سلسلة ( هل ) : هل سبق الإسلام القوانين الدولية في حق اللاجئين ؟

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
سلسلة ( هل ) : هل سبق الإسلام القوانين الدولية في تشريع حقوق اللاجئين ؟

سلسلة ( هل ) : هل سبق الإسلام القوانين الدولية في تشريع حقوق اللاجئين ؟

السلام عليكم



الموضوعات الخاصة بتأثير التشريعات الإسلامية على القوانين الدولية كثيرة ومتنوعة وإن شاء الله نأتي عليها تباعا , وقد أحببت أن أبدأ بموضوع جميل وهو سبق التشريعات الإسلامية لأحكام اللاجئين في القانون الدولي وأسبابي في ذلك متعددة أهمها في رأيي هو :


الأول : أن معاملة اللاجئ دليل حي على رحمة التشريع والذي بات يبحث غالب الناس في الشرق والغرب عن تفاصيله ودقائقه , فمعاملة اللاجئ الضعيف الهارب بخوفه من بطش أو إرهاب أو غيره , لتظهر صدق معدن الثقافة والحضارة التي يسير عليها هذا الآخر , وعدم التفريق في معاملته لأي معايير من دين أو جنسية أو فكر أو غيره ليدل مرة أخرى على صحة التشريع أما لا ...


الثاني : أن أكثر اللاجئين اليوم هم من المسلمين أنفسهم , الذين تركوا ديارهم إما هربا أو طلبا للحياة الأفضل في ديار غير إسلامية مثل أوروبا وأمريكا , ومعاملة المسلمين هناك طبقا للقانون الدولي يرتد علينا بأسئلة هامة مفادها ما هو موقف الإسلام من معاملة اللاجئ ؟ , وهل سبقنا الغرب إلى سن تشريعات رحيمة بهؤلاء أم الإسلام سبق بهذا واضاء الدنيا بمثل هذه التشريعات الرقيقة الرحيمة والتنظيمية بحيث لم يعد لاجئ يخاف على نفسه إذا أقبل على الدول الإسلامية فارا بنفسه أو بأسرته ؟ هذه أسئلة هامة جدا


ولهذا قال
أنطونيو جوتيرس المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ((لقد شكلت التقاليد والأعراف العربية منذ أمدٍ بعيد الأساس الراسخ لحماية بني البشر والمحافظة على كرامتهم. وما استخدام مفردات مثل الإجارة والاستجارة والإيواء وغيرها الا تعبيرا واضحا عن فكرة الحماية التي هي اليوم في صميم ولاية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين, وجاءت الشريعة الإسلامية لتكرس مبادئ إنسانية للأخوّة والمساواة والتسامح بين البشر. إن إغاثة الملهوف وإجارة المحتاج وحمايته وإيوائه ومنحه الأمان دون الرجوع عنه حتى لمن كان من الأعداء هي من ضمن الشرائع الإسلاميةالتي سبقت بقرون عديدة القوانين والمواثيق الدولية الحديثة لحقوق الإنسان ومنها حق اللجوء وعدم جواز إرجاع اللاجئ وذلك حفاظا على سلامته وتحاشيا لتعريضه للاضطهاد أو القتل ))

(( لقد تناولت الشريعة الإسلامية مسألة اللجوء بتفصيل ووضوح تامين، كل أمان وكرامة ورعاية، كما حدد المجتمع » المُستأمن « وكفلت لطالب اللجوء الإسلامي الأصول الواجب اتباعها في الاستجابة لطلبات اللجوء. فكان رد محرما شرعا على نحو واضح. وما هو معروف اليوم باسم مبدأ » المستأمن « إنما يمثل نفس المبدأ وحجر الأساس للقانون الدولي للجوء ))

وفي موضع آخر يقول ما نصه (( وفي هذه الدراسة المعمقة، تمكن المؤلف من تفصيل الشريعة الإسلامية والتقاليد العربية، بما في ذلك المعايير و القواعد السلوكية التي تشكل مرجعية للإطار القانوني الذي تدير به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عملها))


