:::... سلسلة تيسير العلم الشرعي ( فقه المعاملات المالية المعاصرة ) ...:::

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد...


فهذه صفحة متجددة إن شاء الله تعالى تبحث في فقه المعاملات المالية المعاصرة , وهي المعاملات التي طالت كل بيت ودخلت على كل مسلم في حياته الدنيا , وقد تواترت كلمات أهل العلم على وجوب معرفة حكم الله تعالى في المعاملات التي يدخلها المسلم , فلا يصح أن يدخل في معاملة ما ثم يسأل عن حكم الله فيها بل الصحيح أن يسأل أولا ثم بعد ذلك ينظر في إحتمال التعاقد أم لا ...


المعاملات المالية المعاصرة هي عقود فمنها ما يُحله الشرع ومنها ما يُحرمه , والعقود حالها مثل العبادات لها تأثير على حياة العبد من حيث الفلاح والعادة أو الشقاء والتعاسة , فقد قال سبحانه (( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) الآية , والعقود إن كانت صحيحة شرعا فهي من الأعمال الصالحة التي تلقي بظلالها على حياة المسلم ومن ثَّم سعادته في داره الدنيا , فلزم من هنا أن نعرف الفرق بين الحلال والحرام , وبين المباح والممنوع , وهنا ترجع أهمية دراسة هذه السلسلة...


وسوف أتعرض إن شاء الله تعالى في هذه السلسلة لأغلب المسائل الهامة التي يحتاجها المسلم من معاملات مالية , فنتعرض إن شاء الله تعالى للقروض والودائع وبيع التقسيط وكروت الإئتمان والجوائز والمرابحة والجمعيات وبيع العينة وعقود الإجارة وما ينتهي منها بالتملك وغير ذلك , وقد نتوسع في بعض الأبحاث الخاصة والتي تحتاج إلى ترجيح للأدلة مع بيان الفتاوي الخاصة بها , ثم نظهر إن شاء الله تعالى بعض الأخطاء التي قد تكون موجودة في المعاملات المالية المعاصرة , ليكون المسلم على بصيرة من أمره...


والله أسأل أن يعين وييسر الأمر إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين.


المشاركة القادمة إن شاء الله عن تعريف المعاملات المالية وقسميها
 

أبو مالك

عضو بلاتيني
أسأل الكريم المنان
ذو الجود والكرم والإحسان
أن يسطر لك ذلك في الديوان
ويثقل به الميزان
وبجعله من اسباب
عتقك وأخوانك من النيران
 

أبو مارية

عضو فعال
أعانك اللــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ووفقك لإصابة الحق

........................................


حق الإله عبادة بالأمر لا بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هما سببا النجاة فحبذا السببان
لم ينج من غضب الإله وناره إلا الذي قامت به الأصلان
والناس بعد فمشرك بإلهه أو ذو ابتداع أو له الوصفان
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===================
تعريف المعاملات المالية وقسميها
===================

تمهيد
الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد , فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا فيما صح من الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله تعالى (( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشبهات لا يعلمها كثير من الناس , فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه , ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه و الا وإن لكل ملك حمى , ألا إن حمى الله في أرضه محارمه )) الحديث , وقد أكرمنا الله تعالى بعلماء أثبات راسخي الأقدام في العلم الشرعي نظروا في المستجدات التي نزلت بالأمة الإسلامية في المعاملات المالية , فأصلوا وفصلوا وبينوا وأفتوا بما يحل وبما لا يحل وأخلوا ذمتهم في هذا الباب لما بينوه للناس من أحكام , وما عملنا في هذا البحث إلا نقل أقوالهم وترجيحاتهم مع التصدي لما قد يُستعصى فهمه أو ما يُستشكل هضمه من مصطلحات أو مفاهيم...


وقد أستعين في هذا البحث بشروحات أهل العلم , وأنقل من موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة للشيخ العلامة علي أحمد السالوس حفظه الله تعالى , وأستعين أيضا بشرح الشيخ خالد بن علي المقيشح على سبيل تنظيم نقاط البحث , والله ولي التوفيق


تعريف المعاملات المالية المعاصرة
المعاملات في اللغة : جمع معاملة ؛ وهي مأخوذة من العمل وهو لفظ عام في كل فعل يقصده المكلف , وأما في الاصطلاح : فهي الأحكام الشرعية المتعلقة بأمور الدنيا كالبيع والشراء والإجارة والرهن وغير ذلك .


المالية :
العلماء يطلقون المال على ثلاثة إطلاقات :
1- الأعيان العروض : كالسيارة والبيت والأطعمة والأقمشة وغير ذلك .
2- المنافع : كمنفعة السكنى في هذا البيت ومنفعة البيع والشراء في هذا الدكان .
3- العين : ويراد به الذهب والفضة وما يقوم مقامه الآن من الأوراق النقدية مع أن المشهور عند الفقهاء رحمهم الله أنهم يجعلون الأوراق النقدية من قبيل العروض .
والعلماء رحمهم الله عرَّفوا المال بتعاريف متقاربة فقالوا : هو كل عين مباحة النفع أو كل ما أبيح نفعه فهو مال إلا ما استثناه الشارع .

المعاصرة : مأخوذ في اللغة من العصر ، والعصر يطلق في اللغة على ثلاثة إطلاقات :
1- الدهر والحين .
2- من عَصَر الشيء إذا ضغطه حتى يحتلب .
3- الملجأ ، يقال : اعتصر بالمكان أي التجأ به .

فيتلخص لنا في تعريفات المعاملات المالية المعاصرة أنها : الأحكام الشرعية للمسائل المالية التي ظهرت ووجدت في عصرنا


أقسام المعاملات المالية
المعاملات المالية وتشمل أمرين :
1-أحكام المعاوضات : وهي المعاملات التي يقصد بها العوض من الربح والكسب والتجارة وغير ذلك ، وتشمل البيع والإجارة والخيارات والشركات .. وما يلحق بذلك من عقود التوثقات .

2- أحكام التبرعات : وهي المعاملات التي يقصد بها الإحسان والإرفاق ، مثل الهبة والعطية والوقف والعتق والوصايا وغير ذلك
إذا عرفنا أن المراد بالمعاملات . انتهى كلام الشيخ حفظه الله


انتهى وفي المشاركة القادمة نتناول بعض الضوابط التي تبنى عليها أحكام هذه المعاملات المالية , والحمد لله رب العالمين

-----------------------------------------------------------------------


أسأل الكريم المنان


ذو الجود والكرم والإحسان
أن يسطر لك ذلك في الديوان
ويثقل به الميزان
وبجعله من اسباب

عتقك وأخوانك من النيران


آمين يا رب العالمين , وجزاك الله خيرا يا صاحب القلم السيال بالحكمة والكلم الطيب.
.
.
.
.
أعانك اللــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه ووفقك لإصابة الحق

........................................


حق الإله عبادة بالأمر لا بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هما سببا النجاة فحبذا السببان
لم ينج من غضب الإله وناره إلا الذي قامت به الأصلان
والناس بعد فمشرك بإلهه أو ذو ابتداع أو له الوصفان

آمين و جزاك الله خيرا يا أبا مارية على دعاءك الطيب , فاللهم تقبل
 

بو حمد

عضو بلاتيني
موضوع جميل و مهم ..


نسأل الله لك السداد و التوفيق و الاجر..


متابعين للشيخ ابو عمر ..
 

سعيد

عضو ذهبي
يعيش الكثير من المسلمين مساوئ فصل الدين عن حياة الناس ..

ونحن عبيد لله سائرون على ما ارتضاه لنا في جميع أحوالنا ..

وهذا الفصام النكد بين الدين والحياة في مظاهر كثيرة ..هي السبب في تخلفنا ..

ومن أبرز هذه المظاهر هي المعاملات المالية المحرمة التي تجر وبالا عظيما على الأمة بأجمعها ..

وكلنا شوق في استكمالك هذا الموضوع المهم أخي أبا عمر ..

...

سؤال .. هل تدخل المعاملات في قسم العبادات في الفقه ..؟ وإلا ما الفرق بينها وبين العبادات ؟
 

joreyaa

عضو بلاتيني / الفائز الثالث في المسابقة الرمضانية
فائز بالمسابقة الدينية الرمضانية
موضوع هام أخ أبو عمر ونتمنى أن يفتح مجال الأسئلة في كثير من المعاملات التي لا يفقه فيها الكثير منا ...

جزاك الله خيرا
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===============================
بعض الضوابط التي تبُنى عليها أحكام المعاملات المالية
===============================

الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد...

فاستكمالا لهذا الموضوع الهام أضع اليوم ثلاثة شروط أو ضوابط من التي يبنى عليها أحكام المعاملات المالية..


الضابط الأول : الأصل في المعاملات الحل
وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم ولم يخالف في ذلك إلى الظاهرية الذين ذهبوا إلى أن الأصل في المعاملات التحريم ولا يباح منها إلا ما وجدت صورته في القرآن أو السنة وما عداه فهو محرم لا يجوز التعامل به , والراجح هو مذهب الجمهور رحمهم الله تعالى والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) الآية , وهذا يتضمن الإيفاء بكل معاملة سواء كانت صورتها موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو استحدثت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
وكذلك قوله تعالى ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا ) الاية , وهذا أيضا مطلق يشمل كل عقد , بل في الحقيقة أن آيات قرآنية قد جاءت بحصر المحرمات مما يعنى أن ما عداها الأصل فيه الإباحة قال تعالى ( وقد فصل لكم ما حُرم عليكم ) الآية ,وقال تعالى ( إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ) الاية
وأما من السنة فيكفى الحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( إن أعظم الناس جرما من سئل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ) وهذا يدل على أن الأصل الحل والإباحة ما لم يأت نص يحرم ويمنع , فثبت هذا الضابط والحمد لله رب العالمين


الضابط الثاني : الأصل في الشروط الحل
والخلاف في هذا الضابط كالخلاف في الذي قبله تماما , ولهذا فغن الجمهور على أن الأصل في الشروط الحل سواء كان ذلك شرطا يقتضيه العقد أو كان شرطا من مصلحة العقد أو شرط وصف أو منفعة ( وسوف يأتي تفصيل ذلك بطريقة ميسرة غن شاء الله تعال )

والمراد بالشروط هو ما يشترطه أحد المتعاقدين مما له فيه منفعة , ومحل الشرط أن يكون قبل إبرام العقد , فلا يكون بعده ويكون أيضا في صلب العقد وفي زمن الخيارين ( سوف يأتي بيان هذه المسألة إن شاء الله تعالى )


يقول الشيخ خالد في وصف مبسط لمسألة الشروط (( في صلب العقد كأن يقول : بعتك هذه السيارة بشرط أن أستعملها لمدة يوم أو يومين
في زمن الخيارين- خيار المجلس أو خيار الشرط- كما لو باعه السيارة ثم في المجلس قال : بشرط أن أنتفع بها لمدة يوم أو يومين . وكذلك في زمن خيار الشرط يصح أن يشترط فلو باعه السيارة وقال: لي الخيار لمدة ثلاثة أيام . ثم في أثناء هذه المدة اشترط أن يستعمل هذه السيارة لمدة أسبوع أو أسبوعين ، فنقول: بأن هذا صحيح )) انتهى


الضابط الثالث : منع الظلم
وأما الظلم في اللغة فهو وضع الشيء في غير وضعه تعديا , وفي الشرع هو فعل المحذور وترك المأمور ...

