كلمة محمد والي العنزي بمؤتمر لندن لحقوق الانسان

الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.

الكلمة التي ألقاها محمد العنزي في مؤتمر لندن

ألقى رئيس حركة الكويتيين البدون محمد والي العنزي كلمة في مؤتمر لندن حول حقوق عديمي الجنسية ( البدون ) نظمته منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع فريق المساعدين القانونيين خلص برفع توصيات الى الحكومات بإنهاء هذه الحالة كي لا يبقى طفل عديم الجنسية في العالم ، كانت هناك ثلاث كلمات في المؤتمر الأولى كانت لممثل الأمم المتحدة والثانية كانت لمساعدة قانونية للاجئين والثالثة كانت لرئيس حركة الكويتيين البدون التي نالت على استحسان الجميع فصفقوا لها بحرارة متأثرين بما جاء فيها:-


أنا واحد مما يقارب 300 ألف عديم جنسية في الكويت ، منهم من هو أسوا حالا مني ، ومنهم من هو أقل معاناة مني ، إلا أننا جميعا شركاء في المأساة، أن تولد فتجد نفسك بدون جنسية ، هو أمر مؤلم جدا ، فأنت تتحمل ذنبا لم ترتكبه ، تحاسب على جريمة لم تقترفها، تجد نفسك تواجه تمييزا دون اقترافك إثم ، وتجد حرمانا من حقوق يتمتع بها حتى الحيوان وتقصى أنت منها كإنسان له كرامة، فتحت عيني على وطني الذي أحب ، ارتبطت به وعشت عمرا أرى نفسي مواطنا له، لأصعق وانا في عمر المراهقة بالتمييز والإقصاء ، فوجئت بأمر جديد لم يكن موجودا من قبل حيث وجدت في صباح أحد الأيام في المدرسة الثانوية أنهم يضعون في سجل الغياب للطلبة أمام كل طالب جنسيته واذا بهم يصعقونني بكلمة غير كويتي، أحسست بصدمة شلتني، أصدرت الحكومة قرارات في عام 1986 بمصادرة كل الحقوق الإنسانية من البدون حرمتنا من التعليم والطبابة والعمل والسكن وأوراق الهوية وشهادة الميلاد والوفاة والزواج وجواز السفر، جاءت كل هذه القرارات بالتزامن مع تخرجي من الثانوية العامة، وأنا أقبل على الجامعة، كانت لدي أحلام وطموحات تحطمت بسبب جعلي شخص بلا هوية، بلا وجود.

تخرجت من الثانوية العامة وانتهت صلاحية الهوية وكانت الأوامر صدرت بعدم اعطاء هوايا بعد العام 1986 ، كنت كلما اقتربت من نقطة تفتيش أهرب وانا لم أرتكب جرما فقط لانه ليس لدي هوية ذات صلاحية، بحثت عن عمل في كل مكان وكان الرد دوما بالرفض لأنني بدون، ذهبت إلى كل مكان لأكمل تعليمي الجامعي، وكان الرد دوما (آسف أنت عديم الجنسية)، أحسست بقهر وأنا أقف أمام عميد الجامعه ليقرر قبولي في الجامعه، وضعت أمامه شهادة الثانوية العامة وأن والدي عمل لمدة 30 عاما في وزارات الدولة النفط والتربية والكهرباء ونصف المدة في وزارة الداخلية كشرطي، لكن العميد رفضني وطردني من مكتبه لانني بدون ولأن عنده مؤتمرا صحفيا، تمنيت لو استطيع عرض مشكلتي على الصحافة الموجودة ولكن الحكومة منعت الصحف من نشر شكوى عديمي الجنسية، لم أترك وظيفة إلا وقدمت عليها وكان الجواب دوما الرفض لأني عديم الجنسية.

