{ماهي الجامية ومن هم الجاميون}

{ماهي الجامية ومن هم الجاميون}


الحمدلله


التفرّق والإختلاف سُنّة كونية اجتماعية ماضية بين البشر في أُمَمِهِم وفيما بينهم وهو من الإبتلاء في الحياة الدنيا قال الله تعالى ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)
والتَفَرُّق والمُفَارقة والتَفّريق تدل على التباين والإختلاف على أساس من شيئ يُراد به غالبا إما الإبتداء أو البقاءعليه باعتباره أصلا فكان فيه أو من عنده الافتراق.
و لا شك أنّ كل اختلاف و افتراق حقيقي يكون على أساس من شيئ موجود وجودا حقيقيا ذهنيا كان أو ماديا.
••و الإفتراق في هذه الأمة أمر مقضي من الله كوناً كما ورد في الحديث الصحيح أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
و من هذا الحديث وغيره يتقرر لدينا أمران:-
أوّلا:- أنّ أهل الحق فرقة واحدة لا تتعدد أبدا و هم أهل السنة والجماعة و هم الفرقة الناجية المنصورة السلفية.
ثانيا:- أنّ الإفتراق في هذه الأمة لايكون إلا على أساس من مخالفة لهذه الفرقة في العقيدة و أصول الدين وجليله وليس في فروعه و دقيقه أي مسائل الاجتهاد المعتبر .
فمسائل الاجتهاد لا يُتَفَرّقُ عليها الإفتراق الذي يقضي بالمفارقة و التضليل و يدخل في الولاء والبراء.
وعلى هذا التبيين فالمعتزلة والخوارج والقدرية والصوفية والشيعة رافضة كانوا أو زيدية…الخ
أساس تقسيمهم وتسميتهم بهذه الأسماء كان اعتماده على أمرين الأول /مخالفتهم للعقيدة السلفية الصحيحة والثاني /تأكييد أهل السنة في عصر ظهور كل فرقة من هذه الفرق على الأصل الذي خالفت فيه هذه الفرقة عقيدة أهل السنة كون هذا التأكيد علامة من ابرز علامات اهل السنة.
وبالمقابل تجد هذه الفِرَقَ تَصِفُ أهل السنة و تُعَيّرُهم بدفاعهم و بتأكيدهم على هذ الأصل الذي حرفه هؤلاء المبتدعة فسمّوا أهل السنة حشوية لأنّهم أكّدوا على أصل إثبات أسماء الله من غير تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل و سموهم نواصب لأنّهم يرون أنّ
أبا بكر و عمر و عثمان أفضل من علي وسموهم عبيد السلطان لانهم يرون السمع والطاعة لولي الامر حتى لو ظلم الرعية.
•••وهنا نأتي لموضوعنا ألا وهو مسمى الجاميّة هل هي فرقة موجودة على الحقيقة و ذلك لمخالفتها أصلا من أصول الدين والسنة أم أنّ هذا الإسم جاء على أساس التعيير والبهتان كالوهابية والحشوية،
فنقول أنّه إذا تقرر أنّ الإفتراق الذي يقصد به حديث الإفتراق و يضلل عليه لا يكون إلّا على أساس من مخالفة العقيدة و أصول الدين و أنّ كل فرقة تتحدد عن اهل السنة و تفترق عنهم بتمحورها حول تفسير اصل من اصول الدين تفسيرا خاصّ بها تخالف به عموم فهم السلف وعقيدتهم فإننا بصدد أن نبحث عِلميّاً في الطرح الذي أُنتُقِدَ فيه على من يُسَمّون بالجامية و وُصِمَتْ بعد ذلك بأنّها فرقة خالفت فيه أصول أهل السنة والجماعة،فيجب أن نثبت عليهم أقصد من يسمون بالجامية طرحا علميا خالفوا فيه أهل السنة والجماعة.
