رأي جدير بالتفكر فيه
نشرت جريدة "القبس" اليوم تحت عنوان عام "قضية ورأيان"، وعنوان خاص "تعديل الدستور"، رجاءاً إضغط هنا، مقابلة مع الدكتور محمد الرميحي والكاتب الصحفي في نفس الجريدة أحمد الصراف.
ما يعنيني هنا هو رأي الدكتور محمد الرميحي والذي كان مؤيداً لتعديل بعض المواد في الدستور. فعندما سُئِلَ الدكتور الرميحي عن رأيه بمطالبة البعض حل مجلس الأمة وإجراء إنتخابات على نظام الدوائر الخمس، إنتهز الدكتور الفرصة ليعرض رأيه في بعض الإصلاحات بالنظام الإنتخابي، وكان هذا الإقتباس مما قاله:
"وشخصياً كنت من المطالبين في مقالاتي بإصلاح النظام الإنتخابي وفق نظام الخمس دوائر على أساس الأغلبية النسبية التي تفرض إعادة الإنتخابات للمرشحين في حالة عدم حصولهم على نسبة تفوق 50 في المائة من الاصوات. وتكمن فلسفة الأغلبية النسبية في أن لا يكون النائب رهيناً لعدد قليل من الناخبين. وقد اجريت دراسة لنتائج المجالس الأربعة التي سبقت المجلس الاخير وجدت فيها أن معظم المرشحين الذين وصلوا الى البرلمان حصلوا على اقل من 20 في المائة من أصوات الناخبين، ومثل هؤلاء النواب تسببوا في مضايقة الجهاز التنفيذي للدولة بقضايا تفصيلية من اجل 'خدمة حزمة ضيقة من ناخبيهم'، والإستجواب الاخير لوزير الصحة كشف جانباً من هذا الموضوع، وعرفنا أن نواباً يتضايقون علناً من حصول نواب آخرين على تسهيلات هم محرومون منها بالطريقة التي يريدونها في التأثير على الجهاز التنفيذي، ناهيك عن فرض عناصر غير كفؤة في مواقع مهمة مناط بها إتخاذ قرارات تنموية ضخمة. وهذا أمر كفيل مع الوقت بعرقلة مسيرة التنمية والصلاح في بلد ذات إمكانات واسعة مثل الكويت، وهو أمر يهدر التطبيق القانوني الذي هو بمكانة مسطرة يجب ان يطبق على الجميع في الدولة الحديثة من دون إستثناء حفاظاً على التوازن الإجتماعي. وقد قيل أن نصوص الأحكام تنبع من سياق ظروفها في الزمان والمكان. واذا قارنا الأزمة السياسية المتكررة في الكويت، نجد شبيهاً لها في إيطاليا عندما قرروا عدم المساس بالدستور، وتغيرت الاحوال ولم تتغير النصوص".
إنتهى النقل.
أقول أنا فرناس: أن هذا الرأي الذي تفضل به الدكتور الرميحي هو بحق جدير بالملاحظة والتفكر فيه. أنا أعلم مبدئياً مدى الحساسية المفرطة التي قد تصيب البعض من طرح فكرة تنقيح الدستور. وأنا أعلم بأن بعض حججهم في ذلك جديرة بالتفكر فيها أيضاً. ولكن الحقيقة وتطور الزمن والمجتمع يفرضان علينا أن نعيد النظر ببعض مواد الدستور. ومع الحماية الشعبية، أقول "شعبية" لأنها أثبتت وجودها في تعديل الدوائر الإنتخابية، ومع الحماية الشعبية للمكتسبات الديموقراطية لن يكون هناك، بل لن يجرؤ أحد، على أن يتراجع عن هذه المكتسبات. بل سوف يكون التعديل لصالح الكويت وشعبها. هذا إذا إتفقنا بأن هناك حاجة فعلية.
يجب أن نتذكر بأن القانون الجامد والغير متغير هو قانون فاشل بالضرورة. إذ القوانين الوضعية هي متغيرة بطبيعتها لأنها يقع على عاتقها أن تأخذ بالحسبان تغير الزمان والمكان وظروف المجتمع وتحول الأوضاع وإختلاف المصالح. ولا يُعقل أن يبقى قانون ما قيد الثبات مهما تحول الزمان وإختلفت الأوضاع وتباينت مصالح الناس، وإلا لتحول إلى نص "مقدس" آخر.
إن ما طرحه الدكتور محمد الرميحي من حجج في موضوع "إصلاح النظام الإنتخابي" هو رأي جدير بالملاحظة والتفكر. إذ في رأيي المتواضع هو في إتجاه الإصلاح الحقيقي وفي طريق تلافي الكثير من سلبيات النظام الحالي. فالصراع القبلي – الحضري، والسني – الشيعي، والسني – السني، والشيعي – الشيعي، وصراع الطبقات الذي يتبدى في بعض جوانبه من إحتكار الصحف وتوجيه الرأي العام والضغط الحكومي في إتجاه معين لصالح رئاسة مجلس الأمة مثلاً، كل هذه السلبيات قد تذوب ولو جزئياً إذا ما تفكرنا في رأي الدكتور الرميحي. ولا يجب أن نبقى أسراء مخاوفنا وشكوكنا في نوايا البعض، لأن الزمن يجري ولأن الفُرص تمرُ مَرَ السحاب.
إنها دعوة للتفكر، لا أكثر.
فرناس