خيانة النساء.. وخيانة الرجال!!(2)

الرجال خائنون!!

والدليل الدامغ على خيانتهم هو قول المثل المصري:

"يا مآمن للرجال.. يا مآمن للميّة في الغربال".

مراراً وتكراراً.. وفي أكثر من مشهد، وفي كل ألوان طيفها الفني والدرامي، ترسّخ الدراما المصرية فكرة خيانة الرجال في أذهان المتلقين، عبر ترديد هذا المثل، اقتباساً من الفكرة السائدة لدى غالبية النساء والراسخة في أذهانهن عن خيانة الرجال.

فبحسب، وعلى حد مشاهد الدراما المصرية، كلما أحست زوجة بخيانة زوجها، هرعت إلى أختها أو أمها أو جارتها أو صديقتها، ثم ارتمت في أحضانها وهي تبكي وتنتحب وتبث شكواها بعبارة مقتضبة قائلة: الخاين الغشاش.. إهئ إهئ..

والغريب والمدهش أن المشكو لها من المذكورات تفهم مباشرة من هو هذا الخاين، دون أن تحدد تلك الشاكية المخونة هويته، ويكون الافتراض المنطقي والتلقائي لتحديد هوية ذلك الخائن أنه هو زوجها!! أيضاً دون ذكر اسمه وصفته بالنسبة لها!!(ربما هي فراسة النساء.. وربما هو التحامل والغلو الأنثوي تجاه الرجال.. وربما هو كيد النساء.. وربما كل ما ذكر صحيح.. وربما كل ما ذكر خطأ.. ربما) ويكون الرد السريع لتطييب الخاطر وتخفيف المصاب هو التحامل على كل الرجال.. وتعميم الخيانة عليهم جميعاً.. فتقول المشكو لها للشاكية، مخففة من لوعتها ومصابها: ولا يهمّك يا حبيبتي.. ولا تزعّلي روحك.. همّ الرجّالة كلهم كده.. خاينين.. وآل على رأي المثل: "يا مآمن للرجال.. يا مآمن للميّة في الغربال"!!

والخيانة المقصودة هنا كما هو معلوم بالمنطق والبداهة والضرورة هي الخيانة الفيزيائية الجسدية. وربما لهذا السبب شرع الله للرجل الزواج مثنى وثلاث ورباع، والله أعلم.

لكن المدهش هو أن المجتمع الشرقي سرعان ما يقيل عثرة الرجل ويصفح عنه الصفح الجميل، حتى ولو اقترف كبائر الذنوب، بينما لا يغفر للمرأة زلاتها ولمم أخطائها!! وهذا ما تجسده الدراما المصرية أيضاً. فبعد تطييب الخاطر والمواساة، تقول المشكو لها للشاكية المخونة: انتي لازم ترجعي بيتك.. الراجل في النهاية مالوش غير بيته ومراته وعياله!! في مفارقة مدهشة يوضح هذا المشهد بصورة ضمنية أن الرجل خائن بجسده، وفيٌّ مخلص بقلبه، في ذات الوقت!!

في تقديري الخاص فإن أولى مراحل الخيانة الذكورية هي مرحلة الإعجاب بالجمال والتعبير عنه. لكن ما أدهشني حقاً هو أنني لم أكن أتوقع أن تكون مرحلة الإعجاب بالجمال والتعبير عنه عند الرجل تبدأ منذ نعومة أظافره!! فقد أدهشنا وأضحكنا ابننا محمد- ذو الخمس سنوات- الذي يدرس في الروضة، عندما عاد من الروضة وقال لي ولأمه: في بنت حلوة بتدرس معانا في الروضة.. كانت لابسة فستان بمبي!! (إذا استفادت شركات الأزياء والموضة من هذه الفكرة التسويقية –فكرة أن اللون البمبي/ الوردي يضفي على المرأة جمالاً وألقاً- وقامت بتسويقها واستثمارها، فأرجو أن تحفظ حق الملكية الفكرية أيضاً للطفل محمد، وأن تجعل له جُعْلاً من العائدات والأرباح). لكن ما أثار دهشتي لِحدِّ الإلجام هو طفلي الغِرّ الصغير، عبد المتعال، ذو الثلاث سنوات، الذي لم يكتمل نموّ شعر حاجبيه بعدْ، فقام بالتعبير عن إعجابه بجمال اثنتين من النساء بحاجبيه، رفعاً وخفضاً!! عبد المتعال الذي تعطلت لغة الكلام عنده، خاطبت عيناه في لغة الغزل عينيهما، فأثار دهشتهن تارة، وضحكهن تارة أخرى. وكما قال الشاعر:

وتعطلت لغة الكلام وخاطبت .. عينيّ في لغة الهوى عيناك.

والرجل عندما يريد أن يعبر عن إعجابه بجمال المرأة، فلن يتوقع أن يوزعه وازع من البشر، كما قال مجنون ليلى:

فإن تمنعوا ليلى وتحموا ديارها.. عليّ فلن تحموا عليّ القوافيا.

