ثقافة الحرية و ... العبودية .. !

بدرالكويت

عضو ذهبي
567slave.jpg


في القرن التاسع عشر كانت السفن الكويتية تمخر البحار وتعبر المحيطات للتجارة والبحث عن لقمة العيش ، حتى وصلت لسواحل القارة الهندية في آسيا ، وعادوا منها محملين بالتوابل والأخشاب والعطور ، ثم اتجهت سفنهم لأفريقيا وسواحل زنجبار والصومال ومدغشقر وممباسا وعادوا منها محملين بالبضائع النفيسة و ... العبيد .

[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كان آدم من عبيد أحد الشيوخ* ، وقد ترعرع في بيت الشيخ حتى تزوج وانجب اطفالا ، عاشوا جميعا في كنف الشيخ كافراد ، وإن ظلوا عبيدا . [/FONT]

[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]حتى جاء اليوم الذي قرر فيه الشيخ مكافأة التاجر عبد المحسن ، فقد كان التاجر عبد المحسن من اخلص رفاقه ، لا يبخل عليه بهدية حين تصل بضاعته من الهند أو السند او أفريقيا ، لكنه هذه المرة قدم للشيخ هدية رائعة عبارة عن سيارة جميلة ، لا مثيل لها في المنطقة . [/FONT]

[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]فرح الشيخ بالسيارة ، وخرج بها عدة مرات مزهوا وفخورا بهذه الآلة الحديدية التي لن يجود الزمان بمثلها ، لذلك قرر الشيخ رد الهدية للتاجر الصديق ، ومكافأته ، فناداها ذات يوم وأخبره بأنه سيهديه أحد عبيده الأشداء ، واختار له العبد جوهر الابن البكر للعبد آدم ، شكر عبد المحسن الشيخ وخرج ومعه عبده الشاب جوهر ، سعيدا بتلك الهدية الغالية في معناها ، وهو رضا الشيخ عليه ، بينما كانت أم جوهر تختلس النظر من بعيد لابنها وهو يغادر المنزل ، ودمعة سخينة تتحدر على وجنتها ، مسحها آدم أبو جوهر ، وسحب زوجته للداخل . [/FONT]

[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]عاش جوهر في المنزل الكبير للتاجر عبد المحسن سنين طويلة ، كبر وصادق أبناءه ، حتى حانت منية عبد المحسن ، وتوفاه الله تاركا لأبناءه ثروة طائلة وعدد من المنازل الكبيرة ، وقلة من العبيد . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]تقاسم أبناء عبد المحسن ثروة والدهم واملاكه ، وكان العبد جوهر من نصيب الابن الأكبر محمد الذي استمر على عادة والده باهداء الشيخ كل جديد من بضاعته الآتية من آسيا وافريقيا ، مما كان ينال رضا الشيخ دائما . [/FONT]

[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كان جوهر دائم الالحاح على سيده محمد بأن يعتقه ويحرره أسوة بكثير من العبيد في البلد ، ممن أعتقوا وتسموا بأسماء سادتهم ، واصبحوا أحرارا ، يُديرون حياتهم بأنفسهم ، بلا أوامر من أحد ، او تشغيلهم كعبيدة سخرة بلا مقابل أو أجر . [/FONT]

