أحمد الديين وعبد اللطيف الدعيج ود. ساجد العبدلي وأحمد عيسى:مقالات موضوعية عن "البدون"

faisal175

عضو
بسم الله الرحمن الرحيم

كتب كل من الاساتذة عبد اللطيف الدعيج وأحمد عيسى ود. ساجد العبدلي مقالات متعددة عن قضية البدون والأحداث التي جرت مؤخرا وهي مقالات تستحق التمعن والاهتمام وتعبر عن آراء من مشارب فكرية مختلفة ومتنوعة. انقلهما هنا ثم لي تعليق بعدها


عبد اللطيف الدعيج قال:
سخيف فوق العادة من يحاول ان يوهمنا بان مظاهرات «البدون» سببها تعهد السيد رئيس وزراء العراق بتقديم معلومات عن «البدون» من ذوي الاصول العراقية، سخيف ليس لان فكرة التظاهر تعود الى زمن طويل طويل، ولكن لان هذا الادعاء يمحو او هو يحاول ان يمحو كل المعاناة التي تعرض لها «البدون» وكل الاخطاء التي ارتكبت بحقهم. ويكاد يقارب هذا السخف ذاك الذي يعترض على مظاهرات «البدون» بحجة ان هناك لجنة تعمل على النظر في اوضاعهم، وان عليهم انتظار نهاية دراساتها وما ستتوصل اليه.
حق اي انسان في التعبير عن نفسه يجب ألاّ يقيد بشيء. لا بأعيادنا الوطنية ولا بظروف المنطقة ولا بوجهة نظر اعضاء هذه اللجنة او نشاطهم. ومن جهة اخرى، فإن من حق الاجهزة الامنية، بل من واجبها ان تحمي من يعبر عن نفسه وان تحمي الغير ايضا من شططه او حتى حماسه الزائد. «البدون» بالذات، قضت الحكومة سنوات وربما عقودا وهي تدرس وتراجع اوضاعهم، الا ان حلا لم يتم التوصل اليه، واسلوبا حضاريا وانسانيا للتعامل مع القضية لم يطرحه احد. لقد تعب «البدون» من مراجعة الحكومة، وملّوا من التردد على لجانها ومؤسساتها ومقارها.. لهذا لجأوا الى اصحاب الشأن الحقيقيين.. الى الناس الذين يعتقدون انهم اكثر قدرة واكثر ترحيبا لسماع وجهة نظرهم.
لقد تعاملت الحكومة سنوات طويلة وفترات مملة مع قضية «البدون»، شكلت الكثير من اللجان واطلقت عليها وعلى «البدون» اوصافا ومسميات عديدة. لكن كل ذلك لم يؤد الا الى زيادة معاناة «البدون» وتفاقم المشكلة. اليوم من حق «البدون» بعد ان يئسوا من الحلول الحكومية ان يخاطبوا الشارع وان يستنجدوا بالانسان الكويتي «تماماً كما استنجدت تانيا بركاب الطائرة» وليس ذنبهم، بل هي ليست مشكلتهم ان اقترن حراكهم وتظاهراتهم بزيارة السيد رئيس وزراء العراق او حتى بالاوضاع الملتهبة في المنطقة... فأي عاقل وأي متابع، وكل من يجيد القراءة ومن لديه ادنى ادراك يعلم ان معاناة «البدون» وقضيتهم بدأتا قبل ثورة الشباب في المنطقة.. بل هي ربما قبل ولادتهم.​

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=679244&date=23022011


أحمد عيسى قال:

عيد استقلال سعيد، وعيد تحرير مجيد، فلنغلق أعيننا لحظة ونتأمل حال هذا الوطن على مدى 50 عاما وخلال 20 عاما، فالكويت أكبر منا جميعاً، ويجب أن نخلص لها ونعمل لرفعة شأنها كل من محله وموقعه، لأنها بكل بساطة تستحق منا ذلك دون فضل أو منّة.

***

ربما كانت التظاهرات التي خرج بها 'البدون' الجمعة الماضية وما تلاها مدخلا مهما لتسليط الضوء على قضيتهم من جانبها الإنساني بعيداً عن السياسة والعنصرية، فرغم أن قضية 'البدون' لها جانب مؤلم، فإنها كشفت نفساً عنصرياً بغيضاً لدى شريحة مريضة من الكويتيين الذين تناسوا أن 'البدون' بشر منّا وفينا، ومن تسبب في معاناتهم أخطاء الدولة الفادحة.

