الثلاثاء 20 أبريل 2010 - الأنباء
عادل الشنان
أكد النائب د.فيصل المسلم رفضه لقانون الخصخصة في وضعه الحالي، مشددا على انه في حال إقراره بهذه الصورة، فسيبدد المال العام وسيؤدي الى سيطرة فئة قليلة على البلد، وسيشرد الكثير من العمالة وبالتالي
سيزيد من البطالة، الأمر الذي يؤثر على الأمن الاجتماعي، معلنا أن هناك ثلاثة تعديلات جوهرية تم تقديمها وفي حال إدراجها فسيوافق على اقراره، معربا عن أمله في عدم الاستعجال في اقراره.
وقال المسلم في ندوة «قانون الخصخصة بين الرفض والقبول» التي أقامها مطلق السويط مساء أمس الأول، يفترض أن يكون قانون الخصخصة مفصليا ومصيريا فهو يتعلق بثروات دولة وتخصيص مرافقها
والخدمات التي تقدمها، ويتعلق بالمال العام وحقوق الموظفين، وهو من القوانين الكلية الكبرى التي من المفترض أن تأخذ مسميات كقانون دولة، وكان ينبغي أن يحظى بقدر كبير من الحوار العام والنقاش التفصيلي، للاستفادة من جميع وجهات النظر.
استعجال
وأضاف: للأسف استعجال السلطة التنفيذيةوقطاع كبير من أعضاء مجلس الامة، جعل السلطة تنطلق في قضية السرعة في اقرار مثل هذه القوانين المهمة والمفصلية في الدولة.
وقال د.المسلم: لم يكن ينبغي إقرار خطة التنمية بهذا الاستعجال، لذا نحن اليوم ندفع الثمن، لافتا الى ان القانون يحتوى على تناقضات، وهناك من وصفه بأنه تاريخي، وسينتشل الدولة من حالة الضياع وسيحسن من
أداء الخدمات وسيحمي الموظفين، وهناك من وصفه بأنه بيع للبلد، وتشريد للأسر الكويتية وتدمير للقطاع النفطي وعودة للمستملك الأجنبي، مؤكدا ان التخصيص في المفاهيم الاقتصادية هو نظام عالمي، الا انه لا يقبل ان يقر من خلال الجانب النظري والتجارب العالمية دون أخذ الواقع المحلي في الاعتبار.
وزاد: لا يمكن أن أطلق خطة التنمية بخطة هلامية بأربع سنوات دون تحديد، كما هو المفترض دستوريا بالخطة السنوية، بمشاريع وقيم وزمن محدد، وكذا في التخصيص، فلا يمكن اطلاق يد سلطة نعلم انها غارقة
في الفساد الى أخمص قدمتها، بل أحيانا راعية للفساد ان لم تكن شريكة، سواء في المال العام او الاجراءات والادارة، كما ان هناك فئة تريد الاستحواذ على خيرات البلد، وعندما آتي وأطلق يدها من خلال قانون عام دون ضوابط وقوانين رديفة ودون الأخذ في الاعتبار التطبيقات المحلية والاقليمية في تخصيص قطاعات رابحة أدت الى خسارة الخزينة العامة من ايرادات مستحقة وسوء أداء الخدمات والسرقة والنهب، فهذا مرفوض.
معارضة القانون
وأشار د. المسلم الى انه يعارض القانون بسبب سوء الأداء الحكومي، ولأن هناك بدائل تناسب هذه المرحلة في ظل مؤشرات مدركات الفساد العالمية وتراجع الكويت فيها، لافتا الى ان قانون أملاك الدولة تم اقراره
ولم يخرج عنه مشروع واحد، لأن البعض لا يريد ان يكون مفهوم الخصخصة بنظام الـ «B.O.T» وإنما يريد نظام الاستملاك، لافتا الى امكانية انشاء شركات مساهمة لإشراك الشعب الكويتي، لحين تقوية الأجهزة الرقابية.
وأضاف: نحن في كتلة التنمية والاصلاح، استعرضنا ملاحظاتنا على القانون، لافتا الى ان هناك مشكلة في تعريف المشروع العام، وتعريف التخصيص بأنه نقل ملكية المشروع العام بشكل كلي أو جزئي الى القطاع
الخاص، لافتا الى ان هذا غير دستوري، مشيرا الى أنهم تقدموا بتعديل أمس الأول بإلغاء كلمة «كلي» حتى تستمر ملكية الدولة في كل مشروع بما ينسجم مع المال العام والحفاظ على حقوق المواطنين والثروات.
وأشار الى ان هناك شبهة دستورية في المادة التي تنص على عدم جواز تخصيص مرفقي الصحة والتعليم الا بقانون، وكأنها تعطي الجواز بتخصيص المرافق الأخرى، لافتا الى انهم تقدموا بطلب الغاء كلمة «
مرفقي» لأنها محمية بالدستور، واضافة «لا يجوز اجراء أي عملية تخصيص للنفط والغاز الطبيعي والصحة والتعليم» حماية لثروات البلد والقطاعات الهامة ويجب على الدولة خلق حالة تنافسية مع القطاع الخاص.
وأشار الى الاعتراض الثالث والخاص بما قيل من ان الحكومة تملك صوتا اعتراضيا على قرارات الجمعيات العمومية ومجالس الادارات بالسهم الذهبي، لافتا الى ان القانون لا يعطي الحكومة هذا الحق لأنه بالأصل
جوازي وليس اجباريا، مشيرا الى ان المطلوب ان يكون سهم الحكومة سهما يوجبه القانون نصا حتى يحافظ على المال العام ومصالح الدولة.
