أدلة استحقاق أبي بكر الصديق رضي الله عنه للخلافة
أجمع أهل السنة والجماعة على خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بل أجمع على جميع الطوائف الإسلامية عدا الشيعة .
قال الشيخ صالح آل الشيخ :
( خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أَجْمَعَ عليها أهل السنة والجماعة؛ بل وغيُرهُم من الخوارج والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية والمتكلمين وسائر الفرق عدا الرّافضة ومن نحا نحوهم ) المصدر : شرحه على العقيدة الطحاوية .
1 - فضله وسابقته .
فأبو بكر الصديق أسبق الصحابة إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وأسبقهم إلى تصديقه ، ولم يقاربه أحد في تصديق النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله (ت - 310 هـ) :
( أفضل أصحابه صلّى الله عليه وسلّم الصديق أبو بكر رضي الله عنه، ثم الفاروق - بعده - عمر، ثم ذو النورين عثمان بن عفان، ثم أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب - رضوان الله عليهم أجمعين ) المصدر : صريح السنة ص 24 .
وقال ابن أبي زمنين (ت - 399هـ) رحمه الله:
( ومن قول أهل السنة أن أفضل هذه الأمة بعد نبينا صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر وعمر، وأفضل الناس بعدهما عثمان وعلي ) ، المصدر : أصول السنة ( مع تخريجه رياض الجنة ) ص 270 .
وقال الصابوني (ت - 449هـ) رحمه الله:
( ويشهدون ويعتقدون أن أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وأنهم الخلفاء الراشدون ) ، المصدر : عقيدة السلف أصحاب الحديث ص 289 .
وقال ابن قدامة (ت - 620هـ) رحمه الله :
( وأصحابه خير أصحاب الأنبياء - عليهم السلام -، وأفضل أمته أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى - رضي الله عنهم أجمعين - ) ، المصدر : لمعة الاعتقاد ص 31 .
وقد مر معنا في أول الموضوع أنه أول الرجال إسلاماً .
2 - تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في الصلاة على جميع الصحابة .
3 - تقديم النبي صلى الله عليه وسلم له في إمارة الحج على جميع الصحابة .
4 - إجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته ، ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة .
قال أبو بكر الإسماعيلي (ت - 371هـ) رحمه الله :
( ويثبتون خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باختيار الصحابة إياه، ثم خلافة عمر بعد أبي بكر رضي الله عنه باستخلاف أبي بكر إياه، ثم خلافة عثمان رضي الله عنه باجتماع أهل الشورى وسائر المسلمين عليه عن أمر عمر، ثم خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ببيعته من بايع من البدريين عمار بن ياسر (33)، وسهل بن حنيف (34)، ومن تبعهما من سائر الصحابة، مع سابقته وفضله ) ، المصدر : اعتقاد أهل السنة ص 46 - 47 .
5 – إجماع الأمة على فضله وتقديمه .
وقد مر معنا الإجماع على فضل أبي بكر الصديق والتنصيص عليه من كلام أهل العلم في مبحث ( أفضلية أبي بكر الصديق ) فلا داعي للإعادة .
6 – أنه أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل ، فهو خير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام .
وقد وردت روايات كثيرة عن علي وعبد الله وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم بأن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان .
وقد صحح هذه الروايات جماعة من أهل العلم منهم : أبو نعيم وابن القيسراني وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وأحمد شاكر والألباني رحمهم الله أجمعين .
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على تفضيل أبي بكر الصديق رضي الله عنه على غيره من الصحابة .
وقد مر علينا في مبحث ( أفضلية أبي بكر الصديق رضي الله عنه ) .
7 – أنه له من الفضائل والمناقب ما لا يشاركه فيها أحد من الصحابة .
وهذه الصفة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه توجد فيه أكثر من غيره من الصحابة .
هل ثبتت خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالنص الجلي أم بالنص الجلي أم بالاختيار واتفاق الصحابة ؟؟؟
في هذا خلاف :
1- ثبتت بالنص الجلي ، أي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى خلافته وأَوْضَحَ أنَّهُ الأحق بعبارات مختلفة وأدلةٍ متنوعة بدلالات قولية وفعلية يحصل من مجموعها التنصيص على أنَّ الذي يلي الناس بعده صلى الله عليه وسلم هو أبو بكر .
