متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار ( لا يصح )

abo abd al rahman

عضو فعال
يروى عن عمر بن الخطاب انه قال "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار "

والصحيح أن هذه الرواية التي تروى وتنسب لعمر ( لا تصح ) اطلاقا .

أخرج الخبرَ-ضمن قصة- ابن عبد الحكم في كتاب "فتوح مصر وأخبارها" (ص290 )، قال: حُدِّثنا عن أبي عبدة، عن ثابت البُناني، وحُميد، عن أنس .. فذكر القصّة.

وسندها ضعيف؛ أبو عبدة هو: يوسف بن عبدة البصري العتكي، ضعيف، قال فيه الإمام أحمد: "له أحاديث مناكير عن حُميد وثابت"-كما في "تهذيب التهذيب" (1/ 366)-.
وكذلك جهالة من حدث ابن عبد الحكم ؛ فقد قال(حُدثنا)!!

وبالله التوفيق​
 
القصة :
عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – أتى رجل من أهل مصر إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين عائذ بك من الظلم قال : عذت بمعاذ ، قال : سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته ، فجعل يضربنى بالسوط ويقول : أنا ابن الأكرمين ، فكتب عمر إلى عمرو يأمره بالقدوم عليه ، ويَقْدم بابنه معه ، فقدم ، فقال عمر : أين المصرى؟ خذ السوط فاضرب
فجعل يضربه بالسوط ، ويقول عمر : اضرب ابن الألْيَمَيْن ، قال أنس : فضرب ، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه ، فما أقلع عنه حتى تمنينا أنه يرفع عنه ، ثم قال عمر للمصرى : ضع على صلعة عمرو ، فقال : يا أمير المؤمنين إنما ابنه الذى ضربنى ، وقد اشتفيت منه
فقال عمر لعمرو : مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ ( لم يذكر الشيخ عائض القرنى الجملة هكذا و إنما قال : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟) ، قال : يا أمير المؤمنين لم أعلم ولم يأتنى.

التخريج :
أخرجها ابن عبد الحكم فى " فتوح مصر و أخبارها " صـ 290 ، وأوردها محمد بن يوسف الكاندهلوى فى " حياة الصحابة " ( 2 / 88 ) باب : عدل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه
قال : وأخرج ابن عبد الحكم عن أنس – رضى الله عنه – ثم ذكر القصة . ثم قال : كذا فى "منتخب كنز العمال " ( 4 /420 )
وبالرجوع إلى " كنز العمال فى سنن الأقوال و الأفعال " للعلامة علاء الدين المتقى بن حسام الدين الهندى وجِد أن القصة تقع فى " كنز العمال " ( 12 /660 ) ورقم ( 36010 ) وعزاه لابن العبد الحكم أيضاً

تحقيق القصة :
هذه القصة منقطعة السند وسندها واهى ، ويظهر هذا الإنقطاع فى السند ، حيث قال ابن عبد الحكم فى " فتوح مصر " صـ 290 :
حُدثَنا عن أبى عبدة عن ثابت البُنانى وحُمَيْد عن أنس ثم ذكر القصة

أولاً :
قول ابن عبد الحكم " حُدثَنا عن أبى عبدة " يظهر منها طريقة تحمله للقصة وصيغة الأداء
والمراد بتحمله : بيان طرق أخذه وتلقيه عن الشيوخ.
ولفظ الأداءفى رواية ابن عبد الحكم للقصة مبنى للمجهول ، وبهذا لم يعرف من الشيخ الذى أخذ عنه وتلقى عنه القصة .
وترتب عليه عدم معرفة أبى عبدة الذى روى عنه هذا المجهول وأصبح السند مظلماً بهذه الجهالة .
وزاد الجهالة أنه بالبحث عمن روى عن ثابت فى " تهذيب الكمال " ( 3 / 244/797 ) وجِد أن عددهم (104 )رواة
لم يكن من بينهم أبو عبدة ، وأنه بالبحث عمن روى عن عن حميد فى " تهذيب الكمال " ( 5 / 236 / 1507 ) وجِد
أن عددهم ( 73) راوياً لم يكن بينهم أبو عبدة

وبهذا التخريج يصبح السند منقطعاً ومظلماً

ثانياً : نكارة المتن :

أولاً : قول عمر للمصرى : " ضع على صلعة عمرو"

قال الله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الإسراء : 15 قال ابن كثير فى تفسيره ( 5/ 34 ) : " أى لا يحمل أحد ذنب أحد ،ولا يجني جان إلا على نفسه "

وقال القرطبى فى تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " 3 / 2676 - دار الغد :
أى لا تحمل حاملة ثقل أخرى ، أى لا تؤخذ نفس بذنب غيرها ، بل كل نفس مأخوذة بجرمها ومعاقبة بإثمها

ثانياً :
أخرج البخارى فى " صحيحه " ( 12 / 219 – فتح ) ( ح 6882 ) قال : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب عن عبد الله بن أبى حسين ، حدثنا نافع بن جبير عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " أبغض الناس إلى الله ثلاثة : مُلْحِد فى الحرم ، ومبتغ فى الإسلام سنة الجاهلية
ومُطْلِب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه "

و " مبتغ فى الإسلام سنة جاهلية " والتى يتبين منها نكارة المتن حيث جاء فيها " ضع على صلعة عمرو " وبعض القصاص يوردها بمعنى " أدرها على صلعة عمرو " وهو اللفظ الذى قاله عائض القرنى

لذلك قال الحافظ فى الفتح ( مبتغ فى الإسلام سنة جاهلية ):
1- أي يكون له الحق عند شخص فيطلبه من غيره ممن لا يكون له فيه مشاركة كوالده ، أو ولده
أو قريبه

2- وقيل المراد : من يريد بقاء سيرة الجاهلية أو إشاعتها أو تنفيذها

3- وسنة الجاهلية جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهلية يعتمدونه من أخذ الجار بجاره ، والحليف بحليفه ونحو ذلك ، ويلتحق بذلك ما كانوا يعتقدونه ، والمراد منه ما جاء الإسلام بتركه .

