من تقصد بالطغاة ؟؟ ومن هم طغاة عصرنا , اذا كانت لديك جرأة اذكرهم بالأسم ؟
وهل قتل مدنيين عاملين مسالمين بينهم شباب ورجال نساء وكبار السن في البرجين حلال ام حرام ( بغض النظر عن دينهم) ؟ والدليل عليه؟؟
هل التفجيرات والعمليات الانتحارية في المملكة العربية السعودية والعراق التي تقتل وتشوه اطفالا ونساء مسلمين ( بغض النظر عن طائفتهم) حلال أم حرام؟؟
لا اريد مقاطع يوتيوب ؟؟ او ردود شيوخ لا اعرفهم
اريد دليلا من القرآن والسنة النبوية
في التأصيل الشرعي لأحداث أمريكا
أنّ الشريعة الإسلامية قد أباحت قتل الكافر الحربي وأخذ ماله واستراق امرأته ولا ينتقض ذلك إلاّ بحكم شرعي طارئ على هذا الأصل، كالذمة والعهد والهدنة (الصلح) والأمان - ونعني به - الكافر المستأمن الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها كالرسل والتجار والمستجيرين وطالبي حاجةٍ من زيارةٍ أو غيرها بشرط خضوعهم لأحكام الدولة الإسلامية...
فإن قاتلوا المسلمين أو امتنعوا عن الجزية أومن إجراء أحكام الإسلام أو دلوا أهل الحرب على عورة المسلمين أو طعنوا في الإسلام أو القرآن أو الشريعة الإسلامية، أو سبّوا الله ورسوله، أو سبّوا الدين الإسلامي أو انتقصوه، أو ذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء أو نالوا من المسلمين إما بسبٍ قبيح أو شتيمةٍ مقذعةٍ، انتقض عهدهم وألحقوا بالكفار الحربيين في إباحة قتلهم وأخذ أموالهم واستراق نسائهم.غير أنّ الشريعة الإسلامية نهت عن قتل نسائهم وأطفالهم ولا خلاف عند أهل العلم في ذلك.
ولكن الخلاف فيمن عداهم كالعسيف والشيخ الفاني - الهرم - والراهب، والتاجر، والعبد والخادم، والأعمى، والمقعد، والمقطوع اليد والرجل من خلاف، أو مقطوع اليد اليمنى أو اليسرى أو مقطوع إحدى الرجلين والمجنون، والخنثى المشكل، والزمن، والمعتوه، والسائح في الجبال المعتزل للناس. أو من كان منهم في دار أو كنيسةٍ أطبق على نفسه بابها أو الأصم والأخرس ومن لا يرجى نفعه أو خيره على الدوام.
فابن حزم - رحمه الله تعالى - يرى قتلهم جميعاً من مقاتل أو غير مقاتل ولم يستثن منهم إلاّ النساء والصبيان، والإمام الشافعي استثنى نساءهم وصبيانهم ورهبانهم وأصحاب الصوامع منهم؛ وإنما ذهب إلى ترك قتال الرهبان منهم وأصحاب الصوامع اتباعاً لأبي بكر - رضي الله عنه - لا قياساً على نساء الكفار وصبيانهم.
وفي مذهبه - أيضاً إباحة قتل الراهب والأجير والشيخ والأعمى والزمن كما حكاه النووي - رحمه الله تعالى - في المنهاج. ونصّ ابن النحاس - رحمه الله تعالى - في مشارع الأشواق على أنّ الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - أباحه في أظهر قوليه، ومنع منه أبو حنيفة ومالك وأحمد - رحمهم الله تعالى - مع اتفاقهم جميعاً على أنهم إن قاتلوا قتلوا. والكاساني - رحمه الله تعالى - في بدائع الصنائع لا يرى قتال من ذكرنا لأنهم ليسوا من المقاتلة حتى يقتلوا، فهو يرى أنّ من ليس من أهل القتال من الكفار لا يحلّ قتله إلاّ إذا قاتل حقيقةً أو معنىً بالرأي والطاعة والتحريض وأشباه ذلك، لأنه قاسهم على النساء والصبيان في تحريم قتلهم في حال عجزهم عن القتال.