وهذا الضابط مما اتفقت عليه كل الشرائع , فقد اتفقت كل الشرائع على منع الظلم ووجوب العدل , فقال تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) الاية , وقال تعالى ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم )الآية , وقال تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بالباطل )الآية
وأما من السنة فكثير جدا منها قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن دماءكم واموالكم وأعراضكم عليكم حرام ) وهو في الصحيحين , وقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) , ولهذا فإن الإسلام حرم النجش أو البيع على بيع الآخر أو يسوم على سومه مما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.


وأكتفي بهذا القدر على أن أكمل إن شاء الله تعالى باقي الضوابط في المشاركة القادمة والحمد لله رب العالمين
-----------------------------------------------------------------------
موضوع جميل و مهم ..


نسأل الله لك السداد و التوفيق و الاجر..


متابعين للشيخ ابو عمر ..


آمين يا رب العالمين , وجزاكم الله خيرا على الدعاء أخي الكريم ولا تنسانا منه في السر والعلانية.



يعيش الكثير من المسلمين مساوئ فصل الدين عن حياة الناس ..

ونحن عبيد لله سائرون على ما ارتضاه لنا في جميع أحوالنا ..

وهذا الفصام النكد بين الدين والحياة في مظاهر كثيرة ..هي السبب في تخلفنا ..

ومن أبرز هذه المظاهر هي المعاملات المالية المحرمة التي تجر وبالا عظيما على الأمة بأجمعها ..

وكلنا شوق في استكمالك هذا الموضوع المهم أخي أبا عمر ..

...
سؤال .. هل تدخل المعاملات في قسم العبادات في الفقه ..؟ وإلا ما الفرق بينها وبين العبادات ؟



هلا بالحبيب سعيد , السعيد في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى

أخي الكريم بالنسبة لسؤالك فإن كل ما يفعله المسلم تقربا لله تعالى يدخل في العبادات , فإن التزم المعاملة الصحيحة وابتعد عن الظلم والربا والغرر والغش وغير ذلك التماسا لرحمة ربه ورغبة في رضاه فهذا عمل من العبادات طبعا , ومن هنا قوله تعالى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ) الآية وهذا يعني أن أعمال المسلم كلها لله تعالى , ولكن يفرق أن الأعمال التي تحتمل وجهين من عادة وعبادة يلزمها نية مخصوصة تميزها.

وأما العبادات فإن أهل العلم رحمهم الله تعالى قد قسموا أبواب الفقه إلى عبادات ومعاملات بشقيها مالية وشخصية , وهذا من باب التقسيم العلمي ولجمع المادة بعضها إلى بعض في أبواب متعاقبة فيسهل الفهم وهضم المسائل..




موضوع هام أخ أبو عمر ونتمنى أن يفتح مجال الأسئلة في كثير من المعاملات التي لا يفقه فيها الكثير منا ...



جزاك الله خيرا


جزانا وإياكم أختنا الكريمة , ونعم الأسئلة مفتوحة من الآن ولكن في صلب المشاركة حتى لا نستبق الخطوات فيدخل أول الكلام في آخره.

حياكم الله أختنا الكريمة
 

سعيد

عضو ذهبي
الضابط الأول : الأصل في المعاملات الحل


معنى ذلك أن الحكم على معاملة بالتحريم والمنع يحتاج إلى دليل تحريم ..

بينما الحكم على معاملة بالحل والجواز لا يحتاج إلى دليل ..لأن الأصل في المعاملات الإباحة ..

...
سؤال .. إذن متى تثبت حرمة معاملة من المعاملات ؟

لا أدري إن كان سؤالي في وقته !

وجزاك الله خيرا أبا عمر ..
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===============================

تابع الضوابط التي تبُنى عليها أحكام المعاملات المالية


ضابط منع الغرر

===============================



الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد...


فنكمل إن شاء الله تعالى في هذه المشاركة ضابط آخر من الضوابط التي يبنى عليها العقد وهو ضابط هام جدا ألا وهو منع الغرر , وبعد وضع هذا الضابط



الضابط الرابع منع الغرر
الغرر في اللغة يطلق على عدة معان منها النقصان والخطر والتعرض للتهلكة والجهل , وأما في الإصطلاح : فهو ما لا يعرف حصوله أو لا يعرف حقيقته ومقدارة كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر كما في حديث أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم , وقد اتفقت الأئمة على هذا الضابط , وبضرورة منع الغرر في المعاملات.
وقد وردت أحاديث أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم يفيد منع بيع الغرر منها مثلا النهي عن بيع حبل الحبلة وهو ولد ولد الناقة , وبيع المضامين وهو ما في بطون النوق من الأجنة , وكذلك نهى عن بيع الملاقيح وهي ما في أصلاب الفحول , وكلها تدل لهذا الضابط وأنه يمنع الغرر في المعاملات.

يقول الشيخ خالد : وقد اشترط العلماء للغرر المنهي عنه شروطا وهي :
1- أن يكون الغرر كثيرا غالبا على العقد , وعليه إذا كان الغرر يسيرا فإنه لا يمنع من صحة المعاملة والإجماع قائم على ذلك.

و مثَّل العلماء لهذا بدخول الحمام للإغتسال فإنه فيه شيء من الغرر ، لأن الناس يختلفون في طول الإقامة وقصرها وفي استعمال الماء كثرة وقلة .
ومن ذلك أيضاَ تأجير السيارة لمدة يوم أو يومين فالناس يختلفون في استعمالها قلة وكثرة وكيفية ...إلخ ، فهذا فيه شيء من الغرر لكنه معفو عنه شرعاَ لما كان يسيراَ.

2- ألا تدعو الحاجة إلى هذا الغرر حاجة عامة ، وقد ذكر الجويني وغيره قاعدة في ذلك وهي : " أن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة " ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه من البيع لأجل نوع من الغرر بل يبيح ما يحتاج إليه الناس من ذلك .
وقول العلماء : " الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة " لابد – إذا سلمت هذه القاعدة – من تحقق الحاجة وألا يكون هناك مخارج شرعية ، فلابد من ضبط ذلك بتحقق الحاجة وأنه لا مناص من الوقوع في مثل هذا ، فإذا عمَّت الحاجة فإنه كما ذكر الجويني وغيره من أهل العلم تنزل منزلة الضرورة .
ويدل لهذا حديث ابن عمر أن النبي r " نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها " فالنهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ؛ قالوا : هذه حاجة عامة ، فإنه يؤخذ من الحديث أنه إذا بدا الصلاح بحيث احْمرّ البُسْر أو اصفَرّ صح البيع ، مع أن بعض أجزاء هذه الثمار لم تخلق وفي هذا شيء من الغرر ، ومع ذلك أجازه الشارع لعموم الحاجة .

3- أن يمكن التحرز من الغرر بلا حرج ولا مشقة ، وهذا أيضاً بالإجماع فإن الغرر إذا لم يمكن التحرز منه إلا بوجود الحرج والمشقة فإنه معفو عنه .
ويمثِّل العلماء لذلك بأساسات الحيطان وما في بطون الحوامل ؛ فالإنسان يشتري البيت وهو لم يطَّلع على أساساته وقواعده وكيف تم بناؤها ..إلخ ، وكذلك يشتري الحيوان الحامل وهو لا يعرف ما في بطن هذا الحيوان هل هو ذكر أم أنثى أو هو متعدد أو غير متعدد وهل هو حي أو ميت ..إلخ ، فمثل هذا لا يمكن معرفته ولو أردنا أن نعرف مثل هذه الأشياء للزم من ذلك الحرج والمشقة .
وأيضاً من الأمثلة على ذلك ما تقدم في حديث ابن عمر أن النبي رخَّص في شراء الثمار إذا بدا صلاحها مع أن آخر هذه الثمار غير معروف لأنه لم يخلق بعد ولا يعرف كيف يكون نضجها .

4- أن يكون الغرر المنهي عنه في عقود المعاوضات ، وهذا ما ذهب إليه الإمام مالك واختاره شيخ الإسلام .
وخرج من عقود المعاوضات ما يتعلق بعقود التبرعات فإنها عند الإمام مالك وشيخ الإسلام ابن تيمية لا يشترط فيها السلامة من الغرر .
الجمهور لا يفرقون بين عقود المعاوضات وعقود التبرعات ، فلابد من السلامة والإجارة ونحو ذلك هذه يشترط فيه العلم والتحرير والسلامة من الغرر .
أيضاً يقولون : عقود التبرعات كالهبة والهدية والعطية والوقوف ونحوها في الجملة يقولون : يشترط فيها السلامة من الغرر .
والجمهور يستدلون بحديث أبي هريرة أن النبي (( نهى عن بيع الغرر )).
والمالكية وشيخ الإسلام ابن تيمية يستدلون بحديث عبد الله بن عمرو في قصة الرجل صاحب كبة الشعر فإنه أخذها من المغنم واستوهبها من النبي فقال النبي :" أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك". أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما .
وعندنا الأصل في ذلك الصحة ، كما سلف أن الأصل في المعاملات سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات الصحة .
وأما الاستدلال بحديث أبي هريرة أن النَّبيّ (( نهى عن بيع الغرر ))فهذا فيه نظر ، فهناك فرق بين عقود المعاوضات وعقود التبرعات ؛ عقود المعاوضات يدخل فيها الإنسان وهو يريد الكسب والتجارة فاشترط فيها من العلم والتحرير ما لا يشترط في عقد التبرعات ؛ لأن عقود التبرعات لا يريد الإنسان فيها الكسب وإنما يريد الإرفاق والإحسان .
وعلى هذا تترتب مسائل كثيرة يذكرها العلماء :
مثلاً : هبة المجهول : لو أن الإنسان وهب سيارة مجهولة أو ما في جيبه فقال : وهبت لك ما في جيبي من الدراهم ، فهل يشترط أن تكون الهبة معلومة أو لا يشترط ؟ نقول : لا يشترط أن تكون الهبة معلومة على الصحيح .
كذلك لو أنه وهب شيئاً له مسروقاً أو مغصوباً أو منتهباً فنقول : هذه هبة صحيحة ، وعند جمهور أهل العلم أنها ليست صحيحة لأنهم يلحقون عقود التبرعات بعقود المعاوضات وأنه لابد من القدرة على التسليم .
كذلك أيضاً لو وهب شيئاً ضائعاً له أو رقيقاً آبقاً أو نحو ذلك فالجمهور أن ذلك لا يصح وعند المالكية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه صحيح ، وبهذا نعرف أن عقود التبرعات أوسع من عقود المعاوضات ، فإنه لا يشترط في عقود التبرعات ما يشترط في عقود المعاوضات من العلم والتحرير …إلخ .
فالصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه الإمام مالك واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، مع أنه - كما ذكرت – هذا رأي الجمهور في الجملة فهم لا يطردون المسألة فتجد أنهم يفرقون بين باب الوصايا وبين باب الهبة والعطية ، فهم يجيزون الوصية المجهولة لكن لا يجيزون الهبة المجهولة ، وهذا مما يدل على ترجح ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله وأنه من شروط الغرر المنهي عنه أن يكون في عقود المعاوضات ، أما عقود التبرعات فإن هذا ليس شرطاً منهياً عنه . انتهى


