مطرقة العدل
عضو مميز
بسم الله الرحمن الرحيم
( قاعدة )
( الفرق بين وجوب جهاد الدفع وجهاد الطلب )
وهذا التقسيم موجود في الكتب العلماء لا ينكره الا مكابر او جاهل .. وهذا التقسيم
فضلا عن وجوده شرعا هو موجود لكل انسان فمستلزمات الطلب غير مستلزمات الدفع ..
والعلماء يشترطون في جهاد الطلب شروطا ولذلك لضبط الجهاد وعدم تشتته مع وجود اصولها
في الكتاب والسنة .. والشروط ما بين متفق عليه ومختلف فيه ..
اما جهاد الدفع فلا يشترط العلماء له شرطا فمتى وجد الشخص قوة في الدفع دفع سواء
كانت القوة مكافئة أو أقل بكثير او قليل فوجوب الدفع لانه صون للدين والعرض والنفس ..
قال شيخ الاسلام( فأما اذا اراد العدو الهجوم على المسلمين فانه يصير دفعه واجبا على
المقصودين كلهم , وعلى غير المقصودين ) الى ان قال ( فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس
وهو قتال اضطرار وذلك قتال اختيار) (الفتاوى 28/358_ 359)
وقال الحصني ( فان وطؤوها وغشوا المسلمين وعلم كل واقف عليه من الكفار انه ان أخذه
قتله فعليه ان يتحرك ويدفع عن ان أمكن يستوي في ذلك الحر والعبد والمرأة والأعمى والاعرج
والمريض , ولأنه قتال دفاع عن الدين لا قتال غزو فلزم كل مطيق )(كفاية الاخيار658)
الشبهة الاولى
أذن ولي الامر
ولي الأمر شروطه ونواقضه ومتى يكون ؟ وغيرها من الأمور لعلها تكون في موضوع
اخر وذلك لطوله ..
اختلف العلماء في جهاد الطلب .. هل يشترط له اذن ولي الأمر؟
على قولين ..
الاول : يشترط وهو اختيار الحنابلة قال ابن قدامة ( لا يخرجون الا باذن الأمير .. الا ان يتعذر
استئذانه )(المغني 10/390)
واختلفوا هل هذا الشرط يبطل الجهاد أم يقع عليهم التحريم دون البطلان .. على ثلاثة أقوال ..
الثاني : انه لا يحرم ولا يشترط لكن مكروه وهو اختيار المالكية والشافعية وغيرهم ..
قال الشربيني ( وانما لم يحرم لأنه ليس فيه أكثر من التغرير بالنفوس وهو جائز في
الجهاد )(مغني المحتاج6/60)
والراجح : انه لا يجوز دون اذن الامام لأنه افتئات عليه ..
والدليل حديث من استأذن في في الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال له الرسول
(ألك والدان؟) قال : نعم .. قال ( ففيها فجاهد ) والحديث في الصحيح ..
الا ان يكون معطلا للجهاد بلا مصلحة كاعداد وغيره فيغزو المسلمون بلا اذنه ..
لأنه يكون كالمعدوم شرعا والقاعدة تقول (المعدوم شرعا كالمعدوم حسا)
قال في الاقناع وشرحه ( فان عدم الامام لم يؤخر الجهاد لئلا يستولي العدو على
المسلمين )(2/370)
وقال الشربيني (استثنى البلقيني من الكراهة صورا ... ثانيها : اذا عطل الامام
الغزو واقبل هو وجنوده على امور الدنيا كما يشاهد)(مغني المحتاج6/60)
هذا في جهاد الطلب .. اما في جهاد الدفع فلا يشترط والدليل ..
اولا : حديث سلمة بن الاكوع لما اغار بعض المشركين لقاح المدينة خرج اليهم و لم
يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم وقال له صلى الله عليه وسلم (خير رجالتنا
سلمة بن الأكوع ) والحديث في صحيح مسلم ..
ثانيا : قوله صلى الله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) رواه احمد
وبنحوه عند البخاري .. فالدفاع عن الدين والعرض والمال لا يحتاج الى استئذان
بل ان استأذن اثم لتفريطه في ضرورياته ..
وكتب اهل العلم طافحة بهذا الشىء بل انهم لا يشترطون اذن الوالدين في هذا الجهاد
قالوا : لأن المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة .. والدين من أكبر هذه المصالح
فلينتبه لهذه ..
