الحب … الجسد … الجنس في أشعار سعاد الصباح

المشرف العام

مراقب
طاقم الإدارة
الحب … الجسد … الجنس

( في أشعار ثلاث شواعر معاصرات : الكويتية سعاد الصباح والعراقية بلقيس حميد حسن واليمنية آمنة يوسف ).


د. عدنان الظاهر
مايو 2004

مقدمة :

ليس غرضي من هذه الدراسة البحث في لغة أو شاعرية هؤلاء الشواعر الثلاث. ولا أن أعقد مقارنات نقدية فيما بينهن. تلكم مسألة أخرى قد يحين يوماً أوان الخوض فيها فإنها لا تخلو من طرافة ومن فائدة بالنسبة للمهتمين بالشعر النسوي على وجه الخصوص. إنما سأركّز جهدي في هذا البحث على :

أولا : تأثير بيئات الشواعر المختلفة في وعلىكيفية وأسلوب ولغة تعاطي موضوعات الحب والجسد والجنس ( البيئة والمحيط).

ثانياً : الإختلاف في طبيعة وشخصيات وظروف هؤلاء الشواعر ( العامل الذاتي ).

أعترف بداية أنَّ في هذا الموضوع صعوبات جمّة. وإنه ربما يتسبب في إثارة شيء من الحساسية لدى البعض من هؤلاء الشواعر الفاضلات. وعليه فسوف لن أخرج عمّا ورد في شعرهن من ذكر ومعالجة لهذه الأطروحات الثلاث موضوعة البحث.

ثَمّةَ مسألة أخرى : حين أنصرف للتفكير في هذا الموضوع أتذكّر الشاعرة الخنساء وأرى شاخصةً أمام نواظري نازك الملائكة وفدوى طوقان وعاتكة وهبي الخزرجي ولميعة عباس عمارة، ثم الشاعرة الإنجليزية إديث ستويل Sitwell من خلال بعض أشعار بدر شاكر السياب، إذ كان لها عليه تأثير خاص ما كان ليُخفيه.

*********************

الدكتورة سعاد الصباح

( المصدر : كتاب لآليء الخليج، مختارات شعرية بالعربية والألمانية.ترجمة د. عدنان جواد الطعمة. الطبعة الأولى Marburg 1995 ).

وُلِدتْ هذه السيدة الشاعرة في الكويت عام 1942 . درست الإقتصاد في مصر ثم نالت شهادة الدكتوراه في التنمية والتخطيط من جامعة Surrey البريطانية. ترمّلت في أوج شبابها بعد أن أنجبت أربعة من البنين والبنات.

الشاعرة ونزار : لا تُخفي الشاعرة إعجابها بشعر ومنهج المرحوم الشاعر السوري نزار قباني. تأثير شعره على طروحات الشاعرة وطريقة تناولها لموضوعاتها الشعرية واضح جداً وبصمات أصابعه لا تحتاج إلى دليل.

الحب والجسد والجنس في أشعار سعاد :

دراسة سعاد الصباح في كل من مصر وبريطانيا، ثم ليبرالية الكويت مجتمعاً وسياسةً أفرزت أو أنجبت هذه الشاعرة المتميزة في قوة شخصيتها وإنصرافها للدفاع عن بنات جنسها من جهة وعن الفقراء عموماً من الجهة الأخرى. وهي عضو في المنظمّة العربية لحقوق الإنسان. قالت عن الفقراء في المقطع الثالث من قصيدة ( للأُنثى قصيدتها وللرجل شهوة القتل ) :



أتحداهم بشعري
وبنثري
وصُراخي
وانفجاراتِ دمائي
أتحدى ألفَ فِرعونٍ على الأرضِ
وأنظمُّ لحزبِ الفقراء.

في المقطع الرابع من نفس هذه القصيدة، قالت هذه الشاعرة الجريئة والواثقة من خطواتها ومواضع قدميها :

سيظلون ورائي
بالإشاعاتِ ورائي
والأكاذيبِ ورائي
غيرَ أني
ما تعوّدتُ بأنْ أنظرَ يوماً للوراءْ
فلقد علّمني الشعرُ بأنْ أمشي
ورأسي في السماءْ.

وقالت في المقطع الثاني من قصيدة ( فيتو… على نون النسوة ) :

يقولون :
إنَّ الكلامَ امتيازُ الرجالِ
فلا تنطقي !!
وإنَّ التغزّلَ فنُ الرجالِ
فلا تعشقي !!
وإنَّ الكتابةَ بحرٌ عميقُ المياهِ
فلا تغرقي
وها أنذا قد عشقتُ كثيراً

وها أنذا قد سبحتُ كثيراً
وقاومتُ كلَّ البحارِ ولم أغرقِ.

