محطــــــــات.. مع رحلة قلم

رحلة قلم

عضو فعال
3.png


مدخل..~~~}

اسيرُ خلفَ ركابَ النجبِ ذا عرجٍ
...........................مُؤملا كشفَ مالاقيتَ من عوجٍ
فإن لحقتُ بهمْ من بعدِ ماسبقوا
.......................فكمْ لربّ الورى في ذاكَ من فرجٍ
وانْ بقيتُ بظهرِ الارضَ منقطعاً
.........................فما على عرجٍ في ذاكَ من حرجٍ

( لـ شاعر )

مرحباً من جديد.. واسعد اللهُ اوقاتكم بخير..
اشكركم من كل قلبي على تواصلكم العطر..

وآعتذر عن الإنقطاع المفاجئ في اليومين الماضيان
لـ ظروف السفر والإنشغال..

سوف نواصل معكم بعون الله تعالى..
وسوف أعود فالصباح الباكر للرد على الضيوف الأكارم..
الذين شرّفوا وتوّجوا المحطات بأزهى الكلمات وأروع العبارات..

لكم مني كل تقديرٍ ومحبه...


مخرج..{~~~

( قالوا )..

سلكوا الطريقَ ولم يكونوا يجهلونْ
لكنّ عشاقَ الشهادةِ والبطولةِ عنهُ لا يترددونْ
يا ويحَهم! جعلوا المنايا مركباً
وبِلُجَّةِ الأقدارِ صاروا يسبحونْ
عرفوا المخاطر!
أم تُرى لا يعرفون؟!
كلا وربِّ العرشِ كانوا يدركونْ
أن الطريقَ إلى العلا محفوفةٌ
بالرعبِ .. بالألغامِ ..
بالليلِ المعبَّأِ بالظنونْ
بفراقِ أهليهمْ ..
وهجرِ مساكنٍ كانوا بها يتنعمونْ







رحلة قلم... :)
 

رحلة قلم

عضو فعال
من أعذب القصص التي احب قراءتها..
هذه القصة الغريبة في وقعها وجمال سردها..

............​

( كن رفيق القلب ولا تكن رقيقا )

050110050504cc944ia4v9pbtmzip5wz.jpg


"يعتري المرء في كل مرة يقضيها أمور لم يحسب لها حسابا , وليس له يد فيها .."

يقولون إن زيد بن مرة الكناني كان لا يفيق من الخمرة , وكان كلما شرب جعل يتناول عوده ويغني أغنية عهدها له الناس , فكلما سمعوه بها علموا انه رجل ثمل ...

سقيتُ الوردَ من ريقي رحيقاً **** فباتَ دواؤُها يُشفي فريقا
إذا نطقتْ بعطرٍ صارَ يحكي **** وكلّ تنفسٍ أضحىَ شهيقا
تعطرتُ السماءَ بفضلِ ريقي **** فكانَ العطرُ للدنيا شروقا

ومرّ شاعر بجانب بيته وقد سمعه يتغنى بتلك الأبيات , فعقد العزم على سؤاله عنها , فمكث حتى أشرقت الشمس , فلما خرج زيد بن مرة , سلم عليه وقال : يسرني أن أكون رفيقا لك في دربك فإن رأيت أن أكون صاحبا فافعل , فقال له زيد على الرحب والسعة , فلما مضى نصف الطريق سأله فقال له : لقد سمعت أبياتا تغنيت بها البارحة فكم يسرني أن أعرف قصتها ... فقال له : لقد آليت على نفسي أن أجعل قصتها كنزا لي دون غيري , ولكنك إذ كنت رفيق درب فلستُ أجد قرى خيرا من إيرادها لك فاسمع رعاك الله :

كنت في سالف عمري أعتمل تجارة الخيل , وكنت أشتري خير الجياد , وأجيد انتقاءها , وحسن وصفها , وأعرف أصالته من صوت صهيلها , وصفاء صهوتها , ونعومة ملمسها , حتى لقد كنت مضرب المثل في ذلك , وكل من أراد شراء خيل أتى إلي يشتري أو يستشيرني وكنت لا أرد مبتاعا ولا مستشيرا ..

ولقد كانت تجارتي تلك رابحة ولي في كل يوم حادثة , وبيعة أو شرية ... فكثر مالي وارتفع متاعي , وعظم بنياني .. فجعلت أكرم الأضياف , وأحتفي بالشعراء والأدباء .. ولم يكن لي من وطرإلا أن أكون خليفة أو أميرا ..

