عوده من سرداب الغيبه(تذكرة لي اولا ولكم)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

يا ربّ جئتك




الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله ، يا ربّنا
لك الحمد حمداً طيـّباً يملأ السّماء وأقطارها والأرض والبرّ والبحرا
لك الحمد حمداً سرمديـّاً مباركاً يقلّ مداد البحر عن كتبه حصراً
لك الحمد مقروناً بشكرك دائماً لك الحمد في الأولى لك الحمد في الأخرى
لك الحمد حمداً طيباً أنت أهله على كل حال يشمل السّر والجهرا
لك الحمد كم قلـّدتنا من صنيعة وأبدلتنا بالعسر يا ربـّنا يسراً

يا ربّ جئتك سبحانك يا من أتتك الأرض والسّماء طائعة ، وخرّت الجبال لعظمتك خاشعةً ،
ترنـّم الرعد بتسبيحك ، لمع البرق بتمجيدك ، شدا الطير بذكرك ، هدل الحمام بشكرك .

عبادتك شرف ، والذل لك عزّة ، والافتقار إليك غنى ، والتـّمسكن لك قوّة .
محاربتك خذلان ، والكفر بك لعنة ، والتـّنكـّر لجميلك عذاب .

الله أكبر بكرةً وأصيلاً وله الثـّّناء مرتـّلاً وجميلاً
الله أكبر كلـّما هتفت به مهج العباد وسبـّحته طويلا
الله أكبر ما تطوّف محرمٌ بالبيت أو لبـّى له تبتيلاً
الله أكبر في السماوات العلى والأرض حيث تجاوبت تهليلاً.

قال تعالى : قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)
فيا من أسرف على نفسه بالذنوب(( وكلـّنا ذاك المسرف إلاّ من رحم ربّي))
تذكـّر أنّ الله تعالى يحبّ العبد التـّائب بل يفرح بتوبته كما أخبر الحبيب صلـّى الله عليه وسلـّم :
((لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ(( رواه مسلم))

فيا ابن آدم ، يا مـُدْبـِر العمر ، يا صريع الدّهر ، يا ساكن مساكن الموتى ، يا مؤمـّل ما لا يدرك ، السّالك سبيل من قد هلك ، يا عرض الأسقام ، يا رهينة الأيام ، يا رمية المصائب ، يا عبد الدنيا ، يا تاجر الغرور ، يا غريم المنايا ، يا أسير الموت ، يا خليفة الأحزان ، يا نهب الآفات ، يا صريع الشـّهوات ، يا خليفة الأموات ، يا ابن التـّراب ومأكول التراب غداً ، قل يا رب جئتك منك الفرار وإليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلاّ إليك .

يا رب جئتك


قلها أيها الأخ المبارك قوليها أيتها الأخت المباركة ليقولها الصغير والكبير والذكر والأنثى والحاكم والمحكوم .

الأرض اقشعرّت ، والسّماء أظلمت ، وفي البّر والبحر فساد ، ظهر وكثرت الفتن، وذهبت البركات ، وقلـّت الخيرات ، قست القلوب ، ضعف الإيمان وقل النـّصير .

وهن إلى القلب تسرّب ، فإلى من نشتكي ؟ وإلى من نفر ؟ وإلى من نلجأ؟ إليه نشكو وله نفر وما من ملجأ ولا منجا إلا منه وإليه .

بك أستجير ومن يجير سواكا *** فأجر ضعيفا يحتمي بحماك
إنـّي ضعيف أستعين على قوي *** ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبتُ يا ربـّي وآذتني ذنوب *** ما لها من غافر إلاّ كا
دنياي غرّتني وعفوك غرني *** ما حيلتي في هذه أو ذا كا

هيا أيـّها التـّائبون رياح الأسحار تحمل أنيناً ، وظلمات الليل وضوء النـّهار ترتفع بأنفاسكم