هناك شقان في المسألة: إنساني وسياسي، فإنسانياً نبدأ بالتأكيد أنه من غير المقبول حرمان أي إنسان من حق عيش حياة كريمة، مهما كانت المبررات ومهما كان أصله أو جنسه أو عرقه أو دينه أو جنسيته، فالإنسان مطلق، وجميعنا كوننا بشراً يجب أن نحظى بذات الحقوق الإنسانية الواردة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، والذي جاء في الفقرة الثالثة من ديباجته 'من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم'.

وقضية 'البدون' في الكويت تتحمل الدولة مسؤوليتها بالدرجة الأولى، والدولة هي حكومات ومجالس تعاقبت منذ صدور قانون الجنسية 1959 والتعديلات اللاحقة عليه لم تحل القضية، فلم نر تقدماً ملموساً بحل القضية سوى بتغيير مسمى اللجنة المركزية لحل مشكلة 'البدون' إلى اللجنة المركزية لتعديل أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وكأن الدولة تقر بوجود مقيمين بصورة غير قانونية على أرضها إلا أنها مع ذلك لا تعالج مشكلتهم أو تعدل أوضاعهم، بل تحرمهم من حقوقهم المبدئية، ثم تأتي وتعتمد عليهم في قواتها المسلحة، وتفرزهم لشرائح: بعضهم يمكنه العمل في القطاعات الحكومية، وآخرون منبوذون يعملون بالقطاع الخاص بأجور زهيدة ومتدنية، وتقسم المستحقين للتجنيس إلى شرائح أبناء شهداء ورافضي الحصول على الجنسية وفقا للمادة الثانية، وحاملي إحصاء 1965، وهو أول إحصاء رسمي للكويتيين والمقيمين، وبعد كل ذلك لا تقدم ولا تؤخر وتبقي الحال على ما هي عليه، فلا تجنس ولا تعدل أوضاعهم، بل تستمر في الاستفادة من خدماتهم فنيا وصحافياً وثقافياً ورياضياً واقتصادياً وتدمجهم في أنشطة الدولة وهويتها دون مقابل، ثم تعود بعد كل هذا وتنكر حقهم بعيش حياة كريمة.

أما في الشق السياسي لقضية البدون، فنجد الحكومة دائما ما تربط بين حل مشكلة 'البدون' والتجنيس، وتلمز من زاوية أصول بعض 'البدون' أو حملهم جنسيات أخرى ووجود قيود أمنية على بعضهم الآخر، وهذا بحد ذاته عيب بحق الدولة، فكيف تعترف بوجود قيود أمنية على أشخاص وتبقيهم أحراراً دون تقديمهم إلى محاكمة تدينهم أو تبرئهم، وتؤكد علمها بأصول بعض 'البدون' وجنسياتهم، ومع ذلك تبقيهم ضمن شريحة المقيمين بصورة غير قانونية.

الأساس في معالجة قضية 'البدون' يبدأ بإقرار مقومات وضمانات تكفل لهم عيشاً كريماً يقيهم ذل الحاجة، ومنحهم حق الإقامة دون التضييق عليهم وحرمانهم من الحصول على وثائق زواج وشهادات ميلاد وتعليم أبنائهم، وهذا ما كان يجب أن يحدث منذ عشرات السنين وليس اعتباراً من الجمعة الماضية بعد خروجهم بتظاهرات تذكر بعدالة قضيتهم، أما من يستحق التجنيس منهم فيحصل على الجنسية بحكم القانون، فلا نعلم ما هو هاجس الحكومة من تجنيس المستحقين، فقد أقدمت يوماً ما على التجنيس بشكل عشوائي لموازنة التركيبة السياسية، وتغاضت أيضاً عن مزدوجي الجنسية، لذا فمسألة إقناعنا باعتزامها 'الآن' حل مشكلة 'البدون' أمر تحوطه شكوك عديدة ولن يؤكده إلا إقدامها على حل القضية بشكل جذري وليس عبر التسريبات الصحافية.