وفي مرة جاءت إلي فتاة على برذون أحمر , فوقفت بباب دكاني , وكنت عرضت عشرة خيول أمام محلي ... فلما ربطت برذونها ذلك جعل يهيج ويهتز , ويصرخ حتى لقد كاد ان يقطع رسنه , وعلمت ان في الأمر سرا .. فقلت لها حلي وثاقه ,فما حلت وثاقه إلا وانطلق حتى وقف بجانب فرس من خيولي وجعل يتمسح بها , وينخر بجوارها , ويجمع أنفها في معطف كتفها , فعلمت أنها راقت له , وأنه برذون لا يساوي حفنة دراهم وفرسي تلك تعد من أخيار الجياد , فأمرت خدامي بأن يأخذوه ويعيدوه إلى رباطه فما استطاعوا له قهرا , فدفعهم جميعا ثم نزا على فرسي وجعل يرهزها , حتى سقط , فعلمت أنها أصابت منه نطفة , فحز في نفسي أن تكون حملت منه ... فسببت تلك المرأة وبرذونها ثم أمرتها أن تذهب به ولا تعد إلي , ثم إني أرسلت إلى طبيب فأخبرته فأسقى فرسي مرا وحنظلا , فجعلت لا تسيغه , ثم إن قواها تهاوت حتى كادت ان تموت فأمرته بالكف , وسلمت امري إلى الله فلما استتمت وحان وقت الوضع , أخبرت غلماني إذا بزغ رأسه فانحروه قبل أن تراه أمه لكي يخرج ميتا فتعلم أنه خرج ميتا ...

لما بدأ تفتق حراها , وجعلت تئن من الألم , وتجهز غلماني بخناجرهم , كنت أنظر عن كثب , فلما بدأ ظهوره فإذا رأسه ضخم أوشكت أمه على الهلاك لخروج رأسه فقط , فتقافز غلماني لكي يقتلوه فقلت لهم كفوا عن ذلك , فشمرت عن ساعدي , ثم بدأت أشده بيدي حتى خرج رأسه كاملا , وقد كان والله حصانا لم أر مثله قط , فلما استتم باقي جسمه سقط واقفا , وكأني أنظر إلى فرس امرئ القيس وهو يصفه , فلم يكن لونه لون الخيول , وكان جسمه عظيما مهيبا .. لما فرغت أمه من وضعه سقطت مغشيا عليها , فأمرت الطبيب فجعل يبخر في انفها ويرشها بالماء حتى أفاقت ... وأما ولدها فكان قائما رافعا رأسه ينظر إلى سقف الغرفة فأخذته ومسحت ما عليه من سلا وأردان , ثم جعل يتحسس ضرع أمه فما ألتقطه إلا وجعل يرضعها رضاعة الخبير المجرب ...
تماثلت أمه للشفاء وعادت فتية قويه , وكان ولدها يكبر سريعا حتى سرجته قبل ان يسرج مثله , وامتطيت صهوته قبل أمثاله , فوجدته كالريح إن عدا , وكالسفينة في عرض البحر إن مشى ... فلما اشتد عوده وكبر , جعلته هو دابتي ومركوبي , فكنت أعرف به , فقد كان في الخيول كحصانين طولا وعرضا ...

لم أغتبط بشيء قط غبطتي به ..

وفي أحد أيام جمادى خرجت إلى ضاحية قريبة , فما أنا إلا بامرأة تتعلق بسبالي , وتمسك بغمد سيفي , ثم جعلت ترفع صوتها بالدعاء علي وعلى فرسي , ولم أكن قط ظلمت أحدا أو سلبت مال أحد , فعجبت منها , فقلت لها لعلك يا أخت الكرام وهمت , فقالت ألست زيد بن مرة صاحب الجياد قلت بلى , قالت قاتلك فقد قتلت برذوني وكان هو ما أملك , فلم أطق صبرا , فأمرتها أن تسير معي إلى دكاني كي تقص علي قصتها .....

لما بلغنا دكاني قالت : أتيتك في حاجة وكان معي برذون فنزا على فرسك ثم ما لبث أن مات بعدها , وإني لأحيا بعده في حال بئيسة ... أطرق زيد بن مرة ومعه عود يخط به الأرض , ثم رفع رأسه إليها فقال : أترين هذا الحصان الشاهق ؟ هو والله ولد برذونك ولو كنت أعلمأ ن نتاجه هذا لأبقيته وعالجته , وما ساءني قط إلا فراقك ومعك برذونك , ولقد جهدت في البحث عنك فلم أجدك ... فأما الآن فدونك أمرك فافعلي ما تشائين , فإن أردت مالا فذلك ما نحب .. قالت أما إني ليس بي حاجة إلى المال , ولكني جئتك وقتها كي أعرضه عليك وأسألك من أي الدواب هو فلقد رأيت فيه عجبا ... قال زيد وما رأيت ؟ قالت : إذا ركبته سبق السوابق والمصلين , وإذا حملت عليه فإنه يهزأ بالناقة والبعير , وهو لي أطوع من بناني , وأخضع لي من سبابتي... وسطا اللصوص علي في ليلة شاتية فاقتادوه معهم , فلم أبرح الغد إلا وهو واقف أمام بيتي , وكنت آمره بالقول فيمتثل , وهذا سوطي لم يقع قط على شيئ من جلده ... أما إن فقدي له مصيبة ورزية . فماذا أنت صانع كي تعوضني ما فعلت ؟
قال لها: على أني لم أكن سببا , ولقد كنت حينها أحسب أني مظلوم , وأنا اليوم صرت ظالما فمريني بالذي تريدين , قالت : اما المال فلا حاجة لي به , ولكني أريد حصانك هذا ... قال : تلك عشرة ربطة في رصيف محلي خذي منها ما تشائين , ودعي هذا لي , قالت: والله لا أجد منه إلا برذوني يمشي على الأرض إلا أن منخريه , وطول رقبته من خصائص الخيل , قال لها زيد : لقد والله تعلقت به , ولولا أن نفسي تشتاقه وتهواه لأعطيتك إياه , فأبت المراة وقالت إما هو وإلا فلا , قال لها زيد , أتعلمين من أبوه ؟ إن أباه هو برذونك فقد حملت منه فرسي , ولو كنت أعلم لأطلقته في كل خيلي كي ينجبن منه هذا النتاج العجب ... وإن كان ما تريدن مالا بد منه فخذيه واعلمي ان لي نفسا ترق كالنسيم ... قامت المرأة فاقتادته ومضت به ...

