في الانسان وحش اسمه : الاحتياج والشهوات ...
=-=-=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=--=-=-
اليوم ماصار لي خلق اكتب عن الموت ، وساعاود الحديث عن الموت قريبا جدا ، وساتحدث اليوم عن الانسان والشهوات ، وحبي الاول والاخير هو فهم الانسان كماااهو وليس كما ينبغي ان يكون ، لذلك فلست اعد نفسي مصلحا ولااستطيع ان اكون ، ولااحب ان اكتب عن الاخلاق والمثاليات التي لايسير عليها الانسان في حياته اليوميه العاديه ، وعن ماينبغي ان يكون عليه الانسان ، فهناك ملايين المصادر التي تتحدث عن هذه المواضيع ، واليوم نتحدث عن جانب مهم من جوانب الانسان لنفهمه كما هو .
لايملك الانسان الا ان يشعر بالاحتياج لشئ ما ، ايا كان هذا الشئ ، وهذه معضله حقيقيه لافكاك منها ابدا ولاخلاص ، فالانسان يشعر بالاحتياج ولايستطيع مهمااااا فعل الايشعر بالاحتياج .
والشعور بالاحتياج فينا فينا ، مهما اشبعناه ، فلاخلاص منه ، فهو فينا فينا ، مهما لبينا نداؤه .
ومهما قال الانسان انه لايحتاج ، ومهما كرر هذا القول ملايين المرات وعدد من السنوات ، ومهما اعلي صوته ورفعه بانه لايحتاج ، فانه لايستطيع الا ان يحتاج . ومهما تصرف الانسان باعتباره لايحتاج بافعاله ، فانه يتصرف ، نعم ، لكن هذا لايعني انه بداخله قد صار فعلا ، كائنا بشريا لايحتاج .
من الممكن للانسان ان يتصرف بسلوكياته بحيث انه لاينقاد لشهواته ، ويمكن للانسان ان يتحدث عشرات السنين بلسانه انه لايشتهي ولايحتاج ، الا انه مجرد كلام ، اذ ان الشهوات تعمل بداخله بكل طاقاتها ، وعدم تلبية نداءتها الملحاحه لايسكتها ولايضعفها ابدا ، بل يزيدها قوة وقسوة وشراسة وافتراسا .
والشهوات هي من القوه والشراسه انها تعبر عن نفسها بشتي الصور ، مهما اسكتناها وتجاهلناها ، وتصرفنا بخلافها ، فما الامراض النفسيه والعصبيه والجسمانيه والجرائم والافعال الشاذه وغيرها ، الا تعبيرات في حقيقة عمقها عن الشهوات الانسانيه التي لن يتم اشباعها .
فان لم تجد الشهوه حقها في الاشباع بالطرق الطبيعيه المشروعه ، لجات للطرق الغير مشروعه ، وان سدّت بوجه حقها في الاشباع بالطرق المشروعه والغير مشروعه ، لجات الي التسبب في الامراض النفسيه والجسمانيه والعصبيه والاضطرابات النفسيه الحاده والانطواء والانزواء والانعزال وكراهية النفس واشمئزاز المحروم من نفسه ومن الدنيا والمجتمع ، كما ان الحرمان يؤدي الي الاصابه بالعقد النفسيه .
واسوا مايمكن ان يشعر الانسان بالاحتياج له هو ان ينال شيئا من مدح الاخرين واعجابهم به ، وهي غريزه بشريه ، او ان يسعي لتجنب ذم الاخرين ونقدهم وتعييبهم عليه .
عندما تري الانسان نائما ، فانه نام لان النوم احتياج طاغي لدي الانسان ، لايستطيع ان يتخلص منه ابدا ، فالنوم شهوه وشهوه لذيذه لاتقاوم .
وعندما تري شخصاما يمارس تسلية ، او عملا ضارا او تافها ، فاعلم ان الشعور بالاحتياج للتسليه ، و " النحشه " من الشعور بالضيق هو احتياج بشري ، وهو من اسوا الاحتياجات ان لم نفهمه تماما ونعيه ، اذ انه قد يقودنا الي مايضرنا ولاينفعنا او قد يقودنا الي كل ماهو تافه ، لمجرد الحصول علي " شوية " متعه وارتياح .
وان رايت انسانا ، رجلا او امره ، والغالب الحريم هم اكثر من يقوم بهذه المهمه ، يفرفر بهالاسواق لاشغل ولامشغله ، ويشتري بمنتهي النهم والشهوه المتلظيه اشياءا ماديه ، لايحتااااااجها لامن بعيد ولامن قريب ، فاعلم انه يتحرك بايعاز عنيف لاسبيل له لمقاومته ، من شهوة النفس الانسانيه للاستحواذ علي الماديات ، فالنفس الانسانيه تعشق عشقا لاحدود له ولايقف عند حد ،للاستحواذ والتملك للاشياء الماديه ، حتي لوكانت قواري جاي او اقلاصات او جدور او ادلاغ مطاطي اوقلم رصاص او قلم ازرق ناشف .المهم ان تستحوذ نفس الانسان علي شئ مادي ، ايا كان هذا الشئ ، علشان تستانس شوي ، وهي وناسه مؤقته اذ سرعان ماتزول .