أقول هذا الشرط أي السلامة من الغرر لابد من ضبط معانيه بطريقة سليمة ليتسنى لنا المضي قدما في هذا البحث إن شاء الله تعالى , لأن عقود التأمين وما يشبهها فيها من الغرر الكثير التي من أجلها منع منها العلماء كما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى , وقد ظهر من استعراض الأدلة أن قول الإمام مالك واختيار شيخ الإسلام رحمه الله في مسألة الغرر في الهبات هو الراجح وهذا يجعل الهبة والتبرع أوسع من عقود المعاوضات من هذا الجانب


وفي المشاركة القادمة إن شاء الله نتناول الضابط الخامس وهو منع الربا في العقود وبالله التوفيق
-----------------------------------------------------------------------------------





اشتقنا لهذه المواضيع


بارك الله فيك ووفقك الى ما يحب ويرضى ورزقك من حيث لا تحتسب.




هلا بأبي المعز ...

آمين و بارك الله بنا وبكم أخي الكريم , ولعل الله يكتب بفضله في هذه السلسلة الفائدة ولنا جميعا الأجر إن شاء الله تعالى.

حياك الله



معنى ذلك أن الحكم على معاملة بالتحريم والمنع يحتاج إلى دليل تحريم ..

بينما الحكم على معاملة بالحل والجواز لا يحتاج إلى دليل ..لأن الأصل في المعاملات الإباحة ..

...
سؤال .. إذن متى تثبت حرمة معاملة من المعاملات ؟

لا أدري إن كان سؤالي في وقته !

وجزاك الله خيرا أبا عمر ..


هلا بسعيد السعيد إن شاء الله تعالى.

نعم أخي الكريم الأصل في العقود الحل ولا يمنع منها إلا بما ثبت في دليل صحيح تحريمه , وقد يرجع هذا التحريم إلى ماهية صلب العقد وقد يرجع إلى الشرط.

فأما صلب العقد كأن يتعاقد اثنان على زنا أو تحارة محرمة أو ما أشبه ذلك , فيثبت بذلك حكم التحريم لهذا العقد لأن ماهيته وصلبه من الأمور المحرمة شرعا.

أو قد يكون هناك شرط محرم قد دخل العقد , وهنا ينظر في الشرط فإن كان تأثيره على العقد نفسه حكم ببطلان الشرط وفساد العقد كما سوف يأتي في بعض شروط كروت الإئتمان , وقد يكون الشرط باطل والعقد سليم.


وبعد إنتهاء الضوابط الأساسية سوف تتضح الصورة أكثر إن شاء الله تعالى ...


حياك الله يا سعيد
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===============================

تابع الضوابط التي تبُنى عليها أحكام المعاملات المالية


ضابط منع الربا

===============================

الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد ...


فنضع اليوم إن شاء الله الضابط الخامس من الضوابط التي تبنى عليها الأحكام , وفي الحقيقة هذه الضوابط تحتاج إلى عناية كبيرة إذ أنها مفتاح لفهم المسائل المالية الإسلامية , وهي مدخل لفقه هذا الباب العظيم من أبواب الفقه , إذ أن الإقتصاد الإسلامي وأصوله التي بني عليها من معالم قوة الشريعة الإسلامية , ونظرية سريعة إلى الأزمة الأخيرة كفيل لبيان ذلك بطريقة واضحة بعد سقوط الكثير من المؤسسات المالية بسبب تعاملها في الربا الصريح وعدم تقيدها بأحكام الشريعة في الضوابط التي يجب تطبيقها لحماية المال العام والخاص.


سوف نرى في هذه المشاركة أيضا الأسباب التي تؤدي إلى خفض الأسعار , وزيادة النشاط في السوق الإسلامية , مع بيان الطريق الواضح لإنماء المال بطريقة صحية تعود بالنفع على صاحبه وعلى الوسط المحيط به.


قال الدكتور خالد المشيقح :

الضابط الخامس : منع الربا
والربا في اللغة يطلق على معانٍ منها الزيادة .
وأما في الاصطلاح فهو : تفاضل في أشياء ونسأ في أشياء مختص بأشياء ، وهذا التعريف فيه شيء من الإجمال لكن عند معرفة قسمي الربا يتضح شيء من إجمال هذا التعريف .
فالربا ينقسم إلى قسمين :
1- ربا الفضل .
2- ربا النسيئة .
هذان القسمان هما المشهوران عند العلماء وهناك من يقسم غير هذا التقسيم .

أولاً : ربا الفضل
الفضل في اللغة : الزيادة .
وأما في الاصطلاح : فهو الزيادة في أحد الربويين المتحدي الجنس الحالين .
ومثاله : عشرون غراماً من الذهب بخمسة عشر ، فالذهب ربوي فإذا بادلت هذا الذهب بمثله مع الزيادة فقد وقعت في ربا الفضل ما دام أنهما حالان .
وأما عشرون بخمسة عشر مؤجلة فهذا ربا فضل ونسيئة .
ولابد هنا من معرفة ما هو المال الربوي ؟
هذا موضع خلاف بين أهل العلم يطول ذكره ، لكن الخلاصة في ذلك على المشهور من مذهب الإمام أحمد : أن الربوي هو كل مكيل أو موزون ، فإذا عبَّروا بالربوي ونحوه فالمقصود عندهم : المكيل كالبر والشعير والتمر والأرز والدخن والموزون كالحديد والنحاس والصُفر والشعر والصوف والوبر ، فعندما تبادل ربوي بجنسه لابد من شرطين :
1- الحلول والتقابض .
2- التماثل .
هذا ما ذهب إليه الحنابلة وهو أيضاَ قول الحنفية .

الرأي الثاني : أن ضابط الربوي : أنه كل ما كان ثمناَ للأشياء وكل مكيل أو موزون مطعوم ، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أقرب .
فما كان ثمناَ للأشياء كالدراهم وهذه النقود فهذه أثمان للأشياء فنقول : هي ربوية ، وكذلك المطعومات الموزونة والمطعومات المكيلة ربوية وما عدا ذلك فليس ربوياَ كالكتب والأقلام والثياب والأخشاب والسيارات والمعدات ، فهذه ليست ربوية لأنها ليست مطعومة ، وعليه لو بادلت سيارة بسيارتين أو قلماَ بقلمين أو ثوباَ بثوبين فإن هذا جائز ولا بأس به .

ثانياَ : ربا النسيئة
وأما في الاصطلاح : فهو تأخير القبض في أحد الربويين المتحدين في علة ربا الفضل ، فإذا كان عندنا ربويان اتحدا في علة ربا الفضل ولو اختلف جنسهما فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون ذلك يداًَ بيد ، فمثلاَ : عندك ذهب بفضة فالجنس هنا مختلف لكنهما يتفقان في العلة فنقول : لابد أن يكون ذلك يداَ بيد .
أيضاَ الريالات والجنيهات المصرية هنا الجنس مختلف لكنهما يتحدان في العلة وهي الثمنية ، فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون يداَ بيد .
أما إذا اختلفت العلة فإننا لا نشترط التقابض ، فمثلاَ : ذهب وبر ؛ كل منهما ربوي لكنهما لا يتحدان في العلة فعلة الذهب خلاف علة البر .
وأيضاَ الريالات والشعير كل منهما ربوي لكنهما لا يتفقان في العلة فحينئذِ لا نشترط التقابض ، إنما نشترط التقابض إذا اتحد الربويان في علة ربا الفضل ، فإذا اتحدا في علة ربا الفضل وحصل التأخير فإنه ربا نسيئة .
وأدلة تحريم الربا ظاهرة والإجماع قائم على تحريمه ، بل إن الربا محرم حتى في الشرائع السابقة ، فإن الله عزَّ وجل ذم اليهود بقوله سبحانه : ( وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ) , ويقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ) ، ويقول سبحانه : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) وفي حديث جابر أن النَّبِي صلى الله عليه وسلم (( لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه )).


تم بحمد الله تعالى , وإن شاء الله تعالى في المشاركة القادمة نضع ضابط منع الميسر وبالله التوفيق


والحمد لله رب العالمين
 

أبو مارية

عضو فعال
جزاك الله خيرا أخي أباعمر وفتح عليك

هناك صورة أو مثال لم تذكره لعله يأتي لاحقا او أنه سقط

وهي إذا كان التبادل او التبايع نقود بذهب

هذه المعاملة تكون مع محلات الذهب
وهذه الصورة إختلف فيها أهل العلم

فذهب الشيخ السعدي رحمه الله صاحب التفسير إلى جوازها لعدم وجود الثمنية في الفلوس لأن ثمنيتها معتبرة وليست ثمنيتها ذاتية كالذهب والفضة فمن عنده فلوس قديمة الان لاينتفع بها وأما الذهب والفضة وغن كان قديما تبقى ثمنيته وقيمته فختلف المقيس عن المقاس عليه وهو قياس مع الفارق
فبهذا لم يقس الشيخ السعدي الفلوس على الذهب والفضة فكان التعامل الفلوس بالذهب كتعاملنا الفلوس بالدقيق أو الذهب بالدقيق
ووجه ءاخر لستدلاله رحمة الله عليه أنه تيسيرا على الأمة و لعدم التضيق عليها في باب المعاملات وهذا الأمر راعته الشريعة وهذا وجه قوي مع ماسبق .