ثم بقيت بعده لا آلو على شيء , ولكن مرآه لا يغادر مخيلتي فجعلت أتسلى عنه ولكن لا جدوى فساءت حالي , وتشبعت خيلي بمرض عجز عنه طبيبي فصارت تهلك الواحدة تلو الأخرى فقل متاعي وتردت صحتي , ثم إني عمدت إلى أصحاب فقالوا ألك فيما يزيل عنك كدرك وهمك قلت إي والله , فقالوا لنا غانية نجتمع بها تسقينا وتغنينا , فإن كنت ترغب في ذلك فاتبعنا الليلة , فتبعتهم فلما دخلنا عليها وجدناها قد أخذت من كل حسن بطرف , فما استقر بنا المقام إلا ومدامة صفراء تشعشع بالثلج تدار , فلما تناولت قدحا وشربت نسيت همي وحزني , وبقيت أتقلب في أفياء السرور والسعادة , ثم قامت تغني بصوت يجهز على الحي , ويحي الموات بتلك الأبيات التي سمعت ... فتتيمتها ولكنها كانت تعلم أني قليل مال ومتاع , فتمنعت علي , فأصبحت لا أتخلف عن مجلسها في كل ليلة كي أنظر إليها فقد بلغت مني مبلغا .. وفي ليلة شاتية , كانت المصابيح مضاءة , وكان أحدها في كوته فتزحزح قليلا فسقط ثم ما لبث أن شب حريق نجوت بنفسي , وخرجت ... ورأيتهم كلهم خارجا إلا صاحبتنا تلك ... فعلمت انها في الدار فدخت والنار تصرخ في الأسقف والجدران , فوجدتها ملقاة كأنها فحمة لم يبق منها إلا شيء من لسانها , وكانت تحركه بتلك الأبيات فلما رأتني بسمت لي وقالت :

إنَ القلوبَ رقيقةً تغتالُها **** كلّ الهمومَ تذيبها فتُحرقوا
فإذا أردتَ بأنْ تعيشَ مُنعماً **** فاجعلْ فؤادكَ قاسياً يترفقوا

ثم مال رأسها وعلمت أنها فارقت الحياة .. فرجعت وآليت ألا أصحب أحدا , ثم إني تعتريني في كل ليلة غفلة فلا أفيق إلا وقالوا ها أنت تشرب وتغني ...

قال له ذلك الشاعر : يازيد كن رفيق القلب ولا تكن رقيقا ...







انتهى..
 

رحلة قلم

عضو فعال
الشجـرة

7189-001-02-1008.gif


استودع رجلٌ رجلاً آخر مالاً، ثم طالبه به فأنكره. فخاصمه إلى إياس بن معاوية القاضي، وقال:‏ ‏ دفعتُ إليه مالاً في الموضع الفلاني.‏
قال إياس: ‏ فأيّ شيء كان في ذلك الموضع؟‏ ‏ قال: شجرة.‏ ‏
قال:‏ ‏فانطلق إلى ذلك الموضع، وانظر إلى تلك الشجرة، فلعلّ الله يوضِّحُ لك هناك ما تُبَيِّنُ به حقَّك.
أو لعلك دفنت مالك عند الشجرة ثم نسيتَ، فتتذكّر إذا رأيتَ الشجرة.‏ ‏فمضى.
وقال إياس للمُطالَب بالمال:‏ ‏ اجلس حتى يرجعَ صاحبُك.‏
‏ فجلس، وانشغل إياس عنه بالنظر في قضايا الناس، وهو ينظر إليه بين الحين والحين.
ثم التفت إياس إليه فجأة وقال:‏تُرى هل بلغ صاحبك الآن موضع الشجرة؟‏
فأجاب الرجل:‏لا أظن، فهي بعيدة.‏ ‏
فقال إياس:‏ ‏ يا عدوّ الله، هات المال فقد أقررتَ على نفسك!..

‏ من كتاب "المحاسن والمساوئ" للبيهقي.








