يذكرونهم وننساهم..!

البريكي2020

عضو فعال
يذكرونهم وننساهم..!
بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki

على الساحل الجنوبي لشبه القارة الأيبيرية، وعلى بعد ستين كيلومترا جنوب مدينة غرناطة التي كانت مسقط رأس المملكة الإسلامية الحمراء، والتي كانت آخر معاقل المسلمين في أوروبا، تقع «المنكّب»، وهي بلدة صغيرة تتمتع بحكم محلي مستقل، ويزاول أغلب سكانها مهنة صيد الأسماك وفلاحة الزراعة، وينتصف ساحة «الداون تاون» أو مركزها تمثال نحاسي لقائد عربي متحزم بحزام الجهاد، متجهز لقتال، مرتديا عقالا عربيا ورداء، قابضا على سيف يعربي، وواضعا قدمه على صخرة فتح.
يجسّد ذلك التمثال سليل خلفاء الدولة الأموية وصقر بني قريش وداخل بلاد الأندلس وصانع حضارة الإسلام في بلاد الغرب عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك بن مروان، الذي نجا بأعجوبة من الأعاجيب من مقصلة سيوف بني العباس الذين أبادوا كل نفس أموية، خشية أن يسترد من يتبقى منهم مجد أجداده.
عبدالرحمن يخلّده الإسبان ويذكرون تاريخه وننساه نحن.
محمد الفاتح، العربي العثماني، وهو السلطان الذي فتح القسطنطينية لتصبح عاصمة الخلافة الإسلامية لقرون مديدة، ويسجل له التاريخ أنه هو من أباد الإمبراطورية البيزنطية إلى غير رجعة، والذي يضع الأتراك صورته كخلفية لورقة الألف ليرة، وصوّره الرسام الإيطالي بيليني بريشته في عصور الظلام الأوروبية، ليعبر كل تلك القرون على لوحة زيتية، ويوضع في متحف تخليدا لتاريخه المشرق.
محمد يخلّده الأتراك ويذكرون تاريخه وننساه نحن!
قتيبة بن مسلم، القائد العربي الفذ، الذي هدم سور الصين العظيم وفتح بخارى وخوارزم وبلاد ما بين النهرين، والذي تعتز به شعوب الجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا، ويرجعون له الفضل -بعد الله- كأول قائد مسلم نشر الإسلام في أصقاع أرضهم لينتشر النور، فيعلمون أبنائهم مكارمه وبطولاته.
قتيبة تخلّده شعوب آسيا وتذكر تاريخه وننساه نحن!
البروفيسورة الروسية يلينا ميلكوميان أصدرت كتابا باللغة العربية يتحدث بشكل توثيقي وتفصيلي عن مرحلة مؤسس الكويت الفعلي وزارع بذرة كويت الحاضر، الشيخ مبارك الصباح، طيب الله ثراه، والذي يجهل معظم كويتيي هذا الزمن عن هذا الرجل الكبير الشيء الكثير، أسد الجزيرة الذي أرعب إمبراطورية الباب العالي في اسطنبول ووقف له قياصرة الروس إعجابا بدهائه وحسن تسييره لشؤون إمارته الصغيرة، والذي دوّن اسمه بعزة في دستور دولة الكويت الذي صدر بعد حكمه بخمسة عقود، ليكون الحكم في ذريته.
مبارك الكبير خلّدته باحثة روسية وذكرت تاريخه.. ونسيناه نحن.!
 
أعلى