اعجاز القرآن الكريم عند الامام بن حزم

بوجسوم

عضو ذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله
اما بعد

الأستاذ ابن حزم المصري:
اختلف العلماء في اوجه الاعجاز القراني على اقوال فمنهم من قال بالاعجاز البياني ومنهم من قال بالاعجاز العلمي ومهم من قال باعجازه بذكر المغيبات ومنهم من قال بالصرفة , وقبل الاسترسال في الحديث نذكر قول الامام القرطبي في التفريق بين معنيين للصرفة ذكرهم في كتابه الاحكام في الجزء الاول منه في صفحتي 75و76 حيث قال (واختلف من قال بهذه الصرفة على قولين : احدهم انهم صرفوا عن القدرة عليه, ولو تعرضو له لعجزوا عنه , والثاني انهم صرفوا عنه مع كونه في مقدورهم وان تعرضو له لجاز ان يقدروا عليه) .وهذا التفريق المهم لم اره الا للامام القرطبي رحمه الله وهو مفيد جداَ وكان من واجب الدارسين لهذه المسألة عدم اغفاله ,اذ في اغفاله ضلمٌ لمن يقول بالصرفة بالمعنى الاول الذي ذكره القرطبي ,وهو معنى لو تذبره القارى بحكمة وروية لما اعترض عليه, فالقائل بهذا المعني يرى ان القدرة على المجي بمثل القران معدومة لذا هؤلا وكل ذلك بامر الله وارادته, فكما ان القران كلام الله كذلك الثوراة والانجيل كلام الله ولك الكتب السماوية من الله سبحانه وتعالى لكنه سبحانه اوكل امر تلك الكتب لاهلها فضيعوها وحرفوها مع انها كلامه المقدس ,لكنه سبحانه لم يحل بينهم وبين تحريفها لامرٍ اراده الله .والله سبحانه لايسئل عما يفعل.لذا فالقائلين بهذا الوجه يرون ان منعه سبحانه وتعالى الكفار على المجئ بمثله نوع من التحدي والاعجاز , وهم بهذا القول لم يمنعوا من ان له اعجاز بلاغي ولم يمنعوا كذلك الانواع الاخرى من الاعجاز. فالصبهاني مثلاَ في كتابه الاثقان باعجاز القران من جهة النظم والصرفة, والزركشي في البرهان يقول ان اهل التحقيق على ان الاعجاز وقع بجميع الوجوه والاقوال المذكورة لا بكل واحد منها ويتضح مما سبق ان من العلماء من جمع كل ما قيل وقال ان القران معجز من كل الوجوه.
هذا وقد حمل كثير من العلماء على من قال بالصرفة غير مميزين للمعنيين الذان ذكرهما الامام القرطبي, وبذلك حكموا على كل من قال بالصرفة حكماَ واحداَ وهذا غير منطقي ولا هو بالمقبول لذا عاقل يحترم عقله.
ولما راى من لا يرضى بالامام بن حزم قوله في رسائله ما نصه( ان نظم القران فأن منزله تعالى منع القدرة على مثله وحال بين البلغاء وبين المجى بمثله) شنعوا عليه غاية التشنيع ونفسوا على بغضهم للامام الجليل جاهلين او متجاهلين قوله في الفصل موافقاَ لاهل الاسلام( ان نظم القران وما فيه من الغيوب كلها معجز وهو الحق الذي من ما خالفه فهو ظلال.) الفصل 3/11وقوله في الاحكام خ6 ص13 ( وقد وجدنا الله تعالى يأتي في القران وهو المعجز نظمه..).
فالامام بن حزم وان قال بالصرفة فمقصوده القول الاول من قولي القرطبي رحمه الله في الصرفة, وهذا الموافق لقوله بالعجاز البلاغي.ومن ذلك نرى ان الامام بن حزم لم يخالف علماء الاسلام في القول بالاعجاز القراني اما رد الامام بن حزم على من يقولون انه معجز لانه في اعلى درجات البلاغة فانما يقد كما هو ظاهر من كلامه عدان القران ليس من جنس كلام البشر فلا يجوز قياسه كلى كلام البشر بحال من الاحوالوهذا لا يعقل ان يخالف فيه مسلم , لانهم ان كان قصدهم اعلى ذرجات البلاغة لذيهم فقولهم باطل سلفاَ للفرق البين بين كلام الله وكلام خلقه, فابن حزم وضع المسألة في مكانها الصحيح ولم ينفي البلاغة عن القران لكن من قارنو كلام الله بكلام عباده هم المخطئون وعلى كل حال المؤمن حسن الظن باخوانه وعلى حد قول من احد الفضلاء مما لا يحضرني اسمه الان ( ولا تضنن بكلمة تخرج من فم امرءٍ مسلم شراَ وانت تجد لها من الخير محملا). هذا ما اقدرنا الله عليه فان كان فيه خطأ نرجوا من الله المغفرة وان وفقنا للصواب فالحمد والشكر لله وحده.