وبالنظر إلى الأدلة التي استدلوا بها على حرمة قتال من ذكرنا، نجد أنه لا يصحّ منها سوى الأدلة التي نهت عن قتل نساء الكفار وصبيانهم وعسفائهم، والعسيف هو الأجير على حفظ الدواب ونحوه لا على القتال.
فإذا كانت الأدلة المحرمة لقتل من ذكرنا سوى النساء والصبيان والعسفاء لا يصحّ منها شيء، لم تكن حجةٌ في موضع النزاع والخلاف، لأنّ الحجة إنما تكون في الحديث الصحيح الذي لا يصحّ لأحد من الناس كائناً من كان خلافه، وبالله تعالى نتأيد.
أورد البعض إشكالاً مفاده:
كيف نجوز مثل هذه العمليات، وقد كان في برجي مركز التجارة العالمي مسلمون ؟
والجواب على هذا الإشكال هو: (أن البرجين التجاريين كانا يضمان أكثر من (500) شركة وهيئة حكومية - أمريكية - فضلاً عن مكاتب هيئة الجمارك لولايتي نيويورك ونيوجيرسي)
فلا يوجد في برجي مركز التجارة العالمي إلا شركات كافرة تتبع الحكومة الأمريكية - كما عرفت -، وهذان البرجان وغيرهما من أبراج مدينة نيويورك تقع في منطقة يتجمع فيها اللوبي الصهيوني وتتواجد فيها الجالية اليهودية بكثرة. ذلك أنّ البرجين بنيا في أقصى شبه جزيرة (مانهاتن) في وسط حي العمال بنيويورك.
ومع أنّ احتمال أن يكون في برجي مركز التجارة العالمي مسلمون يبقى وارداً حيث تضم الطبقات الواقعة تحت الأرض - خصوصاً - مركزاً تجارياً، ومحطات للمترو، ومحطات للقطارات، وموقفاً للسيارات ولا يبعد وجود مسلمين في هذه الأماكن حيث يعيش في أمريكا كثير من المسلمين العرب وغير العرب.
فإنّ بعض أهل العلم يرى جواز رمي الكفار بالأسلحة الثقيلة كالدبابات والمدافع أو تبييتهم أو شن الغارة عليهم أو إرسال الماء عليهم ورميهم بنار ومنجنيق، وإن تعدى أثر ذلك إلى من في بلاد الكفار من المسلمين ولا فرق بين مسلم أسير أو غير أسير كالتاجر ونحوه. ففي منهاج الطالبين للنووي (4 / 223 (ما نصّه: (ويجوز حصار الكفار في البلاد والقلاع وإرسال الماء عليهم ورميهم بنار ومنجنيق وتبييتهم في غفلة فإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر جاز ذلك على المذهب) أه. أي مذهب الإمام الشافعي. وقال شارحه الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (4 / 223): ((فإن كان فيهم مسلم أسير أو تاجر) أو نحوه (جاز ذلك) أي الرمي بما ذكر وغيره (على المذهب) لئلا يتعطل الجهاد بحبس مسلم عندهم وقد لا يصيب المسلم وإن أصيب رزق الشهادة). أهـ
قلت: يظهر أنّ جواز ذلك في مذهب الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - إذا اضطر المسلمون إلى ذلك كخوف ضررهم أو خيف منهم أي الكفار أنهم إن تُركوا قاتلوا ونالوا من المسلمين، فيجوز رميهم في مثل هذه الأحوال لأنّ الحفاظ على عموم المسلمين أولى من الحفاظ على بعضهم ممن وقعوا في أسر الكفار أو كانوا مختلطين بهم إلاّ إذا كان في المسلمين كثرة لم يجز رميهم لأنّ الظاهر أنه يصيبهم - أي المسلمين - وذلك لا يجوز من غير ضرورة. ويرى الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (4 / 223 (أنّ تعبير الإمام النووي - رحمه الله تعالى - ذلك بالجواز لا يقتضي الكراهة سواءً اضطر إلى ذلك أم لا.
