للكاتب داوود البصري
كل الشواهد تؤكد ان الدور الارهابي للاجهزة السرية والاستخبارية الايرانية في الخليج ليس "كلام فاضي"
الحديث عن التاريخ الحقيقي و الموثق لإرهاب أجهزة المخابرات الإيرانية في دول الخليج العربي وفي الكويت تحديدا يدخلنا بالضرورة لتعقب أوراق مرحلة انفجارية مرعبة عاشها الإقليم الخليجي خلال ثمانينات القرن الماضي , وهي مرحلة كانت دموية و متوترة بكل تفاصيلها , كما كانت من أشد المراحل التي شهدت تركيزا استخباريا إيرانيا على مهمة بناء الخلايا و تجميع الأنصار و المؤيدين وخوض الصراع الإقليمي بأدوات محلية في عملية مرتبطة أساسا بملف تصدير الثورة ودعم الانقلابات و المتغيرات العنيفة , وتحقيق الأهداف السياسية التي تختفي خلف طيات الشعارات و البرامج الطائفية , و أحداث تلكم الأيام الساخنة لم تكن أبدا "كلام فاضي"! بل كانت وقائع مرة و سوداء سقطت فيها رؤوس و اختلطت فيها أوراق , و بلغ التوتر الأمني الداخلي أقصاه , قبل أن يأتي الغزو العسكري العراقي للكويت عام 1990 ليخلط الأوراق و يغير الصورة النمطية لملفات إدارة الصراع الإقليمي .
لقد كان التركيز الرسمي الإيراني على بناء الخلايا السرية الحزبية و الطائفية المساندة للمشروع الإيراني هو واحد من أهم خيارات السياسة الإيرانية , كما أن ذلك التوجه كان و لا يزال يمثل الحالة الأشد وضوحا و ترسخا في التصرف السياسي و الاستخباري الإيراني وهو على العموم توجه علني معروف لا يحاول الإيرانيون إخفاءه أبدا , بل إنهم يفتخرون بأنصار الثورة الإسلامية! كما أن أجهزة إعلامهم تمارس التحريض العلني و الصريح رغم تناقض ذلك مع خطابهم الديبلوماسي المعلن .
في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي كان الإيرانيون في حالة انشغال تام بملف جوهري يتمثل في التصدي للسياسة السعودية وفي محاولة إحراجها إقليميا ودوليا و يصب أساسا في محاولة يائسة تهدف لانتزاع إدارة أمور الحج من السلطات السعودية باعتبارها صاحبة السيادة على أرض الحرمين وتحويلها لإدارة دولية إسلامية وهو مطلب إيراني عبثي و سقيم لأنه ينتهك سيادة و خصوصيات دول وقد عمل الإيرانيون أساليب متغيرة لمحاولة تحقيق ذلك الهدف , وكانت الطريقة المثلى لذلك هو العمل السري و الاستخباري و الذي يصب في النهاية بتنفيذ عمليات إرهابية في العمق السعودي في موسم الحج من أجل إظهار عجز السلطات الأمنية السعودية عن حماية أرواح الحجاج ليصار بالتالي لتفعيل المطالبة الإيرانية الرسمية بتدويل موسم الحج و مناكفة السياسة السعودية وضربها في مقتل , وطبعا كانت الوسيلة الإيرانية المثلى تفعيل العمل السري و تنشيط الخلايا السرية في دول الخليج العربي وقد وقع الاختيار على الكويت تحديدا لانفتاح المجتمع الكويتي و لطبيعة التعامل الراقي بين السلطة الكويتية وشعبها , إضافة لأسباب ذاتية وموضوعية أخرى , لذلك فقد تحركت أجهزة استخبارات الحرس الإيراني الثوري التي كانت نشطة للغاية و ترصد الاوضاع الداخلية في دول الخليج العربي و تمتلك جيوشا سرية من المتعاونين سبق لهم أن نفذوا مهمات كثيرة خلال الفترات الماضية وعملت على تفعيل و تنشيط عمل منظمة سرية تعمل في الكويت اسمها "السائرون على خط الإمام" وهي طبعا فرع من تنظيم "حزب الله"! وهو بالمناسبة فخر الصناعة الإيرانية , ولقد قرر الإيرانيون في عام 1988 إحداث تفجيرات في مكة المكرمة وفي الحرم المكي تحديدا من أجل إحراج السلطات السعودية و تنفيذا للأهداف السابق ذكرها وقع اختيارهم على مجموعة من حجاج إحدى حملات الحج الكويتية الذين تمكن الإيرانيون من تجنيدهم قاموا بالفعل في وضع عبوات ناسفة في أماكن قريبة من الحرم المكي أدى انفجارها لمقتل حاج و إصابة ستة عشر آخرين مما أدى في النهاية لاكتشاف الأمن السعودي لتلك الخلية و تنفيذ حكم الإعدام بستة عشر من أعضائها فيما صدرت أحكام أخرى بحق متورطين آخرين! و كانت مأساة حقيقية تركت ظلالا ثقيلة و كئيبة على المشهد الإقليمي ? فكيف حصل ما حصل?