وقد يحاول البعض تأويل قول عمر و التأويل فرع التصحيح و السند مظلم و مؤاخذة الوالد بفعل ولده سنة الجاهلية

ثالثاً :

فى هذه القصة يُنْسب إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال للمصري وهويضرب ابن عمرو بن العاص : " اضرب ابن الألْيَمين " . يعنى الألأمين

وهذا اللفظ أشد من لفظ ( لئيم ) لأن هناك اللئيم والأَلاَم ولفظ ( اللئيم ) كما فى لسان العرب ( 12 / 530 ) معناه : " الدنيء الأصل الشحيح النفس "

والتعيير بالأصل لا يجوز لأنه من أمور الجاهلية ،و الشاهد ما أخرجه البخارى فى " صحيحه "
( ح 30 ، 2545 ، 6050 ) من حديث أبى ذر قال : إنى سابيت رجلاً فعيرته بأمه ، فقال النبى صلىالله عليه وسلم : " يا أبا ذر أعيرته بأمه ، إنك امرؤ فيك جاهلية
قال الحافظ فى القتح ( 1 / 108 ) : ويظهر لى أن ذلك كان قبل أن يعرف أبى ذر بتحريمه
فكانت تلك الخصلة من خصال الجاهلية باقية عنده فلهذا قال : كما عند البخارى فى " الأدب ":
على ساعتى هذه من كبر السن ؟ قال : " نعم " ، كأنه تعجب من خفاء ذلك عليه مع كبر سنه فبين له كون هذه الخصلة مذمومة شرعاً

تنبيه :
اشتهرت هذه القصة الواهية على ألسنة القُصَاص والوعاظ والخطباء حتى أوردها عباس محمود العقاد فى كتابه " عبقرية عمر" صـ 146 ، 147 طبعة الجهاز المركزى للكتب الجامعية والمدرسية والوسائل التعليمية طبعة سنة ( 1399 هـ - 1979 م )

وقد قدم لها هذا العقاد ليبين أن عمر رضى الله عنه قد يأخذ الوالى أحياناً بوزر ولده أو ذوى قرابته

وهذا الكاتب قد فُتن به الكثير و أخذوا يأخذون من العلم الشرعى مع افتقاره إلى المنهج العلمى
ولأبين صحة ما أقول :
ذكر العقاد فى كتابه " عمرو بن العاص " صـ 16 طبعة دار الكتاب –بيروت – لبنان
قصة للصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه والصحابية الجليلة أَروْىَ بنت الحارث بن عبد المطلب الهاشمية فقال العقاد : شتم عمرو بن العاص أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بمجلس معاوية فانتهرته قائلة : وأنت يا ابن النابغة تتكلم ( انظر يرحمك الله إلى هذا ) ، وأمك كانت
أشهر مغنية تغنى بمكة وأخذهن لأجرة ؟ اربع على ظلَعْك ، واعن بشأن نفسك ، فوالله ما أنت من قريش فى اللباب من حسبها ولا كريم منصبها ، ولقد ادَََعاك خمسة نفر من قريش كلهم يزعم أنه أبوك ، فسئلت أمك عنهم ، فقالت : كلهم أتانى فانظروا أشبههم به فألحقوه به !!

قلتُ : إنا لله وإنا إليه راجعون ، يُطعن فى نسب صحابى ويُنسب إلى الزنا فمنهج العقاد يجعل الصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه شتاماً ابن زانية ، والتى تسبه هى الصحابية الجليلة أَروْىَ بنت الحارث بن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبى – صلىالله عليه وسلم
انظر ترجمتها فى " الإصابة فى حياة الصحابة " ( 7 / 479 ) لابن حجر ترجمة ( 10282 )
قال الحافظ : ذكرها ابن سعد فى " الصحابيات فى باب بنات عم النبى – صلى الله عليه وسلم "
وذلك لتعرف مدى نكارة هذه القصة
وانظر " الطبقات " لابن سعد ( 8 / 40 ) ترجمة ( 4120 )

أسأل الله أن يكون فى هذا البحث الفائدة المرجوة منه و أن ينفع الأخوة به إنه على ذلك قدير
وصلى الله على النبى وآله وصحبه وسلم



محمد بن أحمد ماهر الأثرى



اهل الحديث
 
ولكن هل المعنى صحيح ؟

ليس كل ما لا يصح اسناده لا نأخذ فيه .

لان اصولنا الكتاب والسنة يصحح هذا الكلام وان لم يصح الى عمر .

ضعيف المبنى صحيح المعنى .

 
أعلى