في رسالة لسمو الرئيس : أما آن لك بعد كل هذه الشرور ان تُغيّر عتبة بابك؟!

وطن

عضو فعال
في مقالته "اسمح لي سمو رئيس مجلس الوزراء!!" الياسين : أما آن لك بعد كل هذه الشرور ان تُغيّر عتبة بابك؟!


كتب :الشيخ الدكتور جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين:


ماءُ مَطْبَخُكَ خريج –مالح- فَغَيِّره من أجل الكويت


أهل الخير جميعهم مطلبهم واحد –الأمن والاستقرار-


فلا تُقر العيون في مضاجعها، ولا تهدأ القلوب في جوانحها، ولا تأمن الجماعات في أسرابها إلا بهما!!


الاستقرار أصل عظيم من أصول النماء والرخاء والازدهار وهو أحد المظاهر الكبرى التي تنبئ عن الأمن والأمان اللذين هما أهم أسس الحياة الطيبة والعيش والكريم


أهل الكويت جميعهم على علم ودراية بأن صاحب السمو حفظه الله وأعانه يحمل تبعة ثقيلة ومسؤولية عظيمة


ثقتنا في صاحب السمو أنه حريص على شعبه وأمته وسائر على خطى آبائه وأجداده من هذه العائلة الكريمة الحريصة دائمًا على وحدة صف شعبها


ولقد اعتدنا على رؤية الأمور تشتد وتتأزم، ولكنها سرعان ما تهدأ ويرجع الوفاق والوئام ولعل هذا هو سر الخلطة الكويتية


نحقق الأمن والأمان لأنفسنا ولأولادنا ولمجتمعاتنا.بقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا}


إن كان يحدث ما يشوش الموقف الوفي المخلص لأهل الكويت لحكامهم في بعض الأحيان، فانما هو عارض، والعارض لا حكم له، وسرعان ما يلتئم الأمر ويندمل الجرح، ويعود الحب والوداد والاخلاص للكويت وأهلها


إن أدواتنا الدستورية ونظام الحكم عندنا يُعطينا سعة أن نفعل الكثير في داخل قُبة البرلمان، ومن خلال المواد الدستورية، فلا تدخروا وسعًا في استخدام كل الأدوات لتحقيق العدل والحرية في بلدكم


عفوًا سمو رئيس مجلس الوزراء!! قال سيدنا ابراهيم عليه السلام لابنه: «غيّر عتبة بابك»، والمحبُّون لك من أهل الكويت يقولون: أما أن لك بعد كل هذه الشرور ان تُغيّر عتبة بابك؟؟!!






(1) مجتمع آمن يسعد به الجميع
نريد مجتمعًا مستقرًا لنا ولأولادنا من بعدنا، فالاستقرار أصل عظيم من أصول النماء والرخاء والازدهار في كل نفس وفي كل بيت وفي كل مجتمع، يسعى لتحقيقه والحفاظ عليه كل الناس من كل جنس وعرق ولون.


فالاستقرار أحد المظاهر الكبرى التي تنبئ عن الأمن والأمان اللذين هما أهم أسس الحياة الطيبة والعيش والكريم.


والأمن والأمان يدل على وجودهما وتحققهما مؤشرات عامة منها «الأمن والأمان» فمثلاً: ربما يجلس شخصان على مقعد واحد، لا يفصل بينهما شيء، لكن كل واحد منهما يُكِنُّ ويستر في داخله سيلاً عرمرمًا من الحسد والمكر والخديعة، فهنا لا أمن ولا أمان، لأنه لا استقرار عند كل منهما.


وقد حرص الاسلام على ان يحقق الاستقرار والسكينة للفرد والمجتمع من كل النواحي والجهات، فلم يقتصر على جانب دون آخر، ولا على مسألة دون أخرى.


وبهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا»(1).
وهنا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم جميع أنواع الأمن، الأمن النفسي والاجتماعي والصحي والاقتصادي وجعل ذلك سببًا لأن يشعر المواطن بأنه يملك الدنيا بحذافيرها.


