رأي علماء الشريعة في الأحداث الجارية في دولة الكويت

سعيد

عضو ذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم

رأي علماء الشريعة

في الأحداث الجارية في دولة الكويت



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :

فقد اجتمع عدد من العلماء من دولة الكويت لبيان الرأي الشرعي في الأحداث الجارية وانتهوا إلى الرأي الآتي :

إننا ونحن نعايش ما تمر به البلاد من أحداث تبعث على القلق والأسف، مما آلت إليه الأمور من مظاهر الفرقة والاختلاف والانقسام والتباغض ، ونحن كذلك على دراية تامة بالأسباب التي أدت إلى أن تنتهي الأوضاع في الكويت إلى ما انتهت إليه، لنستشعر ما كلفت الشريعة به علماء الأمة حملة الشريعة وورثة الأنبياء من وجوب بيان حكم الشرع في النوازل، والوقائع عند قيام الحاجة إلى البيان حيث لا يجوز تأخيره حال الحاجة إليه. يقول تعالى: "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون". (البقرة، آية 159).

كما نستذكر ما يجب على العلماء من النصح لأئمة المسلمين وعامتهم، ليظل ما يقررونه من أحكام موازين عدل يحتكم إليها جميع الأطراف، تهتدي بهدي كتاب الله سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وما أثر عن سلف الأمة وعلمائها من بيان لأحكام الشرع وقواعده فهي المرجع عند النزاع .

وعليه فإننا نوجه هذا الخطاب إلى الأمة : 

أولا: يجب شرعا على الأطراف المختلفة التزام الآداب الشرعية في خصومتهم واختلافهم، فقد حرمت الشريعة اللدد في الخصومة، وذلك في قوله تعالى: "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام". (البقرة، آية 204). واللدد في الخصومة يكون بالميل عن الحق إلى الباطل، وإظهار العداء والكذب لإيذاء الخصم والتسلط عليه بقصد قهره لا بقصد الوصول إلى الحق وإظهاره . كما يجب عليهم شرعا البعد عن التجريح في القول أو الفعل، ويدخل في هذا الغيبة والنميمة والسب والقذف والتنابز بالألقاب، يقول سبحانه وتعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون". (الحجرات، آية 11 ).

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه". (رواه مسلم في صحيحه)

والتزام هذه الآداب ينأى بالاختلاف والخصومة من أن تتحول إلى خصومات شخصية تثور فيها دواعي الانتقام للنفس، وتحصرها في الاختلاف بقصد الوصول إلى الحق وتحقيق المصلحة.

ثانيا: لا يجوز شرعا عند ظهور الفساد بجميع صوره وأشكاله المتعلق بشأن الأمة العام السكوت عليه وإقراره، بل يجب السعي والعمل على إزالته، فهو منكر يجب على كلا السلطتين التشريعية والتنفيذية المسارعة والتعاون على علاج أسبابه، وأن تتحمل كل سلطة منهما مسئوليتها لقوله تعالى : " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " ( آل عمران آية 104) كما يحرم شرعا افتعال المعوقات التي تمنع من تغيير الفساد أو محاباة المتورطين فيه ، وحمايتهم من أن تصل إليهم يد القضاء العادل.

ثالثا: إن إدارة الدولة أمانة عظيمة، يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها".

( أخرجه مسلم في صحيحه )

وهذه الأمانة تقوم مسئوليتها على صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه، وهو رأس السلطات وراعيها ، وهو رمز وحدة البلاد وسيادتها .وطاعة الأمير واجبة لقوله صلى الله عليه وسلم : " على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " ( متفق عليه) .

كما تقوم هذه المسئولية على مجلس الوزراء باعتباره سلطة تنفيذية، وعلى مجلس الأمة باعتباره سلطة تشريعية . وهذه الجهات كلها معنية بإقامة العدل وتحقيق مصالح البلاد والعباد . 