كان الأمير " موسى بن سليمان الهاشمي " من أنعم أبناء أبيه عيشاً " ، وأرخاهم بالاً ، يعطى نفسه مرادها من جميع اللـّذات!!، وكان شاباً جميلاً وسيماً ، مع ثرائه الواسع وغناه الوافر يجرى عليه من ضياعه وعقاراته كلّ عام قرابة ثلاثة ملايين وثلاثمائة ألف درهم ، وكانت له قبـّة على موضع عال، يجلس فيها بالعشيـّات ينظر إلى النـّاس، وإلى بساتينه وأراضيه، ومعه في القبّة ندماؤه وأصدقاؤه، والمجامر منصوبة لا ترفع عن البخور، وقد وقف على رأسه الخدم بأيديهم المراوح، ووقف المغنيات والرّاقصات بحذائه في مجلس خارج القبة يراهنّ ، فإذا نظر عن يمينه رأى نديماً قد اصطفاه،وإن نظر عن يساره رأى أخا وصفيـّاً قد اجتباه، وإن رفع طرفه نظر إلى خدم قيام قد اختارهم ، فإن تكلـّم سكتوا ، وإن قام قاموا، هذا دأبه وحاله إلى أن يذهب الليل ويذهب عقله ، فيخرج النـّدماء ويخلو مع الوصفاء والمغنيات، فإذا أصبح اشتغل بالنـّظر إلى لعـّابين بين يديه بالنـّرد والشطرنج ، لا يذكر بين يديه موت ولا سقم ولا مرض، فبينما هو في قبـّته تلك ذات ليلة وحوله الندماء والوصفاء ، وقد مضى بعض الليل، إذ سمع نغمة من حلق ندي شجي ، خلاف ما يسمع من مطربيه، فأخذت بمجاميع قلبه، وسلبت فؤاده ، فأشار إلى من حوله: أن اسكتوا، وأخرج رأسه من نافذة يتسمع الصّوت الذي وقع بقلبه ، ثمّ صاح بغلمانه : اطلبوا صاحب هذا الصوت، فخرج الغلمان يطوفون فإذا هم بشاب نحيل الجسم، أشعث الرأس، حافي القدمين قائم في المسجد يناجي ربـّه ويصلي ويقرأ القرآن ، فأخذوه وأدخلوه على الأمير، وأخبروه أنـّهم وجدوه في المسجد قائماً يصلي !! فقال الأمير لذلك الشاب : ما كنت تقرأ؟ !! قال : كلام الله !! قال : فأسمعني بتلك النغمة، فقرأ الشاب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم } إن الأبرار لفي نعيم { إلى قوله } يشرب بها المقربون{ ( المطففين :22 – 28) ثمّ قال له : أيها الأمير المغرور، إنـّها خلاف مجلسك وفرشك، إنها أرائك مفروشة بفرش مرفوعة } بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ { ، } على رفرف خضر وعبقري حسان { ، يشرف وليّ الله منها على عينين تجريان في جنـّتين } فيهما من كل فاكهة زوجان {،} لا مقطوعة ولا ممنوعة { ، } في ظلال وعيون ، } أكلها دائم وظلـّها تلك عقبي الذين اتقوا وعقبي الكافرين النـّار { ، } لا يفتـّر عنهم وهم فيه مبلسون { ، } في ضلال وسعر يوم يسحبون في النـّار على وجوههم ذوقوا مس سقر { ، } يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يؤمئذ ببنيه{ ، وهم في جهد جهيد وعذاب شديد ، ومقت من ربّ العالمين!!
فقام الأمير الهاشمي من مجلسه، وعانق الشاب وبكى ، وصاح بندمائه: انصرفوا عنـّي، وخرج إلى صحن داره، وقعد على حصير ، مع ذلك الشـّاب ينوح ويبكي على شبابه وذنوبه الماضيات، والشاب يعظه وينصحه إلى أن أصبح وقد عاهد إلى الله إلاّ يعود إلى المعاصي أبداً ،

ثمّ ردّ المظالم إلى أهلها، وأعتق عبيده وجواريه وتصدّق بالكثير من أمواله، ثمّ اجتهد في العبادة ، فكان يصوم النـّهار ويقوم الليل، حتـّى كان إخوانه الصالحون يعاتبونه ويقولون له: ارفق بنفسك فإنّ المولى كريم ، يشكر اليسير ، ويثيب على الكثير ، فكان يقول لهم: يا قوم أنا أعرف بنفسي إنّ جرمي عظيم ،فقد عصيت مولاي بالليل والنـّهار، وكان يبكي كثيراً ، ثمّ إنـّه خرج إلى البيت الحرام حاجـّاً وكان يدخل الحجر بالليل ينوح على نفسه ويقول : سيدي لم أراقبك في خلواتي، سيدي ذهبت شهواتي وبقيت تبعاتي وحسراتي فالويل لي يوم ألقاك، والويل كلّ الويل من صحيفتي إذا نشرت مملوءة من فضائحي وخطاياي، بل حلّ بي الويل من مقتك إيايّ وتوبيخك لي في إحسانك إليّ ومقابلتي نعمتك بالمعاصي، وأنت مطـّلع على أفعالي، سيـّدي إني لا أستحق أن أسألك الجنـّة ، بل أسألك بجودك وكرمك وتفضلك أن تغفر لي وترحمني، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
قال " محمد بن السماك" : فبينا أنا ذات ليلة في الطواف إذ سمعت نغمته وبكاءه، فحرّكني وأقلقني فاقتربت منه وسألته، فعرفني وحكى لي قصة توبته، ثمّ أخذني معه إلى غرفته وقال لي: ما زلت متشوقاً إلى لقائك حتى تداوي جرحي بمرهم كلامك، فقلت له: اجعل الموت نصب عينيك ، واعلم أن بين يديك عقبة عليها المسلك غداً ، لا يقطعها إلاّ الورعون عن محارم الله تعالى، فأعدّ العدّة والجواب فإنـّك قادم لا محالة على أحكم الحاكمين وديـّان يوم الدّين ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وهو (أي الهاشمي) في كل منصت يسمع ثمّ أطرق شبه المفكر، فقمت من عنده وخرجت فلمـّا أصبح الصـّباح، تصرفت في حوائجي فدخل على وقت الظهر وأنا في الطواف ، وإذا النـّاس يتراكضون نحو باب الصـّفا، فقلت: ما الخبر قالوا : جنازة غريب، فخرجت وصلـّيت على تلك الجنازة وقلقت على صاحبي الهاشمي فذهبت فوري، إلى تلك الدار وسألت عنه فقالوا: آجرك الله، ألم تشهد جنازته، ألست صاحبه البارحة، قلت: نعم قالوا: إنـّك لم خرجت من عنده لم يزل يقول: فؤادي ، فؤادي ذنبي ذنبي إلى أن مضى عامـّة الليل وهو يبكي ثمّ سكن فلمـّا أصبح أنبهناه للصـّلاة فإذا هو فارق الدّنيا، ولم يشهد خروج روحه أحد ولم يغمض.
فقلت لهم: وهل عرفتموه؟ قالوا: لا، كان غريباً من الحجاج نزل عندنا، ما رأينا ولا سمعنا بمثله، نهاره صائم لله تعالى وليله قائم يصلي ، ويبكي وينوح على نفسه كأنّ ذنوب العباد هو المطالب بها. [ من كتاب التوابين لابن قدامة]