وهذا هو الواقع العملي أيضًا فان أي مجتمع يريد ان ينعم بالرخاء والازدهار في هذه الحياة، فلابد له من الأمن والأمان على كل الأصعدة والمستويات فلابد من الأمن للفرد والمجتمع، أمن نفسي، وأمن اقتصادي، وأمن اجتماعي وأُسري...فحياة الانسان لا يمكن ان تقوم بدون أمن، فهو مطلب لوجود الحياة، ففي ظل الأمن يستطيع الانسان ان يحيا ويطلق العنان لقدراته ومواهبه، وعلى هذا فالجهد البشري لا يثمر، والحضارة لا تزدهر، والرخاء لا يسود الا في ظل الاستقرار، ولا استقرار بغير أمن، فبدونه لا تستقيم الحياة، ولا تقر العيون في مضاجعها، ولا تهدأ القلوب في جوانحها، ولا تأمن الجماعات في أسرابها.


لذا فالأمن لا يعرف ولا يستدل عليه الا بمؤشراته، وأهم مؤشراته هو الاستقرار في كل مناحي الحياة.


يا صاحب السمو ان حملكم لعظيم لا يعين عليه الا الله!!


أهل الكويت جميعهم على علم ودراية بأن صاحب السمو حفظه الله وأعانه يحمل تبعة ثقيلة ومسؤولية عظيمة، وان ذلك ليعظم كل ما عظمت التبعات والمسؤوليات، فمن المعروف ان الرجل في بيته وأسرته لا تتعدى مسؤولياته وأمانته ان تكون متعلقة بزوجةٍ وأولادٍ وأحفاد فحسب، ومع ذلك فهي أمانة عظيمة ومسؤولية كبيرة قصرت همم الكثيرين عن أدائها والقيام بواجباتها وتبعاتها.


فكيف اذا كانت المسؤولية والأمانة متعلقة بدولة أو مجتمع بأكمله وبأمة عظيمة أعباؤها كثيرة تبعاتها!!؟؟، ومع ذلك فان الله سبحانه وتعالى دلنا على السبيل الذي من خلاله نقوم بالأمانة، ونحقق الأمن والأمان لأنفسنا ولأولادنا ولمجتمعاتنا.بقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا} (سورة النساء: 9).


فتقوى الله سبحانه وتعالى هي التي توصلنا الى بر الأمن والأمان، وشاطئ السكينة والاستقرار، وان أكثر ما يميز تقوى الله تعالى هو الحرص على عدم الاخلال بمتطلباتها، والحذر من الوقوع فيما يخدش وقارها ويهتك سترها فالمؤمن التقي دائمًا حريصٌ على تقواه، حذر من الوقوع في هواه.سأل عمر رضي الله عنه أُبي بن كعب رضي الله عنه عن التقوى فقال: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟ قال: نعم.قال: فما عملت فيه؟ قال: تشمرت وحذرت قال: فذاك التقوى(2).


يا صاحب السمو نعلم أنك قد حُملت أمانة عظيمة ومسؤوليات كبيرة وانه قد يعرض لك في هذا الطريق الوعر ما يزيد عليك العبء والمسؤولية، لكن ثقتنا فيك أنك حريص على شعبك وأمتك وسائرًا على خطى آبائك وأجدادك من هذه العائلة الكريمة فقد عرفنا على مر التاريخ منذ العقد الأول لصباح الأول عند تأسيس دولة الكويت الحبيبة ان هذه الأسرة حريصة على وحدة صفها، وحذرة من كل ما يهدد أمنها ويعبث باستقرارها، وعرفنا كذلك منها أنه تبذل كل جهدها لرفعة الكويت وسؤددها ورفاهية شعبها، وقد حدثنا التاريخ الكثير الكثير من المواقف المشرفة ولا مجال لذكرها في هذه الرسالة المتواضعة.


وفاء الكويتيين لبلدهم وحكامهم:


