فن المقامات : مقامة سياسية !

فن المقامة من الفنون الأدبية الرائعة

الذي جذبني له هذه المرة هو تطرقه للسياسة

أترك لكم الإستمتاع (ربما) .. مع مقامة سياسية بعنوان :

المقامة الدسمانية







المقامة الدسمانية : الفداوية !







حدّثنا عدنان ابن أُثيلة قال : فيما كنا نصيد السمّان بمنطقةٍ يقال لها دسمان ، سألت الشيخ الأزرق ابن كُليب عن (البصّامة) .


فقال : هي فرقة عند السلاطين نمّامة

وللمعروف ذمّامة

ولأهله شتّامة

وليس فيهم استقامة !

ثم أنشد :


إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً ** مني وما سمعوا من صالحٍ دفنوا


صُمٌ إذا سمعوا خيراً ذُكرت به ** وإن ذُكرت بسوءٍ عندهم أذنوا


إن لكل مَلكٍ حاشية يقودها كالماشية

ولكل ثري خدم وحفنة من الحشم

ولكل رئيس مرافقون متزلفون منافقون

يخلطون الحابل بالنابل

ويعكسون الخير والشر

ويسري فيهم السم مجرى الدم !


بعضهم يذم الصالح ويُزين الطالح

فهو للرذيلة مدّاح وللفضيلة قدّاح !


تجده حول الولاة مع الردّاحين وبحمدهم من الصدّاحين

فقد اعتادوا المجاملة بالمعاملة

لهذا يعتبرون من ينصحْ (مؤزم) ينبحْ !

ويسمّون الصراحة مع الرئيس وقاحة !


قال الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم :
{الدين النصيحة ، قلنا لمن ، قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم}


قلت : وما نشأتهم ؟

قال : فيما مضى ، كانوا بالسرادق يمتشقون البنادق

ثم صاروا للشيوخ مطاريش وللوزراء فراريش

اليوم هم من الأغنياء والأثرياء والوزراء والسفراء بل حتى النساء انضوين تحت اللواء !


قلت : من أي قومٍ هم ؟

قال : بعضهم كُتل وآخرون مِلل

فمُشِرّعهم تاجرٌ من الشامية ومفتيهم من الجاميّة وصحيفتهم يملكها الحرامية !

يُساندهم فارسي من الزهراء وبدوي من الجهراء وليبراليٌ من الفيحاء !


قلت : وما يجنون ؟

قال : للغرفة مناصب وللطائفة مكاسب

للتاجر مناقصة ولليبرالي حفلة راقصة

هَمُّهم الكراسي وللشعب المآسي !

وتمتد المنفعة للأصدقاء والأهل والأشقاء

فأحدهم للمعاقين مسؤول والآخر
عضوٌ في البترول

والثالث بالسرّة مختار ولإحداهن أكبر دار !


فقلت : والله ما أظنّها فرقة ناجية ولا لريح الجنة راجية !

لكن رحمة ربكَ شاسعة وأبواب التوبة واسعة .


فقرأ الشيخ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
{ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا له بطانتان ، بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصم الله تعالى} .




عبدالله الأعمش





للإستماع للمقال :


http://www.4shared.com/audio/FIyblFJO/_online.html





المصدر :

 
جميل واضح إنك مو بنت المعارضة شكلك أمها:)

صاج اخوي المحامي

وهذي مقامة ثانية لنفس الكاتب ، فهمت أنها بخصوص أحداث كادر المعلمين






المَقامَةُ المَدْرَسِيَّة






للإستماع للمقال (صوت)


http://www.2shared.com/audio/xwJuSiXk/__online.html



حَدّثَنا عَدنانُ بن أُثَيْلَة قال : كنت أتجول ذات يومٍ مع شيخنا الأزرق بن كُليب في إحدى نواحي الدَّسْمَة فرأينا عندها قوماً قد فارقتهم البَسْمَة ، ولبست وُجوههم أثواب الهَم واغرورقت أعينهم بماء الغم!