(وملخص ما في الروضة ثلاثة طرق: المذهب إن لم يكن ضرورةً كره تحرزاً من إهلاك المسلم ولا يحرم على الأظهر، وإن كان ضرورةً كخوف ضررهم أو لم يحصل فتح القلعة إلاّ به جاز قطعاً، وكالمسلم الطائفة من المسلمين كما قاله الرافعي، وقضيته عدم الجواز إذا كان في المسلمين كثرة وهو كذلك). (انظر: مغني المحتاج للشربيني، 4 / 223- 224 (
قلت: قد نصّ الإمام الشافعي في الأمّ أنّ دار الكفر مباحة وقتال المشركين فيها مباح (وإنما يحرم الدم بالإيمان كان المؤمن في دار حرب أو دار إسلام وقد جعل الله تعالى فيه إذا قتل الكفارة وتمنع الدار من الغارة إذا كانت دار إسلام أو دار أمان بعقد يعقد عقده المسلمون لا يكون لأحد أن يغير عليها وله أن يقصد قصد من حلّ دمه بغير غارة على الدار فلما كان الأطفال والنساء وإن نهي عن قتلهم لا ممنوعي الدماء بإسلامهم ولا إسلام آبائهم ولا ممنوعي الدماء بأن الدار ممنوعة استدللنا على أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن قصد قتلهم بأعيانهم إذا عرف مكانهم). أهـ(انظر: الأمّ، 7 / 493).
قلت: ما نصّ عليه الإمام الشافعي هنا في حال المسلمين يقاتلون العدو وفيهم الأطفال سواءً كانوا أطفال المسلمين أو أطفال الكافرين.
وذهب الإمام أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - إلى أنه (إذا حصر المسلمون عدوهم فقام على سورهم معهم أطفال المسلمين يتترسون بهم، قال: يرمونهم بالنبل والمنجنيق يعمدون بذلك أهل الحرب ولا يتعمدون بذلك أطفال المسلمين. قال الأوزاعي: يكف المسلمون عن رميهم فإن برز أحد منهم رموه فإنّ الله عزّ وجلّ يقول: (ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) حتى فرغ من الآية فكيف يرمي المسلمون من لا يرونه من المشركين. قال أبو يوسف - رحمه الله تعالى -: تأول الأوزاعي هذه الآية في غير ولو كان يحرم رمي المشركين وقتالهم إذا كان معهم أطفال المسلمين لحرم ذلك أيضاً منهم إذا كان معهم أطفالهم ونساؤهم فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والأطفال والصبيان وقد حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف وأهل خيبر وقريظة والنضير وأجلب المسلمون عليهم فيما بلغنا أشد ما قدروا عليه وبلغنا أنه نصب على أهل الطائف المنجنيق فلو كان يجب على المسلمين الكف عن المشركين إذا كان في ميدانهم الأطفال والنساء والشيخ الكبير الفاني والصغير والأسير والتاجر، وهذا من أمر الطائف وغيرها محفوظ مشهور من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، ثم لم يزل المسلمون والسلف الصالح من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في حصون الأعاجم قبلنا على ذلك لم يبلغنا عن أحد منهم أنه كف عن حصن برمي ولا غيره من القوة لمكان النساء والصبيان ولمكان من لا يحلّ قتله لمن ظهر منهم). (الأمّ، 7 / 493)