وذهب غيره ومنهم الشيخ ابن العتيمين و الشيخ الألباني وغيرهما ذهب لعدم الجواز بسبب أن الذهب النقود يتفقان في التمنية فيسري بينهما الربا ورأي ان علتهما متفقة فقيست على النقود
فلايجوز بينهما إلا التقابض يدا بيد

وختاما يظهر من هذا المختصر أن مناط الخلاف بين العلماء في المسالة المذكورة هو هل النقود والفلوس لهما حكم الذهب والفضة أم لا أي هل العلة الذهب والفضة موجودة في النقود والفلوس ؟؟؟؟؟؟؟

........................

حق الإلــــــــه عبادة بالأمر لا **** بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هما **** سببا النجاة فحبذا السببــان
لم ينج من غضب الإله وناره **** إلا الذي قامت به الأصـــــــلان
والناس بعد فمشرك بإلـــــهه **** أو ذو ابتداع أو له الوصفـــــــان


.
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===============================

تابع الضوابط التي تبُنى عليها أحكام المعاملات المالية


ضابط منع الميسر و ضابط الصدق والأمانة

===============================

الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد ...


فنتناول اليوم إن شاء الله تعالى كلام أهل العلم حول الضابط السادس وهو منع الميسر وما يتعلق بهما وضابط الصدق والأمانة وهو الخلق الذي يجب أن يتحلى به المتعاقدين...


وكل هذه الضوابط تفتح الطريق عند تناول المسائل المالية الإسلامية بنوع من التفصيل , وذلك لأن الأصل إذا فهم جيدا وعلم مبناه من الكتاب والسنة سهل علينا أن نلجق الفرع بأصله , أن نعرف الحكم الشرعي بغير حفظ لأقوال المذهب وإجتهادتهم . ولذلك في هذه السلسلة سوف نحرص على تحرير القول الراجح من أقوال أهل العلم , فمذهبنا هو مذهب القول الصائب المرجح من أقوال العلماء المبني على أدلة وأصول سليمة. ومن المهم في هذه المشاركة أن نلحظ الفرق بين الغرر والميسر , وأن نضبط قاعدة ( إما غانم وإما غارم ) لأنها توضح حكم الكثير من المعاملات المشهورة عن طريق التلفاز من نوع ( اتصل واربح كذا ) لأن الإنسان يدفع مالا ولا يدري ما الذي سوف يجنبه فيكون بهذا قد دخل في قاعدة غارم أو غانم وهذا ميسر , بخلاف قاعدة إما غانم أو سالم فالدخول في معاملة تحوي هذين القسمين لا بأس بها إن شاء الله تعالى


الضابط السادس : منع الميسر
والميسر في اللغة يطلق على معان منها : السهولة ، والغنى إذا كان مأخوذاً من اليسار ، ويطلق أيضاً على الوجوب فيقال : يسر لي الشيء إذا وجب .
وأما في الاصطلاح : فهو كل معاملة يدخل فيها الإنسان وهو إما غانم أو غارم .
وتحريم الميسر متفق عليه ، والأدلة عليه ظاهرة من القرآن والسنة والإجماع ، أما القرآن فقول الله عزَّ وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) الآية .
ومن السنة ما ثبت في صحيح البخاري أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق ))فكون النَّبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتصدق كفارة لقوله هذا ، فهذا يدل على أنه دعا إلى محرم .
والإجماع قائم على تحريم الميسر .

ومن الأمثلة الداخلة في الميسر : بيع المجهول وأيضاً داخل في الغرر ، فمثلاً : إذا بعت سيارة مجهولة بكذا وكذا فالمشتري داخل وهو إما غانم أو غارم ، فإذا دفع في قيمة هذه السيارة مثلاً عشرة آلاف ريال فإن كانت هذه القيمة التي دفعها مساوية لقيمة السيارة فهو سالم ؛ وإن كانت أقل فهو غانم ؛ وإن كانت أكثر فهو غارم .

ومن الأمثلة الداخلة تحت الميسر : إذا كان الثمن مجهولاً ، يعني باع هذه السلعة بثمنٍ مجهول فالبائع يدخل في هذه المعاملة وهو إما غانم أو غارم .

الفرق بين الميسر والغرر :
الميسر أخص من الغرر ، فكل ميسر غرر وليس كل غرر ميسراً ؛ فبينهما عموم وخصوص ، الغرر أعم من الميسر والميسر أخص من الغرر ، فقد تكون المعاملة غرراً لكن ليس فيها ميسر ، وإذا كانت ميسراً فإنها غرر .
فمثلاً : ما يتعلق بجهالة أساسات الحيطان أو جهالة ما في باطن الجبة من الحشوة ونحو ذلك أو جهالة الثمر الذي لم يخلق ، هذه الأشياء من الغرر لكنها ليست من الميسر فالغرر أعم من الميسر والميسر أخص .
جهالة الثمن هذا ميسر وغرر ، بيع المعجوز عن تسليمه هذا ميسر وغرر لأن المشتري يدخل في هذه المعاملة وهو إما غانم أو غارم إما أن يحصله وإما ألا يحصله .



الضابط السابع : الصدق والأمانة
والصدق في اللغة : يدل على قوة في الشيء وهو مطابق الحكم للواقع .
والأمانة في اللغة : سكون القلب والوفاء والتصديق .
والمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي .
فالصدق في المعاملات : هو أن يطابق قول العاقد الواقع ولا يخالفه .
والأمانة في المعاملات في الاصطلاح : إتمام العقد في المعاملة والوفاء به وعدم مخالفته .
والأدلة على هذا الضابط من القرآن والسنة والإجماع .
أما القرآن فقول الله عزَّ وجل : ( وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُم) الآية ، وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) الآية ، وقوله : ( فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) الآية ، وقوله : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) الآية .


وأما السنة فمثل حديث حكيم بن حزام وفيه قول النَّبيّ صلى الله عليه وسلم (( البيعان بالخيار )) إلى أن قال (( فإن بينا وصدقا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما مُحقت بركة بيعهما )) وفي حديث أبي ذر في الصحيحين أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال (( ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم يوم القيامة – وذكر منهم – الذي ينفق سلعته بالحلف الكاذب)) . فدلَّ ذلك على وجوب الصدق والأمانة عند إجراء العقود ،

وقد ذكر الغزالي الضابط في ذلك فقال : ألا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه فكل ما عومل به شقَّ عليه وثقل على قلبه فلا يعامل به أخاه . وفي الصحيح من حديث أنس أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .انتهى


تم بحمد الله تعالى , وإن شاء الله تعالى في المشاركة القادمة أضع الضابط الأخير وهي مسألة سد الذرائع والحمد لله رب العالمين
-----------------------------------------------------------------------------------
جزاك الله خيرا أخي أباعمر وفتح عليك

هناك صورة أو مثال لم تذكره لعله يأتي لاحقا او أنه سقط

وهي إذا كان التبادل او التبايع نقود بذهب

هذه المعاملة تكون مع محلات الذهب
وهذه الصورة إختلف فيها أهل العلم

فذهب الشيخ السعدي رحمه الله صاحب التفسير إلى جوازها لعدم وجود الثمنية في الفلوس لأن ثمنيتها معتبرة وليست ثمنيتها ذاتية كالذهب والفضة فمن عنده فلوس قديمة الان لاينتفع بها وأما الذهب والفضة وإن كان قديما تبقى ثمنيته وقيمته فختلف المقيس عن المقاس عليه وهو قياس مع الفارق
فبهذا لم يقس الشيخ السعدي الفلوس على الذهب والفضة فكان التعامل الفلوس بالذهب كتعاملنا الفلوس بالدقيق أو الذهب بالدقيق
ووجه ءاخر لستدلاله رحمة الله عليه أنه تيسيرا على الأمة و لعدم التضيق عليها في باب المعاملات وهذا الأمر راعته الشريعة وهذا وجه قوي مع ماسبق .

وذهب غيره ومنهم الشيخ ابن العتيمين و الشيخ الألباني وغيرهما ذهب لعدم الجواز بسبب أن الذهب النقود يتفقان في التمنية فيسري بينهما الربا ورأي ان علتهما متفقة فقيست على النقود
فلايجوز بينهما إلا التقابض يدا بيد

وختاما يظهر من هذا المختصر أن مناط الخلاف بين العلماء في المسالة المذكورة هو هل النقود والفلوس لهما حكم الذهب والفضة أم لا أي هل العلة الذهب والفضة موجودة في النقود والفلوس ؟؟؟؟؟؟؟

........................

حق الإلــــــــه عبادة بالأمر لا **** بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هما **** سببا النجاة فحبذا السببــان
لم ينج من غضب الإله وناره **** إلا الذي قامت به الأصـــــــلان
والناس بعد فمشرك بإلـــــهه **** أو ذو ابتداع أو له الوصفـــــــان


.



حياك الله أخي الكريم...

نعم هذه المسألة لم يأتي أوانها بعد و وإنما أضع كلام أهل العلم حول الضوابط مع ضرب الأمثلة البسيطة لسهولة فهم الضوابط , وأما مسألة بيع الذهب والفضة بالنقود الموجودة الآن فسوف نأتي عليها إن شاء الله وبيان حكمها وحكم التقسيط فيها وغير ذلك إن شاء الله تعالى في باب بيع التقسيط وهو أول باب سوف نتناوله إن شاء الله تعالى


جزاكم الله خيرا وفتح الله علينا وعليكم بكل خير وبركة
 

أبو مارية

عضو فعال
اللهم ءامين وإياكم

........................


حق الإلــــــــه عبادة بالأمر لا **** بهوى النفوس فذاك للشيطان
من غير إشراك به شيئا هما **** سببا النجاة فحبذا السببــان
لم ينج من غضب الإله وناره **** إلا الذي قامت به الأصـــــــلان
والناس بعد فمشرك بإلـــــهه **** أو ذو ابتداع أو له الوصفـــــــان
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===============================
تابع الضوابط التي تبُنى عليها أحكام المعاملات المالية


ضابط سد الذرائع

===============================


الحمد لله وكفى , وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد ....


فأضع اليوم في هذه المشاركة إن شاء الله تعالى الضابط الأخير من الضوابط التي يجب مراعاتها في العقود المالية الشرعية , وهو ضابط سد الذرائع وهو ضابط يحتاج كما في الضوابط السابقة إلى فقه وضبط لأصوله , فإذا انتهينا من هذا الضابط انتقلنا إلى أول أبواب المعاملات المالية وهي بيع التقسيط إن شاء الله تعالى.


