المتتبع لمسار العمل السياسي بالكويت يجد العجب العجاب، فأطراف العملية السياسية من حكومة و معارضة وموالاة يعانون الكثير من الأزمات المتعاقبة والمواقف المتناقضة! حديثي اليوم ليس عن الحكومة فقد كفاني الحديث عن فشلها وفسادها العديد من الإخوة في الشبكة، وليس عن الموالاة فتكسبها و ما وصل إليه أعضائها من امتيازات و مكافئات و مناصب يكفي لفضحها، لكن حديثي اليوم عن الجهة المعارضة أو التي على الاقل رفعت شعار المعارضة في السلطة التشريعية ضد السلطة التنفيذية!
المعارضة بالكويت تنقسم إلى شرائح، فما بين معارض طوال الخط كالتنمية والشعبي، و معارض لا نعرف لماذا يعارض - لا اريد الخوض بأمثله حتى لا يتشعب الموضوع- ، ومعارضة تقول عن نفسها انها معارضة عقلانية تهدف إلى الإصلاح كحسن جوهر مثلا و التكتل الوطني - نستثني منه رئيس المجلس القادم عبدالله الرومي بالتأكيد ! - لكل جهة من الجهات السابقة حقها في أخذ كافة المواقف التي تراها مناسبة. لكن ليس من حقها بيع الأوهام إلى الشارع السياسي ودفع الاصلاح السياسي كثمن لمكتسبات لهم!
* * *
بالأمس كتبت موضوع عارضني فيه بعض الإخوة ووافقني غيرهم حول دولة احمد الفهد - اضغط هنا - ، وأشرت فيه إلى ضرورة ان نحكم مبادئنا في كل موقف نتخذه، واليوم اوجه ذات الموضوع لذات الهدف لكن للطرف الآخر فأقول ان التكتل الوطني قد أخطأ أو وقع في الفخ الذي نصبه له سمو الرئيس بعد ان نفى الملا وجود صفقة و رأينا اليوم صدور مرسوم بتعيين الجزاف وقرار مجلس الوزراء تكليف المضف، لا علاقة لي بشخوصهم إنما اتحدث عن تعيينهم بهذه الطريقة سواء استحقوا المنصب ام لا كفاتورة سياسية لإستجواب الفهد وابعاد المنافس الاشرس لناصر المحمد في صراع الاسرة.
جريدة الجريدة - عدد 17/5/2011
فقد استغربت غبائهم المفرط ورضوخهم لهذه الصفقة السياسية التي قد يتحاشاها من هم في اولى خطواتهم السياسية، فهم فيها بين أمرين لا ثالث لهما، إما موافق لها فلطخ سمعته في وحل الصفقات السياسية الرخيصة ووجه لناخبيه ومبادئه طعنة في الظهر، وإما رافض وقد قبلها على مضض فسقط في فخ المحمد الذي أراد تصويرهم للناخبين بمظهر تجار الصفقات السياسية، أعلم ان البعض هنا يطعن بالتكتل الوطني سواء عين المضف ام لا واعلم ان البعض الآخر يتهمهم بالعنصرية لمجرد كونهم حضر، وأعلم ان البعض يعارضهم سواء بقي الفهد او لا فالبعض يسير وفق منهجية تعصبه القبلي أو الفئوي أو الطائفي او حتى الحركي فيحدد من خلالهم موقفه السياسي.
لكنني اليوم اوجه خطابي إلى الإخوة العقلانيين من دعاة الإصلاح السياسي في بلدنا الحبيب للنظر في مواقف التكتل الوطني و نوجه رساله قوية بأن الشعب واعي ويرفض هذه الممارسات الفجة.
* * *
لماذا أعارض التكتل اليوم وقد وافقتهم بالأمس ؟ لإنني عارضتهم ووافقتهم في السابق حسب قناعاتي ومبادئي و عندما اراهم اليوم يحيدون عن هذه المبادئ التي أعلنوها هم اجد نفسي مضطرا لمعارضتهم ، التكتل الوطني بصفقته اليوم يتساوى مع من اتهمهم بالتبعية وبتشويه صورة المعارضة ويتساوى مع من يرون فيهم ادوات هادمة للدستور، التكتل الوطني اليوم يبرهن على انهم احق الاشخاص بوصف عضو التكتل عادل الصرعاوي عندما اتهم غيره بكونهم معارضون جدد. لماذا كل هذا ؟ :
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم مبنية على مواقف ومبادئ متناقضه فنراهم يطرحون الثقة بالمحمد و يرون انه فشل في إدارة الدولة ويقدمون صك اعدامه سياسيا بطرح الثقة فيه بكتاب عدم التعاون الأول وانه سياسي فاسد ومن ثم يتحالفون معه لتطبيق غايتهم ومصلحتهم في القضاء على الفهد! يا رباه !! والادهى والأمر ان تركة الفهد في جلها ذهبت لأنصارهم في إشارة واضحة للصفقات السياسية، فالهارون وزيرا للتنمية و المضف للإسكان والجزاف يعود للهيئه!
