في القرن التاسع عشر كانت السفن الكويتية تمخر البحار وتعبر المحيطات للتجارة والبحث عن لقمة العيش ، حتى وصلت لسواحل القارة الهندية في آسيا ، وعادوا منها محملين بالتوابل والأخشاب والعطور ، ثم اتجهت سفنهم لأفريقيا وسواحل زنجبار والصومال ومدغشقر وممباسا وعادوا منها محملين بالبضائع النفيسة و ... العبيد .
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كان آدم من عبيد أحد الشيوخ* ، وقد ترعرع في بيت الشيخ حتى تزوج وانجب اطفالا ، عاشوا جميعا في كنف الشيخ كافراد ، وإن ظلوا عبيدا . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]حتى جاء اليوم الذي قرر فيه الشيخ مكافأة التاجر عبد المحسن ، فقد كان التاجر عبد المحسن من اخلص رفاقه ، لا يبخل عليه بهدية حين تصل بضاعته من الهند أو السند او أفريقيا ، لكنه هذه المرة قدم للشيخ هدية رائعة عبارة عن سيارة جميلة ، لا مثيل لها في المنطقة . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]فرح الشيخ بالسيارة ، وخرج بها عدة مرات مزهوا وفخورا بهذه الآلة الحديدية التي لن يجود الزمان بمثلها ، لذلك قرر الشيخ رد الهدية للتاجر الصديق ، ومكافأته ، فناداها ذات يوم وأخبره بأنه سيهديه أحد عبيده الأشداء ، واختار له العبد جوهر الابن البكر للعبد آدم ، شكر عبد المحسن الشيخ وخرج ومعه عبده الشاب جوهر ، سعيدا بتلك الهدية الغالية في معناها ، وهو رضا الشيخ عليه ، بينما كانت أم جوهر تختلس النظر من بعيد لابنها وهو يغادر المنزل ، ودمعة سخينة تتحدر على وجنتها ، مسحها آدم أبو جوهر ، وسحب زوجته للداخل . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]عاش جوهر في المنزل الكبير للتاجر عبد المحسن سنين طويلة ، كبر وصادق أبناءه ، حتى حانت منية عبد المحسن ، وتوفاه الله تاركا لأبناءه ثروة طائلة وعدد من المنازل الكبيرة ، وقلة من العبيد . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]تقاسم أبناء عبد المحسن ثروة والدهم واملاكه ، وكان العبد جوهر من نصيب الابن الأكبر محمد الذي استمر على عادة والده باهداء الشيخ كل جديد من بضاعته الآتية من آسيا وافريقيا ، مما كان ينال رضا الشيخ دائما . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كان جوهر دائم الالحاح على سيده محمد بأن يعتقه ويحرره أسوة بكثير من العبيد في البلد ، ممن أعتقوا وتسموا بأسماء سادتهم ، واصبحوا أحرارا ، يُديرون حياتهم بأنفسهم ، بلا أوامر من أحد ، او تشغيلهم كعبيدة سخرة بلا مقابل أو أجر . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كان محمد يستمع لعبده ، ويبتسم ويؤجل اعطاءه حريته بكلمتين "يصير خير" ، واستمر الحاح جوهر ، ومماطلة محمد عدة سنين حتى كان ذلك اليوم الذي استدعى فيه الشيخ التاجر محمد . [/FONT]
[FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]أسرع محمد يتبعه عبده جوهر للشيخ ، وما أن مثل محمد بين يدي الشيخ ، حتى صاح به الشيخ : [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]كيف تجرؤ يا محمد على بيع أخشابك بأسعار هي أرخص من الأخشاب التي أبيعها ؟ هل تريد خسارتي وافقاري ؟ هل تتآمر علي ؟ [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]صدقني ياشيخ لم أكن أعلم باسعار أخشابك طال عمرك .. اعذرني واسمح لي وامسحها بلحيتي ... حقك علي يا طويل العمر ... وانت تامر وآنا حاضر وتحت أمرك ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]احرق كل الأخشاب الموجودة لديك ... لا اريد منافس لي ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]حاضر طال عمرك ... من اليوم ... بل من هذه اللحظة سأحرق كل الاخشاب الموجودة في مخزني ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]انتظر ... لدي فكرة أخرى ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]أنت تامر طال عمرك ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]بدلا من حرق أخشابك ... واهدارها ... وتلويث الجو بالدخان وتلويث الارض بالرماد الاسود الكالح ... أرسل عمالك لنقل كل أخشابك لأخشابي ... وهكذا تنال رضاي ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]ونعم الراي طال عمرك ... الآن سأرسل عمالي وسينقلون لك كل الأخشاب ... ما يهمني طال عمرك هو رضاك فقط ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]ما رأيك ؟ لقد أحسنت صنعا في ردي على الشيخ ... [/FONT]
- [FONT=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]عمي ... لقد غيّرت رأيي ... لا أريد حريتي ... فما أراك إلا أكثر عبودية مني ... هل رايت يا عمي في حياتك عبدا يطلب الحرية من .... عبد ؟!!! [/FONT]
* للتوضيح للبعض ممن يتقاضون رواتبا لمطالعة المدونات ... الشيخ المقصود هنا ... ليس الحاكم ... بل فرد من افراد الاسرة الحاكمة .