يا باغي الخير أقبل فالباب غير مقفل يا من أذنب وعصى وأخطأ وعتا ، يا من بقلبه من الذنوب جروح ، تعال فالباب مفتوح، والكرم يغدو ويروح، يا من ركب مطايا الخطايا تعال إلى ميدان العطايا، يا من اقترفوا فاعترفوا لا تنسوا } قل يا عبادي الذين أسرفوا { يا من بذنب باء وقد أساء تذكـّر(( يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثمّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي( من حديث طويل صحيح)

التـّوبة تجب ما قبلها وتعمّ بركتها أهلها يقول صلـّى الله عليه وسلـّم:
(عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النـّبي صلـّى الله عليه وسلم قال التـّائب من الذنب كمن لا ذنب له) (صححه الألباني رحمه الله تعالى) .

فهنيئاً لمن تاب وأناب قبل أن يغلق الباب،

وروي عن النـّبي صلـّى الله عليه وسلـّم قال : إنّ الشيطان قال : وعزّتك يا ربّ لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الرّبّ تبارك وتعالى : وعزّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ( السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله تعالى)

فلنسرع عباد الله بالتـّوبة إلى الله تعالى ولنسأله العفو والعافية ولنكثر من الاستغفار .

يا ربّ ، جئتك أجمل الكلمات وأحسن العبارات لدى ربّ الأرض والسّماوات قول العبد يا ربّ أذنبتُ يا ربّ أسأت يا ربّ أخطأت وأسمع جوابها إذ رضي عنك عبدي قد غفرتُ وسامحت وسترت وصفحت وتذكـّر(وإنـّي لغفـّارٌ لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى )
الاعتراف بالاقتراف طبيعة الأشراف،

قف بالباب وقل أذنبنا وطف بتلك الديار وقل تبنا وارفع يديك وقل أنبنا(أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم) اطرح نفسك على عتبة الباب ومدّ يدك وقل يا وهـّاب،
أرغم أنفك بالطين وناد رحمتك أرجو يا ربّ العالمين،
يا من أسرفتَ بالذنوب والمعاصي قف واسمع وأرع السّمع

جاء رجل صالح إلى العبد الصالح " إبراهيم بن أدهم" رحمه الله، فقال: يا أبا إسحاق : إنـّي رجل مسرف على نفسي بالذنوب والمعاصي ، فأعرض عليّ ما يكون زاجراً لي عنها، وهادياً لقلبي !! فقال "إبراهيم " : إن قبلت منـّي خمس خصال وقدرتَ عليها لم تضرّك معصية قط، ولم توبقك لذة!! فقال الرّجل: هات يا أبا سحاق!!
قال: أمـّا الأولى : فإذا أردت أن تعصي الله عز وجل، فلا تأكل رزقه ، فقال الرّجل: فمن أين آكل؟، وكلّ ما في الأرض من رزقه ؟!! فقال إبراهيم : يا هذا أفيحسن أن تأكل رزق الله وتعصيه؟ قال: لا !! هات الثـّانية.
قال " إبراهيم": يا هذا إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن شيئاً من بلاده!! فقال الرّجل: هذه أعظم من الأولى ، يا أبا إسحاق: إذا كان المشرق والمغرب وما بينهما له تعالى، فأين أسكن؟!! قال: يا هذا أفيحسن أن تأكل رزقه وتسكن بلاده ثم تعصيه؟ قال: لا !! هات الثـّالثة!!
قال" إبراهيم" : إذا أردت أن تعصيه وأنت تأكل رزقه وتسكن بلاده، فانظر موضعاً لا يراك فيه مبارزاً له فاعصه فيه !! قال: يا إبراهيم!! كيف هذا وهو مطـّلع على ما في السّرائر والضمائر ؟ قال إبراهيم : يا هذا أفيحسن أن تأكل من رزقه وتسكن في بلاده وتعصيه وهو يراك ويرى ما تجاهره به ؟ قال الرّجل : لا ، هات الرّابعة.
قال " إبراهيم " : إذا جاءك ملك الموت ليقبض روحك ، فقل له: أخـّرني حتـّى أتوب توبة نصوحاً وأعمل لله عملاً صالحاً، فقال الرّجل: لا يقبل مني ولا يؤخرني !! فقال إبراهيم :يا هذا !! فأنت إذا لم تقدر أن تدفع عنك الموت لتتوب ، وتعلم أنه إذا جاء لم يكن له تأخير، فكيف ترجو وجه الخلاص؟!! قال الرّجل: هات الخامسة!!
قال " إبراهيم" : إذا جاءتك الزبانية يوم القيامة ليأخذوك إلى النـّار، فلا تذهب معهم !! قال الرجل: إنـّهم لا يدعونني ولا يقبلون مني!! فقال إبراهيم: فكيف ترجو النـّجاة إذن؟ فقال الرّجل: يا إبراهيم " حسبي حسبي !! أنا أستغفر الله وأتوب إليه!! ثمّ لزمه وشاركه في العبادة والاجتهاد في الطـّاعات، حتى فرّق بينهما الموت !!

