نظرة في تاريخ العقيدة - أ. د. عمر بن سليمان الأشقر حفظه الله تعالى

جوكوزال

عضو فعال
بسم الله الرحمن الرحيم


هل تطورت العقيدة عبر الزمان؟


يرى كثيرٌ من الباحثين الغربيين أن الإنسان لم يعرف العقيدة على ما يعرفها عليه اليوم مرة واحدة، ولكنها ترقَّت


وتطورت في فترات وقرون متعاقبة.


ولا عجب أن يقول مثل هذا القول الباطل قومٌ لم يمنحهم الله كتابه الذي يحكي تاريخ العقيدة بوضوحٍ لا لبس فيه، إلا أن


العجيب أن يذهب هذا المذهب رجال يعُدُّون أنفسهم باحثين مُسلِمين.


فهذا عباس محمود العقاد يرى في كتابه "الله" (نشرته دار الهلال بالقاهرة، انظر ص10 وما بعدها) – وهو كتاب يبحث


في نشأة العقيدة الإلهية – أن الإنسان ترقى في العقائد، ويرى أن ترقي الإنسان في العقائد موافِقٌ تماماً لترقيه في


العُلوم.


ويقول: "كانت عقائد الإنسان الأولى مساوية لحياته الأولى، وكذلك كانت علومه وصناعاته، فليس أوائل العِلم والصناعة


بأرقى من أوائل الأديان والعِبادات، وليس عناصر الحقيقة في واحدة منها بأوفر من عناصر الحقيقة في الأخرى".


ثم أخذ يستعرض آراء الباحثين في تاريخ العقيدة، فمنهم من يرى أن السبب في نشأة العقيدة هو ضعف الإنسان بين


مظاهر الكون وأعدائه من قوى الطبيعة والأحياء، ... وبعضهم يرى أن العقيدة الدينية حالة مَرَضِيَّة في الآحاد


والجماعات، ويرى بعضهم أن أصل العقيدة الدينية عبادة "الطوطم"، كأن تتخذ بعض القبائل حيواناً (طوطمياً) تزعمه أباً


لها، وقد يكون شجراً أو حجراً يقدسونه، إلى آخر تلك الفروض التي قامت في أذهان الباحثين الغربيين.


ومع الأسف فقد سَرَت هذه النظرية إلى كثير من الكُتَّاب (ممن جنح إلى القول بهذه النظرية مصطفى محمود في


كتابه "الله")، واعتنقها جملة من الدارسين (لست أدري أي عقيدة هذه التي تطورت؟ أهي العقيدة اليهودية المُحَرَّفة


أم النصرانية المُبَدَّلة أم عقيدة الفلاسفة... إن هذه العقائد لا تُمثل إلا انحرافات عقائدية ولا تُمثل العقيدة السليمة)،


والذي أوقع هؤلاء في هذا الخطأ أمور:


الأول: أنهم قدَّروا أن الإنسان الأول خُلِق خَلقاً ناقصاً، غير مؤهل لأن يتلقى الحقائق العُظمى كاملة، بل إن تصوراتهم


عن الإنسان الأول تجعله أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان.


الثاني: أنهم ظنوا أن الإنسان اهتدى إلى العقيدة بنفسه بدون مُعَلِّم يُعَلِّمه، ومُرشِد يُوَضِّح له. فما دام الأمر كذلك


فلابد أن يترقى في معرفته بالله كما ترقى في العلوم والصناعات.


الثالث: أنهم عندما بحثوا في الأديان ليتبينوا تاريخها لم يجدوا أمامهم إلا تلك الأديان المُحرفة أو الضالة، فجعلوها ميدان


بحثهم، فأخضعوها للدراسة والتمحيص، وأنى لهم أن يعرفوا الحقيقة من تلك الأديان التي تُمثل انحراف الإنسان في


فهم العقيدة.


*** القرآن وحده يُوضح تاريخ العقيدة


ليس هناك كتاب في الأرض يوضح تاريخ العقيدة بصدق إلا كتاب الله سبحانه وتعالى، ففيه علم غزير في هذا


الموضوع، وعلم البشر لا يُمكن أن يُدرك هذا الجانب إدراكاً وافياً.