من هو الذي شنع على الامام في هذا القول؟

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله
اما بعد
الدين شنعوا على الامام هم من لم يفهم قصده ويحسن الاطلاع على كتبه , اما لانه لم يتمكن من الحصول عليها , او لاعتماده عالى قول غيره دون تحقيق ومراجعة لاقوال الامام, فمن خطأ الامام من السابقين قد يكمن عدره مقبول لعدم اطلاعه لان الكتاب كان في تلك الايام عزيز المنال. لكن من خطأ الامام حين توفر الكتاب وسهولة الحصول عليه خاصة في زماننا هذا فلا نرى له عذر .والمنهج العلمي يقتضي التثبت قبل الحكم .


هل بالإمكان تبيان استطاعة الكفار الاتيان بمثل القرآن وجواز القدرة على دلك وان سبب عدم مبادرتهم هو انهم صرفوا عنه,ما دام هدا الاختيار ممكن عندك؟

جواب الاستاذ ابن تميم الظاهري:
وللإمام تفصيل جيد متقن لهذه المسألة يأباه البعض ممن يفتح كتاب الفصل لينتقي العبارات التي يرى أنها مخالفة للتشنيع على الإمام وهذا ظلم يوجب الاستخفاف بمن فعل ذلك ..

وقد سأل الأخ الكريم هذا السؤال ..
( هل يمكنك تبيان استطاعة الكفار الاتيان بمثل القرآن وجواز القدرة على دلك وان سبب عدم مبادرتهم هو انهم صرفوا عنه,ما دام هدا الاختيار ممكن عندك ) ..

والسؤال موجه للأخ ( ابن حزم المصري ) ولكني سأجيب عليه بعد إذنه ..

أقول وبالله تعالى التوفيق ..
إذا كان السؤال يراد به جواب الإمام بحسب مذهبه فهاك جوابه ..

أن هذا السؤال خطأ، وهو سؤال لا يلزمنا بحسب ما نرى في مسألة إعجاز القرآن، ولكن نصححه وفق ما نراه الحق، فنقول:

القرآن كلام الله تعالى، وأن القرآن هو معجزة، وأن كلام الله تعالى ليس على نسق كلام المخلوقين ألبتة.
وأن الألفاظ الواردة في القرآن ككلمة ( سماء ، ماء ، أرض ) كلها كلمات لا إعجاز فيها في لغتنا، وإنما صارت من الإعجاز لأن الله تعالى تكلم بها، وصيرها معجزة.

وأن إعجاز القرآن إعجاز نظم، وإعجاز بإخبار ما فيه من الغيوب، وأن نظمه ليس على نسق بلاغة العرب ألبتة، وقد صح عن أنيس الغفاري وهو اخو أبو ذر، وقيل ابن أخيه، وكذلك ضماد الأزدي وهما فحول في اللغة وأنيس كما هو معلوم شاعر مخضرم، قالا: وضعنا كلام النبي صلى الله عليه وسلم على لسان الكهنة فلم نجده، وعلى لسان الشعراء فلم نجده.

فمعجزة النبي صلى الله عليه وسلم هذا القرآن، وأن بلاغته ليس كبلاغة العرب، ولو كانت كذلك لما كانت معجزة، وهذا باطل.

ولو كانت العرب تعرف هذا النظم بهذه الكيفية لما تعجب منه فحول اللغة، فصح أن القرآن ونظمه ليس على بلاغة الناس أصلاً، وإنما هي بلاغة لم يألفوها من قبل، وقوة لن يصلوا إليها ألبتة.