وعن الحب وعمّن تُحب قالت في الجزء الأول من قصيدة ( تمنيات إستثنائية لرجلٍ إستثنائي ) :

أنا أرفضُ الحبّ المُعبّأَ في بطاقات البريدْ
إني اُحبّكَ في بدايات السنةْ
وأنا أُحبكَ في نهايات السنةْ
فالحبُ أكبرُ من جميع الأزمنةْ
والحبُ أرحبُ من جميع الأمكنةْ
ولذا أُفضّلُ أنْ نقولَ لبعضنا
" حبٌّ سعيد ْ "
حبٌّ يثورُ على الطقوسِ المسرحيةِ في الكلامْ

حبٌّ يثورُ على الأصولِ على الجذورِ على النظامْ
حبٌّ يحاولُ أنْ يُغيّرَ كلَّ شيءٍ في قواميسِ الغرامْ.

الصديق في أشعار سعاد الصباح

وعبّرت عن الصداقة مع الجنس الآخر بصدق وحرارة وعفوية. سأختار أجزاءً مما قالت عن هذا الموضوع في قصيدة ( كُنْ صديقي ) :


كُنْ صديقي !
كم جميلٌ لو بقينا أصدقاءْ
إنَّ كلَّ امرأةٍ تحتاجُ أحياناً إلى كفِ صديقْ
وكلامٍ طيّبٍ تسمعُهُ

كن صديقي !
إنني أحتاجُ أحياناً لأنْ أمشي على العشبِ معكْ
وأنا أحتاجُ أحياناً لأنْ أقرأَ ديواناً من الشعرِ معكْ
وأنا – كامرأةٍ – يُسعدُني أنْ أسمعكْ.

كُنْ صديقي !
فأنا مُحتاجةٌ جداً لميناءِ سلامْ
وأنا مُتعَبةٌ من قصصِ العشقِ وأخبارِ الغرامْ
وأنا مُتعَبةٌ من ذلك العصرِ الذي يعتبرُ المرأةَ تمثالَ رُخامْ.

وكعضو في المنظمّة العربية لحقوق الإنسان، تطوّعت للدفاع عن حقوق بنات جنسها بصوت قوي صريح. صوًرت ما تعانيه المرأة المكبوتة والمخنوقة الصوت في المجتمعات الذكورية. صرخت في قصيدة ( المجنونة ) :

أنا في حالة حبٍّ… ليس لي منها شفاءْ
وأنا مقهورةٌ في جسدي

كملايينِ النساءْ
وأنا مشدودةُ الأعصابِ لو تنفخُ في أُذْني تطايرتُ دُخاناً في الهواءْ

يا حبيبي :
إنني دائخةٌ عشقاً
فلملمني بحقِ الأنبياءْ
أنتَ في القطبِ الشماليِّ وأشواقي بخطِ الإستواءْ.

إنتمائي هو للحبِّ وما لي لسوى الحبِّ انتماءْ.


دلالة كلمة ( سيدي ) في شعر سُعاد الصباح

أحسبُ أنَّ قصيدة ( إمرأة بلا سواحل ) إمتدادٌ لقصيدة ( مجنونة ) السابقة. نَفسٌ واحد ودفقة شعورية واحدة تعبّر عن غَرض واحد : الحاجة الطبيعية إلى الآخر، الحاجة إلى الرجل. إستخدام لفظة ( سيدي ) في خطابها للرجل إنما هو أسلوب شرقي صرف لا وجود له في الشعر الغربي. إنها آلية شفافّة للإفصاح الخجول عن الرغبة في الآخر. في اللفظة تودد وإتضاع وخضوع. إنها من بقايا عصور الحريم الغابرة. إنها الخطاب الموجّه من الأسفل إلى الأعلى. إنها الجذور القديمة الضاربة في تربة النشأة الأولى للشاعرة على أرض الكويت. فإذا وجدنا في بعض أشعارها نكهة أو لمسة غريبة عما نعرف عن أحوال وظروف المرأة في الكويت فإنما قد جاءتها متأثرةً بتلك الأجواء الجديدة عليها التي عايشتها خلال فترات إقامتها ودراستها في كل من مصر و بريطانيا. ذلكم أمر طبيعي. من عاشر القومَ أربعين يوماً صارَ منهم… كما يُقال.

حين تستخدم الشاعرة لفظة ( سيدي ) يتبادر إلى ذهني على الفور شعر الولاّدة بنت المستكفي حيث خاطبت إبن زيدون مرّةً بالقول :

أغارُ عليكَ من نفسي ومنّي
ومنكَ ومن زمانكَ والمكانِ

وإني لو خَبَأتُكَ في عيوني
على طولِ الزمانِ لما كفاني

هل خاطبت الشاعرةُ الأندلسية إبن زيدون بلفظة ( سيدي ) ؟ ليس لي بذلك علم.