اشكال : قد يورده البعض .. كيف اجاهد في العراق مثلا وانا في بلدة لم يسمح لي ولي
الأمر فيها ؟
الجواب : قلت من قبل يجب النظر في الحاكم .. هل حاكم شرعي أم لا؟
ثانيا .. نسلم جدلا وجود حاكم شرعي في أغلب البلاد الاسلامية لكن على الحال
الموجود الان لا يشترط الاستئذان لتعطيلهم الجهاد وتحريمه ضمن مواثيق الأمم المتحدة ..
وان الاحداث التاريخية تثبت ان جهاد الدفع لا يشترط له اذن ولي الأمر ..
من ذلك ما حدث سنة (200) للهجرة من امر المطوعة او المتطوعة وهم جماعت كونوا
أنفسهم في بغداد دفاعا عن الأهالي وذلك لما كثر الفساد من سرقة وغيرها..
وذلك دون اذن المأمون لما كان هو الخليفة ..
وايضا حادثة التتار لما قتلوا المستعصم بالله وكان ذلك الوقت دون امام كما ذكر السيوطي
مع ذلك أقاموا الجهاد ولم يتوقفوا ..
الشبهة الثانية
لا توجد راية
يجاب على ذلك بما يلي ..
أولا : ما المقصود بالراية ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى عليه وسلم قال(من قاتل تحت راية عمية
يغضب لعصبة او يدعو الى عصبة او ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية) رواه مسلم
قال النووي ( قالوا : هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه كذا قال احمد بن حنبل والجمهور)(شرح مسلم 12/441)
قال ابن تيمية (وسمى الراية عمية لأنه الامر الذي لا يدرى وجهه)(الاقتضاء 1/249)
يتبين من هذا ان المقصد من الراية هي الوضوح والتمايز بحيث يدري الانسان من يقاتل ؟ .. ولم يقاتل؟
هل هو على شرعي ام لا ؟
ثم نأتي الى المطلوب الثاني ..
ثانيا : هل الراية شرط في جهاد الطلب ؟
قوله صلى الله عليه وسلم (لأعطين الراية غدا رجل ..) الحديث في الصحيحين
وقوله (فأخذ الراية خالد ) أيضا في الصحيحين .. وكذلك فعله صلى الله عليه وسلم في عقد الرايات
والألوية في الحروب .. فهل هذا يدل على الوجوب ؟
لا .. لا يدل على الوجوب ما دامت الغاية واضحة والهدف مبين والجيش متميز .. وانما هي أفعال
للنبي صلى الله عليه وسلم ولا دليل على الوجوب ..
قال ابن حجر (وفي هذه الأحاديث استحباب اتخاذ الألوية في الحروب وان اللواء يكون مع الأمير
او من يقيمه لذلك عند الحرب)(الفتح 6/155)
ومن يقول بالوجوب لا يحق له أن يبطل جهادا بسبب امر مختلف فيه اختلافا معتبرا بل غاية ما
يقول انهم اثمون مع صحة جهادهم ..
هذا طبعا في جهاد الطلب ..
ثالثا : هل تجب الراية في جهاد الدفع ؟
الجواب : اذا كانت لا تجب في جهاد الطلب فمن باب اولى ان لا تجب في الدفع .. ويدل على ذلك
أيضا .. حديث سلمة بن الأكوع لما أغار المشركون على لقاح المدينة خرج اليهم دون اذن ولا راية
وأخذ يطاردهم فقال له صلى الله عليه وسلم (خير رجالتنا سلمة بن الأكوع) رواه الشيخان
وأيضا يتبين من القاعدة المذكورة في أول الرد صحة ما يلي
الشبهة الثالثة
قتال فتنة
ومن هذه الكلمات غير الواضحة تأتي الفتنة .. وشر البليات التحدث بالمجملات ..
واليك يا أخي ويا أختي البيان ..
اولا : ما المقصود بالفتنة ؟
الفتنة معناها الاختبار والابتلاء .. ومنه قولهم (فتنت الذهب) اي أحرقته حتى أزلت ما به
من رداءة وغيرها ..
واهل العلم يتكلمون بهذا اللفظ ويعنون به أحد أمرين ..
اولا : الوجه العام .. وذلك من قول الله تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا امنا وهم
لا يفتنون) اي لا يختبرون ويمحصون ..