انتهى...
 

نسج الورود

عضو مخضرم
من أعذب القصص التي احب قراءتها..

هذه القصة الغريبة في وقعها وجمال سردها..

............​

( كن رفيق القلب ولا تكن رقيقا )

050110050504cc944ia4v9pbtmzip5wz.jpg


"يعتري المرء في كل مرة يقضيها أمور لم يحسب لها حسابا , وليس له يد فيها .."

يقولون إن زيد بن مرة الكناني كان لا يفيق من الخمرة , وكان كلما شرب جعل يتناول عوده ويغني أغنية عهدها له الناس , فكلما سمعوه بها علموا انه رجل ثمل ...

سقيتُ الوردَ من ريقي رحيقاً **** فباتَ دواؤُها يُشفي فريقا
إذا نطقتْ بعطرٍ صارَ يحكي **** وكلّ تنفسٍ أضحىَ شهيقا
تعطرتُ السماءَ بفضلِ ريقي **** فكانَ العطرُ للدنيا شروقا

ومرّ شاعر بجانب بيته وقد سمعه يتغنى بتلك الأبيات , فعقد العزم على سؤاله عنها , فمكث حتى أشرقت الشمس , فلما خرج زيد بن مرة , سلم عليه وقال : يسرني أن أكون رفيقا لك في دربك فإن رأيت أن أكون صاحبا فافعل , فقال له زيد على الرحب والسعة , فلما مضى نصف الطريق سأله فقال له : لقد سمعت أبياتا تغنيت بها البارحة فكم يسرني أن أعرف قصتها ... فقال له : لقد آليت على نفسي أن أجعل قصتها كنزا لي دون غيري , ولكنك إذ كنت رفيق درب فلستُ أجد قرى خيرا من إيرادها لك فاسمع رعاك الله :

كنت في سالف عمري أعتمل تجارة الخيل , وكنت أشتري خير الجياد , وأجيد انتقاءها , وحسن وصفها , وأعرف أصالته من صوت صهيلها , وصفاء صهوتها , ونعومة ملمسها , حتى لقد كنت مضرب المثل في ذلك , وكل من أراد شراء خيل أتى إلي يشتري أو يستشيرني وكنت لا أرد مبتاعا ولا مستشيرا ..

ولقد كانت تجارتي تلك رابحة ولي في كل يوم حادثة , وبيعة أو شرية ... فكثر مالي وارتفع متاعي , وعظم بنياني .. فجعلت أكرم الأضياف , وأحتفي بالشعراء والأدباء .. ولم يكن لي من وطرإلا أن أكون خليفة أو أميرا ..

وفي مرة جاءت إلي فتاة على برذون أحمر , فوقفت بباب دكاني , وكنت عرضت عشرة خيول أمام محلي ... فلما ربطت برذونها ذلك جعل يهيج ويهتز , ويصرخ حتى لقد كاد ان يقطع رسنه , وعلمت ان في الأمر سرا .. فقلت لها حلي وثاقه ,فما حلت وثاقه إلا وانطلق حتى وقف بجانب فرس من خيولي وجعل يتمسح بها , وينخر بجوارها , ويجمع أنفها في معطف كتفها , فعلمت أنها راقت له , وأنه برذون لا يساوي حفنة دراهم وفرسي تلك تعد من أخيار الجياد , فأمرت خدامي بأن يأخذوه ويعيدوه إلى رباطه فما استطاعوا له قهرا , فدفعهم جميعا ثم نزا على فرسي وجعل يرهزها , حتى سقط , فعلمت أنها أصابت منه نطفة , فحز في نفسي أن تكون حملت منه ... فسببت تلك المرأة وبرذونها ثم أمرتها أن تذهب به ولا تعد إلي , ثم إني أرسلت إلى طبيب فأخبرته فأسقى فرسي مرا وحنظلا , فجعلت لا تسيغه , ثم إن قواها تهاوت حتى كادت ان تموت فأمرته بالكف , وسلمت امري إلى الله فلما استتمت وحان وقت الوضع , أخبرت غلماني إذا بزغ رأسه فانحروه قبل أن تراه أمه لكي يخرج ميتا فتعلم أنه خرج ميتا ...