لقد اعترف المتورطون بأن تنظيمهم "السائرون على خط الإمام" كان يحظى برعاية وعناية السفارة الإيرانية في الكويت و بأن عناصر الاستخبارات الإيرانية المسؤولة عنهم كانوا من أعضاء وطاقم السفارة وهما كل من : صادق علي رضا محمد رضا غلام, وإن هؤلاء قد حددوا للعناصر الكويتية ( ولن نذكر أسماءهم ) بل سنتركها للتاريخ وهي معروفة لمن يعود و يبحث في أوراق تلك الفترة الملتهبة , مهماتهم كما قاموا بتدريبهم في منطقة بر الوفرة آنذاك على استعمال السلاح و المتفجرات , كما قامت مجموعة من الخلية السرية بتسلم السلاح و المتفجرات و الأسلاك وبقية المستلزمات و الأدوات من الباب الخلفي للسفارة الإيرانية وإن تلك المتفجرات قد تم تهريبها في سيارات حملة الحجاج المتوجهين لمكة المكرمة تحت الكراسي مستغلين سهولة إجراءات التفتيش بين مواطني مجلس "التعاون" الخليجي.
كان تجنيد عناصر الخلية الكويتية قد تم في أوقات سابقة تعود لبداية الثمانينات من القرن الماضي وكانت غالبيتهم من الشباب المتحمس المؤمن بخط الثورة الإيرانية و الساعي لقيام جمهورية إسلامية على النمط الإيراني بل إنهم قد ذابوا في شخصية و قيادات الجمهورية الإيرانية لذلك فقد تم تنفيذ المهمة الإرهابية في مكة المكرمة إلا أنهم قد كشفوا بسهولة و يسر وتم اعتقالهم أجمعين و كانت النتيجة مأسوية في تجلياتها و انتهت بإعدامات و عقوبات مشددة أخرى و فشل الإيرانيون في تحقيق أهدافهم و لكنهم قد كشفوا عن توجهاتهم الحقيقية وطبعا لم تغير الأيام و الأحداث تلكم التوجهات بل إن كل ما تغير هو التكتيك أما الستراتيجية فهي ذاتها و أمامكم العراق الراهن لتشاهدوا من خلاله طبيعة التوغل الإيراني.. إنه عرض تاريخي سريع و مختصر لشذرات من تاريخ الإرهاب الإيراني في الكويت يؤكد بأن الدور الإرهابي للأجهزة السرية و الإستخبارية الإيرانية في الكويت ودول الخليج العربي ليس "كلام فاضي" أبداً بل إنه مليان على الآخر!.. و يبقى التاريخ هو الشاهد الذي لا تعرف أحكامه الزور أبدا.
لقد كان التركيز الرسمي الإيراني على بناء الخلايا السرية الحزبية و الطائفية المساندة للمشروع الإيراني هو واحد من أهم خيارات السياسة الإيرانية , كما أن ذلك التوجه كان و لا يزال يمثل الحالة الأشد وضوحا و ترسخا في التصرف السياسي و الاستخباري الإيراني وهو على العموم توجه علني معروف لا يحاول الإيرانيون إخفاءه أبدا , بل إنهم يفتخرون بأنصار الثورة الإسلامية! كما أن أجهزة إعلامهم تمارس التحريض العلني و الصريح رغم تناقض ذلك مع خطابهم الديبلوماسي المعلن .