كما تمتلك الدولة اليوم التكنولوجيا التي تكشف المستحقين للتجنيس بحكم الدم والنسب، ولديها القدرة على التواصل مع الدول التي يعتقد أن مجاميع من 'البدون' أتت منها أو تحمل جنسيتها، فلتقم بدورها وتفتح جميع الملفات وتنظر فيها وتنهي هذه المسألة بدلا من إبقائها رهينة المزاج السياسي والوضع الاجتماعي والضغط الدولي، خصوصاً أن لدينا حاليا حكومة مدعومة نيابياً بشكل مفزع يتيح لها حرية الإدارة والتشريع بما تراه مناسباً.

إذا لم تعالج الدولة هذا الملف فستبقى تؤجل وتؤجل حتى تفاجأ يوماً ما بأن الوضع الأمني تعدى مجرد التظاهر السلمي إلى ما هو أبعد، فتتحسر حينها على عدم فهم مدلولات الفقرة الثالثة من ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الناصة على أنه 'من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم'.​

http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=197271

ساجد العبدلي قال:
عادت قضية «البدون»، أو المقيمين بصورة غير قانونية، كما تسميهم وزارة الداخلية، في تسميتها المليئة بالتناقضات، إلى الصدارة مجددا، وهي القضية التي لم تخمد مأساتها في يوم من الأيام طوال الفترة الماضية، حتى إن حاد التركيز الإعلامي عنها لبعض الوقت... عقود طويلة استغرقتها الحكومة في إعطاء الوعود تلو الوعود للحل، دون إظهار أي جدية حقيقية لإنهاء هذه المشكلة المتراكمة، ككرة ثلج تتدحرج من أعلى جبل، فتوشك أن تسقط علينا جميعا!

شاركت شخصيا في العديد من الأنشطة البرلمانية والشعبية المرتبطة بقضية البدون، ورأيت عن قرب، ولأكثر من مرة، وعلى عهد أكثر من وزير للداخلية، كيف أن الحكومة لا تريد حتى أن تشعر نفسها بوجود قضية ملحة تستدعي حلا عاجلا، وكيف أن كل مقترحاتها للحل كانت تأتي باردة متلكئة وغير جادة!

لهذا، وبالرغم من أني لو علمت عن تظاهرات البدون التي جرت في الجهراء والصليبية لكنت حاولت إثناء أصحابها عنها، فإنني أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت إلى الحكومة بمدى حساسية قضية البدون وخطورتها، ولزوم معالجتها على وجه السرعة.

في مارس 2010، أي قبل عام تقريبا، كتبت مقالا وجهت من خلاله رسالة إلى شباب البدون ممن كان سبق بأشهر عديدة أن حادثتهم بذات الأمر، وذلك قبل أن يظهر في عالمنا العربي أي بوادر للتظاهرات، ناهيك عن الثورات، اقترحت عليهم من خلالها القيام باعتصام سلمي صامت دون انقطاع، وقلت إن هذا التحرك سيجعل من قضيتهم على رأس الأولويات عند الجميع، لكني لم أجد أي استجابة منهم آنذاك، وها أنا اليوم أرى بعضهم ينتفض في هذه التظاهرة، تأثرا بالأحداث من حولنا.

إن من ينكر وجود مشكلة البدون ولا يدرك حجم المعاناة الإنسانية المرتبطة بها، إما شخص تخفى عليه تفصيلات المعلومة، وإما متكبر عن الاعتراف بالحق لسبب من الأسباب، لكن ليدرك الجميع أن انفجار البدون اليوم، وخروجهم عن صمتهم، تأثرا بما يجري في العالم العربي أجمع، ليس شيئا نابعا من فراغ بل هو قائم على قضية حقيقية مستحقة، حتى إن اختلفت معها من باب الأسلوب والكيفية والتوقيت، لا المبدأ كما أوضحت سابقا.

أقولها وأنا أدرك حجم المعارضة التي سألاقيها من البعض، كما سبق أن رأيت ذلك لمرات عديدة، لكنني سأظل مؤمنا إيمانا مطلقا بأن حل هذه القضية دون تباطؤ، اليوم قبل الغد، سيأتي بالخير لهذا البلد وأهله على مستويات عديدة، وأن كل محاولات الرفض أو التجاهل أو التمييع والمماطلة لن تجر علينا إلا نكالا وسوءا.