يا ربّ ما لي غير لطفك ملجأ ولعلني عن بابه لا أطرد
يا ربّ هب لي توبةً أقضي بها ديناً عليّ به جلالـُك يشهد
أنت الخبير بحال عبدك إنـّه بسلاسل الوزر الثـّقيل مقيد
أنت المجيب لكل داع ٍ يلتجي أنت المجير لكلّ من يستنجد
من أيّ بحر غير بحرك نستقي ولأي باب غير بابك نقصد



توبة شابين:


" على حضرات الرّكاب المسافرين على الرحلة رقم ××× والمتوجـّهة إلى ×××× التـّوجه إلى صالة المغادرة استعداداً للسفر"
دوى هذا الصوت في جنبات مبنى المطار، أحد الدعاة كان هناك جالساً في الصّالة وقد حزم حقائبه ، وعزم على السّفر إلى بلاد الله الواسعة للدّعوة إلى الله عزّ وجل، وسمع هذا النـّداء فأحس بامتعاض في قلبه، إنـّه يعلم لماذا يسافر كثير من النـّاس إلى تلك البلاد وخاصة الشـّباب .
وفجأة لمح هذا الشـّيخ شابـّين في العشرين من عمرهما أو تزيد قليلاً وقد بدا من ظاهرهما ما يدل على أنـّهما لا يريدان إلاّ المتعة الحرام من تلك البلاد التي عـُرفت بذلك.
" لا بد من إنقاذهما قبل فوات الأوان" قالها الشـّيخ في نفسه، وعزم على الذهاب إليهما ونصحهما فوقف الشـّيطان في وجهه وقال له: ما لك ولهما؟ دعهما يمضيان في طريقهما ويرفـّها عن نفسيهما، إنـّهما لن يستجيبا لك" .

ولكن الشـّيخ كان بفضل الله تعالى قوي العزيمة ، ثابت الجأش، عالماً بمداخل الشـّيطان ووساوسه ، فبصق في وجه الشـّيطان، ومضى في طريقه لا يلوى على شيء وعند بوابة الخروج، استوقف الشـّابين بعد أن ألقى عليهما التـّحية، ووجه إليهما نصيحة مؤثرة ، وموعظة بليغة وكان مما قاله لهما: " ما ظنـّكما لو حدث خلل في الطائرة، ولقيتما ((لا قدر الله )) حتفكما وأنتما على هذه النـّية قد عزمتما على مبارزة الجبـّار جلّ جلاله فبأيّ وجه ستقابلان ربـّكما يوم القيامة ؟ وذرفت عينا هذين الشّابين ، ورقّ قلباهما لموعظة الشـّيخ وقاما فوراً بتمزيق تذاكر السـّفر، وقالا : يا شيخ : لقد كذبنا على أهلينا وقلنا لهم ذاهبان إلى مكـّة أو جدة، فكيف الخلاص؟ وماذا نقول لهم؟
وكان مع الشيخ أحد طلابه ، فقال : اذهبا مع أخيكما هذا وسوف يتولـّى إصلاح شأنكما.
ومضى الشـّابان مع صاحبهما وقد عزما على أن يبيتا عنده أسبوعاً كاملاً ومن ثمّ يعودا إلى أهلهما .
وفي تلك الليلة ، وفي بيت ذلك الشـّاب (تلميذ الشـّيخ) ألقى أحد الدّعاة كلمة مؤثـّرة زادت من حماسهما ، وبعدها عزم الشـّابان على الذهاب إلى مكـّة لأداء العمرة ، وهكذا : أرادا شيئاً، وأراد الله شيئاً آخر فكان ما أراد الله عزّ وجلّ.
وفي الصـّباح، وبعد أن أدّى الجميع صلاة الفجر، انطلق الثـّلاثة صوب مكـّة شرفها الله بعد أن أحرموا من الميقات .

وفي الطـّريق كانت النـّهاية أو في الطـّريق كانت الخاتمة وفي الطـّريق كان الانتقال لدار الآخرة، فقد وقع لهم حادث مروّع ذهبوا جمعياً ضحيـّته فاختلطت دماؤهم الزّكية بحطام الزّجاج المتناثر، ولفظوا أنفاسهم الأخيرة تحت الحطام وهم يرددون تلك الكلمات الخالدة " لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك …. ألخ"

كم بين موتهما وبين تمزيق تذاكر سفرهما لتلك البلاد المشبوهة؟ إنـّها أيـّام بل ساعات معدودة ولكنّ الله أراد لهما الهداية والنـّجاة، ولله الحكمة البالغة سبحانه.
 
أخي المسلم : إذا نازعتك نفسك الإمارة بالسّوء إلى معصية الله ورسوله فتذكـّر هادم اللذات وقاطع الشـّهوات ومفرّق الجماعات، الموت، واحذر أن يأتيك وأنت على حال لا ترضي الله عزّ وجلّ فتكون من الخاسرين .

وإذا خلوتَ بريبة في ظلمة والنـّفس داعية إلى العصيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إنّ الذي خلق الظـّلام يراني

تبْ أخي العاصي وتذكـّر أنّ أهل المعاصي إلى النـّار يسيرون ، وإلى جهنـّم بذنوبهم سيدخلون .