في مرحلة الثمانينات من القرن الماضي كان الإيرانيون في حالة انشغال تام بملف جوهري يتمثل في التصدي للسياسة السعودية وفي محاولة إحراجها إقليميا ودوليا و يصب أساسا في محاولة يائسة تهدف لانتزاع إدارة أمور الحج من السلطات السعودية باعتبارها صاحبة السيادة على أرض الحرمين وتحويلها لإدارة دولية إسلامية وهو مطلب إيراني عبثي و سقيم لأنه ينتهك سيادة و خصوصيات دول وقد عمل الإيرانيون أساليب متغيرة لمحاولة تحقيق ذلك الهدف , وكانت الطريقة المثلى لذلك هو العمل السري و الاستخباري و الذي يصب في النهاية بتنفيذ عمليات إرهابية في العمق السعودي في موسم الحج من أجل إظهار عجز السلطات الأمنية السعودية عن حماية أرواح الحجاج ليصار بالتالي لتفعيل المطالبة الإيرانية الرسمية بتدويل موسم الحج و مناكفة السياسة السعودية وضربها في مقتل , وطبعا كانت الوسيلة الإيرانية المثلى تفعيل العمل السري و تنشيط الخلايا السرية في دول الخليج العربي وقد وقع الاختيار على الكويت تحديدا لانفتاح المجتمع الكويتي و لطبيعة التعامل الراقي بين السلطة الكويتية وشعبها , إضافة لأسباب ذاتية وموضوعية أخرى , لذلك فقد تحركت أجهزة استخبارات الحرس الإيراني الثوري التي كانت نشطة للغاية و ترصد الاوضاع الداخلية في دول الخليج العربي و تمتلك جيوشا سرية من المتعاونين سبق لهم أن نفذوا مهمات كثيرة خلال الفترات الماضية وعملت على تفعيل و تنشيط عمل منظمة سرية تعمل في الكويت اسمها "السائرون على خط الإمام" وهي طبعا فرع من تنظيم "حزب الله"! وهو بالمناسبة فخر الصناعة الإيرانية , ولقد قرر الإيرانيون في عام 1988 إحداث تفجيرات في مكة المكرمة وفي الحرم المكي تحديدا من أجل إحراج السلطات السعودية و تنفيذا للأهداف السابق ذكرها وقع اختيارهم على مجموعة من حجاج إحدى حملات الحج الكويتية الذين تمكن الإيرانيون من تجنيدهم قاموا بالفعل في وضع عبوات ناسفة في أماكن قريبة من الحرم المكي أدى انفجارها لمقتل حاج و إصابة ستة عشر آخرين مما أدى في النهاية لاكتشاف الأمن السعودي لتلك الخلية و تنفيذ حكم الإعدام بستة عشر من أعضائها فيما صدرت أحكام أخرى بحق متورطين آخرين! و كانت مأساة حقيقية تركت ظلالا ثقيلة و كئيبة على المشهد الإقليمي ? فكيف حصل ما حصل?
لقد اعترف المتورطون بأن تنظيمهم "السائرون على خط الإمام" كان يحظى برعاية وعناية السفارة الإيرانية في الكويت و بأن عناصر الاستخبارات الإيرانية المسؤولة عنهم كانوا من أعضاء وطاقم السفارة وهما كل من : صادق علي رضا محمد رضا غلام, وإن هؤلاء قد حددوا للعناصر الكويتية ( ولن نذكر أسماءهم ) بل سنتركها للتاريخ وهي معروفة لمن يعود و يبحث في أوراق تلك الفترة الملتهبة , مهماتهم كما قاموا بتدريبهم في منطقة بر الوفرة آنذاك على استعمال السلاح و المتفجرات , كما قامت مجموعة من الخلية السرية بتسلم السلاح و المتفجرات و الأسلاك وبقية المستلزمات و الأدوات من الباب الخلفي للسفارة الإيرانية وإن تلك المتفجرات قد تم تهريبها في سيارات حملة الحجاج المتوجهين لمكة المكرمة تحت الكراسي مستغلين سهولة إجراءات التفتيش بين مواطني مجلس "التعاون" الخليجي.