جلست مرة خارج إحدى الدوائر الحكومية بعد أن رفضوني أقلب في شهادة الثانوية العامة وأتحسر، قدمت على وزارة الإعلام كمذيع فلم يكتفوا بالرفض بل استهزءوا بي وهم يجلسون على مكاتبهم يسخرون مني، فخرجت وأنا أحمل طعما مرا في فمي، حصلت على موافقة من جامعتين في الإمارات والأردن ولم أعط جواز سفر ولكم أن تتصوروا الآن أن اسحب منكم كل اثباتاتكم ولمدة اسبوع واحد فقط تصور انك لا تستطيع سحب مال من البنك لان كرت البنك ليس لديك ولا بديل ، عشت سنينا صعبة، كنت دوما مادة دسمة للسخرية لأنني عديم جنسية، بمعنى طبقة أقل. عانت زوجتي مثلي حينما حرمت وهي طفلة من التعليم، مما سبب لها عقدة الخجل، كانت تخجل من الخروج للشارع في وقت الأطفال فيه في المدارس كانت تنظر من فتحة خلف الباب لابنة الجيران وهي تعود من المدرسة وتحس بالغيره والحرقة بداخلها لانها لا تدرس ، وحينما تريد الذهاب للسوق تلبس ثياب العجائز تغطي نفسها لكي لا يسألها أحد لماذا أنت لست في المدرسة، وهذا هو المؤلم أنك فوق ألمك وحرمانك بدون سبب ، تتحمل عبء أن تشرح للناس لماذا أنت في هذا الوضع.

حرمت الكويت عديمي الجنسية من الحياة بخطة معدة ومتعمدة ، مات الأطفال لأنه لم يسمح لهم بالعلاج ، أجيال توجد الآن لا تعرف القراءة والكتابة ، نساء بلغن ال 45 لا يستطعن الزواج ، تفككت العوائل في دول العالم كلاجئين بسبب المعاناة والإقصاء، أصبحنا مادة دسمة للاستهزاء بنا في التلفاز والقنوات الفضائية، إحساس مؤلم جدا حينما يصفونك بعديم الجنسية وكأنه مرض جلدي يخشى الجميع العدوى منه ، جعلونا نعيش حياة الحرمان والمعاناة، فمتى يرجعون لنا حقوقنا وهل سيعوضوننا عن سنين المعاناة وهل سيحاسب من تسبب في معاناتنا.

لكي تكون لدي كرامة، ولكي أحس أنني بشر، ولكي أجنب أولادي أن يعانوا مما عانيت ، قررت اللجوء في الخارج ، وبالفعل وصلت لبريطانيا ، وقدمت على اللجوء، وبقيت أنتظر تحديد المصير، إن الانتظار شيء مؤلم، هو مرض في حد ذاته فعلى أيامنا كان القرار يبقى سنوات ليصدر، كنت أراقب البريد ، أسابق ساعي البريد على الرسائل على إحداها تحمل لي القبول لأنهي معاناتي ليتحدد مصيري ، لكي أبدأ العيش كبقية البشر ، وبقية على هذا الحال 4 سنوات لا أعرف لي أرضا أضع رجلي عليها ، كنت أحلم بجواز توضع فيه صورتي يحدد هويتي يعترف بي كبشر، يمكنني أن أذهب أينما أريد، وبعد أربع سنوات صدر قرار بأن العوائل المقيمة في بريطانيا منذ 3 سنوات واكثر تحصل على الإقامة ، وجاءني الفرج ، وبدأت الخطوات الايجابية تتتابع، حتى وقفت في يوم 27 مايو 2005 أمام محافظ بارنت وهو يسمعني كلمات كنت اسمعها باذني وعقلي هناك في الكويت أقارن بين ما أسمع وما عشت قال لي ( باسم ملكة بريطانيا وممثلا عن وزير الداخلية أرحب بك مواطنا لك كامل الحقوق كأي بريطاني) كلمات ربما كررها لآلاف غيري لكن وقعها كان يختلف على مسمعي ولها معنى بالتأكيد يختلف عن الآخرين الذين بدلوا جنسيات بلدانهم بالبريطانية.

ربما كنت محظوظا بقرار الغقامة للعوائل وربما كنت محظوظا بمجيئي لبريطانيا ، لكن ما هو حال الملايين الذين لم ينالوا فرصة اللجوء، أو فهم قضيتهم ، أو لم يشملهم قرارا؟
إن عديمي الجنسية في الكويت خاصة وفي العالم عامة ينتظرون منكم أيها المشاركين في هذا المؤتمر أن تأتوهم بالحل أن تصلوا إليهم ، فهم للأسف لا يستطيعون الوصول اليكم ، أتعرفون لم لا يستطيعون الوصول ، لسبب واحد هو أنهم خارج العالم ، نعم إنهم خارج العالم بمعنى الكلمة ، فالأمم المتحدة مكونه من دول وهم ليسوا رعايا لأي من هذه الدول هم ليسوا مواطنون لدولة من دول الأمم المتحدة إذا هم خارج العالم لا يمثلهم أحد في الأمم المتحدة ، فكيف سيصلون إليكم؟

مؤتمر لندن 22/11/2011
 
الحالة
مغلق و غير مفتوح للمزيد من الردود.
أعلى