التخويف من الإسلاميين ١
قبل إعلان نتيجية الإستفتاء ونظرا للحشد الضخم الذي كان ضد ( نعم ) الداعية إلى تعديل الدستور والإسراع بالإنتخابات ونقل السلطة إلى منتخبين سريعا , كنت أكتب مقالات على الفيس أتنبأ بأن الشعب سيصوت مع الإسلاميين , وكنان ظني هذا يتأكد يوما بعد يوم كلما قابلت الناس في الشارع , حتى أن ليلة الإستفتاء أخذت لفة بالسيارة من الحي الذي أسكن فيه إلى ميدان التحرير , فوجدت شبابا وممثلين سينمائيين وسماعات وموسيقى وأسماء لامعة يوقفون الناس ويشرحون لهم لماذا يجب عليهم أن يقولوا ( لا ) في هذا الإستفتاء...
حتى أن إعلانات الجرائد نقلت أسماء لامعة في مصر ممن يرفضون تعديل الدستور , شخصيات سياسية وأخرى إعلامية وهكذا , وقد كان شبه إجماع في مصر بين الإسلاميين على الموافقة على التعديل , حتى شيوخ الأزهر موافقين , وكانت خطب الجمعة في غالب المساجد التي سمعت عنها تدعو جموع المصريين إلى الموافقة وتشرح ذلك , بصراحة وكلنا فعلنا ذلك...
وكان الشعب المصري يسمع لأراء الموافقين والممانعين ويسمع حجتهم , والخطأ الكبير الذي وقع فيه الممانعين أنهم لم يكونوا - حديثي على المجمل - واضحين صرحاء , فبينما صرح قساوسة ورموز ليبرالية وعلمانية قليلة من أن سبب الرفض هو أن الإنتخابات السريعة سترفع الإسلاميين إلى سدة الحكم , إلا أن الأسباب التي يشرحونها للناس كانت غير مقنعة...
فلول الحزب الوطني كانت هي الفزاعة من الرفض , لأنهم سيدخلون البرلمان بطريقة متغيرة , وسوف يشكلون أحزابا جديدة متغيرة ويدخلون البرلمان , فلهذا نحتاج إلى وقت لكي نمنعهم ونصحح موقفنا , وأن الأحزاب الجديدة الشبابية مازالت ضعيفة ولم تتعرف على الناس أو يتعرف الناس عليها , فهي تحتاج إلى وقت وبعض الأسباب الأخرى الدستورية والقانونية , ولكن هذه زبدة من الرفض بينما رأى الشعب المصري أن هذه أسباب واهية للغاية للرفض , وذلك للآتي :
١- ضعف الإئتلافات الجديدة والشبابية , والأحزاب اليسارية القديمة هي مسألة معروفة ولكنها ليست سببا مقنعا لكي نؤجل الإنتخابات , وكأننا نضع وصاية مرة ثانية على الشعب المصري باسم فئات بسيطة , وكان الرد العقلاني البسيط هو : إذا كانت هذه الأحزاب ضعيفة فلماذا تريد أن تحكم وهي ضعيفة ؟ تصبر حتى تنضج وتكبر وتقوى ثم تدخل الحكم , البلد لم تطير بعد , فإذا كنت تعترف بأنك ضعيف فالضعيف لا يصلح لحكم البلاد..
٢- مسألة الفلول والحزب الوطني , هذه مسألة لا تقابل الإقناع من غالبية الشعب المصري وخاصة المناطق البعيدة من أرياف أو صعيد أو واحات أو غير ذلك , وذلك لأن هذه التجمعات ترفع أكثر إنسان يخدمها وتدخله إلى البرلمان , وهناك منهم الكثير نواب خدمات يخدمون أهلهم , وهم عندهم رموز سواء كان حزب وطني أو منفرد أو أي شيء , وهذا يعني أن قناعة الناس هناك سوف تختارهم على أي لون , ولا يعني أنه حزب وطني أنه دين أو مذهب , بل يمكن أن يتغير والمحصلة هي ارادة أهله وعشيرته الذين ينتخبوه , ولو فرضنا على أسوأ الأحوال أنه رجل سيء وفاسد , فيجب علينا أن نعلم أن نسبة من العشوائيات سوف تدخل البرلمان , لأن اصلاح هذا الفكر لن يكون في سنوات أربع و بل يجب أن يبدأ من التعليم والمسجد وهذا أكثر بكثير من الفترة الإنتقالية التي يطلبها الممانعون...
ببساطة لم يكن هناك سبب مقنع للرفض , أحزاب ضعيفة وخائفة من الإسلاميين الأقوياء في مصر , والذين حصلوا هذه القوة في وقت الإضطهاد والتجبر , بينما فقدت القوى الليبرالية والعلمانية واليسارية أي أرضية في الشعب المصري على الرغم من كونهم يملكون الإعلام والثقافة وغيرها من المؤثرات , فبين نجاح هؤلاء في وقت صعب , وضعف هؤلاء مع الدعم , ترسخ للشعب المصري صحة رأي الإسلاميين...
فضلا عن أن غالب الشعب لا يصبر على تبقى البلاد في الظل فترة أطول , فهو يعيش على مكسبه اليومي أو الشهري , وهو يريد أن ترجع الدولة إلى سابق عهدها مع الإصلاح واحدة واحدة , فالشعب يفكر معيشيا , وبعض الثورا يفكرون جزريا وهنا العقل يختار المصلحة بناء على الواقع...