بالأمس كنت في الديوانية الاسبوعية بين الاهل والاصدقاء واثناء مرور احد الاخوان بشكل سريع على القنوات المحلية شاهدت صورة المغرد ناصر ابل على قناة الفتنه قناة العدالة فاستغربت وانصدمت من كونه محتجزا حتى هذه اللحظة منذ ما يزيد عن الثلاثة اشهر!
ناصر ابل بالنسبة لي شخص يمثل الإنحطاط الاخلاقي وتفاهه الطرح و واقع حال غالبية شباب الشارع السياسي السخيف الذي نجد ان أقوالهم تفوق أفعالهم، و هو مثال حي على خطورة دخول المتعصبين من الطائفيين والعنصريين الذين يغذون مراهقي السياسة بشرورهم وافكارهم الهدامة، فقط حتى لا يعتقد البعض انني اكتب هذا الموضوع دفاعا عنه.
لكن القضية ليست أبل، بل القضية هي هل سنقف مع القانون ام ضده؟ هل سنمارس ازدواجية المعايير حسب اهوائنا ومصالحنا ام حسب مبادئنا؟ هل نحن مع حرية التعبير ودولة المؤسسات أم مع التناقض والشخصانية والمهاترات؟ ، اليوم يسجن ناصر ابل لمدة طويلة بالرغم من انكاره التهم الموجهه ضده و بالرغم من عدم وجود دليل مادي ملموس يعتد به وبالرغم من عدم وجود قانون ينظم جرائم الشبكة العنكبوتية فمن سيتبعه منكم غدا اذا ما ارتكب فعل مشابه أو قام بارتكاب اي مخالفة عادية او حتى لفقت ضده هذه التهم أثناء تصفحة الانترنت ؟؟
ما الذي يردع الحكومة او يمنعها من توجيه تهمة السب والقذف وحجز أي زميل بالمنتدى او في الفيسبوك او تويتر؟ هل يضمن احدكم ان لا تستغل الحكومة هذه الحادثة لتوجيه سهامها بالغد ضد من يعارضها اليوم؟ هل يرضى احدكم ان يزج هو او من يقاربه وجهات النظر بالسجن لثلاثة اشهر وبتعسف واضح لإنه انتقد او شتم الحكومة في المكان الوحيد الذي من المفترض ان يتحدث فيه بكل اريحية؟
المحامي محمد عبدالقادر الجاسم اتهم بنفس القضايا على اثر مقالات نشرت له في الشبكة العنكبوتية، وكان قد رفع بتعمد من سقف انتقاداته بإعترافه هو لعلمه بعدم وجود ما يدينه، فما كان من اصحاب الشعارات سوى رفع راية الحرب ضد الحكومة و توجيه سهام النقد تجاهها ورفع شعار حرية التعبير بعد ان اعتقل الجاسم، وعندما واجه أبل نفس المصير لم نجد من يتحدث عنه سوى مسلم البراك الذي لا يكفيه المديح والدكتور حسن جوهر، بينما لم يشجب او يستنكر التعسف الممارس ضد ناصر ابل اي نائب او مسؤول حقوقي حتى مدعي الدفاع عن الحريات العامة لم الحظ منهم سوى صالح الملا الذي لم يسوق بضاعة الحرية الا بعد مكوث ابل ما يزيد عن المئة يوم في الحبس!
نعم ما فعله ابل مرفوض ومستهجن و يدلل على سوء الحالة التي وصل إليها شبابنا وقلة وعيهم واحترامهم. نعم ما قاله يستحق اشد العقوبات اذا ثبت بحقه، لكن هل ادين ؟ وهل ما قيل ثابت بحقه ؟ و على اي قانون تستند انت وهو على ادانته ؟ اعلم ان ردود بعض الإخوة ستكون على شاكلة ( قلعته الرافضي ) ( جزاه واقل من جزاه ) ( متجنس صفوي ) والبعض الآخر سيلوم ويستنكر الدفاع عنه ويصمت عن التعسف الذي يجابهه، لكننا اليوم امام قضية لا نص قانوني يعاقب عليها، امام قضية اذا ما استغلتها ابواق الفساد سنجد التضييق يمارس علينا وضدنا في آخر مساحاتنا فماذا انتم فاعلون؟
* * *
من الأمور المضحكة المبكية ان نواب كتلتي العمل الشعبي والتنمية والاصلاح قدموا مقترح تعديل قانون الحبس الاحتياطي والذي يبيح سلب حرية المتهم لمدة ثلاثة اسابيع قد تصل إلى ستة أشهر، فثارت ثائرة الصحف الموالية للحكومة آنذاك ومنهم صحيفتي الدار والنهار المواليتين اليوم لقضية ناصر أبل والذي يكتوي اليوم بنار معارضتهم بالأمس لحق كان سيستفيد منه، فهل يتعض اصحاب الاهواء الطائفية والحرب الشخصانية ؟
* * *
ملاحظة: اتمنى ان لا يقارن الإخوة بين قضية البذالي وقضية ابل، فالبذالي حسب ما اعرف اعترف امام النيابة العامة بكتاباته والإقرار اقوى الادلة ويجوز للقاضي الحكم به فقط، بينما ابل انكر ولا يوجد اي دليل ضده.
ملاحظة2:اذكركم بحادثتي الوسمي أولا ومحمد عبدالقادر الجاسم ثانيا في مسألة التعسف باستخدام حق الحبس الإحتياطي، واتمنى ان يقوم الاخوة بقراءة بيان هيئة الدفاع عن الوسمي ( اضغط هنا )
ملاحظة3: مقالتين للعزيز جدا احمد الديين ( اضغط هنا ) ( وهنا ) اتمنى قرائتهم.
ملاحظة4: بعد ان شنت جريدة الدار حملة على المدونين قبل سنتين ودعت السلطة لتكميم افواههم ، اليوم محمود حيدر يقوم برفع عشرات القضايا ضد مجموعة من المغردين ومخلد العازمي و خالد العدوة يهددون بمقاضاة من يتكلم عن القبيضة فمتى ستدركون ان المتضرر الوحيد من دعم هذا الشيء هو أنتم يا من لا يملك سوى سيف القلم لمحاربة الفساد؟
* * *
كذلك المقصد من هذا الموضوع ترسيخ المبادئ القانونية وجعلها مرجع نحتكم إليه فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص و المتهم بريء حتى تثبت ادانته. لا يحدد البريء او المذنب من خلال طائفة هذا او معارضة ذاك او رضى الحكومة وسخطها .. فمن منكم سيغلب مبادئه على أهوائه ؟
* * *