وهذه الجهات بمجموعها هي نائبة عن الأمة في إدارة شؤون البلاد، فالأمة تختار حاكمها وتبايعه وتوكل إليه هذه الأمانة العظيمة. ومن الأمة يختار الحاكم أعضاء مجلس الوزراء، ومن الأمة ينتخب الناس أعضاء مجلس الأمة الذين يمثلونهم في سن التشريعات ومحاسبة السلطة التنفيذية، وتمتد هذه الأمانة لتشمل جميع أفراد الشعب. وعليه فإن نصح ولي الأمر ومطالبته بإصلاح الفساد والشكوى إليه في تقصير وأخطاء من ولاهم مسئوليات في إدارة شئون البلاد لا يعتبر خروجا عن طاعته، بل هو إقرار بمرجعيته وأنه هو ولي الأمر المخاطب في مصالح الناس وهمومهم . على أن يلتزم في هذا ما أقره النظام العام الذي هو عقد بين الراعي والرعية وأن يسلك هذا المسلك على سبيل الإصلاح والنصح لا الإفساد والفتنة .

إن الشراكة في إدارة شؤون البلاد مبدأ تقره الشريعة الإسلامية فتعطي الأمة فيها حقوقا وترتب عليها واجبات، فلا يجوز للأمة التفريط بالمطالبة بحقوقها ولا التقصير في أداء واجباتها.كما يجب عليها التزام مقاصد الشرع في التزام مصالح البلاد ودرء المفاسد عنها وصيانة وحدتها . 

رابعا : إن إبداء الرأي مكفول بنص الدستور، فلكل مواطن أن يبدي رأيه مراعيا تعليمات الجهات المعنية بالأمن، ويستحق المساءلة إذا تجاوز هذه التعليمات .

وإن من قواعد الشرع أن تغيير المنكر وإزالة الفساد مشروط بألا يؤدي إلى ظهور منكر أكبر أو فساد أعظم، وخاصة إذا كان الفساد متعلقا بالشأن العام فلا يجوز أن تؤدي إزالته إلى الإخلال بالنظام العام الذي تنتظم به مصالح الناس ويتحقق به أمنهم واستقرارهم، ويكون الإخلال به ذريعة للمتربصين بالبلاد سوءا ومكرا، فيستغلون حالة الفرقة والخلاف فيميلون مع طرف من أطرافه ليجدوا لأنفسهم ملاذا يلوذون به ونصرة ينتصرون بها لتحقيق أهدافهم ومآربهم . 

اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ، اللهم اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك .

هذا وبالله التوفيق

لجنة صياغة الرأي الشرعي :

الشيخ الدكتور عجيل جاسم النشمي . 

والشيخ الدكتور ناظم سلطان المسباح .

والشيخ الدكتور عيسى زكي عيسى . 

الأحد 27/11/2011مــ

2/1/1433هــ

---------------- -----------

التعليق :

شكرا للعلماء والمشايخ هذه الكلمة الحرة والعاقلة والموزونة ،،

فالإسلام لم يكن يوما راعيا للفساد أو ساكتا عنه ،، بل لقد جاء ليحارب الفساد ويقيم العدل بين الناس
 
جزاهم الله خير الجزاء هذا البيان يمثل كذلك الدكتور شافى العجمى الشيخ احمد الدبوس الدكتور نايف العجمى الدكتور مبارك الهاجرى الدكتور خالد الهولى الدكتور الحيص وغيرهم لا تحضرنى اسمائهم بارك الله فى جهودهم ونفع الله بعلمهم البلاد والعباد
 

سعيد

عضو ذهبي
جزاهم الله خير ، وين اللي يسمع و يفهم

جزاهم الله خير الجزاء هذا البيان يمثل كذلك الدكتور شافى العجمى الشيخ احمد الدبوس الدكتور نايف العجمى الدكتور مبارك الهاجرى الدكتور خالد الهولى الدكتور الحيص وغيرهم لا تحضرنى اسمائهم بارك الله فى جهودهم ونفع الله بعلمهم البلاد والعباد

شكرا لكما :)

حبذا لو نضع تصريحات المشايخ والعلماء حول الأحداث الجارية ليستفيد الجميع
 
أعلى