وهذا قول جماعة كثيرة من أهل الحديث والإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأصحابه الحنابلة وطائفة كبيرة من الشافعية ، وهو اختيار أيضاً ابن حزم وجماعة من الظاهرية ، وهو الذي حرَّرَهُ المحققون أيضاً كشيخ الإسلام ابن تيمية وكغيره .
2- القول الثاني: أنَّ خلافة أبي بكر ثبتت بالنص الخَفِيْ ، أي بالدليل الخفي والإشارة .
فهذا هو الذي ذهب إليه الحسن البصري، فقال حينما سئل: هل كانت ولاية أبي بكر بالنص عليه؟ فقال ( لقد كان أبو بكر الصديق اتقى لله من أن يَتَوَسَّدَ عليها )، يعني الخلافة.
وهو قول جماعة من أهل الحديث بأنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة والدليل، ويعنون بذلك ما أرشد إليه صلى الله عليه وسلم من تقديم أبي بكر في أمر الدنيا وفي أمر الدين في الصلاة وفي صحبته له وفي بيان فضله وعدم تقديم غيره عليه؛ يعني في الفضل .
3- القول الثالث: أنها ثبتت بالاختيار ، ويُعْنَى بذلك اختيار المسلمين له رضي الله عنه في سقيفة بني ساعدة، وإلا فعند هؤلاء لم يكن ثمَّ نص وإلا لاحتجوا به عند الخلاف .
وهو قول كثير من أهل الحديث وطائفة من الحنابلة وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو مذهب المعتزلة الأشاعرة والماتريدية وأهل الكلام .
والصحيح :
أن خلافة أبي بكر الصديق ثبتت بالنص الجلي .
منقول من شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ بتصرف .
ما هو الدليل على أن خلافة أبي بكر الصديق ثابتة بالنص الجلي ؟؟؟
يدل على ذلك أدلة كثيرة ، منها :
1 - هو أنَّ أبا بكر رضي الله عنه هو أفضل الأمة حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة جميعاً لم يكن أحد منهم يُقَدِّمُ أحداً من الصحابة على أبي بكر في الفضل.
وفضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان بنص القرآن ونص السنة على تقديمه على غيره في الفضل وأنه اخْتُصَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم :
أ - في القرآن في قوله {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا}[التوبة:40] .
ب - وفي قوله «هل أنتم تاركي لي صاحبي» .
ج - وفي قوله «لو اتخذت خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا» .
د - وفي قوله «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»
والمسلمون لمَّا مات النبي صلى الله عليه وسلم لم بكن أحدٌ منهم يُقَدِّم أحداً في الفضل في أبي بكر، ومعلومٌ أنَّ الإمامة تكون للأفضل .
والفضل له شُعَبْ منها :
الفضل في الدين ، والفضل في العلم ، والفضل في التقوى ، ونحو ذلك ، وكذلك أن يكون قرشياً في إمامة الاختيار ، وهذه كلها كانت موجودة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
2 -أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا مرض مرضه الأخير أمَرَ الناس أن يُقَدِّمُوا أبا بكر فقال «مروا أبا بكر فليصلي بالناس» قد قال بعض الصحابة: إذا ارتضاه رسول الله لديننا أفلا نرتضيه لدنيانا. يعني أنَّ تقديمه في الإمامة الصغرى وهي إمامة الصلاة دليل؛ بل هي نَصٌّ على أنَّهُ هو الأحق بالتقدم في الإمامة العظمى.
3 - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أمَرَ الصحابة أن يأتوا بكتابْ ليَكْتُبَ لهم، فقال «يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر»ثم إنه لما دَعَا بذلك الكتاب قال «إيتوني بكتابٍ أعهد إليكم عهداً لا تختلفوا بعده» قال عمر رضي الله عنه (عندنا كتاب ربنا وما أظنُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا غلب عليه الوَجَعْ ).
4 - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».
5 - أنَّ امرأةً أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لها فوعدها موعدةً أخرى، فقالت كأنها تُشِيْرْ: إن لم أجدك -يعني بالموت- قال «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» .
منقول من شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ بتصرف .