وذهب الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - إلى الأخذ بقول الأوزاعي - رحمه الله تعالى - إذا لم يكن بالمسلمين ضرورةً إلى قتال أهل الحصن ونصّ على أنّ من أصاب المسلم في دار الحرب أثم بإصابته إن تعمد ذلك وعليه القود إن عرفه وتعمد قتله والكفارة إن لم يعرفه فأصابه، فهو يرى ترك قتال أهل الحصن من الكفار إذا كان فيهم مسلمون أوسع وأقرب من السلامة من المأثم في إصابة المسلمين فيهم إلاّ إذا اضطر المسلمون إلى ذلك بأن خافوا على أنفسهم من ضرر الكفار إن كفوا عن قتلهم بسبب اختلاط المسلمين بهم ولكن لا يعمد المسلمون إلى قتل مسلم فإن أصابوه كفروا. وما لم تكن ضرورةً إلى ذلك فترك قتالهم عنده أقرب من السلامة وأحبّ إليه، فقال في الأمّ ما نصّه (7 / 493 - 494): (ولا يختلف المسلمون فيما علمته أنّ من أصابهم في الغارة فلا كفارة عليه فأما المسلم فحرام الدم حيث كان ومن أصابه أثم بإصابته إن عمده وعليه القود إن عرفه فعمد إلى إصابته والكفارة إن لم يعرفه فأصابه وسبب تحريم دم المسلم غير تحريم دم الكافر الصغير والمرأة لأنهما منعا من القتل بما شاء الله والذي نراه والله تعالى أعلم منعا له أن يتخولا فيصيرا رقيقين ومصيرهما رقيقين أنفع من قتلهما لأنه لا نكاية لهما فيقتلان للنكاية فإرقاقهما أمثل من قتلهما، والذي تأول الأوزاعي يحتمل ما تأوله عليه ويحتمل أن يكون كفه عنهم بما سبق في علمه من أنه أسلم منهم طائفة طائعين والذي قال الأوزاعي أحبّ إلينا إذا لم يكن بنا ضرورةً إلى قتال أهل الحصن وإذا كنا في سعة من ألاّ نقاتل أهل حصن غيره وإن لم يكن فيهم مسلمون كان تركهم إذا كان فيهم المسلمون أوسع وأقرب من السلامة من المأثم في إصابة المسلمين فيهم ولكن لو اضطررنا إلى أن نخافهم على أنفسنا إن كففنا عن حربهم قاتلناهم ولم نعمد قتل مسلم فإن أصبناه كفرنا وما لم تكن هذه الضرورة فترك قتالهم أقرب من السلامة وأحبّ إليّ). أهـ
قلت: كره الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - النصب على الكفار إن كان في دارهم أسارى مسلمون أو تجار مستأمنون بما يعم من التحريق والتغريق احتياطاً غير محرم له تحريماً - بيناً -، لأنه يرى أنّ الدار إذا كانت مباحة فلا تحرم لوجود مسلم فيها يحرم دمه، وإنما كره ذلك احتياطاً لأن فيهم مسلمون خشيةً إصابة المسلمين لأنه مباح للمسلمين لو لم يكن في دار الكفر مسلمون أن يجاوزوها فلا يصيبوا فيها كافراً، ويجوز لهم قتال من فيها من الكفار ولكن بغير ما يعم من التحريق والتغريق إلاّ إذا تكامن التحامهم كانوا مأجورين بذلك. وهذا الذي نصّ عليه الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى - في الأمّ (8 / 395) فقال: (فإن كان في دارهم - أي الكفار - أسارى مسلمون أو مستأمنون كرهت النصب عليهم بما يعم من التحريق والتغريق احتياطاً غير محرم له تحريماً بيناً وذلك أنّ الدار إذا كانت مباحة فلا يبين أن يحرم بأن يكون فيها مسلم يحرم دمه ولكن لو التحموا أن يفعلوا ذلك رأيت لهم أن يفعلوا وكانوا مأجورين لأمرين أحدهما الدفع عن أنفسهم والآخر نكاية عدوهم) أه. وانظر أيضاً الأمّ (4 / 414) في فصل: العدو يغلقون الحصون على النساء والأطفال والأسرى هل ترمى الحصون بالمنجنيق.
وأورد آخرون إشكالاً مفاده: كيف نجوّز مثل هذه العمليات إذا كان في برجي مركز التجارة العالمي مسلمون والله سبحانه وتعالى نهى المسلمين في يوم الحديبية عن قتال الكفار في مكة والعلة في ذلك أنه كان بمكة مؤمنون رجال ونساء خفي إيمانهم كسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وأبي جندل بن سهيل وأشباههم فأنزل الله تعالى قوله: (ولو لا رجل مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً) [ الفتح: 25 ].