[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كان محمد يستمع لعبده ، ويبتسم ويؤجل اعطاءه حريته بكلمتين "يصير خير" ، واستمر الحاح جوهر ، ومماطلة محمد عدة سنين حتى كان ذلك اليوم الذي استدعى فيه الشيخ التاجر محمد . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]أسرع محمد يتبعه عبده جوهر للشيخ ، وما أن مثل محمد بين يدي الشيخ ، حتى صاح به الشيخ : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كيف تجرؤ يا محمد على بيع أخشابك بأسعار هي أرخص من الأخشاب التي أبيعها ؟ هل تريد خسارتي وافقاري ؟ هل تتآمر علي ؟ [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]رد محمد بارتباك وهو يرتجف من الخوف : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]صدقني ياشيخ لم أكن أعلم باسعار أخشابك طال عمرك .. اعذرني واسمح لي وامسحها بلحيتي ... حقك علي يا طويل العمر ... وانت تامر وآنا حاضر وتحت أمرك ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]نظر الشيخ لمحمد المذعور وابتسم : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]احرق كل الأخشاب الموجودة لديك ... لا اريد منافس لي ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]هز محمد راسه بخضوع وخنوع : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]حاضر طال عمرك ... من اليوم ... بل من هذه اللحظة سأحرق كل الاخشاب الموجودة في مخزني ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]نظر إليه الشيخ بازدراء وقال : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]انتظر ... لدي فكرة أخرى ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]هز محمد رأسه مرة اخرى مبتسما رغما عنه وقال : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]أنت تامر طال عمرك ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]طفح البشر والرضى على وجه الشيخ وهو يقول : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]بدلا من حرق أخشابك ... واهدارها ... وتلويث الجو بالدخان وتلويث الارض بالرماد الاسود الكالح ... أرسل عمالك لنقل كل أخشابك لأخشابي ... وهكذا تنال رضاي ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]صاح محمد بفرح : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]ونعم الراي طال عمرك ... الآن سأرسل عمالي وسينقلون لك كل الأخشاب ... ما يهمني طال عمرك هو رضاك فقط ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]واتجه محمد مسرعا إلى الشيخ وقبل راسه وأنفه وخرج مهرولا وخلفه عبده جوهر الذي أخذ يهرول خلفه محاولا الإمساك به ، حتى نال التعب من التاجر محمد ، فتوقف قليلا وهو يلهث ، ونظر إلى عبده جوهر الذي وصله وهو يلهث أيضا ... وقال لعبده : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]ما رأيك ؟ لقد أحسنت صنعا في ردي على الشيخ ... [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]نظر جوهر لسيده نظرة تحمل الكثير من الشفقة ... وهز رأسه ساخرا وقال : [/FONT]
  • [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]عمي ... لقد غيّرت رأيي ... لا أريد حريتي ... فما أراك إلا أكثر عبودية مني ... هل رايت يا عمي في حياتك عبدا يطلب الحرية من .... عبد ؟!!! [/FONT]
----------------------------
* للتوضيح للبعض ممن يتقاضون رواتبا لمطالعة المدونات ... الشيخ المقصود هنا ... ليس الحاكم ... بل فرد من افراد الاسرة الحاكمة .
 

بدرالكويت

عضو ذهبي
عزيزي العثماني بو دعيج ...

شكرا لمداخلتك ...

العبد ليس بالاسم أو بلون البشرة أو من تم شراءه بسوق النخاسة ....

العبد الحقيقي ... هو الحر الذي يقبل بالعبودية ...

تحياتي ،،،
 

الفراشة

عضو مخضرم
أشكرك على هذه الحكاية

عمي ... لقد غيّرت رأيي ... لا أريد حريتي ... فما أراك إلا أكثر عبودية مني ... هل رايت يا عمي في حياتك عبدا يطلب الحرية من .... عبد ؟!!!

ختمتها بجمله كلها حكمه
 
نص جميل جدا ومعبر اخي مسمار .
للاسف فنحن لا نزال نعيش عقدة الشيوخ ولم نستطع الخروج من النظام القبلي بعقولنا وبممارساتنا ولم نستوعب ابدا دولة المواطنة والقانون .
بهذه الدولة فقط سنبح مواطنين واحرار لا مجرد اتباع
 

rod

عضو مميز
قصه حلوه وبها من المعاني والحكم الكثيره وما اشبه اليوم بالبارحه

يعني محمد العبد المحسن خايف على تجارنه ولهذا فهو يراضي الشيخ حتى لا يخسرها

وهذا كان في الماضي لكنها لا تحدث في ايامنا هذه بتلك الطريقه فلقد تطورت واصبح معتوق وامان وجوهر يناجرون كل الشيوخ اذا ما كان في السالفه اموال الا اذا ارادوا مناقصه وهم ليسوا قدها فعندها يستعمل الاسلوب القديم ليحصلوا عليها ,,,, اسقاط جميل واتمنى ان يكون لها اجزاء اخرى ’’’’:باكي:
 