لما بدأ تفتق حراها , وجعلت تئن من الألم , وتجهز غلماني بخناجرهم , كنت أنظر عن كثب , فلما بدأ ظهوره فإذا رأسه ضخم أوشكت أمه على الهلاك لخروج رأسه فقط , فتقافز غلماني لكي يقتلوه فقلت لهم كفوا عن ذلك , فشمرت عن ساعدي , ثم بدأت أشده بيدي حتى خرج رأسه كاملا , وقد كان والله حصانا لم أر مثله قط , فلما استتم باقي جسمه سقط واقفا , وكأني أنظر إلى فرس امرئ القيس وهو يصفه , فلم يكن لونه لون الخيول , وكان جسمه عظيما مهيبا .. لما فرغت أمه من وضعه سقطت مغشيا عليها , فأمرت الطبيب فجعل يبخر في انفها ويرشها بالماء حتى أفاقت ... وأما ولدها فكان قائما رافعا رأسه ينظر إلى سقف الغرفة فأخذته ومسحت ما عليه من سلا وأردان , ثم جعل يتحسس ضرع أمه فما ألتقطه إلا وجعل يرضعها رضاعة الخبير المجرب ...
تماثلت أمه للشفاء وعادت فتية قويه , وكان ولدها يكبر سريعا حتى سرجته قبل ان يسرج مثله , وامتطيت صهوته قبل أمثاله , فوجدته كالريح إن عدا , وكالسفينة في عرض البحر إن مشى ... فلما اشتد عوده وكبر , جعلته هو دابتي ومركوبي , فكنت أعرف به , فقد كان في الخيول كحصانين طولا وعرضا ...

لم أغتبط بشيء قط غبطتي به ..

وفي أحد أيام جمادى خرجت إلى ضاحية قريبة , فما أنا إلا بامرأة تتعلق بسبالي , وتمسك بغمد سيفي , ثم جعلت ترفع صوتها بالدعاء علي وعلى فرسي , ولم أكن قط ظلمت أحدا أو سلبت مال أحد , فعجبت منها , فقلت لها لعلك يا أخت الكرام وهمت , فقالت ألست زيد بن مرة صاحب الجياد قلت بلى , قالت قاتلك فقد قتلت برذوني وكان هو ما أملك , فلم أطق صبرا , فأمرتها أن تسير معي إلى دكاني كي تقص علي قصتها .....

لما بلغنا دكاني قالت : أتيتك في حاجة وكان معي برذون فنزا على فرسك ثم ما لبث أن مات بعدها , وإني لأحيا بعده في حال بئيسة ... أطرق زيد بن مرة ومعه عود يخط به الأرض , ثم رفع رأسه إليها فقال : أترين هذا الحصان الشاهق ؟ هو والله ولد برذونك ولو كنت أعلمأ ن نتاجه هذا لأبقيته وعالجته , وما ساءني قط إلا فراقك ومعك برذونك , ولقد جهدت في البحث عنك فلم أجدك ... فأما الآن فدونك أمرك فافعلي ما تشائين , فإن أردت مالا فذلك ما نحب .. قالت أما إني ليس بي حاجة إلى المال , ولكني جئتك وقتها كي أعرضه عليك وأسألك من أي الدواب هو فلقد رأيت فيه عجبا ... قال زيد وما رأيت ؟ قالت : إذا ركبته سبق السوابق والمصلين , وإذا حملت عليه فإنه يهزأ بالناقة والبعير , وهو لي أطوع من بناني , وأخضع لي من سبابتي... وسطا اللصوص علي في ليلة شاتية فاقتادوه معهم , فلم أبرح الغد إلا وهو واقف أمام بيتي , وكنت آمره بالقول فيمتثل , وهذا سوطي لم يقع قط على شيئ من جلده ... أما إن فقدي له مصيبة ورزية . فماذا أنت صانع كي تعوضني ما فعلت ؟
قال لها: على أني لم أكن سببا , ولقد كنت حينها أحسب أني مظلوم , وأنا اليوم صرت ظالما فمريني بالذي تريدين , قالت : اما المال فلا حاجة لي به , ولكني أريد حصانك هذا ... قال : تلك عشرة ربطة في رصيف محلي خذي منها ما تشائين , ودعي هذا لي , قالت: والله لا أجد منه إلا برذوني يمشي على الأرض إلا أن منخريه , وطول رقبته من خصائص الخيل , قال لها زيد : لقد والله تعلقت به , ولولا أن نفسي تشتاقه وتهواه لأعطيتك إياه , فأبت المراة وقالت إما هو وإلا فلا , قال لها زيد , أتعلمين من أبوه ؟ إن أباه هو برذونك فقد حملت منه فرسي , ولو كنت أعلم لأطلقته في كل خيلي كي ينجبن منه هذا النتاج العجب ... وإن كان ما تريدن مالا بد منه فخذيه واعلمي ان لي نفسا ترق كالنسيم ... قامت المرأة فاقتادته ومضت به ...