••ولكننا بعد البحث لم نجد لهم طرحا في العقيدة يخالفون به أهل السنة لدرجة اننا نجد عضو هيئة كبار العلماء عبدالله المطلق في معرض التحدث عن من يسميهم بالجامية وفي سياق ذمهم وانتقادهم يثني عليهم في عقيدتهم بأنها سلفية وانهم أقوياء في عقيدتهم ويصفهم بذلك
••وبما انه قد تقرر أنّ التفرّق في الأمة يكون على أساس من مخالفة العقيدة و أصول الدين،
و عبدالله المطلق يثني على من يسميهم جاميّة في عقيدتهم السلفية فيكون التفريق والتصنيف هنا باطل و لا وجود له وجودا معتبراً و إنما هو تعيير و تنفير وبهتان،
••اذ كيف يثني عليهم عبدالله المطلق في عقيدتهم بأنّها سلفيّة و قوية ثم يصنفهم ويجعلهم فرقة وبالتالي يكونون خارج أهل السنة ••إلّا إذا كان يرى عبدالله المطلق أنّ أهل السنة والجماعة يتكونون من عدة فرق وهذا عين قول الأشاعرة والإخوانيين وفيه من الزلل والخطاء والضلال مالله به عليم بل إنّ أقصى ما قاله و اتهمهم به هي مُجرّد أمور سلوكية أخلاقية ربما تصدق على أي أحد كونه فردا لا فرقة؛
فمن ضمن ما قال عبدالله المطلق أنّهم مزعجون و كذلك قال به ابن جبرين و قال ابن جبرين كذلك أنّهم حسدة فعلى فرض صحة ذلك وبما أنّ ذمم المسلمين تتكآفاء والحرام من حيث وقوعه واحد سواء وقع من عالم أو فرد أو على عالم أو فرد
فإن أي أحد يزعج أي فرد من المسلمين فإنه جامي و أيّ أحد يحسد أيّ فرد من المسلمين فإنّه جامي و إذا كان الإعتماد على هذا الأساس في التفريق والتقسيم فإنه يعد معضلة وسيتشكل منه أمرين
الأوّل :- ضياع أساس التفريق والتصنيف في الأمة والذي هو على أساس من المخالفة العقدية.
والثاني:- أنّ التقسيم على أساس أخلاقي وسلوكي تضليل لكثير
من أفراد الأمّة و اتهام لهم
فإذا كان الدين ينقسم في عمومه إلى أمور عقدية و أمور أجتهادية و أمور أخلاقية سلوكية ثم لا يجوز التصنيف تصنيفا يضلل على أساسه إلّا ما كان في مجال مخالفة العقيدة، و في نفس الوقت لا يجوز البتة في المجال الاجتهادي أن يُصَنّف على أساسه تصنيفا يضلل عليه المخالف
فإن الخلاف والتنوع في الأخلاق والسلوك من باب أولى أن لا يصنف ويقسم على أساسه تصنيفا و تقسيما يضلل عليه المخالف ويكون من باب الفرق في الأمّة والدليل على بطلان التفريق على أساس من الأخلاق والسلوك أنّك تجد بعض الكفار في أبعاض الأخلاق خير من بعض المسلمين لذلك لا تصلح الأخلاق لئن تكون اساسا للتقسيم فإن وضعها اساسا للتقسيم والتصنيف من فعل الفرق الباطنية الخبيثة التي تُمَيّع العقيدة و الأصول و تعظّم الاخلاق والسلوك و ذلك للتحقير من شأن الدين والعقيدة،
إذا فالجامية على ماسبق ليسوا فرقة ضالة فإذا سقط خروجهم من اهل السنة و الجماعة سقط تصنيفهم وتسميتهم بالجامية فهم أهل السنة والجماعة و هم السلفيون،
فاننا لا نجد انفسنا امام من يسمون بالجامية إلّا مدافعين و مؤكدين على اصل من اصول اهل السنة الا وهو اصل الولاية العامة واحكامها كالسمع والطاعة لولي الأمر فهل الدفاع و التأكييد هو سبب تسميتهم بالجامية.
لقد دأب أهل السنة السلفيون على التأكيد على الأصل الذي يتعرّض في زمانهم لتحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين قال صلى الله عليه وسلم