وقوله تعالى (وفتناك فتونا) اي محصناك تمحيصا وهذا خطاب لموسى عليه الصلاة والسلام
ومنه قولهم تحت باب الفتن ( باب قتال الروم ) وذلك لما فيه اختبار لأهل الايمان ولا يعنون به
ذم القتال في ذلك ..
ثانيا : الوجه الخاص .. وهو المذموم ومنه قولهم (باب ترك القتال في الفتنة) ويعنون به
القتال على غير أساس شرعي كأن يكون حمية أو ظلما أو لدنيا أو غيرها من الأمور التي
يذمها الشرع ..
قال البربهاري (وكل ما كان من قتال بين المسلمين على الدنيا فهو فتنة)(شرح السنة 101)
وقال النووي (وقال معظم الصحابة والتابعين وعامة علما الاسلام يجب نصر المحق في الفتن
والقيام معه بمقاتلة الباغين كما قال تعالى( فقاتلوا التي تبغي ) وهذا هو الصحيح وتتأول
الأحاديث( ذم القتال في الفتن ) على من لم يظهر له المحق او على طائفتين ظالمتين لا تأويل
لواحدة منهما)(شرح مسلم 18/218)
وقال ابن تيمية ( فالفتن مثل الحروب التي تكون بين ملوك المسلمين وطوائف المسلمين مع أن
كل واحدة من الطائفتين ملتزمة لشرائع الاسلام )(الفتاوى 28/551)
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة رضي الله عنه (لا تضرك الفتنة)
رواه ابو داود وهو حديث صحيح ..
وابن مسلمة اعتزل الفتنة التي كانت بين أغلب الصحابة رضي الله عنهم .. ووجه الدلالة أن
النبي صلى الله عليه وسلم سمى الذي حصل بين الصحابة فتنة ..
ثانيا : الوقع الان ..
يتبين مما سبق ان القتال الواقع بين المجاهدين والكفرة والمبتدعة انما هو جهاد من أعظم
الجهاد وليس كمن زعم أنه قتال فتنة .. بل من يقول هذا أنما هو المفتون أما جهلا أو ضلالة ..
الشبهة الرابعة
المجاهدون .. خوارج
وهذا الموضوع لخطره وأهميته يجب ضبط الألفاظ فيه ..
أولا : من هم الخوارج ؟
الخوارج هم قوم جمعوا بين أحدى هذه الخصال اما (التكفير بالكبيرة)
أو (الخروج على أولياء الأمر العدول)
أو (الخروج على الامام غير العدل بغير تأويل سائغ)
قال الشهرستاني ( كل من خرج على الامام الحق التي اتفقت الجماعة عليه
يسمى خارجيا )(الملل والنحل 1/91)
وتكفيرهم بالكبيرة أمر مشهور عنهم لا ينكره الا جاهل أو معاند ..
والمقصود هنا بالتأويل السائغ كما قال شيخ الاسلام ( فان التأويل السائغ هو
الجائز الذي يقر صاحبه عليه )(الفتاوى 28/486)
وذلك كالاختلاف في موارد الاجتهاد وغيره ..
ثانيا : من هم البغاة ؟
هم من خرج على الامام غير العدل بتأويل سائغ فيسموا بغاة ..
قال النووي في المنهاج ( هم مخالفو الامام بخروج عليه وترك الانقياد او منع
حق توجه عليهم بشرط شوكة وتأويل )(مغني المحتاج 5/472)
ثالثا : هل اهل البغي اثمون في الخروج ؟
على قولين لأهل العلم :
الاول : انهم اثمون ويقاتلون كما هو رأي الجمهور أخذا من الأحاديث التي تمنع من
الخروج وذمه وان كان السلطان ظالما ..
الثاني : أنهم مخطئون مأجورون كما قال ابن حزم ( مأجورون أجرا واحد لقصدهم
الخير )(المحلى 11/97)
قال الشربيني (الثاني : ليس اهل البغي بفسقة كما أنهم ليسوا بكفرة لأنهم
انما خالفوا بتأويل جائز باعتقادهم لكنهم مخطئون فيه وليس اسم البغي ذما )
(مغني المحتاج 5/473)
وهناك قول اخر من أقوال أهل السنة يلحقهم بالخوارج فيسمي كل من خرج على
الامام ما لم يفعل الامام كفرا خارجيا ..