تذكـّر قول عمر رضي الله عنه ( أكثروا ذكر النـّار فإنّ حرّها شديد وإنّ قعرها بعيد وإنّ مقامعها حديد )

وما أصدق قول الشاعر إذ يقول:

والنـّار مثوىً لأهل الكفر كلـّهم ... طباقها سبعةٌ مسودّة الحفر
جهنـّمٌ ولظى والحطم بينهما ... ثمّ السّعير كما الأهوال في سقر
وتحت ذاك جحيمٌ ثمّ هاويةٌ ... يهوى بها أبداً، سحقاً لمحتقر
في كل باب عقوبات مضاعفة ... وكلّ واحدة تطوى على النـّفر
فيها غلاظ شداد من ملائكة ... قلوبهم شدّة أقوى من الحجر
لهم مقامع للتـّعذيب مرصدةٌ ... وكلّ كسرٍ لديهم غير منجبر
سوداء مظلمة شعثاء موحشة ... دهماء محرقة لوّاحة البشر
فيها الجحيم مذيبٌ للوجوه مع ال ... أمعاء من شدّة الإحراق والشّرر
فيها الغسّاق الشّديد البرد يقطعهم ... إذا استغاثوا بحرٍّ ثمّ مستعر
فيها السلاسل والأغلال تجمعهم ... مع الشـّياطين قسراً جمع منقهر
فيها العقارب والحيـّات قد جعلت ... جلودهم كالبغال الدّهم والحمر
والجوع والعطش المضني ولا نفسٌ ... فيها ولا جلدٌ فيها لمصطبر
لها إذا ما غلت فورٌ يقلّبهم ... ما بين مرتفع منها ومنحدر
جمع النـّواصي مع الأقدام صيّرهم ... كالقوس محنيّةً من شدّة الوتر
لهم طعام من الزّقوم يعلق في ... حلوقهم شوكةً كالصّاب والصبر
يا ويلهم عضّت النـّيران أعظمهم، ... والموت شهوتهم، من شدة الضـّجر
ضجّوا وصاحوا زماناً ليس ينفعهم ... دعاء داعٍ ولا تسليم مصطبر
وكلّ يوم لهم في طول مدّتهم ... نوع شديد من التـّعذيب والسّعر

يا أمان الخائفين سبحانك ما أحلمك على من عصاك وما أقربك ممـّن دعاك وما أعطفك على من سألك وما أرأفك بمن أمـّلك، من الذي سألك فحرمته، ومن الذي فرّ إليك فطردته أو لجأ إليك فأسلمته ، أنت ملاذنا ومنجانا فلا نعول إلا عليك ولا نفر من خلقك ومنك إلاّ إليك يا أمان الخائفين ،

أخي ما لي أراك في الذنوب تعجل، وإذا زجرت عنها لا تقبل ،
ويحك انتبه لقبح ما تفعل لأنّ الأيام في الآجال تعمل ، تفكـّر في الدّنيا وحقارتها وقلّة وفائها وكثرة جفائها وخسّة شركائها وسرعة انقضائها تفكّر في أهلها وعشـّاقها وهم صرعى حولها قد عذبتهم بأنواع العذاب وأذاقتهم أمرّ الشـّراب أضحكتهم قليلاً وأبكتهم طويلاً ، سقتهم كؤوس سمـّها بعد كؤوس خمرها فسكروا بحبـّها وماتوا بهجرها .

ذكر ابن قدامه في كتابه التوابين :

حُكي أنّ رجلاً كان يعرف بدينار العيّار ، وكان له والدة ٌ صالحة تعظه وهو لا يتـّعظ ، فمرّ في بعض الأيام بمقبرة ، فأخذ منها عظما ، فـتفتـّت في يديه ، ففـّكر في نفسه وقال : ويحك يا دينار كأنـّي بك وقد صار عظمُك هكذا رفاتاً ( حطاماً وفتاتاً ) والجسم ترابا فندم على تفريطه وعـَزَم على التـّوبة ، ورفع رأسه إلى السّماء وقال : إلهي وسيـّدي ألقيتُ إليك مقاليد أمري فاقبلني وارحمني ، ثمّ أقبل نحو أمـّـَه متغيّر اللون منكسرَ القلب فقال : يا أمّاه ما يُصنع بالعبد الآبق ( الهارب ) إذا أخذه سيـّدُه ؟ قالت : يُخشّنُ ملبسُهُ ومطعمـُهُ وتـُغـَلّ يدُه وقدميه ، فقال أريد جـِبـّةً من صوفٍ وغِلّيْن) قيدين) وافعلي بي كما يـُفعل بالعبد الآبق لعلّ مولاي يرى ذلّي فيرحمني .
ففعلت به ما أراد فكان إذا جنَّ عليه اللـّيل أخذ في البكاء والعويل يقول لنفسه : ويحك يا دينار ألك قوة على النـّار ؟ كيف تعرضت لغضب الجبار!! ولا يزال كذلك إلى الصبـّاح ، فقالت له أمـّه يا بني ارفق بنفسك فقال : دعيني أتعب قليلا لعلـّي أستريح طويلا!!! يا أمـّاه إنّ لي غداً موقفاً طويلاً بين يدي ربٍّ جليل ولا أدري أيأمرُ بي إلى ظلّ ظليل أم إلى شرّ مقيل ) مكان القيلولة)
قالت : يا بني خذ لنفسك راحةً ، قال : لست للرّاحة أطلب ، كأنـّكِ يا أمـّاه غداً بالخلائق يساقون إلى الجنـّة وأنا أساق إلى النـّار مع أهلها ، فترَكَتْه وما هو عليه فأخذ بالبكاء والعبادة وقراءة القرآن،
فقرأ في بعض الليالي قوله تعالى " فوربّك لنسألنّهم أجمعين * عمـّا كانوا يعملون " الحجر 92-93
ففـّكر فيها وجعل يبكي حتـّى غشي عليه، فجاءت أمـّه إليه ، فنادته ، فلم يجبها ، فقالت له : يا حبيبي وقرّةُ عيني أين الملتقى ؟ فقال بصوتٍ ضعيف : يا أمـّاه إن لم تجديني في عرصات ( الساحة أو البقعة الواسعة القيامة ) فاسألي مالكا خازن النـّار عني، ثمّ شهق شهقةً فمات رحمه الله فغسلته أمـّه وجهـّزته ، وخرجت تنادي : أيـّها النـّاس هلمـّوا إلى الصّلاة على قتيل النـّار ، فجاء النـّاس من كل جانب فلم يـُر أكثر جمعاً ولا أغزر دمعاً من ذلك اليوم، فلمـّا دفنوه نام بعض أصدقائه تلك الليلة فرآه يتبختر في الجنـّة وعليه حلـّةٌ خضراء وهو يقرأ الآية " فوربّك لنسألنـّهم أجمعين * عمـّا كانوا يعملون " ، ويقول : وعزّته وجلاله ، سألني ورحمني وغفر لي وتجاوز عنـّي، ألا أخبروا عنـّي والدتي بذلك .