بدرالكويت

عضو ذهبي
نص جميل جدا ومعبر اخي مسمار .
للاسف فنحن لا نزال نعيش عقدة الشيوخ ولم نستطع الخروج من النظام القبلي بعقولنا وبممارساتنا ولم نستوعب ابدا دولة المواطنة والقانون .
بهذه الدولة فقط سنبح مواطنين واحرار لا مجرد اتباع
شكرا عزيزي طاهر على تحليلك الجميل للقصة ...

وللأسف فالدستور أيضا يكرّس النظام القبلي ونظام العشيرة ...

تحياتي ،،،
 

بدرالكويت

عضو ذهبي
قصه حلوه وبها من المعاني والحكم الكثيره وما اشبه اليوم بالبارحه

يعني محمد العبد المحسن خايف على تجارنه ولهذا فهو يراضي الشيخ حتى لا يخسرها

وهذا كان في الماضي لكنها لا تحدث في ايامنا هذه بتلك الطريقه فلقد تطورت واصبح معتوق وامان وجوهر يناجرون كل الشيوخ اذا ما كان في السالفه اموال الا اذا ارادوا مناقصه وهم ليسوا قدها فعندها يستعمل الاسلوب القديم ليحصلوا عليها ,,,, اسقاط جميل واتمنى ان يكون لها اجزاء اخرى ’’’’:باكي:
تحياتي rod

وشكرا للمتابعة ... ولقراءتك الجميلة للقصة ...

وعلى فكرة ... القصة من نسج الخيال ... واي تشابه بين أسماء شخصيات القصة مع شخصيات من الواقع هو من قبيل الصدفة ... كما يقولون في المسلسلات والأفلام :)

تحياتي ،،،
 

Jasem

عضو
تسلم إدياتك يا مسمار ... أحيي فيك تحررك من العنصرية التي يغرق فيها كثير من الكويتيين ... هذي أول مرة أقرأ لك للأسف وسأكون مهتما بمتابعة ما تكتب مستقبلا ...
 

بدرالكويت

عضو ذهبي
تسلم إدياتك يا مسمار ... أحيي فيك تحررك من العنصرية التي يغرق فيها كثير من الكويتيين ... هذي أول مرة أقرأ لك للأسف وسأكون مهتما بمتابعة ما تكتب مستقبلا ...

تسلم عزيزي جاسم وألف شكر لك على كلماتك ...

ويشرفني أن اكسبك صديقا جديدا ومتابعا لمدونتي المتواضعة :