وفي موضع آخر يقول (( ... وهذه بالإضافة إحترام حقوق الإنسان الأساسية هي المبادئ التي شرحها الكتاب بالتفصيل و برهن أنا تشكل ركيزة لكثير من القوانين الدولية التي
تحكم العمل الإنساني
)) انتهى


وهذا الكلام الجيد المنصف عن سبق الإسلام للتشريعات القانونية الدولية لحقوق اللجوء من المفوض السامي , ليوضحه الكاتب في كتابه , وهو كتاب جيد جدا للدكتور أحمد ابو الوفا رئيس قسم القانون الدولي العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة , وقد صنف هذا الكتاب نيابة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين. وقد صرح المفوض السامي بهذه الكلمات وهو يقدر لهذا الكتاب في صفحاته الأولى مبديا إعجابه بسبق التشريع الإسلامي للكثير من القوانين والتشريعات الدولية الخاصة بهذا الشأن وكونها كانت الركيزة التي انطلق منها القانون الدولي أو يعتمد عليها . وفي الحقيقة قد برهن الكاتب على توسع الإسلام وشريعته في هذا الباب على القانون الدولي فضلا عن سبقه للدنيا بوضع هذه القوانين التي توصل إلى بعضها البشر بعد مئات السنين من ظهور نور الإسلام على الأرض.


يتبع إن شاء الله

..




 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
الإيواء والإجار من أخلاق العرب قبل الإسلام

الإيواء والإجار من أخلاق العرب قبل الإسلام


السلام عليكم



لم تعرف أمة من الأمم خلق الشهامة والإجارة ونصرة المظلوم والذود عنه كالعرب , فقد كان من أخلاقهم الأصيلة الداعية إلى الفخر وترك ذلك مذمة عليهم , ولعل هذه الأخلاق العربية الأصيلة وما كان معها من أخلاق أخرى نادرة كانت سببا في تحملهم الرسالة الخاتمة.


فبمثل هذه الأخلاق تنتشر الديانة ويعظم تأثير الدعوة , لأن التعامل مع الضعفاء والمساكين والمضطهدين والفارين من الإعتداءات بنوع من الرحمة والنصرة , إنما هي حالة إنقاذ ولا يقوم لهذا إلا أهل الفضل والخلق , وحتى هذا الإنقاذ كانت العرب تقوم به على أفضل نوع وبأحسن طريقة , ولهذا قال شارهم حمد بن ثور الهلالي :


متى أدع قومي يجب دعوتي *** فوارس هيجاء كرام النسب
ترى جارهم آمناً وسطهم *** يروح بعقد وثيق السبب
إذا ما عقدنا له ذمة *** شددنا العناج وعقد الكرب



وقال أبو العباس ثغلب :

وجار سار معتمداً إلينا *** أجارته المخافة والرجاء
فجاور مكرماً حتى إذا ما *** دعاه الصيف وانصرف الشتاء
ضمنا ما له فغدا سليماً *** علينا نقصه وله النماء
فلم أر معشر أسروا هدياً *** ولم أر جار بيت يستباء
وجار البيت والرجل المنادي *** أمام الحي عهدهما سواء



ويقول الدكتور أحمد أبو الوفا ص ٣٣ (( ومن الثابت أن منح الملجأ يهدف إل توفير الأمن والأمان للاجئ.ويبدو ذلك واضحاً من بيعة العقبة الثانية التي سبقت الهجرة إل المدينة،إذ لما أقبل أهل يثرب هجرة الرسول إليهم قال رسول الله (( أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم )). وقد كان العرب ومن بعدهم المسلمين في هذا المجال سباقين: قال عبد الملك بن مروان لجعيل بن علقمة: ما مبلغ حفظكم؟ قال: يدفع الرجل منا عمن استجار به من غير قومه كدفاعه عن نفسه، قال عبد.الملك: مثلك من يصف قومه . انتهى