وفي المقابل فان الكويتيين بكل أطيافهم في الحاضرة والبادية ليشاطرون هذه الأسرة الاحترام والتقدير والحرص على استقرار الكويت، فلقد عرف منهم الاخلاص والعطاء والطاعة وعدم منازعة الأمر أهله، وما ذلك الا لأنهم مسلمون ومؤمنون بالله ومطيعون له وهو يأمرهم بذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَانْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ الَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ان كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (سورة النساء: 59).
وان كان يحدث ما يشوش هذا الموقف الوفي المخلص لأهل الكويت لبلدهم في بعض الأحيان، فانما هو عارض، والعارض لا يحكم له، وسرعان ما يلتئم الأمر ويندمل الجرح، ويعود الحب والوداد والاخلاص للكويت وأهلها.
وان الشدائد والعوارض لربما كانت على الحكام والأمراء في الماضي أهون مما هي عليه اليوم!! وذلك لقلة الوسائل الاعلامية وقلة التواصل العالمي لكنها في زماننا لتضاعف أضعافًا كثيرة ولتصبح أكثر تعقيدًا وتأثيرًا بعد دخول الوسائل الاعلامية بكافة أشكالها وأنواعها، حتى غدا العالم كله يمثل بقعة صغيرة يصل الانسان الى أي جزء منها من خلال الوسائل المختلفة المرئية والمسموعة والمكتوبة والتي تهيأت في شاشة حاسوب آلي أو هاتف محمول يكون مع المرء أينما حل أو ارتحل، وهذا يضفي على الشدائد والأزمات تبعات ومسؤوليات تنأى بحملها الجبال ويعجز عن تحملها الرجال ولكن ظننا فيك يا سمو الأمير كما قال المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم


فأعانك الله، فالتبعات كثيرة وكبيرة:


مسؤوليات وتبعات داخلية، وأخرى خارجية وعالمية يتعب فيها الأمناء المصلحون ويرتاح فيها العابثون.


نعلم حقا ان مسؤولياتك كبيرة وتتمثل في هذه الفترة العصيبة بالمصالحة العربية ودعم القضية الفلسطينية والتوازن في الصراعات الاقليمية أضف الى ذلك كله مسؤولية التعامل مع الأزمة الاقتصادية وما تبعها من ظلال واسقاطات على أسواقنا الداخلية واقتصادنا المحلي.


ومع كل هذه الأمور الجليلة والمسؤوليات الكبيرة أتت الحالة الاجتماعية التي نعيشها، أصبح الفجور في الخصومة علامة على كل اختلاف، بل أصبحنا نبحث عن الأصول التي تربينا عليها فأصبحنا غرباء في مفاهيمنا ولو خرج الآباء والأجداد اليوم ورأوا ما يحصل لأجمعوا أنهم ليس في الكويت التي يعرفونها وانني من باب واجب النصيحة، استجابة لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»(3).


فأقول يا سمو الأمير: انه على الرغم من حالة الاضطراب التي تصيب الساحة الكويتية وعلى الرغم من الضبابية وعدم وضوح الرؤية في بعض الأحيان بل وانعدامها في أحيان أخرى انه على الرغم من ذلك كله فان أي مرض نريد علاجه، أو مشكلة نريد حلها، فلابد لذلك كله من معرفة الأسباب الكامنة وراء المرض والمشكلة، وعلى أساس تشخيصها يكون الدواء والحل والعلاج.


سر المطبخ الكويتي:


اننا مع هذا الوضع الصعب والواقع المرير ومع الأصوات المرتفعة ومع الحدة المتنامية، مع هذا كله فاننا ننظر دائماً الى نصف الكوب الممتلئ لا الفارغ، وهكذا المطبخ السياسي والاجتماعي قد يسوده قليل من الضوضاء لكن في النهاية تبقى المائدة السياسية عامرة لتسع الجميع.


ولقد اعتدنا على رؤية الأمور تشتد وتتأزم، ولكنها سرعان ما تهدأ ويرجع الوفاق والوئام ولعل هذا هو سر الخلطة الكويتية التي تعتبر الصورة الحقيقية المعبرة عن الشعب الكويتي فقد يحتدم النقاش وقد تعلو الأصوات وتختلف الرؤى وتكثر المعاتبات والاتهامات لكن يبقى حب الكويت ومصلحة الكويت راسية وثابتة في كل عمل يقوم به أبناؤها.


ومن هذه الحقيقة التي تجمعنا ومن هذه الصورة التي تُشَخِّصنا لابد من البحث عن الحل؟!


المقترح الأول: تفعيل خطابات سموك وجعلها برامج عمل حقيقي يتم المتابعة لها من الديوان.


المقترح الثاني: الزام وسائل الاعلام بكافة أشكالها ووسائلها على تهدئة كل محاور الصراع والاستفزاز بين كل الأطراف، وأن تضع مصلحة الكويت العامة فوق كل مصلحة أو منفعة.


المقترح الثالث: دراسة فكرة مشروع الحوار الوطني وصياغته بطريقة تضمن تحقيقه للأهداف مع عدم الاخلال بالدستور وآلياته.
فمن منطلق الواجب الوطني ذكرنا هذه المقترحات التي ارتأيتها لحل ما نحن فيه.