في قصيدة ( إمرأة بلا سواحل ) كررت سعاد ( سيدي ) عدّةَ مرات فما دلالة ذلك ؟

يا سيدي :

مشاعري نحوك بحرٌ ما له سواحلْ
وموقفي في الحبِ لا تقبلهُ القبائلْ
يا سيدي : أنتَ الذي أُريدُ لا ما تريده تغلِبٌ ووائلْ

يا سيدي : سوف أظلُّ دائماً أُقاتلْ
من أجلِ أنْ تنتصرَ الحياةْ
وتورقَ الأشجارُ في الغاباتْ
ويدخلَ الحبُّ إلى منازلِ الأمواتْ
لا شيءَ غيرُ الحبِّ يستطيعُ أنْ يُحرّكَ الأمواتْ…
يا سيدي : لا تخشَ أمواجي ولا عواصفي
ألا تحبُ امرأةً ليسَ لها سواحلْ ؟؟

لو كان السؤال الأخير مُوَجهاً لي لكان جوابي: كلاّ. لا أحب إمرأةً لا سواحل لها !! الأمواج والعواصف إنما هي في البحار. وللبحار كما نعرف شواطيء وسواحل وحدود تسمى مياهاً إقليمية. وللبلدان على الكرة الأرضية حدود وطنية معترف بها وأجواء عالية إقليمية لها سيادتها وإستقلاليتها شبه المُقدّسة في القانون الدولي. فأية إمرأة هذه التي هي بلا حدود معينة وبلا سواحل مُعتَرف بها تجوبها دوريات وزوارق خفر السواحل ؟! أية إمرأةٍ هذه ؟؟

إستخدام لفظة ( سيدي ) يدخل في خانة التوسّل. وفعلا… كتبت الشاعرة عام 1982 قصيدة كاملة بإسم ( توسلات ) كررت فيها الفعل ( أتوسّل ) ست مرّاتٍ. فقه اللغة العربية يقرر أنْ لو تشابهت حروف أو معظم حروف كلمتين تشابهت معانيهما. وعليه فإن معنى الفعل ( أتوسّل ) هو نفس ما يعنيه الفعل ( أتسوّل ) !! التوسّل = التسوّل.

القلب والإبدال أسلوبان معروفان في العربية.

هذه السيدة الشاعرة التي درست في مصر وبريطانيا ونشرت الكثير من دواوين الشعر باللغة العربية تدافع فيها عن حرية المرأة في الحب وإختيار من تحب وعن حرية الإنسان وحقه في الكلام وهاجمت الجاهلية والرجعية وأنظمة المباحث ( قصيدة وردة البحر )…

هذه الشاعرة الثائرة لم تستطع التخلص من آثار وبقايا إرث عمره أربعة عشرَ قرناً من الزمان الثقيل. إنه كالماء ( النزيز ) تحت أراضي القصب والحلفاء والبردي. إنه مياه جوفية قابعة تحت رمال الصحارى. ما أن يحفر المرءُ قامةً حتى تتفجرَ ينابيعَ وعيوناً. مع الفارق الكبير فيما بين نوعية الماءين.

------------------------------------

منقول ... تم إستقطاع الدراسة عن الشاعرتين الآخرتين لعدم ملائمة النصوص لهذا المنتدى.

تحياتي.
 

أوراد الكويت

عضو بلاتيني
الحب .. الجسد .. الجنس .. لنص معين متنوعة سياقيا .. في بعض الظروف وإلى درجة معينة .. بمعنى أنها تعتمد على المحيط الماوراء ـ نصي ( الشعور الأقوي ) والحاجه للبوح ..
كما أنها تعتمد على شخصية الأديب أيا كان نوع توجهه .. وتاريخ تجاربيه الحسيه أو الماديه يجمع بينهما الخيال المشبوب الذى يحقق التأثير على القارئ كفعل تواصلي ..

وما جاء على لسان الشاعره سعاد الصباح هو ليس إلأ إشارات وإيحاءات بريئه .. ونتقبلها .. !!

فالحب والجسد والجنس في الأدب العربي موجود منذ الجاهليه .. نتذكر على سبيل المثال أبي نُواس فقد قال في الخمريات والغلاميات والنسائيات .. !!
مع أن أبا نواس له من شعر الزهديات والتوبيات ما فاق فيه أبا العتاهية .. !!

فالأدب العربي القديم في الشعر وفي "الأغاني" لأبي الفرج الأصفهاني وألف ليله وليله تناول الألفاظَ المباشرةَ في الجنس .. !!

