مقال عميق يستحق القراءة , وكذلك نشكر أشادته في الحركة الشبابية (كافي)
وعندك واحد وطن.. وصلحوه!
أحاديث بوعسم
قالت وقد رأت اصفراري من به
وتنهـــــدت..فأجبــــتها : المتنــهد
المتنبي
أقسم لكم .. أني لو صادفت "كويت اليوم" أو " كويت في عهد ناصر المحمد" .. في أحد الأزقة أو جاءت بها الصدف أمامي في أحد المجمعات التجارية .. وتصادمنا بالكتوف أنا وهي .. لقلت لها عفوا! ... انا شايفج !.. بس مدري وين!) .. فأجابتني على الفور( يخلق من الوطن أربعين) .. فلو أعطينا "كويت اليوم" مرآة وقلنا تأملي .. لدهشت من شيب الفساد الذي غزا ضفائرها .. وتجاعيد الكساد التي اقتحمت تقاطيع وجنتيها.. التي لا يُصلحها .. حتى لو استعنا بأعتى دكاترة التجميل التي تستخدمهم "الشحروره" (" قلت" أزرى بك الدهر بعدنا.. "فقالت" معاذ الله بل "هو" لا الدهر) كما يقول أبوفراس الحمداني..!
الكويت الجميلة الأنيقة الفاتنة .. لم تعد كذلك إلا في صور ماضي شبابها .. التي حفظت في ألبومات بالأرفف مع ذكريات قديمة وأكياس الخردة "ونخوة عربية" وأشياء أخرى غير ضرورية ولازمة .. الكويت اليوم تعدو كأرنب مذعور إلى الخلف..وتتهاوى (كجلمود صخرا هده السيل من عل) بوصف شاعر الحيرة .. ويتساقط فيها الرجال من عينك .. كما يسقط صفصاف الشجر اليابس .. في خريف الوطن..!
تعال لنتنادم الشجون .. ونمارس نميمة الذكريات .. وغيبة الزمان .. ففي زمن الأحلام المرة .. بطعم الحنظل لا نتذكر إلا الماضي (وأصور الماضي لنفسي وأسليها) ونستذكر ماذا تعلمنا في مناهج المدارس والصفوف الدراسية .. ودع عنك أعقاب السجائر التي كُنا ندفنها..
و "أشرطة افلام الفيديو" التي كنا نتبادلها خلسة .. ونخبئها فوق الدولاب.
وأسوار المدرسة االقصيرة بعيوننا كأنها أسوار سجون وكأننا لصوص "كباريه" ففي مادة التاريخ .. تعلمنا أن الكويتيين الأوائل قاموا ببناء السور لحمايتهم من العدوان الخارجي والحفاظ على أمنهم واستقرارهم .. ولو أنهم علموا لبرهة أن السور ذاته سوف يكون شماعة وسبب لفرقتهم الداخلية وتمزيق أمانيهم وتفريق جمعهم.. لقاموا بدك حصونه بسواعدهم ورددوا بيت البحتري ( أما العداة فقد أروك أنفسهم ... فأقصد بسوء الظن اخوانا) .. وقبح الله معلمي التاريخ .. علمونا أن "ابن العلقمي" القريب والصديق من الحاكم آنذاك "المُستعصم" هي حكاية قديمة طوت عليها صفحات التاريخ وتراكمت من فوقها الأتربة والغبار .. حدثت في العهد العباسي في بغداد .. تبا لهم .. كيف تلك حكاية تاريخية .. ونحن ما زلنا نعيشها ونراها حاضرا .. وفي مناهج الحديث النبوي الشريف.. فهمنا حديث ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) .. أنه يدل على العدل ويدعو إلى المساواة .. وفهمت الحكومة من تأويل الحديث أننا لسنا سوى "أنهم الراعي .. وأننا قطيع من الأغنام" .. وفي صفوف تجويد القرآن .. درسنا أن للحروف مخارج .. ولكن لم ندرس أن مداخلها إلى عنابر السجن .. وفي تفسير المصحف الشريف اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون .. لا إن كنتم تريدون المناصب ( شخبار محمد الحويلة؟) ورحم الله أستاذ "عبدو" فهو الصعيدي الوحيد الذي أبصرته يُعلم الفلسفة .. كان يزعم قائلا (الود ده سقراط عشان كان شقي وبيعاكس حكمتوه .. حكمت عليه الحكومة أنه يشرب السم ) .. ولم يُخبرنا أن السُم في أحيان كُثر لا يكون بشكل قنينة يشرب ما بها .. بل بشكل قرار تصدره الحكومة .. أو صحيفة تدعمها .. أو قناة تخرجها .. ولم يقل لنا إن الكثير من كتاب الحكومة .. يمتهنون "الفلسفة" وهم بالواقع .. لا يحسنون إلا أحرفها الثلاثة الأخيرة .. وفي النحو والصرف .. تعلمنا أن حروف الجر كلها .. تتمثل في كلمة "الحق" .. وحروف "النصب" تحتكرها الحكومة .. وأن الضمائر قابلة للبيع والشراء والمساومة "والمكاسر" أحيانا .. وأن نون النسوة تضاف للأفعال التي يقوم بها بعض من أشباه الرجال .. وأن الخبر لا يسبقه مبتدأ أو "مبدأ" في قنوات الإعلام "النتن" .. وأن الجاهل الساقط الأحمق "فعل" والوطن والمواطن "مفعول به " وأن " الفاعل" مستتر .. مختبئ ولكنه داعم أساسي .. وفي محاضرات اللغة العربية استفدنا أن كلمة "مظاهرة" تحمل معاني مختلفة في سياق الجملة .. فمثلا (المعارضة يتظاهرون لإصلاح الحكومة) تعني التظاهر والاعتصام والمصداقية في الطرح .. و(المنافقون يتظاهرون في حب النظام ) تعني التظاهر بالشيء .. والكذب به والخداع والتزلف.. وأن كلمة "نائبة" .. تعني أحيانا التي تنوب بالأعمال عن مجموعة من الناس – كمثل النائبة سلوى الجسار- وأحيانا أخرى تعني كلمة "نائبة" المصيبة العظيمة .. والبلاء الجلل .. وسامح الله ابن منظور لم يجعل في كتابه "لسان العرب" مرادف كلمة العز هو "مسلم البراك " .. وأصدق ما تعلمنا في دروس الأحياء أن الشعب والعشب .. يتشابهون بالأحرف والحال فكلاهم ذو جذور ممتدة وعميقة وغائرة .. وكلامها ناصع الخضار .. وكلاهم تدهسه عجلات "الباناميرا" و"البوقاتي" وأقدام السفهاء و تلتهمه البهائم .. وأطرف ما كان في ذكريات الماضي (يا بعد زول رفعة) .. إني دخلت أختبار مادة الدستور والوطنية .. فسجلت إسم سمو الرئيس .. ونسيت أن أدون اسمي ورقم جلوسي فنجحت وبمرتبة امتياز مع مرتبة القرف!
اليوم .. قرر مجموعة من الشباب يغامرون بإصلاح ما أفسده الدهر .. ويعيدون للكويت مظهرها النضر .. ويعيدون لها عبقها العطر .. لا يحلمون بالذهب والعسجد .. ولا بطيب العيش والمرقد .. بل بوطن بدره اكتمل .. واكتسى حلته وارتفل ..وينوون تصحيح كل المفاهيم التي تعلمناها في المدارس .. وأفسدتها الحكومة والمجالس ..واحياء لقيم اندثرت ..واخماد نيران اشتعلت .. أسموا حملتهم كافي .. ليعود الوطن مُتعافي .. كافي للإعلام الفاسد .. وتمزيق المجتمع الواحد .. كافي تضييق على الحريات .. ووأد للآمال والأمنيات ..وضرب الشعب بالمطاعات ..فهم قد سئموا من الكلام .. لأن الكلام في الوطن .. زنى به وامتهن .. وأصبح فاقدا للشرف .. ولأنهم مصدر السلطات .. يبتغون النزول إلى الشارع .. إذ لم يجدوا بالمجلس لهم مدافع .. أو لحقوقهم مُقارع مطالباتهم سلمية دستورية .. يطالبون بحقوقهم بعد أن هضمت .. وأصبحت حقوقهم واجبات عليهم .. أتمنى لهم التوفيق .. وأخبرهم أن الرعد اذا بدأ يهدر ويجلل يتنبأ " بسقوط" المطر .. حتى الحكومة ان بدأت ترعد وتجلل بالتحذير والتخويف .. فهي أيضا تتنبأ "بسقوطها"!
* * *
تنويه: مقال "حكومة ناصر .. تسمحي لي بالرقصة دي " لم يمنع من النشر .. إنما كان عربون محبة .. خصصته إلى صحيفة " رقابة " الالكترونية ..التي تلقتني هي وملاكها ومشرفها الأخ "عزيز نفس" بصدر رحب.. كما إني وددت أن "أوهقهم" معي .. حتى أجد لي أنيسا وونيسا لي في وحشة وعتمة العنبر!
صعلكة :
الكُتاب في الصحافة الكويتية .. القليل يستحق عمودا صحفيا .. والكثير يستحق عمودا يهوي على رأسه .. والأكثر يستحق عمودا يربط به!
بوعسم
abo-3asam@hotmail.com
