شبح الوحدة/ قصة قصيرة

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
ظهر فجأة حكمة النضج واهوائه كانت تنبجس من عينيه الحزينتين الدائمتي التأمل لتتحدى تطرفي ، وتشكك في ارائي وعلاقاتي التي لم تكن ذات يوم سوى شطحات لا هدف ولا غاية لها....
عاملني بلطف شديد لكني لم اكن اراه حقيقة، كان هناك ظل رمادي...ذكريات واهنة مضطربة، مزج مشوش من الالم والغربة.. الضجر من الحياة والتصور الغريب للاشياء جعلا مني مخلوقا عاجزا معقدا متشابكا من الداخل في هوة من الفراغ.. وحولا رغبتي في الحرية التي كانت غرسا صاخبا متدفقا الى طاقة محاصرة مليئة بالرغبة في الانسلاخ من كل ما حولي.. ولم يعد التعطش هاجسا لي بعد ان اكتشفت معظم الناس عاديون بطريقة او باخرى يعانون الانهيار والانتكاس ...
مجرد مخلوقات وليدة الصدفة غير محددة بزمن معين.. كان قلبي في الغالب منغلقا على هذا الضنى الخفي غير الواعي للسخرية المزدرية لهذا الكائن البشري .. وبشكل او باخر رفعت راية الاستسلام.!
لكنه تعمد ان يصدم حواسي..نبع ثر غير اعتيادي فيه والطريفة التي يهب فيها نفسه للاشياء كانت مدعاة دهشة حقيقية اثارت في داخلي رغبة مؤلمة غير قابلة للفهم.. سحر المحاولات الاولى ابهجني على الرغم من كل الاحباطات التي مورست ضدي، ويبدو انه كان على يقين من ان وراء كتلة الخيبة والخنوع التي تجتاحني ، تحتجب حماقة من الحماقات البشرية المتلاحقة، ولان لي مزاجا سهل الاثارة سريع التخيل جمحت الفكرة في رأسي..
لماذا يستثير ذاكرتي ..؟ وهل في مقدوره ان يحتفظ برباطة الجأش طويلا، ويظل هادئا كل الهدوء معي.. هل يتخلى عني..؟ رعشة ثقيلة في اعصابي
* انك تدرك كيف يبدو المرء متشبثا بفراغ وهو خاو منه.!
-افترض اني قادر على فعل شيئ ذي جدوى، المسألة هي ان عليك العودة: انت كما انت:
كنا قريبين على نحو مرعب كأنه الجنون.. لست اذكر متى استطاع ان يغزوني منسابا كالنهر على ارض سهلة الأرجاء لا منعطفات حادة، لا منحدرات او تيارات قوية.
سرت اهفو اليه ورحت استقي منه مشاعر لم لعهدها.. كان حنونا رائعا قلقا حد الانزعاج، وكلما انبسطت الشمس في سماء كينونتنا شعرت بغصة الم تتخللني، والخوف من ان يتخلى عني..
احساس مريع شديد الوطأة تبعث به الي خطابات عينيه التي كلما اغمضها عني انحدرت نحو النقطة الفاصلة لرحلة ما بعد الموت حين تنفصم الروح عن الجسد في معاناة شديدة.. ولم يكن امامي الا الخوض في تجربة التعذيب والتوحد لاهثة لا ارغب في شيء سوى حرية سماوية تحولني الى كيان متفرد خالص فيه اسبقية على الرغبة، والحب اقوى من جميع عذابات العاطفة.. اهتز بدنه متوترا قويا ..لقد كان فظيعا..! كم كان حبه اشد تركيزا وروعة ..شعرت اني اسقط مغشيا علي، صرخ تساؤل حاد في ذهني:
* ما مقدار اهتمامك بي..؟
جاء صوته متألما ممزوجا بالقوة والاضطراب والارتعاش:
-ما مقدار ذلك! لاادري لكنه كل الاهتمام.
واردف يقول بنبضات متسلرعة- احبك!
كنت ارتجف وانا استمع الى صوت الحقيقة الذي هتف به.. احساس لا نهائي بمعنى كل الاشياء حولي.. ادركت في لحظة الوعي التي اجتاحت كياني كله انني صرت شجرة جذورها تغور عميقا في باطن الارض ..
حال من السكينة لم آلفها في عالم تعفن بالاكاذيب.. يغمرني شعور بالامان..
انه هنا جاء الى الوجود لنلتحم معا بالابدية والخلود.. انني استطيع ان افقد روحي الف مرة لكني لا استطيع ان احتمل عدم وجوده معي لحظة واحدة..
لم اعد احصي ساعات الزمن الا لاجله، ولم اعد ادقق في غسق الماضي وايحاءات المغرضين لانه وحده من اسدل ستار وجودهم حولي.. هو وحده الذي جعل احلامي حقيقية كلها.. تعلمت منه وله كيف احب الزمن الذي افكر فيه به.والذي انتظره به.. والذي احيا فيه لاجله ..ولكن!
لماذا يطاردني شبح الوحدة، واموت رعبا حين تخترق عقلي فكرة انه يتخلى عني.. لماذا اذا.. لماذا..؟؟؟
انتهت
سلام
 

@Noura@

عضو مخضرم
مع الله سبحانه وتعالى لن تشعري بالوحدة..
رائعة غاليتي ازدهار ...
كتبت فأبدعت فامتعت .........
تقبلي خالص تقديري ..
 

السلطاني

عضو مخضرم





تقول...ايزابيل الليندي


الموت الآن يجلس على كرسي ب القرب من منضدتي ينتظر

ولكن الإعتداد ب النفس مازال يسمح لي....

ليس فقط ب وضع قليل من الطلاء الأحمر على خديّ حينما يأتيني زائرون

وإنما ب كتابة قصتي .....

وهل هناك ماهو أكثر غروراً من كتابة سيرة ذاتية !


إنتهى....



ل ذلك....إستمتعت كثيرا ب قراءة القصة....جميلة جدا...وبسيطة...رغم الألم الذي يحتويها....!!
 

ازدهار الانصاري

عضو بلاتيني
الغالية شمس
الاخ الكريم محمد العنزي
اسعدني مروركما
مشاركتكما تمنحني الامل في الحياة
وان الوقت مازال موجودا
كي اعيش
دمتم بود
سلام
 
أعلى