تنبيه : هذا في ما اذا فعل الامام معصية وخرج عليه أما اذا فعل كفرا فلا يسمى الخارج
عليه الا مجاهدا باتفاق اهل السنة ما لم يجمع عقيدة الخوارج ..
رابعا : المجاهدون اليوم ..
هل هم خوارج ؟!
ابدا .. بل هم مجاهدون على الطريقة السنية المرضية .. ولا ينكر أحد أن بعض من
انتسب الى الجهاد اليوم خارجي بمعنى الكلمة .. لا ينكر أحد هذا .. وذلك لفساد
في باطنه وجهل في علمه .. لكن الفئة الغالبة لأهل الجهاد هو الخير والصلاح
واتباع السنة ..
اشكال : قد يورد بعض الناس اشكالا في نظره .. ويقول أنا اسميهم بالمجاهدين
في أماكن الجهاد المعروفة .. أما الاماكن التي فيها الأنظمة مستقرة فلا أسميهم
كذلك ..
يقال : لننظر ما فعل الحاكم أولا فان فعل ما هو كفر سمي الخارجون عليه بالمجاهدين
ما لم يجمعوا عقيدة الخوارج .. وهذا هو الواقع في الأنظمة وكفرياتها كثيرة .. أما ان
فعل ما هو دون ذلك وكان الخروج عليه بتأويل سائغ فاما أن يسموا بالخوارج واما أن
يسموا بأهل بغي ..
الشبهة الخامسة
عدم وجود القدرة
وصاحب هذا الكلام اما ان يقصد :
عدم وجود اصل القدرة .. وهذا باطل فان المجاهدين فضلا عن الدول يمتلكون القوة
المدافعة بحمدلله ..
او يقصد عدم التكافؤ .. وهذا صحيح لكن لا يشترط في الجهاد وخاصة في جهاد الدفع
واليك الدليل :
اولا : ان الله علق النصر بالايمان والصبر ..
قال تعالى ( ياأيها الذين امنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )
وتأمل الخطاب بلفظ الايمان ..
قال تعالى ( وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا )
وقال ( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم
شيئا )
وتأمل ( كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا )
قال ابن كثير ( يعلم تبارك وتعالى ان النصر ليس عن كثرة العدد ولا بلبس اللأمة والعدد وانما
النصر من عند الله تعالى )(التفسير 4/30)
الى غير ذلك من الايات البينات ..
ثانيا : احاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الطائفة المنصورة ..
قال صلى الله عليه وسلم ( لا تزال طائفة من أمتي تقاتل على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا
من خالفهم ) رواه مسلم وغيره ..
والطائفة الجماعة من الناس وهذا يدل على القلة .. وايضا يدل على ان القلة هي المنصورة على مر
الزمان ..
وعن حذيفة رضي الله عنه قال ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (احصوا لي كم يلفظ
الاسلام ؟ قال فقلنا يارسول الله أتخاف علينا ونحن مابين الستمائة الى السبعمائة ورواية للبخاري
فكتبنا له ألفا وخمسمائة قال انكم لا تدرون لعلكم ان تبتلوا) رواه البخاري ومسلم ..
وهذا الحديث قيل انه يوم احد وقيل يوم الخندق .. وعلى كل فان هذا يبين قلة العدد والعدة وقتالهم لكافة
المشركين وأين هذا من مليار مسلم ..
ثالثا : الحوادث التاريخية ..
1ـ معركة اليرموك التي كانت في (15) هـ وكان عدد المسلمين (24) الفا بينما الكفرة (120) الفا
ومع قلة العدد انتصر اهل التوحيد .. انظر البداية والنهاية (7/5)
2ـ معركة ملاذكرد التي كانت في (463) هـ وكان بطلها ألب أرسلان كان عدد السلمين (15) الفا
والمشركين (200) الفا ومع هذا نصر الله أوليائه .. انظر الكامل (8/288)
3ـ فتح الأندلس على يد طارق بن زياد سنة (93) هـ كان المسلمون (1700) فارس بينما أهل الشرك
في (70) الف .. ومع هذا أيدهم الله بالنصر .. انظر تفسير القرطبي (7/334)
وغير ذلك من الحوادث العظيمة التي تبين أن النصر سببه الايمان والصبر مع وجود أصل القدرة