كان تجنيد عناصر الخلية الكويتية قد تم في أوقات سابقة تعود لبداية الثمانينات من القرن الماضي وكانت غالبيتهم من الشباب المتحمس المؤمن بخط الثورة الإيرانية و الساعي لقيام جمهورية إسلامية على النمط الإيراني بل إنهم قد ذابوا في شخصية و قيادات الجمهورية الإيرانية لذلك فقد تم تنفيذ المهمة الإرهابية في مكة المكرمة إلا أنهم قد كشفوا بسهولة و يسر وتم اعتقالهم أجمعين و كانت النتيجة مأسوية في تجلياتها و انتهت بإعدامات و عقوبات مشددة أخرى و فشل الإيرانيون في تحقيق أهدافهم و لكنهم قد كشفوا عن توجهاتهم الحقيقية وطبعا لم تغير الأيام و الأحداث تلكم التوجهات بل إن كل ما تغير هو التكتيك أما الستراتيجية فهي ذاتها و أمامكم العراق الراهن لتشاهدوا من خلاله طبيعة التوغل الإيراني.. إنه عرض تاريخي سريع و مختصر لشذرات من تاريخ الإرهاب الإيراني في الكويت يؤكد بأن الدور الإرهابي للأجهزة السرية و الإستخبارية الإيرانية في الكويت ودول الخليج العربي ليس "كلام فاضي" أبداً بل إنه مليان على الآخر!.. و يبقى التاريخ هو الشاهد الذي لا تعرف أحكامه الزور أبدا.
المصدر
جريدة السياسة الكويتية
http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/87171/reftab/59/Default.aspx
جريدة السياسة الكويتية
http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/87171/reftab/59/Default.aspx
مقال يخط بماء الذهب عن الدسائس والعهر السياسي القذر لنظام الملالي
كم أتمنى أن تنتبه الحكومة الكويتية للوسائل والطرق ا لخبيثة التي ينتهجها نظام الملالي للتغلغل في النسيج الكويتي لكي يزرع بذور الفتنة في داخله ويحاول عزله عن محيطه الخليجي سالكاً جميع السبل والوسائل مهما كانت قذرة للوصول لهدفه لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة وبنفس أسلوب اليهود.
لقد كان الملك فهد رحمه الله قوياً وحازماً في التعامل مع السياسة الإيرانية ومع عملائها في المنطقة لذا أعدمهم كلهم لكي يكونوا عبرة لغيرهم من أذناب إيران وحسناً فعل حيث أن الإستخبارات الإيرانية أوهمت هؤلاء الخونة بأنه لو تم القبض عليهم فسوف تتدخل الكويت والمنظمات الإنسانية لإنقاذهم، ولو كانوا عقلاء لفهموا أن أمن البلاد لا يساوم فيه وأن السعودية أعدمت عدد كبير من الإرهابيين المحسوبين على ابنائها بعد أحداث المقبور جهيمان..
تغمد الله الملك فهد في واسع رحمته.
كم أتمنى أن تنتبه الحكومة الكويتية للوسائل والطرق ا لخبيثة التي ينتهجها نظام الملالي للتغلغل في النسيج الكويتي لكي يزرع بذور الفتنة في داخله ويحاول عزله عن محيطه الخليجي سالكاً جميع السبل والوسائل مهما كانت قذرة للوصول لهدفه لأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة وبنفس أسلوب اليهود.
لقد كان الملك فهد رحمه الله قوياً وحازماً في التعامل مع السياسة الإيرانية ومع عملائها في المنطقة لذا أعدمهم كلهم لكي يكونوا عبرة لغيرهم من أذناب إيران وحسناً فعل حيث أن الإستخبارات الإيرانية أوهمت هؤلاء الخونة بأنه لو تم القبض عليهم فسوف تتدخل الكويت والمنظمات الإنسانية لإنقاذهم، ولو كانوا عقلاء لفهموا أن أمن البلاد لا يساوم فيه وأن السعودية أعدمت عدد كبير من الإرهابيين المحسوبين على ابنائها بعد أحداث المقبور جهيمان..
تغمد الله الملك فهد في واسع رحمته.