الضابط الثامن : ضابط سد الذرائع
والسد في اللغة : إغلاق الخلل .
والذرائع : جمع ذريعة وهي الوسيلة .
وأما في الاصطلاح : فهو منع الوسائل التي ظاهرها مباح وتؤدي إلى محرم ، واعلم أن ما يتعلق بسد الذرائع ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : ذرائع أجمع العلماء على سدها : وهي الذرائع المؤدية إلى الفساد والخلل في أمور الدين والدنيا مثل : شرب الخمر فإنه ذريعة إلى السُكر المؤدي إلى اختلال العقل ، وكذلك الزنا فإنه ذريعة إلى اختلاط الأنساب وضياعها ، فهذه الذرائع أجمع العلماء على سدها .

القسم الثاني : ذرائع أجمع العلماء على عدم سدها : مثل زراعة العنب لئلا يتخذ خمراً ، فالعلماء مجمعون على أن زراعة العنب جائزة وإن كان شيء من هذا العنب قد يشترى ويتخذ ويعصر لكي يكون خمراً ، ومع ذلك أجمع العلماء على أن هذه الذريعة لا تسد ، وسيتبين هذا بذكر ضوابط سد الذرائع .


القسم الثالث :الوسائل المباحة إذا أفضت إلى محرم غالباً فهل تسد أو لا تسد ؟هذا فيه خلاف بين الأئمة : المشهور عند المالكية والحنابلة أن هذه الذرائع تسد .

فائدة : مذهب المالكية هو أحسن المذاهب فيما يتعلق بسد الذرائع ثم بعدهم مذهب الحنابلة .
وعند الحنفية والشافعية يقولون : لا يجب سد الذرائع المباحة التي تفضي إلى محرم ، وهذا في الجملة وإلا ففي بعض التفاريع يلتزمون بمنع هذه الوسائل لكنهم لا يدخلونها تحت أصل سد الذرائع لأن هذا الأصل لا يقولون به وإنما يدخلونها تحت أصول أخرى تكون لهم .
والراجح في ذلك ما ذهب إليه المالكية والحنابلة ، وابن القيِّم رحمه الله في كتابه " إعلام الموقعين " ذكر تسعة وتسعين دليلاً على وجوب سد الذرائع المباحة إذا كانت تؤدي إلى محرم .

ضوابط سد الذرائع :
الضابط الأول : أن يكون الفعل المأذون فيه مؤدياً إلى الفساد أو إلى مفسدة غالبة ، فإن كانت المفسدة المرتبة عليه نادرة فإنه لا يقال بذلك ، فالنادر لا ترتب عليه الأحكام ولا تعلَّق به .

الضابط الثاني : أن تكون المفسدة الناتجة عن فعل المأذون مساوية لمصلحته أو أكثر ، فإن كانت مصلحة فعل المأذون أكثر من المفسدة المترتبة على الفعل فإنه لا تسد الذريعة .
وعليه فالأقسام ثلاثة :

الأول : أن تكون المفسدة المترتبة على فعل المأذون مساوية لمصلحته فحينئذٍ يسد هذا الفعل ويمنع .

الثاني : أن تكون المفسدة المترتبة على فعل المأذون أكثر من المصلحة المترتبة على سده فإنه يمنع حينئذٍ أيضاً .

الثالث : أن تكون المفسدة المترتبة على فعله أقل من المصلحة المترتبة عليه فإنه حينئذٍ لا يسد .

مسألة : ما منع سداً للذريعة فإن الحاجة تبيحه :
مثلاً : النظر ، قال العلماء : تحريم النظر من باب تحريم الوسائل ، وعليه تبيحه الحاجة فيجوز للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة للحاجة إلى ذلك ، ويجوز للطبيب أن ينظر إلى موضع العورة من المرأة الأجنبية للحاجة .
هذا ما يتعلق بالضوابط التي تدور عليها هذه المعاملات وقد استخلصها العلماء رحمهم الله من نصوص الكتاب والسنة .


تم بحمد الله تعالى , وإن شاء الله تعالى في المشاركة المقبلة نضع المشاركة الأولى في موضوع بيع التقسيط إن كتب الله لنا بقاء وقدر في العمر بقية , والحمد لله رب العالمين
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
====================


أولا بيع التقسيط


====================

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد...


ندخل في هذه المشاركة في أول أنواع البيوع المعاصرة وهي بيع التقسيط , وقد فصل الشيخ في هذا الباب بطريقة مبسطة وسهلة الخلاف الواقع في هذا الباب مع بيان الترجيح والأدلة , ومن هنا فإني أضع كلامه وإذا كان ثمة إشكال تعرضنا له إن شاء الله تعالى.


بيع التقسيط
1-تعريفه : هو بيع بثمن مؤجل يدفع إلى البائع على شكل أقساط .

2- مثاله : زيد من الناس يبيع سيارته بعشرة آلاف ريال ؛ كل شهر ألف ريال ، هذا يسمى بيع التقسيط .
* تنبيه : الأصل في البيوع أن الثمن يكون حالاً ، ولهذا العلماء رحمهم الله يجعلون حلول الثمن من الشروط في البيوع التي يقتضيها العقد ، يعني أنت لست بحاجة إذا بعت سلعة أن تقول : بشرط أن يكون الثمن حالاً ، حتى ولو لم تشترط هذا فالعقد يقتضي أن يكون الثمن حالاً ، فلو اشترط أن يكون الثمن حالاً فهذا بيان وتأكيد فقط وإلا فالأصل إذا جرت المعاملة أن الثمن يكون حالاً كما أن المشتري يتسلم السلعة فكذلك أيضاً البائع يتسلم الثمن ، لكن لو اختار البائع أن يكون ثمنه مؤجلاً أو أن يكون ثمنه مقسطاً فهذا موضع خلاف وهذا الذي يراد بحثه .

3-اختلاف العلماء في حكمه :
كما أسلفنا أن شرط حلول الثمن يقتضيه العقد ، والبائع ليس بحاجة إلى أن يشترطه لكن لو حصل ذلك واتفقا على أن يكون الثمن مقسطاً فهذا موضع خلاف بين أهل العلم :
أ – جماهير أهل العلم أن البيع بالتقسيط جائز ولا بأس به ، فيصح أن يبيع الإنسان سلعته مقسطة كما أنه يصح له أن يبيعها بسعر حال ؛ يعني إذا باعها بثمنٍ مؤجل وهذا الثمن يكون على آجال يتفق عليها المتعاقدان فإن هذا جائز ؛ وسواء كان الثمن مساوياً للسلعة أو أنه زيد في الثمن من أجل الأجل أو أنه نقص من الثمن وهذا نادر .
واستدلوا على ذلك بما تقدم من الأصول ، فالأصل في المعاملات الحل كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) , والأصل في الشروط في العقود الحل فإذا اتفقا على هذا الشرط وهو أن يكون الثمن مقسطاً فالأصل في ذلك الحل لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) والأمر بإيفاء العقد يتضمن الأمر بإيفاء أصله ووصفه ؛ ومن وصفه الشرط فيه .

ومن أدلتهم أيضاً قالوا : هذا مقتضى العدل يعني لو كان هناك زيادة في الثمن فكما أنه تأخر عليه قبض الثمن والإفادة منه فله أن يقابل ضرر التأخير بزيادة الثمن .
ومن أدلتهم أيضاً : عقد السلم ففي حديث ابن عباس أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم (( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم )) ، والسلم : دفع الثمن وتأخير المثمن ؛ وهذا في الغالب يكون في المثمن زيادة لأن المسلم يدفع الثمن ويأخذ سلعاً بعد مدة ، الغالب أن هذه السلع تكون أرخص من قيمتها الآن ويكون فيها زيادة .
هذا ما عليه جماهير أهل العلم رحمهم الله بل حُكي الإجماع على ذلك .
ب – قول بعض أهل العلم كعلي بن الحسين ونقله الشوكاني في " نيل الأوطار " عن بعض العلماء أن هذا غير جائز ، يعني : أن يكون هناك زيادة في الثمن مقابل التأجيل ؛ يعني : لو أنه باعه السيارة بثمن مؤجل وزاد فيه مقابل التأجيل فقالوا : هذا لا يجوز .
تعليلهم : قالوا : لأن هذا هو الربا ، فالزيادة عوض عن التأجيل وهذا هو الربا ؛ إذ إن الربا في الجاهلية أنه إذا لم يسدد من عليه الدين فإنه يؤخره في الأجل ويزيد في الدين ، فقالوا : الزيادة هنا الآن حصلت مقابل التأجيل في ربا الجاهلية ، فكذلك أيضاً هنا حصلت الزيادة في مقابل التأجيل ، فقالوا : بأنه لا يجوز .

جـ- الترجيح والجواب عن أدلة القائلين بالمنع :
والجواب عن دليل القائلين بعدم الجواز سهل ؛ ففرق بين ربا الجاهلية وبين هذه المعاملة ، فربا الجاهلية فيه الظلم وأكل أموال الناس بالباطل لأنه الآن لا يجد ما يسدد فيُظلم بأن يُزاد عليه ، أما هنا فلا ظلم لأنه الآن دخل على بينة واختيار ؛ بل هو – كما تقدم – مقتضى العدل ، فإن البائع يفوته الإفادة من هذا المال فيأخذ على ذلك الزيادة .
وعليه يكون الأقرب ما ذهب إليه جماهير أهل العلم رحمهم الله .


صور بيع التقسيط :
أ‌-الحلول والأجل : يعني يقول : أبيعك السيارة بعشرة آلاف ريال حالَّة أو بعشرين ألف ريال مؤجلة لسنة أو سنتين .
وهذه المعاملة جائزة لكن يشترط أن يكون ذلك عند المساومة ولابد من الجزم بأحد العقدين قبل التفرُّق ؛ يعني لا يتركه يقول : بعت السيارة عليك بعشرة آلاف حالَّة أو بعشرين ألفاً مؤجلة ؛ إن أتيت بالدراهم وإلا فهي بعشرين ألفاً .
فلابد من الجزم بأحد العقدين إما أن تكون بعشرة آلاف حالَّة أو بعشرين ألفاً مؤجلة .

ب – الأجلان أو الآجال : يعني يقول : بعتك السيارة مؤجلة لمدة سنة بعشرة آلاف ريال ولمدة سنتين بعشرين ألف ريال ، ولمدة ثلاث سنوات بثلاثين ألف ريال وهكذا .
وهذا جائز ولا بأس به لكن كما أسلفت هذا إنما يكون عند المساومة أما في غير المساومة فلابد من الجزم بأحد الثمنين .