وأن العرب أحيل بينهم وبين القدرة على مثله، والإحالة هذه كما قلنا لأن القرآن ليس على نسق ما يعرفه العرب من بلاغة.
فهم لا يقدرون على مثله، وليس بمقدورهم أصلاً أن يأتي بمثله وإن اجتمعوا.

وأن من قال بالصرفة وهم النظام والمعتزلة قالوا بأن العرب يقدرون على الإتيان بمثله، لكن الله صرفهم عن ذلك، وهذا ليس قولنا، بل نقول أن قولهم باطل، فالعرب لا تقدر على مثله أصلاً.

فمن رمانا بمذهب المعتزلة فقد أخطأ النظر، وظلم وشغب للتشنيع فقط.

فالكفار وغيرهم لا يقدرون أصلاً على أن يأتوا بمثله؛ لأن الله حال بينهم وبين ذلك بمعنى أنهم لا توجد عندهم هذه المقدرة، ومبنى ذلك: أن المعجزات وهي إحالات الأشياء لا تكون إلا للأنبياء، ولا تكون إلا من الله تعالى، والقرآن معجز بذاته من نظم من حرف واحد منه إلى سوره كلها، ولو كان على نسق بلاغة العرب لعرفوا معنى الحروف المقطعة في أوائل السور أو اعتادوا عليها في لغتهم، ولم نجد هذا أصلاً عن أحد من العرب، ومن ادعاه فقد كذب.

والله تعالى الموفق.

هكذا سيكون جواب الإمام رحمه الله تقريباً بحسب مذهبه في كل ما حكيته عنه ..
فمن زعم أن الإمام ابن حزم موافق للنظام بالقول بالصرفة فقد أخطأ أو كذب ..
ورأيت خطأ محقق كتاب الدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم ونسبته إلى المعتزلة في هذه المسألة وهو خطأ منه وتهجم على المسألة دون تحقيق قول الإمام الذي ذكره في مواضع: مسألة إعجاز القرآن، والكلام على اليهود ومن قال بالثليث، وغيرها من مواضع فلتراجع.

ومذهبه عندي على ملف وورد كتبته لأجل تقديم رسالتي للماجستير في مذهب ابن حزم في النسخ، وسأبحث عنه في الجهاز وأطرحه هنا بترتيب وتفصيل وعزو ليتضح مذهب الإمام رحمه الله ويرى المحقق براءة هذا النحرير من قول المعتزلة الباطل.

والحمد لله رب العالمين.


الأستاذ ابن حزم المصري:
واشكرك جزيل الشكر على ردك القيم مع انني لم ادعي ان الكفار قادرون على الاتيان بمثل القران كما فهم الاخ الفاضل و الذي قلناه هو انهم صرفوا على ذلك ولو فعلوا ما استطاعوا لذلك سبيلا فليراجع ما قلناه مفصلا في كلامنا لسابق .
وغرضنا مما ذكرناه بيان قول الامام الجليل ابن حزم رحمه الله واجزل ثوابه , وبيان خطأ منتقديه , وقد تعرض رحمه الله الى الكثير من الانتقادات الضالمه نتيجة التسرع من البعض وسوء الضن والحسد من البعض الاخرو والمتتبع للنقود التي في حق الامام الجليل يرى صحة قولنا, وفي النية ان اعان الله الرد على كل منتقدي الامام وبيان خطاهم فيما اخطاوا فيه وهو كثير , وذلك لان الكثير من المعاصرين يرددون ما قيل عن الامام الجليل ذون ان يكلفوا انفسهم عناء البحث مما يوقعهم في التقليد المدموم الذي يزري بصاحبه , خاصة وان الكثير من المعاصرين قلدوا جماعة من الكبار من العلماء السابقين كابن تيمية وابن القيم وغيرهما فقولوا الامام ما لم يقل وخرجوا من اقواله بافهامهم ما لم يقصده بل وربما صرح بخلافه , نرد السهام على الامام الجليل دون ضلم لناقديه كل ذلك طلبا لرضى الله سبحانه وتعالى
ارجوا الدعاء لنا بضهر الغيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابن حزم المصري
 
التعديل الأخير:
أعلى