رحمك الله يا دينار وجعل لنا فيك وأمثالك قدوة.

لا إله إلا الله ماتت قلوب الكثير
ألم يـُعرف ربـّنا ولم يؤدَّ حقه
ألم يقرأ القرآن ولم يعمل به
ألم يـُدّعى عداوة الشـّيطان وهناك من والاه
ألم يدّعى حبّ الرسول وترك أثره وسنـّته
ألم يدّعى حبّ الجنـّة ولم يعمل لها
ألم يدعى خوف النـّار ولم ينتهَ عن الذنوب
ألم يدعى أنّ الموت حقّ ولم يـُستعد له
ألم نـُشغل بعيوب غيرنا وتركنا عيوب أنفسنا
ألم يؤكل رزق الله ولم يشكر
ألم يدفن الموتى ولم نعتبر

أخي يا من لا يُرى من توبته إلا الوعود، فإذا تاب فهو عن قريب يعود ،
أرضيت بفوات الخير والسّعود ، أأعددت عدّة لنزول الأخدود ،
أما علمت أن الجوارح من جملة الشهود ، تالله أن حوض الموت عن قريب مورود ، والله ما الزّاد في الطريق بموجود ، والله إنّ القيامة تشيب المولود ، وأنّ العمر محسوب ومعدود ، والوجوه غداً بين بيض وسود .

قال تعالى:

(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (106)
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (آل عمران:107)
 
فنسألك يا ربـّنا أن تبيّض وجوهنا يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه.



إلهي جلـّت ذاتك عن أن تدركها أبصارنا ، وجلـّت أفعالك عن أن تدرك تمام حكمتها أفهامـُنا ، وجلـّت ألوهيـّتك عن أن تقوم بحقها عبادتـُنا ، وجلـّت نعمتك عن أن تقوم بشكرها جوارحنا ، وجلـّت عظمتك عن أن تخشع لها حقّ الخشوع قلوبـُنا،

نعوذ بك منك ونفر منك إليك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.


إلهي :
وعزّتك ما عصيناك اجتراء على مقامك ولا استحلالاً لحرامك ولكن غلبتنا أنفسنا وطمعنا في واسع غفرانك!!
فلئن طاردنا شبح المعصية، لنلوذنّ بعظيم جنابك.
ولئن استحكمت حولنا حلقات الإثم لنفكنـّها بصادق وعدك في كتابك .
ولئن أغرى الشـّيطان نفوسنا باللذة حين عصيناك فليغرينّ الإيمان قلوبنا بما للتائبين من فسيح جناتك !!


إلهي :
إن كنت لا ترحم إلاّ المجتهد في طاعتك ، فإلى أين يلتجئ المخطئون؟!!
وإن كنت لا تكرم إلاّ أهل الإحسان فماذا يصنع المسيئون؟!!
وإن كان لا يفوز يوم الحشر إلا المتـّقون، فكيف يستغيث المذنبون؟!!


إلهي :

فعاملنا بما أنت به أهله .

إلهي :


إن طردتني عن بابك فإلى باب من ألتجئ وان قطعتني عن خدمتك فخدمة من أرتجي؟!!

إلهي :

إن عذبتني فإني مستحق العذاب والنـّقم ، وإن عفوت عني فأنت أهل الجود والكرم، يا سيدي : لك أخلص العارفون ، وبفضلك نجا الصالحون ، وبرحمتك أناب المقصـّرون، يا جميل العفو أذقني برد عفوك وحلاوة مغفرتك، وإن لم أكن أهلاً لذلك فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة!!

أخي العاصي أسأل نفسك هذا السؤال :

قال ابن رجب: قال رجل لآخر هل أذنبت ذنباً قال: نعم، قال :فعلمت أنّ الله كتبه عليك قال: نعم ، قال: فأعمل حتى تعلم أن الله قد محاه عنك .

إذاً قف ذليلاً خاشعاً تناجي ربك وتذكر ذنوبك السالفات و تحسر على أيـّامك الماضيات

وآ حسرتاه على أصحاب لم ينفعوا، وآحسرتاه على أحباب لم يشفعوا!!
يا حسرتاه يوم طالّ السهر!! يا حسرتاه فلم أعدّ زاداً للحفر .