جـ- اشتراط الزيادة عند التأخير : يقول : بعتك السيارة بعشرة آلاف ريال فإن تأخرت عن التسديد لمدة شهر زدتك مائة فإن تأخرت شهرين زدتك مائتين وهكذا ، فهذا محرم ولا يجوز لأن هذا هو ربا الجاهلية .
تتمة : تكلم ابن القيِّم رحمه الله في كتابه " تهذيب السنن " على حديث عبد الله بن عمرو أن النَّبيّ r قال : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك " فذكر خلاف العلماء في المراد بالشرطين في البيع :
1-فقال بعض العلماء : إن المراد بالشرطين في البيع هو الحلول والأجل أو الأجلان ، يعني يقول : بعتك نقداً بكذا أو مؤجلاً بكذا .
أو الأجلان : بعتك السيارة مؤجلة إلى كذا بكذا ؛ ومؤجلة إلى كذا بكذا يعني : إلى شهر بكذا وإلى شهرين بكذا .
2-أن المراد بالشرطين اللذين نهى عنهما النَّبيّ هما شرطا المنفعة ؛ يعني : أن يشترط شرطين من شروط الانتفاع في المبيع أو البائع ، فمثلاً يقول : بعتك السيارة بشرط أن أستعملها لمدة شهر وبشرط أن تقوم بغسلها ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد .
3-أن المراد هو اشتراط شرطين مطلقاً سواءً كانا شرطي منفعة أو شرطي مصلحة أو شرطي صفة .
4- وهو الذي ذهب إليه ابن القيِّم أن المراد بالشرطين اللذين نهى عنهما النَّبيّ هما بيع العينة ، وعليه إذا قال : بعتك السيارة حالَّة بكذا أو مؤجلة بكذا فهذا جائز أو قال : بعتك السيارة مؤجلة بكذا أو بأجل آخر بكذا فإن هذا جائز ، لكن قلنا : إنه لابد أن يقطع بأحد الأجلين قبل التفرق .


تم بفضل الله تعالى , وإن شاء الله تعالى في المشاركة القادمة أضع باب بيع المرابحة للآمر بالشراء.

والحمد لله رب العالمين
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===================


ثانيا بيع المرابحة


===================

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين ...


بيع المرابحة للآمر بالشراء :
ويسميها بعض العلماء ببيع المواعدة لأنها في صورها تعتمد على المواعدة.
وبيع المرابحة للآمر بالشراء الآن يكثر تعامل الناس به فيكون الإنسان محتاجاً إلى مال لكي يتزوج أو ليبني بيتاً ؛ فيذهب إلى المصرف ويتفق معه على أن يشتري له سيارة ثم يأخذ السيارة ويبيعها ويستفيد من ثمنها ، هذا هو المراد بمسألة بيع المرابحة للآمر بالشراء.

***تنبيه : العلماء رحمهم الله يتكلمون عن بيع المرابحة فيقولون : إذا باعه مرابحة وإذا باعه تولية , فبيع المرابحة عند الفقهاء رحمهم الله ليس هو مراداً في هذه الصورة ، هذه الصورة يبحثونها في مباحث أخرى .

المراد بالمرابحة في كلام الفقهاء : أن يبيعه برأس المال وربح معلوم ، فمثلاً يقول : بعتك السيارة برأس مالي ولي ربح مائة ريال أو أربح مائتي ريال ، هذا بيع المرابحة ، وهذا بالإجماع أنه جائز ، وما يتعلق ببيع المرابحة هذا يذكره العلماء في أقسام الخيارات ، خيار التخبير بالثمن ويذكرون صور خيار التخبير بالثمن وأنه بيع التولية وبيع المرابحة وبيع الشركة وبيع المواضعة .
فبيع التولية : أن يبيعه السلعة برأس مالها.
وبيع المرابحة : أن يبيعه السلعة برأس المال وربح معلوم .
وبيع المواضعة : أن يبيعه السلعة برأس المال وخسارة معلومة .
هذا بإجماع العلماء أنه بيع جائز ولا بأس به .
لكن المرابحة للآمر بالشراء هذا النوع لا يريد به العلماء قول الفقهاء : إذا باعه مرابحة... إلخ ، وإنما يذكرون هذا النوع تحت مباحث بيع العينة لأن بعض صوره كما سيأتي إن شاء الله داخل في بيع العينة .
ومن العلماء من يبحثه تحت الحيل المحرمة .
ومن العلماء من يبحثه تحت بيع ما ليس عند الإنسان .
ومن العلماء من يبحثه تحت بيع الغرر .
المهم أن نفهم أن بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي انتشر الآن ليس هو المراد بقول الفقهاء :إذا باعه مرابحة .


صور بيع المرابحة للآمر بالشراء :
بيع المرابحة له صورتان وبعض العلماء يجعل له ثلاث صور لكن يمكن أن نشير إلى الصورة الثالثة إن شاء الله .
الصورة الأولى : هي أن يكون هناك مواعدة ملزمة بين الطرفين مع ذكر مقدار الربح .
مثالها : يذهب الشخص إلى المصرف ويتفق معه اتفاقاً ملزماً على أن المصرف يقوم بشراء هذه السلعة من سيارة ونحو ذلك وأن يلتزم العميل – هذا الشخص – بشراء هذه السلعة وعليه من الربح ما قدره كذا وكذا .
وهذه الصور تنبني على المواعدة الملزمة .
حكمها :
أ‌- جمهور المتأخرين على أن هذه الصورة محرمة ولا تجوز إذا كان هناك إلزام من المصرف على أن العميل يشتري هذه السلعة بعد أن يشتريها المصرف .
دليلهم : استدلوا على ذلك بأدلة كثيرة منها :
1- عموم الأحاديث التي تنهى الإنسان عن بيع ما ليس عنده ، فإذا كان هناك اتفاق بين المصرف والعميل على أن العميل ملزم بشراء هذه السلعة فهنا يكون هناك بيع من المصرف لهذه السلعة قبل أن يملكها . ومن الأحاديث : حديث حكيم بن حزام أن النَّبي ّقال : " ولا تبع ما ليس عندك " ، وكذلك أيضاً حديث ابن عمر أن النَّبيّ قال : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك " وهذا في السنن وصححه الترمذي .
2- عموم الأحاديث التي نهت الإنسان عن بيع الشيء قبل قبضه ومن ذلك حديث ابن عمر أن النَّبيّ قال : " من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه " وهذا في الصحيحين ، فإذا كان هناك اتفاق ملزم على العميل مع المصرف فإن هذا يكون فيه بيع من المصرف للسلعة قبل أن يقبضها ، فيكون داخلاً تحت عمومات هذه الأحاديث التي فيها النهي عن ذلك .
3- قالوا : إن حقيقة هذا البيع أنه بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل بينهما سلعة ، وهذا كما قال ابن عباس : دراهم بدراهم بينهما حريرة .

فهذا الشخص الآن ملزم بثمانين ألف ريال والبنك دفع للسلعة ستين ألف ريال ثم باعها عليه بثمانين ألفاً ، فهذا عبارة عن بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل فيدخل في ذلك ربا النسيئة وربا الفضل فيكون محرماً .
هذا ما عليه جمهور المتأخرين .
ب – أن هذه المواعدة التي تنبني على الإلزام جائزة لا بأس بها .
دليلهم : استدلوا على ذلك بأن قالوا : الحاجة داعية إلى ذلك لاتساع رقعة التعامل وتضخم رؤوس الأموال ، وما دامت الحاجة داعية إلى ذلك فإن هذا يجوز كما جاز عقد الاستصناع وعقد السلم وسيأتي – إن شاء الله – الكلام على حقيقة عقد الاستصناع وهل هو عقد مستقل أو عقد سلم …إلخ .


الترجيح :
والصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله وأن هذه المسألة لا تجوز إذا كان هناك إلزام .
وأما ما استدل به القائلون بالجواز من أن الحاجة داعية إليه فهذا غير مسلَّم لوجود المخرج الشرعي كما في الصورة الثانية على القول بجوازها كما سيأتي إن شاء الله .


تم بحمد الله وفي المشاركة القادمة أضع الصورة الثانية من صور بيع المرابحة إن شاء الله تعالى.
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===================


ثانيا بيع المرابحة (2 )


===================


الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه واتبع سنته إلى يوم الدين ...


أكمل في هذه المشاركة متابعة كلام الشيخ حفظه الله تعالى حول المرابحة , وهي عن الصورة الثانية من صور المرابحة وهي :

الصورة الثانية : وهي ما يبنى على المواعدة غير الملزمة بين الطرفين .
وهذه الصورة يقسمها العلماء إلى قسمين :
القسم الأول : أن يكون هناك ذكر مقدم للربح .
القسم الثاني : ألا يكون هناك ذكر مقدم للربح .

مثالها : أن يأتي العميل إلى المصرف ( البنك ) – ويطلب منه – والغالب أن العميل الذي يأتي إلى البنك إنما يريد قرضاً ولا يريد السلعة – فيأتي إلى المصرف ويتفق معه على أن يبحث العميل على سلعة ؛ والغالب أن هذه السلعة تكون سيارة – ويقوم المصرف بشراء هذه السلعة . والمصرف دائماً يكون واجداً ؛ فيشتري هذه السلعة بدراهم حاضرة ثم يقوم ببيعها على العميل بثمن مؤجل ، فالمصرف يشتري هذه السيارة مثلاً بخمسين ألف ريال ثم يقوم ببيعها بثمن مؤجل بستين أو ثمانين ألف ريال حسب ما يتفقان عليه دون أن يكون هناك إلزام من المصرف للعميل بشراء هذه السلعة .


وهذه الصورة تكلم عليها العلماء قديماًَ فتكلم عليها الشافعي في " كتاب الأم " فقال ما نصه : إذا أُري الرجل السلعة فقال : اشترها وأُربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز ، والذي قال : أُربحك – يعني الآمر بالشراء وهو العميل كما في صورتنا – فيها بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعاًَ وإن شاء تركها ، ثم قال : - وهكذا إن قال : اشتر لي متاعاًَ ووصفه له فكل هذا سواء ، يعني أن الشافعي يرى جواز مثل هذه الصورة ، لو قال : اذهب واشتر لي هذه السلعة وأنا أربحك فيها ، ليس معه دراهم لكن سيشتريها بثمن مؤجل لأنه لو كان معه دراهم لم يقل : اشتر لي هذه السلعة ولا اشتراها بنفسه ، فيأمر هذا الشخص أن يشتري له هذه السلعة أو يصف له سلعة يشتريها له ، ثم بعد ذلك يقوم بشرائها منه بثمن مؤجل ويربحه في ذلك .
وهذه أيضاًَ نصَّ عليها الحنفية فابن عابدين رحمه الله في حاشيته على رد المحتار نصَّ عليها وأنها جائزة .
وكذلك ابن رشد من المالكية نصَّ على جوازها ، ويذكرها المالكية رحمهم الله تحت مباحث بيع العينة ، وكذلك أيضاًَ ابن القيِّم نصَّ عليها في " إعلام الموقعين " .