إن كان البدون قد خرجوا اليوم بهذه التظاهرة السلمية الصغيرة، ومع ذلك جرى التعامل معها أمنيا بهذه القسوة المفرطة وغير المبررة مطلقا، فلا ضمانات من خروج المزيد من التظاهرات بشكل أكبر، ودخول النماذج السيئة والمفسدة في أواسط المتظاهرين لزعزعة الأمن، وقد كررناها ورأيناها لمئات المرات، إن العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من العنف، وإن كان يظن أحد أن الكويت تختلف عما يجري في العالم العربي، وأن الشدة والقبضة الحديدية قادرة على احتواء المشهد، فإنه يخدع نفسه بمثل هذا التفكير المغرق في السذاجة بل الغباء.

من حق الناس، بأي فئة من فئاتها، أن تخرج في تظاهرات سلمية لتعبر عن مطالباتها المشروعة إن وجدت، ومن الواجب على الجهة المسؤولة أن تستمع إليهم وأن تتعامل معهم وفقا للقانون على مقياس العدل والحق.

ومن اللافت أن البعض ذهب يستنكر على البدون المتظاهرين مناداتهم بتغيير السيد صالح الفضالة، الذي يرأس الجهاز المكلف منذ أشهر لمعالجة قضيتهم، وذهب هؤلاء إلى القول إنه لا يصح المس بأحد رجالات الكويت الأفاضل، لكنني لا أرى وجاهة لقولهم هذا، فالاعتراض على وجود الفضالة على رأس اللجنة، لا يمس قيمته الشخصية أو مكانته الاجتماعية في شيء، فالعاقل منا قد يمنع أخاه أو ابن عمه عن تولي مهمة ما، إن هو رآه لن يكون مناسبا لها، ولا شأن لذلك بأصله وفصله، وكل تاريخ صالح الفضالة وسيرته السابقة في عمله البرلماني ونحو ذلك، تشهد بأنه لم يكن في يوم من الأيام إيجابيا تجاه قضية البدون، فكيف لا تريدون لهم أن يطالبوا بتغييره. أنا شخصيا أطالب بتغييره!

يا حكومة... يا برلمان... يا مؤسسات وفعاليات المجتمع المدني... لابد من حل قضية البدون، الآن الآن، وليس غدا، وإن كان هناك من يؤمن بألا أحقية لأي شخص منهم بالجنسية على الإطلاق، فليتم إثبات ذلك عبر الإجراءات القانونية الواضحة، وليتم منح الجميع حقوقهم الإنسانية، من صحة وتعليم وحق بالعمل وغيره، وليتم محاسبة من أخفوا هوياتهم الحقيقية وادعوا عكس ذلك وترحيلهم، ولنتخلص من هذه القضية إلى الأبد!​


http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=196799



وقد كتب كذلك الاستاذ أحمد الديين الكثير والكثير من المقالات عن مشكلة البدون وكيفية حدوثها والطرق المثلى لمعالجتها. ولم يتسن لي الاستعانة بإحداها نظرا لكثرتها وتنوعها إلى درجة أن المرء الذي لا يعرف هذا الاستاذ الفاضل سيظن أنه ينتمي لهذه الفئة. وهذا بلا شك أن مثل هؤلاء المفكرين ممن يمتلكون مباديء ثابتة لا تهتز هم من يجب منحهم لواء الفكر الحر ويعبرون عن ضمير الشعب الحي. فعذرا يا استاذ أحمد الديين.


التعليق:​

ومن هنا أيها الاخوة فإننا لا بد أن نعيد إحياء ضميرنا كمجتمع حي ومترابط ويناقش قضاياه وظواهره السلبية بشكل مفتوح. ولا يمكنني أن أصدق أو أتقبل أن شريحة من ابناء المجتمع يرفضون أو يتحفظون على حل هذه القضية حلا ومشرفا ونهائيا، ولا يمكن التسليم بأن هذه النظرة الضيقة هي المهيمنة على المجتمع الكويتي الحر.

بإذن الله فإن الحكومة قادرة على حسم هذه القضية وإقفال ملفها بشكل عادل ومشرف بأسرع وقت، وذلك تحت رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه.​
 

قطرب

عضو ذهبي
هكذا يكون الانسجام مع المبادئ والقيم ..

جزاهم الله عنا خير الجزاء
وبارك لهم فيما رزقهم ..​
 
أعلى