مسئوليتي الوطنية .. نقطة في آخر السطر !

حمد

عضو بلاتيني
لا يمكن أن تمر تجربة ما يسمى التيار الوطني او التيار الليبرالي او التقدمي او ايا كانت التسمية دون قراءة متناهية الدقة للبحث في اسباب الاخفاق امام التيار المتطرف الذي يحاول تسويق فكرة جديدة على أن الانتخابات الاخيرة تعد استفتاءا لإستبدال الدستور والدولة المدنية بالدولة الدينية الرجعية .

بدأ التيار الليبرالي مسيرته بالمجلس الاخير محققا عدد جيد من المقاعد يضاف الى رقم المقربين خصوصا نواب الدائرة الاولى وصوت المرأة أيضا , الا أن هذا النجاح اثبت فشل في تمثيل التيار للمشاركة الشعبية بالحكم عبر البرلمان ..

الا أن المشكلة بدأت بإستمرار حكومة مجلس 2008 الذي حل بعد عام من الانتخابات , مما جعل الازمة بين الحكومة والمجلس مستمرة لإستمرار ذات الحكومة وذات النهج , و بالتالي اضطر التيار الليبرالي لأن يبدأ تجربته بردة فعل عنيفة على ازمات المجالس السابقة تحت عنوان ( أعطوا الحكومة فرصة تشتغل ) , ودون أن يكلف نفسه عناء قراءة سياسات تلك الحكومات القائمة على نفس النهج وعلى نفس السياسات التخريبية والتي تجاوز عمرها الثلاثين عاما والتي كرستها تجربة ناصر المحمد السيئة في رئاسة الحكومة .

إن هذا الموقف السيئ الذي أتضح عبر جملة مواقف من قضايا من المفترض ان يكون الموقف منها مبدئي , كإستجواب الشيكات واستجواب وزير الداخلية ( الخمس ملايين ) , و الموقف من رحيل حكومة ناصر المحمد المطلب الذي انشق حوله الليبراليين بين مؤيد للتوافق الشعبي وبين معارض لمثل هذا التوافق , ( بالمناسبة اغلب من كان يعارض ليست لديه مشكلة بتوافق حماس وحزب الله او بتوافق الملتمين بميدان التحرير في القاهرة , او بتوافق الاسلاميين الشيعة مع الليبراليين في البحرين , ولم تكن لديهم مشكلة بالإمتناع وبالتالي دعم الاغلبية الحكومية بتوافقاتها الاسلامية والقبلية والنتفعية , وهم ليست لديهم مشكلة بالتكتل مع سلفي كعادل الصرعاوي !! .. الخ !)

هذا الإنقسام قد تسبب بضياع بوصلة التيار الوطني وحلفاءه التاريخيين ( المرأة والتيار الشيعي ) , فما بين من هو مستعد للسكوت عن الفساد وبين من تورط بهذا الفساد و من ثارت ضده الشبهات بالاعلام ضاع التيار الليبرالي وعزز هذا الضياع التقلبات في مواقف بعض القيادات والتناقضات التي ظهرت على شكل اختلافات عميقة بين بعض قيادات التجمع الواحد سواء بالمنبر او بالتحالف , مما أعطى فرصة للخصوم الشيوخ والتجمعات الدينية وبقية التجمعات ومنهم رافضي وصف التيار الليبرالي بالوطني الذين يصرون على التمسك بتعصباتهم القبلية والطائفية والدينية ويريدون فوق هذا الحصول على حصة من اللقب!, وطبعا هنا استثني بعض الشباب الذي بات يستحق مثل هذا اللقب لرفضه التعصبات القبلية والطائفية والفئوية والدينية كمجموعه الدكتور عبيد الوسمي .

وكانت لدى التيار مشكلة في آلية إتخاذ القرار التنظيمي سواءا بالتجمعات نفسها او بكتلة العمل الوطني , فتصريحات اسيل تختلف عن تصريحات الملا وتصريحات اسيل تخالف وتبين عدم الزامية بيانات التحالف ! و قس على ذلك في بعض مواقف كتلة العمل الوطني الصارخة بالتباين .

أضف الى ذلك مشكلة التيار الوطني مع الاعلام , فالصحف التقليدية قد بهتت الوانها بعد ظهور المدونات وبعد الشبكة الليبرالية الكويتية التي توقفت , حتى المدونات قد خسرت موقعها المؤثر بعد ظهور القنوات الخاصة و الصحف الالكترونية التي لها موقف من التيار الوطني و التويتر وبعض المنتديات الاخرى , فصار التيار يشتم من الجويهل والفضل من جانب و تُضَخم الشبهات عليه في موقع الآن وفي بعض المنتديات المؤثرة , والاسلاميين والشعبيين والقبليين من جانب آخر , فالخصوم كثر والادوات قليلة وهذا كان تاريخ التيار الذي استمر لا بالمال ولا بالتحالفات وانما بالحرص والدقة بإتخاذ المواقف , ولذلك فإن سقوط التيار يمثل رغبة جامحة لدى الكثيرين ممن انتظروا تاريخيا هذه اللحظة !.