حكمها :
1-مذهب الحنفية والمالكية والشافعية وأكثر المتأخرين حتى أنني قرأت كلاماً لرفيق المصري وهو ممن بحث في هذه المسألة فقال : " ليس فيها خلاف معتبر " ، يعني أن أكثر المتأخرين الآن ؛ أكثر المجامع الفقهية ذهبت إلى جواز مثل هذه المعاملة ما دام أنه لم يكن هناك إلزام ، انتفت المحاذير التي ذكرها الجمهور في الصورة الأولى إذا كان هناك إلزام ، يعني لا يكون هناك بيع للسلعة قبل قبضها ولا يكون هناك بيع للسلعة قبل أن يملكها المصرف ، فالآن المصرف اشترى السلعة ثم بعد ذلك يعقد للعميل ، فالمصرف يخاطر بشراء هذه السلعة لنفسه ثم بعد ذلك إن أراد العميل أن يشتريها اشتراها وإن أراد أن يتركها تركها ، وكون الإنسان يشتري السلعة لنفسه ويخاطر في ذلك إن اشتراها هذا العميل فله ذلك وإن لم يشتري هذا العميل فلا يلزمه شيء ، قالوا : الأصل في ذلك أنه جائز ، والأصل – كما تقدَّم – في العقود الحل .
وممن أفتى بجوازها الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله والشيخ بكر أبو زيد والشيخ عبدالله المنيع وأكثر المتأخرين .
والشيخ بكر أبو زيد لما مال إلى جواز مثل هذه المعاملة ذكر لها ثلاثة ضوابط :

الضابط الأول : خلوها من الالتزام الذي يكون في الصورة الأولى ، فإذا لم يكن هناك التزام لا من قبيل المكاتبة ولا من قبيل المشافهة فإن هذا جائز .

الضابط الثاني : خلوها من ضمان العميل للسلعة وإنما يكون ضمان السلعة على المصرف لأنه الذي يقوم بشراء هذه السلعة وتملكها فيكون ضمانها عليه لو حصل عليها تلف أو عيب أو نقص قبل أن يشتريها العميل منه ، فلو اشترط المصرف على العميل أن يكون ضامناً لها فإن هذا محرم ولا يجوز .

الضابط الثالث : أن يقوم المصرف ببيعها على العميل بعد أن يقبضها فإذا اشترى المصرف السلعة وقبضها ثم بعد ذلك باعها على العميل فإن هذا جائز ولا بأس به .
وهذه الشروط يقول بها الجمهور لأن من قال بجواز هذه المعاملة يشترط ألا يكون هناك إلزام ، فإذا كان هناك إلزام للعميل بشرائها فإنها داخلة في الصورة الأولى ، والصورة الأولى : الجمهور على تحريمها .
وأيضاً لا يكون هناك ضمان إذ لو كان هناك ضمان على العميل لكان العميل ملزماً بها .
وكذلك أيضاًَ القبض .


تم بحمد الله تعالى , ويليه إن شاء الله مسألة جمعية الموظفين
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===================


جمعية الموظفين (1 )



===================


الحمد لله رب العالمين , وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه وابتع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد...


أضع اليوم بحث حول مسألة جميعة الموظفين ,
وهذه من المسائل التي يكثر الآن وقوعها والسؤال عنها ، وإن كان الأكثر على جوازها ؛ لكن كون طالب العلم يفهم دليل القول الآخر وما يُجاب عنه ودليل من قال بالجواز وما اعتمد عليه ، هذا مهم جداً .

تعريفها :
الجمعية مأخوذة من الاجتماع .
والموظفون : جمع موظف ؛ وهو من يعمل لدى الدولة أو في مؤسسة أو شركة ؛ وأضيفت الجمعية للموظفين لأن الغالب أنَّ من يتعامل فيها موظفون وإلا فإنها قد تكون بين التجار أو المزارعين أو الصُنَّاع

ونحو ذلك ، فإن الموظف يتحصَّل على مرتَّب شهري مطرد ؛ فإذا كان كذلك فإنه يتمكن من الدخول في هذه الجمعية .
أما بالنسبة للتاجر أو الفلاح أو الصانع ونحوهم فقد يتحصَّل له ذلك المرتَّب أو الغلَّة في آخر الشهر وقد لا يتحصَّل له ذلك .
1- صورها :
جمعية الموظفين لها ثلاث صور :
الصورة الأولى : أن يتفق عدد من الأشخاص على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال متساوياً عند نهاية كل شهر أو كل شهرين أو كل سنة حسب ما يتفقون عليه .
الصورة الثانية : أن يتفق عدد من الأشخاص على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال متساوياً عند نهاية كل شهر أو شهرين مع اشتراط ألا ينسحب أحد منهم حتى تنتهي الدورة – يعني حتى يدور عليهم الأخذ - .
الصورة الثالثة : كالصورة الثانية أن يتفق عدد من الأشخاص على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال متساوياً يأخذه أحدهم عند نهاية كل شهر أو شهرين حتى تنتهي أكثر من دورة ؛ دورتان أو ثلاث …إلخ .

حكم الصورة الأولى :
هذه الصورة أشار إليها العلماء رحمهم الله ، وممن أشار إليها أبو زرعة الرازي وهو من أئمة المحدِّثين وأشار إلى جوازها .
لما وجدت هذه الصورة الآن وكثر تعامل الناس بها اختلف فيها المتأخرون في جوازها هل هي جائزة أو ليست جائزة ؛ على قولين :
القول الأول : أنها معاملة جائزة ولا بأس بها ، وهذا قال به أكثر المتأخرين ، وممن قال به من المتأخرين : الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، وكان الشيخ رحمه الله – أذكر أن الشيخ محمد بن عثيمين يقول : كان الشيخ – يرى التحريم ثم راجعته فيها ثم رجع إلى الجواز .
وكذلك ممن قال به : الشيخ محمد بن عثيمين وقد انتصر لها كثيراً وفي بعض كلامه أنها من الأعمال المندوبة لما سيأتي من أنها تفك حاجات المحتاجين وأنها تغني كثيراً من الناس عن الالتجاء إلى البنوك الربوية

وغير ذلك ولما فيها من التعاون على البر والتقوى ، وكذلك الشيخ عبد الله بن جبرين وغالب أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة يرون أن هذه المعاملة جائزة ولا بأس بها .
القول الثاني : أنها محرمة ولا تجوز ، ومن أشهر من قال بهذا الشيخ صالح الفوزان ، وكذلك الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة الآن .
أدلة القول الأول : وهو الجواز :
1- قالوا : إن هذا العقد من العقود التي جاءت الشريعة بجوازه ، لأن حقيقة هذا العقد هو : قرض فيه إرفاق بالمقترض حيث إن المقترض يأخذ القرض ويرد مثله ولا زيادة عليه ، يعني هو يأخذ – مثلاً – ألفاً أو ألفين أو خمسة آلاف ثم يردها وليس هناك زيادة عليه ، فهذا قرض لا يخرج عن القرض المعتاد إلا أن الفرق بينه وبين القرض المعتاد أن الإقراض في الجمعية يشترك فيه أكثر من شخص والقرض المعتاد يكون بين شخص وآخر .
2- كذلك أيضاً استدلوا بالأصل ، وأن الأصل في مثل هذه الأشياء الحل ، فالأصل في المعاملات الحل ، وقد ذكرنا هذا في الضابط الأول من الضوابط التي تدور عليها المعاملات .
3- وكذلك أيضاً قالوا : في هذا تعاون على البر والتقوى ؛ فمثلاً هذه الجمعية طريق لسد حاجة المحتاجين وإعانة لهم على البعد عن البنوك الربوية والمعاملات المحرمة كالربا ونحو ذلك .
4- كذلك أيضاً استدلوا بأن المنفعة التي تحصل للمقرض في هذه الجمعية لا تنقص المقترض ، يعني قد يقال : بأن المقرض فد انتفع لكنهم يقولون : أن المقرض وإن حصل له شيء من الانتفاع إلا أن هذه المنفعة لا تنقص المقترض ولا يحصل له ضرر بل الانتفاع متبادل بين المقرض والمقترض ؛ كل منهم ينفع الآخر ، مع أنه سيأتي – إن شاء الله – ما المراد بالمنفعة التي نصَّ الصحابة على أنها ربا ؟ يعني ما المراد بـ" كل قرض جر نفعاً فهو ربا " ؟ ما المراد بهذه المنفعة التي إذا كانت في القرض فهي من الربا كما ورد عن الصحابة – هذا سيأتي بيانه إن شاء الله - .وأن ما قد يحصل للمقرض مقابل قرضه من الانتفاع أنه ليس داخلاً في هذه المنفعة التي حكم عليها الصحابة رضي الله تعالى عنهم بأنها ربا .
أدلة القول الثاني : وهو التحريم :
1- قالوا : القرض في هذه الجمعية قرض مشروط فيه القرض من الآخر فهو قرض جرَّ نفعاً ، وكل قرض جرَّ نفعاً فهو ربا ، هذا خلاصة الدليل ، فهذا يزيد يقرض عمراً ؛ لم يقرضه إلا بشرط أن يقرضه هو ، فهذا قرض جرَّ نفعاً .
يبقى ما هو الدليل على أن القرض الذي جرَّ نفعاً محرم ولا يجوز :