والرجل، في سبيل حبه للجمال، وابداء اعجابه به، لا يخشى لومة لائم، ولا يخشى وخامة العواقب، ويستطيع أن يتحدى الأهوال والعظائم، حتى لو وصل به الأمر إلى وصفه بالمجرم، وزُجّ به في غياهب السجون، كما قال الشاعر:

اذا كان حب الجمال جريمة .. فليشهد التاريخ أني مجرم.

ثاني مراحل الخيانة بعد هذه المرحلة مباشرة هي مرحلة (زوغان العين). "الرجّالة عينهم زايغة".. جملة أيضا نسمعها مراراً وتكراراً تُردد في الدراما المصرية، وهو اتهام لا يكاد يخلو من حقيقة، ولكن نوعاً ما، وإلى حد ما، وليس بتلك الصورة المطلقة من التعميم. لكن خيانة الرجل قد ترتد عليه سريعاً في هجمة مرتدة مباشرة. قصة حدثت قبل عدة سنوات في إحدى الدول العربية. تقول القصة إن رجلا كان يقود سيارته، تجلس بجانبه زوجته، فرأى في السيارة المقابلة امرأة جميلة، فقال في نفسه: ليت تلك السيارة تتوقف عند اشارة المرور، فأتأمل تلك المرأة الجميلة مليّاً.. وبالفعل توقفت السيارتان عند إشارة المرور، ونظر الرجل إلى تلك المرأة، ثم أضاءت الإشارة الضوء الأخضر، وانطلقت السيارتان. وعندما وصل الرجل وزوجته إلى البيت قالت له زوجته: اليوم حدث شيء غريب عندما كنت تقود السيارة!! قال لها: ماذا حدث؟ قالت: كان هناك رجل في السيارة المقابلة ينظر إليّ نظرات غريبة، فتمنيت لو تتوقف السيارتان عند اشارة المرور حتى أعرف ماذا يقصد بتلك النظرات: هل يعرفني مثلاً، لكنه لم يتكلم، ولم أفهم منه شيئاً!!

يقال إن الشاعر السوداني ادريس جماع ذهب إلى لندن مستشفياً، فأعجب بعيون ممرضته، وأطال النظر في عينيها، فأخبرت مدير المستشفى بذلك، فأمرها أن تلبس نظارة سوداء ففعلت. وعندما جاءته نظر إليها جماَّع وأنشد:

والسيف في الغمد لا تُخشَى مضاربُه .. وسيف عينيك في الحالين بتّار.

وعندما تـُرجم البيت للممرضة بكت!!وصُنف هذا البيت أبلغ بيت شعر في الغزل في العصر الحديث.

المرحلة الأخيرة من مراحل خيانة الرجال هي التي تصف فيها الدراما المصرية الرجال بأنهم كلهم خائنون. لكن بطبيعة الحال فإن هذه النسبة المئوية الكاملة المطلقة لا تخلو من غلو وإجحاف. وفي تقديري أن نسبة 5% فقط من الرجال هي التي يمكن أن ينطبق عليهم وصف الخيانة ذلك، بينما 95% منهم هم أبرياء من هذه التهمة(متواطئ.. مش كده؟). وربما كان السبب الحقيقي والوحيد لإطلاق هذه النسبة المئوية المطلقة هو التشويق الدرامي واضافة نوع من البهارات للدراما، وخلق جاذبية لها، وهو فن يجيده المصريون بجدارة وامتياز.

واذا كانت خيانة الرجال كما ذكرنا هي خيانة فيزيائية، فإن شأن خيانة النساء لمختلف جدّا.. كما قال الشاعر، فهي خيانة سايكولوجية - سوسيولوجية. في تقديري فإن خيانة النساء تصنف ضمن ثلاثة أصناف: 1- خيانة العهود والمواثيق. 2- خيانة الالتزام. 3- خيانة العقد الاجتماعي. أما مضمون ومحتوى وتفاصيل هذه الخيانة فهو ما سنذكره بإذن الله في الجزء القادم.. تسعدني متابعتكم.

الكاتب الصحفي/ انور عبد المتعال
 

رُبـّـمــا

عضو مخضرم
سيدي الفاضل مثلما يوجد رجال خونة يوجد رجال شرفاء ماتدني نفسهم الطاهرة على أي وكل شيء

نعم الجمال قد يلفت النظر لكنه ليس عرف سائد عند كافة الرجال

الخاين قزم من الداخل ويريد أن يكبر حجمه فيخون بينما نجد الرجل المكتمل ممتلئ من الداخل لذلك هو لا يخون

الخيانة قذارة نفسية وفكرية وعاطفية وجسدية وبصرية

ومثلما يوجد رجال خونة توجد نساء خائنات
الخيانة مرض روحي يعاني منه المصابون بالخوف أو النقص أو انعدام الوازع الديني

الله يكفينا شر الخيانة وتحياتي لابنائك الصغار
 
لك التحية الكاتبة الرائعة (ربما)
اتفق معك في كثير مما ذهبت اليه.. واختلف معك في بعض وجهات النظر..
الموضوع بالرغم من أنه جاد وعلمي.. إلا انه لا يخلو من الطرفة والأسلوب الساخر(في تقديري ووجهة نظري).. لذلك لا تأخذيه جملة وتفصيلا مأخذ الجد.
لك التحية والشكر والتقدير.. وربنا يحفظ ذريتك وعيالك أيضا.
 
أعلى