فإذا كان الله سبحانه وتعالى صرف المسلمين عن القتال بسبب من كان في مكة من المستضعفين ممن كان يكتم إيمانه ويخفيه منهم خفيةً على أنفسهم من قومهم، فكيف جوّزنا قتل من كان مختلطاً بالكفار من المسلمين في تفجيرات نيويورك وواشنطن ؟
قلت: الجواب أنّ من العلماء من استدل بهذه الآية على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن وأنه لا يجوز التوصل إلى المباح بالمحظور كدم المسلم، إذا لم يمكن أذية الكافر إلاّ بأذية المؤمن.
وقد سبق أن بينا اختلاف أهل العلم في ذلك، فالشافعية يرون جواز ذلك عند عدم إمكان غيره وجوّز أبو حنيفة وأصحابه والثوري الرمي في حصون الكفار وإن كان فيهم أسارى مسلمون أو مستأمنون أو كان فيهم أطفالهم. وأما المالكية فلا يرون ذلك. (قال أبو زيد: قلت لابن القاسم: " أرأيت لو أنّ قوماً من المشركين في حصن من حصونهم، حصرهم أهل الإسلام وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم أيحرق هذا الحصن أم لا ؟" قال: " سمعت مالكاً وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم: أنرمي في مراكبهم بالنار ومعهم الأسارى في مراكبهم ؟" قال: فقال مالك: " لا أرى ذلك، لقوله تعالى لأهل مكة: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً). وكذلك لو تترس كافر بمسلم لم يجز رميه."). (انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 8 / 16 / 189).
ومع اختلافهم في ذلك، إلاّ أنهم اتفقوا أنه (إن فعل ذلك فاعل فأتلف أحداً من المسلمين فعليه الدية والكفارة، فإن لم يعلموا فلا دية ولا كفارة، وذلك أنهم إذا علموا فليس لهم أن يرموا، فإذا فعلوه صاروا قتلةً خطأً والدية على عواقلهم. فإن لم يعلموا فلهم أن يرموا، وإذا أبيحوا الفعل لم يجز أن يبقي عليهم فيها تِبَاعةً). (تفسير القرطبي، 8 / 16 / 189 )
وأما الإحتجاج بالآية فقد أجاب الإمام الجصاص في أحكام القرآن بجواب شاف (5 / 275 (فقال: (وأما احتجاج من يحتج بقوله (ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) الآية، في منع رمي الكفار لأجل من فيهم من المسلمين فإن الآية لا دلالة فيها على موضع الخلاف وذلك لأن أكثر ما فيها أن الله كفّ المسلمين عنهم لأنه كان فيهم قوم مسلمون لم يأمن أًصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو دخلوا مكة بالسيف أن يصيبوهم وذلك إنما تدل إباحة ترك رميهم والإقدام عليهم فلا دلالة على حظر الإقدام عليهم مع العلم بأنّ فيهم مسلمين لأنه جائز أن يبيح الكفّ عنهم لأجل المسلمين وجائز أيضاً إباحة الإقدام على وجه التخيير، فإذاً لا دلالة فيها على حظر الإقدام). أهـ
(فإن قيل في فحوى الآية ما يدل على الحظر وهو قوله (لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم) فلولا الحظر ما أصابتهم معرة من قتلهم بإصابتهم إياهم). (أحكام القرآن للجصاص، 5 / 275)
قيل له: قد اختلف أهل التأويل في معنى المعرة هاهنا على أقوال، فقال ابن عطية الأندلسي في تفسيره) المحرر الوجيز، 13 / 464 - 465): (" والمعرَّة ": السوء والمكروه اللاصق، مأخوذ من الْعِرّ والْعُرَّةُ، وهو الجرب الصعب اللازم). أهـ
قلت: ومنه قول الشاعر:
قل للفوارس من غزية إنهم عند القتال معرّةُ الأبطال
