:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
:
اعتاد النظام الحاكم في الكويت بين فترة وأخرى كلما تطلبت مصلحة أمنه على رفع لافتة الإسلام زاعما انتسابه إليه، وإذا كان تمسح النظام بالإسلام مجاني لا يكلفه شيء، فإن من العقل أن نفهم ما هي حقيقة علاقة هذا النظام بالإسلام، وما مدى صحة مزاعمه بأنه ينتسب إليه...
إننا في هذا الموضوع، ومن باب التزامنا بموضوعية الطرح، لن نأتي باستنتاج أو برأي شخصي مقطوع الصلة بالواقع، بل سنحتكم إلى ما ألزمت به العائلة الحاكمة نفسها في دستورها المسمى "دستور 1962"
حددت العائلة الحاكمة شكل وهوية نظام حكمها في أولى كلمات دستورها بأنه نظام حكم "ديمقراطي"، فقد صرح كبيرها في مقدمة دستورها ما نصه: (نحن عبد الله السالم الصباح امير دولة الكويت رغبة في استكمال اسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز...)
وعادت العائلة الحاكمة مرة أخرى إلى تأكيد هوية نظام حكمها وعلى نحو لا يقبل أي اختلاف بشأنه بسبب وضوحه، فقد نصت المادة 6 من دستورها صراحة على أن (نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للامة مصدر السلطات جميعا...)
وإذا كان أطفال مدارس الكويت يعرفون بأن الديمقراطية التي تتمسح بها العائلة الحاكمة في دستورها هي ديمقراطية ديكور مزيفة تستر عقليتها التي تسيطر عليها فكرة أن البشر خلقوا ليكونوا عبيدا لها لا يعرفون سوى ثقافة السمع والطاعة والدينونة لها، فإن ما يهمنا في هذا الموضوع مدى مصداقية العائلة الحاكمة في تمسح نظامها بالإسلام.
لعل مما اتفق عليه علماء الإسشلام المعاصرون، هو أن الديمقراطية نظام سياسي-اقتصادي- اجتماعي غربي علماني يتناقض شكلا وموضوعا وأصولا مع دين الإسلام، فالإسلام تشريع إلهي، ويستحيل على هذا التشريع أن يؤدي عمله في كيان سياسي ينتهج النظام الديمقراطي، ويقبل بكل الشرائع الوثنية والعلمانية.
نصت المادة الثانية من دستور العائلة الحاكمة على أن (دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع...)
يلاحظ بوضوح هنا في هذه المادة، أن الإسلام قد سحب سحبا ثم أقحم عنوة في مكان ليس له فيه وظيفة، فبدا متناقضا مع كل شيء حوله. فعلى حين أعلنت المادة الثانية من دستور العائلة الحاكمة بأن (دين الدولة الإسلام)، نجد بأنها وفي نفس المادة قد لوت ذراع الإسلام ليا وأجبرته على أن يقبل بتشريعات بشرية أخرى، حيث أكملت هذه المادة بقولها: (والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع...)، فأعلنت بذلك صراحة بأن الإسلام ليس هو المشرع الوحيد في دستورها، بل يشاركه التشريع تشريعات بشرية أخرى. ولعل مما أجمع عليه علماء الإسلام، هو أن الجمع بين التشريع الإسلامي والتشريعات البشرية كفر لا شك فيه، ولم يخرج أحد منهم على هذا الإجماع التاريخي.
يضاف إلى هذه الحقيقة حقيقة أخرى، وهي أن الإسلام لا مكان له في أي قرار سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي تتخذه العائلة الحاكمة، فلا مكان له سوى في تقسيم تركة الميت وفي حالات الزواج والطلاق، أما غير هذه المجالات الثلاث فلا وجود حتى لرائحة الإسلام.
مما سبق يثبت بأن العائلة الحاكمة قد اعترفت في دستورها بأن نظام حكمها علماني لا يلعب فيه الإسلام أي دور.