===============================================
تمهيد عن علم الفلك وكيفية إستخدامه لنفع الإنسان على الأرض
==============================================
السلام عليكم..
في هذا الجزء سوف نتعرض لبعض الأمور والمعلومات الهامة حول شكل الأرض وكيفية السفر أو الملاحة عليها , وكيفية استخدام النجم أو الكوكبة لمعرفة المواقع بطريقة مبسطة إن شاء الله بحيث لا يختل المعنى العام ولا نفقد كذلك بعض الفوائد من التعرف على طبيعة الأرض وكيفية استخدام النعمة الإلهية التي امتن الله بها على الناس من تزيين السماء بالنجوم والكواكب والمجموعات.
معرفة الإتجاهات على الأرض
كيف يمكن من معرفة الإتجاهات على الأرض لاسيما وهي على شكل كرة ؟ إن الإنسان يحتاج في الأرض لمعرفة الإتجاهات حتى يمكنه من السفر والخروج في الأماكن المفتحة وهو على خطوط سير معينة حتى يتمكن من الوصول إلى بغيته , ولهذا فإننا كبشر نحتاج إلى وجود أماكن ثابتة لا تتغير بتغير الليل ولا النهار ولا بدوران الأرض حول نفسها أو في مدارها , بحيث يمكننا في كل الأحوال من الإهتداء إلى هذه الأماكن الثابتة , ويمكن أن نصفها بالشمال والجنوب والشرق والغرب.
فإذا أمكن الإنسان أن يعرف مكانين من هذه الأماكن أمكن بسهولة تحديد خط سيره المطلوب , فشروق وغروب الشمس أعطانا جهتين ولكن من وقف في وقت ما من النهار بغير أن يعرف أين كان موضوع الشروق لم يمكنه أن يحدد أين يكون الغروب لعدم علمه بإتجاه آخر ثابت مثل إتجاه الشمال أو الجنوب , وقد يأخذ هذا على نحو من الحفظ للمكان الذي ينزل به ولكن أهل السفر لابد وأن تكون لهم علامات ثابتة يهتدون من خلالها إلى إتجاهاتهم لاسميا أثناء الليل...
المغناطيسية الأرضية
ومن هنا تبرز أهمية المغناطيسية الأرضية , ويمكن نتلمس أحد أكبر نعمة الله تعالى على الإنسان , فإن الله سبحانه بنعتمه وقدرته قد خلق لنا في الأرض " مغناطيس كبير " إذا جاز التعبير - له قطب شمالي وجنوبي , وهذا المغناطيس هو مجموع لعوامل كثيرة على الأرض وله حقل مغناطيسي , وكأنه مغناطيس كبير مدفون في الأرض وقطبه الجنوبي في الشمال وقطبه الشمال في الجنوب , فإذا وضعت ابرة حرة على سائل أو على محور فإن قطبها الشمالي يشير نحو القطب الجنوبي لهذا المغناطيس الكبير وهو ما يعرف بالشمال المغناطيسي وهو قريب جدا من الشمال الحقيقي على الأرض كما سوف نوضح لاحقا إن شاء الله , وهذا المغناطيس الكبير لا يتطابق مع محور دوران الأرض حول نفسها وإنما يوجد إختلاف بسيط وهو ما يعرف بالإنحراف المغناطيسي , ولأن المجال المغناطيسي هذا خفيف التأثير على سطح الأرض فلابد أن تكون هذه الإبرة خفيفة جدا وعلى سطح أملس وإلا فلن تتحرك , وهذا ما عرف بعد ذلك في صناعة البوصلة سواء كانت الجافة أو ذات السوائل التي يمكن من خلالها أن تشير الإبرة الحرة الصغيرة إلى إتجاه الشمال المغناطيسي.