يا حسرتاه على عمر مضى، وزمان ولـّى وانقضى، ولم أتقّ حرّ لظى!!
يا حسرتاه إذا كشف الدّيوان، بخطيئة اللسان وزلات الجنان وقبيح العصيان!!
يا حسرتاه إذا وُضع الكتاب ونشر ما فيه من خطأ وصواب، وعرض الشـّباب!!
يا حسرتاه على صلاة أضعتها!! يا حسرتاه على زكاة منعتها!!
يا حسرتاه على أيام أفطرتها !! يا حسرتاه على أوقات أهدرتها!!
يا حسرتاه على ذنوب أرتكبتها !! يا حسرتاه على فواحش اقترفتها!!
يا حسرتاه يوم لم يلهج لساني بذكرك ، يا حسرتاه يوم لم تقم جوارحي بشكرك!!
يا حسرتاه يوم يفوز الصالحون بالدّرجات !! يا حسرتاه يوم يهوي الظالمون في الدّركات!!


أخيرا أخي الحبيب أضع بين يديك مفاتيح المغفرة التي تعينك بإذنه تعالى حتـّى نتوب ونؤوب جميعا إلى الله تعالى :
1)الإيمان ، قوله تعالى :(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلاّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:3)

2) التـّوحيد، قوله تعالى: } إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا {{سورة النساء48 } وفي الحديث القدسي يا ابن آدم ! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ( السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله تعالى)


3) الصّلاة ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الصّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفـّرات ما بينهنّ ما اجتنبت الكبائر ـ أخرجه مسلم .

4) الوضوء وكثرة الخطى للمساجد ، حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مسلم ( (ألا أدلـّكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدّرجات قالوا بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ...))
5) المحافظة والمداومة على صلاة الجمعة ، الحديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم :من توضأ فأحسن الوضوء ثمّ أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام .
6) بذل الصدقات ، قوله تعالى : } إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ { { سورة البقرة ،271}

7) التجاوز عن المعسر، جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه والذي أخرجه ابن حبان أنّ رجلاً لم يعمل خيراً قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما تعسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنـّا، قال فلما هلك قال الله هل عملت خيراً قط ، قال لا إلاّ أنـّه كان لي غلام وكنت أداين الناس فإذا بعثته ليتقاضى قلت له خذ ما تيسّر واترك ما تعسّر وتجاوز لعلّ الله يتجاوز عنـّا قال الله تعالى قد تجاوزت عنك.( صحيح التـّرغيب والتـّرهيب)
8) الصوم ، أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النـّبي صلـّى الله عليه وسلم قال من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .
9) الحجّ والعمرة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم العمرة إلى العمرة كفـّارة لما بينهما والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . ( متـّفق عليه)
10) التـّقوى ، قوله تعالى : } وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ { { سورة الأعراف ،96}
11) الاستغفار ، قوله تعالى : } وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ { { سورة آل عمران ،135}
12)الدّعاء، حديث أبي ذر أخرجه مسلم مما رُوي عن الله تعالى [ يا عبادي إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ، يا عبادي كلـّكم ضال إلاّ من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلـّكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعكم ، يا عبادي إنـّكم تخطئون بالليل والنـّهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنـّكم لن تبلغوا ضرّي فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنـّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أنّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنـّكم كانوا على أفجر قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا يا عبادي لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنـّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك ممـّا عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر يا عبادي إنـّما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثمّ أوفيكم إيـّاها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه " . رواه مسلم

13) برّ الوالدين ، قوله تعالى : } وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {15} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ{ { سورة الأحقاف ،15 ، 16}
14) الخوف من الله ، قوله تعالى : } إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ { { سورة يس ،11} قوله تعالى : } إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ { (الملك 12)
15)الجهاد في سبيل الله ، قوله تعالى : } وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { { سورة الأنفال ،74}
16)الصبر ، قوله تعالى : } وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ {10} إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ { { سورة هود 10 ،11}
17)اجتناب الكبائر ، قوله تعالى : } إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا { { سورة النساء ،31}
18)الذكر ، قوله تعالى : } إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا { { سورة الأحزاب ،35}
19)اتـّباع الرّسول ، قوله تعالى : } قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ { { سورة آل عمران ،31 ،32}
20)العفو ، قوله تعالى : } وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { { سورة النور ،22}
21)الإنفاق ، قوله تعالى : } الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ { { سورة الأنفال ،3 ،4}
22)الصّلاة على رسول الله والطـّواف بالبيت ، وقيام الليل وليلة القدر وكظم الغيظ ومصافحة المسلم لأخيه المسلم وقراءة القرآن وأعمال الخير كلها وأعمال البرّ كلـّها .
هذا نداء للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات (وتوبوا إلى الله جمعياً أيـّه المؤمنون لعلكم تفلحون) ، والتـّائب هو الذي عاد إلى الله ورجع وأناب ، والتـّوبة أخي التـّائب يا من جئت إلى ربـّك لا بد أن يُجمع فيها ما يلي:ـ
1) الإقلاع عن الذنب
2) النـّدم على ما فات والحد الأدنى من ذلك وجود أصل النـّدم
3) العلم بقبح الذنب
4) العزم على ألاّ يعود
5) تدارك ما يمكن تداركه من ردّ المظالم ونحو ذلك
6) أنّ تكون خالصة لله عز وجلّ
7) أن تكون قبل الغرغرة ، لما جاء عن أبن عمر رضي الله عنه قال : إنّ الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، كما قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله:

وتقبل التوبة قبل الغرغرة كما أتى في الشّرعة المطهـّرة
8) أن تكون قبل طلوع الشمس من مغربها ، لما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النـّبي صلـّى الله عليه وسلـّم "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه"

أيـّها التائب اعلم أنّ باب التوبة مفتوح للكفـّار والمشركين والمرتدين والمنافقين والظالمين والعصاة والمقصـّرين، فلقد يسّر الله أمرها وفتح أبوابها لمن أرادها ،
فهو الذي يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النـّهار ويبسط يده بالنـّهار ليتوب مسيء الليل .