وليس الذي يجري من العَينِ ماؤها ** ولكنّها روحٌ تسيلُ فتقطرُ

كان هؤلاء المحزونون عدة آلافٍ بل يزيدون ، فقال لهم الأزرق : ما بالكم تبكون ؟ فَطَفِقَ القومُ يشكون ، فتحدث منهم ابن عُتبَة وكان أرفعهم رتبَة : إنما هذا البُكاء لما حَلَّ بنا من بلاء ، فنحن من نُدَرِّس الأجيال ونُعلِّم العِيال ، ونُحفِّظهم الكتاب ونَشرح لهم الحساب ، ونُفهمُهم عدة أشياء مثل الأحياء وعلم الكيمياء وكذلك الفيزياء ، نَبْدأُ صُبحنا بالطوابيرِ واقفين وبتحية العَلَم هاتفين ثم في الفصولِ مع التلاميذ عاكفين ولكل مَسألةٍ عارفين فنرجِعُ لأهلينا ظُهراً على الموتِ مُشارفين ! ثم لِساعةٍ نَقيل حيثُ أن الشياطينَ لا تقيل ، وبعدها نَبدأُ بالتحضير والإعداد ببالغِ همّةٍ واجتهاد فغداً يُقبِلُ يومٌ جديد من أيام العام المديد ، وهكذا تَمضي الأَيام والليال بهذه الطريقَة والمنوال ! فقال شيخنا الأَزرَق بن كُليب : وهل تُعطَوْنَ بِقدرِ ما تَعطون ؟ ويُحْسَن إليكم كما تُحسنون ؟ فصاح ابن عتبة : يعطون قومي بالمئات وهي في بلد الثروات مُجرّد فتات ، فوالينا يشتري الحلوى بالألوف ليلتهمها مع الحاشية والضيوف ، فهي تأتيه من بلاد جُنيف التي بنى بها قصره المُنيف على تلال الريف !

فتقدّمَت عجوزٌ من مَيْمَنة الحشد وقالت : أترغب بالمزيد ؟ قلت : وهل من جديد ؟ قالت : في جعبتي العديد ! قلت : بكل سُرور ، قالت : بالملايينِ يَشْتَرونَ البَخور كَيْ يَطردوا بِهِ الشُرور فَتَنْصَلِح الأُمور ويَتَيَسَّر لِلوالي العُبور في امتحانِ الإِسْتِجْواب الذي قَدَّمَه كَوْكَبةٌ من النواب إيماناً منهم بمبدأ الثواب والعقاب ! فقُلت للعجوز : والله إني لأُوَقّرُ مقامَك وأُقدّر كلامك فهل نساؤكن كلهن كذلك ؟ قالت : يا بُنَي لولا أربع لأفْلَحنا ! فَحَسِبْتُ العجوز ستنشد :

إني ابتليتُ بأربعٍ ما سُلِّطوا ** إلا لشدة شقوتي وعنائي

إبليس والدُنيا ونَفسي والهَوى ** كيفَ الخلاص وكلّهم أعدائي ؟

لكنها قالت : ما مَنَعَ الخَيرَ عَنّا وسَلَبَ الرِزْقَ مِنّا إلا أَربع نسْوَة اتّصَفْنَ بالقَسْوَة ، فما رَأَفَت ثلاث منهن بأهل التدْريس ونَكَّسْنَ رؤوسَهُن شَر تَنْكيس ، أما رابعتهن فكانت لمكافأة الطلاب قامعة ولمطالبهم غير سامعة فأكدت أن جماعتها للوالي خانعة ولصفقاته خاضعة ! ما بالُهُنَّ كَأَنَّهُنَّ لم يَكُنّ مُعَلِّمات فيما مَضى وأن ما فاتَ قد انقَضى ! فاليوم أصْبَحْن نائبات (على) الأمة ولَسْنَ عنها ، فأولاهُن زَعمت أنها في قرارها (مُصيبَة) لكننا نرى مواقفها غَريبة ومآربها مُريبة فكانت أم (المصائب) ، أما الثانية فنَصبَت نفسها (قاضِيَة) وهي عن القِسط ماضية وبالظلم راضية (فقَضَت) على آمالنا ، ثالثة الأثافي تدّعي أنها (هاوِيَة) تهوى الناس لكنها (هَوَت) بهم في الدرك الأسفل والموضع الأرذل ، أُخراهُن والله أعلم (حيَّة) سيئة النيَّة صدق فيها والأخريات قول خير البريَّة وسيد البشريَّة عليه أفضَل الصَلاة والسَلام والتَحِيَّة : {لَنْ يُفلحَ قَوْمٌ وَلّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَة } .

حينها التَفَتَ عَليَّ الشيخُ الأزرقُ بن كُلَيْبٍ وقال : هَلُمَّ بنا يا ابن أُثَيْلَة نَنطَلِق وقبل عَسْعَسَةِ اللَيلِ نَسْتَبِق فإن آذان جواسيس الوالي تَسْتَرِق وأظن خِيامَ هؤلاء القَوْمِ .. سَتَحْتَرِق !

عبدالله الأعمش


 
ليته يواصل هالأعمش فهذا فن قليل من طرقه.. وقد يجيد ويجمع فيه ما يستحسن أن يخرج في كتاب أو نحوه
مشكورة على المقامتين الجميلتين..
 
ليته يواصل هالأعمش فهذا فن قليل من طرقه.. وقد يجيد ويجمع فيه ما يستحسن أن يخرج في كتاب أو نحوه
مشكورة على المقامتين الجميلتين..




صدقت .. ربما كتب فيه الشيخ القرني .. و قلة غيره

وهذه ثالث مقامات الأعمش التي وجدتها في موقعه







المقامة البنغالية : الشيخة البنغالية







للإستماع للمقال (صوت) :
http://www.4shared.com/audio/hvpC3sKJ/__online.html



حدَّثَنا عدنان ابن أُثيلة قال : ذات عامٍ أصاب البلاد والعباد قحطٌ اضطرنا للترحالْ ، فركب بعضنا الأباعِر والجمالْ ، وآخرون على الخيول والبغالْ ، حتى وصلنا لبلادٍ يقال لها البنغالْ ، فوجدناها مَكْسوّةً بالأدغالْ مُخضَرَّةَ التِلالْ لا يَحكمها جنس الرجالْ ، فمرةً تكون الشيخةُ حسينة قائدة ، ومرة أخرى تحكمهم خالِدَة ، فلا تحتكرها منهنّ واحدة فتكونَ لتداول السلطة وائِدة ، فيا ليت قومي يفقهون الفائدة !

فقال الشيخ الأزرق ابن كُليب : مالي تذكرت العجاف السبع ؟ اللاتي جف فيهن النبع ، وجاع فيهن السبع ، وشبع فيهن الضبع !

تموت الأُسْدُ في الغابات جوعاً ** ولحم الضأن تأكلهُ الكِلابُ

وذو جهل قد ينام على حريرٍ ** و ذو علمٍ مفارشه الترابُ

ويوم وَلَجنا عاصمتهم دَكّا ، علمنا أن الشيخةَ أصدرَت صَكّا ، كي تقطع باليقين الشَكَّ ، فألزمت النوّاب والوزراءْ ، والمسؤولين والسفراءْ ، وأهليهم والأقرباءْ ، بكشف مايملكون من أموالٍ وثروات ، وذهبٍ ومجوهرات ، وأرصدةٍ وحسابات ، وقصورٍ وعقارات ، حتى يتبين الأمين من السارق ، ويتضح المخلص من المارق ، ويتكشّف الحد الفارق بين من هو بالفساد غارق ومن هو في سماء الخير طارق .

فقال الشيخ الأزرق ابن كُليب : رغم أن ولاية الشيخة حرام ، وفي توليها الحُكم كلام ، إلا أن خطوتها هذه صائبة ، ولا تشوبها شائبة ، وعساها أن تمنع الوزير والنائبة ، من سلب الأموال السائبة ، في ظل القوانين الذائبة ، والسلطة الغائبة !

وبعد صيفٍ طويل وحين شرعنا بالرحيل ، تقدم لنا رجلٌ رث الثياب نحيل ، ذو لحية مع الرياح تميل ، فسَلَّم علينا وقرأ بصوت جميل حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والتسليم: {إنما أهلك الذين قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد} فنحن بنو البنغال رغم ضنك الحال وشُح المال سبقناكم في هذا المجال ، فبدأنا بالأغنياء قبل الفقراء ، والأثرياء قبل الضعفاء ، فيما لا يُغدِق واليكم على الناس البركات ، لكنه يدفع للحاشية والمتزلِّفين .. بالشيكات !




عبدالله الأعمش


 
أعلى