اللون الأسود....قصة قصيرة

يا وطن

عضو فعال
يفتح عينيه ليجد جمهرة من الناس تحملق في وجهه ، تعتريها هالة من علامات الخوف والقلق ، تمد أيديها نحوه تشده ، تتحرك شفاههم وتنفتح أفواههم وتغلق إلا أنه لا يسمع شيئا ، وبلا شعور يرفع بصره إلى زرقة السماء وقد توسطها قرص الشمس بإضاءته الخافتة فقد حجب أشعتها الحارقة شيء ما رمادي داكن اللون ، أخذ هذا الضوء بالأفول حتى أصبح سوادا كاملا.

يفتح عينيه فيستمع لصوت دقات قلبه الممزوجة بصوت أنفاسه تطرق ضلوع صدره فتحركها تكاد تخرج من بين جنبيه، الإضاءة هذه المرة بيضاء قوية ، وصور لأشباح لم يتعرف عليها كأنها رؤوس ووجوه مغطاة لا تظهر منها سوى بريق العيون ، لم يحدق به أحد هذه المرة، ليس كالمرة الأولى ، فهذه الرؤوس تتحرك من حوله وبهدوء ، يحس ببرودة تسري في ذراعه الأيمن ، وثواني فيعود اللون الأسود الكامل فيغطي الضوء.

يفتح عينيه ، على صوت ينادي:
محمود تأخرت على عملك ، ألم تقل لي أن مديركم منزعج من تأخرك الدائم وسيقوم بخصم مرتبك بالكامل هذا الشهر اذا تكرر التأخير؟ !!
صياح زوجته أطلقه من السرير كسهم ناري.
استكمل باقي ملابسه في سيارته وضغط على دواسة البنزين غير عابئ بحدود السرعة ، ينظر الى الساعة لم تتبق سوى عشر دقائق على حضور المدير ، السيارات تتكدس فجأة أمامه ، يحاول تجاوزها ، يخفف السرعة لا يستطيع ، يدير عجلة القيادة بسرعة الى اليسار ، السيارة تنزلق ، يفقد السيطرة ، تضرب بعجلتها اليسرى الحاجز الإسمنتي تنلقب السيارة ، تطير في الهواء ، وتسقط على الإسفلت ، تهشم الحديد والزجاج وهو بداخلها ، هذه المرة لا صوت لأنفاس ، لا صوت لقلب يدق لا صوت لشيء ، لا إحساس ، وجوه هلعة تقترب منه ، يشخص ببصره الى زرقة السماء ، واللون الأسود وللمرة الثالثة غطى كل شيء.


***
تمت في
12:30
15-3-2008
صلاح
 
أعلى