نقلت صحيفة (المدينة) السعودية عن الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء قوله ان السحرة الذين يظهرون على العربية ينبغي أن يواجهوا عقوبة الإعدام.
ويأتي تصريح الفوزان بعد أيام من فتوى قد تحل قتل ملاك قنوات تلفزيونية.
وقال الشيخ الفوزان للصحيفة: «إن الذين يظهرون من السحرة على هذه القنوات الفضائية وثبت أنهم سحرة فهؤلاء لاشك أنهم فعلوا جريرة كبيرة وخالفوا بذلك الكتاب والسنة وإجماع المسلمين بأن الكافر حده ضربة بالسيف اذا ثبت انه ساحر.»
وانتشرت مئات من القنوات الفضائية العربية في السنوات الأخيرة وتخصصت في قراءة الطالع وتقديم نصائح أخرى للمتصلين لحل مشاكلهم والتي تعتبر نوعا من « الشعوذة».
وتأتي تصريحات الفوزان في رده على الجدل الذي أثاره تصريح الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية الذي طالب الأسبوع الماضي بمحاكمة ملاك قنوات تلفزيونية عربية وان يواجهوا عقوبة الإعدام بسبب بعض البرامج التي يبثونها.
وكان يشير الى برامج ومسلسلات تذاع في رمضان وهو شهر يفترض فيه التركيز على العبادة. ويقول منتقدون ان شهر رمضان تحول إلى شهر ينغمس فيه الناس في تناول الطعام ومشاهدة التلفزيون بعد الإفطار.
الشيخ صالح الفوزان
وظهر اللحيدان على التلفزيون السعودي الليلة الماضية لتوضيح تصريحاته وقال انه لم يقصد وجوب قتل ملاك القنوات الفضائية من دون محاكمة.
وأضاف أنه لا ينبغي على أحد أن «يتوقع (منه) أن يكون متسرعا كالتسرع الذي حرفوا أو قلبوا وقال أنه حكم على ملاك الفضائيات بالقتل لكني لا أقول الا أسأل الله أن يهدي المغرضين سواء السبيل وأن يصلح إفهامهم جميعا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم العباد.»
وتابع قوله «ان هؤلاء المسؤولين والباثين اذا لم يمتنعوا ومنعتهم السلطة ولم يمتنعوا وعادوا في ذلك أنهم يعاقبون ومن لم يردعه العقاب واستمر على إفساد الناس فيما يبث أنه يجوز للسلطة قتلهم قضاء ومعلوم أن القاضي لا يخرج بسيفه ويقتل من يقتل وإنما تقام الدعوى من الجهات المخصصة.»
وقال الفوزان «موقف المسلم وموقف ولاة الأمر من هذه القنوات هو مناصحتهم ومناصحة ملاك هذه القنوات الفضائية والإلحاح في النصيحة فقط وفي حال استمرار بث الخلاعة والمجون في القنوات الفضائية فانه يبعد عن هذا المكان ويؤتى بغيره.»
وأثارت الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها مسلسلات تركية في السعودية ودول عربية أخرى هذا العام عاصفة من الغضب بين المحافظين في السعودية الذين يخشون من انتشار الثقافة العلمانية.
وكان المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبد العزيز ال الشيخ قال في يوليو تموز انه ليس من الإسلام مشاهدة المسلسلات التركية.
ومعظم ملاك القنوات الفضائية العربية ومن بينها مركز تلفزيون الشرق الاوسط (ام. بي.سي) وراديو وتلفزيون العرب (ايه.ار.تي) واوربت وروتانا والمؤسسة اللبنانية للارسال (ال.بي.سي) من أفراد الاسرة الحاكمة في السعودية أو رجال أعمال على صلة وثيقة بهم.
وقد أثارت فتوى الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية، والتي أجاز فيها قتل ملاك الفضائيات العربية الذين وصفهم بالمفسدين في الأرض، شجون الصحافة الغربية مجددا بعد خروجها للتو من الحديث عن ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2001 .
وأدت الفتوى إلى ضجة واسعة في العالم واهتمام كبير في الصحافة الغربية، حيث غطتها وعلقت عليها أكثر من 300 مطبوعة بين صحف ومواقع إلكترونية ووكالات أنباء، كما احتلت حيزا مهما في نشرات أخبار محطات عالمية مثل «سي إن إن». ويأتي هذا الاهتمام من قبل الغرب بهذه الفتوى من الربط الدائم في الإعلام الغربي بين العنف وفتاوى العلماء في السعودية التي بدأ التركيز عليها منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 .