وأكد د. المسلم ان المطلوب هو تنفيذ التعديلات الثلاثة، لافتا الى انه في حال عدم اقرارها، مع حالة الفساد التي تعيشها الدولة والضعف في الأجهزة الحكومية، فان الأمر يتطلب أن تكون هناك قوانين رديفة، كقانون
الضريبة على الشركات، وقانون حماية المستهلك، وقوانين محاربة الفساد وهي انشاء هيئة لمكافحة الفساد وقانون الذمة المالية للقياديين وقانون منع تضارب المصالح.
بدوره أبدى مطلق السويط، تخوفه من الاستعجال في اقرار قانون الخصخصة، لافتا الى انه يتعلق بأرزاق الناس ومستقبل أبنائهم، وان هناك من أصحاب الاختصاص في السياسة والاقتصاد من يؤيدونه في هذا
التخوف، للحيلولة دون شبح سيطرة التجار على مصادر رزق الكادحين من أبناء الوطن في وظائفهم وثروات وطنهم.
وأشار الى ان ما تشهده الساحة من التأجيج والتهديد باعتصامات، أمور تضر بالصالح العام للدولة وتشوه صورة الكويت في الخارج، لافتا الى ان مثل تلك الأمور والمواقف لن تؤدي الا الى الانقسام والفوضى.
وأضاف: لقد بدأت الخصخصة بعد الثورة الفرنسية وباءت بالفشل الذريع آنذاك، وشهدت فرنسا تطورا بعد الغاء الخصخصة، ضاربا أمثلة أخرى على فشل الخصخصة في بعض الدول، لافتا الى انه يؤيد خصخصة
بعض القطاعات كالكهرباء والماء، والمشاريع التي لا تحقق الا الخسارة، أما المشاريع المربحة كالنفط فلا يجب خصخصتها.
الخصخصة
من جانبه، قال الكاتب احمد الديين ان موضوع قضية الخصخصة مهم وسينعكس على مستقبل بلادنا والطبقة العاملة في البلاد، لافتا الى ان القانون يتعارض مع الدستور في ثلاثة مواضع، أولها ان الدستور لا
يتحدث عن تخصيص موارد الثروة الطبيعية ولا عن المرافق العامة، بل يتحدث عن منح الدولة التزام باستثمار مورد من موارد الثروة أو مرفق عام وبزمن محدود، وليس التخصيص ونقل الملكية.
وأشار الى ان هناك مخالفة صارخة للدستور في مادته الـ 50، والخاصة بفصل السلطات مع تعاونهما وعدم تنازل اي سلطة عن كل او بعض اختصاصاتها، وان القانون عكس ذلك.
وأضاف أن الدستور وضع أساس وفلسفة اقتصادية مفاده ان الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والخاص، وهذا يعني ان هناك دورا ووجودا لنشاط القطاع العام مثلما
ان هناك وجودا للنشاط الخاص وعدم طغيان احدهما على الآخر.
مثالب
من جانبه قال الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور ان القانون به العديد من المثالب القانونية والدستورية، وهو قانون لتحويل الكويت الى دولة اقطاعية، لافتا الى ان الخصخصة توجه عالمي منذ 30 سنة، وفي الوقت
الذي يتجه فيه العالم في اجراءاته الاصلاحية الى التأميم وليس الى الخصخصة، نأتي لإصدار قانون الخصخصة ونناقض به العالم في إجراءاته في ظل الأزمة المالية.
وأشار الى ان الكويت تسير في اتجاه يخالف المنطقة والعالم وفي المنطق الاقتصادي من حيث الدورة والمعطيات الاقتصادية، اضافة الى ان مشكلتنا التي أقرتها الحكومة ان أحد محاور الخلل في الهيكلية الاقتصادية
هو القطاع الخاص لأنه قطاع تابع للحكومة، متسائلا: كيف لنا أن نعطي لمن هو تابع تحمل هذه المسؤولية؟
بدوره، قال الناشط السياسي فيصل الدابس ان قانون الخصخصة يخالف كل التوجهات الاقتصادية والأطر التجارية، لافتا الى ان المدافعين عن الخصخصة دائما ما يتكلمون عن النظريات والأطر العامة ويتركون الجانب التطبيقي الفعلي، مؤكدا على اهمية الخصخصة للقطاعات التي تعاني الخسائر ويكثر فيها الفساد فقط وليست الرابحة، مبديا تحفظه على خصخصة الخطوط الجوية الكويتية ومحاولة الحكومة اغراقها بالفساد لتكون حجة لهم من أجل البيع للمتنفذين.
وقال ان الخوف يتمثل في ان الحكومة لم تعودنا على روح المبادرة وزرع الثقة في نفوس المواطنين، لافتا الى ان المواطن لا يثق في الحكومة ولا حتى في قدرتها على تنفيذ الخطة التنموية والدليل محطة مشرف
وستاد جابر وقضية المسرحين وغيرها من القضايا التي أفقدت المواطن الثقة في الحكومة.
من جانبه، وجد رئيس نقابة العاملين في ديوان الخدمة المدنية أنور الدهوم ان الهدف من الخصخصة هو ابعاد الرقابة الشعبية عن القطاع النفطي، والقطاعات الأخرى، لافتا الى ان الحكومة ترى انه لو ان التخلص
من الدستور يكون بتشريع قوانين فهي على استعداد لبيع البلد، وأشار الى ان ما يحدث هو عمل مدبر جاء بتنظيم وتخطيط لبيع البلد، داعيا نواب الأمة الى البدء بخصخصة الجهات الخاسرة وليست الرابحة.
وأكد انهم لا يسمحون ببيع البلد ولا أن تهان كرامة الكويتي بتقبيل اقدام التجار للحصول على الوظيفة، موجها رسالة الى التجار قائلا «اذا كان هذا هدفكم فسنتصدى لكم».