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم مبنية على تصريحات كاذبة فنرى الملا ينفي وجود صفقات يفرضها الواقع كما فعل التحالف الوطني بالأمس عندما تبرأ من موضى الحمود بعد قبولها الدخول في الوزارة قبل سنتين و يدعي عدم تمثيلها لهم فيها بينما يدعمها مشاري العنجري ويوسف الابراهيم في الخفاء ويدعمون إعادة توزيرها مع كل وزارة بل و يتباكى على رحيلها صالح الملا بعد رحيلها ويستشهد على ان رحيلها ينفي وجود الصفقة بين التكتل الوطني و سمو الرئيس بعد استجواب الفهد!!
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم معارضة مبنية على مصالح وقتية لا علاقة لها بالإصلاح، فالجزاف اليوم سيلقى مصير فؤاد الفلاح بالغد القريب او البعيد وسيتجدد من بعده صراع المناصب ويعاد صراع مشايخ الاسرة ومشايخ المال على ملعب الكرة الكويتية والضحية هو الشعب، ولن تحل مشاكل الرياضة فالمشكلة أكبر من منصب هنا او هناك، و إن كنا نرى ان الجزاف يستحق المنصب إلا ان ارجاع حقه له عن طريق صفقة سياسية وحكر الملف الرياضي في منصب رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة أمر مخزي!
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم و صفقاتهم امتداد لمساوئ الأمس القريب فهي مبنية على مساومات تحمل شعار كلمة الحق التي اراد بها صاحبها الباطل!، فمن يذكر قضية ياسر الصبيح و قيام أحمد المليفي بمساومة رئيس الوزراء على سحب جنسية مواطن كويتي وفق مرسوم أميري مقابل سحب الاستجواب ؟ فقط ليعلم الإخوة مدى التزامهم بالمبادئ لجنة ثامر اوصت بسحب جنسية 33 شخص ولم نر من المليفي أو بقية أعضاء التكتل الوطني اي تحرك جاد في التحقيق في احقية هؤلاء من عدمهما فالموقف الشخصي - او التكسب الانتخابي - ازاء قضية الصبيح جعلته يصمت صمت اهل القبور إزاء المبادئ والشعارات التي رفعها حينما هم بمحاربة التجنيس العشوائي! فقد تحصل على مبتغاه وسكت عن نيل 33 شخص للجنسية دون وجه حق وتفاصيل القضية معلومه للجميع! فهل تحدث احد من أعضاء التكتل الوطني المتواجدين اليوم في ذلك الوقت مؤيدا لتقرير لجنة ثامر او مستنكرا التراجع عن المرسوم الأميري؟ بكل تأكيد لا ، و هل سيتحدث منهم اليوم عن الظلم الواقع على نائب مدير البنك الظفيري ؟ و هل ستضمن اسيل العوضي هذه الصفقات خطابها القادم لسمو الأمير حفظه الله ورعاه! و هل نتوقع ان يبتدئ مرزوق الغانم و عادل الصرعاوي خطبهم العصماء حول ظلم دولة الفهد للكفاءات استشهادا ً بالظفيري كحالة لظلم الكفاءة في دولة القانون والمؤسسات ؟
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم مبنية على رفع شعار الدستور متى وقف بجانبهم فقط وتجاهله حال وقف ضد نفسهم العنصري فهم كنواب الفرعيات يرفعون شعار إلا الدستور ويزعمون الدفاع عنه يرفعون الدستور الذي ينص على تمثيل الأمة وكل منهم يمثل مصالحه وقبيلته فالإثنين سيان!، فما حصل اليوم من التكتل يمثل انتهاك صارخ لمواد الدستور 7 - 17 - 26 - 29 - 41 - 50 فهل يتناسى التكتل قيام أعضائه علي الراشد - بنسخته الوطنية - و فيصل الشايع ومحمد الصقر تقديم اقتراح إلغاء قانون التعليم المشترك لمعارضته مبادئ الدستور ولكون المساواة اساس دستور عبدالله السالم وهل يتناسى التكتل دعمه لهذه المطالب والشعارات ؟ المضحك المبكي أنه في نفس هذا المجلس طرح أكثر موضوع توحيد مواد الجنسية فما كان من دعاة المساواة الا السكوت و تجاهل الأمر فكيف يرضى عادل الصرعاوي بمساواة من تجنس بالامس بالرجال المؤسسين؟ وكيف يقبل عبدالله الرومي بإعطاء الكويتية المتزوجة من المصري والفلسطيني والهندي مميزات مالية كبيرة فيصبح ابنائها البياسر كالكويتيون؟ هنا نرى اختزال المبادئ الدستورية على وجهه الحقيقي في العديد من الامثلة لدى اتباع هذا التكتل!