فالحق اذا كان طريقنا وغايتنا وطلبتنا، فان الحق حجته واضحة ومناصرته واجبة، ولذا فلابد ان كفته سترجح في كل ميزان، فلا مجال لصراع أو خصومة، أما اذا كان الهوى وحب الذات وحب الشهرة هي أساليبنا وأهدافنا فان الصراع والجدال سيحتدم والخصام سينمو ويكثر دون رادع من حق أو وازع من ضمير أو مانع من دين، وبذلك نكون قد ذبحنا ديموقراطيتنا بأيدينا وقضينا على حريتنا بأنفسنا.


فالحق والحق وحده يجب ان نتمتع به ونعمل به ونقول به: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (سورة النساء: من الآية 135).


حكماء الديرة وكبارها:


ديرتنا ديرة الخيرين وأهل الرأي والحكمة!!!، يا أهل الرأي السديد والعقل الحكيم!!!، يا أعضاء مجلس الأمة السابقين!!!، يا رؤساء العشائر والقبائل!!!، يا من حباكم الله بالحكمة {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}(4).


كونوا يدًا واحدة متحدين متحابين داعين للتوافق والتواصل وردم الهوة ورأب الصدع.


ولتكونوا بتاريخكم وبمكانتكم الاجتماعية حول ولي الأمر بطانة صالحة ناصحين لا هوى ولا مصلحة ولا فزعة الا للدين والوطن كونوا البطانة الصالحة التي تقدم الواجب الديني ومصلحة الوطن ولا تجمعها المناصب والوظائف والمراسيم التكليفية.


كونوا البطانة الصالحة التي هي أساس الحكم والقوة والسلامة..قال النبي صلى الله عليه وسلم «ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة الا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله»(5).
فكونوا خير بطانة يستفاد من رأيها السديد ويستنار بأفكارها الحكيمة حتى تسير سفينة الخير بسلام في هذا البلد.


من القلب أتحدث لاخواني النواب في قُبة المجلس:


ان العمل في مجلس الأمة ليس حرفة من الحرف ولا مهنة من المهن، ولكنه محتاج الى ان يتحلى صاحبه بكثير من المهارات وكثير من القدرات، نظرًا لخطورة موقعه في الدولة، حيث يتاح له من معرفة للأسرار ما لا يتاح لغيره، وتتوافر أمامه المعلومات الرسمية الموثقة بقدر يعجز غيره عن الوصول اليها، وتنتج عنه وعن أصحابه قرارات وموافقات أو معارضات قد تجنب الدولة مآسي متعددة، أو تصيبها في مقتل، ان كانت قرارات غير صائبة.
لهذا كله آثرنا ان نضع بعض تصوراتنا لاخواننا في مجلس الأمة، ولا نزعم لأنفسنا ولا الى غيرنا ان هذه التصورات جامعة مانعة، أو أنها غير قابلة للزيادة ولا للنقصان، فقد يضيف اليها غيرنا ما تكتسب به ثراء وجدة، وقد ينقص منها البعض ما لو حذف لأفاد وأجدى.


أولاً: مرجعية صادقة: أول ما ينبغي ان يتحلى به النائب ان تكون له مرجعية لا تخطئ، ولا نقصد بذلك مرجعية حزبية أو مرجعية لتيار بعينه أيًّا كان توجهه، انما أقصد ان تكون له مرجعية الى الاسلام يحكم من خلالها على الأشياء والأحداث والمستجدات، مرجعية تجعله يقظ الضمير قوي الاحساس بآلام المجتمع، لا يتخلى عن واجبه، ولا يزيف الحقائق، مرجعية يستشعر بها رقابة الله عليه، فيعمل بدافع ذاتي، فيصدُّ كل ما يخالف مرجعيته الدينية الاسلامية، ويعضد كل ما لا يخالف تعاليم الله ورسوله، ما لابد منه للناس في حياتهم، وتكون هذه المرجعية الاسلامية السمحة هي الفيصل وهي الدليل لكل قول يقوله، أو عمل يعمله، أو حتى استجواب يقدمه.


ثانيًا: والأمر الثاني الذي ينبغي ان يتحلى به النائب هو التجرد في كل أفعاله وأقواله عن ان ترتبط بمصالح خاصة لشخصه أو لفئته أو قبيلته أو طائفته، ولسنا بمعنى ان تكون المصلحة العليا للدولة مقدمة في حسه دائمًا.