ومن الأمثلة على ما جاء في الإعلام الغربي، عنونت الصحيفة البريطانية البارزة « الغارديان» :« قاض سعودي يدعو لقتل ملاك القنوات الفضائية».
وقالت إن «فتوى القاضي السعودي هي بمثابة ترخيص في قتل ملاك القنوات الفضائية التي تبث برماج سيئة بنظره».
من جهتها وضعت الصحيفة الأمريكية البارزة (واشنطن تايمز) العنوان «قاض سعودي يعطي الموافقة على قتل ملاك القنوات الفضائية المفسدة». وأما صحيفة « إندبندنت» البريطانية فقالت «السماح بقتل ملاك القنوات الفضائية».
وبثت محطات تلفزيون غربية أيضا مجموعة تقارير حول الفتوى، مثل الأمريكية «سي بي إس نيوز» والفرنسية «فرانس 24 ».
كما استغلت بعض المواقع المتشددة مثل موقع «كاثوليك أون لاين» هذه الفتوى لتشويه صورة الإسلام وقالت «إن القاضي السعودي يجيز ارتكاب جرائم القتل».
كما نالت الفتوى اهتمام الصحف العربية وتنديد كتاب أعمدة بها. صحيفة (أوان) الكويتية قالت في تقرير لها من الرياض إنه «في الوقت الذي ترفع فيه المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، راية السلام والتعايش، وتعقد المؤتمرات والندوات بغية الوصول إلى فتح قنوات الحوار مع الأديان الأخرى، خرج رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية الشيخ صالح اللحيدان بفتوى تجيز قتل ملاك القنوات الفضائية العربية بوصفهم من المفسدين في الأرض».
ونقلت الصحيفة عن الدكتور والأديب تركي الحمد قوله: «هل صار الإنسان بهذا الرخص؟ وهل صار الحكم بالقتل بهذه السهولة، وكأن المقتول دجاجة؟ إن من يُحرض على القتل هو قاتل».
من جهته، أكد الكاتب خالد الغنامي على أن هذا المنطق من الشيخ اللحيدان ليس فيه أي تناقض، بل هذا ما يؤمن به حقا. وقال الغنامي: «إن ما قاله الشيخ جاء في لحظة تجلٍ وصدق مع الذات ومع الناس، لكنه كارثة حقيقية بالنسبة للإنسان المعاصر الذي يؤمن بالسلم الاجتماعي، إذ إن هذا المنطق لا يتناسب أبداً مع كل الجهود التي يبذلها الناس في كل أنحاء الكوكب لتعزيز فكرة (السلام)، بل هو فتح باب عريض للإرهاب والقتل».
وفي صحيفة (القبس) الكويتية كتاب محمد مساعد الصالح : «ان اللحيدان رئيس مجلس القضاء، والمعروف ان القاضي يصدر احكاماً ولا ينشر او يصرح بفتاوى، فقد تستغل هذه الفتاوى ويعتبرها البعض سابقة يتمسك بها المتقاضي، ولهذا يجب الفصل بين القضاء والفتاوى.. خصوصاً ان هذا النوع من الفتاوى قد يتحمس له بعض المتدينين المتطرفين ليقدموا على ازهاق ارواح بشر هم اصحاب القنوات الفضائية التي يعتبرها فضيلة الشيخ صالح ماجنة. ومن هنا يجب ان يعي هؤلاء المفتون ان هناك دولة ومجالس تشريعية هي التي تضع القوانين وتطبقها وليس فتاواهم ذات الطابع الشخصي الاستفزازي.. «.
وفي مصر نقلت صحيفة (المصري اليوم) عن الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، قوله إن «الإسلام لا يجيز القتل إطلاقاً إلا بالحق، وليس من الحق قتل أصحاب هذه القنوات، فالإسلام يعطي للنفس البشرية قدسية أكثر من قدسية الكعبة المشرفة، ولا يجوز قتل نفس إلا قصاصاً».
وتساءل عاشور: «أي من المحاكم ستحاكم أصحاب القنوات؟ وعلي أي أساس؟ فإذا كانوا مفسدين فهناك الكثير من أوجه الفساد لا بد أن تتم محاربتها، كالرشوة وتقديم لحم الحمير للإنسان وغيرها».