
ومنها:
يسمو على هام السماك بهمة
عليا تظل بها السعادة تحدقُ
تمشي المنايا تحت ظل حسامه
لا يستباح ذمامه والموثقُ
غيث إذا ما الغيث أخلفنا فمن
كفيه سيح للبرية مغدقُ
أضحت به أم البلاد أنيسة
فالعدل منها بالمسرة موثقُ
وقوله فيه من أخرى:
فأنت المليك ابن المليك أصالة
يُقصِّر عن أوصافك النظم والنثرُ
أعز الورى قدراً وجاهاً ورفعة
وأبسطهم كفاً له الحكم والقهرُ
وقوله فيه من أخرى:
من لي بسفح مني يلوح لناظري
والبرق خفاق على أعلامِهِ
قل للمقيم على أُثيلات النقا
لا تقتل المشتاق قفبل حمامِهِ
ومنها في المدح:
المالك الملك المطاع لأمره
ليث تخاف الأسد من إقدامِهِ
سيف لدين الله فهو عطيفة
حاز الفخار وقاده بزمامِهِ
ملك تشرفت البلاد بعدله
والعدل منسوب إلى أحكامِهِ
أحيى الأنامَ بجوده ونواله
فاستبشرت بالخصب في أيامِهِ
من نسل أحمد واحد في عصره
آباؤه كل كريم كرامِهِ
فاق الملوك بني الملوك بعدله
فملوك هذا العصر من خدامِهِ
 
أعلى