(( يتبع ))
 
(يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)
إن التصنيف غير المعيب الذي لا تضليل فيه لجميع المُصَنّفِين و مستساغ كذلك هو ماكان في المجال الاجتهادي المُعتبر كقولك هذا حنبلي أو شافعي أو مالكي وذلك لتسهيل التعلم و دراسة الأقوال الفقهية فإذا تعدى الأمر إلى التحزب دخلنا في محظور جد خطير.
أمّا المجال العقدي الذي يتعلق بالأصول فالتصنيف فيه يكون أساسا للتفريق و تضليل من خالف و مُفاصلته التي تختلف حسب نوع البدعة وشدتها وهو ثلب فيمن صُنِّفَ على أساسه لأنّها مخالفة متعلقة بالأصل و هذا عيب و انحراف في معتقد من صُنِّفَ.
••و أمّا باب التعيير والبهتان كوصف أهل السنة بانهم حشوية لمن نظر إليهم من جهة الأشاعرة
أو نواصب أو مرجئة لمن نظر إليهم من جهة الخوارج أو خوارج لمن نظر اليهم من جهة المُرجئة او نسبتهم إلى شخص كالوهابية فهذه شنشنة نعرفها من أخزم وليست بالجديدة،
وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: " وكذلك التفريق بين الأمة و امتحانها بما لم يأمر الله به و لا رسوله: مثل أن يُقال للرجل: أنت شكيلي، أو قرفندي ".
فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس في كتاب الله ولا سنة رسول صلى الله عليه وسلم، ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأمة لا شكيلي ولا قرفندي.
والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول: لا أنا شكيلي ولا قرفندي بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله.
••و الملاحظ أنّ الذين يقولون بوجود الجامية، لا يأتون بطرح للجامية يُثبِتون فيه على هؤلاء المُسَمّون بالجامية أنّهم يخالفون أصلا من أصول أهل السنة والجماعة في هذا الطرح وغاية الذي ينتقدونه وينقمونه أمران
الأوّل:- هو تأكيد من يُسمونهم بالجامية على أصل الولاية العامة و أحكامها كالسمع والطاعة وعدم الخروج على ولي الامر حتى لو كان ظالما وتشويه هؤلاء لعملية تأكيد من يسمونهم بالجامية على هذا الأصل واظهار هذا التأكيد على أنّه نفاق و كذب مع أنّ التأكيد على هذا الأصل يضرب الحزبية في معقلها ويجمع كلمة المسلمين ويحافظ على الجماعة بكل وجوهها خصوصا وجهها المتعلق بالولاية العامة و الوطن.
الثاني:- هي الردود على الأعيان والأشخاص سواء كانوا أشخاصا حقيقين أو أشخاصا حُكميين أي إعتباريين إذا انحرفوا عن نهج السلف في توجههم علميّا أو عمليّا
فيظهرون هذا الأمر على أنّه غيبة وبهتان و حسد و قالوا بمقولة (لحوم العلماء مسمومة … الخ وغيرها من المقولات التي أنزلوها في غير منزلها وهذه من أهمّ صفات المبتدعة وهي إنزال النصوص والقواعد العقلية على غير موضعها،
إنّ تفعيل هذا الأصل وهو الرد على المخالف يكسر أصنامهم الحزبية ويشتت شملهم ويعيد من فتنوه إلى نَظم الجماعة عقيدة و رعاية أي ولاية.
••إذا هذان الأمران وهما التأكيد على الأصل الذي تمت مهاجمته وحمايته والرد على من خالف هذا الأصل هما نفس الأمرين الّذين يمتعِض منهما أهل البدع في كل عصر و مِصر منذ القدم وبسببه عُيّرت السلفية بالحشوية و بالناصبية و بالوهابية وبالجامية وغيرها والقصد من ذلك التنفير منهم ومن طرحهم والتنفير من الأصل الذي يدافعون عنه أيّاً كان وهو في زماننا أصل الحكم وما يتعلق به من أحكام كالسمع والطاعة لولي الأمر وترك ما يضرّ بجماعة المسلمين كالأحزاب والتحزبات و المظاهرات و غيرها .
•وقد أكّد على أنّ الجامية خُرافة و مجرد تعيير من المبتدعة كقولهم الوهابية سماحة والدنا الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ورعاه و اخوانه من مشايخنا العلماء حفظهم الله ورعاهم
بل إنّ ابن باز وابن عثيمين وجملة كبيرة من العلماء السلفيين أثنوا على الشيخ محمد أمان الجامي فما سر غيظ الإخوانيين من الشيخ محمد امان واختلاق هذا التصنيف!!؟؟
في نظري و الله أعلم ان هذا العِداء يكمن في إحياء الشيخ محمد امان الجامي الرد على الأشاعرة بشكل دقيق و تَبيينُه وتأكيده على أنّ عقيدة تنظيم الإخوان عقيدة أشعرية خصوصا في الولاية العامة والقول بتعدد الفرق في أهل السنة
فمثلا تجد أنّ سفر الحوالي أخرج كتاب يزعم فيه أنّه بيّن جميع الفُروق بين الاشاعرة و أهل السنة لكنه دلّس وكذب فقد بقيت عدة أصول لم يتعرض لها ليحصر عقيدة السلف في الاسماء والصفات الإلهية و القضاء والقدر فقط وهذه من كُبرى مهام السرورية فإنّ من ضمن الأصول الأشعرية التي لم يتعرض لها سفر الحوالي مخالفة الأشاعرة لأصل الحكم والولاية العامة و أحكام الخروج لأنّ هذا الأصل يوافق عقيدة التنظيم الإخواني الأشعرية وهذا أمر خطير للغاية فضحهم فيه الشيخ محمد امان الجامي رحمه الله رحمة واسعة.
•نخلُص مماسبق إلى عدة امور
أولاً- أنّ تقسيم الفِرق في الأُمّة أساسه الإختلاف في العقيدة فقط
ثانيا- أنّ أعداء الجامية من الإخونج يثنون على من يسمونهم جامية في عقيدتهم وسلفيتهم
ثالثا- أنّ التقسيم والتفريق على أساس من الأخلاق باطل وغير منطقي أبدا وهو من صفات الفرق الباطنية ومن ضمنهم الإخونج
رابعا- أنّ سبب عِداء تنظيم الإخوان للشيخ محمد امان الجامي هو فضحه لهم بأن عقيدتهم اشعرية.
ا.هـ

كتبه أخوكم

عبدالله بن محمد الشبانات
في يوم الخميس
الموافق ليوم عاشوراء

١٤٤٠/١/١٠هـ


http://abdullahmohammed1.blogspot.com/2018/09/blog-post.html
 
أعلى