ثالثًا: ان أدواتنا الدستورية ونظام الحكم عندنا يُعطينا سعة ان نفعل الكثير في داخل قُبة البرلمان، ومن خلال المواد الدستورية، فلا تدخروا وسعًا في استخدام كل الأدوات لتحقيق العدل والحرية في بلدكم.


رابعًا: ورابع هذه الأشياء: اتساع الأفق وبعد النظرة، لأن كثيرًا من المؤثرات الداخلية في أي بلد لا تنفصل عن بعض المؤثرات الخارجية، ذات الضغوط القوية التي من الممكن ان تذيب كل من يقف في طريقها، ولذا لابد من معرفة مصدر التأثير في الداخل والخارج كما لابد للطبيب المعالج من معرفة الجزء المصاب من جسم الانسان قبل ان يعطي الدواء المناسب.


ومعرفة مصدر التأثير تفيد كثيرًا في امكان قبول الرأي أو رفضه بدون خسائر كثيرة ومع معرفة المصدر تكون معرفة الهدف والوسيلة ومعهم جمعياً يمكن تحديد المواقف، ولا يتأتى ذلك كله الا لرجل أو لشخص شديد الذكاء واسع الأفق، بعيد النظرة لا تسيره الأحداث: لأنه قادر على النفاذ اليها قبل وقوعها ومعرفة خباياها فلا يعجزه أو يثقله التصدي لها.


خامسًا: عدم اطلاق اللسان بكلام لا معنى له: قديمًا قالوا (أفرط فأسقط) وهو مثل يضرب لكثير الكلام، ومن كثر كلامه كثر سقطه، والخلافات اليوم في الساحة الكويتية يكثر فيها الكلام، ولا تكاد صحيفة يومية تخلو من بضع صفحات كل يوم لخلافاتنا، ولا تكاد ديوانية تخلو من الحديث عن صراع وجهات النظر.


ان النواب روّاد على الطريق، تتطلع اليهم العيون، وتستمع الآذان الى كلامهم ويرى الناس منهم ما لا يرونه من الآخرين، لأن صلة النائب بالناس أقوى من صلة غيره، باعتباره وكيلاً عنهم، يعمل على ما فيه راحتهم، ويصد عنهم ما قد يسبب لهم المتاعب، والرائد لا يكذب أهله، لا في قوله ولا في عمله، ولا يقدم مصلحته على مصلحة غيره، بل يعمل لتحقيق الخير والسعادة للجميع.


وليذكر الجميع ان الحق أبلج والباطل لجلج، أي ان الحق واضح وضوح الشمس لا خفاء فيه وأن الباطل ملتبس، تحوطه الريب والشكوك.


سادسًا: السيد رئيس مجلس الأمة والأحرار من النواب تحت قُبة مجلس الأمة: أعرف ان الميزان الذي تضعون فيه أقوالكم دقيق، فهو محكوم بين ارجاع الحق الى نصابه والانتصار الى الحرية التي انتهكت، وبين ترك الحكومة بين يدي ضارب الطفل الصغير «يزيد» في المدرسة التي في القصور!!، فأسأل الله ان يُعينكم ويُسدد خطاكم، واعلموا وأنتم في ميدان قول الحق ان القاعدة الشرعية في البيان تنص على العدل، كما قال تعالى {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى}، واعلموا أيضًا ان هناك من يتربص بكم الدوائر، ليوقع بكم في مصائده، ليستثمر ما تقولون وما تفعلون بعد ذلك، ولو كلمة!! ليفتن بها، ويُجيّش عليها جيوش النفاق والخداع والمكر، ولكن ابشروا، ففي النهاية {لا يحيقُ المكرُ السيئ الا بأهله} هذا {وان كان مكرهم لتزول منه الجبال}.


أما ان لسمو رئيس مجلس الوزراء ان يستمع لأصوات المحبين؟! فان استماع عابد الحرمين «الفضيل بن عياض» للنداء القرآني (ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) كفيلٌ بأن يُغير مجرى حياته، فأصبح رمزًا وعلمًا من أعلام العُبَّاد، من أئمة السلوك، ليس في زمانه فقط؟؟! بل امتدت رمزيته الى قرون متعددة، وما زالت كلماته منارًا للسالكين لطريق «اياك نعبد واياك نستعين»!!.