وعلى الرغم من كون عدم إيذاء الرسل المرسلين إلى الأقاليم والدول كان محل عرف دولي , إلا أن العرب كانوا قد سبقوا الدنيا كلها في كفالة الأمن للاجئ لهم وللمتسجير بهم ولو كان مخالفا في العقيدة , وهذا الخلق الحسن لم تعرفه الدنيا إلا بعدما أرست البشرية هذا الخلق كوجوب قانوني يلزم الدول به , ويضمن للاجئين حق الإنسانية والذي عرفه العرب المشركون !!! بل إن هذه المواثيق والتشريعات الدولية تم تعديلها عدة مرات لكي تناسب متغيرات الدنيا بينما تشريعات الإسلام والتي رفعت من شأن العرب وجملتهم , وأسست القواعد التي يسير عليها حق اللاجئ ظلت ثابتة منذ أو وضعها أهل العلم إلى يومنا هذا كما سوف يأتي , بل سوف يتضح أن شريعة الإسلام وفقه هذا الباب كان أكثر توسعا وأحسن وأرفق بالناس من تشريعات الأمم المتحدة...


يتبع إن شاء الله

.


 

رُبـّـمــا

عضو مخضرم
موضوع رائع جداً يزيح العتمة التي يصر الادعياء على لصقها بالاسلام خصوصاً والعرب عموماً ..​


استمر شيخنا الجليل ابا عمر ..​

فالعرب اصحاب تاريخ عميق بتطمين قلب المستجير نعم ..​


يبقى الاسلام الرقم واحد في صوْن الانسان ولو كره الكافرون ..​
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
موضوع رائع جداً يزيح العتمة التي يصر الادعياء على لصقها بالاسلام خصوصاً والعرب عموماً ..​



استمر شيخنا الجليل ابا عمر ..​

فالعرب اصحاب تاريخ عميق بتطمين قلب المستجير نعم ..​



يبقى الاسلام الرقم واحد في صوْن الانسان ولو كره الكافرون ..​


صدقتم أختنا الكريمة , العرب معدن الإسلام الذي تجلت فضائلهم بعد تعديلات الإسلام عليها , فأخلاقهم في الجاهلية تكونت منها مواثيق للأمم المتحدة فكيف بهم في الإسلام إذا ؟ سوف يشهد الكاتب ومعه مفوضية الأمم المتحدة بأخلاق الإسلام العالية , وبالتفصيلات العلمية الشرعية لحقوق اللاجئين وما يوجبه علماء المسلمين على الحكام تجاههم , وهم بعد أقلية في المجتمعات الإسلامية...


وهذه ليست أول قضية يسبق فيها الإسلام قوانين الأمم المتحدة بل هناك قضايا كثيرة جدا سوف نأتي عليها تباعا , ولكن في ظل تشرذم المسلمين في بقاع الأرض بحثا عن العمل الطيب أو الحق الضائع , أحببت أن أسلط الضوء على أول من أرسوا حقوق اللاجئين في الدنيا وسنوا لها التشريعات مع ملاحظة أن الإسلام كان قويا عظيما مهابا في الأيام السابقة وخلال فترات الخلافة على إختلاف دولتها , ولم يكن في حاجة لعمل هذه التشريعات أصلا

..

 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
توسع الإسلام في أسباب اللجوء عن قوانين الأمم المتحدة

توسع الإسلام في أسباب اللجوء عن قوانين الأمم المتحدة

السلام عليكم


لم ييسبق العرب والمسلمون الدنيا في إرساء قوانين اللاجئين فقط , وإنما توسعوا فيها توسعا كبيرا من حيث الأسباب , وحتى في الأشخاص المصاحبون للاجئ كانوا أيضا رمزا وعلامة في هذا الشأن , فكانوا يُأمنون اللاجئ على نفسه وعلى أهله حتى على خدمه ومواليه , وهذا نموذج من كتب الأمان كما ورد في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة , فكان مما جاء فيه ( هذا كتاب من فلان لفلان : إني أمنتك على دمك ومواليك وأتباعك , لك ولهم ذمة الله الموفي بها , ومهده المسكون إليه , ثم ذمة الأنبياء الذين أرسلهم برسالته وأكرمهم بوحيه , ثم ذمم النجباء من خلائقه , بحقن دمك ومن دخل اسمه معك في هذا الكتاب , وسلامة مالك وأموالهم وكذا وكذا فاقبلوا معروضه , واسكنوا إلى أمانه وتعلقوا بحبل ذمته , فإنه ليس بعدما وكد من ذلك متوثق لداخل في أمان إلا وقد اعتقلتم بأوثق عراه , ولجلأتم إلى أحرز كهوفه والسلام )) المجلد الثاني من كتاب عيون الأخبار...