فالإبرة تتأثر بمجال المغناطسيسة الأرضية فتشير إلى إتجاه الشمال والجنوب المغناطيسي ,ومن ثم يمكن وضع الإتجاهات الأربعة فيتمكن الإنسان من تحديد وجهته وخط سيره على سطرح الكرة الأرضية وأن ينطلق فيها بغير أن يكون سيره فيها محدودا بعلامات معينة من جبال أو هضاب أو غير ذلك لتحديد مكانه أو اتجاهه , فبعدما كانوا يسافرون قديما باعتماد العلامات الأرضية المميزة أصبح في مقدور الإنسان أن ينطلق بالسفر برا وبحرا بغير أن يقلق من كيفية معرفته لإتجاهه الحقيقي أثناء سفره , ثم بعد ذلك تم إكتشاف الجايروسكوب وهو ما لا يتأثر بالمجال المغناطيسي ويشير إلى الشمال الحقيقي والذي تم ربطه بعد ذلك بأجهزة تحديد المواقع وتطورت المسائل بفضل الله ونعمته على الإنسان.
استخدام النجوم لمعرفة الإتجاه ( النجم القطبي )
خلق الله سبحانه نجم قطبي يقع مباشرة - تقريبا - فوق قطب الأرض , فنجم الشمال يقع تقريبا فوق قطب الأرض الشمالي , والنجم الجنوب يقع كذلك تقريبا فوق قطب الأرض الجنوبي , وهذا يساعد الإنسان على معرفة اتجاهه وموقعه بطرق معينة , والذي يعنينا هو مسألة نجم الشمال الشهير بخلاف نجم الجنوب , وهذا النجم قد خلقه الله سبحانه ووضعه على محور دوارن الأرض ولهذا فإن الناظر إليه يعتقد بثباته في السماء.
ويمكن الإهتداء إليه بطريقة سهلة ليلا عن طريق رؤية النجوم التي على شكل "مغرفة" وكأنها علامة استفهام , ثم مد خط وهمي يساوي تقريبا أربعة إلى خمسة أمثال المسافة الموجودة بين آخر نجمين فتهتدي إلى نجم الشمال الذي يشير إلى الشمال الحقيقي على الأرض , وهو اتجاه الشمال الذي يحدد الدوران على الأرض , فبمعرفته النجم القطبي أو نجم الشمال يمكن من تحديد إتجاه الشمال في ظلمات البرو البحر.
لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر
يقول سبحانه كما في سورة الأنعام {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 97] , ويقول سبحانه {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16] ,وأنت ترى في التمهيد السابق كيف أن الله سبحانه خلق خلقا معينا ليسهل على الإنسان حياته على الأرض , فوضع له نجوما وكواكب في السماء ليستخدمها في معرفة مكانه على سطح الأرض بواسطة علم الفلك , وخلق له مغناطيسية أرضية ليهتدي بها إلى الشمال وكذلك نجوما على محور دوران الأرض المائل ليأخذ منها موقعا أو اتجاها , وبهذا نكون قد وضعنا أيدينا على فائدة من فوائد علم الفلك والنجوم والكواكب الكبيرة ...
فنجم الشمال يقع بين مجموعتين نجميتين تعرفان بمجموعة الدب الأكبر ومجموعة الدب الأصغر , ويمكن الوصول إليه عن طريقة مجموعة ذات الحزام وهي التي تشبه حرف W في السماء كما هو واضح من الصورة , ويمكن من أخذ الجزء الواضح منها على شكل V ثم رسم خط وهمي منها , فيتقاطع مع الخط الأول الوهمي في نجم لامع وهو نجم الشمال.
فالنجوم والكواكب التي خلقها الله سبحانه بنظام دقيق في السماء وعلى أبعاد شاسعة جدا , وبأحكام كبيرة جدا لها فوائد كثيرة عديدة , منها ما تم التعرض له في هذه المشاركة من تأسيس علم لفهمها ودراستها والإعتماد عليها بعد الله سبحانه في معرفة المواقع والإتجاهات على سطح الكرة الأرضية , والتي كان يلزم من ذلك أن يقسم العلماء الأرض إلى كرة وكذلك السماء إلى كرة ليمكن الإنتفاع من العلم السابق وهذا ما سوف نتعرض له في المشاركة القادمة إن شاء الله تعالى.
يتبع إن شاء الله
.