أما من السنة فقد ورد في ذلك أحاديث ؛ حديثان أو ثلاثة وكلها لا تثبت ، من ذلك ما يُروى عن النَّبيّ rأنه قال : " كل قرض جرَّ نفعاً فهو ربا " ، هذا لا يثبت عن النَّبيّ وكذلك أيضاً استدلوا بما يُروى عن النَّبيّ rأنه قال : " إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى له أو حمله على دابة فلا يركبها ولا يقبلها إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك " هذا أيضاً أخرجه ابن ماجه وهو ضعيف لا يثبت .
لكن القرض الذي جرَّ نفعاً ورد تحريمه عن جماهير الصحابة رضي الله عنهم :
فمن ذلك ما ورد عن فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه أنه قال : " كل قرض جرَّ منفعة فهو ربا " أخرجه البيهقي في سننه .
وكذلك أيضاً في صحيح البخاري أن عبد الله بن سلام قال لأبي بردة رضي الله عنهما : إنك في أرض الربا فيها فاش إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو شعير أو قَتٍّ فلا تقبل " .
وكذلك أيضاً ورد نحو هذا عن عمر رضي الله عنه وعن ابن عمر وأبي هريرة وابن مسعود وأنس وابن عباس رضي الله عنهم ، فجماهير الصحابة يرون أن المنفعة التي يفيد منها المقرض أنها محرمة وأنها من الربا . وقد ورد عن ابن عمر أنه قال : " من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه " أخرجه مالك في الموطأ وإسناده صحيح .
فتلخص أن تحريم المنفعة للمقرض وارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم .
لكن ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم إجازة بعض المنافع للمقرض ؛ وحينئذ يحتاج إلى ضبط المنفعة التي تكون محرمة .
فالصحابة رضي الله تعالى عنهم أجازوا السفتجة كما ورد عن الحسن وعلي بن أبي طالب والزبير وغيرهم من الصحابة ، والسفتجة : هي أن تقرض شخصاً مالاً في بلد فيعطيك إياه في بلد آخر ، فهنا المقرض استفاد أمن الطريق فالخطر الذي قد يحصل له أثناء السفر قد زال ، فقد يكون المكان بعيداً فهو بحاجة أن يحفظ المال وقد يضيع عليه فمنفعة الحفظ والسلامة مما قد يحصل له من خطر إلى آخره ؛ هذا قد زال .
وكذلك أيضاً أجاز العلماء بعض المنافع للمقرض فقالوا : لا بأس أن يقرض الشخص فلاحه دراهم لكي يقوم الفلاح بشراء الآلات والبذور ويعمل في أرض المقرض ، فأنت مثلاً ساقيت زيداً من الناس أو زارعته على أن يعمل في أرضك ولم يكن معه دراهم فلا بأس أن تقرضه ويقوم بالعمل في أرضك مع أنك تستفيد الآن أو مثلاً تقرضه ويقوم بالعمل في بيتك فأنت الآن تستفيد ، فهذا القرض أجازه العلماء رحمهم الله .

وأيضاً قال شيخ الإسلام : لا بأس أن يقول للفلاح : اعمل معي وأعمل معك ، اعمل معي اليوم في حصاد الزرع أو جذاذ النخل وأنا أعمل معك غداً في حصاد الزرع أو جذاذ النخل .
ضبط المنفعة المحرمة بسبب القرض :
بناء على ما سبق فالمنفعة التي تكون محرمة إذا أفادها المقرض هي ما شمل أمرين :
الأمر الأول : ما يشترطه المقرض على المقترض وليس له مقابل سوى القرض .
مثلاً يقول : أقرضك ألفاً يشرط أن تعطيني سيارتك أستعملها لمدة يوم أو يومين ، هنا الآن منفعة محرمة ، فالمقرض استفاد أنه ينتفع بهذه السيارة ، والمقترض لم يستفد شيئاً ؛ استفاد القرض والقرض سيرده .
في الجمعية لا يوجد هذا ، فالمقرض ينتفع والمقترض ينتفع ، فكل منهما ينتفع ،
أما هنا إذا قال : بشرط أن تبيع عليّ دارك أو بشرط أن تعطيني زيادة مائة ريال أو بشرط أن تعطيني هدية ..إلخ ، هذا داخل في المنفعة المحرمة في القرض .
ويدل لهذا أيضاً قول النَّبيّ r : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع " هنا سلف وبيع ، يقول : أقرضك بشرط أن تبيعني ، فهنا الانتفاع حصل للمقرض وأما المقترض لم يحصل له إلا القرض والقرض سيرده .
الأمر الثاني : ما يقدمه المقترض للمقرض بسبب القرض ، وهذا يدل له أثر عبدالله بن سلام رضي الله عنه .
مثلاً : أعطيت زيداً من الناس ألف ريال قرضاً وبعد يوم أو يومين جاء لك بهدية ؛ فلا يجوز لك أن تقبل هذه الهدية فإنه إنما أعطاك هذه الهدية لأجل قرضك ، ولهذا يقول العلماء : إذا كان بينهما مهاداة كأن تسلف قريبك أو صديقك مائة ألف ريال وبينكما مهاداة تعطيه ويعطيك ؛ هذا ليس داخلاً في النهي ؛ لكن إذا عرفنا أن هذه الهدية إنما أعطاك إياها المقترض من أجل القرض فهذه المنفعة المحرمة في القرض .
فكونك تقرضه ألفاً ثم يعطيك كتاباً هدية ، هذا لا يجوز لك أن تقبله كما ورد عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه ، لا يجوز إلا إذا أردت أن تكافئه أو تخصم ذلك من القرض ، يعني تقبل الكتاب ثم تخصم قيمته من القرض .
فائدة : في الهدية بسبب القرض :
الهدية في القرض قسَّمها العلماء رحمهم الله إلى
أ - أن يكون ذلك بعد الوفاء فهذا لا بأس به ؛ بل استحبه بعض العلماء ، فزيد أقرضك ألف ريال وعند الوفاء أعطيته ألف ومائة ريال أو ألفاً وثوباً هدية له مقابل لمعروفه وإحسانه ، فإن هذا لا بأس به لأن العقد انتهى الآن و النَّبيّ rيقول : " خيركم أحسنكم قضاء " ، واستقرض النَّبيّ r بكراً ورد خيراً منه رباعياً .
والصواب أيضاً : أنه لا فرق سواء كانت الزيادة في الكيفية أو كانت الزيادة في الكمية ، لأن بعض العلماء يجوِّز الكيفية ولا يجوِّز الكمية ؛ يعني : أقرضك براً متوسطاً فتعطيه براً جيداً ؛ يقول : هذا جائز ، لكن في الكمية أعطاك ألف ريال ما تعطيه ألفاً ومائة .
والصواب أن هذا كله جائز ما دام أنه بعد الوفاء .
فالهدية ما دامت بعد الوفاء فإنها جائزة ما دام أنها ليست مشروطة .
ب - أن تكون قبل الوفاء ، يعني أعطاك كتاباً..إلخ ، فإذا كان ذلك بسبب القرض فلابد أن تمتنع أو تحسب ذلك من القرض أو تكافئه .
أما إذا كانت الهدية بغير سبب القرض كأن تكون بينكما مهاداة لقرابة أو صداقة ونحو ذلك فإن هذا لا بأس به .
وأيضاً أدخل بعض العلماء الدعوات العامة كدعوات الزواج أو مناسبة عامة ؛ فهذه الدعوة ليست بسبب القرض وإنما حصلت هذه المناسبة فدعاك ، لم يعمل لك طعاماً خاصاً بسبب القرض .
الخلاصة :
المهم أنه يتلخص لنا أن المنفعة المحرمة بسبب القرض هي ما اشتملت على هذين الضابطين وحينئذ نعرف أن المنفعة التي تحصل للمقرض في مسألة الجمعية هذه ليست داخلة فكل منهما ينتفع ، ولهذا العلماء رحمهم الله – كما ذكرت – يقولون : إنه إذا أهداه يقابله بالهدية ؛ فيكون الانتفاع لكل منهما .
1- قالوا : هذا من قبيل بيعتان في بيعة الذي نهى عنه النَّبيّ r.
واختلف شُرَّاح الحديث كثيراً في بيان ما المراد بالبيعتين في بيعة الذي نهى عنه النَّبيّ rعلى أقوال ، وذكر بعض شُرَّاح الحديث ما يقرب من ثمانية أقوال ؛ وأبرز هذه الأقوال كما تقدَّم لنا في بيوع التقسيط :
أ – الحلول والأجل : يعني أن يقول : بعتك السلعة حالَّة بكذا وكذا أو مؤجلة بكذا.
ب – الأجلان : بأن يقول : بعتك السلعة بكذا مؤجلة إلى شهر مثلاً أو بكذا مؤجلة إلى شهرين .

جـ- اشتراط عقد في عقد : وهذا هو المشهور في مذهب الإمام أحمد ؛ بأن يقول : بعتك السيارة بشرط أن تؤجرني بيتك أو بشرط أن تبيعني بيتك ونحو هذا ، وهذا سيأتي بحثه عند عقد الإجار المنتهي بالتمليك .
د – ما ذهب إليه ابن القيِّم أنه بيع العينة وأن السنة يفسر بعضها بعضاً ، فقول النَّبيّ r: " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع " المراد بذلك بيع العينة .
وكذلك أيضاً قول النَّبيّ rكما في حديث أبي هريرة أن النَّبيّ r: " نهى عن بيعتين في بيعة " المراد بذلك بيع العينة وهو : أن يبيع السلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها بأقل من ثمنها نقداً ؛ فيبيع السيارة مثلاً بمائة ألف ريال مؤجلة ثم بعد ذلك يشتريها بأقل من ثمنها نقداً ، فقالوا بأن هذا هو بيعتان في بيعة الذي نهى عنه النَّبيّ rوقد أطال ابن القيِّم رحمه الله في تقريره وقال : " بأن السنة يفسر بعضها بعضاً " ، فهذه هي التي يوجد فيها المحذور وأنها دراهم بدراهم بينهما حريرة كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، فالشرطان اللذان نهى عنهما النَّبيّ rهما الشرطان في بيع العينة ؛ والبيعتان اللتان نهى عنهما النَّبيّ rهما البيعتان في بيع العينة ، لأنه في بيع العينة يبيع السيارة مؤجلة ثم يشتريها نقداً فهاتان بيعتان ؛ بيعة التأجيل وبيعة النقد .
وهذا القول هو الأقرب ، وعلى هذا فالتفاسير السابقة لا تكون داخلة تحت حديث : " ولا شرطان في بيع " ، وكذلك أيضاً لا تكون داخلة تحت حديث : " ولا بيعتان في بيعة " .
1- قالوا : هذه الجمعية فيها شيء من المخاطر فقد يموت أحد أعضاء هذه الجمعية وقد يفصل من عمله وقد ينقل إلى بلد آخر فيضيع على أصحاب الحقوق حقوقهم فينهى عنها من أجل هذه المخاطر .
والجواب عن هذا سهل ؛ فيُقال : إن المصالح المترتبة على هذه الجمعية أكثر من المخاطر المترتبة عليها ، وقد تقدَّم لنا بيان شيء من ذلك في ضابط سد الذرائع .
وكذلك أيضاً مثل هذه المخاطر توجد حتى في المعاملات المباحة ؛ فما من معاملة من المعاملات المباحة إلا وفيها شيء من المخاطر ؛ فحتى القرض المعتاد فيه شيء من المخاطر ، فكون زيد يقرض عمراً فيه شيء من المخاطرة ؛ فعمرو المقترض قد يموت وقد يعسر ولا يتمكن زيد من حقه ، فهذه المخاطر المنغمرة في المصالح الأخرى المرتبة على المعاملة هذه لا تعلق عليها الأحكام ولا ينظر إليها الشارع .


انتهى بحمد الله تعالى وإن شاء الله في المشاركة القادمة نضع حكم الصورة الثانية والصورة الثالثة , والحمد لله رب العالمين
 
أعلى