وقد اختلف الناس في تفسير هذه المعرة فقال ابن زيد: هي المأثم، وروي عن ابن اسحاق أنه غرم الدية، وقال الطبري - وحكاه الثعلبي -: هي الكفارة، وقال منذر: المعرة أن يصيبهم الكفار ويقولوا: قتلوا أهل دينهم، وقال بعض المفسرين: هي الملام والقول في ذلك وتألم النفس منه في باقي الزمان، وقال آخرون: الغم باتفاق قتل المسلم على يده لأن المؤمن يغم لذلك وإن لم يقصده، وقال آخرون: العيب. وكل هذه الأقوال حسان إلاّ قول من قال إنّ المعرة هي الإثم أو الدية (وهذان ضعيفان لأنه لا إثم ولا دية في قتل مؤمن مستور الإيمان من أهل الحرب). (انظر: المحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي، 13 / 464 )
(لأنه تعالى قد أخبر أنّ ذلك لو وقع كان بغير علم، منا لقوله تعالى (لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم) ولا مأثم عليه فيما لم يعلمه ولم يضع الله عليه دليلاً، قال الله تعالى (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) فعلمنا أنه لم يرد المأثم ويحتمل أن يكون ذلك كان خاصاً في أهل مكة لحرمة الحرم، ألا ترى أنّ المستحق للقتل إذا لجأ إليها لم يقتل عندنا وكذلك الكافر الحربي إذا لجأ إلى الحرم لم يقتل وإنما يقتل من انتهك حرمة الحرم بالجناية فيه فمنع المسلمين من الإقدام عليهم خصوصية لحرمة الحرم، ويحتمل أن يريد (ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) قد علم أنهم سيكونون من أولاد هؤلاء الكفار إذا لم يقتلوا فمنعنا قتلهم لما في معلومه من حدوث أولادهم مسلمين وإذا كان في علم الله أنه إذا أبقاهم كان لهم أولاد مسلمون أبقاهم ولم يأمر بقتلهم، وقوله (لو تزيلوا) على هذا التأويل لو كان هؤلاء المؤمنون الذين في أصلابهم قد ولدوهم وزايلوهم لقد كان أمر بقتلهم. وإذا ثبت ما ذكرنا من جواز الإقدام على الكفار مع العلم بكون المسلمين بين أظهرهم وجب جواز مثله إذا تترسوا بالمسلمين لأن القصد في الحالين رمي المشركين دونهم ومن أصيب منهم فلا دية فيه ولا كفارة كما أنّ من أصيب برمي حصون الكفار من المسلمين الذين في الحصن لم يكن فيه دية ولا كفارة ولا أنه قد أبيح لنا الرمي مع العلم بكون المسلمين في تلك الجهة فصاروا في الحكم بمنزلة من أبيح قتله فلا يجب شيء وليست المعرة المذكورة دية ولا كفارة إذ لا دلالة عليه من لفظه ولا من غيره والأظهر منه ما يصيبه من الغم والحرج باتفاق قتل المؤمن على يده على ما جرت به العادة ممن يتفق على يده ذلك، وقول من تأوله على العيب محتمل أيضاً لأن الإنسان قد يعاب في العادة باتفاق قتل الخطأ على يده وإن لم يكن ذلك على وجه العقوبة). (انظر: أحكام القرآن للجصاص، 5 / 275 – 276)
والحاصل أنّ الراجح في هذه المسألة أنه يجوز الإغارة على الكفار في دورهم وحصونهم وتبييتهم أو شنّ الغارة عليهم ولو كان فيهم مسلمون إذا لم يتمكن المسلمون إلى قتال الكفار إلاّ بذلك - كالحال مع أمريكا وغيرها - أو اضطر المسلمون إلى ذلك كخوف ضرر الكفار أو في حال خوف المسلمين إذا تركوا قتال الكافرين بسبب المسلمين المختلطين بهم أن يستبيحوا بيضة الإسلام لأن الحفاظ على بيضة الإسلام وعموم المسلمين أولى من الحفاظ على من بأيديهم من أسرى المسلمين أو من اختلطوا بهم، ولئلا يتعطل الجهاد إذا كففنا عن قتالهم بسبب اختلاط المسلمين بهم.
والظاهر أنّ جواز ذلك فيما إذا كان المسلمون المختلطون بالكفار قلة أو كان الأسرى من المسلمين الذين بأيدي الكفار قلة - أيضاً - لأنه قد يصيب المسلم في مثل هذه الحال وإن أصيب رزق الشهادة - بإذن الله تعالى - ويبعث يوم القيامة على نيته.