لذا فإن الذي يستطيع أن يمدنا بتاريخ حقيقي لا لبس فيه هو الله سبحانه وتعالى، {إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي


الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ} [سورة آل عِمران – الآية 5].


تاريخ العقيدة كما يرويه القرآن الكريم


أعلمنا الله سبحانه أنه خَلَقَ آدم خَلْقاً مُستقِلاً سوياً مُتكاملاً، ثم نفخ فيه من روحه وأسكنه جنته، وأباح له أن يأكل


وزوجته منها كيف شاءا إلا شجرة واحدة، فأغراه عدوه إبليس بالأكل من الشجرة فأطاع عدوه وعصى ربه، فأهبطه الله


من الجنة إلى الأرض، وقبل الهبوط وعده الله سبحانه بأن يُنزل عليه وعلى ذريته هداه كي يُعَرِّف الإنسان بربه ومنهجه


وتشريعه، ووَعَدَ المُستجيبين بالهداية في الدنيا والسعادة في الأخرى، وتوعد المُستكبرين بالمعيشة الضنكة في


الدنيا وبالشقاء في الآخرة: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ


يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة – الآيات 38 و39].


الجيل الأول من البشرية كان على التوحيد


هبط آدم إلى الأرض، وأنشأ الله مِن ذريته أمة كانت على التوحيد الخالص كما قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}


[سورة البقرة – الآية 213]، أي على التوحيد والدين الحق فاختلفوا {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْـزَلَ مَعَهُمُ


الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [سورة البقرة – الآية 213].


أول انحراف عن العقيدة وأول رسول


وبعد أن كان الناس أمة واحدة على التوحيد، حصل الزيغ والانحراف. وكان أول انحراف حدث هو الغلو في تعظيم


الصالحين، ورفعهم إلى مرتبة الآلهة المعبودة.


ففي صحيح البخاري مِن حديث ابن جُرَيْج عن عطاء عن ابن عباس عند تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا


تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [سورة نوح – الآية 23]. قال: "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما


هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم،


ففعلوا، فلم تُعبَد. حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العِلم (نُسِيَ ودَرَسَ) عُبِدَت". (صحيح البُخاري: 4920).


فهذا أول انحراف وُجِدَ في تاريخ البشرية عن التوحيد، فأرسل الله إليهم أول رُسله نوحاً عليه السلام مِصداقاً لوعده


الذي أعطاه لأبي البشر آدم بإرسال الرُسُل وإنزال الكُتُب هدايةً للبشر.


وهكذا استمرت رحمة الله وعنايته ببني آدم كلما ضلوا وزاغوا أنزل إليهم هُداه يُضيء لهم الظلمات: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا


تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} [سورة المؤمنون –


الآية 44].


منقول باختصار


مِن كِتاب : العقيدة في الله – من سلسلة : العقيدة في ضوء الكِتاب والسُنَّة


كتبه : فضيلة الشيخ أ. د. عمر سليمان الأشقر، كلية الشريعة – الجامعة الأردنية


اختصره : حاتم الحاجري



المصدر : ملتقى أهل الحديث

 

سبحان الله وتستمر عبادة الأوثان
فنرى عبدة القبور والأضرحة والحجر وغيرها
في كل زمن
في الوقت الذي يعتبر من يدرس العقيدة والتوحيد الخالص لله
في هذا الوقت فيه مافيه عند الفرق وأصحاب العقائد الفاسدة
رغم إيقانهم أن لا الحجر ولا الشجر ولا القبور ولا الأضرحة تنفع وتضر
إلا أنهم يستشهدون أنا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون
وللأسف كثير منهم بلغوا من العلم عتيا
كمثل اليابانيون رغم تكنلوجيتهم الهائلة
إلا إن عقولهم الجبارة تضمحل وتصغر وتشبه عقول البهائم
عندما يتعبدون الحجر

نحمد الله على نعمة التوحيد الخالص لله
وجزى الله الشيخ وإياك أخي الفاضل
على النقل الطيب
 

جوكوزال

عضو فعال
حياك الله أخي الكريم السنعوسي




قال ربعي بن عامر - رضي الله تعالى عنه - :


الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
 
أعلى