ثم بقيت بعده لا آلو على شيء , ولكن مرآه لا يغادر مخيلتي فجعلت أتسلى عنه ولكن لا جدوى فساءت حالي , وتشبعت خيلي بمرض عجز عنه طبيبي فصارت تهلك الواحدة تلو الأخرى فقل متاعي وتردت صحتي , ثم إني عمدت إلى أصحاب فقالوا ألك فيما يزيل عنك كدرك وهمك قلت إي والله , فقالوا لنا غانية نجتمع بها تسقينا وتغنينا , فإن كنت ترغب في ذلك فاتبعنا الليلة , فتبعتهم فلما دخلنا عليها وجدناها قد أخذت من كل حسن بطرف , فما استقر بنا المقام إلا ومدامة صفراء تشعشع بالثلج تدار , فلما تناولت قدحا وشربت نسيت همي وحزني , وبقيت أتقلب في أفياء السرور والسعادة , ثم قامت تغني بصوت يجهز على الحي , ويحي الموات بتلك الأبيات التي سمعت ... فتتيمتها ولكنها كانت تعلم أني قليل مال ومتاع , فتمنعت علي , فأصبحت لا أتخلف عن مجلسها في كل ليلة كي أنظر إليها فقد بلغت مني مبلغا .. وفي ليلة شاتية , كانت المصابيح مضاءة , وكان أحدها في كوته فتزحزح قليلا فسقط ثم ما لبث أن شب حريق نجوت بنفسي , وخرجت ... ورأيتهم كلهم خارجا إلا صاحبتنا تلك ... فعلمت انها في الدار فدخت والنار تصرخ في الأسقف والجدران , فوجدتها ملقاة كأنها فحمة لم يبق منها إلا شيء من لسانها , وكانت تحركه بتلك الأبيات فلما رأتني بسمت لي وقالت :

إنَ القلوبَ رقيقةً تغتالُها **** كلّ الهمومَ تذيبها فتُحرقوا
فإذا أردتَ بأنْ تعيشَ مُنعماً **** فاجعلْ فؤادكَ قاسياً يترفقوا

ثم مال رأسها وعلمت أنها فارقت الحياة .. فرجعت وآليت ألا أصحب أحدا , ثم إني تعتريني في كل ليلة غفلة فلا أفيق إلا وقالوا ها أنت تشرب وتغني ...

قال له ذلك الشاعر : يازيد كن رفيق القلب ولا تكن رقيقا ...








انتهى..



قصة رائعة جدا

أصحاب القلوب الرقيقة مُتعَبين في حياتهم

وأكثر من يتعب في هذه الحياة

شكرا لك

 

سهيل الجنوب

عضو بلاتيني
(قصةٌ من ثلاث دقائق)





qijig46ph4kj.jpg


حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيه الدراسة، وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفة تجاملهم بها، نظرت لتلاميذها وقالت لهم: إنني أحبكم جميعاً، هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات، ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي، يدعى تيدي ستودارد.



لقد راقبت السيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق، ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال، وأن ملابسه دائماً متسخة، وأنه دائماً يحتاج إلى حمام، بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج، وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط، وتضع عليها علاماتx بخط عريض، وبعد ذلك تكتب عبارة "راسب" في أعلى تلك الأوراق.



وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون، كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ، فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية. وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشيء ما!!



لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي ما يلي: "تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحة. إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام، وبطريقة منظمة، كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق".



وكتب عنه معلمه في الصف الثاني: "تيدي تلميذ نجيب، ومحبوب لدى زملائه في الصف، ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال، مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب".



أما معلمه في الصف الثالث فقد كتب عنه: "لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه.. لقد حاول الاجتهاد، وبذل أقصى ما يملك من جهود، ولكن والده لم يكن مهتماً، وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات".



بينما كتب عنه معلمه في الصف الرابع: "تيدي تلميذ منطو على نفسه، ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة، وليس لديه الكثير من الأصدقاء، وفي بعض الأحيان ينام أثناء الدرس".



وهنا أدركت السيدة تومسون المشكلة، فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها، وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في أشرطة جميلة وورق براق، ما عدا تيدي. فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام، في ورق داكن اللون، مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة، وقد تألمت السيدة تومسون وهي تفتح هدية تيدي، وانفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار، وقارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط.. ولكن سرعان ما كف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبَّرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصمها. ولم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم. بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها: إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي!!



وعندما غادر التلاميذ المدرسة، انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل، لأن تيدي أحضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها، ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة!، ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة، والكتابة، والحساب، وبدأت بتدريس الأطفال المواد كافة "معلمة فصل"، وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي، وحينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه، وكلما شجعته كانت استجابته أسرع، وبنهاية السنة الدراسية، أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل، وأبرزهم ذكاء، وأصبح أحد التلايمذ المدللين عندها.

وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي، يقول لها فيها: "إنها أفضل معلمة قابلها في حياته".



مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه. ثم بعد ذلك كتب لها أنه أكمل المرحلة الثانوية، وأحرز المرتبة الثالثة في فصله، وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته.



وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك، تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه: "إن الأشياء أصبحت صعبة، وإنه مقيم في الكلية لا يبرحها، وإنه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى، وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن".



وبعد أربع سنوات أخرى، تلقت خطاباً آخر منه، وفي هذه المرة أوضح لها أنه بعد أن حصل على درجة البكالوريوس، قرر أن يتقدم قليلاً في الدراسة، وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته، ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء، دكتور ثيودور إف. ستودارد!!