كتـــــابة مسمـــــــــارية

تحياتي ،،،
 

شاهد حر

عضو مميز
رائع يا مسمار..ذكرتني بهذه الرائعة

وأنتَ يا ابنَ موطني
لولا خَيالُ مَعْدَةٍ
تكادُ لا تبدو !
لا يُوجَدُ النَّقْدُ على كَفِّكَ
إِن لم يَنعَدِمْ في ثَغركِ النَّقدُ.
ثَغرُك يا ابنَ موطني
يَلتقِطُ البُلبلُ قُوتَ يَومِهِ
لكنَّهُ فوقَ الذُّرا يَشدو .
وَهْوَ إذا راحتْ فِخاخُ الصَّيدِ تَمتدُّ
واستكلبَ الصَّيدُ
مَدَّ الجناحين إلى
حُريَّةٍ واسعةٍ ليسَ لَها حَـدُّ .
وتَثـقُلُ الغَيمةُ مِن تخمِتها
لكنّها فوقَ الذُّرا تعدو
وَهْيَ إذا صارت عَلَيْها الرِّيحُ تَشتَدُّ
واستكلبَ البَرْدُ
تَحرّكتْ في قلبها صاعِقَةٌ
وَضَـجَّ في شفاهِها الرَّعدُ .
والوَردُ يَحسو قُوتَهُ تحتَ الثّرى
لكنَّهُ فوقَ الذُّرا وَردُ
وَهْوَ إذا صارَ عليهِ النّحْلُ يَنْهَدُّ
واستكلبَ الحَصْدُ
لَمْ يَخْـشَ أن يُطلِقَ صوتَ عِطرهِ
ولو جرى مِن دُونهِ الشَّهْدُ .
وأنتَ يا ابنَ موطني
لولا خَيالُ مَعْدَةٍ
تكادُ لا تبدو !
لا يُوجَدُ النَّقْدُ على كَفِّكَ
إِن لم يَنعَدِمْ في ثَغركِ النَّقدُ.
ثَغرُك يا ابنَ موطني
ما هُوَ إلاّ ثَغَرةُ
بالخُبز تَنْسَدُّ !
والخُبزُ هذا خُبُزكَ المسْروقُ
والواهِبُ هذا.. سارقُ وَغْـدُ
مِنْهُ عَلَيكَ الذُّل والجَلْدُ
وَمِنكَ فيهِ الشُّكرُ والحَمْدُ !
***
العَبْدُ ليسَ مَن طوى
قَبضَتَهُ القَيدُ
بَل هُوَ يا ابْنَ موطني
مَنِ يَدُهُ مُطلَقَةُ
وَقَلبُهُ عَبْدُ !

أحمد مطر
 

النابغة

عضو بلاتيني
جميل جدا ً يا مسمار ...

من يشتري حريته من عبد ٍ مملوك ٍ مثله؟!!

بل من يمكن له أن يمتلك رقاب الآخرين في الوقت الذي رقبته هو مملوكة!

مليئة بالرمز ... و الإسقاط "شبه" الواضح ...

مبدع دائما ً كما عودتنا.

ودمتم......
 

regrego

عضو مخضرم
استمتعت بالقرائة !!

:وردة:

مجهود طيب يا مسمار

قال عمر ابن الخطاب : ( متى استعبدتم الناس و امهاتهم ولدتهم احرارا )
 

rod

عضو مميز
تحياتي rod

وشكرا للمتابعة ... ولقراءتك الجميلة للقصة ...

وعلى فكرة ... القصة من نسج الخيال ... واي تشابه بين أسماء شخصيات القصة مع شخصيات من الواقع هو من قبيل الصدفة ... كما يقولون في المسلسلات والأفلام :)

تحياتي ،،،


حبيبي واخو قلبي مسمار نريد ان تمتعنا بجزء ثاني من نسج الخيال الخاص بك
فأنت من دون شك لك طريقه رائعه باالسرد ولقد ابدعت ونريد المزيد من ابداعاتك وفكاهاتك فأنت تملك موهبه رائعه فهل لنا من مزيد ....وشكرا ,,,,,,,:cool:









................. الحمد ل الله ان الأنجليز منعو ا العبوديه ’’’’’’’’’’’’’’’
 
التعديل الأخير:

بدرالكويت

عضو ذهبي
العزيز شاهد حر

شكرا لمرورك ... وايرادك للقصيدة الرائعة لشاعر اللافتات الثائر مطر ...

وصدق الشاعر بقوله :

العَبْدُ ليسَ مَن طوى
قَبضَتَهُ القَيدُ
بَل هُوَ يا ابْنَ موطني
مَنِ يَدُهُ مُطلَقَةُ
وَقَلبُهُ عَبْدُ !


تحياتي ،،،
 

بدرالكويت

عضو ذهبي
تحياتي عزيزي النابغة ...

وشكرا لمرورك الكريم ومداخلتك الجميلة ...

وصدقت عزيزي بقولك ...
من يمكن له أن يمتلك رقاب الآخرين في الوقت الذي رقبته هو مملوكة!

تحية ...
 
أعلى