وفي الحقيقة بينما نجد أن الإسلام توسع في أسباب اللجوء , فمن أراد اللجوء للإسلام كان له ذلك , ومن أراد اللجوء ويدخل في أهل الذمة أيضا كان له ذلك , فالمجال واسع جدا للاجئين إلا أن يرتكب عملا ينافي الإسلام , مثل أن يأوي جاسوسا أو شيئا من هذا فعقد الأمان ينتقد كما يرى أبو حنيفة رحمه الله تعالى , وفي ظل هذا التوسع الإسلامي نجد تضييقا من قوانين الأمم المتحدة في مقابل هذا...


في القانون الدولي
يقول الدكتور أحمد أبو الوفا في كتابه (( اللاجئ هو كل من وجد وبسبب خوف، له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إل فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية، خارج البلاد التي يحمل جنسيتها ولا يستطيع أو لا يرغب في حماية ذلك البلد بسبب هذا الخوف، أو كل من لا جنسية له وهو خارج بلد إقامته السابقة ولا يستطيع أو لا يرغب بسبب ذلك الخوف في العودة إل ذلك البلد ))
وقد تم توسيع هذا التعريف الوارد في اتفاقية 1951 م)


أ - في اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية التي تحكم الجوانب المحددة لمشكلات اللاجئين في أفريقيا ) 1969 م() 1(، وذلك بأن أضافت إلتعريف اتفاقية 1951 م أن اللاجئ هو أي شخص اضطر إل بسبب اعتداء خارجي أو احتلال أو هيمنة خارجية « : مغادرة بلده أو أحداث تعكر بشكل خطير النظام العام في كل أو جزء من بلد
وهكذا وفقاً لهذه الاتفاقية يمكن أن يصبح .» الأصل أو بلد الجنسية لاجئاً الشخص الذي يتواجد في الأحوال المذكورة أعلاه، حتى ولو لم يكن لديه خوف من الإضطهاد. وتستند تلك الاتفاقية إلمبدأ مفاده أن الحاجة إل الحماية الدولية يحتمها انعدام وجود الحماية الوطنية فى أحوال تكون فيها دولة الأصل إما غير راغبة فى تأمين الحماية اللازمة لمواطنيها، وإما عاجزة عن توفير تلك الحماية. وهذا ما يحدث عادة أثناء الحروب الأهلية أو الاحتلال الحربى...


فهناك أسباب وشروط يجب توافرها لكي يصبح الإنسان لاجئا في ظل القانون الدولي , مثل أن يوجد خوف له ما يبرره من التعرض للإضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه أو غير ذلك , ولهذا رفضت هولندا ادعاء مسيحي تركيا بوقوع اضطهاد عليهم كسبب للحصول على حق الملجأ بقولها : The Goverment considers that the Christian turkish nationals have no well-founded grounds to fear persecution in their homeland within the meaning of the geneva refugees convention. The application made by turkish christian for the grant of refugee status have , therefore , been dismissed without exception ( NYIL 1985, p.345 ) صفحة 42


ففي الوضع الإسلامي تكفي الرغبة لذلك بحيث لا يتعارض مع الشرع طبعا , لأن لفظة الإجارة والإستجارة تبيح ذلك كما سوف أفرد لهاتين اللفظتين المقالة القادمة إن شاء الله.


يتبع إن شاء الله

.

 
أعلى