حتى لا تواجهوا مصير.. مصر
حتى لا تواجهوا مصير.. مصر
كتب , وليد جاسم الجاسم
قد يبدو عنوان المقال للوهلة الأولى موجهاً الى النظام في الكويت للاتعاظ بما حصل في مصر.. لكن هذا ليس صحيحاً، فالمقصود هو مخاطبة وزارة الداخلية بالتحديد، ورجال وزارة الداخلية على وجه الخصوص، وهم أهل وأحباب وأصحاب، لكن لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، أول ما عليهم أن يتعظوا به هو الحال التي بلغها رجل الشرطة في مصر من حيث انعدام ثقة المواطن.. وتخطي انعدام الثقة الى الكراهية والبغضاء، والنظرة لرجل الأمن كمجرم، واستمراء التطاول عليه، بل الاعتداء حتى رأيناهم نزعوا ملابس أحد رجال الأمن وداروا به في الأروقة والطرقات.. الدماء تصب منه.. ولا أحد يتعاطف معه.
من المؤسف أن يظن الكثير من رجال الأمن أن هيبتهم من غلظتهم أو طول لسانهم.. أو يدهم، ومن المؤسف أن يظن بعض رجال الأمن أنهم فوق القانون وليسوا تحت القانون ومسؤولون عن تطبيقه، وان عليهم ان يكونوا قدوة حسنة وليس سيئة كما هو الحال في معظم الدول العربية.. والدول المتخلفة عموماً، ولا نستثني الكويت منها.
بل من المؤسف أن الكثير ممن تعثروا في حياتهم العلمية والعملية.. أو انحرفوا عن جادة الخلق القويم يظنون أن المؤسسة العسكرية عموماً.. والداخلية خصوصاً هي مرتع ملائم لهم يحتويهم ويحتضنهم مع أن المفترض هو العكس.
من الطبيعي دائماً بعد الأزمات القاسية التي تكاد تعصف بالدول أن تتراخى بعدها قبضة الأمن بسبب كره الناس لها وظنهم أنها لم تقم بواجبها وإلا لما تعرض وطنهم الى ما تعرض له.
هذا كان شعورنا تجاه المؤسسة العسكرية أثناء وبعد الغزو العراقي «مو الصدامي بس».
وهذا هو شعورنا أيضاً بعدما حاق الظلم والقهر والقتل بالمواطن محمد الميموني الذي دفع ثمناً غالياً وتلقى ضرباً مبرحاً وتعذيباً لا تمارسه حتى الحيوانات المفترسة مع ضحاياها دونما سبب منطقي أو دوافع واضحة أو أسباب لا نقول تبرر.. إنما تخفف عن القتلة المجرمين الذين تستروا برداء رجال الأمن.
إن المهمة التي يواجهها نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود عويصة جداً ومعقدة.. فالرجل يحتاج الى تثبيت أقدامه وسيطرته على أجهزته، ويحتاج الى بسط هيبة رجال الأمن على البلاد في وقت تعصف فيه الثورات والمظاهرات والفوضى بعدة دول في محيطنا الخليجي والعربي، كما يحتاج الحمود الى إعادة «تسويق» رجل الأمن وإقناع الشارع والمواطن ان هذا الإنسان صديق له ومساعد ومحب له ولبلده.. وليس عدواً، وهي والله مشكلة رغم تعقيدها نظن أن الشيخ أحمد الحمود أهل لها وقادر عليها.
لا تستحوا من إعادة تأهيل رجال الأمن، ولا تخجلوا من إدخالهم دورات حضارية تعلمهم أصول التعامل الحضاري المدني مع الناس.
ومن لا ينصلح فليغادر هذا السلك فلا مكان فيه إلا للأشراف المحترمين، أما القتلة والمجرمون فلهم مزابل الحاضر.. والتاريخ.
< هل تذكرون الحارس المصري الذي اعترف في زمن قياسي أنه اختطف باكستانية واغتصبها وقتلها..؟ وأظن أنه أرشد عن المكان الذي دفن فيه جثتها!! ثم يتضح أن القتيلة حية.. وتتمتع بحياتها بعدما تزوجت من تحب!!
< الحكاية الجديدة المؤلمة عن الحارس البنغالي الذي تعرض للضرب حتى الموت واحتمال تورط رجال أمن مع كفيله بضربه لا يجب ان تمر مرور الكرام، وهي اختبار جاد أمام الداخلية.
< رحم الله محمد الميموني.. وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. وشكراً لروحه الغالية التي رسمت لنا طريق إصلاح جهاز بالغ الأهمية مثل هذا الجهاز.
وليد جاسم الجاسم
waleed@alwatan.com.kw