اسمح لي سمو الرئيس ان أقول ما يعرفه الجميع: ان أداة جريمة ذبح الديموقراطية والوحدة الوطنية في ديوان السيد/ أحمد السعدون، وديوان د.جمعان الحربش، وضرب الطفل الصغير «يزيد العتيبي» في المدرسة التي في منطقة القصور!! هي أداة واحدة!! ولو رجعنا الى التاريخ لوجدناها واضحة بيّنة في كل فتنة تحدث للأمة، منذ حصار سيدنا عثمان رضي الله عنه من قبل شرذمة السبئيين، وان كانت مسافة أربعة عشر قرنًا بعيدة عنكم!! فالدولة العبيدية والصفوية «قريبة من ناظريك»!! أما ان كانت الدولة العبيدية والصفوية بعيدة عن مطبخك!!


معذرة سمو رئيس مجلس الوزراء!! لابد من تحمل كامل المسؤولية حتى لا تأتي تداعيات ما تم في ديوان د.جمعان الحربش على وحدتنا الوطنية، ولا على محبتنا واخواننا كشعب واحد يجمعنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (وخيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم)، لابد من تحمل المسؤولية بالكامل بعيدًا عن لعبة الأرقام والمناورات التكتيكية من التصويت على الجلسة السرية أو الاحالة الى المحكمة الدستورية!!.


نحن لسنا في بلد –حزبي- يقوم على قواعد اللعبة الحزبية والتناوب السلمي للسلطة فالحكم عندنا بالتراضي ونص الدستور للأسرة الطيبة من آل الصباح الكرام، وأهل الكويت في كل مُناسبة يُجددون الولاء والحب لحكامهم من آل الصباح، وهذا أمر لا نرضى ان تكون فيه مزايدة من أحد على أحد، أما الذي نعنيه فهو الخطأ في ادارة مشكلة وقعت، ترتب على ادارتها ما ترتب، مما يعرفه الجميع!!.


مجرد سؤال:


انحراف قطار عن سكة الحديد في بلد غربي نصراني أو في بلد بوذي يقدم على اثرها وزير المواصلات استقالته من الحكومة أو تستقيل الحكومة بكاملها!! ألا يُقدم وزير الداخلية في بلد عربي مسلم استقالته بعد سحل وضرب مواطنٍ أكاديمي جالس في حرمة بيت مواطن كويتي؟ ألا يُقدم استقالته بعد ان نالت العصي ووسائل الاعلام المختلفة من المواطنين ونواب مجلس الأمة ما نالت؟ ألا يُقدم استقالته بعد ان تسببت عناصر غير مسؤولة الكثير من المشاكل والانقسامات والتجريحات بين أبناء الشعب الواحد بل القبيلة الواحدة؟.


هوامش:


(1) الترمذي برقم2346 حديث حسن
(2) القرطبي جـ1 ص203
(3) مسلم رقم 82
(4) (سورة البقرة: من الآية 269)
(5) البيهقي ج5 ص230



http://www.reqaba.com/ArticleDetail.aspx?id=16343

التعليق :
رسالة تعبر عن الشعب الكويتي نتمنى استيعابها بحكمة
 

احمدالسداح

عضو فعال
مجرد سؤال:


انحراف قطار عن سكة الحديد في بلد غربي نصراني أو في بلد بوذي يقدم على اثرها وزير المواصلات استقالته من الحكومة أو تستقيل الحكومة بكاملها!! ألا يُقدم وزير الداخلية في بلد عربي مسلم استقالته بعد سحل وضرب مواطنٍ أكاديمي جالس في حرمة بيت مواطن كويتي؟ ألا يُقدم استقالته بعد ان نالت العصي ووسائل الاعلام المختلفة من المواطنين ونواب مجلس الأمة ما نالت؟ ألا يُقدم استقالته بعد ان تسببت عناصر غير مسؤولة الكثير من المشاكل والانقسامات والتجريحات بين أبناء الشعب الواحد بل القبيلة الواحدة؟.


اصاب الجرح
 

البزيع

عضو جديد
رسالة صادقة وجريئة
كل ما أقرأ لهذا الشيخ أزداد اعجابا به
لله درك يادكتور جاسم

وصح فكرك
وسلمت أناملك

هذا الفكر الاسلامي اللي احنا محتاجينه مو ندوات الطويل ومندكار الله يهديهم ويغفر لنا ولهم
 
أعلى