كل هذه الظروف اجتمعت ليسقط التيار الوطني , خصومة الاخرين الفاجرة , والاخطاء والزلات التي وقع بها التيار , وضعف الاداء الاعلامي بمقابل السيطرة الاعلامية للآخرين , فالاسلاميين والشعبيين باتوا يسيطرون بطريقة غريبة على الاعلام الالكتروني , فبات الشباب مهتم فعلا بالمال العام على حساب قضاياه الاخرى التي غفلها وراء الشعبويين و الاسلاميين , بدليل الشعارات التي رفعها وراء هؤلاء في مديح اسيل التي ما ان حل المجلس حتى وانقلبوا عليها بمقابل رضاهم عن الاخرين الذين اتخذوا ذات المواقف التي اتخذتها اسيل والعمل الوطني ! مما يثير تساؤلات حول علاقة تلك الجماعات السياسية بالخصم الاول والاقوى لكتلة العمل الوطني الشيخ احمد الفهد الذي هرب مذعورا من ( مناقشة ) الاستجواب المحكم الذي قدم له .

وما يؤكد تأثير التوجيه الاعلامي على الشباب هو الموقف من وثيقة 2012 التي يتبناها الشباب , وهي الوثيقة التي تتوافق ( بمجمل بنودها ) مع اطروحات المنبر الديمقراطي بل وربما التيار الوطني بشكل عام , في حين ان الشباب اختاروا من يعترض على بعض او ربما اغلب بنود الوثيقة كالتكتل الشعبي او مجموعة الاسلاميين والذين ناقضوا تلك الوثيقة بطرح موضوع تعديل المادة الثانية الذي يتعارض مع روح الدستور ونصوصه واهدافه!, بالاضافة الى اعتراض بعضهم على تعديل قانون المحكمة الدستورية او على موضوع التوجه نحو الحكومة المنتخبة بالمستقبل القريب .

وبالمقابل , نجد من لازال يعتقد بأن التيار كان مخطئا في مواقفه ( التي كنا بحاجة لها وهي المواقف المعارضة ) , وهذه المجموعة التي وقعت بتناقضات رهيبة في انتقاداتها ومواقفها , وكما ذكرت أعلاه هي تنتقد التوافق مع المتعصبين وفي نفس الوقت تقبل بتوافقات في مواقع اخرى مع المتعصبين ! , وهي المجموعة التي تتحدث عن انتقائية المتعصبين وتمارس هي الانتقائية ايضا عندما تتحدث عن الحريات وتنسى توصيات الدستور الاخرى المتعلقة بحرمة المال العام وحرية التعبير والاجتماع .

عزيزي القارئ ..

بعد هذه القراءة , لا ازعم بأن مدونة صندوق حمد لم تقع بأخطاء في العديد من المواقف والمقالات , إلا أنني أؤكد بأنني حاولت أن يكون الانحياز للحق هو معيار هذه المدونة طوال هذه المرحلة المثيرة بغض النظر عن الأشخاص ( او حتى بمشاركاتي في منتدى الشبكة الوطنية الكويتية ) ودون مراعاة للمصالح الانتخابية الحزبية او الشخصية إلا في ما هو شرعي ومبني على حق إعتقدته , وحاولت هنا الالتزام قدر المستطاع بمبادئ الديمقراطية - الديمقراطية الحقيقية لا المشوهة , الا ان بعض الاخطاء قد فرضت نفسها بعد ان خرجت الامور عن السيطرة بسبب تراكمات الأخطاء السابقة وبالتالي كنت اواجه مشكلة أن الحسم الواقعي سيكون الاختيار بين أحد خطئين , ففي يوم من الايام دافعت عن بعض حقوق مخربي التعايش السلمي حتى لا تستمر الاخطاء ولا تستفحل وتقضي على ما تبقى من شئ جميل , وفي يوم من الايام دافعت عن تصرفات مخالفة للقانون وطالبت بعدم تطبيق القانون كما كان الحال في موضوع ( دخول مجلس الامة - وإقتحام قاعة عبدالله السالم - إناس دخلوا وإناس اقتحموا فعلا !) , ولذلك لا أزعم العصمة وإنما أدعي الإجتهاد تحت شعار الانحياز للحق حتى لو كلفني ذلك انتقاد تياري السياسي وهو أمر لا يجرؤ عليه الكثيرين ( وكيف لا وهم لا يعرفون اساسا فكرة الديمقراطية واسسها اصلا !) .

عزيزي القارئ ..

حاولت واجتهدت بحدود امكانياتي المتواضعة , وبشكل عام و بغض النظر عن افتلات الأمور التي أعتقدت بأنني آخر من يسأل عنها فإنني سعيد بما اجتهدت به وأشعر بالإرتياح لأدائي واجبي تجاه المجتمع وتجاه التعايش السلمي , الا أن الارادة الشعبية تبقى هي الأقوى حتى لو إختارت الانقلاب على الدولة المدنية بالدولة الدينية الطائفية المتعصبة .

وقد اجتهدت بوقتي وجهدي وعلى حساب أسرتي ومستقبلها قدر الامكان وبالتالي أعتقد الآن بأنني ( محلّل ) من واجباتي الوطنية السابقة وبالتالي سأستمر بلا الحمل الثقيل الذي عطلني على المستوى الشخصي كثيرا , والكرة الان بملعب الاغلبية البرلمانية المتعصبة ومن أيدها و من دعى للتصويت لها بالاضافة الى الاقلية البرلمانية المتعصبة هي الاخرى , أما من تأخر عن الاداء الحسن لواجباته الوطنية والانسانية فهذا شأنه وتكفيني وقفة اليوم عندها ونقطة في آخر السطر ..
 

مواطن1969

عضو فعال
اجتهاد طيب ومعلومه وصلت لذهني واتمني الاكثريه تستوعبهااا

طولت المقال اصعبت قله الردود وانت قرأت الواقع وشرحته بكم يستحيل استيعابه بدون امعان لسبب الاطاله

واشكرك اخوي " حمد "

ودمتم

تحياتي
 
أعلى