لم تتوقف القصة عند هذا الحد، لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع، يقول فيه: "إنه قابل فتاة، وأنه سوف يتزوجها، وكما سبق أن أخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين، وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه، وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك"، والعجيب في الأمر أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في عيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت، والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة، والأكثر من ذلك أنه تأكد من تعطّرها بالعطر نفسه الذي ذَكّرهُ بأمه في آخر عيد ميلاد!!

واحتضن كل منهما الآخر، وهمس (دكتور ستودارد) في أذن السيدة تومسون قائلاً لها، أشكرك على ثقتك فيّ، وأشكرك أجزل الشكر على أن جعلتيني أشعر بأنني مهم، وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً.



فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها: أنت مخطئ، لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة، لم أكن أعرف كيف أعلِّم، حتى قابلتك.



(تيدي ستودارد هو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز "ستودارد" لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويُعد من أفضل مراكز العلاج ليس في الولاية نفسها وإنما على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية).

.........

× إن الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي إن تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً ..

× والعاقل لا ينخدع بالقشور عن اللباب،

× ولا بالمظهر عن المخبر،

× ولا بالشكل عن المضمون.

× يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام،

× وأن تسبر غور ما ترى،

× خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الأغوار،

× موّارة بالعواطف،

× والمشاعر،

× والأحاسيس،

× والأهواء،

× والأفكار.







انتهي....


مرحبا بالقلم الفذ :وردة:

أستاذي الكريم لو تأملنا هذه الحكاية القيمة و الممتعة في نفس الوقت
لوجدناها تدور حول الاشخاص الذين يرتبطون بعمل مشترك او مكان محدد ولا نستطيع تعميمها على جميع أطياف المجتمع ..!
النظرة الاولى صحيحة نسبيا و قد تكون صادقة حين ننظرالى الاشخاص المجهولين الذين
لا نملك عنهم اي معلومة نطل من خلالها الى واقعهم الحقيقي .
إن هذه المعلمة قد ارتبطت بالتلميذ المسكين من جهة عمل مشترك ومكان محدد و اكتفت بالحكم الاول على هيئة الطالب و لم تكلف نفسها بتقصى احواله وهنا ظهر الخلل بشكل واضح .

أما لو كانت المعملة تمشي في السوق و رأت الولد المذكور بمنظره البائس و هو من مدرسة اخرى غير المدرسة التي تعمل بها فإن النظره الاولى صحيحة و لانستطيع ان نقول لها
اذهبي وتقصي حقيقة هذا الطالب لعله من العباقرة و لعل ظروفه الاجتماعية وصعوبة الحياة هي التي جعلته بهذا المنظر ..

المقصود ان تبقى النظرة الاولى بعمومها ...صحيحة ..
وتكون خاطئة حين نصدرها على اشخاص قريبين من واقعنا اليومي ؟؟!!

شكرا للمتعة و الفائدة :وردة:
 

الابجر

عضو مخضرم
الاخ الفاضل
رحلة قلم
للامانه قصص جميله وقرت البعض منها بصراحه قصص رائعه
لماذا لم تسمي هذا المتصفح موسوعة قصص رحلة قلم
تحياتي لك
:وردة:
 

ولنا أثر

عضو بلاتيني
ابتعدنا عن هذه الواحة الغنّاء قسرا ...

ها نحن نعود لنستظل بفيّها .. ونرشف من معينها

من المتابعيين اخي زدنا زادك الله برا و توفيقا ..
 

رُبـّـمــا

عضو مخضرم


3.png


كلمات موزونة عبارات مرنة مقتطفات شافية صور ايضاحية اسلوب سلس تنسيق رائع افكار مرتبة اطلالات خلابة موسوعة ثقافية وادبية وانسانية ..


موضوع يستحق التكريم والله ..​
 

رحلة قلم

عضو فعال
( ويتقي الله فيها )

Fire_Eye.jpg


ذُكر أن شابا فيه تقى وفيه غفلة.. طلب العلم عند أحد المشايخ حتى إذا أصاب منه حظا قال الشيخ:
لا تكونوا عالة على الناس فإن العالم الذي يمد يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير
فليذهب كل واحد منكم وليشتغل بالصنعة التي كان أبوه يشتغل بها.. وليتقِ الله فيها..
وذهب الشاب إلى أمه فقال لها: ما هي الصنعة التي كان أبي يشتغل بها..؟؟
فاضطربت المرأة فقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله فما بالك وللصنعة التي يشتغل بها..؟؟
فألحّ عليها وهي تتملص منه.. حتى اضطرها إلى الكلام أخبرته وهي كارهة أن أباه كان لصا..!!
فقال لها: إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كل بصنعة أبيه ويتقي الله فيها..
قالت الأم: ويحكِ.. وهل في السرقة تقوى..؟
وكان في الولد غفلة وحمق فقال لها: هكذا قال الشيخ..