أما إذا كان المسلمون كثرةً، لم يجز رميهم خشية أن يصيب الرمي المسلمين وذلك لا يجوز من غير ضرورة والعلم عند الله تعالى.
أما الحكم الشرعي في المسلمين الذين قتلوا في برجي مركز التجارة العالمي - إن ثبت أنّ فيهم مسلمون - الدية والكفارة لقوله تعالى: (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة). [ النساء: 92 ]
فالمؤمن إذا قتل في بلاد الكفار أو في حروبهم على أنه من الكفار أو لاضطرار المسلمين إلى ذلك بسبب اختلاط المسلمين بالكافرين أن تدفع عنه الدية والكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة. (فإن كان هذا المقتول رجلاً مؤمناً قد آمن وبقي في قومه وهم كفرة " عدو لكم " فلا دية فيه ؛ وإنما كفارته تحرير الرقبة، وهو المشهور من قول مالك، وبه قال أبو حنيفة. وسقطت الدية لوجهين: أحدهما: أنّ أولياء القتيل كفار، فلا يصح أن تدفع إليهم فيتقووا بها. والثاني: أنّ حرمة هذا الذي آمن ولم يهاجر قليلة، فلا دية لقوله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) [ الأنفال: 72 ]، وقالت طائفة: بل الوجه في سقوط الدية أنّ الأولياء كفار فقط، فسواء كان القتل خطأً بين أظهر المسلمين أو بين قومه ولم يهاجر أو هاجر ثم رجع إلى قومه كفارته التحرير ولا دية فيه ؛ إذ لا يصح دفعها إلى الكفار، ولو وجبت الدية لوجبت لبيت المال، على بيت المال فلا تجب الدية في هذا الموضع وإن جرى القتل في بلاد الإسلام. هذا قول الشافعي وبه قال الأوزاعي والثوري وأبو ثور. وعلى القول الأول إن قتل المؤمن في بلاد المسلمين وقومه حرب ففيه الدية لبيت المال والكفارة). (انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، 3 / 5 / 2208)
قلت: إنّ حالة بقاء المؤمن في قومه وهم كفرة تنطبق على مسلمي أمريكا وأوروبا الذين يسلمون ويبقون في ديار أقوامهم الكفرة من اليهود والنصارى، فمن كان من أمثال هؤلاء مقتولاً في حروب المسلمين على الكفار وقتل بأيدي المسلمين فلا دية فيه وإنما كفارته تحرير الرقبة وتنطبق عليه المسألة التي نصّ عليها العلماء كما سبق النقل في ذلك عن الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى -.
واعلم أخي - وفقك الله ورعاك - أنّ الواجب على المسلمين المقيمين بين أظهر المشركين، أن لا يساكنوا المشركين ولا يختلطوا بهم، وأن يهاجروا من بلاد اليهود والنصارى ولا يقيموا فيها ما لم تدع ضرورةً إلى إقامتهم فيها للأدلة الواردة في النهي عن الإقامة في دار الكفر ومساكنة المشركين والاجتماع بهم.
فعن جرير بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس بالسجود فأسرع فيهم القتل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله، ولم ؟ قال: لا ترايا ناراهما)). (رواه الترمذي، 4 / برقم: 1604 ص 132 - 133 تحقيق الحوت، باب 42 ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين ؛ وأبو داود، 3 / برقم: 2645 ص 46، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود ؛ والنسائي، مجلد 4 ج 8 ص 36 كتاب القسامة، باب القود بغير حديدة عن قيس (، وروى الترمذي - أيضاً - برقم (1605) عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم)). ولم يذكر الترمذي سنده ولكن رواه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الإقامة بأرض الشرك، 3 / برقم: 2787 ص 93 عن سمرة بن جندب مرفوعاً بلفظ: ((من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله)).
وقد أفاد حديث جرير أن المسلم الذي يقيم بين أظهر المشركين إذا قتله المسلمون حال حربهم للكافرين أنّ حكمه كحكم من هلك بفعل نفسه فلورثته نصف الدية لأنه أعان على نفسه بمقامه بين المشركين. قال المحدث السهارنفوري في بذل المجهود في حل أبي داود (11 / 154) والله أعلم