وليس شرطا ابدا ان يسعي الانسان للاستحواذ او التملك لشئ مادي ، لانه يحتاجه فعلا او لان له فيه منفعه ، انما هو تلبية ، مجرد تلبيه ، لشهوة الاستحواذ بحد ذاتها ، لااكثر ولااقل ، الا ان الانسان قد يسعي للاستحواذ علي ماهو مادي لان شخصا اخرا قد حصل عليه وتملكه ، وعندما يري الانسان " اخيه " الانسان ، قد استحوذ علي شيئا ماديا شعر بالقلق والاضطراب والتوتر والانزعاج والغيره والحسره ، والاندفاع لشراء مالايحتاجه ابدا ، انما للشراء لان شخصا اخر ، قد يهمه امره وقد لايكون ، قد اشتراه !!!!!!!!!!.
وعندما يسعي الانسان للحصول علي ماحصل عليه اخيه الانسان فانه يجد في هذه الشهوه الملتهبه المتوقده المتحركه ، دافعا له للحركه ، فالانسان قد يشتهي شيئا فقط لمجرد ان شخصا اخرا قد حصل عليه ، وليس لانه يريده فعلا او بسبب منفعه او حاجه فعليه .
شعور الانسان بالاحتياج لايقف عند حد ، ولايمكن اشباعه او اسكاته ، باية وسيله ، فان حرم نفسه فانه سيشعر بالاحتياج اكثر واكثر ، وان اشبع شهوته ، جاع الي اشباعها مرة اخري .
ان الانسان يركض ويركض ويركض ، وراء هدف او حاجه ، فان اشبعه ووصل اليه وحصل عليه ، احتاج او ابتكر او خطر له هدف او حاجه اخري .
فالشهوه ، حيه ، نابضه ، متحركه ، متململه ، لاتهدا ولاتسكن ولاتسكت ، ولايمكن لها ان تسكت ، واذا (( منتم مصدقيني )) ، اسالوا الناس اللي تفرفر بهالاسواق وتشتري مالاتحتاجه .
الواقع ان الانسان يشتهي وهو لايدري انه يشتهي ، ويسعي بمنتهي الالحاح والقوه لاشباع شهواته وهو لايدري بهذا ، انه مسير لاسباب داخليه عنيفه ، فالشهوه هي القائد الحقيقي والخفي للانسان ، ومهما انكر الانسان هذه الحقيقه فلن يغير هذا من الامر شيئا ، فالشهوه تثيره وتدفعه للتحرك لاشباعها دون ان يدري .
كل مايستطيع ان يفعله الانسان تجاه هذا الانقياد الرهيب وراء الشهوات هو البحث عن تبريرات منطقيه ، يقبلها هو دون غيره ، غالبا ، لهذا التحرك اللاشعوري وراء الشهوات .
انك ان وجدت شخصا ما ، يفرفر بهالاسواق ويشتري مالايحتاجه ، وصرخت باذنه منبها اياه انك تشتري مالاتحتاجه ، لاخرج لك مليون مبرر ومبرر ، لانه اصلا يشتهي وهو لايدري انه يشتهي ، ويسعي وراء الشهوه واشباعها وهو لايدري بذلك ابدا ابدا ابدا .
وستذهب كل تنبيهاتك له ادراج الرياح او كصرخة في واد او نفخة في رماد .
هناك ظاهره طبيعيه معروفه وهي ظاهرة " السراب " والغريب العجيب في امر السراب ، هو انه رغم ان الانسان يدركه بحاسة البصر الا انه لاوجود حقيقي عيني له ، والانسان مهما بذل من الجهد لملامسة هذا السراب فانه يستحيل عليه ذلك ، وكذلك الماديات ، والاشباع المادي من اجل اسكات شهوة الاستحواذ المادي لدي الانسان ، فرغم وجود الاشياء الماديه ، فعلا ، الا ان الانسان ان هو حصل عليها مهما حصل ، وانه اقتني منها مهما اقتني ، فهو اقتناء لاطائل من ورائه ، بمعني انه لن يتمكن من اشباع الشعور بالاحتياج ،زلن يكتفي بكل ماحصل عليه واستحوذ عليه ، فهو في حالة جوع مادي يستحيل اسكاته ، الا ،،،،،، اللهم بالموت .