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم تنادي بحماية المال العام قولا لا فعلا! ، فمصالحهم اقوى واشد من اي مبدأ وتبين لنا هذا اليوم كما حصل بالأمس، فأكثر من شخص بالتحالف الوطني دخل إلى العمل السياسي ولم يعرف عنه الغنى او تملك الشركات فخرج من العمل السياسي برصيد كبير ومنفعه اكبر و ما المدعج و شركة الزهرة ودورها في تجاوزات المصفاة الرابعة إلا دليل ومن يرد التفاصيل حول تورط عراب التحالف والتكتل الوطني محمد الصقر و عبدالمحسن المدعج احد كبار التحالف الممثل داخل المجلس في التكتل الوطني عليه اللجوء إلى الأخبار والمقالات والمواقف النيابية الصامته فهي خير دليل ، كما يعلم الجميع موقف التكتل من قضايا زين وسكوتهم حول التجاوزات الكبيرة فيها مع صمتهم المطبق ازاء اي قانون تشريعي يحد من نفوذهم التجارية وآخر ما كان صمت مرزوق الغانم المطبق إزاء الحملة الشبابية ضد شركات الإنترنت، فمعلوم ان للغانم علاقة بثلاث من أربع شركات - غير مرخصة - تقدم الخدمة في دولة الكويت!
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم ترى أنها هي المعارضة الحقة وما سواهم مجرد أدوات! ، نعم هناك نواب ادوات لكن تشكيكهم المتواصل في كل من يعارضهم بلغ مبلغ السخافه والحماقة حيث أن هذه الافكار الطائشة هي أهم اسباب نجاح الحكومة في سياسة - فرق تسد - وفشل المعارضة في تحقيق مبتغاها حيث تستغل الحكومة قناعة نواب التكتل الوطني في كون غالبية النواب القبليين مجرد أدوات بيد هذا الشيخ او هذا الفخد، وكون غالبية النواب الاسلاميين سذج، وكون المستقلين من الحضر مجرد أدوات لهذا الشيخ او مجرد تجار فساد، وما تهجم الصرعاوي على النواب بمصطلحات الدستوريون الجدد الا دليل على هذا الشيء. هم يرون ان المعارضة صك هم يملكون حق وهبه لهذا او ذاك فمن وافقهم وطني ومن خالفهم وثني، ولهذا نرى الشقاق الكبير بين احمد السعدون ومسلم البراك و كتلة العمل الوطني، بالرغم من كونهم جميعا يشتركون في فكر سياسي واحد - من المفترض ان يكون ليبرالي - ! ابلغ رد رأيته على هذه التهم المعلبة هو ما قرأته في أحد المدونات حول موقف النائب وليد الطبطبائي اثناء استجواب الفهد، اتباع التكتل الوطني يتهمون الطبطبائي بتبعيته للفهد منذ انتخابات 2003 حيث اتهم في كل شاردة وواردة وقامو بالتشكيك في كل سؤال واستجواب برلماني وفي نهاية المطاف وفي أول مطب كان الطبطبائي أول نائب اعلن تأييده لإستجواب الفهد بل طرح الثقة فيه بل كونه أول المتحدثين الثلاثة المؤيدين للإستجواب!
أقف ضدهم اليوم لإن معارضتهم تتشدق بالليبرالية بينما الليبرالية منهم براء!، لا ادعي الدفاع فلست ليبرالي لكنني احاججهم بشعاراتهم، كيف لتكتل وطني يرفع شعار الوطنية أن يفرق بين عضوين لهما نفس المواقف؟ عادل الصرعاوي و وعلي العمير مثلا لهم العديد من المواقف المتوافقة في الجانب الشرعي، فمن يشرح لي هذا التناقض الذي يجعل من صالح الملا يتخذ من الطبطبائي او العمير او خالد السلطان موقفا معاديا للدستور بينما يرى الصرعاوي الذي يرفض الإختلاط ويقف مع الضوابط الشرعية و سبق له وان رفض الحقوق السياسية للمرأة نائبا دستوريا وطنيا ً ؟!!
* * *
بعد كل هذا أجد نفسي مضطرا للتبرؤ من هذا التكتل الذي لا يختلف عن بعض معارضي هذا اليوم بل هو أشد سوء ً منهم حيث انه يتهمهم بما هو واقع فيه، و أعلن حرب القلم على آخر آمال الناخبين منهم وهم صالح الملا واسيل العوضي و عادل الصرعاوي، فإما أن تتبرؤو من هذه الصفقات وتتبعوا خط النائب الشجاع عبدالرحمن العنجري الذي لم يخن مبادئه بل اصبح مدافعا شرسا عنها ولم يتلون او يتكسب او يجعلها وراء ظهره، وإما أن تقفو في موقف واحد مع سلوى الجسار التي استفادت من تعيين زوجها التمار وسعدون حماد الذي عين أخاه المختار!
* * *
(1) هذا الموضوع مختص بالنقاش حول المواقف السياسية للتكتل الوطني، الزج بأطروحات قبائل عوائل حضر بدو أمر مرفوض.
(2) على أيتام دولة الفهد اللطم خارج الموضوع وفتح موضوع آخر للتباكي على رحيل معزبهم.
(3) اقتبست العديد من نقاط هذا الموضوع من مسوده موضوع سابق اردت كتابته حول تناقضات التيار الوطني ففي حال وجود أي خطأ يرجى الإشارة إليه.
(4) باب النقاش العقلاني مفتوح للجميع، فأهلا بكم!