Anonymous Farmer
عضو مميز
لا روح للإنسان ... فله جسد فقط
من يقرأ العنوان السابق ممن تمتع ولو بحد أدنى من التجرد سيقوم بنفيه فورا كردة فعل وردة فعل طبيعية على ذلك ، وإن أنكروا فهم يخدعون أنفسهم ، فمن ينكر الروح هو كمن ينكر الجسد تماما ، فما الجسد سوى وعاء لجميع ما تحمله روح الإنسان من صفات بشرية كالعقل والضمير والإدراك وغيرها من مشاعر بشرية تؤنسن الإنسان .
نعم ، إن للإنسان روح كما له الجسد ، ولكن ما أستغربه من البعض هو اعتمادهم على أدلة علمية في محاولتهم لإقناع الغير في حين لم يتوصل العلماء أنفسهم إلى ما يفسر الكثير من الظواهر التي يصفونها بالغرابة والغموض ، فالدليل متوفر لدينا جميعا كبشر ولا يتطلب سوى العقل فقط .
فعندما يخلد الإنسان إلى النوم ويحلم فهو يرى بالرغم من عدم عمل شبكة العين في هذه الأثناء والتي لا يستطيع الإنسان الرؤية دون إنعكاس الضوء عليها لكي يرى ، بل إن الإنسان يستطيع أن يشعر أثناء الحلم ، بل من الطريف أنه عندما يحلم بتعرضه لحادث أصاب رجله مثلا لما يقوم من النوم نجده يتحسس رجله فورا .
وقد وجد العلماء صعوبة بالغة لتفسير قدرات الإنسان هذه ، وأتت بعض الدراسات لتفسر جزء صغير نسبيا لهذه الحالة فربطت جزءا من هذه الظاهرة اليومية بخلايا الدماغ القليلة التي تعمل في هذه الأثناء ، لكنهم فشلوا حتى الآن على الإتيان بإجابات يقينة في هذا المجال الذي يصفونه بالسحر والغموض ، بل إنه لمن الطريف كذلك أن بعض العلماء اتجهوا للديانات البوذية وما شابه في حديثهم عن الأحلام .
فضلا عن ذلك ، لا يزال العلم غير قادر على تفسير الكثير من الأمور المرتبطة بروح الإنسان ، كالحالات التي يستيقظ فيها المريض من غيبوبة ليحكي للأطباء عما مر به في "عالم آخر" ، ولا زلت أتذكر قراءتي لحالات بعض المرضى وهم على فراش الموت يقولون للأطباء - أم لأولياء الأمور - بأنهم يرون ضوء ساطع البياض قبل أن يتوفاهم الأجل بثوان ، وقد سبب ذلك الكثير من التساؤل والحيرة لأصحاب العلم ، فجميع هذه الحالات لم يستطع العلماء توفير إجابة لها ... ولن يستطيعوا .
فمن أين يأتي هذا الضوء الأبيض للبعض قبيل الموت ؟ وما فائدة الأحلام ؟ وكيف للنفس البشرية المرور بتجارب دون مرور الجسد بها ؟
و الإجابة موجودة بالفعل ، فقد اجابنا الله تعالى عن هذه الأمور وهي محفوظة في كتابه الكريم ، وليس ذلك فقط بل لقد أنبهنا سبحانه بأن الإنسان لن يأتي من العلم ما سيكشف له عن جميع هذه الأمور !
فقد قال تعالى في تعريفه للروح بأنها من عند الله بقوله تعالى "قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" ، فالروح إذا هي من عند الله عز وجل ، وقد منح لنا الله تفسيرا لجميع الظواهر التي يمر بها الإنسان بقوله تعالى "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها" وفي ذلك إشارة إلى نفس الإنسان مقارنة بالجسد ، بل هناك الكثير من الآيات التي تخص روح الإنسان وفي كل منها معجزة كبيرة لمن يتفكر وبعقل مجرد كذلك .
ولا توجد أي معضلة هنا سوى لمن لا يؤمن بالله تعالى فسيظل في هذا المجال معلقا على أقوال العلماء وما يتوصلوا إليه أم لا يتوصلوا إليه بمعنى أصح ، والأكثر إعجازا - في نظري - من السابق هو تنبيه الله لنا بأن ناكري الأرواح - كجزء متأصل في الإنسان كما الجسد - موجودين بيننا وقد وصفهم الله تعالى بقوله "إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون" .
فطالما كان هناك جسد للإنسان كانت لديه روح وهذا بحد ذاته توازن إعجازي في خلقه تعالى لنا كبشر ، لكن لا جميع البشر يتساوون في روحهم هذه ، فكلما اتصف الإنسان بما يأمر به الرحمن من صفات حميدة كالعدل والرحمة والإحسان ازدادت روحه قيمة في الحياة الدنيا وعند الله عز وجل ، وكلما اتخذ الإنسان الكره والبطش سبيلا للتصرف والمعاملة ابتعدت روحه عما أمر به الله واقترب إلى صفات الحيوان الخالي من الضمير والإنسانية والإحساس ... والخالي من الروح .
طلب أخير لمن يريد إلغاء مشاركات من يختلف معنا في الطرح من حيث المرجعية الدينية ، إن الأديان تكفل الحرية ولا سيما الإسلام وخلافنا مع البعض يجب ألا يتجاوز الحدود إلى المنع من الحديث ومحاورة الغير بل أرى في ذلك ضعف شديد من قبلنا كمسلمين مؤمنين أقوياء ، فيجب ألا يجزعنا حديث البشر أثناء حملنا كلام الله ، دعوا الآخرين يتحدثون بل وخذوا كلامهم محمل الجد لكي تبحثوا في كتاب الله تعالى عن الجواب والله لا يخذل من آمن به أبدا ، فما لحديث الخصوم سوى تقوية وتثبيت الإيمان في القلوب .