ان من صميم طبيعة الانسان انه في حالة بحث دائم ، لايهدا ولافتر ، عن كل مايبعث في نفسه الاثاره والشحن النفسي ، لينعشه ويثير فيه الهيجان ، ويبعد عنه الشعور بالملل والضجر والفتور ، وهي مشاعر رئيسيه في الانسان ، لاتطاق ولاقبل للانسان بتحملها ابدا ، فهو يهرب منها الي أي مهرب يجده امامه .
ولكن المثير يصبح مع التكرار مملا ، فتجده يبحث عن شئ اخر يبعث الاثاره والشحن النفسي في نفسه التي كدها واتعبها الملل والفتور والضجر ، انه الانسان ، لغز الوجود الدائم .
قد يتوق الانسان ويشتاق وتحرقه اللهفه لاقتناء شئ ما ، او القيام بعمل ما ، الا انه ومع حصوله علي ماتحرق لاجله وتشوق اليه ، فانه يصبح باردا ثلجيا جامدا ، فتجده يبدع ويبتكر ويطور اشياء اخري ، تعطيه مشاعر اثاره وهيجان نفسي ووناسه ، الا ان هذه بدورها تصبح ممله ثقليه فاتره ، فيبحث عن مثير اخر وهكذا الي مالانهايه ،،،،،،.
فالملل والضجر والفتور هم الاباء الشرعيين لكل جديد وتطور وابداع .
نلاحظ ان الانسان يتطور في العالم الخارجي والمادي بصروه لامحدوده ، ولاتتوقف عند حد ، بدافع من شعوره المفترس بالاحتياج ، الا ان الانسان يبقي هو هو علي ماهو عليه ، وحش جائع مفترس لايشبع ، فالعالم المادي الخارجي يتطور والعالم الداخلي للانسان هو هو علي ماهو عليه من ملايين السنين ، فالانسان هو الانسان في كل مكان وزمان .
وهكذا فان التطور دائما وابدا يتم في العالم الخارجي والمادي ، مع الابقاء علي طبيعة الانسان هي هي كما هي ، لاتتغير ابدا ، لابمرور الزمان ولابتغير المكان .
ولم يكن الانسان يقنع او سيقنع بالحصول والاكتفاء بالاكل والشرب وحفنه من المال ، انما هو يسعي وراء مايعطيه شعورا بالفخر والزهو والتميز عن الاخرين ، ويسعي للحصول علي مايجلب له مدح الاخرين وثنائهم ونظرتهم له باحترام . فقد يسعي الانسان للحصول علي شئ مادي ، ليس لان هذا الشئ ذي قيمه لها بال او لانه يحتاجه فعلا ، بل لان هذا الشئ يجلب له اعجاب لاخرين ويمنحه مشاعر الفخر والزهو والكشخه والتميز ويجعل الاخرين يشيرون له بالبنان ، أي بالاصبع .
فماللذي يدفع الحريم والرجال الحلوين لشراء الساعات والشنط والاكسسوارات الغاليه المكلفه ، الا ، لاجل لفت نظر الاخرين ونيل اعجابهم والشعور بالفخر والزهو ، وهي طبيعه بشريه يصعب التخلص منها بسهوله .
ان الهم والغم يتلبس الانسان ان هو فكر فيما لايمتلكه وليس عنده ، فما عند الانسان ومايمتلكه فانه يشعر تجاهه بالبرود والجمود ، وماعند الانسان لاقيمة له ولايثير فيه المشاعر والاحاسيس الحاره الساخنه الملتهبه ، كذلك يشعر الانسان بالهم وتتوقدشهوة التملك ان هو راي مايمتلكه غيره ومايفتقر هو اليه .
يلتهب الانسان ويستعر ويشتعل تجاه كل ماليس عنده ، ويشعر بالبرود والفتور تجاه ماعنده .
وليس هناك من يمتلك القدره علي ان يوقف جماح هذا الوحش المفترس بداخل الانسان ، وهو وحش الشهوه ، فهو وحش كاسر جائع لايشبع ولايسكن ولايسكت ، هو وحش متحرك ، نهم ، لايمتلئ ،ابدا لايمتلئ ، ولايكتفي .
الموت ، الموت هو الوحيد القادر علي اسكات هذا الوحش ، فالموت هو الاخر حاجه ماسه لاغني للانسان عنها ابدا ، فاذا كان الانسان يسعي بكل حراره للحصول علي مالايحتاجه ومايحتاجه ، الا انه يهرب من الحصول علي اغلي حاجه من حاجات الحياة وهي الموت ، وسبب هرب الانسان من الموت ، هو ان الموت هو العدو اللدود للشهوه ، فالشهوه تخاف من الموت خوفا شنيعا لاحدودله ، لالسبب ، الا لانه هو الوحيد في هذا الكون القادر علي اسكاتها .
اللبن الجامد
outsider