وذهب فسأل.. وتسقط الأخبار حتى عرف كيف يسرق اللصوص فأعدّ عدّة السرقة..
وصلى العشاء وانتظر حتى نام الناس وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ..
فبدأ بدار جاره وهمّ أن يدخلها ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى وليس من التقوى إيذاء الجار..
فتخطى هذه الدار ومرّ بأخرى.. فقال لنفسه: هذه دار أيتام والله حذّر من أكل مال اليتيم..

وما زال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني وليس فيه حرس ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيده عن حاجته.. فقال: ههنا..
وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدها.. ففتح ودخل فوجد دارا واسعة وغرفا كثيرة.. فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال..
وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئا كثيرا..
فهمّ بأخذه ثم قال: لا يؤدّ زكاة أمواله لنخرج الزكاة أولا..
وأخذ الدفاتر وأشعل فانوسا صغيرا جاء به معه.. وراح يراجع الدفاتر ويحسب..
وكان ماهرا في الحساب خبيرا بإمساك الدفاتر..
فأحصى الأموال وحسب زكاتها فنحّى مقدار الزكاة جانبا واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات فنظر فإذا هو الفجر فقال: تقوى الله تقضي بالصلاة أولا
وخرج إلى صحن الدار فتوضأ من البركة وأقام الصلاة..
فسمع رب البيت فنظر.. فرأى عجبا: فانوسا مضيئا..!!
ورأى صندوق أمواله مفتوحا ورجلا يقيم الصلاة فقالت له امرأته: ما هذا..؟؟
والله لا أدري.. ونزل إليه فقال: ويلك من أنت..؟؟ وما هذا..؟؟
قال اللص: الصلاة أولا ثم الكلام.. فتوضأ تقدم فصل بنا فإن الإمامة لصاحب الدار..
فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح ففعل ما أمره.. والله أعلم كيف صلى
فلما قضيت الصلاة قال له: خبّرني من أنت..؟؟ وما شأنك..؟؟
قال: لص.
قال: وما تصنع بدفاتري..؟؟
قال: أحسب الزكاة التي لم تخرجها من ست سنوات وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصاريفها..
فكاد الرجل يجن من العجب وقال له: ويلك ما خبّرك..؟؟ هل أنت مجنون..؟؟
فخبّره خبره كله فلما سمعه التاجر ورأى ضبط حسابه.. ذهب إلى زوجته فكلمها..
وكان له بنت ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زوّجتك بنتي وجعلتك كاتبا وحاسبا عندي..
وأسكنتك أنت وأمك في داري ثم جعلتك شريكي..؟؟
قال أقبل.. وأصبح الصباح فدعا المأذون بالشهود وعقد العقد..


........................

قد لا تكون القصة حقيقية وهي من نسج الخيال
ولكن العبرة فيما اُعتبر منها..

التقوى..

التقوى هي مفتاح الأرزاق والسعادة في هذه الحياة..
إن التقوى..سبب لتيسيرأمورالأنسان ..
يقول الله تعالى: ( ومن يتّق الله يجعل له مخرجا.. ويرزقه من حيث لا يحتسب )..
إن التقوى..سبب لنيل العلم وتحصيله..
إنها سبب..لصلاح الأعمال و قبولها ومغفرة الذنوب..







انتهى..
 

رحلة قلم

عضو فعال

الكرماء إدارة الشبكة الوطنية الكويتيه..
اتقدم لكم بالشكر الكبير على ثقتكم..

وتتويج الموضوع بهذه الحُليةِ الذهبيه..
لقد أغدقتم علينا بكركم الكبير..
وانزلتمونا فوق منازلنا..

وهذا إن دل فإنما يدل على نبلكم الكريم ودعكم السخي لتطوير المكان..
أشكركم من أعماق قلبي..

وآتمنى أن أكون عند حسن ظنكم بعونه تعالى..

وتقبلوا صادق التقدير..

69771drooopy.gif









3.png
 

رحلة قلم

عضو فعال
يا هلا ويا مرحبا تراحيب المطر بولد العم



احس الاعضاء بيقولون ليه وهم ما طلع لولد عمه :( بهذا الكم من الثقافه


اشكرك على قبولك الدعوه وانا متاكد ان تواجدك بيننا هو اثراء للشبكه

شرفت يا دكتور وحياك ربي بينا بالشبكه


وتسجيل متابعه لك


مرحباً بـ البش مهندس العزيز :)
إحساسك خانه التعبير, ودع عنك ماتقول..
واخرج لنا من مكونك الذي تختزله في داخلك..

تقديري لك وشكري الخالص على دعوتك لي
إلى هذا المكان الجميل بأعضائه ومن فيه..

وآتمنى أن نكون عند حسن ظنكم..

تقديري لك وخالص شكري..





رحلة قلم...
 

رحلة قلم

عضو فعال
مااجملها من محطات بها من العبر والدروس الكثير الكثير

شكرا


الجمال يكتمل بمن يجمّلونه.. لا شك حضوركم وتواجدكم
قرب منابر المحطات وجبال الحكايات..

ألف شكر لك ماري كوين على هذا العطر من حروفك..






رحلة قلم..
 
أعلى