وهنا سؤال في ومـِنْ أيّ شيء تكون التـّوبة ؟؟

فالتوبة تكون من الذنوب صغيرها وكبيرها، ولقد عقد ابن القيم رحمه الله في كتاب مدارج السّالكين فصلاً قال فيه(فصل في أجناس ما يتاب منه)

ثمّ قال ولا يستحق العبد رحمة التـّائب حتى يتخلـّص منها ، وهي اثنا عشر جنساً مذكورة في كتاب الله عزّ وجل هي أجناس المحرمات الكفر والشـّرك، والنـّفاق والفسوق، والعصيان والإثم والعدوان، والفحشاء والمنكر والبغي والقول على الله بغير علم ، واتـّباع غير سبيل المؤمنين، فهذه الاثنا عشر عليها مدار كل ما حرم الله .

اللهمّ بك تفرّد المتفردون في الخلوات ، ولعظمتك سبـّحت الحيتان في البحار الزاخرات، ولجلال قدسك اصطفـّت الأمواج المتلاطمات، أنت الذي سجد لك سواد الليل وضوء النـّهار، والفلك الدّوّار، والبحر الزّخـّار، والقمر النـّوار، وكلّ شيء عندك بمقدار !!

طوبى لقلوب ملأتها خشيتك ، واستولت عليها محبـّتك، فمحبـّتك مانعة لها من كلّ لذة غير مناجاتك ، والاجتهاد في خدمتك، وخشيتك قاطعة لها عن كل معصية، خوفاً لحلول سخطك !!

يا إخوتاه ابكوا على خوف فوات الآخرة حيث لا رجعة ولا حيلة .


إلهي :
كم لك سواي، وما لي سواك، عبيدك سواي كثير وليس لي سيـّد سواك ، فبفقري إليك وغناك عني ، وبقوتك وضعفي ، وبعزك وذلي ، إلاّ رحمتني وعفوت عني ، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، أسألك مسألة المسكين ، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضـّرير، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عينه، وذلّ لك قلبه، اللهمّ لا تعذب نفساً قد عذبها الخوف منك ولا تخرس لساناً كلّ ما يرويه عنك، ولا تعمي بصراً طالما بكى من مخافتك، ولا تخيب رجاء هو معلـّق بك ، ولا تحرق بالنـّار وجهاً سجد لعظمتك ، ولا تعذب بناناً كتب في طاعتك ولا لساناً دلّ النـّاس على شريعتك !! يا أرحم الراحمين !! يا الله .


إلهي:
لو حاسبتنا على خطرات النـّفوس لحشرتنا مع الأشرار!!
ولو حاسبتنا على تقصيرنا في حقك، لحشرتنا مع أهل النـّار!!
ولو حاسبتنا على نسياننا لآلائك ، لما أمددتنا بجزيل نعمتك!!
ولو حاسبتنا على تبرمنا (أي تسخـّطنا) بقضائك، لما حشرتنا مع المؤمنين!!


ولو حاسبتنا على استبطاء رزقك ، لما كنـّا من المتوكـّلين!!
ولو وكـّلتنا إلى أنفسنا، لكنـّا من الهالكين!!



إلهي:

فعاملنا بما أنت به أهله !!

يا ربـّنا يا سيـّدي وأملي ومؤمـّلي ومن تمّ به عملي أعوذ بك من بدن لا ينصب بين يديك وأعوذ بك من قلب لا يشتاق إليك، وأعوذ بك من دعاء لا يصل إليك ، وأعوذ بك من عين لا تبكي من خشيتك.


وآخر دعوانا أن الحمد لله والصلاة والسّلام على نبيـّنا محمـّد وعلى آله وصحبه وسلـّم.
ملاحظة: هذا الموضوع منقول من مكتبة صيّد الفوائد وعملي فيه كان التـّنقيح والاختصار منه والزيادة عليه بما يسـّر الله لي فأسألكم الدعاء لكاتبه الأصلي وللعبد الفقير بارك الله بكم .
 

M!ND

عضو مخضرم
الحمد لله على السلامة أخي السرداب
والحمدلله الذي عجل فرجك من غيبتك ايها الســرداب
 

ابو الود

عضو ذهبي
وآ حسرتاه على أصحاب لم ينفعوا، وآحسرتاه على أحباب لم يشفعوا!!
يا حسرتاه يوم طالّ السهر!! يا حسرتاه فلم أعدّ زاداً للحفر .

يا حسرتاه على عمر مضى، وزمان ولـّى وانقضى، ولم أتقّ حرّ لظى!!
يا حسرتاه إذا كشف الدّيوان، بخطيئة اللسان وزلات الجنان وقبيح العصيان!!
يا حسرتاه إذا وُضع الكتاب ونشر ما فيه من خطأ وصواب، وعرض الشـّباب!!
يا حسرتاه على صلاة أضعتها!! يا حسرتاه على زكاة منعتها!!
يا حسرتاه على أيام أفطرتها !! يا حسرتاه على أوقات أهدرتها!!
يا حسرتاه على ذنوب أرتكبتها !! يا حسرتاه على فواحش اقترفتها!!
يا حسرتاه يوم لم يلهج لساني بذكرك ، يا حسرتاه يوم لم تقم جوارحي بشكرك!!
يا حسرتاه يوم يفوز الصالحون بالدّرجات !! يا حسرتاه يوم يهوي الظالمون في الدّركات!!

عودة موفقة ياليث واهلا بك بيننا
 
أعلى