حدس و الشيطان الأخرس
جريدة القبس، 25 – 3 – 2007
حظرت الحركة الدستورية الإسلامية [حدس] على نوابها الإدلاء بأي تصريحات تتعلق بالكتل البرلمانية الأخرى.
وعزت المصادر الأسباب إلى رغبتها في عدم الدخول في أي صراعات جانبية يمكن أن تضعف من دورها بين الكتل البرلمانية.
للمصدر، رجاءاً إضغط هنا.
أقول أنا فرناس: قيل لنا منذ الصغر، وردده علينا آبائنا وأساتذتنا حتى أصبح مثل النقش في الحجر، وأصبح، فيما أحسب، من أكثر الأقوال حفظاً وترديداً بين العامة والخاصة، بل وأصبح مقياساً للشجاعة والصدق والصدع بالحق من غير الخوف من ملامة لائم أو عذل حسود أو منافسة مثيل. قيل لنا: "الساكت عن الحق شيطان أخرس".
هذا القول المأثور، وهو يأتي بالمناسبة في تواتره على الألسنة مع: "النظافة من الإيمان" وهو فيما أحسب لغاية وغرض حكيم جداً لصاحب النظر الفلسفي المتأمل، هذا القول الحكيم يضع الناس، والحركات السياسية بالطبع، على المحك. إنه يضعهم في إختبار مستمر أمام مصالحهم الشخصية والآنية. خصوصاً وإذا كانوا يدّعون الدين والفضيلة والتحري للسُنة والسير على هدى أشرف الخلق (ص).
الإدعاء سهل، والأقوال كثيرة، والتفنن في التصريحات لها خبرائها و "شياطينها"، ولكن الأفعال وخفاياها هي من يقرر أي المسارات أختيرت وعلى هدى مَنْ سار من سار.
وأتسائل أنا هنا: لماذا حظرت "حدس" على نوابها إنتقاد (يجب أن أقول "تصريحات" ولكن اللبيب بالإشارة يفهم) الكتل الأخرى؟
أيوجد هناك سبب آخر لتملق هذه الكتل البرلمانية خلافاً لما ذكره هذا الخبر أعلاه؟
وما مناسبة القول في الخبر أعلاه: "يمكن أن تضعف من دورها بين الكتل البرلمانية"؟
أنا أقول لكم.
بما أن "الساكت عن الحق شيطان أخرس"، فإن من يحظر على نوابه إنتقاد "الأخطاء" من الآخرين، من وجهة نظره طبعاً، عندما يراها منهم هو "شيطان" بالظرورة. "شيطان" على معنى "الفكر والأساليب" بالطبع. إذن لابد من مصلحة آنية ضرورية تبرر هذا التلون و"الخرس" عند حدس. فما هي يا ترى؟
إنظروا إلى هذا الخبر:
جريدة القبس الكويتية، 25 – 3 – 2007
"أبرز ما حملته تطورات يوم أمس بشأن التشكيل الحكومي، إطمئنان أوساط سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد إلى أن 'الأمور على ما يرام' إضافة إلى عودة أسهم د. إسماعيل الشطي للتداول بصفته مرشحاً ليبقى ضمن التشكيل الجديد".
نفس المصدر أعلاه.
كلام منطقي؟
ولكن إنتبهوا، في عالم السياسة لابد للأغراض الحقيقية أن تُمَوّه تحت أعذار مختلفة، حتى لا تحترق الأوراق. ولذلك لا تستغربوا أن تجدوا من يدافع عنهم أن يضع العذر بعد العذر والتصريح بعد التصريح. كل ما أطلبه من القراء الكرام أن يسألوا أنفسهم السؤال التالي:
هل الكلام أعلاه منطقي أم لا؟
إن كان كذلك، فإن السؤال التالي هو: على من يجب أن نستشهد بـ "الساكت عن الحق شيطان أخرس".
فرناس