كما يجب علينا لإشاره إلى أنه أصبح أدب الجنس المكشوف ذا أهمية.. خاصة على يد نزار قباني.. ثم تبنّى هذه النزعة الشعراء الحداثيون بدعوى حرية التعبير ..

ومن القصائد المرفوضة خلقيا في هذا المقام قصيدة "الوشم الباقي" لعبد المنعم رمضان .. وهي استغراق في تصوير الجنس يدعو إلى الغثيان .. ومن سقوطه في هذه القصيدة أنه كرر فيها أصوات السرير وغرفة النوم المكونة من (الهمزة والحاء والواو) إلى آخره..
ولكننا نحمد الله أن هذا اللون من الأدب أو (اللا أدب) في طريقه إلى الانتهاء.. بعد أن أصبحت عندنا ألوان طيبة جدا من الأدب الإنساني ..

وعليه يجب أن يعالج الجنس في الأدب .. بل علينا إذا عالجناه أن تكون له ضوابط تتفق مع قيمنا ومع المعطيات الإنسانية والخلقية .. ومثلنا الأعلى في ذلك هو القرآن الكريم .. حيث يعالج الجنس في سورة سيدنا يوسف وامرأة العزيز.. وبذلك يكون للإبداع قيمة حقيقة ذات معطيات تربوية بعيدة عن التعصب وبعيدة عن التكلف والمغالاة.

هل قرأت روايات موسم الهجرة إلى الشمال للروائي السوداني الطيب صالح والخبز الحافي لمحمد شكري .. هاتين الروايتين أستغرقتا جدلا لم ينقطع والأولى تم منعها من التداول في السودان ..

تحياتي لك ..
 

المشرف العام

مراقب
طاقم الإدارة
لا أختلف معك في أن ماجاء على لسان الشاعرة هو إيحاءات بريئة لا يمكن أن يخلوا الشعر العاطفي من مثلها ... و لو قرأنا النصوص التي وردت في الموضوع للشاعرتين الآخرتين لجزمنا أن ما كتبته الدكتورة سعاد ليس إلا مقتطفات عاطفية بريئة!

يقال لدى الأمريكان أن (الجنس يبيع) ... يعني إذا أردت أن تروج عملا ً أدبيا ً فأكثر من هذا النوع من البهارات فيه ... و هذا ما أدى إلى رواج روايتي الطيب صالح و محمد شكري ... و أن كنت أعتقد أن الطيب صالح في روايته كان يقدم أدبا ً أكثر من رواية الخبز الحافي لمحمد شكري ... و التي لو لم تكن مثيرة للجدل لما سمعنا بها!

تحياتي لك و للجميع.
 

أوراد الكويت

عضو بلاتيني
أشكرك على ما تفضلت ..

أعتقد إجمالا أن الأدب المغربي .. فتح الأبواب المغلقه إلى النصف .. !!
ولم يتأثر كل التأثير في الأدب الفرنسي أو الغربي على حد السواء .. فحدائق الملك ومذكرات مليكه بافقير المغربيه .. أحلام مستغانمي الجزائريه و ذاكرة الجسد .. فوضى الحواس .. عابر سرير .. وغيرهم من الكتاب ..

وأخيرا أهديك هذا الحوار مع الكاتب المغربي محمد شكري فتفضل لقراءته :

http://aitourir.salifa.com/choukri.htm

تحياتي لك ..
 

المشرف العام

مراقب
طاقم الإدارة
شكراً على الرابط ... ولو ان الترجمة للعربية كانت سيئة و متعبه بعض الشيئ ... إلا أنه كان حوارا ً شيقا ً مع (صعلوك) أدبي! :)

تحياتي.
 
في المقطع الرابع من نفس هذه القصيدة، قالت هذه الشاعرة الجريئة والواثقة من خطواتها ومواضع قدميها :

سيظلون ورائي
بالإشاعاتِ ورائي
والأكاذيبِ ورائي
غيرَ أني
ما تعوّدتُ بأنْ أنظرَ يوماً للوراءْ
فلقد علّمني الشعرُ بأنْ أمشي
ورأسي في السماءْ.
 

البربهاري

عضو مميز
شعر التفعيلة لمن عجز عن العمودي , ويبقى الأصل وما جُبلت عليه السليقة , فأقول في أبياتي :

أنا المفتاحُ من ربِّ الكرامِ && لكل وقيعةٍ عندَ احتدامِ

وعندَ المكرِ أدهى من يكيدُ && وعند الضرب يشكوني حسامي

وعند القولِ أبلغُ من فصيحٍ && وعند الجودِ فالفعل كلامي

ودمتم , أخوكم عبدالله العبدلي
 
أعلى